عادل عبدالله المطيري

مشايخ الديموقراطية

ربما استطاع المجتمع الكويتي التخلص من سلطة المشايخ التقليدية (القبلية ـ الدينية ـ المهنية)، فلم يعد شيخ القبيلة زعيما سياسيا كما كان في السابق، وأيضا تراجعت أهمية مشايخ الدين وقداستهم، مع كثرة الطوائف والملل، وحتما لم يعد في العصر الحالي مشايخ للمهن يحتكرون التجارة كما في الأيام الخوالي.

ولكن مع الأسف، وبعد كل هذا التطور السياسي والانجاز الحضاري والتاريخي، أصبحنا نقع فريسة لمشيخة جديدة ومن نوع آخر، وهي مشايخ الديموقراطية، حيث تتحول فيها «عضوية» مجلس الأمة إلى نوع من المشيخة، يكون فيها حضرة «النائب» سيدا لقراراته ومحتكرا لمنصبه، وليس ممثلا لشعبه وناخبيه.

من الخطأ ان يسعى بعض النواب وبكل جهد إلى احتكار الديموقراطية لأنفسهم، ناسفين مبدأ تكافؤ الفرص، فنجدهم يشجعون على الانتخاب والديموقراطية ولكن فقط على الطريقة الكويتية البدائية، حيث لا أحزاب ولا قوائم ولا برامج انتخابية، ليكونوا بعد ذلك نوابا في البرلمان، ودون منافسة انتخابية تذكر، وبدون التزامات مسبقة أيضا.

إلى متى ونحن نصوت لهم؟! وبغض النظر عن مدى التزامهم بالمسؤولية واحترامهم للعمل البرلماني وأمانتهم، فهم في نهاية المطاف يتخذون قراراتهم البطولية التي تؤثر على المجتمع ككل، وفقا لقناعاتهم الشخصية، وبنفس الطريقة التي يتخذون بها قراراتهم الفردية أو الأسرية.

إنهم لا يشاورون ناخبيهم بقراراتهم، بل ان بعضهم لا نراهم إلا بالإعلام، أليس لنا حقوق عليهم؟!

تطالب المعارضة بتداول السلطة التنفيذية مع الأسرة الحاكمة، وهم (النواب) في حقيقة الأمر لا يسمحون لنا نحن (عامة الناس) بتداول السلطة التشريعية معهم!

هل تعلمون ان اغلب مرتادي ساحة الإرادة من المعارضة، لا يؤيدون أصلا فكرة إنشاء الأحزاب أو أي مشروع لتطوير الحياة الديموقراطية؟! فكل همهم هو المحافظة على مكاسبهم الشخصية واحتكار العضوية لأنفسهم، بل وتوريثها لأبنائهم وإخوانهم كما فعل البعض!

يامشايخ الديموقراطية ويا رموز العمل الديموقراطي، بدون الأحزاب السياسية، انتم تتحولون إلى مسخ ديموقراطي سيئ، وتنحرفون عن التقاليد الديموقراطية، فلابد من تمكين المجتمع بكل فئاته من المشاركة السياسية الفعالة، عن طريق النقاشات الجدية بين النواب والمواطنين في الجمعيات العامة للأحزاب السياسية ولجانها العاملة، وليس في الشوارع (حوارات الإرادة)!

عندئذ سيشترك الجميع في صنع القرار، ولا يحتكره القلة، وهذا مبدأ ديموقراطي أصيل لا جدال فيه.

عادل عبدالله المطيري

النخبة المرتزقة

يتسيد المشهد السياسي الكويتي مجموعة من الفاعلين ملأوا الدنيا ضجيجا لا جدوى منه، يحسبهم البعض علي النخبة وهم ابعد مايكونون عنها، فأكثر الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام وحتى بعض الأكاديميين هم في الحقيقة نخب سياسية موالية وغير مستقلة.

من المؤسف أن يتحول النخبوي من باحث عن الحقيقة وناقد منصف للأوضاع من حوله، إلى مجرد مشجع لطرف من أطراف المعادلة السياسية كما هو الآن.

فالحكومة لديها فريقها الخاص بها أو (نخبتها السياسية) التي تدافع عنها وتنتقد معارضيها بعنف، شكلتهم من أشخاص لا علاقة لهم بالنخبة ومواصفاتها أصلا، هم اقرب إلى المرتزقة من النخبة. والحكومة أجبرت على اختيارهم، لأنها لن تجد سواهم يمكنه التطوع الدفاع عنها، خصوصا بعد كل الإخفاقات والفشل الحكومي.

كذلك المعارضة وعلى مختلف مشاربها مارست التكتيك الحكومي نفسه، من حيث إنها أنشأت نخبة سياسية تمارس الهجوم على خصوم المعارضة وتسوق أفكارها في المجتمع، ولكنها ربما اختارت أسماء أقل سوءا من اختيارات الحكومة.

في المحصلة النهائية، غابت النخبة السياسية المستقلة والتي تقوم بدور كبير في الإصلاح السياسي عن طريق إدارة النقاشات السياسية وتناول القضايا الرئيسية للمجتمع وطرح خياراتها وحلولها بكل حيادية، حيث إن النخبة السياسية المستقلة لا تتأثر بالحكومة وامتيازاتها ولا المعارضة وشوارعها المزدحمة بالجماهير.

وغاية النخب المستقلة عادة هي تثقيف المواطنين وترسيخ مفاهيم الديموقراطية ورسم طريق الإصلاح والتنمية بكل موضوعية وبتجرد من الهوى السياسي.

للأسف تتحول النخب السياسية في الكويت من ممارسة التنظير إلى احتراف التطبيل.

 

عادل عبدالله المطيري

جبهة حماية الدستور القديم

دستورنا قديم قدم الاستقلال، كان يعد إنجازا حضاريا في وقت المؤسسين الأوائل، وكان كل ما استطاعوا أن يحصلوا عليه بالتوافق مع السلطة آنذاك، وكانوا يأملون أن تأتي أجيال تستطيع ان تحصل على المزيد من المكتسبات الشعبية، لذلك وضعوا الآلية التي تحدد كيفية تطوير الدستور وشكل ونوعية التغيير، ولكن ترك الدستور دون تطوير، بل جمد العمل به سنين عديدة، حتى أصبح مع مرور الزمن وتعقد الحياة السياسية عبئا ثقيلا على كاهل الجميع، بل لا أبالغ ان قلت انه عبارة عن كتاب مليء بالرموز التي يصعب فهمها او ادعاء عدم فهمها، وبالتالي كثرت طلبات التفسير لنصوص الدستور.

بنود الدستور تناقض بعضها البعض، والصلاحيات فيه متناثرة بين أكثر من جهة ومتداخلة، تخيل ان الحكومة ومع نواب الأقلية يستطيعون شطب أو تأجيل الاستجواب (اي تعطيل مواد الدستور وعن طريق الدستور نفسه)!

السلطة التشريعية في الدستور هي أضعف السلطات على الرغم من انها تشكل عن طريق الشعب مباشرة، والذي هو مصدر السلطات واقعيا ودستوريا، حتى ان مشاريع القوانين التي يقرها مجلس الأمة تردها الحكومة ووفقا للدستور، وإذا طلب مجلس الأمة عدم التعاون مع رئيس الحكومة فسيحل البرلمان وفق الدستور أيضا، ويعاد رئيس الحكومة مرات عديدة!

دستورنا لا يستحق جبهة لحمايته بل لتطويره، إلى مزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية، وإعطاء الكثير من الصلاحيات للسلطة التشريعية الممثلة له.

عادل عبدالله المطيري

صفوا الأغلبية

(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ـ الحشر: 14).

فعلا هذه الآية الكريمة تنطبق على الأغلبية او المعارضة السياسية في الكويت، كنا نحسبهم موحدين في أهدافهم السياسية، عندما رأيناهم في مجلس 2012 المبطل، ولكن يبدو أنهم متفقون فقط على عدم العبث في قانون الانتخاب الذي نجحوا على أساسه ومختلفون في كل شيء.

شهدنا أكثر من واحد فيهم يرفض فكرة مشروع الأحزاب، وآخرين يرون أن الحكومة البرلمانية لم يحن وقتها، البعض يريدها دائرة واحدة والبعض الآخر متمسك بالدوائر الانتخابية الخمس.

نعلم جيدا الحقيقة المأساوية بأن الأغلبية أو المعارضة هي خليط من التيارات والأفكار السياسية والخلفيات الاجتماعية، فيها المستقلون وفيها منتسبو التجمعات السياسية المنظمة، ولكن هذا لا يبرر حتما كل تناقضاتها.

اجزم بأنهم في طريقهم إلى خسارة الشارع السياسي الذي لطالما راهنوا عليه، ذلك ان خلافاتهم السياسية باتت واضحة لا تخطئها العين، بل منهم من لا يتفق إلا على عدم المساس بالدوائر الانتخابية فقط.

ويبدو ان شباب الحراك السياسي الذي يحمل مشروعا وطنيا شاملا، بدأ يتساءل من جدوى دعم بعض افراد الاغلبية التي تتكسب منها ومنهم، وهم ابعد ما يكونون عن مشروعهم الإصلاحي.

وأرى أن الحل في أن تصفي الأغلبية نفسها، وتستبعد من لا يؤمن بأفكار الحركات الشبابية، ويبحث فقط عن التكسب الانتخابي، فقليل ثابت خير من كثير متغير.

عادل عبدالله المطيري

الأغلبية بلا سقف!

مع مرور الوقت وعدم حسم الأمور سياسيا ودستوريا لقضية الدوائر الانتخابية، ازدادت الساحة السياسية حرارة واقتربت من درجة الغليان.

بدأت الحكومة ورموزها تفقد ثقة الأغلبية التي كسبتها، وأصبحنا نسمع عبارات السخط والتهديد والوعيد تخرج من أفواه المعارضة باتجاه الحكومة ورئيسها، منذرة بتحول خطير في علاقة الأغلبية وسمو الرئيس!

فالمعارضة متمسكة بالنظام الانتخابي، وترفض أي تغيير عليه، وتعتبره بمثابة الانقضاض على الدستور وإرادة الأمة من قوى الفساد، التي بدأت تأثر على خيارات الحكومة وقراراتها، مما جعل الخطاب السياسي للأغلبية المعارضة من دون سقف.

من يعرف المعارضة وشخوصها يعلم جيدا أنهم يقرنون القول بالفعل، ولا يرتضون بالصفقات السياسية مقابل التنازل عما يؤمنون به، ولهم شعبية كاسحة في الشارع الكويتي.

وكان على الحكومة اتباع صريح الدستور والابتعاد عن المشتبهات الدستورية، خصوصا أن المحكمة الدستورية نفسها ـ أبطلت مجلس 2012 لسبب واحد فقط، وهو وبالتحديد بطلان الإجراءات ولم تتطرق إلى مسألة بطلان الدوائر الانتخابية رغم ادعاء الخصوم بها، الأغلبية أعلنت خصومتها للحكومة الحالية كاملة، وعقدت العزم على التصعيد بالمظاهرات والاعتصامات، ولن يقنعها القليل (مجلس الأمة) الذي حرمت منه، ولن ترضى إلا بالكثير (حكومة برلمانية)، وقد تخسر الحكومة الكثير من مكاسبها لأنها لم تتعامل بجدية وديموقراطية مع الشعب وممثليه.

عادل عبدالله المطيري

اتحاد اللصوص ووأد البرلمان!

يؤكد الكثيرون أن هناك اتحادا للصوص في الكويت يعمل بكل جد ـ سياسيا وقانونيا وإعلاميا لفشل الإصلاح السياسي وقمع الصحوة الديموقراطية، ويحكى أيضا انه اتخذ من «فيلا» مقرا رسميا له، ومن المؤكد أن جهود اتحاد اللصوص هذا ـ ستفشل أمام الأمواج العاتية للحراك الشبابي.

وأنا لا أشك أبدا في وجود مثل هؤلاء الفاسدين سواء كانوا في فيلا أو جاخور، وأخشى كثيرا منهم على الوطن والمواطنين، لأنهم بدأوا يعملون وفق المبدأ المدمر علي وعلى أعدائي، ولكن كلي إيمان راسخ في أن ساحة الإرادة ستكتسح كل الفيلات السياسية وعلى مختلف توجهاتها.. ولأن التاريخ وشواهده تؤكد على أن الشعوب إذا اجتمعت على شيء لا أحد يستطيع ثنيها عنه.

وكذلك الجغرافيا وخصوصا الجغرافيا العربية ترينا «بوفيها» مختلفا من الثورات العربية تتعدد نتائجها وتتوحد أسبابها.

بل حتى الطبيعة تعطينا دروسا وعبرا لمن يعتبر، ففي اليابان استطاع التسونامي وهو مجرد ماء، أن يتغلب على الطاقة النووية ويحطم محطاتها، أفلا يستطيع التسونامي البشري الكويتي إغراق نقابات الفساد النووية لدينا!

لقد كنت مستمتعا بالعزف السياسي والوطني المشترك بين مجلس امة 2012 وحكومة جابر المبارك لأجمل المقطوعات الوطنية، ولكن للأسف لم تدم طويلا، إذ فوجئنا بمن قاموا بكسر «عصاة قائد الأوركسترا» وأوقفوا العزف الجميل بحلهم لمجلس الأمة، وبدأوا بقرع طبول الفتنة وعزف موسيقاهم النشاز، بمحاولتهم تعديل الدوائر الانتخابية وتقليل عدد الأصوات.

هناك سؤال حير السياسيين في الكويت ولم يجدوا له جوابا: من المستفيد من تأزيم العلاقات الحكومية البرلمانية؟ ولماذا؟

عندما نسترجع شريط الأحداث الأخيرة نجد بعض الحقائق ومنها، أن الحكومة لم ولن تجد أفضل من العدو العاقل وأعني مجلس 2012 وخصوصا أنها جربت الصديق الأحمق مجلس 2009.

أما سمو الرئيس المبارك فقد جرب التفاهم والتعامل الراقي مع مجلس الأمة وقطف ثماره، وسبق أن رأى سموه نتائج التعالي والتسفيه من الحكومات السابقة تجاه البرلمان ونتائجها المأساوية، وبالتالي أستبعد أن تكون السياسات الأخيرة من حل المجلس وإحالة قانون الانتخاب يقف وراءها سمو الرئيس، ولكنه حتما سيتحمل نتائجها للأسف.

كذلك كان مجلس الأمة وأغلبيته متسامية على جروحها ومتعاونة مع الحكومة، حتى على مستوى الأشخاص، فنواب الأغلبية تجاهلوا سلوك بعض النواب المثيرين للجدل والسخرية معا، وركزوا على الانجاز وإقرار المشاريع التنموية، وحاولوا قطع الطريق على أعدائهم ولم يعطهم فرصة لحل مجلس الأمة على خلفية قضايا التأزيم، ولكنه بالرغم من ذلك صدموا بالحل مرة أخرى.

إذن لا المجلس ولا الحكومة مستفيدان من الوضع الحالي، فمن المتسبب في الأزمة ومن المستفيد؟

والحقيقة النهائية اننا في الكويت ـ لا أحد يعلم لماذا أو كيف أو متى، توأد مجالس الأمة، ولكن الكل يعلم أن سببها هو قلة الإيمان بالديموقراطية.

ختاما: إذا كان مجلس 2012 مجلسا مبطلا، فانه بعيون الغالبية من المواطنين هو مجلس بطل.

عادل عبدالله المطيري

مصلحة الأغلبية ومصلحتنا!

انقسم الشارع السياسي بين مؤيد ومعارض في مسألة تحويل الحكومة لقانون الانتخاب الي المحكمة الدستورية ـ سواء كان غرض الحكومة تحصين القانون من الطعون الانتخابية او من اجل تعديله اذا ثبت انه غير دستوري.

ومن المؤكد أن الأغلبية البرلمانية لمجلس 2012 تعارض ما قامت به الحكومة، وترى انه من المعيب عليها ان تزج بالقضاء مرة أخرى في الخلافات السياسية، كما ان الأغلبية تخشى ان يكون تحويل قانون الانتخاب الى المحكمة الدستورية مدخلا لتعديل الدوائر الانتخابية، وإعادة تفصيلها لتضمن الحكومة السيطرة على الانتخاب والتحكم بمخرجاتها للوصول الى مجلس امة مطواع لها.. مبررات الأغلبية منطقية ومخاوفها مشروعة ومطالبها اصلاحية، بالرغم من محاولة خصوم الأغلبية تصويرها بانها تبحث عن مصلحتها الشخصية ومكاسبها السياسية عن طريق الابقاء على الدوائر الخمس، وهذا ليس في محله، فقانون الانتخاب جاء برغبة شعبية و«حركة نبيها خمس» اكبر دليل علي ذلك، كما ان الأغلبية لا ترفض تعديل الدوائر الانتخابية ولكنها تريدها بقانون وليس بمرسوم ضرورة، والى الدائرة الواحدة ونظام القوائم كما هو معمول به بالدول المتقدمة ديموقراطيا، وبلا شك ترفض تقليص عدد الأصوات او تصغير الدوائر الانتخابية لأنها ستسهل سيطرة الحكومة على مخرجات الانتخاب ومن ثم على مجلس الأمة، وستعود ظاهرة «نواب الخدمات» وعلاقتهم المشبوهة بالحكومة، كما ان الدوائر الانتخابية الصغيرة والصوت الانتخابي الواحد سيكرسان الطائفية والقبلية وسيرجعانا الى الوراء.

اما موضوع إعطاء مجلس الأمة حق اعطاء الثقة للحكومة فور تشكيلها، فبرأيي المتواضع هو المخرج لمأزق عدم التعاون المستمر منذ سنوات بين البرلمان والحكومة.

الكل يسعى الى الاصلاح السياسي ولديه رؤية لذلك، وأتمنى ألا يصادر رأي الأغلبية فهي بالنهاية الممثل الشرعي لإرادة الشعب، والاصلاحات السياسية وكما يؤكد الخبراء وعلماء السياسة عند حديثهم عن عملية التحديث والتطور السياسي انها تستدعي دائما إعطاء السلطة التشريعية المزيد من الصلاحيات مقابل السلطات الأخرى، والعكس غير صحيح وغير ديموقراطي ايضا.

وختاما اذا كانت مصلحة الأغلبية الشخصية تتقاطع مع مصلحة الشعب في المحافظة على المكتسبات الدستورية والحصول على المزيد من الديموقراطية والحرية، فإننا سندعمهم حتى آخر المشوار..!

 

 

عادل عبدالله المطيري

أحاديث أولمبية

أنا لست رياضيا لا من حيث الممارسة أو المتابعة، ولكن أخبار اولمبياد لندن تفرض نفسها علينا، كما يحدث عادة في موسم نهائيات كأس العالم لكرة القدم.

فالاولمبياد بالرغم من أنها مسابقة رياضية بحتة، إلا أنها أصبحت منافسة بين الدول لإظهار نمط حياة شعوب العالم ومستوى تحضرهم، تبدأ المنافسة بين الدول على استضافة الحدث نفسه وصولا إلى المنافسة على حصد اكبر عدد من الميداليات الاولمبية.

تنفق الدولة المستضيفة مليارات الدولارات ولكنها حتما تسترجعها وعلى الفور، بل ربما تتضاعف أرباحها الاقتصادية على المدى البعيد، فاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى لها مردود على الإنتاج الصناعي والسياحي والعقاري للدولة المستضيفة، إذ يتسنى للزوار التعرف على الصناعات المحلية بكل أنواعها، وبالتأكيد سيعتادون أماكن التسوق ويألفون مطاعمها وفنادقها وسيحملون ذكرى جميلة ربما تجبرهم على إعادة الزيارة والتجربة مرة أخرى.

وبالعودة للحدث نفسه، تتباهى الدول بنجومها وقدراتهم العالية لأنها دلالة على مدى تحضر الدولة ورقيها، لذلك تولي الدول المتحضرة عناية خاصة بالرياضة والرياضيين، فنجدهم يشاركون بفرق اولمبية عديدة ليحصدوا ميداليات أكثر، يحضرون لاعبيهم جيدا ويعتنون بهم، فنجدهم يأتون بكل حلهم وحللهم، فالاهتمام لا يقتصر على الأداء بل يتعداه إلى الشكل أيضا.

أما نحن معشر العرب فللأسف، نأتي بأقل عددا وعدة، حيث نشارك بأقل فرق اولمبية ونخرج ان كنا محظوظين بميدالية واحدة.

يبدو أننا نحن العرب نسينا تاريخنا وعاداتنا، حيث يقال إن العرب قديما كانت لهم اولمبياتهم الخاصة (كسوق عكاظ)، حيث تأتي له الوفود العكاظية من كل صوب وحدب في جزيرة العرب، ركوبا على أحسن الدواب، محملين بأثمن البضائع، ويلبسون أجمل الملابس، يتنافسون بكل شيء كعادة العرب قديما، ولا يرضون إلا أن يظهروا بأفضل الصور.

لو كنا متمسكين بمبادئنا العكاظية، لحجزنا للاعبينا على الدرجة الأولى أو لحملناهم على طائرة خاصة، وأنزلناهم أجمل الفنادق، ولألبسناهم افخر الملابس، وزودناهم بأفضل المعدات الرياضية والبندقيات.

ولكن للأسف، بعثاتنا الكويتية للاولمبياد كانت متواضعة جدا، فلقد اركبوا لاعبينا الدرجات السياحية وربما كانت الرحلة ترانزيت.

ولم يعفوهم من زيادة الوزن في حقائب سفرهم الاولمبية، وكانت معداتهم الرياضية بدائية.

لكن في النهاية كل الشكر والامتنان للاعبينا في أولمبياد لندن، فلقد جادوا بما هو موجود وأكثر، وخصوصا الرامي فهيد الديحاني لحصوله على برونزية الرماية دبل تراب.

عادل عبدالله المطيري

فرقة ناصر عايد..

لم تتعرض فئة من فئات المجتمع الكويتي للإساءة – كما تعرضت قبيلة مطير الكريمة، لا لشيء سوى لمواقف أبنائها المشرفة والساعية للإصلاح السياسي، لم يخرج المنتمون لها إلا للصالح العام وضمن الحراك الشعبي، ولم يعرف المطران بأن لهم مواقف عنصرية او قبيلة، بل كانوا دائما سباقين للدفاع عن المكتسبات الوطنية وتحت شعارات سياسية تجمعهم مع كل أطياف المجتمع..

نواب المطران كانوا ومازالوا نواب للأمة جميعها، وهم من رموز العمل البرلماني ويعملون من خلال تجمعاتهم السياسية لا القبلية، اما شباب مطير فهم وقود الحراك الشبابي ولا فخر.

ولكل ما سبق كانت قبيلة مطير هدفا لسهام الفاسدين والمتضررين من محاربة الفساد، استهدفوا بداية – نوابها في مجلس الأمة وأساؤوا لهم ولعوائلهم، فلجوا إلى القضاء ومازال المفسدون أحرارا ويمارسون قذارتهم ضد النواب الشرفاء، بل وتمادوا إلى قذف كل قبيلة مطير بكل ما فيها من أفراد بالرغم من أنهم لم يكونوا خصوما لهم.

اشتكت القبيلة عن طريق نوابها ووجهائها إلى السلطة أكثر من مرة، ومع ذلك لم يرتدع الفاسدون من الاستمرار من ضرب القبيلة وقذفها.

ولذلك وبعد فشل القانون والوساطات لحل الأزمة المستمرة لسنوات، فلا تلوموا شباب المطران في اجتماعهم الأخير في الفحيحيل «لحسم الأمور» ويبدو ان كل شباب القبيلة يدعمون «فرقة ناصر عايد» للمهام الخاصة.

فهم مجموعة غير سياسية البتة، وهي كما أشيع عنها من أخبار التجمع – أن أغلب الحاضرين هم «أناس عمليون وليس سياسيين»، فالمجتمعون في الفحيحيل تعمدوا استبعاد النواب والسياسيين حتى لا تكون القضية قابلة للتفاوض مع الآخرين على حساب كرامة القبيلة.

والله يستر على المجتمع الكويتي، ويجب حسم الامور وتوجيه تهم أمن دولة للمسيء للمجتمع وفئاته، وعدم الاكتفاء بتهم إساءة استخدام الهاتف!

 

عادل عبدالله المطيري

لعنة الدوائر ومجلس الرعب

بالعودة الى الحكم القضائي الصادر من المحكمة الدستورية والذي أبطل مجلس امة 2012 ورد في منطوق حكم المحكمة رأيها او السبب الذي من اجله أبطلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو بالتحديد سبب واحد فقط لا غير – ان وزراء الحكومة كانوا مستقيلين ولم يتطرق حكم المحكمة الى أي أسباب أخرى أوردتها مقدمة الطعن صفاء الهاشم وهو على سبيل المثال لا الحصر ـ كبر حجم الدائرة الانتخابية وعدم المساواة في القوة التصويتية ـ وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان المحكمة الدستورية لم تهتم لهذا (الدفع القانوني) ولم تعلق عليه أصلا، وهذا اكبر دليل على ان حجة عدم المساواة في أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية – هي حجة غير قانونية ولذلك لم تستند اليها المحكمة الدستورية في حكمها الشهير والأخير الذي أبطل فيه الانتخابات البرلمانية لعام 2012 ومجلس الأمة بالتبعية..

اذن التحجج بعدم المساواة في القوة التصويتية لقانون الانتخاب، والحديث عن تحصين قانون الانتخابات بالذهاب للمحكمة الدستورية ـ هو كلام سياسي فارغ ـ لا يمت للدستور والقانون بصلة..

ولو سلمنا بعدم دستورية قانون الانتخاب الحالي جدلا، فعدم الشرعية ستطول ايضا مجلس امة 2009 لانه قائم على اساس قانون الخمس دوائر غير الدستوري.

ولو عدنا أيضا الى قانون الانتخاب الأقدم ذي الدوائر الـ 25 لوجدنا لعنة «عدم المساواة» تلاحقنا ايضا، فهناك دوائر انتخابية بعدد ناخبين لا يتجاوز الثلاثة آلاف، ودائرة أخرى بعشرة آلاف ناخب وكلتاهما لهما «نائبان في البرلمان».

عن أي مساواة يتحدثون، لا يمكن أن تحققوا العدالة بين الدوائر الانتخابية لا في العدد ولا في القرب الجغرافي، اذن لابد ان تعاد الانتخابات البرلمانية على أساس قانون الـ5 دوائر الحالي، ومن ثم فنتحول الى نظام الدائرة الانتخابية الواحدة بـ5 أصوات للناخبين ان لم يكن أكثر، لتتشكل أغلبية برلمانية متجانسة تستطيع ان تنجز وتحقق الأهداف التي انتخبت من اجلها.

فيلم مجلس 2009 الجزء الأخير: يبدو ان مجلس أمة 2009 سيدخل التاريخ السياسي من أوسع أبوابه، لكثرة الجدل السياسي والدستوري الذي أثاره بقاؤه وحتى رحيله، فهذا المجلس أصبح كفيلم الرعب الشهير saw كلما قلنا انتهى جزء ظهر له جزء آخر جديد.

كذلك المخرج السياسي لهذا الفيلم الرعب او المجلس الرعب 2009 أيضا يريد جزءا جديدا، تقسم فيه الحكومة الجديدة امام البرلمان لتكتسب الشرعية الدستورية، ربما تفهمت الجماهير ذلك، ولكن هناك تسريبات تؤكد ان السيناريو هذا تم تعديله لتضاف مشاهد جديدة ستثير الجدل وربما الريبة، كأن يناقش المجلس مشروعا لتعديل الدوائر الانتخابية.