عادل عبدالله المطيري

الخوارج «داعش» ومعاناة الثوار

من الخطأ أن ينسب تنظيم «داعش» أو ما يسمى بتنظيم دولة الاسلام في العراق والشام إلى التيارات السنية – لأنه وبالاصل فرع لجماعة القاعدة الارهابية وهم في حقيقة الامر يتبنون فكر «الخوارج»، لان هذه الجماعة تكفر كل مكونات المجتمع وتنظر لهم كخارجين على الاسلام سواء كانوا من اهل السنة او الشيعة، وهذه الجماعات خرجت أول الامر على دولهم السنية قبل ان يخرجوا ويقاتلوا الانظمة الشيعية او حتى دول الغرب.

يرجع فكر الخوارج الى التاريخ الاسلامي وكان اول ظهور لهم كجماعة منظمة بعد معركة «صفين» بين جيش الخليفة علي بن أبي طالب وجيش الخليفة معاوية بن سفيان، وكان سبب ظهورهم عدم رضاهم على التحكيم بين الفريقين المتقاتلين لحقن دماء المسلمين.

ومنذ نشأة الخوارج ـ كانوا دمويين ولا يرضون ان يتعايش المسلمين على اختلاف طوائفهم بسلام، لذلك قاموا بتكفير فريق معاوية وفريق علي ـ وبدأوا بقتالهم جميعا.

تنظيم القاعدة الذي ينتمي اليه «داعش» بدأ قتاله وعملياته منذ بداية التسعينيات في اكبر دولة اسلامية سنية وهي المملكة العربية السعودية، اذ خرجوا على الحكم هناك بعد ازمة احتلال الكويت والاستعانة بالقوات الاجنبية ـ وقاموا بعمليات ارهابية كبيرة وانتشر هذا الفكر الخارجي في المجتمع وبالكاد استطاعت السعودية إعادة الامور الى نصابها وتمكنت من تحجيم قوته وقدرته على الانتشار.

ومن المعروف ان اي تنظيم ارهابي ملاحق امنيا من الجميع كالقاعدة لابد له من البحث عن أماكن آمنة له ـ ودائما ما يجد ضالته في الدولة المنهارة امنيا كأفغانستان والسودان سابقا وسورية والصومال والعراق حاليا.

ودائما ما يضع «تنظيم القاعدة» نفسه في المعارك التي تكون بين المسلمين والاجانب ـ أو عندما يندلع القتال بين السنة والشيعة كما في العراق وسورية، لكي يحظى بدعم وتعاطف السكان من أهل السنة.

تنظيم القاعدة هو أسوأ عدو للمسلمين السنة ـ فدائما ما يضرهم ولا ينفعهم ـ فدولة طالبان في افغانستان حطمتها حماقات القاعدة وغزوة مانهاتن واسقاط برجي التجارة ـ وها هي القاعدة بمسماها الجديد (داعش) في سورية يشوهون نضال الثوار السوريين ويعطي خصومهم العذر باتهام الثورة السورية بأنها ثورة ارهابيين، وفي العراق ايضا ـ دخلت داعش لتوفر للمالكي وجماعته تبرير قمعه لثورة العشائر العربية المستحقة.

ختاما: القاعدة أو الخوارج او داعش كلها واحدة ونتيجتها واحدة ـ لانها تقتل اهل السنة والشيعة على السواء ـ فالمجازر التي ارتكبتها في سورية ضد جبة النصرة والجيش الحر اكبر دليل على ذلك ـ وفي أنبار العراق تقاتل داعش ثوار العشائر وتشوه نضال العراقيين وتعطى اعداءهم المبرر لقمع ثورته وقتلهم.

عادل عبدالله المطيري

العراق.. ثورة أم إرهاب؟

لا أحد يستطيع ان يجزم ما الذي حدث في العراق مؤخرا، هل هي ثورة شعبية ضد استبداد المالكي وظلمه، ام هي أمور لا تعدو كونها سلسلة من العمليات الارهابية يقوم بها تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام (داعش). لا أحد ينكر وجود تنظيم داعش في منطقة صحراء الانبار، بل سبق وأن حذرت الولايات المتحدة اكثر من مرة ـ من خطر اتساع نشاطه هناك، وكذلك اشتكى الاهالي من وجوده، ولكن لم يكترث المالكي وحكومته لهذا الامر، وربما أراد استخدام (داعش) كورقة ضغط على حلفائه الشيعة وخصومه السنة على السواء.

من المؤكد ان مقاتلين داعش هم من قاموا بمفاجأة الجيش العراقي وانزلوا به اشد الخسائر، وتبع ذلك مباشرة حركة تمرد شعبية واسعة النطاق – ولكن كيف حدث ذلك؟ مما لاشك فيه ـ ان تنظيم داعش يمتلك اشد وأعنف المقاتلين على وجه الارض ـ قال عنه ذات مرة احد الاسرى الذي استطاع الهرب منهم ـ إنهم ومن شدة رغبة المقاتلين بالعمليات الانتحارية ـ كانوا يقيمون مسابقات فيما بينهم والفائز يحظى بشرف القيام بالعملية.

وفي المقابل نجد ان الجيش الوطني تعصف فيه الطائفية والفساد، ولا يحظى بالقبول في بعض المناطق السنية ويعامل على انه جيش احتلال، وكذلك الجيش هو الآخر ينظر لبعض الأهالي على أنهم أجانب.

اكثر من عام والمناطق السنية تغلي غضبا من سياسية المالكي حتى ان الكثير من المواطنين ومن شدة يأسهم من الوضع السياسي في العراق، قاطعوا الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وكان الاهالي فقط بحاجة الى من يفجر ثورتهم ـ ولذلك كانت عمليات داعش الاخيرة وهرب الجيش الحكومي بمنزلة المشجع على اعلان حالة التمرد على سلطة المالكي وطائفيته يحاول المالكي جاهدا ان يصبغ التمرد السني بصبغة الارهاب وتنظيم داعش، ليتمكن من رص صفوف الشيعة وتقوية مركزه السياسي بينهم، والسعي لتمديد ولاية حكومته المنتهية، والحصول على دعم أميركي وغربي للقضاء على خصومه من الطائفة السنية.

ختاما ـ الكل ضد المالكي ـ بقايا البعث والجماعات الاسلامية والعشائر ـ جنبا الى جنب يقاتلون جيش وحكومة المالكي الطائفية، وعلى المجتمع الدولي ان يميز بين ثوار العشائر وبين مقاتلي داعش، بين من يقاتل من اجل الحرية ، ومن يقاتل لأجل الارهاب ومن الممكن ايضا ـ ان المالكي قد ترك (داعش) تنتصر على قواته ـ ليحقق احد الامرين ـ اما ان تقضي داعش على قوات العشائر وتضعفها ـ الامر الثاني حتى لو انتصرت العشائر على داعش او انسحبت من نفسها ـ سيستخدمها المالكي كعذر لضرب التمرد الشعبي ضده.

ملاحظة: عندما كانت المعارضة السورية تحقق الانجازات في رمضان الماضي، تمت اكبر عملية تهريب للسجناء في العراق خرج فيها حوالي 2000 مقاتل من القاعدة، انشؤوا تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام، ودخلوا على خط القتال في سورية، وماذا حدث؟ شوهوا سمعة الثورة السورية، وقاتلوا الثوار كما تفعل قوات النظام.

 

عادل عبدالله المطيري

الحكومة الحارقة

لا يمكننا أن نتصور ان كل البرلمانات السابقة كانت على خطأ بينما وحدها الحكومة هي التي على حق منذ مجلس الأمة المبطل الأول حيث كانت المعارضة تسيطر على أغلبية مقاعد البرلمان وكانت متعاونة إلى أقصى مدى مع الحكومة بل منسجمة تماما معها ـ حيث كانت الأغلبية توفر الحماية للحكومة وخصوصا رئيسها مقابل تحقيق برنامج عمل الأغلبية الإصلاحي على حد وصفهم. ماذا حدث للأغلبية بعد بضعة اشهر؟ تم ابطال البرلمان وتغير قانون الانتخابات وخسرت الحكومة الأغلبية البرلمانية التي تحولت إلى معارضة شرسة خارج البرلمان بعد مقاطعتها للانتخابات.

جاء المجلس المبطل الثاني بعد الانتخابات الجديدة التي جرت على أساس الصوت الواحد ـ نجحت كتلة شيعية كبيرة مكونة من 17 نائبا بعد مقاطعة أغلب الكتلة السياسية والاجتماعية للانتخابات ـ وكانت الكتلة الشيعية سعيدة بهذا العدد الهائل من النواب، ودعمت الحكومة من أجل بقاء البرلمان مدة طويلة لتحقيق مكاسب للكتلة ـ وكذلك فعل النائب علي الراشد حين دافع عن الحكومة في أضعف حالتها عندما واجه معارضة شعبية هائلة لقانون الصوت الواحد، ماذا فعلت الحكومة بحلفائها الجدد ـ تم حل البرلمان الجديد ايضا بعد بضعة اشهر وتقلصت الكتلة الشيعية بشكل كبير جدا ـ وخسر النائب علي الراشد مقعد رئاسة مجلس الأمة التي كافأته الحكومة فيه مؤقتا.

من الواضح جدا أن الحكومة وبسياساتها المتغيرة جدا ـ سرعان ما تنقلب على حلفائها وبدون أسباب مقنعة، حتى في مجلس الأمة الحالي خسرت الحكومة فيه مجموعة كانت إلى وقت قريب تدافع عنها ـ مثل النائب صفاء الهاشم التي فضلت هي ورهط من النواب الاستقالة من البرلمان وربما يستمر مسلسل الاستقالات النيابية.

ختاما ـ من الصعب جدا على أي حكومة في العالم أن تتحمل نتائج 3 انتخابات برلمانية في عام واحد ـ نتج عنها 3 مجالس مختلفة من حيث التركيبة السياسية ـ مما اظهر الحكومة بتعاملها مع البرلمانات الثلاثة بمظهر المتناقض ـ فلكل برلمان تحالفاته وظروفه ولكل انتخابات ضحاياها ـ كما ان قصر عمر البرلمانات لم يعط مجالا للحكومة لتوطيد علاقاتها مع النواب ـ كل ما سبق أنتج حالة من عدم الاستقرار السياسي بدت فيه الحكومة وكأنها «الشمس» تحرق كل من يقترب منها دون تمييز بين موال او معارض.

الخلاصة: الخطأ ليس من الحكومة الحالية ولا من المعارضة وحتما ليس من الموالاة، فالجميع وضعوا في مأزق لا يستطيعون ان ينجحوا فيه.

 

 

عادل عبدالله المطيري

فولتير الكويتي

فولتير – هو مفكر واديب فرنسي – من اشهر رموز الليبرالية واكثرها جدلا خصوصا آراءه ضد الدين والديموقراطية، وبالتأكيد لن أتحدث هنا – عن فولتير الفرنسي فالجميع يعرفه ـ بل عن نسخته الكويتية المقلدة ـ واقصد بذلك «الليبرالي الكويتي» الذي يسخر دائما من تخلف المحافظين ويحاول جاهدا مصادرة خياراتهم المتمثلة في إلزام انفسهم بمعتقداتهم الدينية ـ وفي المقابل تجد فولتير الكويتي يستميت دفاعا عن الحريات الخاصة كما يفهمها هو ـ ويحاول فرضها على المجتمع ككل.

فولتير الكويتي هو كل شخص يرى وجوب مشاركته في عملية اتخاذ القرار السياسي دون ان يقوم بواجباته المالية اتجاه المجتمع ـ وبخلاف ما هو معمول به في الديموقراطيات الليبرالية حيث يتحكم دافعو الضرائب في القرار السياسي

بإمكان النسخة الليبرالية الكويتية ان تغض النظر عن كل المشاريع ولا تعتبرها هدرا للمال، بينما تعارض وبشدة علاوة ببضعة دنانير للموظفين كزيادة علاوة الأبناء لأنها برأيهم ستأتي بكارثة اقتصادية

الليبرالي الكويتي لا يعرف من مبادئ الليبرالية إلا الشكليات والسلوكيات الشخصية ـ أما الحريات العامة فلا تعني له شيئا ـ لذلك يمكنه ان يتقبل تقليص عدد أصوات الناخبين وبلا جدال، ولا يتقبل منع اقامة حفل غنائي او كتابا مثيرا للجدل.

بالرغم من الأجواء السياسية المشحونة التي مرت بها البلاد ومازالت ـ وطرح اغلب التيارات رؤيتها للاصلاح السياسي بما فيها التيارات الاسلامية ـ يبقى الليبراليون بلا صوت او بصوت خافت جدا عند الحديث عن الاصلاح والديموقراطية.

يبدو ان مشكلة الليبراليين في الكويت تكمن في ان «قادة الليبرال» هم من كبار التجار ـ وبالتأكيد بعض هؤلاء لا يهمهم ان تكون القوانين الجديدة متجهة نحو مزيد من الحريات او العكس ـ بقدر ما ان تكون محملة بمزيد من الاموال الى جيوبهم.

وربما شكل المنبر الديموقراطي الاستثناء الوحيد من القاعدة حيث لاتزال ليبراليتهم نقية ولم تتلوث، وباتوا هم الملاذ الاخير لليبرالية الحقة في الكويت.

ختاما – كان الليبراليون من أمثال الخطيب والربعي والقطامي في اوائل صفوف المطالبين بالمزيد من الحريات وكانوا اكثر السياسيين شراسة في الدفاع عن الدستور ولم يغيبوا أبدا عن اي حراك سياسي كويتي ان لم يقودوه – بينما الجيل الحالي من الليبراليين هم في الصفوف الاخيرة للحراك السياسي هذا ان اهتموا أصلا او حضروا، اخيرا عندما نتحدث عن الليبرالية ليس اعجابا بها، بل مجرد نقد لمن يدعيها.

 

عادل عبدالله المطيري

برلمان الشطب الكويتي

قولوا عنها ما شئتم وامتدحوها كيفما شئتم، ولكن لا تسموها بالديمقراطية ولا حتى تنسبوها لها ، لأن ما نمارسه في الكويت لا يتناسب مع مفاهيم الديموقراطية الأساسية، فلا تداول للسلطة وأقصد بالطبع الحكومة، ولا تمثيل حقيقيا لمكونات الشعب وأوزانها السياسية وطموحاتها لا في البرلمان ولا في الحكومة.

ربما شارك بعض المواطنين المترددين في الانتخابات الأخيرة بعد ان قاطعوا الانتخابات الاولى التي جرت على أساس الصوت الانتخابي الواحد، لأنهم اعتقدوا ان مقاطعتهم جاءت بمجلس امة سيئ لا يمكنهم ان يتحملوه، لذلك انتخبوا وحاولوا ان يعدلوا من المخرجات، ولكن للأسف في الأمس القريب انصدموا بتصريحات بعض النواب واتهامهم لبعض بالرشاوى. والمصيبة الكبرى هي العادة السيئة لهذا البرلمان والمتمثلة في شطب الاستجوابات بطريقة لم يسبقهم إليها احد، تعليقات بعض النواب المؤيدة لشطب الاستجواب كانت اكثر مأساوية من الشطب ذاته.

احد النواب يعلل موافقته قائلا انهم (ويقصد النواب) لا يريدون ان يحولوا الاستجواب للمحكمة الدستورية لتنظر في دستوريته لانشغالها بأمور كثيرة ولذلك نحن حكمنا على الاستجواب.

ونائب آخر يؤكد عدم دستورية الاستجواب.

الخلاصة: هل من الديموقراطية ان يصوت الوزراء وهم ليسوا منتخبين على شطب الاستجوابات؟ اصبح بإمكان 16 وزيرا معينا وليس منتخبا ومعهم أقلية برلمانية ان توقف أي مساءلة مستحقة للحكومة.

ختاما: البرلمان الكويتي وبممارسته الأخيرة اثبت انه مجلس غير ديموقراطي ـ وهو قريب لمجالس الشوري الا ان أغلب أعضائه لا يملكون المؤهلات العلمية لذلك ـ اذن هو مجلس لا يشبه الا نفسه ـ هو مجلس الصوت الواحد، حيث بإمكان الأقلية ان تحكم الأكثرية.

عادل عبدالله المطيري

المعارضة والمشروع الوطني

أفضل ما كتبته أنامل الكويتيين وخطته أقلامهم هو مشروع الإصلاح السياسي، عصارة أفكار شباب الحراك وشيبهم، طالبنا به منذ بداية الحراك وكتب وغرد حوله اغلب المغردين والناشطين السياسيين في الكويت منذ انطلاق الحراك في أواخر عام 2011.

المشروع خطوة متقدمة ونقلة نوعية نحو آفاق جديدة للديمقراطية الحقيقية حيث يتم فيها تداول السلطة التنفيذية ـ وإنشاء الأحزاب السياسية ـ وتتمتع السلطة القضائية فيه بمزيد من الاستقلالية.

لقد لفت انتباهي في مشروع الإصلاح السياسي للائتلاف انهم حاولوا جاهدين السعي الى تحقيق الاستقرار السياسي للسلطتين التنفيذية والتشريعية ـ فكان مقترح التعديلات الذي يفرض على الحكومة ان تحصل على ثقة البرلمان قبل مباشرة عملها، وان تتشكل من الأغلبية البرلمانية ـ واما من ناحية استقرار البرلمان فحرصت المعارضة على تشديد إجراءات حل البرلمان فلا يكون إلا في دور الانعقاد الأخير وتحت مسمى الانتخابات المبكرة، من المستغرب ان اغلب التيارات السياسية تدعم مشروع الائتلاف إلا التيارات الليبرالية، حيث تقف موقفا سلبيا وانتهازيا من الإصلاحات المقترحة، لأنها تخشى أن تؤدي إلى سيطرة الإسلاميين على الحكومة، وليقينهم ان الشارع الكويتي محافظ ولا يميل لليبرالية والعلمانية.

في الحقيقة، ليس المهم أن يتوافق الائتلاف على مشروع للإصلاح السياسي بل الأهم من ذلك ان يتوافقوا على خارطة طريق يتمسكون بها حتى يصلوا إلى تحقيق إرادتهم، فالهدف كبير وبحاجة الى وسائل كبيرة لتحقيقه.

ختاما ـ مشكلة المعارضة في انها تركت الشارع والساحات وقد كانت تعج بالمتظاهرين، وانزوت في الدواوين مدة ليست بالقليلة، فسّرها البعض بتفسيرات سيئة ـ والآن هي بحاجة إلى معجزة لتحريك الشارع بنفس الزخم السابق، ولكن الحكمة تقول «ان تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا».

 

عادل عبدالله المطيري

اليمن بين القاعدة والحوثيين!

الدولة في اليمن او ما تبقى منها تعاني أبشع صور الاقتتال الداخلي ـ فالشعب اليمني يعيش بين نارين، نار التطرف الشيعي المتمثل بالحوثيين، ونار التطرف السني في الجنوب حيث القاعدة وتنظيمها.

من سوء حظ اليمن ان الدولة تقاتل ابشع المتطرفين السنة والشيعة معا.

فهناك بعض الدول العربية التي تعاني من صراع مع احدى المنظمات الدينية المتطرفة وعادة ما تكون من مذهب اسلامي واحد، أما في اليمن فقد اجتمع كل ارهاب المذاهب فيها.

من المؤكد ان الدولة اليمنية اخطأت في السابق بتضييقها على أتباع المذهب الزيدي وأخطأت اكثر عندما سمحت بتحول تجمعهم الطائفي إلى حزب سياسي بعد الوحدة اليمنية، وربما ارتكبت الدولة الجريمة الكبرى بعد هذا كله ـ عندما استعانت ببعض قادة العرب الأفغان من اليمنيين وأدخلتهم ضمن قواتها العسكرية من اجل ضرب خصومها الحوثيين في الشمال وابناء الحراك في الجنوب.

بكل جدارة اصبح اليمن يتصدر قائمة الدول الفاشلة ـ تلك الدول التي فقدت السيطرة على أقاليمها ولم تعد تحتكر حق استخدام العنف المشروع على أراضيها.

ولو طبقنا مفهوم ومواصفات الدولة الفاشلة على حالة اليمن اليوم ـ لوجدنا أن الحوثيين يمتلكون القوة العسكرية التي مكنتهم من الاستيلاء على أغلب مدن الشمال، بعد ان قتلوا وشردوا أهلها حتى وصلوا إلى العاصمة صنعاء.

اما الجنوب اليمني فانه ليس بأفضل حالاً من الشمال ـ فتنظيم القاعدة سبق ان اعلن دولته قبل اشهر قليلة على اجزاء من مدن الجنوب (شبوة وأبين)، وبالكاد استطاعت الجيش اليمني تحريرها من ايديهم، وما زالت القاعدة تقتحم القواعد والمنشآت العسكرية الحكومية وتقتل وتغنم من الأسلحة والعتاد، ناهيك عن محاصرة مدن الجنوب كمدينة عدن عاصمة الجنوب.

الخلاصة ـ اليمن هو عالم إسلامي مصغر حيث يتقاتل الشيعة والسنة فيه ـ بينما تغرق الدولة الرسمية بالفساد، والاهم ان نتيجة الصراع الدامي فيه سينعكس على كل بلدان الجزيرة العربية، سواء انتصر الحوثيون او القاعديون او الدولة، لذلك يجب ان نهتم كخليجيين بذلك الصراع كاهتمامنا بالثورة السورية واكثر ـ ويجب ان ندخل بكل قوتنا لصالح الدولة اليمنية والشعب اليمني ضد المتطرفين السنة والشيعة معا.

 

عادل عبدالله المطيري

الزحمة يا معالي وزير الداخلية

يعتب علينا كثير من القراء والمتابعين اننا نتحدث في الأمور السياسية ولا نلتفت للأمور الأكثر أهمية، والتي تمس حياة المواطن اليومية، لذلك ستكون هذه المقالة عن مشكلة ملحة ومزمنة وتواجهنا كل يوم، ولا يكاد يسلم منها لا غني ولا فقير ولا أهل المناطق الخارجية أو المناطق الداخلية باستثناء الوزراء وما فوق وهي بالطبع الأزمة المرورية الخانقة، وهي بصدق خانقة لأنها ستخنقك اما في داخل سيارتك او ان ترغمك على الاختناق في البيت ولا تغادره، وزارة الداخلية هي المعنية بهذه الكارثة المرورية، حيث لا نستطيع ان نذهب الى أعمالنا ومراجعاتنا ناهيك عن الخروج للتنزه دون ان نعاني من آثارها المدمرة، لذلك سيكون خطابي موجها إلى معالي وزير الداخلية، لأنه المعني بالمشكلة والأقدر على الحل.

أولا: لتعلم معاليك ان المشكلة المرورية لا تكمن في قصور بشوارعنا ولا بكثرة أعداد المركبات فيها، فدول أخرى لديها شوارع أصغر ومركبات أكثر ولا تعاني من هذه المشكلة، إنما تكمن مشكلتنا المرورية في عملية تنظيم الطرق.

فالحقيقة المؤلمة، يا معالي الوزير، ان طرقنا السريعة تشلها مخارجها، حيث تتراكم السيارات انتظارا للدخول بها، فهل من المعقول ان تكون بداخل مخارج الطرق السريعة إشارات مرورية بل وتقاطعات لـ 4 جهات تحت جسر واحد؟!

أتمنى من معاليك دراسة إلغاء بعض المخارج ليكون بعضها للخروج فقط وأخرى للدخول فقط من الطريق السريع، ومن ثم يكون الالتفاف للجهتين اليمنى واليسرى دون توقف طبعا بعد إلغاء الإشارات المرورية تحت الجسور، وبذلك لن تجد تراكم السيارات بالطرق السريعة وستختفي الزحمة منها نهائيا، وستنتقل الزحمة للطرق العامة بين المناطق وبالطريقة نفسها ستعالج المشكلة.

بالطبع هذا الحل ممكن لكثرة مخارج الطرق السريعة والتي لا تبعد عن بعضها بأكثر من كيلومتر، وربما يطول المشوار على السائق بضعة كيلو مترات ولكنه سيكسب الوقت ولا يهدره بالتوقف الطويل.

ختاما: معالي وزير الداخلية، أتمنى ان تكون (الأزمة المرورية) الهدف رقم (واحد) لدى معاليك، ولو استطعت حلها فستدخل التاريخ الكويتي بأعظم إنجاز حضاري وقبلها ستدخل قلوب أبناء وطنك الذين سيدعون لك ليل نهار.

عادل عبدالله المطيري

الإخوان وقعوا في الفخ

في مصر وأجزاء كبيرة من الوطن العربي هناك من يحاول أن يجعل الإخوان عدوا للدولة والمجتمع، فالقرارات الذي اتخذت ضد جماعة الإخوان المسلمين كانت قاسية جدا، وستحول الصراع من المستوى السياسي إلى المستوى الأمني.

فقرار حظر جماعة الإخوان المصرية والذي تبعه أخيرا حظر قضائي مصري آخر لحركة حماس الفلسطينية، وكذلك اتخاذ بعض الدول الخليجية قرارا يحظر جماعة الإخوان المسلمين ويصفها بالجماعة الإرهابية المتطرفة، كل تلك السياسات لن تقضي على الإخوان، بل ستحولهم فقط من العمل السياسي الى العمل السري.

ومن المؤكد أن الإخوان سيتعرضون في المرحلة القادمة للقمع الأمني وستكون هناك ردة فعل لبعض منتسبيها كاللجوء للعنف المضاد، وبذلك نكون قد عدنا مرة أخرى إلى أخطاء الماضي والتي كلفتنا كثيرا ولم تحقق الهدف في النهاية، فالتاريخ العربي وخصوصا المصري وفي حقبة حكم عبدالناصر حيث تعرض الإخوان للقمع والعنف، ماذا حدث؟

اعتنق بعض الإخوان ممن تعرضوا للعنف القاسي جدا ـ الأفكار التكفيرية ـ واستخدموا الإرهاب ضد الدولة، فكانت حقبة تاريخية مظلمة، تجددت في الثمانينيات من القرن الماضي في اواخر ايام السادات وبداية حكم حسني مبارك، حيث استخدم العنف مرة أخرى ضد الإخوان ككل وليس المتطرفين منهم والذين انشقوا عن الإخوان وأنشأوا «الجماعة الإسلامية».

وبعد كل هذا «العنف والإقصاء» رحل جمال عبدالناصر والسادات وحسني وبقيت جماعة الإخوان اكثر الأحزاب تنظيما وشعبية بين أحزاب مصر جميعا.

العنف والإقصاء لم يكونا حلا ولن يكونا، وبالرغم من اخطاء الإخوان السياسية واندفاعهم للحكم، وسقوطهم في فخ حكم مصر بعد الثورة بإيعاز من أعداء الداخل والخارج الذين زينوا لهم الحكم ومن ثم اظهروهم بمظهر غير لائق ديموقراطيا، الا ان الإخوان وبنهاية الأمر أخطأوا بتشبثهم بالحكم، فلو تركوه قليلا لطالبهم الشارع بالعودة عندما يرى «الفلول» تعاود نشاطها السياسي في مصر.

ختاما، كل الأحزاب والتكتلات في العالم تسعى للحكم، بل هو هدفها الأساسي وهو هدف سام ومشروع، وليس عيبا ان يسعى «الإخوان» كغيره للحكم او ما يسمح به الدستور من تداول للسلطة، ففي مصر وبعض الدول العربية الكل يستطيع ان يترشح للحكم الا الإخوان.

وفي بعض الدول الخليجية ايضا الكل يسعى للاستيلاء على مقاعد البرلمان والحكومة وهذا هدف مشروع إلا الإخوان المسلمين.

أليس من الخطأ محاكمة النوايا، ومن ثم المعاقبة قبل ارتكاب الفعل المجرم؟!

وكان حريا بمن يعتقد ان الإخوان فصيل سياسي سيئ ان يتركهم في الحكم قليلا ليرى الناس فسادهم ويغيروهم بالوسائل السلمية كالانتخابات، لا ان يستخدم العنف بداية ضد الإخوان لأن ذلك سينعكس سلبا على المجتمع مستقبلا.

الخلاصة: نحن صنعنا «القاعدة» لمحاربة أعدائنا والآن تقاتلنا ونقاتلها، ونحن من نضيق على «الإخوان المسلمين» لنصنع منهم «الأعداء المسلمين» لنقاتلهم ويقاتلوننا. 

عادل عبدالله المطيري

بوتين والشقراء الأوكرانية

على الإطلاق لم يكن الصراع السياسي في جمهورية أوكرانيا جديدا، بل تعود جذوره إلى ما يسمى (بالثورة البرتقالية) التي انطلقت في أواخر نوفمبر 2004، احتجاجا على الفساد الذي شاب انتخابات الرئاسية آنذاك.

وكان طرفا النزاع السياسي آنذاك هو الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي للروس، والطرف الآخر هي الزعيمة يوليا تيموشينكو وحليفها شينكو.

زورت الانتخابات الأوكرانية في عام 2004، وخرج المتظاهرون الى الشوارع وطعنوا في نتائج الانتخابات الرئاسية واستطاعوا تسلم زمام السلطة.

ولكن كعادة الثوار بدأ النزاع بين حزب الزعيمة يوليا والرئيس الجديد شينكو وفقدا الكثير من شعبيتهما حتى جاءت الانتخابات الجديدة والتي حسمت لصالح غريمهما (يانوكوفيتش) الذي انتقم بدوره من (يوليا) شر انتقام ولفق لها تهمة فساد تعود للتسعينيات عندما كانت تمارس التجارة وأودعها السجن!

وحتى في الأزمة الأخيرة تستمر نفس اسماء اللاعبين الأساسيين – يانوكوفيتش مقابل يوليا – ولكن هذه المرة القوة مع يوليا، حيث استطاعت الاغلبية البرلمانية الموالية لها من ان تصدر تعديلا على قانون الجزاء استفادت منه وخرجت من سجنها لتقود الشارع ضد خصمها الذي عزله البرلمان من منصبه ايضا!

الشارع الأوكراني مازال منقسما بين اغلبية تؤيد الاتفاقية التي ستدخلها ضمنيا مع اوروبا، وبين اقلية ترفض ذلك وتأتمر بأمر الروس بقيادة الرئيس المخلوع!

السؤال المطروح هل تستطيع الشقراء الأوكرانية يوليا تيموشينكو ان تهزم بوتين ورجاله في كييف؟

يعلم الأوروبيون والأميركيون انها هي الوحيدة التي تستطيع قيادة المعارضة في وجه الروس، فهي بحق كانت ملهمة الثورة البرتقالية سابقا.

ولكن هل يقبل الروس بسقوط دولة ملاصقة لها في نفوذ الغرب، وما مصير اهم قواعد الاسطول البحري الروسي في شبه جزيرة القرم التابعة حتى الآن لجمهورية أوكرانيا؟

ختاما – تدرك روسيا التوجهات الشعبية في أوكرانيا والتي تؤيد الانضمام الى أوروبا ولكنها تصعد الأمر عسكريا للوصول إلى الحد الأدنى وهو انفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا لضمان سيطرة البحرية الروسية على البحر الاسود.

يدرك بوتين جيدا الحكمة القديمة التي تقول (في الأزمات ابحث عن المرأة) والمصيبة الأكبر عندما تكون المرأة شقراء وتلف جدايلها بطريقة محترفة كما تلف خصومها السياسيين على انفسهم حتى يتساقطوا.