عادل عبدالله المطيري

علاوات العائلة

من المؤكد أن المواطن الكويتي يعيش في عهد الزيادات المالية، فكل عام أو عامين تقر الحكومة علاوة مالية أو كادرا وظيفيا لجهة ما.

حتى أصبح لكل مهنة بالكويت كادر مالي خاص بها، لدرجة أن أصبحت رواتب الموظفين في الوزارات مختلفة، ولا يعود هذا التباين لاختلاف في طبيعة العمل، بل لأن بعض النقابات نشيطة وتطالب بمميزات لمنتسبيها، والبعض الآخر مسالم ولا يطلب شيئا أبدا ولو كان طلبا مستحقا، أو لأن هؤلاء الموظفين رزقوا بوزير كريم يغدق عليهم بالعلاوات.

لقد أصبحنا نصنف الوزارات تبعا لرواتبها كتصنيف الفنادق، فبعضها بخمس نجوم وبعضها بنجمة واحدة وبدون لمعة ربما ستفـاجئ لو قارنت بين موظفين فـي وزارتين مختلفين يشغلان مسمـى وظيفيـا واحـدا ويحملان الشهـادة العلمية ذاتها ولديهما نفس طبيعة العمل، حيث ستكتشف الفارق الكبير جدا بين راتبيهما.

بل حتى لو رجعنا إلى الزيادات المستحقة لجميع الموظفين (كبدل المعيشة وبدل الغلاء) سنجدها هي الأخرى ظالمة ـ بالفعل لأن بعض المساواة ظلم ـ حيث ذهبت إلى جميع الموظفين بالتساوي ولم تفرق بين رب الأسرة الذي يعول أفـراد والموظف الأعزب.

فمـن غيـر المعقـول أن تظـل عـلاوة الأبناء بنفس المقدار منذ عقـدين مـن الزمان، بالرغم من زياـدة الأعباء والمصاريف والأسعار معا.

ختـاما.. يجب ألا تترك العائلة الكـويتيـة تتكبـد عنـاء المعيشة وغـلائهـا وهي عمود المجتمع والذي يجب أن يأخذها البرلمان والحكومة بالاعتبار عند إقرار العلاوات والزيادات، ولذلك نطالب بشدة بإقرار زيادات (علاوات العائلة) والمتمثلة بزيادة بدل الإيجار علاوة الأبناء زيادة مجزية.‏

عادل عبدالله المطيري

شيطان المعارضة ووثيقتهم

  استمتعت بمشاهدة برنامج «توك شوك» على قناة «اليوم» للمذيع المعارض محمد الوشيحي، وضيفه السياسي المعارض أيضا النائب السابق عبدالرحمن العنجري، والذي كان صريحا جدا خاصة عند تطرقه لموضوع الخلافات العميقة في صفوف المعارضة الكويتية، مما حرضني لكتابة هذا المقال «النصيحة» لمن أحبهم وأختلف معهم، وأقصد «المعارضة الكويتية» بالتأكيد.

بالفعل ـ ربما يعود أكثر الخلاف بين صفوف المعارضة إلى انهم كأشخاص مختلفون فكريا واجتماعيا بدرجة كبيرة جدا ـ حيث ستجد الليبرالي والسلفي، الإخواني والشعبي، وحتى على المستوى العمري لأشخاصهم ستجد الشباب والشيب جنبا إلى جنب ـ وكذلك التوزيع الجغرافي للمعارضة متنوع وممتد من الجهراء غربا إلى الضاحية شرقا ومن الأحمدي جنوبا إلى الصليبخات شمالا.

ربما يعتقد البعض أن هذا التنوع في المعارضة الكويتية صفة محمودة فيها، ويحسب لها لا عليها ـ وهذا بالطبع تصور خطأ، فهذا التجمع الكبير ربما يستطيع أن يسقط حكومات وقد أسقطها بالفعل سابقا، ومن الممكن أن يضغط من جهة الرقابة البرلمانية الصارمة على أعمال الحكومة وقد فعل سابقا ـ ولكن لا يمكن ويستحيل أن يتفق كل هؤلاء على «دستور» جديد.

الخطأ الرئيسي الذي وقعت فيه المعارضة السياسية وبعد أن قاطعت الانتخابات الأخيرة والتي رفضتها لأنها جرت على أساس قانون الصوت الانتخابي الواحد والتي عدل بطريقة غير دستورية كما ترى المعارضة ـ أنها حاولت أن تضع تصورا شاملا للإصلاح السياسي والدستوري وان تصدر ما يسمي بوثيقة «ائتلاف قوى المعارضة»، والتي وعدت أن تصدرها بمنتصف الشهر الماضي ولم تنشرها حتى الآن، ولن تنشرها مستقبلا ـ لأنهم بالحقيقة يختلفون حول أهم الأفكار «إشهار الأحزاب السياسية والحكومة المنتخبة وموقف الشريعة الإسلامية من كل هذه التعديلات».

يجب أن تتخلى المعارضة السياسية عن التفكير بطريقة حل كل المشكلات مرة واحدة وبوثيقة واحدة لأنهم بحقيقة الأمر سيفشلون في ذلك ـ لأنهم في نهاية الأمر مختلفون فكريا وأيديولوجيا.

ومن المفروض أن تقتصر وثيقتهم الإصلاحية على ماهو متفق عليه من الجميع (كتعديل قانون الانتخاب، وإعطاء الثقة للحكومة الجديدة قبل مباشرة أعمالها، طرق حل البرلمان، تسهيل عملية تعديل مواد الدستور، وقانون استقلال القضاء)، فتلك الأفكار يمكن أن تجتمع حولها قوى المعارضة ومن الممكن أن تسوقها وبسهولة في الشارع الكويتي، وبالتأكيد ستكون مدخلا للإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي، أما استمرار المعارضة في مناقشة كل التفاصيل في وثيقة قوى الائتلاف فإنها ستحطم المعارضة أكثر مما هي محطمة، ولا ننسى «أن الشيطان يكمن في التفاصيل»، ختاما ـ أتمنى النجاح لكل جهد إصلاحي وتنموي سواء أتى من الحكومة أو المعارضة ـ فالكويت والكويتيون متعطشون إلى التقدم والازدهار والتنمية.

عادل عبدالله المطيري

مفاوضات «جنيف 2»

بدأت الجهود الديبلوماسية لـ «جنيف 2» منذ تلويح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باستخدام القوة لحل القضية السورية، والتي كانت جوهر مباحثات القمة الأميركية ـ الروسية والتي اتخذ فيها قرار رحيل الأسد، ولكن بالطرق الديبلوماسية وليس باستخدام القوة العسكرية.

وقتها أحبط الثوار السوريون وحلفاؤهم العرب من تراجع الغرب عن ضرب بشار وإسقاطه بالقوة، ولكنهم أكدوا بعد ذلك أنه اذا كان مفتاح العمل العسكري بيد الغرب فإن مفتاح العمل الديبلوماسي مازال بيد الثوار وحلفائهم العرب وأكدوا ذلك باستبعادهم إيران من «جنيف 2» لعدم التزامها بمقررات «جنيف1»، واشتراطهم على مفاوضي النظام السوري الاعتراف بكل ما ورد باتفاقية «جنيف1» والتي تشير إلى رحيل الأسد ولو ضمنيا.

المفاوضات الناجحة عادة لا تبدأ إلا على أساس متين يكون بمنزلة أرضية مشتركة متفق عليها من جميع الأطراف ويتناقشون فقط حول كيفية تطبيقها ومن ثم تطرح الآراء المختلفة ليتم تقريبها للوصول الى تصورات مشتركة تتحول إلى اتفاق ملزم لكل الأطراف.

ما يحدث في مفاوضات «جنيف 2» هو عكس كل المفاوضات التي تمت في التاريخ، إذ من المفروض ان يكون «جنيف1» هو الأساس وتتم المفاوضات في «جنيف 2» حول طريقة تنفيذ ما اتفق عليه مسبقا ولكن الحاصل ان «جنيف 2» ما هي إلا إعادة التفاوض على ما تم في «جنيف1».

وفد النظام السوري ومنذ الجلسة الافتتاحية وهو يستخدم مصطلحات غير ديبلوماسية ويتحدث إلى خصومه بلغة متعالية ويتهمهم بالارهاب، بل لا يمكننا ان نتفاءل بنجاح المفاوضات وأحد المفاوضين الرئيسيين في وفد النظام السوري وهو وزير إعلامه يستفز الصحافيين كلما دخل سيارته او خرج منها وهو يصيح بان «الأسد باق» مع العلم ان الحكومة الانتقالية وسورية ما بعد الأسد هي حجر الأساس الذي تقوم عليه جنيف 2.

مازالت المفاوضات في أولها وبالرغم من محاولة ممثلي النظام السوري اثارة المفاوض المقابل من اجل ان ينسحب، إلا أن ممثلي الائتلاف الوطني يعون ذلك ومازالوا جالسين حول طاولة المفاوضات ولن يرحلوا الا مع رحيل الأسد ونظامه.

ربما بدأت التحركات السياسية الدولية الضاغطة على النظام السوري ليأخذ المفاوضات على محمل الجد، ومنها قرار مجلس النواب الأميركي الخاص بتسليح الثوار السوريين وكذلك خروج أدلة ووثائق جديدة تثبت قيام النظام السوري بجرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى التقارير الدولية التي تؤكد قدرة النظام على انتاج أسلحة بيولوجية.

أتمنى ان تنتهي مأساة السوريين بأسرع وقت وألا نكون بحاجة إلى جنيف3، ورغم صعوبة المفاوضات إلا أن المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي يبذل المستحيل لإنجاحها ولو نجح لاستحق بكل جدارة ان يحصل على جائزة نوبل للسلام.

عادل عبدالله المطيري

الفساد «جين وراثي» عربي

يدور العرب منذ سنين في حلقة مفرغة من الفساد والتخلف، فلا أنظمة ما قبل الثورات العربية في أوائل القرن الماضي حققت الإصلاح ولا الثورات التي تلتها، مرورا بالأنظمة الجماهيرية ووصولا إلى ثورات الربيع العربي المعاصرة، جميعها فشلت في تحقيق الحرية والتنمية والإصلاح.

وفي الكويت كما في الكثير من الدول العربية ينتشر الفساد في كثير من الاماكن ـ بل ربما اصبح يسيطر على حياتنا كلها.

فحول الحكومة وفي أروقة وزاراتها وهيئاتها ينتشر الفاسدون، ويسعون جاهدين إلى ألا يخرج قرار يضر بمصالحهم، او يكافح فسادهم الذي لا تحمله «البعارين».

بل استفحل الفساد لتنتقل عدواه إلى المعارضة السياسية والتي من المفروض انها تكافحه وتنشر الإصلاح، فقد صرح أكثر من قيادي في المعارضة بأن (المندسين والخونة) قد انتشروا بين المعارضين.

حتى المواطن العادي يبدو أنه يئس من الإصلاح وتعود على الفساد وتكيف عليه، فلم تعد تستهويه خطابات المعارضة وبنفس الوقت لا يطرب للتصريحات الحكومية، كذلك لم يعد يخرج المواطن الكويتي مع المظاهرات المعارضة ولكنه أيضا لا يصفق للحكومة ولا يصدقها.

ختاما ـ يبدو أن الفساد هو «جين وراثي» عربي ينتقل إلينا من جيل إلى جيل، نكاد لا نعرف العيش بدونه، وربما إن أردنا التخلص منه يجب ان نتطور تدريجيا، حتى لا ننهار كما ينهار من يريد التشافي من آفة ادمان الفساد.

عادل عبدالله المطيري

ضرورة الإصلاح وخطورة التغير

لا يوجد بين مصطلحات السياسية مصطلح أكثر جدلية ومحلا للخلاف والاختلاف كمصطلح الإصلاح، ربما يعود السبب لكونه من المفاهيم المرتبطة بقيم الإنسان ومعتقداته وأيضا إلى مستوى تحضر المجتمع وتطوره.

فدلالات «المفاهيم السياسية» تختلف من إنسان إلى آخر بحسب توجهه السياسي وأفكاره ومعتقداته، فالليبرالي ربما يرى الإصلاح بكل جهد يكسر القيود ويقربنا إلى الحرية المطلقة، بينما يراه الاشتراكي بكل سياسية تهدف إلى إعادة توزيع الموارد بعدالة في المجتمع.

من الواضح أن الاختلاف يرجع إلى إيمان كل تيار فكري بأيديولوجيته والتي يعتقد بأنها هي الصواب الذي يجب أن يسعى الجميع لتحقيقه، وبأن أي طريق يوصلنا إليها يسمى «إصلاح» والعكس صحيح.

وكما أن هناك اكثر من معنى «قيمي» للإصلاح نفسه، فهناك أيضا عدة وسائل للوصول إليه، ولكن يجب أن نعلم بأن «إصلاح الشيء لا يعني بالضرورة تغييره»، فالإصلاح يختلف من حيث الوسائل عن التغير وان تشابت بالأهداف.

فالتغير يستهدف تحطيم الهياكل والبناء وإيجاد غيرها – بينما الإصلاح يستهدف تغير السلوك مع المحافظة على الهياكل والبناء.

ومما سبق ربما يتفق التغير والإصلاح في الأهداف ولكنهما يختلفان جذريا في الوسائل.

تاريخيا – فشل العرب وعلى اختلاف مشاربهم في تحقيق الإصلاح أو ما يعتقدون بأنه «إصلاح»، فعندما أرادوا الإصلاح في منتصف القرن الماضي قاموا بثوراتهم وسلكوا فيها طريق التغير، حيث حطموا الهياكل القديمة ولكنهم لم يبنوا مكانها هياكل إصلاحية جديدة كما بشروا عنها، بل اسقطوا الممالك وأنشأوا بدلا عنها الجمهوريات الديكتاتورية وها هم يعودون الآن وبعصر ثورات الربيع العربي إلى مثل هذا الخطأ التاريخي، حيث قاموا بتحطيم جمهورياتهم الديكتاتورية ليذهبوا إلى خيارين لا ثالث لهما – إما إلى الفوضى والاقتتال الداخلي أو إلى عودة الدكتاتورية ولكن بحله جديدة.

كنت أتمنى لو أن العرب سلكوا هذه المرة طريق الإصلاح وأعني «تغير سلوك النظام السياسي وتطويره» بدلا من تحطيمه، لربما استطاعوا تحقيق أهدافهم التغييرية ولكن بطريقة آمنة ولو كانت بطيئة – أفضل من أن يقفزوا إلى المجهول أو إلى الخطأ مرة أخرى.

ختاما – مازالت بعض الشعوب العربية تؤمن بضرورة الإصلاح السياسي ولكنها تعي جيدا خطورة التغير الجدري – لذلك هي تحاول جاهدة تحديث أنظمتها السياسية بشتى الطرق الممكنة بخلاف طريق التغير، والذي أثبت عربيا انه اقصر الطرق نحو الهاوية.

 

 

 

 

عادل عبدالله المطيري

خيارات الحكومة الأربعة

وكما توقعنا تم تعديل الحكومة تعديلا كبيرا ـ لتصبح دستوريا حكومة معدلة، وليست حكومة جديدة فلا تتقدم برنامج عمل جديد ولن تطلب مهلة لكي تدرس القضايا المطروحة على الساحة بل ستكون عمليا جاهزة للانطلاق نحو العمل.

هناك أربعة خيارات أمام الحكومة للتعاطي مع الواقع السياسي ـ أحد تلك الخيارات أن تستمر كحكومة تصريف العاجل من الأمور فلا تتصدى لقضايا ولا تتخذ قرارات مصيرية «لتمشي جنب الحيط».

الخيار الثاني ـ أن تغطي الحكومة على أصوات المعارضة التي تطالب بإصلاحات سياسية كبيرة بأن تشتغل على ملف التنمية وتحاول عمل المعجزات الاقتصادية لتحقيق رفاهية للمواطن وتنسيه أي مطالب سياسية مستحقة.

الخيار الثالث ـ أن تبادر الحكومة بالتصدي للإصلاحات السياسية والاقتصادية بنفسها، لتفويت الفرصة على خصومها في المعارضة السياسية من تحقيق انتصارات على حسابها.

وهذا يتطلب أن تتبنى الحكومة مسارا محددا للإصلاح السياسي وتقوم على تسويقه في المجتمع، وبالتأكيد سيكون مشروعها أرحم بكثير من مشروعات المعارضة الطموحة «بيدي لا بيد عمرو»

ولا يستلزم على الحكومة في هذه الحالة أن تقدم مشاريع شعبوية تؤثر على المال العام كما تعودت أن تتحجج به.

الخيار الرابع ـ وهو أن تتصدى الحكومة لكل مشاريع الإصلاح التي طرحتها المعارضة وستطرحها بقوة قريبا بالرفض المطلق وعدم تقديم أي بدائل سياسية، لذلك ـ في مقابل تبنيها لسياسة رفع المستوى المعيشي للمواطن عن طريق إصدار بعض القرارات الشعبية ذات المردود المالي المباشر والسريع على الأسر الكويتية والاكتفاء بها دون السعي لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.

ختاما،كل الخيارات ممكنة أمام الحكومة فهي التي تملك سلطة التنفيذ لما تعتقد أنه مناسب للوطن والمواطنين ـ ولكنها أيضا ستكون مساءلة من الجميع وعلى رأسهم سمو الأمير، حفظه الله، وكذلك نواب الأمة بل والمعارضة أيضا .

عادل عبدالله المطيري

البرلمان المحصن والحكومة الجديدة

أخيرا – تنفس الصعداء نواب مجلس الأمة الحالي بعد أن اسدل الستار على الطعون الانتخابية والدستورية من قبل المحكمة الدستورية التي أقرت صحة الانتخابات وبالتالي استمرارية مجلس الأمة وتحصينه.

لقد عانى نواب مجلس الأمة خلال الماضية تحت تهديد الطعون الانتخابية والدستورية واحتمالية إبطال البرلمان للمرة الثالثة على التوالي – ولم يكونوا يستطيعون العمل بشكل مثالي تحت هذا الضغط الشديد والتهديد المستمر، أما الآن فاعتقد أن النواب بإمكانهم على الأقل ضمان مسمى «نائب سابق» بكل ما تحمله الكلمة من امتيازات وليس اللقب السياسي الذي انتشر في الكويت مؤخرا وهو لقب «نائب مبطل» وبدون أي امتيازات بالطبع.

وبغض النظر عن الآراء السياسية والدستورية في هذا المجلس الحالي ومهما اختلفنا معه وحوله – فلقد تعاون نواب البرلمان مع الحكومة الحالية تعاونا كبيرا بل وضحوا كثيرا بالوقوف معها، وعلى الحكومة أن ترد التحية للبرلمان والشعب بأفضل منها، وتسارع بإقرار مشاريع التنمية وتزيد من المكتسبات الشعبية.

ربما كانت استقالة الحكومة من أجل تجنب حضور جلسات استجواب بعض الوزراء أو جلسات طرح الثقة، وهي بالتأكيد فرصة لسمو رئيس الحكومة لتدوير بعض الوزراء واستبدال البعض الآخر الوزراء غير المنسجمين مع البرلمان، وكما يتردد بين الناس ربما نشهد عودة أحد الأقطاب إلى التشكيلة الحكومية المرتقبة وبمنصب وزاري رفيع.

ختاما: التحدي الكبير أمام الحكومة المعدلة سياسيا ومجلس الأمة المحصن دستوريا هو، هل بإمكان أعضاء السلطتين تحقيق بعض الإنجازات التنموية خصوصا انهم حصلوا على كل الفرص الدستورية والسياسية الممكنة بعد أن ابتعدت المعارضة عن المشهد السياسي مؤقتا.

 

 

 

 

عادل عبدالله المطيري

إلى مانديلا الأغلبية

أتنمى لو أرى كل الأغلبية السابقة ورموز الحراك السياسي في الكويت يقبعون وراء قضبان السجون، ليس كرها فيهم لا سمح الله، ولكن لأن هذا أقل ما يمكن أن يقدمه السياسي الإصلاحي الذي يدافع عن قضية يعتقد بأنها عادلة، فلم يعد مقبولا أن تظل المعارضة الكويتية (معارضة دواوين وميكروفونات)، تنشط في الشتاء وتنحصر في الصيف حيث لا تتحمل حرارة الجو ناهيك عن تحملها حرارة السلطة.

إلى متى يدور الحراك السياسي حول رموزه كدوران الكواكب حول الشمس، فمع شديد احترامي لتلك الرموز وتقديري لعملها الوطني إلا ان القضية الجوهرية والتي يجب أن يلتقي المجتمعون حولها هي الأفكار الإصلاحية.

لن تحققوا الانتصار على الفساد وأنتم تتعاملون معه في بيئة سياسية لا تمكنكم من تحقيق الإصلاح ووفق قواعد لعبة غير متكافئة.

والحل أن تطرحوا رؤية سياسية شاملة وواضحة يجتمع عليها أغلب المعارضين ومن ثم تقومون بتسويقها للمجتمع بطريقة سلمية وراقية فيها إصرار وليس فيها تحد، وبلغة راقية ملتزمة قانونيا.

لم يعد بإمكاننا إصلاح الواقع الفاسد المنتشر في كل مكان، فالفساد كبير جدا ومتغلغل في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ـ نكاد نصبح فاسدين ـ لأن الفساد مغر جدا وتصعب مقاومة إغرائه، ولن تجدي نفعا الدعوة إلى الإصلاح في كازينو مليء بالمفاسد.

نحن في الكويت بحاجة إلى منديلا كويتي وليس لبوعزيزي كويتي، لرجال يضحون في سبيل الإصلاح وليس لرجال يحرقون كل شيء.

فالزعيم الأفريقي الراحل مانديلا لم يكن مهادنا في مقاومته للفساد، ولكنه تميز عن غيره بإصراره على الإصلاح والتضحية من أجله، وحتى عندما انتصر على خصومه لم ينتقم منهم بل شاركهم السلطة.

خاتمة ـ هذا الخطاب موجه إلى الوطنيين المعارضين ـ من حقكم أن توحدوا جهودكم للإصلاح وتغيير الواقع بالطرق السياسية ولكن لا تجعلوا هدفكم محاربة أشخاص بعينهم لأنكم بذلك تقزمون أهدافكم وتسهلون على أعدائكم تصيد الأخطاء لكم، وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.

عادل عبدالله المطيري

الكويت وسلاح الديبلوماسية

عادة، لا تقاس الدول بأحجامها بل بأهميتها، ولذلك فإن الكويت (دولة المدينة) ذلك البلد الصغير جدا جغرافيا له أهمية كبرى.

وتكمن أهمية الدول بعظمة اقتصادها ومواردها البشرية، ولا شك أن الاقتصاد دائما وأبدا بحاجة إلى من يحميه ويدافع عنه، وأقصد بالتحديد السياسة الخارجية للدولة، وحتما ليست القوة العسكرية هي العامل الحاسم في الأمر، والدليل انهيار نظام صدام ذي القوة العسكرية الجبارة وبقاء كويت الديبلوماسية.

فالكويت تتميز بسلعتين استراتيجيتين تصدرهما للخارج ـ (البترول والديبلوماسية) وكلاهما يكملان بعضهما البعض ـ فالبترول عصب الحياة والحضارة وهو السلعة الأكثر أهمية والتي تورد للخزينة العامة الكويتية مليارات الدولارات.

وأما الديبلوماسية بالنسبة للكويت فهي مسألة حياة او موت – لا رفاهية وترف ـ فهي سلاحنا الاستراتيجي امام اعدائنا.

وللحديث عن السياسية الخارجية وخاصة الديبلوماسية الكويتية والتي كانت دائما هي الحصن الحصين بعد الله سبحانه وتعالى في استقرار الدولة وضمان أمنها، فإنها تبدأ منذ تأسيس الدولة الحديثة في زمن حكم الشيخ مبارك الكبير أواخر القرن الـ 19 الميلادي حيث استطاع بسياسته الخارجية ان يراهن دائما على الحصان الفائز، حيث ارتبطت الكويت بالخلافة العثمانية ارتباطا شديدا ومباشرا حفظت به استقلالها عن محيطها، وعندما بدأت تنهار الدولة العثمانية، تحولت الكويت بتحالفاتها سريعا وبذكاء الى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وهي الدولة العظمى آنذاك (بريطانيا) ووقع الشيخ مبارك الكبير اتفاقية الحماية معها عام 1899، والتي استفادت الكويت منها حتى ايام حكم الشيخ عبدالله السالم عندما واجه تهديد نوري السعيد العراقي باحتلال الكويت وبعد استقلال الكويت عام 1961 اعتمدت الديبلوماسية الكويتية على البعد القومي العربي في تأمين حمايتها وسلامة اراضيها، وكانت بلا شك سياسة ناجحة حفظت امننا القومي بالرغم من اشتعال المنطقة ايام الحرب العراقية ـ الايرانية.

وكان عدم الرضوخ لتهديدات صدام حسين للكويت عام 1990، القرار الاكثر شجاعة في تاريخ الديبلوماسية الكويتية، فقد تصدت للعدوان العراقي الديبلوماسية الكويتية والبلد تحت الاحتلال لتهزمه اولا ديبلوماسيا ومن ثم عسكريا حتى عادت الكويت الى الكويتيين.

بعد عام 1991 تحول العالم من نظام القطبين (الاتحاد السوفييتي وأميركا) الى نظام احادي القطب (أميركا فقط)، ولأن الديبلوماسية الكويتية مرنة جدا وذكية في قراءتها للمستقبل والمتغيرات الدولية الجديدة وقعت الكويت اتفافية الحماية مع الولايات المتحدة لتدخل معها في تحالف استراتيجي وفر لها الامان لأكثر من عقدين من الزمان.

من ميزات الديبلوماسية الكويتية ايضا، دعمها للتغير الايجابي في الجوار، فالكويت دعمت عملية توحيد اليمن سابقا ومشروع الانتقال السلمي للسلطة فيها مؤخرا، كما انها ساهمت في العملية الكبرى وهي تحرير العراق من حكم صدام، وشاركت في عملية التغير الإيجابي في العراق وغيرت معه سياساتها اتجاهه، فبعد اكثر من 13 عاما من العداء تحولت الكويت الى اكبر الداعمين لعراق ما بعد صدام بل تحتفظ الكويت بعلاقات متينة مع اكثر وأهم القيادات السياسية العراقية الحالية .

حتى علاقات الكويت مع الجار الخليجي الاكثر راديكالية وهو ايران ماتزال على مايرام، فالكويت لا تخشى ايران ولكن لا تستعديها ايضا.

وفي العلاقات الخليجية ـ الخليجية بإمكان الكويت دائما ان تكون الوسيط النزيه بين جيرانها في الخليج لحل مشكلاتهم او لتقريب وجهات النظر، بل كانت الكويت صاحبة فكرة إنشاء مجلس التعاون وستكون المحرك الرئيسي ايضا في مسألة مشروع الاتحاد الخليجي وما جرى في كواليس القمة الخليجية الأخيرة في الكويت خير شاهد.

القوة الحقيقية التي تحمي الكويت من الأخطار بعد الله سبحانه هي «قوات النخبة» القابعة في ديوان وزارة الخارجية وفي سفارات الكويت في الخارج، حيث ترصد وتحلل ومن ثم تصنع سياسة خارجية تنسج من خلالها علاقات دولية تحقق اهدافنا الاستراتيجية.

وعلى رأس هذه النخبة بكل تأكيد صانع السياسة الخارجية الكويتية صاحب السمو الأمير حفظه الله، والذي مارس الديبلوماسية منذ استقلال الكويت ومازال يعمل على الحفاظ على هذا الاستقلال.

ختاما، ستستمر الديبلوماسية الكويتية في نجاحها وتحقيق أهدافها مادام هناك رجال مرابطون على الجبهات الدولية، على مستوى وكيل وزارة الخارجية السفير خالد الجارالله الذي تتلمذ على يدي عميد الديبلوماسية صاحب السمو الأمير حفظه الله، فالسفير الجارالله ديبلوماسي لا يشق له غبار، عاصر أهم الأحداث وعصرها ليصنع منها ديبلوماسية معاصرة بنكهة الخبرة.

وكل الشكر إلى جميع ديبلوماسيينا المرابطين في سفاراتنا بالخارج.

 

 

 

 

 

 

عادل عبدالله المطيري

الحكومة الذكية

كثير من شعوب العالم لديهم حكومات منتخبة تسعى جاهدة لتحقيق الرخاء لمواطنيها حتى ولو كانت تعاني من قلة الموارد الاقتصادية في بلدانهم، ونحن هنا في الكويت لدينا حكومة غير منتخبة لا تحقق طموحنا كمواطنين، رغم أننا نسبح في بحيرة نفطية ونمتلك فائضا ماليا لم نحلم به قط. فهل الحكومة المنتخبة هي فقط التي تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة أو السهلة؟ وأقصد تحقيق التنمية مع توافر الموارد؟ بالتأكيد لا – لأن هناك أكثر من دولة على الخارطة الآن – هذه الدول قطعا لا تتصف بالديموقراطية ولا تتمتع بحكومات منتخبة، ولكنها تمتلك نموذج الحكومة الذكية التي تستطيع أن تحقق التنمية بالرغم من وجود الفساد المالي والسياسي وذلك فقط بتوافر عدة عوامل، منها: أولا الإرادة الحكومية وثانيا السيولة المالية الكبيرة، فالمال يحقق المعجزات ويغطي العيوب.

يروي أحد المقربين من إحدى حكومات العالم ذات نموذج «الحكومة الذكية» ممن يشار لدولته بالبنان من ناحية التنمية بالرغم من عدم وجود الديموقراطية أو الحكومة المنتخبة – أن رئيس الحكومة يؤمن بالإنجاز والعمل، ويحرص على ان كل مناقصات الدولة لا تأخذها إلا الشركات العالمية ولكن عن طريق شريك محلي محسوبة عليه – فالمشروع التنموي أبو مليار دولار تأخذه الشركة المحلية بمليار وربع المليار – مليار للشريك الدولي وربع للشريك المحلي.

ولكن الشركة المحلية المحسوبة على الحكومة تراقب بكل أمانة ونزاهة وصرامة تنفيذ المشروع التي تقوم به الشركة العالمية، فلا محاباة ولا تهاون في إنجاز المشاريع بكل دقة.

من المؤكد أن فلسفة الحكومة الذكية وان كانت قائمة على الفساد إلا أنها تحقق التنمية مع كل تلك الفوائض المالية المتوافرة لها.

ختاما، أنا لا أدعو الى تشجيع على الفساد المالي والسياسي، ولا إلى عدم الأخذ بمبدأ الحكومة المنتخبة، ولكن حتما أدعو الحكومة الكويتية إلى أن تكون «حكومة ذكية» بالرغم من تهم الفساد الموجهة لها من المعارضة – فليس من المعقول ان تتعطل التنمية في الكويت أو أن تنفذ مشاريع الدولة الكبرى بتلك الأسعار الخيالية وبالمواصفات السيئة جدا، بل أحيانا تكون المشاريع غير صالحة للاستعمال الآدمي.