عادل عبدالله المطيري

العرب.. والديموقراطية

نحن العرب (سياسيا) لسنا مؤمنين بشيء ـ فلا نحن نطبق مبادئ الشريعة الإسلامية في حياتنا السياسية والتي تهدف بمقاصدها للخير والعدالة وان اختلفت أشكال الحكم فيها، ولا نحن آخذين بالديمقراطية الغربية أخذا كاملا شاملا، حيث تحترم الحريات ويعمل بمبدأ تداول السلطة وتطبيق القانون على الجميع.

بعض الأنظمة العربية هي أنظمة سلطوية فردية، فالصندوق الانتخابي في مصر وتونس وليبيا لم يستطع ان يحسم النزاع بين الفرقاء بعد الثورات، فعاد الجيش في مصر للحكم، وتونس مازالت لم تحسم أمرها بعد، وليبيا إما إلى التقسيم او الحرب الأهلية.

السؤال الجوهري هو ـ هل يستطيع العرب تطبيق الشريعة او حتى الديموقراطية؟

من ناحية تطبيق الشريعة الإسلامية ومع كل هذا الصراع الطائفي الواضح لن يرضخ احد الأطراف للآخر، بل حتى داخل الطائفة الواحدة هناك أكثر من فهم وتصور للدين، كما ان الفقه السياسي الإسلامي أقل مجالات الفقه بحثا ودراسة من القدم إلى يومنا هذا.

أما ديموقراطيا ـ فالحقيقة المأساوية، أن العرب يستطيعون تحمل حكم الديكتاتور سنين عديدة ولا يتحملون حكم فئة سياسية تتغلب عليهم في انتخابات حرة ونزيهة.

ختاما ـ يبدأ المسلسل الدرامي العربي مع نشأة الدولة الحديثة ـ حيث تقاتل الدولة مع أحزابها أولا ليذهب القاتل والمقتول إلى النار ـ واقصد جحيم الدنيا أما الآخرة فأمرها لله، وإذا سقطت السلطة بدأ صراع الأحزاب ليستمر الخراب.

فقط في النظام السياسي العربي ـ الأخ يقتل أخاه وأحيانا أباه ـ فهل سيوفر شعبه أم يفنيه؟

 

 

 

 

عادل عبدالله المطيري

الحكومة المعدلة سياسياً

كثرة الاستجوابات المقدمة ولأكثر من وزير في الحكومة الحالية لا يمكن تفسيرها إلا أنها نتيجة خلل في الإدارة التنفيذية أو لتردي العلاقة ما بين مجلس الأمة الحالي والحكومة.

خصوصا أن الاستجوابات المقدمة أو التي لوح أصحابها بتقديمها تأتي من نواب مختلفين من حيث الخلفية الفكرية والاجتماعية والطائفية.

لذلك لا يمكننا أن نعتمد على نظرية المؤامرة أو وجود قطب سياسي واحد فقط يريد الإطاحة بالحكومة.

ربما ستخاطر الحكومة إذا اعتمدت على نتيجة التصويت الساحقة التي حصلت عليها في قرار شطب الاستجواب الموجه لرئيسها، بل أكاد أجزم أن «حادثة شطب الاستجواب» ستنعكس سلبيا على الوزراء، حيث سيضطر اكثر من نائب وللتخلص من ضغط الشارع أن «يتجمل» أمام جمهوره ويصوت مع طرح الثقة في بعض الوزراء.

ربما ستعصف الأحوال الجوية الصعبة التي مرت على البلاد ببعض الوزراء، وربما تتكفل بعض المناسبات الدينية بالبعض الآخر، ومن المرجح أيضا أن يتم التخلي عن أحد الوزراء إرضاء للنواب.

في النهاية لابد من مواجهة مأزق الاستجوابات إما بتشكيل حكومة جديدة أو منقحة بتعبير أكثر دقة، أو بإجراء تعديلات وزارية ليخرج بعض الوزراء غير المرغوب فيهم وتدوير البعض الآخر.

أتمنى أن تكون الحكومة الجديدة معدلة وراثيا أي أن يكون الوزراء الجدد معالجين جينيا، بحيث يستطيعون وعلى غير العادة ـ الإنجاز والتصدي للفساد وتطبيق «برنامج عمل الحكومة» فقط لا غير.

عادل عبدالله المطيري

الاستجوابات الناجحة

يتمسك الكثير بمقولة «ان الاستجواب هو أداة دستورية، وأنه سؤال مغلظ يوجه للوزير او حتى رئيس الحكومة» ليبرر فيها أي استجواب على انه حق، وينسى أن ما سبق مجرد تعريف دستوري جامدة للاستجواب، وأن الأهم من التعريف هو تلك المعاني السياسية المتعددة التي تقف وراء الاستجواب، والتي منها ما هو إيجابي وما هو سلبي.

من الاستجوابات ذات المغزى السياسي السلبي، أن يكون الهدف من الاستجواب هو الحماية، حماية المسؤول الموجه له الاستجواب من ان يقدم له استجواب أقوى من الذي تقدم بالفعل، أو أن يكون الهدف من إقدام النائب على استجواب وزير هو حماية وزير آخر من المساءلة.

وهناك استجوابات ذات نتائج سلبية، وهي أن تضع قضية مهمة وحساسة لدى الشعب كعنوان عريض لاستجواب وانت تعلم جيدا انه سيفشل وان الوزير سيحتفظ بالثقة وسيمارس نفس السياسة السلبية تجاه تلك القضية الشعبية وهو محصن سياسيا ودستوريا، وتكون بذلك قد خذلت قضيتك، هذا إذا أخذنا بالاعتبار حسن الظن بالنائب وألا يبحث عن الشهرة أو المساومة على تلك القضايا الشعبية.

من الاستجوابات السيئة سياسيا عندما يكون الاستجواب مستحقا من حيث المضمون ولكن لا يتواءم مع الزمان، كما هو الحال في الاستجواب الموجه لسمو رئيس الوزراء والاستجواب الآخر الموجه لوزير الصحة، فمن حيث المضمون كلنا نعلم أن الإسكان والصحة ليسا على ما يرام، ولكن الحكومة والبرلمان للتو قد بدآ العمل معا، ويجب انتظار خطط الحكومة وقرارتها على الأقل خلال الثلاثة أشهر الأولى، ولا يمنع من المحاسبة بعد ذلك، أما الآن فدستوريا الحكومة الحالية ورغم أن رئيسها واغلب وزرائها من حكومات سابقة إلا أنها حكومة جديدة ولا تحاسب على أعمالها وخططها السابقة.

نأتي إلى الاستجوابات ذي المغزى السياسي الإيجابي، فهي لا يشترط أن تنتهي بطرح الثقة بالوزير المستجوب أو عدم التعاون مع الحكومة ولكنها تجبرهم أدبيا وسياسيا أمام المجتمع على اتخاذ إجراءات لحل القضية التي تم تداولها بالاستجواب، بل إن الاستجواب النجاح أحيانا يحقق أهدافه حتى قبل مناقشته وذلك عبر المفاوضات السياسية والتي عادة ما تنتهي بسحب الاستجواب بعد تحقيق أهداف الاستجواب المعلنة (حالة استجواب الوسمي للرئيس المبارك).

ختاما: أتمنى من النائبين الفاضلين رياض العدساني ود.حسين قويعان أن يسحبا استجوابيهما مؤقتا وان يعطيا الحكومة مهلة 3 أشهر لمعالجة ما ورد في محاور الاستجوابين وإلا أعادا الكرة وعندها سيكسبا معركتهما شعبيا وبرلمانيا ودستوريا.

عادل عبدالله المطيري

مشكلة الإسكان

كل القضايا المهمة التي تشغل ذهن المواطن الكويتي في جهة والقضية الإسكانية في جهة أخرى، حتى ان مشكلة كالبطالة تتقزم أمامها سواء من حيث الحجم أو التأثير.

فالبطالة وبالرغم من أهميتها، فإن فترة الانتظار في ديوان الخدمة المدنية تصل إلى عامين حتى يتم تعيين الكويتي المؤهل جامعيا والباحث عن عمل في القطاع الحكومي، وفي المقابل ينتظر الكويتي الباحث عن سكن خاص متواضع عن طريق المؤسسة العامة للرعاية السكنية اكثر من 15 عاما.

أما عن أبعاد القضية الإسكانية وتأثيراتها فحتما لا يضاهيها شيء، فمن لا يملك منزلا عائليا فإنه مجبر على السكن بالإيجار، مع الارتفاع الجنوني لأسعار الإيجار والتي باتت تلتهم أكثر من ربع دخل الأسرة الكويتية، مما يولد مشاكل مالية ومعيشية لها مضاعفات اجتماعية خطيرة.

كل المشكلات والقضايا في المجتمع الكويتي لها مبرر مقنع ويمكن أن تجادل به الحكومة مواطنيها، فقضية البطالة قد تبررها السلطة التنفيذية بأنها تحاول مكافحة البطالة المقنعة عن طريق إعادة تأهيل الباحثين عن العمل لتتواءم مع احتياجات سوق العمل الفعلية، وهذا ربما يؤخر التوظيف قليلا.

حتى القضية الصحية وعلى أهميتها يمكن أن تجادل الحكومة فيها، وتعلل ذلك بأن مشاريعها الصحية بحاجة إلى وقت طويل لإنجازها، وهي لذلك ترسل الكويتيين للعلاج بالخارج وبمليارات الدولارات حتى استكمال جميع خدماتها الصحية ولكن من المستحيل أن تبرر الحكومة تخاذلها في حل المشكلة الإسكانية ولو استعانت بأكبر المجادلين على وجه الأرض، فالقضية الإسكانية لها حل مثلث الأضلاع يتكون من «المال ـ الأرض ـ الإرادة»، فأما المال فهو لدينا بكثرة وفائض المليارات بالموازنة العامة يشهد بذلك، أما الأراضي فالكويت كلها أراضي فضاء، حتى ان الرقعة العمرانية لا تشكل 10% من مساحة الدولة ككل.

وبقي الضلع الثالث والأهم لحل المشكلة الإسكانية وهو «الإرادة» أي أن يتخذ المسؤولون قرارا بالحل والبدء في تخصيص الأراضي وإقراض المواطنين ليبدأوا ببناء منازلهم الخاصة.

إن القضية الإسكانية هي المثال الصارخ للفساد والاستنفاع من معاناة المواطنين، فالمتنفذون يبيعون أراضيهم بأضعاف مضاعفة لندرة المعروض على حساب المواطن البسيط.

 

 

 

عادل عبدالله المطيري

الغزل الأميركي- الإيراني والغضب السعودي

أثارت رسائل الغزل الديبلوماسي المتبادلة بين أميركا وإيران غضب الخليجيين، فمن غير الممكن أن يكافئ الغرب وأميركا إيران على مماطلتها وعدم تعاونها مع المجتمع الدولي في قضية ملفها النووي المثير للقلق الخليجي. بالرغم من كثرة التقارير الاستخبارية التي تؤكد أن إيران قاب قوسين أو أدنى من امتلاك السلاح النووي والذي سيقلب موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد بالخليج العربي، إلا أن الغرب وأميركا مازالوا يتعاملون بكل ديبلوماسية مع إيران التي تستخدم المفاوضات لكسب الوقت فقط.

بل امتد الغزل الأميركي لحلفاء إيران كالمثل القائل «لأجل عين تكرم مدينة»، فمن أجل إيران تكرم العراق وسورية.

ففي العراق حيث يسيطر الطائفيون عليها، يتم التعامل مع الحراك السني بكل عنف واضطهاد دون أي إدانة غربية أو أميركية لذلك.

أما في سورية فمازالت السياسة الأميركية تجاه الثورة السورية مخيبة للآمال العربية، فبعد تصريحات التهديد والوعيد من أوباما عن استعداده لضرب النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، تحولت تصريحات أميركا إلى شكر وثناء على تعاون النظام السوري مع بعثة التفتيش الدولية، بل وتبذل أميركا جهودا جبارة لإنجاح «جنيف 2»، في الوقت الذي تحاول فيه سورية إفشاله بتصريحات رئيسها الأخيرة المتصلة باحتمال ترشحه لولاية رئاسية أخرى.

أخيرا، يمكننا أن نتفهم الغضب العربي والتصريحات الأخيرة المتعلقة باحتمال انسحاب المملكة العربية السعودية من مجلس الأمن الدولي احتجاجا على الاستخدام السلبي لحق الفيتو الذي يحمي إسرائيل دائما ويحمي النظام السوري مؤخرا.

بل لا يمكننا أن نفهم الديبلومسية السعودية الغاضبة دون الرجوع لسياسة أميركا المتساهلة مع إيران وحلفائها بالمنطقة مقابل التشدد تجاه النظام المصري الحالي وقطع المعونة العسكرية عنه، فلولا الدعم الخليجي والسعودي خصوصا للجيش المصري والذي يعتبر آخر الحلفاء الإستراتيجيين لعرب الخليج، والذي يعول عليه كثيرا في معركة توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل الآن..

 

عادل عبدالله المطيري

سمو الرئيس والأقطاب

الاختلاف من طبيعة البشر، وخاصة في السياسة حيث لابد من الخصومة، فالوزراء هم في حقيقة الأمر ـ صانعو سياسة عامة ـ وقد يراها البعض سياسة ناجحة ويراها البعض الآخر عكس ذلك، ومن هنا ينشأ الاختلاف السياسي الموضوعي بين هذا السياسي والآخرين (نواب وناقدين سياسيين وإعلاميين).

ويجب أن يكون الخلاف حول السياسة المتبعة من ذلك الحكومي، ولابد أن يلتزم المختلفون بالأسلوب النقاشي الراقي القائم على الحجج والبراهين لإثبات وجهة النظر، ومن الضروري أن يقتصر النقاش على السياسة ذاتها ولا يصل إلى ذات السياسي.

مؤخرا لفت انتباهي انقضاض الجميع على الحكومة بكل وزرائها وبطريقة مريبة جدا وبأسلوب فيه الكثير من الشخصانية والعدائية، بل ان حلفاء الحكومة التقليديين وممن احترفوا الدفاع عنها حتى استحقوا لقب (الحكوميين) اصبحوا يتصيدون عليها الأخطاء ويهددون رئيسها ووزراءه.

لا يخفى على المتابعين للشأن السياسي المحلي هوية من يقف وراء تلك الحملة التي تواجهها الحكومة، فبمجرد إلقاء نظرة واحدة على بعض السياسيين أو الاطلاع على عناوين بعض وسائل الإعلام، ستعرف أن تلك الحملة وراءها اقطاب بدأوا حربهم ضد الحكومة ووزرائها.

يبدو أن الهدف الرئيسي من تحرك الأقطاب هو عرقلة جهود الحكومة وكشف ظهرها أمام المعارضة الحقيقية المتواجدة خارج البرلمان، للإطاحة بسمو رئيس الحكومة.

ربما كان خروج المعارضة الحقيقية من البرلمان والتي سبق لها أن نجحت في كبح الجهود الإقصائية لهؤلاء الأقطاب تجاه سمو الرئيس وحكومته، قد ساهم في تقوية تأثير الأقطاب على الحكومة التي باتت أكثر ضعفا، مما لا يجعل أمامها إلا الإسراع في إقرار قانون الصوتين من أجل أن تعود المعارضة الحقيقية للبرلمان فيعود معها التوازن السياسي المفقود ، لتتمكن الحكومة من العمل بكل أريحية.

ختاما ـ الحسد السياسي لا يبني دولة، كما ان الانتقام السياسي لا يعيد منصبا فقد ـ بل ينشر الدمار والخراب في كل مكان ربما أصابت بعض رماح الأقطاب (جمل الحكومة) سمو الرئيس، ولكنها لم ولن تسقطه أرضا.

عادل عبدالله المطيري

شبه الديموقراطية الكويتية

مع غياب المؤسسات السياسية الحديثة كالاحزاب ومنظمات العمل المدني، لا يمكننا الجزم بأننا في الكويت نمارس الديموقراطية كما هي معروفة في العالم المتمدن، لدينا انتخابات ولكنها غير عادلة، لان التمثيل البرلماني في ظل الصوت الانتخابي الواحد لا يمثل الأغلبية في الدائرة الانتخابية، فالناخب الكويتي يختار نائبا واحدا من أصل عشرة نواب في دائرته الانتخابية، اما تقسيم الدوائر الانتخابية نفسها فلا تعرف المساواة إطلاقا، حيث يتفاوت عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية من دائرة فيها نحو 30 ألف ناخب إلى دائرة انتخابية أخرى فيها اكثر من 100 ألف ناخب، ولكل الدوائر الحق نفسه بإخراج عشرة نواب للبرلمان.

ربما كرهنا الانتخابات البرلمانية في الكويت، ليس فقط لكثرة حل المجالس البرلمانية وابطالها والذي يعتبر هدرا لإرادة الامة، وليس ايضا لغياب العدالة والمساواة، بل لاننا ومع غياب الاحزاب والمؤسسات السياسية نجد انفسنا مجبورين على الانجراف وراء مشاعرنا لا افكارنا والتي تؤججها المؤسسات السياسية الاولية كالطائفية الدينية او القبلية او العائلية.

ان الحديث عن امتلاك الكويتيين الكثير من مقومات الديموقراطية هو كلام غير دقيق، فمبدأ «كاستقلال السلطات» وهو احدى الركائز الديموقراطية وعلى الرغم من ان الدستور الكويتي ينص عليه في المادة 55 منه، إلا ان الدستور نفسه يناقضه في اكثر من مادة أخرى، منها على سبيل المثال المادة 80 حيث جعل الدستور الوزراء غير المنتخبين اعضاء في البرلمان وبالتالي يحق لهم الاقتراح والتصويت أسوة بالنواب.

ربما يكفينا للتدليل على تداخل السلطات ان لدينا سلطة تشريعية ترد قوانينها من السلطة التنفيذية، بل واحيانا تبطل السلطة القضائية السلطة التشريعية ذاتها في الكويت. الحديث عن المبدأ الديموقراطي الأصيل «كمبدأ تداول السلطة» هو كالحديث عن قصص الخيال العلمي أو الدستوري ففي كل الديمقراطيات البرلمان هو الذي يشكل الحكومة إلا في الكويت فالعكس هو الصحيح، حيث من الممكن عمليا أن تشكل الحكومة البرلمان عن طريق دعمها اللامحدود لبعض المرشحين حتى لو اقنعنا انفسنا بأننا في مرحلة انتقالية فيها شيء من مظاهر الديموقراطية حتى نصل إلى اكتمال تجربتنا الديموقراطية، فإن الواقع يؤكد أن (52 عاما) منذ إقرار الدستور والعمل فيه، هي مدة طويلة واكثر من أن تكون مرحلة انتقالية، ويجب أن نعلم بأنه لا توجد منطقة وسطى ما بين الديموقراطية واللاديموقراطية، ولا بد أن نحسم خياراتنا، إما أن نكون ديموقراطيين أو لا نكون.. فلا يمكننا الاستمرار بالشكل المشوه الحالي للديمقراطية.

فالديموقراطية لا تكون إلا كاملة بأحزابها ومؤسساتها المدنية وبكل أدواتها كالانتخابات والاستفتاءات وبكل مظاهر الاستقلالية الكاملة لسلطات الدولة الثلاثة.

ختاما، إذا كانت لدينا في الكويت مشاكل مع الديموقراطية، فإن الحل كما يؤكد «ألكسندر هاميلتون» هو بالمزيد من الديموقراطية.

وإن كنت شخصيا أتشاطر الرأي مع وينستون تشيرشل حول الديموقراطية، بالطبع تشرشل كان يقصد الديموقراطية الكاملة وليست ما نمارسه نحن الكويتيين.

عادل عبدالله المطيري

سيكولوجية الحشود وحفلة الحراك

المطالب السياسية ليست حقوقا ثابتة ومطلقة- ما نطلبه اليوم قد يكون مطلبا ساذجا بعد عدة أشهر أو ربما يتحول إلى مستحيل

بدأ الحراك بمطلب عودة الأصوات الـ 4 للناخب الكويتي ومن ثم ازدادت الحشود الجماهيرية لتزداد معها المطالب – لتقفز الحكومة المنتخبة والأحزاب إلى سلم الأولويات الشعبية.

كذلك كان تعامل السلطة، حيث تحول من الاستجابة السريعة مع الحراك ومطالبه، عندما أرادوا رحيل رئيس مجلس الوزراء السابق، إلى التعامل بحزم مع الحراك وفق الشعار الذي رفعه الحراك نفسه «اما نكون أو لا نكون»، ونجحت السلطة في تثبيت آليات العمل السياسي المعمول بها بكل الوسائل المتاحة قانونيا عن طريق اللجوء إلى المحكمة الدستورية وكذلك سياسيا وإعلاميا بحيث أصبح من شبه المستحيل العودة مرة أخرى إلى المطالب الإصلاحية الكبرى أوعلى الأقل في المستقبل المنظور.

يؤكد علماء علم النفس الاجتماعي بما لايدع مجالا للشك أن (سيكولوجية الجماعة ليست بالضرورة هي محصلة لمجموع نفسيات أفرادها) – بمعنى أن الحشود الجماهيرية الكبيرة ربما تتبنى سلوكا وإدراكا موحدا لا يمثل رأي قادتها ولا أفرادها لو أخذنا كل فرد على حدة.

والواقع الكويتي خير دليل على ذلك – فبعد أن هدأت النفوس وانقشع غبار الحراك، تبين أن شعارات الحراك السياسي وبالرغم من كونها مطالب مقبولة من الشارع الكويتي، إلا أنها ولدت انقساما حولها بين صفوف الحراك، فهناك من يرى أنها ضرورية، وآخرون وبالرغم من إيمانهم بها إلا أنهم لا يريدون المغامرة بأوضاعنا المعيشية والسياسية من أجلها.

وفي نهاية الأمر، يبدو أن كلا الفريقين في الحراك، انتهوا للعودة إلى السلوك العقلاني والتدرج بالمطالب والاقتناع بما يتوافر من آليات للعمل السياسي.

ربما نجحت الحشود الجماهيرية وما صاحبها من حماس في أن تفرض ولبعض الوقت مطالب سياسية طموحة جدا وخيالية أيضا، وربما نجحت في استثارة النواب السابقين، كما يفعل جمهور كرة القدم للاعبين أو كما يحلو لجماهير الطرب أن يفعلوا مع مطربهم المفضل

ومن المؤكد أن النواب السابقين قد ثملوا من شدة التشجيع الجماهيري والحماسي لهم – لدرجة أنهم رفعوا سقف المطالب والخطاب عاليا، أما الآن وبعد أن استفاقوا من أثار «حفلة الحراك» وبعد أن انفضت الجماهير من حولهم، يجب أن يعودوا إلى مجاراة الواقع السياسي وان لم يعجبهم.

عادل عبدالله المطيري

الـ«نيو معارضة» والرئاستان

في كل برلمانات العالم توجد معارضة سياسية للحكومات ـ وذلك ناشئ من طبيعة المنافسة الحزبية هناك، فالمعارضة في نهاية الأمر ـ لا تعدو كونها نوعا من المنافسة، ولكن بطرق دستورية راقية، ومن فوائد تلك المعارضة هو ترشيد قرارات الحكومة التي ستعمل وعينها على المعارضة التي بدورها تتصيد الأخطاء عليها لتحل محلها.

أما في الكويت فإن المتتبع لتاريخ المعارضة الوطنية ومطالباتها، فسيجد أن تشكيلاتها كانت من جميع أطياف المجتمع (الشيعي والسني، الإسلامي والليبرالي، القبلي والحضري).

كما كانت المعارضة التقليدية تسعى دائما للمطالبة بالمزيد من الإصلاح والحريات ومكافحة الفساد، وحتى وإن عجزت عن القضاء على الفساد، فإنها حتما نجحت في التخفيف من حدته وبشاعته، ربما وفي حالات خاصة جدا ونادرة – ساومت المعارضة الحكومة على فسادها لتمرير بعض المصالح العامة، وهذا بالطبع لا ينفي عنها وطنيتها ولا نزاهتها.

أما المعارضة الكويتية الجديدة – أو ما يسمى «النيو معارضة» والمتواجدة بقوة في مجلس الأمة الحالي والمجلس الذي سبقه، فلا ينطبق عليها بالتأكيد لقب المعارضة التقليدي، حيث إنها لا تتكون من أطياف مجتمعية مختلفة، بل تكاد تكون بلون سياسي واحد.

ولم تتبن مطالب إصلاحية عامة تدافع عنها وتسأل الحكومة عنها، بل إنها اكتفت ببعض المطالب الفئوية، كما لا تستهدف «النيو معارضة» البحث عن الفساد للقضاء عليه، بل هدفها الأساسي استخدامه للإطاحة «بالرئاستين» وأقصد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة.

وتختلف الـ«نيو معارضة» عن المعارضة التقليدية بأن الأولى – أداة طيعة بيد أقطاب السياسة يحركونها لمصالحهم الضيقة، بعكس المعارضة التقليدية التي كانت تستفيد من الصراعات السياسية للحصول على المزيد من الإصلاح والشواهد التاريخية كثيرة.

مؤسف جدا، ما وصلت إليه الحياة السياسية الكويتية من انحدار، فلم يعد يجدي معها – لا صوت ولا اثنان ولا حتى أربعة أصوات للناخب، من كانوا يتباكون من استخدام الاستجوابات ويطالبون بعد الاستعجال فيها، يجهزون الآن استجواباتهم الفئوية والضعيفة للحكومة قبل أن ينعقد مجلس الأمة الجديد، بل ويهددون باستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء مباشرة وهذا الأمر وبالتحديد ما كانوا يرفضونه وبشدة سابقا.

في الختام: يبدو أن الـ«نيو معارضة» قد حددت هدفها مسبقا لها، وتبحث فقط عن المبررات، فهم يسعون جاهدين للانتقام ـ بالوكالةـ من «الرئاستين» والإطاحة بهم عن طريق افتعال الأزمات لحل مجلس الأمة فربما تتغير عندئذ الرئاسة في مجلس الوزراء والبرلمان.

 

عادل عبدالله المطيري

الضربة الأميركية محدودة أو إستراتيجية

مرّ ما يقارب الثلاثة أعوام على اندلاع الثورة السورية، والذي استخدم فيها النظام السوري كل أنواع (جرائم الحرب) التي تقشعر منها الأبدان، كالقتل بأبشع صوره للمدنيين والأطفال واغتصاب النساء، وقام بهدم بيوت السوريين على رؤوسهم بصواريخه وطائراته، وآخر جرائمه التي هزت العالم بأكمله، استخدامه للأسلحة الكيماوية ضد سكان الغوطة المدنيين العزل، والتي راح ضحيتها ما يقارب 2000 قتيل أغلبهم من الأطفال والنساء.

في السابق ربما كانت أيدى دول العالم مغلولة حيث لا يمكنهم التدخل في صراع سوري داخلي بين النظام والثوار، أما وقد وقع النظام السوري في شر أعماله باستخدامه الأسلحة الكيماوية، فقد بات من الممكن أخلاقيا وسياسيا وقانونيا التدخل في هذا الصراع الداخلي لتجاوزه حدود القانون الدولي الإنساني والجنائي.

كل دول العالم نددت بتلك الجريمة البشعة واستنكرتها تلك الجريمة المتمثلة في استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد شعبه، بل ذهبت أميركيا وبريطانيا وفرنسا إلى ضرورة معاقبته لتجاوزه المحظور القانوني ولزعزعته الأمن والاستقرار الدولي وتخطيه كل الخطوط الحمراء.

وأكدت الإدارة الأميركية وبكل وضوح ومما لا يجعل مجالا للشك، أنها ستعاقب النظام السوري على فعلته، وأنها ستقوم بالتحديد بضربة عسكرية موجهة ضده، ولكن لا أحد يعلم توقيت الضربة ولا حجمها ولا تأثيراتها.

السوابق الأميركية للضربات العسكرية خاصة للإدارة الديموقراطية، تؤكد أنها دائما ما تكون محدودة جدا وليست لها تأثيرات.

فكلنا يتذكر عملية «انفاينت ريج» الذي أمر بها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ردا على تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998، حيث اقتصرت الضربة العسكرية الرمزية على هجوم بصواريخ كروز ضد ما يشتبه بأنه معسكرات تدريب إرهابيين في أفغانستان وأحد المصانع الكيميائية في السودان.

وكذلك في 16 ديسمبر 1998 كانت هناك عملية عسكرية أخرى قامت بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسميت بـ «ثعلب الصحراء» واستمرت لمدة 4 أيام، وكانت عبارة عن الرد الأميركي على عدم تعاون العراق مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، وكانت الضربة العسكرية أيضا محدودة، واقتصرت على قصف جوي استهدفت بعض المواقع في بغداد.

ما أريد التأكيد عليه هو أن تاريخ الديموقراطيين ومنذ تورطهم في الحرب الفيتنامية لا يشجع على التكهن بأنهم سيقومون بحرب أو بضربة عسكرية مبرحة على الأقل.

لذلك من المؤكد أن الضربة الأميركية ستكون محدودة، ولن تتعدى استهداف مراكز التحكم والقيادة وعددا من المطارات العسكرية ولواء القوات المسلحة السورية المتهم باستخدام الأسلحة الكيماوية ومخازن للأسلحة لاسيما الصواريخ.

من المهم ان تكون الضربة «محدودة» كما اعلن عنها، لتكون بمنزلة الرسالة للنظام السوري لعدم الرد عليها، وبأن استيعاب الضربة أقل تكلفة عليه من الرد عليها.

ولا يمنع أن تكون الضربة الأميركية «استراتيجية» ولو كانت ضربة محدودة، وأقصد بـ «استراتيجية» تلك التي تغير موازيين القوى على الأرض في سورية، وترجح كفة الجيش الحر أمام قوات النظام او تساويها على الأقل.

فالضربة الأميركية إذا ما نجحت في تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية والمطارات العسكرية التي تقلع منها طائرات النظام السوري، ودمرت منصات إطلاق صواريخه، فإن المعركة على الأرض بين النظام والثوار ستكون عادلة.

عندها لن يتحمل النظام السوري هجمات الجيش الحر الذي يقترب منه كثيرا، وسيكون بين خياريين لا ثالث لهما، إما الذهاب إلى طاولة المفاوضات ذليلا، أو الهروب الكبير.

في النهاية، ربما يصدق قول المفكر العسكري البروسي «كلاوسفتز» عندما عرف الحرب بأنها «امتداد للديبلوماسية بطريق أخرى».