مع كل عملية إرهابية، في أوروبا خصوصاً، يتناول العرب المقيمون في أوروبا أقلامهم وأوراقهم ليحسبوا خسائرهم، ويراقبوا أسهم حياتهم وهي تتهاوى أمام أعينهم على شاشات الأخبار، ويحتضن بعضهم بعضاً خوفاً على حياتهم وحياة أبنائهم ونسائهم من متطرفي أوروبا الغاضبين، المدعومين، أحياناً، إعلامياً.
ومع كل عملية إرهابية، في أوروبا خصوصاً، يحك كل ديكتاتور عربي جبهته ليفكر في تصريح، أو تصرف، يمكن أن يُظهره بمظهر الإنسان المتحضر، العاشق لزقزقة العصافير، المتألم لهول الفاجعة، المنزعج من ثقافة شعبه، الداعي إلى السلام والتعايش، الساعي إلى قمع “الإرهاب”، لكن اااااخ لو تقف معي أوروبا وأميركا، وتثبّت كرسيي، ولا تؤذيني بهرطقات حقوق الإنسان ومنظمات العفو وبقية الخرابيط. متابعة قراءة عمليات وأرباح وخسائر
التصنيف: محمد الوشيحي - آمال
تيكي تاكا
التيكي تاكا، بحسب الرياضيين، هي التمريرات القصيرة الكثيرة بين أقدام لاعبي كرة القدم. وهي طريقة ممتعة، تجلب الإعجاب، وتفرح الأحباب، وتربك الأغراب.
وفي الكويت تيكي تاكا سياسية. سيناريو هذه التيكي تاكا الكويتية مكتوب بهذه الطريقة: نحن، أعضاء الحكومة، لن نتخلى عن برلماننا الوردي، بل سنحافظ عليه ونلمعه ونطبطب على ظهره، لذا سنعلن تخفيض مخصصات مرافق المريض المُبتعث للعلاج بالخارج، وأنتم، أعضاء البرلمان، تستقبلون الكرة بصدوركم، فتصرخون وتنوحون وتغضبون وترفضون القرار، فنضطر إلى الرضوخ لمطالبكم، فترتفع أسهمكم عند الشعب، ويُعجب الناس بقوتكم الشمشونية، ويرفعون أيديهم بالدعاء لكم في غسق الليل، وتتسع حدقات أعين الصبايا إعجاباً بقوة شخصياتكم، وعنتريتكم، وفريد شوقيتكم، “وهذه هي قمة الإعجاز العلمي”، على رأي اللواء المصري عم عبدالعاطي صاحب اختراع استبدال الإيدز بصباع كفتة… وابتسموا للصورة، چيييز.
والهجمة الثانية كالتالي: نحن سنعلن عدم وجود ميزانية للكورس الصيفي في المعاهد التطبيقية، فتصرخ الكويت عن بكرة حنجرتها، فتكشرون أنتم، يا نوابنا الحلوين، عن أنيابكم الناصعة البياض، وتبرزون أظفاركم المكشوطة بالموني كير، وتبكون بكاء غرائب الإبل، وتقفون على سطح البرلمان، وتهددون بالانتحار قفزاً إن لم توفر الحكومة حليب النوق العصافير، أو ميزانية الكورس الصيفي، فتذعن الحكومة، وتنتهي الهجمة بهدف، وهذه هي قمة التعاون بين المجلسين، وعين الحسود فيها عود. متابعة قراءة تيكي تاكا
أطول الطرق وأوعرها
منذ عام 1948 والعرب يسيرون في الطريق المؤدي إلى تحرير فلسطين. وهو طريق طويل ووعر (أنا ممن يرفضون التحول الجنسي للطريق من مذكر إلى مؤنث، إذ مازلت أراه ذكراً ملو هدومه).
أبرز السائرين على الطريق هو عبدالناصر، الذي استطاع، في طريقه إلى تحرير فلسطين، سجن الأدباء والشعراء وكتّاب الرأي والصحافيين والمعارضين والإسلاميين وعشاق التبولة وجمهور نجاة الصغيرة والشيوعيين وجيران عم أحمد الترزي و”الست كايداهم” وجوزها عم حمادة المطهّر، وكل من مر في طريق القائد العظيم عبدالناصر، وهو يحث الخطى مسرعاً إلى فلسطين. متابعة قراءة أطول الطرق وأوعرها
الثالث من اليمين وقوفاً
أكثر الندوات فائدة، على مر الحياة البرلمانية في الكويت، هي الندوة التي دعا إليها النائب الحمدان، وتتحدث عن الاختلاط في الجامعة، وأضراره وأهواله. وفيها تزاحمَ غالبية النواب المجهولين. أقصد الذين لا نعرفهم. أقولها صادقاً لا مازحاً: “هذه هي أكثر الندوات فائدة منذ بدء الحياة البرلمانية في الكويت، بالنسبة إلى هؤلاء الجنود المجهولين الحلوين”. ليش؟ لأنها تنشر صور الأعضاء وأسماءهم، وبهذا تساهم الندوة بتعريفنا بنوابنا الفضلاء، بعد أن كانوا كالحروف التي تُكتب ولا تُنطق، أو تحضر ولا تنطق.
عن نفسي لا أعرف من نواب هذا البرلمان اللذيذ إلا رئيسهم، ونواب خلية حزب الله، أو بعضهم، والنواب الذين كانوا أعضاء في المجالس السابقة، أمثال دميثير وعسكر والحويلة، وآخرين نعدهم على أصبع اليد المجردة. متابعة قراءة الثالث من اليمين وقوفاً
طبطبة الزلزلة
النائب سيد يوسف الزلزلة، هو أذكى النواب المدافعين عن خلية حزب الله، وأكثرهم تسجيلاً للأهداف، ودشتي أكثرهم استعراضاً بالكرة أمام الكاميرات، وأكثرهم اعتداداً بالنفس، ومعرفة بـ”البير وغطاه”، لذلك يستمتع باللعب على أرض الخصوم.
وبالعودة إلى النائب الزلزلة، نجده شخصاً يجيد المحافظة على نظافة ثيابه، ويتقن قطف الثمار والناس نيام. هو رجل لا تتسخ ثيابه، مهما كان الدمار والغبار من حوله. ولا يمكن للطائفيين من عشاق خلية حزب الله أن يتهموه بالتخلي عنهم. هو برازيلي محترف، لا يفضل تمرير الكرة من بين أقدام اللاعبين، خشية أن تصفق له الجماهير، وتُسلط الأضواء عليه. متابعة قراءة طبطبة الزلزلة
المجد ليس هنا
يفاخر بعضنا: “المسؤول العربي الفلاني ردّ بشموخ على وقاحة المسؤول الغربي بمثلها، ورفع رؤوسنا عندما وضع رجلاً على رجل، كما فعل الغربي المتبجح، أثناء اللقاء الذي جمع بينهما”. دون أن يعلم هذا المتفاخر المتباهي أن وضع الرجل على رجل في ثقافة الغربيين لا يُعتبر استهانة بالآخرين، بل وضعية عادية من وضعيات الجلوس، لعلها الأشهر بينها.
ونتذكر كلنا ما فعله القذافي، بعد “قضية لوكيربي”، عندما أعطى الغربيين مفاتيح غرف نومه، يصولون فيها ويجولون، بل وينامون متى ما شعروا بالتعب. وسلمهم مفاتيح حمّامه، إن رغبوا بالدش الساخن، وأعطاهم منشفة، وكريماً مرطباً للبشرة، ومشطاً من العاج الفاخر… كل هذا ليكسب رضى الغربيين، ويتركوه على كرسيه الجماهيري العربي العظيم، قبل أن يظهر أمامنا في الشاشات مستهيناً بالغربيين، ساخراً من ديمقراطيتهم، جالساً بشموخ، بملابسه الزاهية البراقة! فيفاخر إعلاميوه بهيبته وطريقة جلوسه ومجده التليد. متابعة قراءة المجد ليس هنا
تركيا من دون أحلام والجسمي
تقطّع قلبي على تركيا، التي افتتحت حكومتها الجسر المعلق الثالث، في إسطنبول، بخجل وصمت، من دون هيصة ولا ليصة ولا زفة فرقة محمد علي. ولا أدري كيف تجرأ الأتراك على افتتاح هذا الجسر المفخرة، إن كانوا يزعمون أنه مفخرة، من دون حضور الفنانة أحلام، بطلّتها البهية، ولا حسين الجسمي، بحسن طالعه، ولا أغانٍ وطنية، ولا ألعاب نارية، ولا أعلام ترفرف في أيادي الجماهير، ولا حضور لمشاهير العالم، كما فعلنا نحن في افتتاح منجزنا العظيم، استاد جابر الدولي لكرة القدم.
وياااه على فرحتنا بافتتاح لفة على الدائري السابع (اللفة هي تفريعة في الشارع الرئيسي). وياه على ابتسامة الوزير، وتزاحم المصورين بهذا المجد (أُغلقت اللفة بعد أيام من افتتاحها). وياااه على فرحتنا بإنجاز جسر الشيراتون، ذي الحارة الواحدة. وياهاااات على إعادة افتتاح الأبراج، بعد الصيانة… أمجاد تطيل الرقاب، وتقتل الذباب. متابعة قراءة تركيا من دون أحلام والجسمي
قبائل وأقلام
ما شاء الله. المصائب والأخبار “بالهبل”، والأحداث التي تستحق التعليق “الخمطة منها بربع”. زادت ورخصت أثمانها. والكتّاب طوائف وقبائل، منها قبيلة المحللين، وهي قبيلة ثقيلة دم، تنقسم إلى أفخاذ، فخذ التحليل السياسي، والعياذ بالله، وفخذ التحليل الاقتصادي، نسأل الله العافية. وعلى البئر المجاورة تقطن قبيلة المفكرين السياسيين، وهي قبيلة تعتمد على الشعوذة والتبصير وقراءة المستقبل و”افرش منديلك”. وهناك في أقصى الواحة توجد قبيلة المصلحين الاجتماعيين، وهي قبيلة تضم العجزة والمسنين، فكراً لا عمراً، فلا تشرب السيجارة أمام أطفالك، ولا تقد سيارتك وأنت غاضب من زوجتك. وقبائل أخرى تنتشر في رياض الصحافة وأفياضها، لعل أبرزها قبيلة المعلقين على الأحداث، وهي القبيلة التي ينتمي إليها الكاتبجي، حضرتنا، يقتدي أفرادها بالصياع والمتسكعين وأهل الغزل، الذين يتربصون بالصبايا على رأس الشارع، فيعلق الواحد منهم على جمال هذه، ويسبل عينيه لتلك، ويحك رأسه بغضب لبشاعة الثالثة، ويهذب صوته أمام الرابعة؛ آه يا قمر، آه يا بركان…
كذلك يفعل الكاتب منا، نحن أبناء قبيلة المعلقين، يجلس على رأس الشارع ويتابع الحوادث والأحداث، ويعلق: آه يا قمر، وآه يا بركان. والأحداث كئيبة، والحوادث محزنة، وكلها تتنافس على البشاعة، ليس منها ما يستحق كلمات الغزل والآهات.
فهذا عبدالحميد دشتي يطلق النار عشوائياً على بيوت الجيران. وهذا بشار يتفنن في ذبح شعبه وحرقهم. وهذا توفيق عكاشة، أمير قبيلة أراجوزات الإعلام، تنفيه المدينة فإذا هو مشرد، ثم لا تتركه في سبيله، وتقرر ربطه في زريبة البقر إلى أن تنظر في أمره، وأمره محسوم، ومستقبله معلوم، إذ سيتعلم الكتابة على الجدران، والالتصاق بالقضبان، وتذكّر الأهل والخلان، وأيام المجد والطغيان، وقد يموت في السجن بسكتة قلبية، وقد يموت بذبحة صدرية. متابعة قراءة قبائل وأقلام
العيب في العملة زات نفسها
الحمد لله. كنت أخشى أن يُدان أحد المسؤولين في الكويت، على ضوء القضية التي عُرفت باسم “طوارئ الكهرباء 2007″، والتي كلفت الدولة نحو نصف مليار دينار، وكلفت الشعب انقطاع الكهرباء، والتمتع بشمس الصيف من دون كهرباء، وجهاً لوجه، ومان تو مان. لكن رحمة الله عمّت مسؤولينا وشملتهم، بعد تسع سنوات من المحاكمات، وتبين أن أحداً لم يسرق هذه الأموال، ويستغل معاناة الشعب، لذلك حصل المعنيون، كلهم، على البراءة. يا ما أنت كريم يا رب.
يبدو أن الفلوس هي التي طارت بمجهودها الفردي. فالفلوس ورق، والورق يطير في العاصفة، والكويت كانت تحت العاصفة. هذه هي الحكاية. متابعة قراءة العيب في العملة زات نفسها
تكريم الوزير واجب
خبر قصير لذيذ نشرته هذه الجريدة في حسابها على “تويتر”، يقول: “ديوان المحاسبة يرصد مخالفات مالية تتجاوز الثلاثين مليون دينار في وزارة الإعلام” – أكثر من مئة مليون دولار – توقفت عنده قليلاً، ثم مضيت. ويبدو أنني من القلة القليلة التي توقفت عند الخبر، أو التفتت إليه بعجالة، قبل أن تكمل سيرها في طريق الخيبة العامة.
على أنني لم ألتفت للخبر غاضباً أو محبَطاً، كما كنت في السابق. لا. التفتّ إليه مستغرباً نشر خبر بهذه السخافة! فالمخالفة التي لا تتجاوز المئة مليون دينار تعتبر سخيفة، وخبرها سخيفاً، في هذه الأيام التي يتسابق فيها الربع لجمع الغنائم. هو بالضبط كأن تنشر خبراً يقول: “داعش يحرق منزلاً”، أو “ميسي يسجل هدفاً من ضربة جزاء”، أو “الكويت في ذيل القائمة العالمية للشفافية”. متابعة قراءة تكريم الوزير واجب