عادل عبدالله المطيري

ائتلاف قوى المعارضة والأوتوبيس

في ديوانية واحدة تجلس مجموعة من الأصدقاء يختلفون في كل شيء بدءا من النادي الرياضي الذي يشجعونه إلى رؤيتهم للأوضاع الاقتصادية مرورا بكل الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة ـ إلا على الحكومة فإنهم يتفقون جميعا على معارضتها، فبنظرهم الحكومة لا تأتي بخير أبدا.

والغريب أيضا أن هؤلاء الأصدقاء يخرجون من ديوانية واحدة وبسيارة واحدة بهدف التظاهر في كل مسيرة مرخصة كانت أو غير مرخصة ضد الحكومة والأوضاع السياسية الحالية إلا أنهم «مختلفون كل الاختلاف» في مطالبهم ورؤيتهم لحل الإشكال السياسي وطريقة الإصلاح المنشودة.

أحدهم فقط يتمنى (عودة عصويد) الخمس دوائر الانتخابية وبأصواتها الأربعة ويرفض الأحزاب والحكومة الشعبية، والثاني يريد الحكومة ذات الأغلبية البرلمانية والثالث أكثر تطرفا منهم ولا تقل مطالبه عن الرئاسة الشعبية للحكومة، أما الأخير فيبدو أنه الأكثر شمولية، فيهم بحسب رأيي، فلا يريد إلا الدائرة الواحدة والأحزاب السياسية والمزيد من الاستقلال للسلطة القضائية.

في سيارة واحدة اجتمعت كل تلك الرؤى المختلفة – فكيف في الكويت وبمختلف أطيافها الاجتماعية والسياسية والدينية؟!

ربما لاتزال الحكومة تعتمد على حظها الجيد، فالحياة السياسية في الكويت غير منظمة، بسبب غياب الأحزاب السياسية، فالجميع يمارسون السياسية كهواية ولم يطبق الاحتراف السياسي إلى الآن، لذلك تتعدد المطالب وتتشتت الجهود ويفشل الحراك السياسي وتنتصر الحكومة!

في السابق وصف أحدهم المعارضة السياسية في السبعينيات والثمانينيات بأنهم مجموعة أفراد لا يتعدون ركاب باص صغير، ولو انقلب بهم الباص لانتهت المعارضة في الكويت!

أما الآن وبعد انتشار وباء المعارضة في كل أرجاء الكويت، فيجب على الحكومة ألا تعتمد على حظها هذه المرة، ويجب أن تتعامل مع المعارضة كأمر واقع، وتجتهد للوصول لحلول منطقية معها.

هناك بعض الأخبار من هنا وهناك، عن قيام المعارضة الكويتية بتنظيم نفسها تحت اسم «ائتلاف قوى المعارضة»، نتمنى منهم أن يعملوا وفق شعارات سياسية ووطنية واضحة، وأن يتفقوا فيما بينهم على حد أدنى من الأهداف المشتركة ليطرحوها أولا على الجمهور ويقنعوه بها، ومن ثم على الحكومة لكي تتفاوض عليها.

ولابد أن تستخدم المعارضة أسلوبا خطابيا راقيا وتبتعد عن لغة الشارع الخشنة وبعض الأهداف المستحيلة.

في الختام يجب انتقاد المعارضة السياسية كما ننتقد الحكومة، فهدفنا بالحالتين مصلحة الوطن والمواطنين.

 

عادل عبدالله المطيري

صقور المعارضة وحمائمها

لاحظ المشتغلون في دراسة عمل المؤسسات السياسية وطريقة اتخاذ القرار فيها، أن هناك تقسيما ممنهجا للأدوار فيما بين منتسبي تلك الكيانات السياسية، فتجد من منتسبيها من يجيد المفاوضات والطرح الهادئ للأفكار، وآخرون لا يجيدون إلا الدفاع عن المؤسسة السياسية وأفكارها وربما يمارسون الهجوم بشراسة على خصومها، والحقيقة أنه على اختلاف أدوار المنتسبين إلا أنهم يكملون بعضهم البعض من أجل تحقيق أهداف ذلك الكيان أو التجمع السياسي، خصوصا إذا ما حافظوا على درجة عالية من التنسيق.

لذلك أطلق المحللون السياسيون مصطلح «الحمائم والصقور» لتوصيف هؤلاء الأشخاص والتميز بين أدوارهم وسياساتهم. فالتيار المثالي والذي يعتمد التهدئة هم الحمائم ـ أما الحازمون في اتخاذ القرار والتمسك به، فيمارسون سياسية حافة الهاوية فهؤلاء بلا شك هم الصقور.

وأخذت هذه المصطلحات من السلوك الطبيعي لتلك الطيور ـ فالحمام مسالم ولا يحلق بعيدا، ويرهق بسرعة ويتوقف كثيرا قبل أن يصل لوجهته النهائية ـ أما الصقور فهي شرسة وجارحة، لا ترضى إلا بـ تحقيق هدفها، تحلق بعيدا جدا ـ ولا تكل ولا تمل حتى تنقض على غايتها المنشودة.

من هذا المدخل التحليلي سنستعرض مواقف تيار أو تكتل نواب المعارضة من الأزمة السياسية الحالية، خصوصا أن المعارضة الكويتية لم تتعرض طوال تاريخها لمثل تلك الأوضاع السياسية الحرجة بل والبالغة في الصعوبة والتعقيد كالتي نعيشها هذه الأيام، والتي تتطلب من المعارضة السياسية أن تتخذ بها مواقف أكثر جرأة مما سبق، فشباب الحراك السياسي الكويتي لا يرحم المعارضة بل ويحملها مالا تحتمل. لذلك انقسمت كتلة المعارضة الكويتية واقعيا إلى تيارين سياسيين لا ثالث لهما.

تيار «الصقور» وهؤلاء يريدون التحليق بعيدا في مواقفهم المتشددة، ويرون أن الحكومة تمادت في التعدي على الدستور حتى أنها اغتصبت صلاحيات البرلمان، وهؤلاء يؤيدون ممارسة الضغط الشعبي على الحكومة، فلذلك تجدهم يشاركون في المسيرات الشعبية المرخص منها وغير المرخص، والتي تدعو إلى إسقاط مرسوم الانتخاب وما ترتب عليه من مجلس أمة جديد.

ويبدو أن «الصقور» متوافقون جدا مع الحراك الشبابي والذي بدورهم ينظمون الوقفات الاحتجاجية في المناطق السكنية بعد أن منعوا من التجمع في ساحة الإرادة.

أما تيار «الحمائم» في المعارضة، فهو لا يختلف مع تيار «الصقور» في الأهداف – كأن ترجع الحكومة عن مرسومها وتحل مجلس الأمة الحالي، ولكنهم حتما يختلفون معهم بالسياسات المتبعة.

فتيار «الحمائم» لا ينظم ولا يشارك في المسيرات غير المرخصة، ويتقاعس عن الحضور بعذر أو بدونه عن المسيرات المرخصة.

كما أن تيار «الحمائم» لا يؤمن أصلا بالمسيرات الاحتجاجية في المناطق السكنية، ويؤكدون دائما على ضرورة التهدئة وضبط الخطاب السياسي المعارض وعدم التمادي في الخصومة مع السلطة، لذلك تجدهم ينتظرون بفارغ الصبر حكم المحكمة الدستورية في النزاع الدستوري القائم حول المرسوم والبرلمان، ويعولون كثيرا على الحل القضائي ويأملون خيرا.

من نافلة القول – ان كلا الفريقين بالمعارضة السياسية في طريقهما للفشل ـ فالصقور أو الاتجاه المتشدد – بدأ ينخفض صوته ويتشتت جهده – لأن الخطاب السياسي للمعارضة وصل إلى الذروة مبكرا ليصطدم بالسقف الأعلى المسموح به، ولم يعد أمامهم إلا اقتحام المجهول السياسي!

ويقابل ذلك أيضا فشل الحمائم في استثمار جهود الصقور وضغطهم المتواصل ضد الحكومة من أجل البدء في حوار سياسي مع السلطة للتوصل إلى حلول وسط.

فلقد كانت «الحمائم» أو تيار التهدئة في المعارضة ـ في قمة السلبية ـ بل كان ولايزال يسعي لخفض صوت المعارضة وسقفها دون أن يطرح البديل!

ويتناسون أن صلب نظرية الحمائم والصقور هو المحافظة على اعلى درجات التنسيق وتبادل المواقف واستثمار كل الجهود المبذولة بينهم، ولاشك أن التنسيق كان مفقودا بين الحمائم والصقور في الحالة الكويتية!

في النهاية: الحذر كل الحذر ليس من صقور المعارضة المحترفة سياسيا، ولكن من (عقبان) الحراك الشبابي ـ فهؤلاء أكثر شراسة وعلى فطرتهم الجارحة، ولم يألفوا القيود والأوكار – انهم يحلقون إلى أبعد مدى ـ وسيكون التعامل معهم أكثر صعوبة من الحمام والصقور!

 

عادل عبدالله المطيري

السلطة والمعارضة والحوار الوطني

هناك أنواع عديدة من المشاكل السياسية، بعضها بسيط جدا ولا يحتاج لأكثر من قرار لحلها، وهناك مشاكل سياسية معقدة ومركبة لا يمكن حلها بقرارات سياسية من جانب واحد، بل لابد من جلوس جميع أطراف المشكلة السياسية على طاولة حوار وطني شامل لإيجاد معالجات ومقاربات سياسية لحل الإشكال، ولا مفر من بعض التنازلات من هنا وهناك.

ومن المؤكد أن الأزمة السياسية التي نعيشها في الكويت الآن هي من النوع الآخر المعقد والمركب، فكل من طرفي الأزمة يرمي بالمسؤولية على الآخر، فالحكومة تجزم بأن البرلمان مؤزم ومعطل لأعمالها، ومجلس الأمة هو الآخر متيقن من أن سبب المشكلة يتلخص في الفساد الحكومي وعدم إيمانها بالديموقراطية!

ازداد الوضع تعقيدا بإصدار مرسوم قانون الانتخاب الجديد وما نتج عنه من برلمان جديد، قاطعت المعارضة السياسية الانتخابات واتهمت الحكومة بتزوير نتائج الانتخابات من أجل إظهار نسبة عالية للمشاركة الانتخابية!

ومع استمرار الاحتقان السياسي ازدادت مظاهر الاحتجاج السياسي، فتطور الوضع من مسيرات شعبية كل أسبوع إلى احتجاجات ليلية في بعض المناطق السكنية، ومواجهات أمنية تشتد ضراوة يقابلها إصرار شعبي على الحراك السياسي حتى تحقيق الأهداف المنشودة.

سيستمر طرفا الأزمة السياسية في طريقهما المسدود، بانتظار إصدار حكم المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية وفي مرسوم قانون الانتخاب الجديد.

لو تم إبطال الانتخابات البرلمانية الأخيرة فسنعود إلى المربع الأول، وعندها لابد من الحوار بين طرفي العملية السياسية (السلطة ـ المعارضة) من أجل التوافق على قانون انتخابي شامل والنظر في بعض الاستحقاقات الدستورية التي يتمناها الكثير من المواطنين من اجل استقرار البلد.

 

عادل عبدالله المطيري

الليالي الاحتجاجية ومجلس الأقليات

لن أجادل الحكومة كثيرا في نسبة الـ40% للمشاركين في انتخابات ديسمبر 2012، ولكن نظرة خاطفة إلى مقار الاقتراع وصناديقها شبه الفارغة في الكثير من الدوائر الانتخابية وغياب اكبر القبائل وأغلب التيارات تدفعنا إلى التساؤل: هل كل هؤلاء لا يشكلون إلا ما نسبته 20% مقاطعة؟!

***

مجلس الأقليات: يعزو الكثير ممن يطلق عليهم الأقليات السياسية فوزهم إلى عدالة التمثيل البرلماني الذي حققه قانون الانتخاب الجديد ذو الصوت الواحد – ويستشهدون بحصد الكتلة الشيعية ثلث مقاعد البرلمان، وفوز بعض مرشحي القبائل الصغيرة بمقعد أو مقعدين في البرلمان.

والحقيقة أن السبب الرئيسي وراء التغير الجذري لتركيبة مجلس الأمة الحالي هو مقاطعة أغلبية التيارات السياسية والكتل الاجتماعية الكبيرة للانتخابات الأخيرة.

أكاد أجزم باستحالة استمرار البرلمان الحالي ليس لأنه لا يمثل أفكار وطموح أغلبية الشعب، بل لأنه يصطدم معها.

***

ليال احتجاجية: من المؤكد أن المعارضة السياسية ستستمر في حراكها السلمي ضد القانون الانتخابي الجديد ومجلس الأمة الذي أنتجه، وهنا يجب على الحكومة أن تسمح للمعارضين بالتعبير عن رأيهم بكل حرية سواء كان على شكل تجمع سياسي وخطابي أو مسيرة شعبية، فانتشار المظاهرات بين الأحياء السكنية ينذر بكوارث كبيرة لن يستطيع أحد تحملها

ربما بات من الضروري أن يدعى إلى مؤتمر وطني للوصول إلى حلول وسط بين المعارضة والسلطة، فالمضي قدما من كلا الطرفين لن يؤدي الا لمزيد من التوتر ولن تتوقف عجلة التنمية فقط بل حتى الأمن والسلم الاجتماعي أصبح مهددا.

***

ملاحظة ختامية: التواجد الأمني بين المناطق لن ينفع، فالشباب المتظاهرون سعداء بما يحدث، وباتوا يخططون للمواجهات مع القوات الخاصة، ويطورون من أنفسهم ومهاراتهم ويبدو أنهم ينجحون في ذلك.. ومن الأفضل لو سمح لهم بالتظاهر في ساحات عامة في كل محافظة من المحافظات الخمس درءا للفتن.

 

عادل عبدالله المطيري

المشاركون والمقاطعون!

انقسم المجتمع الكويتي بين مقاطع ومشارك في الانتخابات البرلمانية التي ستعقد في 1 ديسمبر 2012. لكل منهم مبرراته وحججه التي ينطلق منها ويبني عليها سلوكه السياسي.

المقاطعون للانتخابات ينطلقون من موقف دستوري ومبدئي كما يقولون، وهو عدم دستورية مرسوم الضرورة الخاص بتغيير قانون الانتخاب.

ويعتقدون أن الحكومة تعدت على صلاحيات مجلس الأمة التي نص عليها الدستور في المادة 81 منه، والتي أكدتها أيضا المحكمة الدستورية في قرارها الأخيرة عندما نظرت في قانون الدوائر الخمس، حيث خصت (المشرع) وحده دون سواه، بإجراء أي تغييرات على قانون الانتخاب.

كما أن المعارضة السياسية لا تخفي قلقها تجاه نوايا الحكومة الحقيقية من إقرار قانون الصوت الواحد، وتعتقد أن الحكومة تسعى إلى تحجيم دور مجلس الأمة وإيجاد برلمان ضعيف وغير متجانس!

لذلك يرفع المعارضون شعارات المقاطعة للانتخابات القادمة ترشيحا وانتخابا، ويحاولون تحويل المقاطعة إلى رفض شعبي عام، لذلك نجدهم يحشدون للمسيرات والتجمعات الشعبية الاحتجاجية من اجل إفشال الانتخابات البرلمانية أو تقليل نسبة المشاركة لرفع الغطاء السياسي عنها، كما يؤكد (المقاطعون) تمسكهم بحقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم بكل الطرق السلمية الممكنة وصولا إلى إسقاط مجلس الأمة القادم والحكومة معا كما صرحوا بذلك!

أما المشاركون في الانتخابات القادمة، فلهم أيضا حججهم الدستورية الخاصة بهم، فالمادة 71 من الدستور تعطي الحق لسمو الأمير في إصدار مراسيم الضرورة، أما تقدير الضرورة من عدمها، فبحسب أحكام سابقة للمحكمة الدستورية هي عمل (سياسي بحت) يقدره سمو الأمير وحده دون سواه.

ويعتقد المشاركون أن قانون الصوت الواحد سيحقق العدالة والتمثيل الشامل والعادل لمختلف مكونات المجتمع الكويتي، وأن هذا النظام الانتخابي الجديد سيحدث نقلة نوعية في أداء البرلمان وسيقضي على الاحتقان السياسي المزمن في البلاد وإلى الأبد!

الخلاصة: لكل من المقاطعين والمشاركين في الانتخابات الحالية، أدلة وسوابق معتبرة وهذا بالطبع دليل على وجود قصور تشريعي وتناقضات عديدة في دستورنا!

وأما سياسيا فكلا الفريقين يبحث عن المصلحة العامة وفق رؤيته، ويأمل في الانتصار على خصومه السياسيين معتمدا على الحكمة الرياضية التي تقول «اللي تكسب به العب به».

ولكن يجب احترام كل وجهات النظر المختلفة، ومنها خيارات المقاطعين السياسية والابتعاد عن تسفيههم أو تخوينهم، والسماح لهم بالتعبير عن رأيهم بالوسائل السلمية، وخصوصا حق التجمع السلمي والمرخص.

كما يجب احترام المرشحين والناخبين الذين لم يقاطعوا الانتخابات والابتعاد عن التجريح الشخصي لهم..!

كل الشكر والاحترام للذين فضلوا مصلحة الكويت على مصلحتهم الشخصية، واقصد بالتحديد مرشحي الصف الثاني للمعارضة، فبالرغم من غياب المنافسين التقليديين الكبار عن الساحة إلا انهم قاطعوا وهم يعلمون انهم قاب قوسين أو أدنى من النجاح.

 

عادل عبدالله المطيري

لا تنتظروا الربيع العربي!

في الوطن العربي الكبير عادة ما يعيش بعض الزعماء ومنذ توليهم للسلطة في بلادهم ربيعهم الخاص، وتعيش الشعوب دائما صيفها الملتهب، صابرة من غير جدوى منتظرة ربيعها لطالما عبث (الديكتاتور العربي) بمقدرات الشعب وأرواحهم، مستبعدا هبوب رياح التغيير وقدوم الربيع العربي.

ولكن يبدو أن المناخ السياسي أصابه الاختلال حاله حال المناخ الجغرافي، وربما كان السبب أيضا هو الاحتباس، ولكن بالطبع ليس الحراري، بل الاحتباس السياسي المزمن والطويل الذي عانت منه مجتمعات دول الربيع العربي والذي امتد لسنين عدة وكانت الثورة هي النتيجة الحتمية لسنوات من تلوث البيئة السياسية والعبث السلطوي.

ما الذي تغير في المجتمع العربي، لتنفجر ثورات الربيع العربي، لا الساسة ولا السياسات تغيرت، إذن لابد أن ثمة تغييرا أصاب الشعوب، وهي بكل تأكيد سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه، إذ قال سبحانه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ـ سورة الرعد 11).

لو نظرنا جيدا إلى واقع دول الربيع العربي لوجدنا أن أغلبها يتميز بطول بقاء الزعامات في الحكم، مما أوجد فجوة كبيرة جدا بين الحاكم والمحكوم، فالمجتمع تغير ومازالت السلطة تمارس معه نفس السياسات القديمة!

ولعل الثورة التونسية مفجرة الربيع العربي خير مثال لما سبق، فالرئيس التونسي السابق (بن علي) – من المؤكد أنه لم يتفهم مطالب الشباب التونسي ولم يتعود عليها، فقد هرم جيل كامل من التونسيين ولم يجرؤ على المطالبة أصلا بحقوقه، حتى جاء «البوعزيزي» وحرق نفسه ومعه النظام كله، وعندها صاح الرجل التونسي الكهل بكلمته الخالدة «لقد هرمنا»، ليجاوبه ابن علي متأخرا بضعة عقود من السنين، وبعد أن فات الأوان بكلمة الأخيرة «فهمتكم» ربما أيضا صدق «القدافي» عندما قال لشعبه الثائر «من انتم»!

فهو قد تعود على خنوع واستسلام الشعب لإرادته أو جنونه لقرابة نصف قرن، ولم يعهدهم ثائرين أو غاضبين ولا حتى متذمرين!

ونسي أن جيلا جديدا من الليبيين قد ولدوا وأصبحوا شبابا وهم يمثلون غالبية المجتمع، وان هؤلاء لم يعد يرتضوا ما وجدوا آباءهم عليه، لذلك قرروا الثورة على رئيسهم!

وفي مصر العروبة، استساغ الرئيس السابق ورجاله سرقة أموال الشعب وتعذيب المعارضين وقتلهم إذا استدعى الأمر في معتقلاتهم السرية دون أن يعلم بهم أحد، كم ضحية سبقت «خالد سعيد» ملهم الثورة المصرية لم يفصح عن أمرها، ولكن هذه المرة – ومن سوء طالع النظام الديكتاتوري – كانت تكنولوجيا الاتصال الاجتماعي حاضرة له بالمرصاد، لتكشف للجميع ممارسات السلطة الفاسدة، وأن تحشد الجماهير المصرية وتنظمها ضد الديكتاتورية، فالمجتمع المصري تغير دون أن يشعر الرئيس ورجاله بذلك، وظن الزعيم أن بالإمكان أن ينجح وكعادته بممارسة التضليل الإعلامي المعتاد!

من المؤكد أن التحدي الحقيقي الآن – أمام الأنظمة العربية – أن تبدأ هي بتغيير سياساتها ونظرتها لشعوبها، ولا تنتظر الربيع العربي لأنه آت لا محالة، فالشعوب لن تسمح إلا بربيع يشملها كما يشمل حكامها، وإلا ستسحب «الزعيم» مجبرا إلى جحيمها التي تعيشه أصلا منذ سنين، وكما هو حادث في الثورة السورية.

وحده الإصلاح المبكر وترميم البيت الكبير (الوطن) الذي سينقذ الأنظمة العربية من الربيع العربي، فالشعوب في طبيعتها لا تعشق إسقاط أنظمتها، ولكنها حتما تتوق للعيش بحرية وكرامة وإلا….!

في النهاية، يحزنني كثيرا أن أرى بعض الأنظمة العربية لا ينتظرون الربيع العربي فقط، بل يتحدونه تحديا، فتجدهم يسوقون شعوبهم مجبرين باتجاه الربيع العربي، وذلك بفشلهم الذريع بالتنمية وإصرارهم على إفساد الحياة الديموقراطية في مجتمعاتهم، فحياة المواطن لا يمكن أن تستقيم بغياب التنمية والديموقراطية معا.

٭ الخلاصة:

الربيع العربي لا يأتي إلا للدول القاحلة التي تخلو من زهور الحرية وأعشاب الكرامة وأشجار الرفاهية وارفة الظلال.

عادل عبدالله المطيري

عذراً قطر

ما يجري في الكويت ليس له أي صلة بحرية التعبير، فالسب والقذف والتحقير ليس من الشرع ولا من القانون ولا من الأخلاق العربية الأصيلة، والعجيب أن الحكومة تحاسب بعض المغردين والخدمات الإخبارية والصحف فقط لنشرهم آراء سياسية مخالفة لها، أو لتغطية أحداث مسيرة شعبية، ومن الجانب الآخر لا تحرك ساكنا ضد من يسيء لأبناء الكويت أو لعلاقاتنا بالأشقاء الخليجيين أو لزعامات خليجية وعربية.

ساءنا كثيرا ككويتيين ما تتعرض له دولة قطر الشقيقة حكومة وشعبا من حملة شرسة يقودها قلة من الإعلاميين والسياسيين، بأن تطاولوا على قيادات وشيوخ دولة قطر الشقيقة، متناسين أو جاحدين مواقف قطر مع الكويت في أزمة الاحتلال، ومتجاهلين تصريح صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عندما قال حفظه الله «إن قطر دولة شقيقة ولا علاقة لها بهذه الأحداث».

نريد أن نؤكد لإخواننا شعب قطر وحكامها، أننا ككويتيين بريئون من كل تلك الأطروحات السيئة، ولكن عزاءنا الوحيد هو أن هؤلاء المسيئين لكم لهم سوابق في التعرض للشرفاء، فقد سبق أن تعرضوا للقبائل الشريفة ولنواب الشعب الأبطال وكل من يخالفهم الرأي.

من المؤسف ألا تحاسب حكومتنا هؤلاء المخطئين بحق الكويت وحق أشقائنا القطريين.

وكان حريا بهؤلاء الإعلاميين بدلا من أن ينتقدوا دولة قطر وقيادتها، أن يشيدوا بمسيرة قطر في التنمية.

فدولة قطر أنجزت أكبر مدينة رياضية في الشرق الأوسط، كما أنشأ القطريون مدينة جامعية ونحن جامعتنا اليتيمة حاصل تجميع عدة مدارس قديمة.

القطريون يملكون مدينة طبية كاملة أما نحن فقد تركنا مستشفياتنا لتتحول إلى مقابر للمرضى.

لديهم صندوق استثمارات سيادي ناجح اشترى كل ما هو معروض من خيرة شركات العالم في الأزمة المالية وبرخص التراب، ونحن مازلنا نضع أموالنا في «بقشة» صندوق الأجيال القادمة ومع انخفاض قيمة الدولار خسرنا الكثير.

قطر أصبحت رائدة الإعلام الفضائي الحر، ونحن أمسينا نلاحق القنوات في الفضاء لإغلاقها. في بضع سنين تحولت قطر التاريخية إلى عروس الشرق الأوسط، ونحن للأسف تركنا درة الخليج تفقد بريقها.

في الختام: نرجو السموحة من قطر، ولتعذرونا فنحن وسط منعطف سياسي خطير، والأمل معقود بعد الله سبحانه، على حكمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للخروج من الأزمة والنهوض بالكويت.

 

عادل عبدالله المطيري

المعارضة ليست «إخواناً» ولا قبائل!

المعارضة ليست قبلية: مخطئ من يصور الحراك السياسي الكويتي على أنه مجرد تحرك قبلي معارض، والدليل أن المطالب المرفوعة من المعارضة السياسية هي مطالب شعبية ودستورية وعامة وليست مطالب قبلية تخص القبائل وحدها.

من المؤكد أن غالبية المعارضين قادة وجمهور هم من القبليين، وهذا تماشيا مع حقيقة النسبة والتناسب، فهم أصلا غالبية السكان، وهذا لا ينفي أن المعارضة السياسية هي خليط سياسي واجتماعي وطائفي متنوع، جمعتهم مطالب وطنية مشروعة، اتفقتم معها او اختلفتم، لا يجوز تخوينهم أو مصادرة حقهم في التعبير.

المعارضة ليست «إخواناً»: من الممكن ان أتفهم استخدام الأنظمة العربية فزاعة الاخوان المسلمين لكي تخدع بها شعوبها، وتقمع التحركات الشعبية المطالبة بالديموقراطية لديها، أما في الكويت فاعتقد أنه من المضحك استخدام «بعبع الاخوان المسلمين» لتخويف الناس من الحراك السياسي، والأسباب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر، أن الحكومة الكويتية سبق لها أن تحالفت مع الاخوان المسلمين وشكلت معهم أكثر من حكومة، كما أن العديد من الاخوان يعملون أصلا كمستشارين لدى دوائر القرار وقريبين منها.

في النهاية الاخوان المسلمون هم فريق سياسي كويتي بامتياز اتفقنا معه أو لم نتفق، لهم طموحهم السياسي المشروع، ويملكون رؤيتهم الخاصة في السياسة، كما أنهم يعملون كأي تجمع سياسي وفق الدستور والقانون.

كما أننا نعلم جيدا وكمراقبين سياسيين للساحة الكويتية، أن الاخوان المسلمين في الكويت بالرغم من أنهم يملكون الخبرة في التنظيم والإعداد والحشد للمسيرات والتجمعات، وهم المسؤولون عن الدعم اللوجستي للحراك السياسي الحالي، إلا أننا أيضا متأكدون من أن شعبيتهم اقل بكثير من إمكانياتهم المادية، فشباب الإرادة اغلبهم من المستقلين أو من مناصري التكتل الشعبي، وليسوا من أتباع الحركات الإسلامية عموما.

عادل عبدالله المطيري

حلم سياسي

رأيت فيما يرى النائم، ان الحكومة رجعت عن رأيها، وتسامحت مع شباب الحراك، وأعادت الأمور إلى نصابها كما كانت قبل إصدار مراسيم الضرورة، وجرت الانتخابات على أساس قانون الدوائر الخمس والأصوات الأربعة، وعادت الأغلبية بمشاريعها الإصلاحية، وأقر قانون الدائرة الانتخابية الواحدة، وأنشئت الأحزاب الوطنية، وأنهى مجلس الأمة سنواته الأربع بكل سلام.

وجاءت الانتخابات الجديدة، وقد انضممت للتو لحزب سياسي معارض كبير، وقد قرر الحزب إبعاد رموز المعارضة السابقة عن الترشح لمجلس الأمة والاكتفاء بإعطائهم مناصب حزبية مرموقة، ومثل شبيبة الاحزاب السياسية في مجلس الامة، تغير الخطاب السياسي وتحول الى خطاب تنموي، تشكلت الحكومة من رئيس وزراء من الاسرة وأغلب الوزراء من ائتلاف الاحزاب الفائزة.

أقيم احتفال شعبي كبير في ساحة الإرادة، بمناسبة افتتاح أعمال مجلس الأمة الجديد، وأطلقت الألعاب النارية احتفالا بهذه المناسبة، ولقد أرعبني صوت المفرقعات وسقطت على الأرض مغشيا علي، وتجمع حولي الكثير محاولين إفاقتي، احدهم يسكب عليّ الماء والآخر يصيح عليّ لأصحو، ولما فتحت عيني أخيرا، فإذا بي فعلا في ساحة الإرادة ولكن في مظاهرة الاحد الماضي، حيث كانت المظاهرة سلمية وتم التعامل معها بطرق غير سلمية، عندها عرفت اني كنت احلم او اهذي، وقمت مسرعا الى مسجد قريب لأتوضأ وأصلي، وأدعو الله ان يجنبنا الفتن وان تمر الأزمة على خير.

عادل عبدالله المطيري

لماذا العنف؟

في السياسة يمكن أن تكون ردة فعلك اقل مما هو مطلوب أو أكثر بكثير منه.

في أحداث ليلة الأحد، كانت ردة الفعل الحكومية خلالها عنيفة جدا تجاه المواطنين المتجمهرين في ساحة الإرادة والساحات الأخرى، وما صاحبها من ضرب واعتقال المتجمهرين الرافضين لقانون الانتخاب الجديد، أمر سيئ جدا بل كارثي.

فهل من المعقول أن يستخدم كل هذا العنف ضد أبناء الوطن لمجرد أنهم يطالبون بالمحافظة على مكاسبهم الشعبية المستحقة والدستورية والمتمثلة بالأصوات الانتخابية؟! القضية في النهاية ليست سوى «أربعة أصوات» فقط، لم يطالبوا بأكثر من ذلك، لم يتعدوا على سلطات الآخرين أو يطالبوا بتقليصها، لم يخلوا بأمن البلد او بأمن الأشخاص، فلماذا يتم التعدي على كراماتهم وضربهم بالمطاعات والقنابل المطاطية والصوتية، وبأي حق تهدر دماؤهم في الأشهر الحرم، هل أصبح الخيار الأمني ضد التجمعات السلمية هو السياسة الجديدة المعتمدة.

لماذا يتم تحدي إرادة أغلبية المواطنين؟ الكل يعلم انه في ظل القانون الجديد لن تتشكل أغلبية برلمانية متجانسة، وسيؤدي ذلك إلى ضعف البرلمان وسيشل قدرته على الرقابة والتشريع وسيقوي بدوره الحكومة القادمة.

كما أن مراسيم الضرورة وبالأخص قانون الانتخاب عرضة للطعون الانتخابية في المحكمة الدستورية، وقد ندخل في متاهة قانونية جديدة.