عادل عبدالله المطيري

الإخوان.. ضحية الخوف والطمع

أكثر من ثمانين عاما – والإخوان المسلمين في مصر يعانون من الاضطهاد السياسي والأمني، وبالرغم من ثورة يناير الأخيرة وسقوط نظام مبارك وانتصار الإخوان في الانتخابات وتسلم مرسي حكم مصر عاما كاملا، إلا أن أحلام الإخوان المشروعة بالحكم تحطمت على رؤوسهم كما تحطمت عليهم جدران مسجد رابعة العدوية الذي شهد آخر تجمع حاشد للإخوان بالقاهرة.

لاشك أن الإخوان المسلمين في مصر أخطأوا مرات عديدة، فبعد الثورة المصرية حيث كان الجميع يدرك أن الإخوان هم الفصيل السياسي الأكثر تنظيما وشعبية وبإمكانه حسم اي انتخابات لصالحه، ذهب الإخوان إلى طمأنة شركائهم بالثورة بانهم لن يترشحوا للرئاسة، إلا أن إغراء السلطة جعلهم يتراجعون عن وعدهم، وربما أيضا كان خوفهم من استمرار الحكم العسكري المؤقت هو ما اجبرهم على الالتزام بالمدد الزمنية لخطة للإصلاح السياسي كإصدار الدستور والانتخابات التشريعية والرئاسة بوقتها.

ربما يصدق على الإخوان في مصر المثل القائل (إن الشيطان يكمن بالتفاصيل) وأنا أزيد على ذلك وفي الانتخابات أيضا – فالإخوان ما كان عليهم خوض الانتخابات قبل إقرار الدستور وتشكيل حكومة وطنية من جميع شركاء الثورة، لكي تبدأ بتطبيق الدستور الجديد وتشرف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حتى لا تتعرض الهيئات المنتخبة للتشكيك فيما بعد – وربما تحل كما حصل مع مجلس الشعب، وإعلانات الرئيس الدستورية المبطلة.

وكان حريا بالإخوان المسلمين في مصر الاكتفاء بأغلبيتهم في مجلسي الشوري والشعب وترك الرئاسة لحلفائهم الليبراليين لإنجاح الثورة وعدم إثارة مخاوف الآخرين، عملا بالمثل المصري الشهير «اللي يأكل لوحده يزور».

بل حتى بعد أن تسلم الإخوان حكم مصر، وكثر عليهم الخصوم وعادت المليونيات المعارضة لميدان التحرير ضد مرسي هذه المرة وليس حسني.

مازلت لا أعلم أي حماقة دفعت بالإخوان للتمسك بالحكم وقد خسروا تعاطف أغلب الشعب، والذي ربما لم يقف ضدهم بل التزم الحياد عندما وجه خصوم الإخوان المحليين والإقليميين سهامهم ضدهم، فلا العقل ولا النقل يؤيد تمسك مرسي والاخوان بالسلطة وقولهم بانهم يدافعون عن الشرعية بدمائهم.

فلقد جرى العرف في الدول الديموقراطية ان من ينجح بنسبة منخفضة في الانتخابات لا يمكنه اقرار قوانيين ربما تحدث تغيرات جذرية، ولا يمكنه رفض إجراء انتخابات مبكرة اذا ما دعت اليها قوى عديدة في المجتمع، فما بالك بالانقسام الحاد الذي كان وما يزال يحصل في المجتمع المصري.

اما من ناحية الشرع – فكان واضحا جدا للإخوان أن الجيش قد حسم أمره، وان هناك فئات عديدة تؤيد تحركه ضد الرئيس مرسي، فكان يجب عليهم حقن الدماء والقبول بالمبادرة الأخيرة المتمثلة بانتخابات رئاسية مبكرة، وربما استفادوا مستقبلا من هذا الموقف البطولي لمرسي والإخوان

ولكن إصرار الإخوان وتمسكهم بالحكم الذي كان من الواضح انه يتهاوى على رؤوسهم، واستخدامهم للتعبيرات الدينية والاحكام الشرعية ضد خصومهم، اسقط عنهم ورقة التوت التي كانت تسترهم شرعيا وديمقراطيا، حيث اصبحوا اقرب للتكفيريين منهم لفكر الإخوان الوسطي، وتحول سياسيو الإخوان إلى مشايخ دين للنجاة بحكمهم.

كل ما سبق ربما يؤكد ذكاء الدولة العميقة أو ما يسمى بالفلول، والتي حذر منها مرسي كثيرا، والذي أيده فيها اخيرا البرادعي «بعد خراب مالطا» عندما استقال من منصبه كنائب للرئيس الانتقالي الحالي، مبررا استقالته بانه تأكد من صحة كلام مرسي بوجود الفلول وراء كل ما حدث ويحدث الآن.

أخيرا – ربما وقع الإخوان المسلمين في مصر ضحية بين خوفهم من عودة أعدائهم إذ ما تأخروا بإقرار الدستور والانتخابات الرئاسية وبين طمعهم بالسلطة التي لطالما حلموا بها لعقود وهم يقبعون بالسجون.

حكمة سياسية: «اذا كان الاغبياء يضيعون الحكم – فان الأذكياء ربما يستردونه مرة أخرى».

 

عادل عبدالله المطيري

سورية.. بوسنة العرب

ما يحدث في سورية منذ ما يقارب 3 سنوات لا يمكن أن يتخيله عقل إنسان فضلا عن أن يرضاه ضميره.

تراكمت المآسي الإنسانية في سورية والتي تنقل مباشرة للعالم كله بالصوت والصورة، ومع ذلك لا يتحرك المجتمع الدولي ولا منظماته لوقف تلك الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية والمتمثلة بحرب الإبادة الجماعية وحصار المدن السورية وقصفها العشوائي بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود قبل ان تدخلها قوات النظام حيث تقتل وتغتصب ما تبقى من نساء وأطفال.

من كثرة عدد المذابح الجماعية للأطفال وليس للرجال والنساء فحسب، لم نعد نتذكر الأسماء التي أطلقت عليها ولكنها بلاشك وبالمحصلة النهائية هي أعنف أو على الأقل تماثل بوحشيتها مذابح الحرب في البوسنة والتي ارتكبها الصرب بل ربما تكون مأساة سورية قد فاقت ما جرى في البوسنة والهرسك من جرائم، فلو قارنا بين ما يحدث في سورية وما حدث في البوسنة فسنجد أن في سورية قتل إلى الآن أكثر من 100 ألف، وهناك حوالي 10 آلاف معتقل سوري في ظروف غير إنسانية، واكثر من مليوني لاجئ سوري خارج الوطن، و4 ملايين نازح داخل الأراضي السورية.

أما في مذابح البوسنة والهرسك التي دامت أيضا قرابة الثلاث سنوات، فقد قتل فيها اكثر من 97 ألف بوسني ونزح حوالي 1.8 مليون بوسني عن مناطقهم، وكان عدد اللاجئين حوالي 10 آلاف.

أنا هنا لا أحاول التهاون في جرائم الحرب التي ارتكبت في البوسنة ولكنني احاول توضيح حجم الكارثة الانسانية في سورية.

هل تعلم عزيزي القارئ .. أن الحرب في سورية مثل الحرب في البوسنة او أشد سوء منها؟، ولكن الفرق بينهما كان في الموقع الجغرافي وتأثيره في سلوك القوى العظمى..حيث كان الموقع الاستراتيجي للبوسنة في أوروبا وبجانب دول حلف الناتو، حيث تتنازع روسيا وأميركا النفوذ في تلك المنطقة بعد الحرب الباردة، فكان يجب حسم النزاع لصالح الغرب أولا والبوسنة ثانيا، بينما الموقع الجغرافي لسورية للأسف لم يخدمها بل ربما أضرها، حيث تقع سورية بالقرب من إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأميركا والغرب، وليس من مصلحة إسرائيل سقوط بشار ونظامه الموالي لها سريعا حتى لا يأتي بدلا عنه نظام وطني قوي ومتماسك فربما يهدد أمن إسرائيل أو يغير ميزان القوى في المنطقة لغير صالحها.

إذن من الضروري للغرب وإسرائيل إطالة مدى النزاع في سورية حتى وان ابيدت اغلب المدن السورية على غرار الخراب الذي وقع في مدينة حمص حيث تمت تسويتها مع الأرض، وعلى أمل ان تتحول الحرب في سورية مع مرور الوقت إلى نزاع طائفي ومناطقي يؤدي إلى تقسيم سورية إلى دويلات طائفية صغيرة وضعيفة وحاقدة على بعضها البعض، يسهل على إسرائيل التعامل معها، وحتما لن تشكل تهديدا لامنها.

ختاما .. العلاقات الدولية تقوم على أساس المصالح فقط، وأحيانا تتقاطع المصلحة مع الإنسانية وأحيانا أخرى تكون ضدها، في البوسنة كانت الإنسانية تتقاطع مع مصالح الغرب، أما في سورية فللأسف تنافرت مصالح الدول العظمى مع الإنسانية.

عادل عبدالله المطيري

معارضة «أم صوتين وأم وجهين»؟

كنا الى وقت قريب، نعلق الآمال الكبيرة على المعارضة السياسية الكويتية لتقوم بطرح رؤية اصلاحية شاملة تتسم بالعقلانية ووضوح الأهداف، ولكن للأسف خاب ظننا فيهم.

لربما كان تبني المعارضة الكويتية ومنذ اللحظة الأولى للحراك لغة سياسة حادة في خطابها، نفر منها الكثير، وأوقعها في المحظور القانوني، حيث صدرت أحكام قضائية ضدهم، مما جعل موقفهم ضعيفا جدا أمام السلطة، وأرغمهم على التفاوض معها على حلول وسط.

بل حتى استخدام المعارضة للشارع لم يكن جيدا، فشعارات أو أناشيد المتظاهرين كانت عنيفة ضد السلطة رغم سلمية سلوك المتظاهرين مما جعل الأمن يتعامل بحزم أكبر معها.

كما أن شباب الحراك لاحظ الغياب المتكرر والمتعمد لرموز المعارضة وأقاربهم عن المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، وخصوصا عندما تبدأ قوات الأمن بالتعامل مع المتظاهرين أو عند بداية الاعتقالات، كل ما سبق قلل من الحماسة بين صفوف المتظاهرين في الشارع حتى تلاشت كثافة المسيرات واختفت تدريجيا.

كما كان واضحا ومنذ الوهلة الأولى، غياب الأفكار والرؤى مقابل الحضور الطاغي للشعارات والمشاعر والأناشيد والخطب.

حتى وقت قريب كنا نتوقع أن تطرح قوى المعارضة أفكارا سياسية جديدة وتقوم بتسويقها في المجتمع، لأن هذا هو الطريق الوحيد والآمن للاصلاح وان كان طويلا.

يبدو أن المعارضة فشلت فشلا ذريعا في معارضتها، كما أنها لم تعد تتحمل البعد عن مقاعد البرلمان، فقد وصلتنا أخبار عن أن المعارضة ستقبل بأن يعدل مجلس الأمة الحالي قانون الانتخاب ليصبح للناخب صوتان بدلا من صوت، ليرفع الحرج عنها، وعندها ستغير المعارضة موقفها المبدئي والرافض والمقاطعة للانتخابات البرلمانية، وستنزل بكل قوتها في الانتخابات التي ربما سيدعى لها مبكرا عن موعدها.

وعندها سنعلم أن المعارضة ورموزها قد خدعونا بشعاراتهم ومثاليتهم وكل ما روجوا له، والذي راح ضحيته شباب في عمر الزهور غرر بهم ووضعوا في اللوائح السوداء عند أجهزة الأمن، ولن يثق المجتمع بالنهج المعارض مجددا، وعندئذ سيتأخر الحراك السياسي الكويتي لسنوات عديدة، حتى يخرج جيل جديد من القيادات السياسية الاصلاحية والتي ربما يمكنهم أن ينجحوا في بناء جسور الثقة من جديد بينهم وبين المجتمع الكويتي.

هل يحق لنا الآن أن نطالب المعارضة باعلان موقفها مسبقا من مسألة التعديل الجزئي لقانون الانتخاب، والا فسيستحقون وبكل جدارة لقب المعارضة المزيفة «أم صوتين وأم وجهين» اذا صح التعبير، كل حراك وأنتم بخير، وينعاد عليكم بعد عقد من الزمان.

 

عادل عبدالله المطيري

حكومة وبرلمان جديدان

 الكل يطمح الى ان يصاحب تشكيل الحكومة الجديدة ومجلس الأمة الجديد رؤية سياسية جديدة، تخرجنا من مأزقنا السياسي والاقتصادي والتنموي بل حتى الدستوري الذي وضعنا فيه رغما عنا جميعا.

من الملاحظ ان التغيير في تركيبة مجلس الأمة كان كبيرا جدا وصل إلى أكثر من النصف، وبالرغم من الجدل والخلاف حول آلية الانتخاب إلا أن غالبية شرائح المجتمع الكويتي متواجدة تحت قبة عبدالله السالم، وكأن الكويتيين وبدلا من أن يطالبوا بحكومة وحدة وطنية كما في البلاد الأخرى، أنشأوا برلمانا للوحدة الوطنية، وسيكون لقراراته بعد شعبي كبير وخصوصا عندما يتناول تعديل قانون الانتخاب كما أن تشكيل الحكومة، هو الآخر ، طرأ عليه تغيير جوهري، فقد أخذ بالاعتبار عامل الكفاءة والخبرة في حقائب وزارية مهمة، كالداخلية والدفاع والمالية، حيث تولاها اكثر أبناء الأسرة الحاكمة خبرة ودراية في مجال تلك الوزارات السيادية.

الجميع يأمل ان تعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية وفق مبدأ التعاون والتوافق، كما جاء في النطق السامي لسمو الأمير حفظه الله، فالتحديات الأمنية والسياسية التي تمر فيها المنطقة خطيرة جدا، كما أن المواطن الكويتي أحبط كثيرا من ممارسات الحكومة والمجلس على حدا سواء، وبات ينشد الاهتمام بقضاياه المعيشية العادلة والبسيطة كالصحة والتعليم والسكن فهل هذا كثير على «الكويتي» الذي تحمل كل الضجيج السياسي مؤخرا.

عادل عبدالله المطيري

شارك أو لا تشارك بالانتخابات

كان من الممكن لمقاطعة الانتخابات الماضية أن تنجح لو استمر الحراك السياسي المواكب لها وازداد زخما، ولكن للأسف تفرغت المعارضة السياسية الكويتية لتسوية خصوماتها الداخلية حتى وصلت للعلن، فضعف الحراك إن لم يمت، وضاعت على المواطنين المقاطعين فرصة إيجاد معارضة بديلة ولو كانت متواضعة داخل البرلمان السابق، مقاطعة الانتخابات البرلمانية لم ولن تكون هدفا سياسيا بحد ذاتها، بل هي لا تتعدى أن تكون مظهرا من مظاهر المعارضة السياسية، ولن تؤتي المقاطعة أُكلها إذا لم تساندها ممارسة كل أعمال الاعتراض السياسي السلمي.

لقد خلا الشارع السياسي في الكويت من التظاهرات الاحتجاجية السلمية والتي كان يدعو لها رموز المعارضة، وكان حريا بهم أن يبقوا في الشارع حتى تنفيذ مطالبهم المشروعة، ولكن اختفاء رموز المعارضة في دواوينهم والاكتفاء بإطلاق التهديد والوعيد وممارسة المفاوضات من تحت الطاولة، جعل شباب الحراك السياسي في الكويت يفقد الثقة بالمعارضة.

لا بديل سياسيا ومنطقيا تطرحه المعارضة لمؤيديها لحل الإشكال السياسي، بل ربما وصل اليأس بهم الى انهم كانوا يعولون على عودة مجلس 2009 المنحل الذي وصفوه بأبشع الصفات ليضع لهم قانونا انتخابيا جديدا ولو بصوتين لكل ناخب لكي يزول الحرج عنهم ويعودوا للترشح لعضوية مجلس الأمة.

لا تملك المعارضة السياسية رؤية واضحة ومتكاملة للإصلاح الشامل لتقدمه لشباب الكويتي، حتى يمكنهم أن يبدأوا حراكا سياسيا واضح الأهداف والوسائل.

لا يمكن أن تمنع الناس من حق الانتخاب، وفرصة إيجاد نواب يدافعون عن قيمهم وأفكارهم ويسعون لتحقيق جزء من أهدافهم بل ان المتظاهرين في المستقبل بحاجة إلى نواب يحمون ظهرهم في البرلمان، وكلنا يتذكر الضغوط التي مارسها بعض النواب والنائبات في المجلس المبطل الثاني على وزير الداخلية ليتعامل بعنف مع المتظاهرين، ولولا حكمة الوزير الحمود لحدث ما لا تحمد عقباه، وأنا لست راضيا عن أوضاعنا السياسية، والإصلاح عمل شاق ومتواصل وجماعي، يجب ألا تنفرد به قيادات المعارضة بل يجب أن تشاركنا جميعا ذلك العبء.

في الختام، شاركوا أو لا تشاركوا في الانتخابات غدا، فلقد أصبحت المشاركة نوعا من أنواع الأعمال الاجتماعية وليست من أعمال السياسة.

 

عادل عبدالله المطيري

مكاتبنا الثقافية: د.الفريح وأبناؤه

كما هو الحال في كل عام هاهي دفعة جديدة من طلبتنا خريجي الثانوية العامة سيقبلون في جامعة الكويت والكليات التطبيقية والكليات العسكرية أيضا، وسيبقى ما لا يقل عن نصف هؤلاء الخريجين بلا مقاعد تعليمية في الكويت، وسيذهبون للدراسة خارج الوطن وكما تقول الحكمة «اطلبوا العلم ولو بالصين» وسواء كانت تلك الدراسة عن طريق الابتعاث الحكومي أو على نفقتهم الخاصة.

وبالتأكيد سينتشر أبناؤنا الطلبة في طول الأرض وعرضها بحثا عن طلب العلم الجامعي، في الغرب والشرق ولكن تبقى «جمهورية مصر العربية» الخيار الأكثر شعبية بين طلبتنا وخصوصا الذين ينوون الدراسة في بلد عربي.

وكما هو معلوم، تتحمل وزارة التعليم العالي مهمة تسجيل الطلبة في الخارج بل وتشرف عليهم حتى تخرجهم وعودتهم إلى بلدهم وهم حاملون شهاداتهم الجامعية وخبراتهم المعيشية التي اكتسبوها.

وعلى مكاتبنا الثقافية في الخارج يقع العبء الأكبر، فاختيار الجامعات ذات الجودة التعليمية مهم جدا ولكن يجب أيضا ألا يغفلوا عن اعتماد جامعات منخفضة التكاليف، فليس كل الطلبة ميسوري الحال،

بعض المكاتب الثقافية تلتزم باللوائح حرفيا وتدور في فلك البيروقراطية المزعجة لطلبتنا وأولياء أمورهم في الخارج، وتعاملهم رسمي جدا مع الطلبة والجامعات، ويغفلون عن الدور الأبوي المسؤول عن راحة الطلبة وتهيئة الظروف المناسبة للتعليم في جامعاتهم، فالكثير من العقبات كانت ستزول لو تدخل المسؤولون مباشرة لحلها مع الجامعات خاصة إذا كانوا يتمتعون بعلاقات ودية واتصالات اجتماعية مع مسؤولي تلك الجامعات في الخارج.

مكتبنا الثقافي في القاهرة ومديره د.فريح العنزي مثال لذلك التربوي الذي يملك علاقات قوية مع مؤسسات التعليم العالي المصرية ويسخر ذلك لخدمة أبنائه الطلبة الكويتيين والذين يتعامل معهم وكأنهم أبناؤه.

ولا يسعنا إلا أن نستذكر أيضا الكوكبة الشبابية النشطة في اتحاد طلبة الكويت في القاهرة ومنهم الأخ فيصل الحربي وزملاؤه الذين ذللوا الصعاب أمام زملائهم الطلبة المستجدين.

أدام الله على مصر الأمن والأمان، لتستمر منارة للعلم ومصنعا للعلماء لا ينضب.

عادل عبدالله المطيري

المصري مرسي وأربكان التركي

طغى المشهد المصري على كل ما سواه من أحداث عربية وعالمية، فمصر بلاشك دولة إقليمية كبرى ولها وزنها في السياسات العالمية. فبعد ازاحة الرئيس مرسي هدأت نوعا ما حرب الميادين في مصر، فـ«الإخوان المسلمين» وصلوا الى السلطة أخيرا بعد كفاح سياسي طويل ومكلف ولن يتنازلوا عنها بسهولة، فلا أحد يجادل في شرعية الرئيس مرسي الدستورية، ولكن في نهاية المطاف انقلب مزاج الشارع ضده، وكان لابد أن يرحل، فالأمة دائما وأبدا هي مصدر السلطات والشرعية.

لا أحد يتنازل عن الحكم طواعية لخصومه، ولكن عندما يكون الخيار بين الخروج طواعية وحقن دماء المصريين وتفويت الفرصة على من يراهن على الاقتتال الداخلي وتشويه سمعة الإخوان المسلمين، وبين التمسك بسلطة زائلة لا محالة ـ وحكم بلد ممزق بعد أن تشتعل فيه لا سمح الله ـ الحرب الأهلية والدينية.

يجب أن يستوعب إخوان مصر الدرس من إخوان تركيا، حيث لم يسمح الجيش التركي والقوى العلمانية المتطرفة من أن يحكم الإخوان في تسعينيات القرن الماضي ولم يقاوم إخوان تركيا تلك السياسة الإقصائية بالقوة والعنف بل بالحكمة، فتنحوا جانبا من الرئاسة في زمن نجم الدين أربكان، وقاموا بتدعيم شبكة حزبهم الإسلامي في البرلمان والبلديات وعن طريق نشر أفكارهم وطرحهم العقلاني حتى أصبح إخوان تركيا الآن أقوى بكثير من العلمانيين والجيش معا.

يبدو أن الخيارات المتاحة أمام الإخوان في مصر محدودة، فإما التمسك بالسلطة الآنية مع خراب البلاد والعباد أو التنازل عنها مؤقتا وترتيب الأوضاع وتسجيل موقف مشرف.

 

عادل عبدالله المطيري

عصر الحروب الطائفية

 هل بدأ شبح الحروب الطائفية يطل بوجهه الكريه على منطقتنا العربية بل الإسلامية ككل، هل يعي الجميع مخاطر الحروب الطائفية، وأنها تعتبر من أسوأ أنواع الحروب على الإطلاق واكثرها وحشية وقذارة، فلا فرق فيها بين الحجر والبشر، ولا الكبير والصغير ولا الرجال والنساء، هي حرب عمياء لا تميز بين ضحاياها، وشعواء لا تبقي ولا تذر. إذا كانت الحروب بين الدول تستبيح الأرض، فإن الحروب الطائفية تستبيح العرض.

تلك المقدمة كان لا بد منها لوصف المخاطر التي تهدد منطقتنا وصفا دقيقا، والتي لن تنهكها فحسب بل ربما تبيدها. هل نحن في زمن الحروب الطائفية؟

للأسف، الإجابة عن هذا التساؤل ربما تكون بنعم، فأعداؤنا أحسنوا تجهيز الساحة لتلك الحرب الطائفية منذ حرب العراق عام 2003 حيث مكنوا لسيطرة الطائفيين عليها، مرورا باغتيال الحريري 2006 وتهميش المسلمين السنة والمسيحيين أمام الطائفيين في لبنان، حتى أحداث البحرين الأخيرة وما جرى من الاستقواء بالطائفة هي جزء لا يتجزأ من المشهد البارونامي الطائفي، بل إن فشل الدولة في اليمن وما حدث من تقوية نفوذ الحوثيين فيها، والذين انتهجوا نهجا عنيفا تجاه المجتمع اليمني تارة وتجاه السعودية تارة أخرى، كان حلقة في سلسلة الطوق الطائفي الذي أحكم قبضته على رقبة الأنظمة المعتدلة في الخليج.

وأخيرا كانت القنبلة النووية الطائفية التي تفجرت في سورية، حيث يستغل البعثيون هناك الطائفة العلوية والشيعية بكل قذارة للدفاع عن حكمهم العلماني، ويسارع الطائفيون بكل حماقة للدفاع عن نظام بشار اللاديني، ما يرتكب الآن في سورية من أعمال وحشية يبدو أنها مرشحة للانتقال إلى لبنان مملكة الطوائف بامتياز.

أتمنى من العقلاء أن يدركوا حقيقة الأمر، وهو أن الشعوب تريد الحرية والتقدم وإسقاط أنظمة التخلف الديكتاتورية، والأخيرة تدافع عن حكمها الذي تعتقد باطلا انه حق مكتسب لها دون سواها، فتستحضر الدين وتستخدم الطائفة لكسب الاتباع لها، حيث لا تملك أي شرعية قانونية أو دستورية للاستناد اليها، فلا تنخدعوا فيهم أيها الطائفيون.

لسنا ببعيدين عن أحداث الحرب الأهلية اللبنانية المروعة التي استمرت 15 عاما، ولا مذابح رواندا العرقية بين التوتسي والهوتو ولا مذابح الصرب في البوسنة، فلا تدمروا أنفسكم بالطائفية فهي اكثر فتكا من أسلحة الدمار الشامل.

قديما قال زهير ابن ابي سلمى واصفا الحرب الأهلية الطاحنة بين عبس وذبيان :

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

وما هو عنها بالحديث المرجم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمة

وتضرى إذا ضريتموها فتضرم

فتعرككم عرك الرحى بثفالها

وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم

كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم

عادل عبدالله المطيري

الحراك لا حراك فيه

أتمنى أن أكون مخطئا، وأن يكون الحراك السياسي مازال موجودا وينتظر فقط الظرف السياسي المناسبة ليعاود نشاطه وتألقه، ولكن الحقيقة والتي لا مناص منها أن الحراك لا حراك فيه.

لماذا انتظرت الأغلبية حتى النطق بحكم المحكمة الدستورية في مرسوم الصوت الواحد لتبدأ بإطلاق وعودها بتحركاتها السياسية؟

هل كان فعلا هدف الأغلبية الحقيقي من وراء كل هذا الحراك السياسي هو عودة الأصوات الأربعة فقط؟

وإلا لماذا فرضت الأغلبية التهدئة على الحراك طوال الأشهر الأخيرة انتظارا لحكم المحكمة الدستورية؟

هل غاب عن ذهن الأغلبية أن مطالبها كالحكومة المنتخبة أو الحكومة البرلمانية وإشهار الأحزاب السياسية هي مطالب «خارج الدستور» وحتما خارج موضوع الطعون الدستورية التي تصدت لها المحكمة.

حتما لو كانت المعارضة جادة في مطالبها لما انتظرت كل هذا الوقت، ولذهبت إلى الخيارات المتاحة لها وهو إما إلى الحوار والتفاوض مع السلطة أو إلى الشارع الكويتي لإجبار الحكومة على التعاطي الإيجابي مع مطالبها.

ليعلم الجميع أن مطالب الحراك الآن وبعد حكم المحكمة الدستورية الأخيرة أصبحت مطالب غير دستورية وإن كانت مشروعه سياسيا.

ولتعلم المعارضة أيضا أنها خسرت قواعدها الشعبية التي قاطعت معها الانتخابات البرلمانية الماضية، والتي ستشارك وبكثافة في الانتخابات القادمة، إذا ما تمت الدعوة لها خلال الشهرين القادمين.

ختاما: يبدو أن الحكومة انتصرت على المعارضة، ونحن لا نستحق أكثر من صوت انتخابي واحد فقط لا غير.

عادل عبدالله المطيري

المحكمة الدستورية والحكومة المنتخبة

ربما يدخل يوم الأحد القادم 16/6 التاريخ الكويتي من أوسع أبوابه، إذا حكمت المحكمة الدستورية في الطعون الدستورية المدرجة أمامها، وبلاشك سيكون لأحكامها الدستورية والنهائية تأثير كبير علي الحياة الديموقراطية الكويتية.

ينتظر أغلب المراقبين السياسيين بفارغ الصبر، الفصل في الطعن الدستوري على مرسوم الضرورة الخاص بالصوت الانتخابي الواحد، ويغفلون عن الطعن الدستوري الآخر والذي أعتبره – الطعن الأكثر أهمية بتاريخ الكويت، وهو الطعن في مرسوم حل مجلس أمة 2009، والذي تقدم به نواب سابقون، حيث اكدوا في طعنهم الدستوري أن الحكومة وبعد تشكيلها لم تتمكن من الحضور إلى مجلس الأمة ولم تؤدي اليمين الدستورية أمام نوابه، وبذلك لم تستكمل شروط عملها الدستوري ولا يحق لها أن ترفع كتاب عدم التعاون والذي على أثره تم حل مجلس أمة 2009.

بما أن المحكمة الدستورية لم يسبق لها أن تعرضت لمثل هذا الطعن الدستوري الفريد من نوعه، تصوروا معي – لو حكمت المحكمة الدستورية بإلغاء هذا المرسوم لهذه الأسباب بالتحديد، وهو عدم أداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة أمام البرلمان – سيترتب عليه إمكانية أن ترفض الأغلبية البرلمانية ولأول مرة في التاريخ السياسي تعيين رئيس حكومة أو حكومة جديدة قبل أن تباشر عملها، وسيكون هذا الإجراء (الامتناع عن حضور جلسات مجلس الأمة من الأغلبية البرلمانية) بمنزلة عدم إعطاء الثقة للحكومة عند تشكيلها

ومن شأن مثل هذا الحكم الدستوري أن يعد مدخلا لفرض الحكومة البرلمانية والتي سعى الحراك السياسي مؤخرا بالمطالبة بها، والتي كنا نعتقد باننا بحاجة لتعديلات دستورية للوصول إليها.

أما الحكم الدستوري الثاني والذي يتعلق بمرسوم الضرورة والخاص بالقانون الانتخابي ذي الصوت الواحد، فلا اعتقد انه سيبتعد عن الرأي السابق للمحكمة الدستورية عندما نظرت بقانون الدوائر الخمس وحصنته قائلة إن قانون الانتخاب خاص بالمشرع وحده دون سواه، والمشرع في الدستور الكويتي هو «صاحب السمو ومجلس الأمة معا» إلا في حالات خاصة كما في المادة 71 من الدستور الكويتي حيث يكون لسمو الأمير منفردا حق التشريع بمراسيم ضرورة عند غياب مجلس الأمة.

لذلك سيكون هذا الحكم الدستوري بمنزلة التفسير لمبدأ الضرورة وحدود تطبيقاته.

ختاما – ربما تحدث أحكام المحكمة الدستورية تطورا سياسيا كبيرا لم يكن بحسبان أحد.

ففي كل مجتمع ديموقراطي وحي – ينشأ عند ممارسة الصلاحيات بين السلطة التشريعية والتنفيذية بعض الاختلاف وخصوصا عندما تظهر بعض الأمور المستجدة والتي يجب أن تحسمها السلطة القضائية، فإما أن تذهب مع التوسع في الاتجاه البرلماني وتقيد الصلاحيات الرئاسية أو العكس.