عادل عبدالله المطيري

النقد السياسي وتعليقات فارس عوض

أكره أن أكون مادحا أو قادحا، فالمدح في غير أهله ظلم والقدح ظلمات، أما الكتابة السياسية التحليلية فأظنها أصبحت من المستحيلات.

ذلك ان التحليل السياسي في مجتمعاتنا اصبح من الصعوبة بمكان، حيث لا ثبات لموقف سياسي ولا تمسك بمبدأ فكري، حتى إن صناع القرار لدينا لا يمكنهم التكهن بقراراتهم الذي سيتخذونها غدا، فكيف للمحلل السياسي أن يحللها؟!

إذن لم يتبق لنا ككتاب ومتابعين للشأن السياسي إلا أن نعلق على الأحداث السياسية فقط، وهذا النوع من الكتابة الصحافية لم نبتكره، فهي مهنة معروف بالدول الغربية تحت مسمى «المعلقين السياسيين»، فكما أن للرياضة معلقيها، فإن للسياسية معلقيها أيضا، والذين يحاولون شرح ما يحدث أمامهم من قرارات سياسية وما يتوقعون من تأثيرات لها على المجتمع.

وكما يوجد في التعليق الرياضي معلق هادئ ومعلق حماسي، كذلك الحال في مجال التعليق السياسي، حيث هنالك المعلق السياسي العقلاني والهادئ وهناك من هو اكثر حماسا من المعلق الرياضي المعروف بتعليقاته الرياضية الرائعة «فارس عوض»، فتجد مثلا المعلق السياسي الحكومي يصيح بأعلى صوته بالفضائيات وعلى صفحات الجرائد الإلكترونية والورقية قائلا «يا ربا ما اروع هذه السياسية الحكيمة، ويا الله على هذا الإبداع الحكومي، يا الله ما هذه القرارات الخالدة، يا ربا على هذا الإنجاز يا ربا».

أما المعلق السياسي المعارض فيذكرني أيضا بتعليقات فارس عوض الحماسية والخالدة في لاعب مانشستر يونايتد «روني»، فقط استبدل اسم روني بأحد رموز المعارضة الكويتية.

ما أحاول أن ألفت النظر إليه هو غياب الكتابة التحليلية في صحافتنا العربية، ذلك لانتفاء الشروط الموضوعية لها أصلا والتي ترتبط بالساسة أكثر من ارتباطها بالمحللين، وأقترح بدلا عنها أن نعود إلى تراثنا الأدبي العربي الزاخر بدراساته النقدية التي تتناول العمل الأدبي بكل موضوعية بحيث تذكر محاسنه ومساوئه على السواء، ولنقتبس منها مصطلح «النقد» ولنستخدمه في كتاباتنا وتعليقاتنا السياسية تحت مسمى «النقد السياسي» والذي على أساسه نضع كلا من الساسة والسياسات تحت مجهر النقد السياسي، فنذكر ما لهم وما عليهم.

وعن نفسي، ربما أبدأ بسلسلة من مقالات النقد السياسي للحكومة والمعارضة والمجتمع من الأسبوع المقبل بإذن الله.

ملاحظة ختامية: فارس عوض، أنت مبدع جدا جدا، لدرجة أنك تستطيع تحويل مباراة عادية جدا إلى مباراة كلاسكو، وان تجعل من مشاهد مدمن على البرامج السياسية مثلي متابعا متحمسا لمباراة كرة قدم لا يعرف هل الفريقان يتباران على الكأس أم الدوري!

 

عادل عبدالله المطيري

الجامعات العربية والدكاترة

يمكنني أن أفهم عدم السماح للجامعات العربية المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والتي يدرس فيها حاليا آلاف من الطلبة الكويتيين من أن تفتح لها فروع في الكويت!

لا أتوقع أن يكون المعيار الأكاديمي هو السبب، وإلا لما وافقت وزارة التعليم العالي أصلا على التحاق الطلبة الكويتيين فيها، كما أن الرقابة الأكاديمية ستكون أكثر صرامة إذا كان حرم الجامعة في الكويت وليس خارجها كما هو حاصل الآن.

ولا ننسى أننا بذلك سنوفر على الطلبة الكويتيين الكثير من المصاريف كالسكن وتكاليف السفر والتنقل التي يعانونها فضلا عن المخاطر الأمنية الحالية التي يتعرض لها طلبتنا في الدول العربية غير المستقرة.

كما سيكون للجامعات الجديدة مردود اقتصادي كبيرة، حيث ستخلق فرصة عمل للكويتيين وخصوصا من حملة الشهادات العليا والتي لم ولن يتم تعيينهم في جامعة الكويت الموقرة!

كذلك من الممكن أن تعتمد وزارة التعليم العالي نظام بعثات داخلي لفروع الجامعات العربية في الكويت، وبذلك تقلل من الضغط على جامعة الكويت الحكومية الوحيدة، وترحم أولياء الأمور من أن يضطروا إلى إلحاق أبنائهم في نظام البعثات الخارجي!

الأمر لا يحتاج إلا لقرار وستأتي كبرى الجامعات العربية للكويت لتفتح فروعها وربما بأقل من عام، فالجامعة الجيدة هي التي تملك منهجا وأساتذة جيدين وليس مباني فاخرة، جميعنا سافر إلى الدول الغربية وشاهدنا كيف تتخذ الجامعات الغربية المعروفة من بعض العمارات السكنية حرما جامعيا لها، لأنها لا تهتم بشكل مبانيها بقدر اهتمامها بالأمور الأكاديمية التي تحرص عليها.

 

عادل عبدالله المطيري

كورتيزون سياسي

الوضع السياسي في الكويت لم ولن يتحسن كثيرا بالرغم من القرارات السياسية الأخيرة، والتي كان أهمها تغير قانون الانتخاب، فمازال مجلس الأمة دون مستوى طموح المواطنين الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة ولم يقاطعوها، ودون أيضا طموح الحكومة التي توقعت سهولة السيطرة عليه.

فرغم غياب التمثيل السياسي للتجمعات السياسية والاجتماعية الكبيرة في المجتمع الكويتي داخل البرلمان لمقاطعتها الانتخابات الأخيرة تضامنا مع المعارضة التقليدية واعتراضا على مرسوم القانون الانتخابي الجديد، إلا أن مسلسل الإثارة والتأزيم السياسي مازال مستمرا بين البرلمان والحكومة.

يبدو أن كل الفرقاء السياسيين باتوا في حيرة من أمرهم، حيث لم تفلح جهود المعارضة التقليدية ومقاطعتها للانتخاب في إسقاط المرسوم الانتخابي ذي الصوت الواحد.

وكذلك نواب البرلمان الجديد أيضا لم يستطيعوا تحقيق أي إنجاز يحسب لصالحهم، وهم غير قادرين أيضا على التعاون مع الحكومة.

ويبقى موقف الحكومة هو الأكثر صعوبة، فرغم غياب المعارضة التقليدية التي لطالما استخدمتها الحكومة كشماعة تعلق عليها أي إخفاق، إلا أنها ابتليت بنوع جديد من المعارضة داخل البرلمان الحالي لا يمكنها التعامل معه، لأنه لا يهتم بإصلاح الأخطاء، بل يستهدف فقط تصفية بعض الوزراء سياسيا.

بات من المؤكد أن كل الأطراف (المعارضة ـ والمعارضة الجديدة ـ الحكومة) لا تملك حلولا جذرية لمعالجة الأزمة السياسية، ولم يعد أمام الجميع سوى استخدام العلاج السحري «الكورتيزون السياسي»، فجميعنا يعلم أن دواء الكورتيزون الذي يستخدمه الأطباء لبعض مرضاهم له خطورة على صحتهم، إلا أن الأطباء أحيانا يضطرون له، وخصوصا بعد عدة محاولات علاجية فاشلة.

وكذلك يجب أن يفعل رجال السياسة سواء في المعارضة أو الحكومة، وبعد أن فشلت جهودهم في التعامل مع مشكلاتنا السياسية بالطرق الاعتيادية (الاعتراضات والعرائض ـ والاقتراحات والمراسيم)، فبات من الضروري أن يلجأوا إلى الكورتيزون السياسي وهو «اتخاذ قرارات تغيرية إصلاحية وشاملة تكون حاسمة وخطرة أحيانا ، لكي لا تتحول المشكلات السياسية إلى أمراض سياسية مستعصية».

وكما أن الكورتيزون الدوائي «ذو تأثير سريع وسحري ويعالج كل شيء»، وكذلك هو الكورتيزون السياسي، فعند تطبيق قرارات «التغير السياسي»، فإننا سنلاحظ تأثيراتها السريعة أيضا، فالقرارات التغيرية كالتعديلات الدستورية أو تغير قوانين الانتخاب من شأنها أن تحدث انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية سريعة وذات تأثير عميق جدا، ولعلنا شاهدنا جمعيا تأثير مرسوم قانون الانتخاب الجديد والمفاجئ وتأثيره الكبير جدا على التركيبة السياسية لمجلس الأمة، فضلا عن ردة الفعل الشعبية السريعة وما نتج عنها من انقسام سياسي حاد في المجتمع وبعد إقراره مباشرا.

ختاما: الكورتيزون الدوائي سلاح ذو حدين إن أحسن استخدامه أفاد، وان أسيء استخدامه أدى إلى عواقب وخيمة، ولكن حياة المريض مهمة أيضا، ومن الخطأ الاستمرار في علاجه بنفس الأدوية التقليدية التي أثبت أنها لا تزيل أو تقلل من المرض.

وكذلك الكورتيزون السياسي، فيجب عدم استخدامه إلا في الحالات السياسية المستعصية على العلاج العادي، كما يجب التأكد من مقدار التغير السياسي المنشود لتحديد الجرعة الكورتيزونية المطلوبة، لأن النتيجة ستكون حاسمة بين اثنتين لا ثالث لهما.. إما النجاح المشرف أو الفشل المكلف.

ومنا إلى الحكومة والمعارضة والبرلمان، نحن بحاجة إلى قرارات جذرية «كورتيزون سياسي» وفورا، لعلاج الحالة السياسية الكويتية المرضية التي سئمناها جميعا.

عادل عبدالله المطيري

نحو نظرية إسلامية للتغيير السياسي

يبدو أننا نعيش وسط العاصفة السياسية العربية، والتي ملأت احتجاجات وثورات كل زوايا وطننا العربي.

إنه زمن حركات التغيير العربية، والتي ربما أخطأنا بتسميتها بالربيع العربي، لان الربيع السياسي لا يأتي إلا بعد أن تهطل الأمطار الفكرية والإصلاحية على مجتمعاتنا القاحلة!

بحثت كثيرا في نظريات التغيير السياسي، فلم أجد أفضل ولا أصدق مما أسميته بـ«النظرية الإسلامية للتغيير»، والتي تصلح لكل زمان ومكان ومجال سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو دينيا.

يقول الله سبحانه وتعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ـ الرعد:11) تلك الآية الكريمة تلخص النظرية الإسلامية للتغيير، حيث يبدأ التغيير دائما من الفرد وما يحمله من أفكار، ومن ثم الدعوة إلى ذلك التغيير بين الأفراد، ومن المؤكد أن أكبر عملية تغيير فكري حدثت في تاريخ البشرية كانت على حياة النبي محمد ﷺ، فقد كان فردا اختاره الله سبحانه وتعالى ليكون رسولا، فقام بدعوة الأفراد إلى الإسلام، وعندما ازداد عدد المؤمنين ازداد هذا التغيير رسوخا في وجدان المجتمع الكافر ليتحول بإذن الله إلى الإسلام!

حتى بعض النظريات العلمانية تؤكد ذلك، فأطروحات العالم الألماني «ماكس فيبر» صاحب النظرية الوضعية في علم الاجتماع يقول «إن الفرد هو ركيزة الحياة الاجتماعية ويشكل المجتمع بإرادته الواعية» حتى خلص في أطروحاته العلمية إلى أن المجتمع يشكله سلوك الأفراد وليس العكس!

إذن نحن بحاجة أولا – إلى تغيير الأفراد لإنجاح أي عملية تغيير، وقبل ذلك يجب أن نمتلك أفكارا سياسية عظيمة لكي نستطيع أن نجعل الأفراد يؤمنون بها، عندها فقط سيبدأ الحراك السياسي الحقيقي في الوطن العربي وعلى أسس علمية ليأتي بالنتائج الإيجابية المرجوة.

ومن وسائل تحقيق التغيير السياسي في أي مجتمع وحسبما أسميته بنظرية التغيير الإسلامية هي «الدعوة بعد الإيمان»، بمعنى أن تؤمن بأفكارك إيمانا عميقا وبعدها تنطلق لدعوة الآخرين لها – فقد دعا الأنبياء والرسول ﷺ الآخرين بالكلمة الطيبية امتثالا لقول الله سبحانه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).

وهي دعوه ربانيه إلى طرح الأفكار بطريقة هادئة، وكذلك تأكيد على مبدأ النقاش والجدال الواعي وبالأساليب العلمية والعقلية وغير العنيفة.

إذن لتحقيق «التغيير» يجب أن تملك الأفكار الإصلاحية، ومن ثم تدعو لها وتناقش حولها. لا عنف ولا مشاحنات تكسبك عداوة الآخرين، وتنفر أفراد المجتمع من أفكارك حتى ينفض المؤيدون من حولك.

▪ في الختام: هي دعوة إلى كل شباب الحراك في أن يبدأوا بالنقاش العام ليتوصلوا إلى أفكار إصلاحية تستطيع معالجة أوضاعنا السياسية، ومن ثم يطلقوا اكبر عملية للعلاقات العامة لترويج أفكارهم للمجتمع والسلطة، ومن المؤكد ان المجتمع سيتجاوب معهم حسب جاذبية أطروحاتهم وموضوعيتها، وكذلك هي السلطة التي لا مفر من تجاوبها مع تلك الأفكار الإصلاحية إذا تبناها أغلبية المجتمع.

عادل عبدالله المطيري

ثوراتهم.. وثوراتنا

المقارنة تعد من المناهج العلمية المعتمدة التي تساعد وبلا شك على فهم الظاهرة السياسية فهما جيدا، وبما أن الوطن العربي يتعرض لظاهرة سياسية جديدة وهي الثورات والاحتجاجات، فإننا مجبرون على مقارنة ما يحدث عندنا الآن بما كان يحدث في أوروبا قبيل الثورات وأثناءها كالثورة الانجليزية والفرنسية.

ما الذي حدث بأوروبا في أواخر العصور الوسطى المظلمة وبداية العصر الحديث لينقلب مزاج الشعوب الأوروبية من الاستسلام لسلطة رجال الدين والكنيسة من ناحية والإقطاع والنبلاء من ناحية أخرى، إلى الثورة على كل شيء قديم

من اجل فهم أسباب قيام الثورات الأوروبية والعوامل التي أدت إلى نجاحها لا بد لنا من الحديث عن التغيرات العميقة التي جرت في المجتمع الأوروبي قبل الثورات السياسية ببضعة قرون، فلقد اجتاحت أوروبا ثورة علمية قام بها علماء أوروبا غيروا فيها الكثير من المعتقدات العلمية الخاطئة وربما اصطدم بعضها مع سلطة الكنيسة نفسها، فالعالم جاليليو الإيطالي ومنظاره ونظريته حول مركزية الشمس ودوران الأرض حولها ليس فتحا علميا فقط بل بداية لثورة ضد الكنيسة نفسها التي عارضت نظريته تعاليمها، نيوتن الانجليزي وقانون الجاذبية والحركة وأطروحاته الدينية، ديكارت الفرنسي ونظرية الشك التي حاربت كل المسلمات العلمية والدينية والاجتماعية السائدة.

كما اسهم مفكرو عصر النهضة الأوروبية وفلاسفة حركة التنوير ورواد النزعة الإنسانية من الأدباء ، وآراء الفيلسوف الانجليزي جون لوك ومقولته حول الحقوق الطبيعية للشعوب، واسهامات توماس هوبز الانجليزي ونظرية العقد الاجتماعي، ومونتيسكيو الفرنسي صاحب نظرية فصل السلطات في تشكيل البيئة الخصبة لقيام تلك الثورات.

ولا شك كان لحركة الإصلاح الديني التي قام بها الراهب الألماني مارتن لوثر واعتراضه على صكوك الغفران، سبب للتمرد على سلطة الكنيسة البابوية وإنشاء الكنائس القومية.

ومن نتائج ما سبق كله انهارت سلطة البابوية وبرزت الدولة القومية وان كانت في بدايتها ديكتاتورية بالداخل وامبريالية بالخارج، إلا أن تكدس الثروة الاقتصادية من المستعمرات إلى الممالك الجديدة، وازدهار التجارة الدولية أديا إلى نشوء ظاهرة المدن الصناعية والطبقة البرجوازية، وبدأت طبقة النبلاء والإقطاعيين التي تعتمد عليها الممالك الأوروبية تفقد قوتها شيئا فشيء لصالح الطبقة الجديدة البرجوازية ورجال البرلمان، عندها بدأت الثورات تجتاح أوروبا دولة تلو الأخرى.

وما كان للثورات الأوروبية أن تنجح لولا تسلح رجال السياسة والثوار الأوروبيين بمبادئ وأفكار فلاسفتهم ومفكريهم التي تراكمت لما يقارب الـ 4 قرون، عندها فقط استطاع الأوروبيون أن ينتجوا أنظمتهم السياسية الرائعة التي تقوم على الحرية والعدالة والديموقراطية.

أما ثوراتنا العربية واحتجاجاتنا الخليجية فلا أساس فكريا تعتمد عليه في تشكيل تصورها للحلول السياسية والاقتصادية والقانونية التي تناسب مجتمعاتنا وتراعي ظروفنا السياسية ومعتقداتنا الدينية، مجرد حركات تغيرية قام بها مجموعة من الشباب استفادوا من أزمات الحكم التي عانت منها بعض الأنظمة العربية

الشباب والأغاني والشيلات القواسم المشتركة بين الثورات العربية والاحتجاجات الخليجية، لا أهداف واضحة لاتجاه التغير السياسي المطلوب، من الملاحظ أيضا الغياب التام للمفكريين والمثقفين وأطروحاتهم السياسية هذا إن وجدوا في الأصل.

ففي مصر وتونس، فجأة أسقط الشباب الرئيس ومن حوله، لكنهم للأسف لا يملكون مشروعا سياسيا ولا رؤية مستقبلية ولا حتى ينتموا لحزب سياسي

في تونس مفجرة الثورات العربية ومصر قائدة العالم العربي، مازال الليبراليون يحنقون على الإسلاميين لوصولهم السلطة، فتحالف الليبراليين مع بقايا الأنظمة السابقة لمكاسب آنية، لا وجود لأفكار سياسية ودستورية يقبلها الجميع، وفي ليبيا العكس تماما أسقط الإسلاميون حكم القذافي واستولى الليبراليون على الحكم وظهرت بشكل صارخ القبلية والمناطقية التي تهدد استقرار البلاد.

وفي بلدي الكويت مثلا ـ كانت مطالب الحراك تنحصر في رحيل رئيس الوزراء السابق والبرلمان معا ولما رحلوا استقرت الأوضاع ولم تعد هناك مطالبات للإصلاح السياسي، وبعدها بأشهر قليلة غيرت السلطة قانون الانتخاب، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها لعودة قانون الانتخاب القديم فقط.

والآن يتحدثون عن الحكومة الشعبية أو المنتخبة وما زالوا مختلفين على اسمها وشكلها وطريقة تحقيقها ـ هل بالضغط على السلطة لقبول تعديل دستوري بهذا الشأن، أو من دون تعديلات دستورية.

ربما حراكنا في الكويت ـ يقوده سياسيون عظماء ولكن من دون أفكار سياسية عظيمة، فلو نظرنا للحراك الكويتي لن نجد سوى بعض النواب وحولهم دائرتهم الضيقة من الاتباع، وهم وحدهم يفكرون ويقررون عن الجميع.

كل ثورة واحتجاج.. وأنتم بخير.

عادل عبدالله المطيري

حكومة منتخبة أو شعبية

يدور في الساحة السياسية الكويتية نقاش سياسي حول «الحكومة البرلمانية»، بعض تلك النقاشات تهدف فعلا للتعرف على شكل الحكومة البرلمانية أو الحكومة الشعبية وما الفرق بينهما، والبعض الآخر من النقاشات لا يخلو من السخرية وتصيد الأخطاء أو أنها تتخذ موقفا سياسيا مسبقا من الداعين إلى «الحكومة الشعبية».

قبل أن نخوض أكثر في المواقف السياسية فلنتحدث عن أشكال الحكومات بشكل علمي مجرد، فالحكومات أنواع عديدة من حيث الشكل والمضمون، فمن حيث الشكل هناك «الحكومة الرئاسية» يختارها رئيس الدولة بغض النظر عن الأغلبية في البرلمان كما في الولايات المتحدة، وهناك الحكومة البرلمانية التي تشكلها الأغلبية في البرلمان بغض النظر عمن يكون في الرئاسة.

أما أنواع الحكومة من حيث المضمون، أي تكوينها من الوزراء، فهناك حكومة الأغلبية يشكلها الحزب الفائز في الانتخابات وهناك الحكومة الائتلافية وعادة تتشكل من ائتلاف من حزبين أو أكثر في البرلمان، وذلك لعدم مقدرة حزب واحد على حصد أغلبية مطلقة في مقاعد البرلمان، وهناك حكومة الوحدة الوطنية التي تنشأ لغرض مرحلي مؤقت أو لظرف سياسي خاص، وعادة ما تهدف لوضع قواعد دستورية وسياسية جديدة.

نحن في الكويت أقرب ما نكون إلى شكل الحكومة الرئاسية، حيث إنها تتشكل بدون اعتبارات سياسية للأغلبية في مجلس الأمة، بل إن الحكومة في الكويت لا يشترط عند تشكيلها أن تحصل على ثقة البرلمان.

نعود الآن للسؤال الرئيسي الذي يتداول بين شباب الحراك السياسي في الكويت، ما الفرق بين الحكومة المنتخبة والحكومة الشعبية؟ أولا: لا وجود علميا وواقعيا للحكومة الشعبية لأن من غير المعقول ان تكون حكومة إلا من الشعب وإلا أصبحت حكومة احتلال.

أما المفهوم الكويتي الخاص بالحكومة الشعبية والذي حتما لا تعرفه كل أدبيات السياسية وكتبها في العالم قاطبة، وهو أن الحكومة الشعبية يجب أن تكون برئاسة مواطن عادي وليس من الأسرة الحاكمة.

ولو قارنا بين الحكومة الشعبية والبرلمانية لوجدنا أن مفهوم الحكومة الشعبية بالكويتي واسعة جدا، فهي أي شكل من أشكال الحكومات الخالية من وزراء أسرة الحكم، لدرجة أنه من الممكن أن يكون أحد أشكالها الحكومة البرلمانية.

فالحكومة الشعبية قد تكون برلمانية الشكل أو أن تتشكل بطريقة الحكومة الرئاسية دون النظر للأغلبية البرلمانية، كأن يختار صاحب السمو الأمير، حفظه الله، أي شخص سياسي من خارج أسرة الحكم ليكون رئيسا للوزراء.

بمعنى آخر، الحكومة الشعبية ليست تطورا سياسيا مهما، خصوصا بعد أن تم فصل ولاية العهد عن مجلس الوزراء، وأصبح من المهم التأكيد على أن يعي شباب الحراك الكويتي أن المطلوب حكومة ذات أغلبية برلمانية بغض النظر عن رئاستها.

ويجب التأكيد على أن مفتاح الإصلاح السياسي والحكومة البرلمانية، هو بإقرار تشريع يلزم أي حكومة قادمة على الحصول على ثقة البرلمان، عندها فقط يمكن أن تتدخل الأغلبية البرلمانية في طريقة تشكيل الحكومة أو رفضها ـ وستكون حتما حكومة برلمانية.

عادل عبدالله المطيري

هل هو حراك أم ثورة؟

يعرف الحراك السياسي بأنه ـ ذلك النوع من التغير التدريجي الذي يحدث في المجتمع، فيترتب عليه حصول عموم المواطنين ممن هم أقل حظا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا على فرصة حقيقة للتطور والتقدم.

بعكس الثورة التي عادة ما تحدث تغيرا دراماتيكيا عنيفا في المجتمع ككل ـ وعلى المستوى الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي فتتبدل طبقات المجتمع وتبرز أفكارا سياسية وثقافية عادة ما تكون متطرفة، نتيجة لقفز قلة من الأفراد إلى مراكز النفوذ ليستأثروا بكل الثروات والامتيازات ولا يقدمون إلى عامة الشعب سوى بعض الشعارات

هذا هو واقعنا العربي منذ قرن مضى وحتى يومنا هذا ـ فالدول التي اعتمدت خيار الثورات حطمت شعوبها ودولها، لأننا كعرب لا نحسن الثورات كما نحسن أي عمل آخر.

أما الدول التي اعتمدت التحديث والتطور التدريجي وبالرغم من بعض الانتكاسات الا أنهم في نهاية الأمر ـ افضل حالا من الآخرين كما هو في دول الخليج والأردن والمغرب.

يجب أن يعي شباب الحراك السياسي في الكويت أننا نؤيد حقهم في الحصول على المزيد من الحريات والتقدم والعدالة والمساواة، على أن تكون بدون صدامات عنيفة مع السلطة لأنها حتما لن تجدي معهم.

فعندما يستخدم الحراك السياسي بعض المصطلحات العنيفة في مخاطبة السلطات يكون كمن يسكب الزيت على النار، فالحراك السياسي حقيقة قد ابتلي بأشخاص كانوا قريبين من السلطة سابقا ثم استبعدوا، والآن يريدون تصفية حساباتهم الشخصية مع السلطة وعلى حساب الحراك الشبابي.

كذلك لا يمكننا إلا أن نسجل اعتراضنا على بعض مظاهر التحدي الصارخ الذي يتبناه بعض الشباب باستخدام بعض المظاهر القبلية محاولين بذلك صبغ الحراك السياسي بلون عرقي واحد، مما سيترتب عليه أضعاف الحراك السياسي، وتنفير فئات اجتماعية عديدة منه.

في نهاية الأمر ـ السلطة لم تستجب لمطالب الحراك، لأن أعضاء المعارضة بالأصل غير متفقين عليها، ولأن سلوك بعض المنتسبين للحراك السياسي ووقوعهم في المحظور القانوني والدستوري قد أوقع الحراك في حرج كبير، وأصاب الحراك بالضعف فتحولوا من الهجوم على السلطة إلى الدفاع عن نفسه.

فكثير من شباب الحراك مهددون بالسجن أو مسجونون بالفعل ، ونتمنى أن يكسبوا قضاياهم في النهاية، ولكن وسط كل هذا العجاج القانوني ربما أضاع الحراك السياسي أهدافه « ضيع صيدته بعجاجه»

في الختام ـ الثورات عنيفة وغير مضمونة النتائج، نجح بعضها في تحقيق أهدافه وفشل الكثير منها في ذلك، لكن لا احد ندم على التحديث والتطوير والحراك السياسي المنظم، فليكن الحراك السياسي المنظم هو هدفنا الذي نسعى إليه بكل سلمية.

 

عادل عبدالله المطيري

الكويت وحكم «الديمو»

قرأت كثيرا في الفلسفة السياسية وفي مواضيع كالديموقراطية والنظام السياسي والانتخابات والأحزاب وعموم الأفكار السياسية وفلسفاتها.

استوقفني كثيرا ما أورده الفيلسوف أرسطو في كتابه «السياسة» حيث كان له موقف سلبي من الديموقراطية والتي تعني حكم الشعب حيث ديمو تعني الشعب وقراطيا تعني الحكم بلغة اليونانيين، فأرسطو يصنف الديموقراطية كأسوأ الأنظمة السياسية لأنها ببساطة ستؤدي إلى حكم الأكثرية الفقراء غير المؤهلين للحكم.

وبالمصادفة يتفق أفلاطون مع أرسطو ضد الديموقراطية رغم اختلافهما بكل شيء، حيث يقول أفلاطون في كتابه الجمهورية ان «الديموقراطية هي نظام سياسي يحكمه الحمقى».

ما عنيته أن اليونانيين الذين ابتلونا باكتشافهم للديمقراطية هم أول من لعنها لأنهم ببساطة لا يريدون أن يحكمهم الدهماء.

وبالرغم من أن الديموقراطية المعاصرة تختلف كثيرا عن الديموقراطية اليونانية المباشرة حيث كان يحضر كل المواطنين اليونانيين إلى البرلمان ليقرروا ما يتفقون عليه.

لقد أصبحت الانتخابات والتمثيل النيابي بديلا عن الديموقراطية اليونانية المباشرة البدائية، فلقد اخترعت الديموقراطية الغربية الحديثة (الأحزاب السياسية) التي تتبنى بدورها مشاريعها وأفكارها الخاصة وتطرحها للمجتمع – وهو الذي يختار من يريد أن يحكمه أو بالأصح مالذي يفضله من الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة.

حيث لم تعد الأحزاب في الدول الغربية ترفع أفكارا وأيديولوجيات سياسية، لأن المجتمعات الغربية قد أنهت خلافاتها الطاحنة وتناقضاتها منذ زمن بعيد، حتى استقروا فكريا وسياسيا ودستوريا، وأصبحت المنافسة بين الأحزاب السياسية محصورة بمن يقدم حلولا افضل للمشاكل الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.

ونحن في الكويت ما زلنا نمارس الديموقراطية بطريقتنا الخاصة والتي لم يعرفها اليونانيون القدماء ولا الغربيون المعاصرون، حيث نذهب لنصوت لأشخاص ربما يخذلوننا أو لا يملكون الأغلبية التي تمكنهم من تحقيق ما انتخبناهم من أجله

لا تتفاءلوا كثيرا فحتى لو بدأنا بالتحديث السياسي اليوم، وأقررنا قانون الأحزاب السياسية والحكومة البرلمانية، فسيكون أمامنا طريق سياسي طويل جدا ومليء بالصراعات بين الأحزاب الجديدة حول المبادئ الأساسية للحكم أي شكل الدستور وصلاحية السلطات الثلاث ونوعية الحريات العامة، وإذا نجحنا بحسم الخلافات سريعا، واستقرت أوضاعنا الدستورية فعندئذ نكون قد وصلنا إلى حالة مشابهة للديموقراطية الغربية حيث سيتنافس السياسيون على من يستطيع أن يحقق الرفاهية للمجتمع.

عادل عبدالله المطيري

المعارضة المزيفة

في كل مرة أذهب فيها للإدلاء بصوتي في الانتخابات ينتابني شعور مربك جدا، حيث تختلط بذهني المفاهيم وتتضارب القيم في وجداني، فهل أنتخب على أساس عرقي وقبلي وعلى طريقة (الأقربون أولى بالمعروف)، أم يجب عليّ أن أدفع بمرشحي الصحوة الدينية وأستبرأ لديني، أم ربما أكون اكثر وطنية وأقوم بدعم مرشحي التجمعات السياسية المعارضة التي ترفع شعارات محاربة الفساد؟ جربت الخيار القبلي ولم ينفع المعروف بالاقربين، والخيار الاسلامي لم يجد، حيث كان اغلب البرلمانيين الاسلاميين السابقين اشد بعدا عن قضايانا الشرعية، كما اتضح لي ان الخيار الثالث كان اكثر الخيارات فشلا، وهو دعم مرشحي التجمعات السياسية المعارضة، الذين كانوا في الحقيقة يقتاتون على شعار مكافحة الفساد، وربما اكثر من الفاسدين انفسهم، ولذلك تجدهم لا يسعون أبدا للقضاء على الفساد، بل كان هدفهم الرئيسي هو تسليط الضوء على بعض الممارسات الحكومية الخاطئة فقط، ليبدأ بعدها فصل جديد من فصول مسرحية مكافحة الفساد والإصلاح، والتي يستعرضون فيها «بكل ما أوتوا من قوة» أمام السلطة والمجتمع معا، من اجل أن يبتزوا الأولى ويكسبوا تأييد الثانية.

القبليون والطائفيون والمعارضون جميعهم اشتركوا في هذا العمل السياسي المحترف، والذين خدعوا فيه المجتمع لسنين عدة، لم تكن لديهم رؤية للإصلاح السياسي، بل ربما لم يريدوا أصلا تغيير قواعد اللعبة السياسية لأنهم في النهاية مستفيدون من بقائها عندما كانوا «قبليين» كان من الشرف الاشتراك في الانتخابات الفرعية، وعندما اصبحوا معارضة قدحوا بالقبلية وفرعيتها.

أما الطائفيون، وبغض النظر عن نواياهم، فقد رفعوا شعار الدفاع عن الطائفة وفشلوا فيه، وكان من نتائج سلوكهم تقوية الطوائف الأخرى وارتفاع حالة الاحتقان المذهبي في المجتمع.

أما من حمل لواء المعارضة السياسية، فكانوا ولسنوات عديدة يتبعون المثل الشعبي «اضرب المربوط يخاف المنفلت»، حيث كانوا يستجوبون بعض الوزراء غير الأساسيين، وعلى خلفية بعض الأخطاء البسيطة، لكي يرغموا باقي الحكومة على تمرير مصالحهم.

ما الذي تغير؟ هذه حكومتنا وهذه ممارستها العتيقة، وهذه معارضتنا القديمة بشخوصها وتياراتها، كانوا وما زالوا في العمل البرلماني والسياسي منذ سنين طوال، لم يسبق لهم أن رفعوا شعارات الإصلاح السياسي الحقيقي كالحكومة المنتخبة وقانون الأحزاب واستقلال القضاء، ما الذي تغير إذن؟ من المؤكد ان المعارضة السياسية لم تتغير كثيرا لا من ناحية الأشخاص ولا الأفكار، من تغير هو المجتمع الكويتي وخاصة فئة الشباب الذين تعلموا وتثقفوا وشاهدوا تجارب الدول المتقدمة في الإصلاح وإدارة الدولة، وعرفوا أن ما كانت تقوم به المعارضة الكويتية في السابق يعد خطأ وربما كان متعمدا، ولذلك رفع بعض الشباب في الحراك مطالبهم الإصلاحية وبكل رقي وحضارية ولأول مرة، بينما كانت المعارضة السياسية آنذاك لا تهتم إلا برحيل حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد، واستمر الشباب بمطالبه الإصلاحية في عهد حكومة سمو الشيخ جابر المبارك، والتي احتوت المعارضة السياسية عندما كانت اغلبية برلمانية، حتى بعد صدور مرسوم الصوت الواحد، استمر الشباب بمطالبهم الإصلاحية، بينما كان كل هم المعارضة التقليدية هو عودة الأصوات الانتخابية الأربعة، والآن بعد ان اصبح الطلاق بائنا بين الحكومة والمعارضة التقليدية، تبنت الأخيرة مطالب الحراك الشبابي للاستقواء بهم في مواجهة السلطة.

أخيرا، أتمنى على السلطة الكويتية التي قطعت الطريق في العام 1962على المعارضة وتبنت الإصلاح السياسي والذي حول الكويت من امارة تقليدية إلى إمارة دستورية، ان تعيد الكرّة مرة أخرى فتقر قوانين الإصلاح السياسي كتنظيم الحياة الحزبية والتي ستقضي حتما على الطائفية والقبلية والمرتزقة السياسيين، وان تعيد النظر في تنظيم المناطق السكنية على عشر دوائر انتخابية مع صوتين انتخابيين، على ان تشكل الحكومة من الأغلبية البرلمانية، وان يعطى للسلطة القضائية المزيد من الاستقلالية.

بذلك تكون السلطة الكويتية قد واكبت موجة الإصلاح التي تجتاح إقليمنا الملتهب، وكذلك تخلصت من الابتزاز الدائم لها من المعارضة.

 

عادل عبدالله المطيري

ائتلاف «حدس» مع «حشد»

كنت أتمنى لو جمع ائتلاف قوى المعارضة الكويتية فعلا كل القوى السياسية في الكويت كما كان هدفه عند الإنشاء، ولكن وبعد ما يقارب الشهرين من إعلانه يبدو انه أصبح فقط «ائتلاف حشد مع حدس».

فنظرة خاطفة على مكونات الائتلاف المعارض كفيلة بإعطائك الحقيقة المرة، وهي ان العناصر المؤثرة في هذا الائتلاف هم فقط كتل العمل الشعبي «حشد» والحركة الدستورية الإسلامية «حدس».

أما محاولة الزج بالأغلبية البرلمانية السابقة أو ما تبقى منها في الائتلاف فقد أضعفه ولم يقوه، وخصوصا بعد أن أعلن البعض منهم عدم إيمانه بمبادئ الحراك الشبابي كالحكومة المنتخبة وقانون الهيئات السياسية الأحزاب.

وبخلاف حشد وحدس، لم يتبق سوى منظمة العمل الكويتي «معك» والتيار التقدمي، وهم تجمعات نخبوية لا تتمتع بشعبية بين صفوف شباب الحراك.

ربما النجاح الوحيد لائتلاف قوى المعارضة هو في استقطاب القوى الشبابية والمتمثل في تواجد الاتحاد الوطني لطلبة الجامعة وتجمع «حدم» الشبابي، ولكن يقابل هذا النجاح إخفاق كبير من قبل الائتلاف في استقطاب الليبراليين كتجمع المنبر الديموقراطي والتحالف الوطني وخلو الائتلاف أيضا من الراديكاليين الإسلاميين كالسلفية العلمية وحزب الأمة الإسلامي.

وعلى صعيد النقابات وجمعيات النفع العام لا وجود لهم باستثناء الاتحاد الوطني للعمال، وهو بالمناسبة يختلف عن الاتحاد العام لعمال الكويت، وهنا يجب أن نتوقف كثيرا ونتأمل في النقابات والجمعيات التابعة لحشد ولحدس خصوصا، فجمعية المعلمين ونقابة البترول ونقابة الخطوط الكويتية والجمارك وجمعية المحامين وجمعية حقوق الإنسان، كلها تعمل في قطاعات وأنشطة مهمة جدا، ويتوزع انتماء منتسبيها بين التكتل الشعبي وحدس، ومع ذلك لم تنضو حتى هذه اللحظة تحت قوى ائتلاف المعارضة.

ومن المؤكد أن الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» لم تدخل بكل قوتها في المعارضة إلى الآن، وربما لن تفعل لأنها تبحث دائما عن الصفقات الخاصة بها ولا تضع اعتبارا للمصلحة العامة.

أما كتل العمل الشعبي فكل طموحها عودة الأصوات الأربعة ويسيطر عليه الهاجس الانتخابي، ولكن وتحت وطأة تأثير الحراك الشبابي تبنوا فكرة الحكومة المنتخبة والهيئات السياسية، كما ان التكتل الشعبي يسعى دائما لتزعم الحراك السياسي ولو كان بمحاربة أطراف إصلاحية مؤثرة كتنسيقية الحراك وبعض المستقلين، مما افقدهم جزءا مهما من الشارع السياسي.

نتمنى على قيادة الائتلاف المعارض الذي نؤيده، ان يصحح أخطاءه قبل أن يطلق فعاليات، لأننا مع كل جهد إصلاحي.

وقديما قالوا «عد رجالك وأورد الماء»، حول الماء حيث تنتظركم الحكومة بكل ثقلها، والتي يبدو أنها تشجعت من تفكك المعارضة وأقدمت على تصريحاتها الأخيرة بعدم الحوار أو الرضوخ لتهديدات لمعارضة أو حب خشمها.

ملاحظة ختامية: «كتل العمل الشعبي وبعد أن شكلت مكاتبها ولجانها، فتح باب الانتساب إليها، والى كتابة هذا المقال لم تنشر مبادئها ولا أهدافها، وهذا يسيء إليها ويظهرها بأنها بحاجة إلى أتباع ليس لهم فكر ولا دور».