علي محمود خاجه

ما يفيد

تشدقكم بعبارات الوحدة الوطنية وبعض صور التلاحم  بين أطياف المجتمع في المناسبات لن يغير من الواقع أي شيء، فبعض اللقطات والعبارات التي تقال في يوم أو يومين لن تغير من واقع يغرس طوال سنوات في النفوس والعقول. فكيف سيقتنع من درس وكبر وتعلم على مبدأ الكره ورفض المختلف بل محاربته طوال حياته، بأن عليه أن يحب ذلك المختلف ويتعايش معه بعبارة ترد في مناسبة لحظية أو بصورة تنشر كرد فعل على حدث معين، في وقت يستمر فيه نشر الكراهية عبر كل وسيلة ممكنة؛ بيت ومدرسة ومسجد وتلفزيون وصحافة وكل ما تقع عليه الأعين؟ لنأخذ الكويت مثالا دون بقية الدول المحيطة، وهي الدولة التي بناها الجميع بمختلف معتقداتهم سواء كانت معتقدات إسلامية أو غيرها من أديان وعقائد، وانظروا كيف تتحدث المناهج عن الكره وتأصيل الفكرة الواحدة دون سواها، وكل ما يختلف معها كافر والكافر يحارب ويقتل، وانظروا للمساجد وكيف تزخر دروسها بالتصيد على المذاهب الأخرى وتستهزئ بكل ما هو مختلف، واسمعوا ما يثار في القنوات من حوارات أساسها تأجيج الخلافات بين المعتقدات، فماذا تتوقعون أن تكون النتيجة من كل ما يثار؟ حتى إن لم تصل إلى القتل والحرب الجسدية إلى الآن فإنها حتما ستصل إلى ذلك في يوم ما، فنحن نسير في ذلك الطريق دون توقف أو تراجع. انظروا لما حدث في سورية والعراق والبحرين واليمن ومواقف الكويتيين المتفاوتة منها، وانقسامهم الحاد حتى في قضايا يجب ألا تعرف سوى التعاطف والرأفة لتعلموا واقعنا جيدا، وكيف أن الكراهية التي زرعتها الدولة وما زالت تعززها تعيش في النفوس. في عالمنا العربي أكثر من 100 قناة تلفزيونية دينية ما بين تلك المخصصة للأطفال وغيرها للكبار، وكلها تصبو إلى هدف واحد وهو إثبات أن معتقدها هو الصحيح، وبقية المذاهب والأديان على خطأ، لدرجة أصبحت فيها النظرة إلى صاحب المذهب أو الدين المختلف مشابهة لنظرتنا إلى مدمن المخدرات الذي يجب أن نبتعد عنه وننبذه، ولن تتغير هذه الحال أبدا، فالقارب الذي ما زلنا نزيد في ثقوبه لن تمنعه عبارة "كلنا في قارب واحد" من الغرق. إن كنا فعلا نريد محو ما صنعناه على مدار أكثر من 30 عاما فلابد من نسف كل ما تحويه مناهجنا بالمقام الأول، وإعادة تقديم الدروس على أساس واحد دون سواه، وهو أن الاختلاف طبيعي ولا توجد حقيقة مطلقة، بل هناك اجتهادات للوصول إلى الحقيقة، وأن اتباع رأي مذهب أو عقيدة أو دين دون الآخر أمر لا بأس به، وأن الإنسانية لا علاقة لها مطلقا بأفكار الناس بل بأساليب تعاملهم مع بعضهم بعضا. لن يجدي غير هذا الحل شيئاً أبدا، ولن نتمكن من الاستمرار في التعايش وفق الحد الأدنى ما لم نغير ونتغير، أما الصور والعبارات في المناسبات فلن تتمكن أبدا من تغيير ما في النفوس.

علي محمود خاجه

قصة أحمد

المشهد الأول: أحمد في المدرسة أحمد يبلغ من العمر عشرة أعوام عاد للمدرسة بعد الإجازة الصيفية ليستلم جدوله الدراسي، وكان كالآتي: دين– عربي– حساب- فرصة– اجتماعيات– علوم– موسيقى– إنكليزي. وبدأت حصة الدين التي يدرسها الأستاذ مصطفى ليقدم فيها الأستاذ بعد التحية جرعات من الدعوة للدين والتشجيع على الصلاة في المساجد، وعدم تفويت الفرصة أبدا، مشجعا طلبته ومن بينهم أحمد على الصلاة في المسجد والاستماع للدروس الدينية التي تقام هناك، وما في ذلك من أجر وحسنات في ميزان الأعمال. المشهد الثاني: شغف أحمد تحمس أحمد وبعض التلاميذ وباتوا يرتادون المساجد دائما داخل المدرسة وخارجها، يصلّون ويتلقون الدروس الدينية المتنوعة طمعا في الأجر والثواب، فتارة يسمع عن أحكام الصلاة، وأخرى عن فضل الصيام، ومرة عن نعمة الإسلام، وأخرى عن محاولة الكفار طمس الدين، فتعلق أحمد بالأمور الدينية، وكبر معها واستمر في تلقي علومها من شيوخ المساجد إبراهيم ويوسف ومحمد وأساتذة الدين المتعاقبين مصطفى وأسامة وناصر ويعقوب، وباتت القنوات الدينية عبر التلفاز هي قنواته المحببة التي يتابع ما يبث عبرها بشغف ليتلعم عن الإسلام ومذاهبه وفروعه، ويبحث عن الفرقة الناجية وكيفية التعاطي مع الأديان والمذاهب الأخرى. المشهد الثالث: ضيق أحمد وبات يناقش زملاءه ممن يختلفون معه في المذهب، ويحاول أن يقنعهم بصواب مذهبه وفساد مذاهبهم، وينظر للأديان الأخرى بازدراء وسخرية وغضب أحيانا، فكيف لقوم أن يعبدوا البقر أو النار، وكيف لآخرين أن يرتضوا غير الإسلام دينا؟ وأصبحت القنوات والكتب والمناهج وكل ما هو مرتبط بالدين من حوله يحثه على اتجاه واحد، وهو نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله، وهي أعظم درجات الإسلام كما علمه أساتذته وشيوخه وقنواته. بات أحمد يشعر بالضيق مما يدور حوله، فالمبتعدون عن الإسلام الصحيح بنظره كثر، سواء من جيرانه أو حتى الدول المحيطة به، وكان يعبر عن هذا الضيق لكل من حوله، وكانوا يبادلونه الشعور بالضيق وضرورة العمل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها السليم، مستعينين بكل القصص والروايات المحفزة لإعلاء الدين الصحيح، وضرورة محاربة من يدعو لغير ذلك، فإما أن يعودوا إلى الدين الصحيح أو أن يستشهد دون ذلك فيحظى بالنعيم ويخلد فيه. المشهد الرابع: قرار أحمد وبالفعل لم يجد أحمد بداً من التحرك ضد كل ما يخالف معتقداته، فبات يحاربهم بلسانه وبقلبه، ولم يكتف بأضعف الإيمان، فهو يريد أن يحارب المنكر بشكل أكبر، ولابد من استخدام يده فانضوى تحت لواء بعض رفاقه ليحارب الخارجين عن الملة بيده إلى أن جاء اليوم الموعود ليتجه إلى مدينة مجاورة لمدينته تنتهج منهجا عقائديا آخر، وبحث عن أكبر مكان يجتمع فيه أهلها ليفجر نفسه بينهم، ويسقط أكثر عدد منهم، وعلى وجهه ابتسامة رضا وفي قلبه فرح كبير بالشهادة. المشهد الأخير: قناة دينية تبث قناة أحمد الدينية المفضلة برنامجا على الهواء مباشرة يظهر فيه كل الشيوخ والأساتذة الذين تتلمذ على أيديهم أحمد، الشيخ إبراهيم والشيخ يوسف والشيخ محمد والأستاذ مصطفى والأستاذ أسامة والأستاذ ناصر والأستاذ يعقوب منددين بالإرهاب، وفي أعلى الشاشة تظهر صورة أحمد تغطيها علامة X. خارج نطاق التغطية: نصيحة لكل مهتم بالشأن السياسي في الكويت، أي تحليل سياسي يكتبه "بوعمر" خذوا عكسه تماما، فعكس ما يكتب هو الصحيح دائما.

علي محمود خاجه

غرامة مالية

حبس مسلم البراك أو حمد النقي أو غيرهما في قضايا متعلقة بتعبير لفظي أو مكتوب هو مجرد نتيجة لسبب صنعه المشرعون بأنفسهم، وأحدهم البراك وغيره من مشرعين لا أستثني منهم أحداً على مر التاريخ البرلماني الكويتي.
فالقوانين التي تحدد عقوبات تجاوز القانون بالتعبير هي من صنع المشرّع، ولن يستطيع أي قاض تجاوزها- أي العقوبات- في حال ثبوت ارتكاب المتهم للمخالفة القانونية حسبما يراها القاضي، وهو ما يعني أن عقوبة الحبس على التعبير لا علاقة للقاضي بتحديدها، بل هي من صنع مجالس الأمة المتعاقبة التي إما أن تكون قد شرعتها أو تغاضت عنها أو عززتها في بعض الأحيان أيضا.
ولنا في تشريع قانون إعدام المسيء إلى الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خير دليل بدور المشرع في تحديد عقوبات التعبير، بل تغليظها لتصل إلى الإعدام حتى إن كان الجرم جملة كتبت في "تويتر"، وهو ما قام عليه قانون إعدام المسيء أصلا، ومن المفارقات أن كثيراً من المتباكين اليوم على حرية التعبير هم أنفسهم من شرعوا تلك القوانين، ومنهم مسلم البراك نفسه، أو أيدوا مشرعي تلك القوانين بقوة وما زالوا كذلك.
نعم لمعاقبة أي مسيء وأي متجاوز لنصوص الدستور في الأمور المتعلقة بالتعبير، فأنا لا أدعو أبداً لأن تلغى عقوبات من يشتم أو يتعدى على الآخرين، ولكن من غير المعقول أو المقبول أن يكون حبس الجسد هو عقوبة من يعبر بطريقة أو بأخرى عن فكرة، فالفكرة كما أكرر مراراً لا تسجن ولا يمكن أن تسجن، بل ستظل في الأذهان وإن حبس الجسد، لذلك فإن البديل الطبيعي لعقوبة الحبس هو الغرامات المالية، حتى إن كانت كبيرة جدا كي لا يستسهل المخالف مسألة الإساءة أو يتمادى فيها.
بهذه الطريقة نكون قد حققنا الهدف المنشود من التشريعات التي تقنن حق التعبير بشكل يضمن للمساء إليه، سواء كان فرداً أو جهة، أن مسألة الإساءة في التعبير تجاهه لن تمر مرور الكرام، وحققنا الضمانة أيضا لأي شخص يعبر لفظا أو كتابة بأنه لا يحبس بجرم ندوة أو "تويت".
مجدداً الأفكار، حتى إن كانت سيئة، لا يمكن أن تسجن، وعقوبة السجن لا تؤثر في الفكرة، ولا بد من تشريع يستوعب هذا الأمر، ويحدد العقوبة بناء على الجرم دون مبالغة أو إساءة استخدام، هذا ما يتوجب على الجميع الدفع تجاهه، وتجنب أسلوب رد الفعل والامتعاض المؤقت، فيوم مع البراك وآخر مع النقي وثالث مع غيرهما من أسماء.

خارج نطاق التغطية:

يفترض أن المجلس الحالي أقر ما يسمى بهيئة النقل المعنية بالطرق وتحديثها وأنظمتها، إلا أن "الداخلية" ما زالت تتحكم في الطرق، وتفاجئنا بتخبط تلو الآخر، وما السماح لقائدي المركبات باستخدام كتف الطريق إلا تخبط جديد يضاف إلى رصيد "الداخلية"، فمتى ستمارس هيئة النقل دورها وتفرض إدارتها على الطرق؟

علي محمود خاجه

«كافي عاد»

 صدر بيان بتاريخ 2015-5-9 مذيل بتوقيع كتلة الأغلبية، وهو مسمى، لمن لا يعلم، يطلقه مجموعة من نواب مجلس فبراير 2012 المبطل على أنفسهم، وقبل الخوض في تفاصيل البيان لابد من مصارحة هذه الكتلة على أمل أن تفهم وتستوعب الواقع بعيدا عن أوهامها المضحكة. أنتم يا مجموعة نواب مجلس فبراير 2012 المبطل لستم أغلبية ولا تعكسون الرأي العام، وقد انفض الناس من حولكم بعد أن تكشفت لهم هشاشة قضاياكم، وضعف رؤاكم وازدواجية معاييركم وانقساماتكم المستمرة منذ فبراير 2012 إلى اليوم، أنتم لستم سوى مواطنين قد تجمعكم قضايا مشتركة لا أكثر ولا أقل، وأكثر من ذلك أيضا؛ يجب أن تستوعبوا أن مجلس الأمة الحالي منتخب من أكثر من 50% من الناخبين ممن لهم الحق في التصويت، بمعنى أنه يمثل الغالبية اليوم سواء رضيتم عن مكوناته أم أبيتم، فتلك هي لغة الأرقام التي لا يمكن أن تتلاعبوا بها أو تكيفوها حسب أهوائكم. نعود بعد الفقرة الواقعية السابقة التي يجب أن تفهموها جيدا لنناقش ما ذكر في بيانكم حول الأوراق المغلوطة التي قدمها أحمد الفهد، وأقر لاحقا بعدم صحتها، ولكنكم ما زلتم مصرين على مناقشتها رغم إقرار مقدمها بعدم صحتها. فقد أسميتم يا كتلة مواطنين محدودة العدد في بيانكم ادعاءات أحمد الفهد ببلاغ الكويت كما أسماه أحمد الفهد قبل اعتذاره، وهو ما أعتبره موقفا من قبلكم تجاه ما قدمه الفهد، فتبني المسمى الذي رفعه الفهد يعني وقوفكم مع طرف أحمد الفهد ضد طرف، فمن يشك في صحة ما قدم أو لم يتخذ أي موقف مما قدم فلن يستخدم مسمى أحد أطراف القضية إلا عن قناعة، فجريدة "الوطن" الإلكترونية مثلا لن تسمي سرقة الناقلات بسرقة العصر مثلا، هذا إن سمتها سرقة أصلا، فإن كنتم ترغبون في الإشارة إلى البلاغ فأقصى ما يمكن قوله إن كنتم محايدين هو التعريف بالبلاغ باستخدام مفردة "ما يسمى" قبل ذكر الاسم الذي طرحه أحمد الفهد. كما أنكم شكّكتم في كل جهة دولية تلجأ إليها الحكومة بحجة تعارض المصالح، ومع ذلك تطالبون أن تلجأ الحكومة إلى جهة دولية محايدة دون تحديد من سيدفع أجر تلك الجهة الدولية، فإن كانت الحكومة ستدفع فستستمر ذريعة تعارض المصالح من قبلكم. لقد قدم بعضكم الأوراق نفسها التي تبناها الفهد في بلاغه، وأتيحت لكم الفرصة في الصيف الماضي لتقديم تلك الأوراق لديوان المحاسبة، وتحديد الجهة الدولية التي ترغبون أن تحقق في صحة أوراقكم، ولم تلجأوا إلى تلك الوسيلة رغم فتح هذا الباب لمدة شهر كامل، واليوم بعد عام كامل من القضية تطالبون بما لم تقوموا به أصلا. لو فرضنا أنني ادعيت أن هناك اجتماعا جمع بين عبدالرحمن العنجري ونتنياهو فهل ستطالبون بلجنة دولية محايدة بالتحقيق في هذا الادعاء السخيف؟ إن ادعاء تحويلات تفوق الـ30 مليار جنيه إسترليني من شخص إلى جهات مختلفة يعادل بسخافته ادعاء اجتماع العنجري بنتنياهو، ومن غير المقبول أن نطالب بلجنة تحقيق دولية مع كل ادعاء سخيف. لقد انتهت تلك الزوبعة التي أحدثها الفهد مع أول تسريب لوثائقه الركيكة شكلا ومضمونا، ومحاولة التشبت بها تثبت ما قلته بالبداية عن هشاشة قضاياكم وضعف رؤاكم وتشتتكم، فإما أن تقدموا مضمونا جيدا أو أوقفوا بياناتكم حفظا لمكانتكم.

علي محمود خاجه

«طريج أسهل»

لنقلها بصريح العبارة لعلهم يستوعبون، الحكومة فاشلة بل جميع الحكومات المتعاقبة فاشلة، وإن كان هناك بعض النماذج الناجحة في هذه الوزارة أو تلك فإن ذلك يعود إلى تميز وزير بالمصادفة وليس بشكل مدروس أو مخطط له. لنوضح أكثر، لو سلمنا أنجح المشاريع الخاصة في الكويت للحكومات الكويتية لفشلت بجدارة، ولدينا ألف مثال على ما نقول: "الأفنيوز" الخاص والمشروعات السياحية الحكومية، تلفزيون الكويت الحكومي والقنوات التلفزيونية الكويتية الخاصة، إذاعة مارينا الخاصة ومختلف إذاعات الكويت الحكومية، شركات الاتصالات الخاصة ووزارة المواصلات الحكومية، كل تلك الأمثلة وغيرها تثبت أن فرص النجاح متاحة برُبع الإمكانات المتوافرة لدى الحكومة، ولكن الحكومة أو الحكومات لا تعرف النجاح؛ باختصار لأن طريقة التشكيل ونظامها على خطأ بل كارثي، وهو ما أشرنا إليه في مقالات سابقة. ولن يتغير الرأي أبدا في هذه الحكومة أو ما سبقها سواء مني أو من الكثير من الكويتيين ليس كرها بأشخاصها بل بأسلوب العمل وآلياته، والتراجع غير المبرر الذي نعيشه في ظل وجودهم رغم توافر مختلف الإمكانات والموارد. أقول قولي هذا لتتفهموا أن معارضيكم وإن اختلفت أساليبهم وطرق تعبيرهم فإنهم لن يغيروا نظرتهم المعارضة لكم أبدا ما دمتم تسيرون في الطريق نفسه، وتسلكون المنهج نفسه، وستزيد القضايا التي سترفعونها ضد المعارضين، وقد يزج بشباب مخلص فعلا في السجون بسبب أسلوبهم في معارضتكم، هذا ما يجب أن تفهمه الحكومة، وأكرر لن تتغير الحال ما دام الأسلوب الحكومي واحداً. ولنختصر على هذه الحكومة كل المسافات، وبدلا من أن تكون القضايا ضد المعارضين هي الحل الوهمي للحكومة في التعاطي مع الأصوات المعارضة، فهناك حلول أكثر فاعلية وجدوى بإمكان أي عاقل أو حتى محدود عقل أن يقوم بها، فطالما أن الموارد متوافرة بغزارة ولله الحمد، وتحديدا الموارد المالية، فإن أسهل الحلول وأقلها حاجة للتفكير واستخدام العقل، والتي ستمكن الحكومة من تخفيف حدة المعارضة إلى أدنى مستوياتها دون قضايا وسجون وما إلى ذلك، هو استيراد كامل مدفوع الأجر لأي إدارة ناجحة محلية كانت أو عالمية لإدارة الكويت فعليا على أن يكون دور الحكومة تحمل المسؤولية السياسية فحسب، ففي ظل هذه المرونة النيابية من الحكومة فإن الوقت الحالي هو أفضل وقت للقيام بهذا الأمر، وهو ما سيضمن نتائج فعلية وملموسة متى ما استوردنا نماذج إدارية ناجحة على مستوى العالم مطعّمة بـ"كوتا" كويتية شابة بإمكانها تولي زمام الأمور مستقبلاً. حينها فقط ستقل المعارضة، خصوصا وهم يشاهدون أن الحياة أصبحت أفضل وأن الأمور تتقدم وتتحسن. كل ما على الحكومة فعله هو استيعاب أنها فاشلة ولن تستطيع في ظل نظامها الحالي أن تقدم ما يحقق الرضا، وأن تلجأ إلى أسهل الطرق في تحقيق ذلك الرضا مع المحافظة على سلطتها السياسية. ضمن نطاق التغطية: ملاحقة المعارضين قضائيا على أمل تخفيف حدة المعارضة من أوضح أساليب فشل الحكومة، فتلك الملاحقات تحول السخط من الفرد المعارض إلى أسرته وذويه كلهم، بمعنى أن الغضب يزيد ولا يقل.

علي محمود خاجه

حكاية فشل

لو أتيح لشركة أو مؤسسة أن تهيمن دون منافس على آلاف الأمتار بل ملايين الأمتار من الأراضي الحيوية بالدولة (الشواطئ ومراكز تجمع الناس) لتشيّد عليها ما تشاء من حدائق ومدن ترفيهية وصالات لعب وأندية بحرية ومنتزهات لمدة تقارب الأربعين عاما كاملة، على أن يكون تعداد الناس في تلك الدولة يقارب المليون شخص عند بداية الشركة وصولا لأربعة ملايين مواطن ومقيم في يومنا الحالي، فإن أي عاقل سيتوقع أن تكون هذه الشركة من أضخم الشركات في الكويت بل على مستوى المنطقة بأسرها.
فتكلفة تشييد المنشآت منخفضة جدا بحكم أن العقار الذي تشيد عليه منشآت تلك الشركة مجاني تقريبا، والعائد المادي لمرافق تلك الشركة عالٍ جداً بحكم أنه لا يوجد منافس أساسي لها، وهو ما يعني أن كل من يبحث عن الترفيه سيتجه إلى مرافق تلك الشركة، وهو ما يعدّ بمثابة الحلم الذي يصعب الوصول إليه لأي مستثمر، فإن حصل أي مستثمر على تلك الامتيازات فإن ثروته بعد أربعين عاما من هذه التسهيلات بالتأكيد ستتجاوز خانة الملايين، بل مئات الملايين إن لم تكن المليارات من الدنانير، ولكن هذا لم يحدث!!
شركة المشروعات السياحية تأسست في عام 1976 ولها من المرافق كما ورد في موقعها الإلكتروني ما يلي: أبراج الكويت– المدينة الترفيهية– صالة التزلج– مجمع أحواض السباحة– منتزه الخيران– الجزيرة الخضراء– شاطئ المسيلة– شاطئ العقيلة- الواجهة البحرية كاملة– نادي الشعب– نادي رأس الأرض– نادي اليخوت– نادي الفحيحيل– حديقة النافورة– الحديقة السياحية.
يتضح من تلك المرافق الهيمنة شبه الكاملة لشركة المشروعات السياحية على المناطق الساحلية الترفيهية في الكويت، وعلى الرغم من تلك الهيمنة التي تتيح لأقل المستمثرين ذكاءً ثروة طائلة فإن شركة المشروعات السياحية تترنح بل تنهار، فآخر مشروع شيدته المشروعات السياحية حسب ما ورد في موقعها الإلكتروني كان في عام 1988 قبل 27 سنة بالضبط، وآخر تطوير ملحوظ لمرافقها كان ترميم ما دمّره الغزو العراقي، وبالإمكان زيارة ما يسمى بالجزيرة الخضراء لمعرفة حالة المشروعات السياحية وأدائها، وهي بالمناسبة أي الجزيرة الخضراء تعدّ من آخر مشاريع المشروعات السياحية، وعلى الرغم من جمال الفكرة فإن التنفيذ أسوأ من سيئ، فالجزيرة الخضراء كموقع وإطلالة بحرية أجمل بكثير من مقاهي البدع أو أرابيلا، إلا أن من يزورها يعتقد أن الزمن توقف عند الثمانينيات، فلا مقاهي ولا مطاعم، ولا إضاءة ولا استغلال جيداً لمرافق الجزيرة.
شركة المشروعات السياحية دليل واضح على أهمية الخصخصة وضرورتها، فمن يبحث عن المكسب سيطوّر مرافقه بكل تأكيد كي لا تهجر وينساها الزمن، ولنا في المرافق الترفيهية الخاصة ونجاحها خير مثال.

ضمن نطاق التغطية:

حسب موقع ويكيبيديا فإن مجمع الأفنيوز وهو القبلة السياحية الأولى في الكويت حالياً تبلغ المساحة التأجيرية فيه 270 ألف متر مربع فقط، وهو ما يعني أقل من مساحة الكثير من مرافق المشروعات السياحية، وشتان ما بين حيوية الأفنيوز وأداء المشروعات السياحية.
هنا يكمن الفرق بين من يعمل بحثا عن المكسب والربح كالأفنيوز، فهو يحرص على التطوير وتقديم ما تحتاجه الجماهير، ومن يعمل دون هاجس الخسارة ودون أي حافز ما دامت الرواتب مضمونة، فالتطوير ورضا الجمهور لا يهمان طالما الدولة تدفع في كل الأحوال.

علي محمود خاجه

وزير الناس

يقدم نفسه كوزير من الناس وللناس، يشاركهم أحيانا في أعمالهم، فتارة نجده يفاجئ دورية شرطة بالركوب في مقاعدها الخلفية، وتارة أخرى يزور مراكز الخدمة ليخلّص معاملات الناس، وبعض "الحركات" الأخرى التي لا تصلح أبداً في زمن الإعلام الإلكتروني الذي يتيح لكل الناس التعليق والنقد، بل الامتعاض من تلك التصرفات التي يعتقد الكثيرون أنها مصطنعة أو معدّ لها مسبقا.
أقصد هنا الشيخ محمد الخالد وزير الداخلية العائد للوزارة بعد فترة انقطاع طويلة، فبينما يبدو أنه يعتقد أن فترة غيابه عن الوزارة لم تتغير الحال في الكويت أبدا، فهو لا يزال يعتقد أن الصحافة الورقية هي المسيطرة فيكرر تصرفاته القديمة وتغطيها الصحافة كأنها مفاجآت لا يقدم عليها أي وزير، وأنا لا أفهم كيف تكون تصرفاته مفاجئة ودائما يكون هناك مصور أو صحافي في تلك المفاجآت؟
عموما وبعيدا عن "حركات" الوزير "البايتة" فأنا لن تهمني أبدا تلك الحركات إن كان الوزير يحرص على تطبيق القانون والالتزام به، إلا أنه وكما هو واضح فإن للوزير والوزارة أو الحكومة عموما قانوناً آخر عنوانه المزاج والخوف، فمتى ما حضر هذان العنصران تكسرت أي نصوص قانونية أو لوائح تنظيمية أمامهم، فالكل ممنوع من دخول الكويت دون مبرر قانوني متى ما صرخ شيعي هنا وسنّي هناك أو الاثنان معا لمنع رجل دين من أحد المذهبين أو لمنع مفكر أو مطرب أو رسام، فتكون النتيجة خوف الوزير من هذا الصراخ ومنع المسموح له من الدخول.
وبالأمس القريب كانت إحدى الجهات تعد فعالية تحت شعار "أنا أحترم الحياة" للتوعية المرورية، وهي فعالية تضم في طياتها حفلا غنائيا يحييه شباب كويتيون ومطرب أجنبي، ويحصل على كل التراخيص اللازمة من "الإعلام" والدعم اللامحدود والتشجيع من "الداخلية" ممثلة بالإعلام الأمني، وما إن ظهر "هاشتاق" في "تويتر" يطالب بمنع الفعالية قبل إقامتها بيومين حتى رضخت وزارة الداخلية ومعها "الإعلام"، فمُنع الحفل المرخص من "الإعلام" والمدعوم من "الداخلية"!!
لو أن هذا الحفل كان سيقام في دبي وتعالت الأصوت لمنعه فهل كان محمد بن راشد سيرضخ لتلك المطالبات أم سيقيم الفعالية؟ أعتقد أن الإجابة معروفة بأنه لن يخاف من الصراخ طالما كل الإجراءات قانونية، وهنا يكمن الفرق، فالدول التي تحترم قوانينها وتلتزم بما تصدره من لوائح هي الدول التي تحظى بالاحترام، وتستقطب العالم كله، أما الدول التي تتراجع بمجرد الصراخ فلا قيمة لقوانينها ولا احترام لنصوصها.
نحن فعلا بحاجة إلى رجال دولة قادرين على المواجهة عندما يطبقون القانون، فلا نشاط يمنع بدون سبب قانوني صريح، ولا زائر يهان بسبب صراخ هنا وامتعاض هناك، ومع كل أسف لا يوجد هذا النموذج من رجال الدولة على الأقل في العقدين الأخيرين.
ختاما يا وزير الداخلية، صوّر كما تشاء وقم بمفاجآتك المعدّة مسبقاً كما تريد، ولكن طبّق القانون والتزم به دون خوف أو مزاج.

علي محمود خاجه

صوت واحد!!

أستغرب كثيراً من مدى السذاجة لدى بعض نواب مجلس الأمة، فمهما علت درجاتهم العلمية أو خبراتهم الحياتية فإنهم في بعض الأحيان يقدمون اقتراحات ويقرون تشريعات غريبة، وهو أمر غير مرتبط بمجلس بعينه بل يمتد إلى جميع مجالس الأمة. فقد أقدم بعض نواب هذا المجلس على تقديم اقتراح بقانون للاتحادات الطلابية، ومن هؤلاء النواب من يفترض أنهم يفقهون في العمل الطلابي وآلية عمله، وأقصد هنا النائب خليل عبدالله والنائب يوسف الزلزلة. واقتراحهم مليء بالمثالب الدستورية كمنع الطلبة من الحق الدستوري بالتقاضي، وكذلك يفتقد للمنطقية، فهو يحدد سن العضوية بـ٢١ سنة ومدتها ٣ سنوات، بمعنى أن الطالب سيقضي ثلثي مدة عضويته وهو متخرج من الجامعة أصلا. وغير ذلك من أخطاء مضحكة بالقانون المقترح. إلا أن المحور الأساسي للقانون هو تطبيق نظام الصوت الواحد، وهو ما يهدف إليه مقدمو الاقتراح حسب تصريحاتهم، وأنا لا أفهم كيف لتجربة انتخابية (الصوت الواحد) لم يحن الوقت بعد لتقييمها أن تعمم، وإن كان المثال الواضح لها، وأقصد هنا الجمعيات التعاونية، لم يحقق أي نجاح إلى الآن، أما مثال مجلس الأمة فلا يمكن تقييمه في ظل عدم مشاركة عدد من التيارات السياسية. لن أخوض في مسببات تحويل الانتخابات الطلابية للصوت الواحد، ولا في "تبرمج" بعض النواب على أن الصوت الواحد هو الحل لكل مشاكلنا، بل سأتطرق للحالة التي سيُصبِح عليها الوضع الطلابي إن أُقر هذا النظام. حيث سيتعين على المرشح وحيداً أن يقدم نفسه لعشرين ألف طالب في غضون أسبوعين من بدء الدراسة، وأن يجول في أكثر من تسع كليات لا يعرف طلبتها في هذين الأسبوعين، وأن يتحمل تكاليف طباعة مختلف أشكال الإعلانات بمفرده، وإن سلمنا بأن هناك من سيسانده من زملاء الدراسة فإن هذا الأمر سيظلم طلبة الكليات الصغيرة من حيث عدد الطلبة الذين لن يمكنهم إيصال مرشحيهم، وإن أجمع طلبة الكلية عليهم. أما من ناحية الناخبين فلن يتمكنوا من معرفة الأكفأ، وإن سعوا إلى الاستماع لكل المرشحين، وحتى إن اختاروا المرشح الأكفأ فلن يكون هناك مجال لمعرفة الأكفأ بعده لعدم وجود قائمة تسير على خط واضح تتيح لهم اختيار المنهج الذي يريدون. بالمحصلة الصوت الواحد سيؤثر في المرشحين دراسيا، خصوصا أنهم سيسعون إلى إيصال صوتهم المنفرد لعشرين ألف طالب، ولن يتمكنوا من ذلك، أما الناخبون فسيتمترسون خلف انتماءاتهم القبلية والطائفية رغما عنهم لصعوبة معرفة المرشح الأنسب، وستكون النتيجة طائفية وقبلية أكبر. ضمن نطاق التغطية : للأعزاء الطلبة استمروا في حراككم الرافض لهذا القانون الساذج الهزيل إلى أن يسقط هذا المقترح.

علي محمود خاجه

«بس جذيه؟!»

أكتب في "تويتر" أن هناك مؤامرة تحاك ضد نظام الحكم، وأن بعض الشخصيات تخطط للانقلاب على رئيس الدولة، وأقدم جداول أعدت عبر برنامج "إكسل" أضع فيها كل اسم أريد إبعاده عن الواجهة السياسية، وأصنع أو على الأقل أنشر مقاطع مصورة رديئة أتهم فيها رؤساء السلطات الثلاث السابقين والحاليين بالكويت بالرشوة والتآمر والبحث عن زعزعة أي استقرار، وأقدم بلاغا للنيابة، وأقضي ساعات طويلة هناك لأدعي على شخصيات بالواجهة السياسية، ويصدر القضاء حكمه برداءة ما قدمته، فأصدر بيانا أشكك فيه بسير العدالة، وأني لن أقف مكتوف الأيدي بعد الحكم، وأسرب شريطا رديئا آخر أتهم فيه قاضيا يتقلد أحد المناصب العليا بالسلك القضائي بتلقي الرشوة "كاش"، وبعد كل ذلك أعتذر وكان الله غفورا رحيما!!! هل سيسامحني أحد؟ وهل ستقف أجهزة الدولة مكتوفة الأيدي تجاه ما قمت به من زعزعة للأمن والاستقرار؟ وهل سيسمح لي بالسفر والتجول بمختلف دول العالم طوال مراحل تشكيكي بالدولة؟ وهل ستسخر لي قناة الإعلام الرسمي لأوجه اعتذاري لبعض الشخصيات، وأنصرف عن المتضرر الأكبر وهو شعب الكويت؟ وهل سأخرج بعد اعتذاري وأتجه لإسطبلي أو بيتي سالما آمنا دون أي عقوبة؟ وهل سيطوى الملف دون معرفة إن كان هنالك شركاء في الجرم معي أم لا؟ لا أعتقد أن ما سيطبق عليّ سيكون مشابهاً لما يطبق على أحمد الفهد بعد مسلسله السخيف، وهنا مربط الفرس، وهذا سبب شعور الناس باعوجاج المسطرة، فالحكومة التي يشكل غالبيتها أبناء أسرة الحكم تنظر بأكثر من عين للجريمة، فإن كان الجرم أو حتى الاشتباه في الجرم صادراً عن مواطن، فهناك عين حمراء تنتظره، أما إن كان الجرم بل الفتنة نابعة من أحد أبناء الأسرة فهناك عين عطوفة حنون تقول: "ميخالف قص عليه الشيطان"!! ما قام به أحمد الفهد لا يقبل التهاون بأي شكل من الأشكال، ولا الاعتذار يعني الرأفة بما فعل، فالجرم جسيم وردّ الفعل يجب أن يكون بالقوة نفسها، فالمسألة اليوم غير مرتبطة بضياع ترتيبه بتسلسل الحكم والسلام، بل هي أعمق من ذلك بكثير، فإن مرت هذه المرة بسلام فما الضمانة من عدم تكرار هذه الفعلة مستقبلا من شيخ آخر بإتقان أكبر يثير بلبلة أكثر؟ إن الكويت جميعها مطالبة اليوم بأن تقف موقفا واحدا تجاه ما حدث تحت شعار بأن الاعتذار لا يشفع، فإن كان الاعتذار يشفع فعلينا إخلاء كل السجون من المجرمين على أن نشترط على كل مسجون الاعتذار عبر تلفزيون الكويت عن جريمته وعفا الله عما سلف. تاجر المخدرات والقاتل والسارق كلهم مجتمعين لا يعادلون خطورة ما قام به أحمد الفهد على الدولة والمجتمع، الذي لو نجح فإنه يعني إنهاء الدولة، وتجاوز ذلك يعني المشاركة في تشجيع محاولات هدم أركانها. ضمن نطاق التغطية: ورد في اعتذار أحمد الفهد أن هناك من أوصل إليه معلومات اعتقد أنها صحيحة، وهو ما يعني أن هناك أطرافاً أخرى شاركت أحمد فعلته، وإلى الآن لم تحدد تلك الأطراف أو تكشف!

علي محمود خاجه

«حمد قلم»

ذكرت في مقال سابق كيف أنه سيكون لصحوة الشباب الكويتي في مختلف المجالات، وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي، دور إيجابي في تغيير العقلية الاجتماعية للكويت وتطويرها بغض النظر عن مدى إعجابنا بما يقدمه هؤلاء الشباب اليوم كلٌ في مجاله.
ولا أخفي سراً بأني أتابع عدداً من هؤلاء الشباب في مواقع التواصل كـ"الإنستغرام" و"سناب شات" وغيرها، وأنا معجب جدا بما يقدمونه بأساليب متنوعة من داخل الكويت وخارجها، وكذلك لا أخفي ارتياحي من تمكّن هؤلاء من تقليل سطوة السياسة على المجتمع وإبعاد الساسة عن الواجهة الإعلامية للكويت، فأنا أعتقد أن كون السياسيين هم الأكثر شهرة في الكويت أمر خطأ ويجب ألا يستمر أبدا.
حمد سامي العلي أو كما يعرف بوسائل التواصل الاجتماعي باسم "حمد قلم" هو نموذج مشرّف ومختلف أيضا لما يقدمه مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت اليوم، فقد تمكن هذا الشاب من أن يكون واحداً من أبرز الشخصيات الكويتية على الإطلاق في السنوات الأخيرة، بل امتدت شهرته إلى نطاق أكبر وأوسع لتتعدى حدود الكويت، وتصل لدول الخليج، فقد تمكن حمد بعفويته وخفة دمه البعيدة عن التهريج والإسفاف من الوصول لقلوب الناس بسهولة ولطف.
والمسألة غير مرتبطة فقط بشخص صاحب نكتة فحسب، فقد خلق حمد حالة جميلة من التواصل مع الناس وملامسة مشاعرهم وما يفرحهم بكل ذكاء وفطنة لا تتوافر في أي شخص، ولم يكتف بذلك فحسب بل استغل هذه الشهرة المستحقة لإيصال رسائل إنسانية متنوعة ومختلفة في شتى المجالات؛ ليقينه أن شهرته تلك ما هي إلا مسؤولية على عاتقه يعيها ويستثمرها جيدا.
ومع كل هذا الزخم الذي حققه "حمد قلم" إلا أنه يدرك جيداً أن هذا الزخم لم يكن ليتحقق لولا تفاعل الناس معه، فلم ينكرهم أو يتناساهم، بل ما زال يتواصل معهم بشكل مستمر، وهو ما يتطلب مجهودا جبارا فعلا للتمكن من تحقيق ذلك، ولا يقوم بهذا المجهود سوى من يعلم جيدا قيمة التواصل وأثره في نفوس من يتواصل معهم.
لقد جعل حمد العلي الناس جزءاً مهماً من حياته الاعتيادية، فأصبح هو أيضا جزءاً من يومياتهم دون تكلف أو تصنّع أو تمثيل، وهو درس يجب على الناس كل الناس الاستفادة والاستزادة منه.
أنا على يقين تام بأن أي رسالة سيقدمها حمد العلي اليوم وفي أي اتجاه سيكون لها أثر أكبر من الرسائل التي يقدمها غيره من جهات رسمية أو شخصيات تنفيذية في الدولة، والسبب يعود إلى التحول الاجتماعي الذي يساهم فيه حمد ومن معه من شخصيات ذات تأثير، وهو أمر جيد بلا شك لأنه لا يخضع لحسابات سياسية أو ترضيات لأحد على حساب أحد، وهو ما يعزز إيماني بأن الأمور ستتجه إلى الأحسن بمختلف المجالات بسبب هذه الثورة الاجتماعية التي يقودها حمد ورفاقه.
فألف شكر لـ"حمد قلم" على هذا النموذج اللطيف الجميل الواعي الذكي والمبدع، وهو بالفعل نواة حقيقية لشكل المجتمع الكويتي مستقبلا، وإعادة لتكوين عناصر التأثير فيها.