قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل قد يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». لم ولن أكون أبداً معجباً بالمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وبغض النظر عن جودة بعض أطروحاته من عدمها، إلا أنني لن أقبل أبداً نصيحة ترك التدخين من مدخن، أو التوقف عن السرقة من لص، أو عدم التطبيل من مطبّل، وما أكثرهم في وقتنا الحالي للأسف. لنفترض جدلا أن محمد الجاسم خالف قانون المطبوعات أو أي قانون آخر ذي صلة من خلال ما يكتبه في موقعه أو في أي موقع ينشر من خلاله، فهل يعني ذلك أن «نحكره» على ذمة التحقيق على مدى أيام طوال قد تفوق العقوبة نفسها إن ثبت تجاوزه للقوانين؟ إلى اليوم لم تحدد الجريمة بالضبط: هل هي عبارة أو لفظة أو مقالة كاملة أو كتاب؟ كل ما نعرفه أن الجاسم متهم، وتم التحقيق معه على مدى ساعات طوال لا يوقفها سوى إرهاقه، وأنا هنا أتساءل لجهلي لأنني لم أُستدعَ للتحقيق من ذي قبل ولله الحمد، ولكن ما الحوار أو التحقيق الذي يستدعي قضاء كل تلك الأيام الطوال؟ فهو ليس متهماً في جريمة قتل قد يؤدي طول التحقيق فيها إلى زلة لسان تكشف خيوط الجريمة مثلا، وليس بجاسوس أيضا يؤدي الضغط النفسي إلى انهياره، هو كاتب ومتهم على كتاباته وعليه فالتحقيق في تصوري، على اعتباري من العامة، يكون على سبيل المثال كهذا؛ «النيابة: أنت كتبت هذه العبارة، فما الذي تقصده بها؟»، ويُسأل سؤالين أو ثلاثة على هذا المنوال وينتهي الأمر. إني أثني على تصرف الجاسم وذكائه في إضراباته التي قد تشكل خطراً جماً على حياته، ولكنها في الوقت نفسه ربما تجعل النيابة ترزح تحت ضغط شعبي محمود لإخلاء سبيله حتى إن كان مشروطاً بعدم السفر مثلاً. قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». نحن اليوم لا ندافع عن الجاسم بل عن أنفسنا الحرة التي لن نقبل بعد نضال مَن سبقونا أن يأتي كائن من كان ليسلبها «عالبراد»، فإن كان هناك أي تعدٍّ فالقضاء يحاسبه كما حاسب غيره على مر السنين، علماً أن غيره ممن عوقبوا أسهم بشكل مباشر في «توتير» الأجواء في علاقاتنا الخارجية، بل مع دول خليجية شقيقة، ولم نستمع يوماً عن معاملة تلقوها مثلما يلقى الجاسم اليوم. وما نشهده على الساحة يجعلنا لا نكتفي بالشك بل نقترب أكثر من اليقين بأن مسألة محمد الجاسم انتقائية لحد كبير، وتستهدف أشخاصا أكثر منها صونا للقوانين أو الدستور. أكرر لست معجبا أبدا بمحمد الجاسم ولكن إعجابي من عدمه لن يؤثرا في قناعتي بأن القضية «مصخت» ولابد من وقفة. خارج نطاق التغطية: خبر تم تداوله الأسبوع الماضي مفاده أن رجل أعمال يأمر بتصفية أعمال عدة صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية من مجموعته الإعلامية. نقولها بكل فخر «دفعة مردي» أعلم أنك يا رجل الأعمال لن تفهمها لأنها مصطلح كويتي بحت.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
ما ترهم يا حكومة ويا هايف
إن ما أحدثته الحكومة خلال أقل من شهر من تناقض صارخ، يجلعنا متيقنين بأن هذه الحكومة لا تعلم ماذا تريد، وهي اليوم ترمي بكل ثقلها على المجلس ليتخذ قرارا صعبا في شأن الكوادر أو المحفزات أو أي تسمية كانت، فموافقة المجلس على تلك المحفزات تلغي كل أمل في وقف الاحتكار المتوقع في الخصخصة. إقرار كوادر أو مكافآت أو زيادات أو صفقة حكومية نيابية أو سمّوها ما شئتم هو أبرز مواضيع الأسبوع الماضي. كما هو معروف فإن وضع الحوافز السليم يكون للتخصصات التي تعاني نقصا في الدائرة أو الإدارة أو الجهاز المُقدم للحوافز، وهذا في حال أن تكون التخصصات دقيقة أو غير مرغوبة لمشقتها وصعوبتها، وأن تكون بيئة طاردة للعاملين فيها. إلا أن ما حدث في الأسبوع الماضي من قرار وزاري يضاف إلى ملفات تخبط الدولة الكثيرة يجعلنا ننظر إلى هذا البلد بعين الشفقة والتعاطف الشديدين، فقد قررت الحكومة صرف الأموال للجميع تقريبا دون تحديد أي أسباب منطقية أو حتى غير منطقية. فالمؤذن الكويتي أقرت له الزيادة والمراسل والمهندس والصيدلي والعاملون في هيئة الرياضة، والعاملون في «كونا»، والعاملون في هيئة المعلومات المدنية، والعاملون في معهد الأبحاث، وأصحاب التخصصات الاقتصادية… وغيرهم. طيب إن كانت كل تلك المجالات تعاني نقصا شديدا يستدعي صرف حوافز إضافية فإن هذا يعني أن مخرجات التعليم في الكويت لا تستوفي متطلبات الدولة، وهو ما يعني أن لدينا قصورا حادا في شتى مجالات التعليم يجعلنا نبحث عن التخصصات السابق ذكرها، ونخصص لهم الزيادات كي نتمكن من استجلابهم!! ولكننا بدل أن نزيد الطاقة الاستيعابية للمجالات التعليمية التي نحتاجها كي توفر لنا عددا أكبر من أصحاب التخصصات المرغوبة فإننا نلجأ إلى مكافأة الأعداد القليلة المتوافرة (إن كانت قليلة فعلا) كي نتمكن من نيل رضاهم. أما إن كانت المسألة هي الزيادة من أجل الزيادة فحسب، وهو الأمر المتوقع من حكومة اللا منطق، فهذا يتعارض مع تصويتها قبل أسبوعين على خصخصة القطاع العام، فقانون الخصخصة الذي نص على ألا يتم تقليص رواتب الموظفين أو إنهاء خدماتهم بعد تحويل الملكية من العام إلى الخاص، وشرط القطاع الخاص السابق الذي يفرض عليه نسبة الـ %40 من العمالة الوطنية، يجعلان كل من يرغب في المنافسة على نيل حصة من التخصيص في الأوضاع الطبيعية يتراجع عن رغبته تلك بسبب تلك الشروط التي باتت تعجيزية خصوصا للشركات الصغيرة، أما الشركات الكبرى فمن الممكن أن تتدبر أمورها. إن ما أحدثته الحكومة خلال أقل من شهر من تناقض صارخ (يعني حتى لو نبي ننسى ما يمدي) يجلعنا متيقنين بأن هذه الحكومة لا تعلم ماذا تريد، وهي اليوم ترمي بكل ثقلها على المجلس ليتخذ قرارا صعبا في شأن الكوادر أو المحفزات أو أي تسمية كانت، فموافقة المجلس على تلك المحفزات تلغي كل أمل في وقف الاحتكار المتوقع في الخصخصة. أعلم جيدا أن المجلس أو بعض مرددي نغمة المال العام فيه لن يتكلموا اليوم لوقف مهزلة الكوادر، لأنها في النهاية أموال تذهب إلى جيوب الناخبين، وقلة هم أصحاب الجرأة في رفض هذا العبث، ولكن لا بد لنا أن نشير إلى أن ما يحدث لا يقبله عقل أو منطق. خارج نطاق التغطية: لجنة الظواهر السلبية برئاسة النائب محمد هايف أقرت عقوبة قانونية وضعية للمعاكسين والمعاكسات، وتحت كلمة قانونية وضعية ألف خط، وسؤالي لأعضاء اللجنة بعيدا عن إمكانية تطبيق قانون كهذا إن أقر: لماذا لم تتقدموا بعقوبة إسلامية بدل العقوبة الوضعية؟ هل يجوز أن تستبدلوا الإسلام بالقانون الوضعي؟ أم أن دينكم «عالمشتهي»؟
أنا مع السميّ
الغريب في الأمر أنه كلما تكلم أي عضو خارج نطاق تحركات التكتل الشعبي يثار مثل هذا الكلام، فعلى سبيل المثال يكون موضوع التكتل الشعبي الرئيس هو الخطوط الكويتية، فيأتي نائب آخر ليتحدث عن مؤسسة البترول مثلا، فتوجه سهام «الشعبي» ومناصريه إلى هذا النائب بأنه يريد أن يغطي على تجاوزات «الكويتية»، في حين أن هذا النائب له من الأولويات ما يختلف عن أولويات «الشعبي» وهو أمر بالتأكيد لا بأس فيه، فالمجلس بالتأكيد غير مختزل بأربعة أو خمسة أعضاء، وهو ما يعني في حالة اليوم مثلا أن أولويات علي الراشد تختلف عن أولويات «الشعبي»، وهو أمر طبيعي، بل محبّذ، فنحن لا نريد خمسين علي الراشد أو مجلسا كاملا من التكتل الشعبي.
وبعيدا عن نوايا التخوين والمؤامرة فإنه لزام علينا أن ننظر إلى فحوى اقتراح علي الراشد، وأن نتفق أو نختلف معه كمضمون وليس كنوايا، فعلي الراشد يقترح تعديلا للدستور وهو حق أصيل أقره الدستور نفسه في مادتيه 174 و175، وهذا ما يعني أن أي معارض لتعديل الدستور ضمن نطاق وشروط الدستور هو أول من يقف ضد هذا الدستور ويسعى إلى وأده.
أما محتوى تعديل علي الراشد فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أولها هو ألا تباشر الحكومة أعمالها إلا بموافقة المجلس على التشكيل الحكومي، وأعتقد أن هذا التعديل إن تحقق فما هو إلا عبارة عن نزع فتيل تأزيم مفتعل من بعض النواب وتحذير مسبق لأي رئيس حكومة قادم بحسن الاختيار أو على الأقل التوافق مع المجلس في اختياراته.
ثاني التعديلات ينص على زيادة عدد النواب والوزراء في المجلس، وهو أمر أعتقد أنه شبه حتمي لأن نسبة الخمسين نائبا التي كانت كافية قبل نصف قرن تقريبا لم تعد تعكس الرأي العام حاليا لتضاعف عدد الكويتيين عما كان عليه قبل نصف قرن.
أما التعديل الأخير والقاضي بموافقة 4 نواب مع المستجوِب لتقديم استجوابه، أو موافقة تسعة نوّاب مع المستجوِب في حال استجواب رئيس الوزراء، وزيادة عدد الموقعين على طلب طرح الثقة، فهو اقتراح وإن افترضنا فيه حسن النية والسعي إلى تقنين وتنظيم الأدوات البرلمانية إلا إنه غير دستوري يا «بوفيصل» وإن لم تتقبل ذلك، فهذا التعديل فيه تقليص لحرية النائب، وهو ما يعني مخالفة الشرط الدستوري الملزم في أي تعديل بأنه يكون لمزيد من الحريات.
أعلم جيدا أن هناك أدوات نيابية تتطلب أكثر مما يتطلبه الاستجواب، ولكن ثغرات النصوص الدستورية لا تعني أبدا أن نتجاوزها، بل علينا التعايش معها ومحاولة صقلها بشكل أفضل دون تقليص للحرية.
إنني على يقين تام بأن تعديلاتك التي أؤيد 2 من أصل 3 منها لن تنقل المجلس من الجحيم إلى الجنة، لكنها في رأيي المتواضع ستحسّن الأحوال ولو جزئيا، فليأخذ بها من يأخذ وليرفضها من يرفض دون تخوين وتشكيك بالنوايا.
خارج نطاق التغطية:
قتل المشاريع الشبابية في مشروع أسواق القرين التي سنعرج عليها في مقال لاحق، لمصلحة من يتم يا وزير البلدية؟
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
اثنيناتكم تفشلون
قانون الخصخصة الذي أقر في مداولته الأولى في الأيام الماضية هو قضية المرحلة في الكويت، ولا أعتقد إطلاقا أن الأمور ستهدأ بالانتهاء من الإقرار في المداولة الأولى، بل قد تتسبب هذه الخصخصة بأزمات وسهام متطايرة من كل جانب.
لم يتسن لي حتى لحظة كتابة هذا المقال أن أحصل على نسخة متكاملة للقانون المقر، وأنا على يقين بأن الحديث سيطول حول هذا القانون ونصوصه بعد حين، ولكن الحديث عن خصخصة قطاعات الدولة ليس بالحل الجديد للبعض، ولكنه غريب بالنسبة لمضامينه كما أراها أنا.
فتخصيص القطاع العام كله أو جزء كبير منه يعني أن القطاع العام فاشل في الإدارة، وعليه فيجب أن يستبدل بقطاع خاص يتمكن من إصلاح مكامن الخلل والفساد المتفشي بالقطاع العام، ولكي نترجم هذا الكلام إلى لغة أبسط فإن هذا يعني أن الحكومة، وهي المهيمنة على القطاع العام، فاسدة وفاشلة وغير قادرة على الإدارة.
وهذا ما يعني أيضا أن الحكومة الموقرة، وبتصويتها في المداولة الأولى على قانون الخصخصة، كانت أول المؤيدين لفشلها وعدم قدرتها على إدارة الدولة، مما يجعلها تحتاج إلى إدارة خارج نطاقاتها للتمكن من إنقاذ الوضع، والطريف حقا هو أن الدولة فرحة جداً بما يسمى السهم الذهبي الذي تمتلكه في مسألة التخصيص مما يجعلنا نعود إلى نقطة البداية، فالحكومة فاشلة في الإدارة وفي الوقت ذاته تريد أن تتسلم زمام مسألة الخصخصة، وهو ما يعني الفشل مجدداً بكل تأكيد.
المصيبة حقاً، هي أن من صوّت في هذا الاتجاه من النواب وعددهم عشرون نائباً، لم يعوا، أو بالأصح تجاهلوا، نقطة فشل الحكومة وباركوا تصويتها مع أن تأييدهم لهذا القرار يؤكد الفشل الحكومي العام، ويجب أن يعلنوا عدم التعاون مع الحكومة الفاشلة في إدارة القطاع العام.
نأتي إلى الصوت النيابي المعارض للخصخصة وتخوفه الرئيس كما قرأت من تفاصيل الجلسة ينقسم إلى شقين: الأول، هو أن تخصص ثرواتنا الطبيعية والصحة والتعليم، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي، وهو حجة رفض معقولة ومقبولة في رأييّ. أما الحجة الثانية، فهي الخوف على البسطاء من أن تقطع أرزاقهم في حال الخصخصة، وهو أيضا ما يعني اعتراف ضمني بأن كل الموظفين من الكويتيين ليسوا أكفاء، ويستحقون البقاء في مناصبهم، ومتى ما طُبّقت الخصخصة، فإن الكثير سيخسرون وظائفهم لعدم أهليتهم، فمن المستحيل أن يتم الاستغناء عن المنتجين من الموظفين مهما كانت دكتاتورية القطاع الخاص، فمن يحقق الفوائد والإنتاج المتميز من المستحيل أن يتم الاستغناء عنه، فالإنتاج يعني الأرباح، وهو هدف القطاع الخاص.
إذن فالمحصلة هي اعتراف المجلس والحكومة بأن الحكومة فاشلة في الإدارة، وأن الشعب الكويتي أو جزء كبير منه غير منتج وعالة على الأعمال، وهو ما يعني أن الخصخصة والتأميم ليسا هما الحل، بل بناء مجتمع مؤهل قادر على استحضار ماضينا القريب الذي كان الكل فيه يبني ويعمّر وينتج من أجل هذا البلد، وهذا خير من ألف قانون تنمية وقانون إصلاح سياسي.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
خوش مسج بوفهد
لا أتفق مع السيد علي جابر الأحمد الصباح فيما خطته يداه حول مسألة ازدواجية الولاء لبعض المواطنين الكويتيين الذين حصرهم في منطقة معينة، نعم قد يكون هناك من يخالف القانون في الكويت، وما أكثرهم، دون تحديد انتماءاتهم العرقية والعقائدية، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن كل من يخالف القانون لا يدين بالولاء للوطن. ولكي لا تتشتت حروف المقال لتفسيرات وتأويلات غير مقصودة، فإني بلا شك أرفض أن يكون هناك ازدواجية في الجنسية لأي كويتي وهو الأمر المرفوض قانونا، وكل من يدافع عن التعدي على القانون هو أيضا متعدٍّ عليه ومنتهك له. ليس هذا ما أود قوله في هذا المقال، ولا قضية محسومة كازدواجية الجنسية هي الديدن، لكن ما استوقفني حقا ودفعني للكتابة هو حيثيات مقال السيد علي الجابر، فقد نشر مقاله في يوم الجمعة الموافق 9-4-2010، وقد توالت ردود الأفعال النيابية الغاضبة تحديدا طوال اليوم، إلى أن جاء الفرج من وزير التنمية السيد أحمد الفهد في مساء نفس اليوم، إذ قال «إن أي تصريح أو تلميح للتشكيك بالولاء الوطني لأي من فئات شعبنا المخلص هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا». لو لم أكن من المتابعين للشأن السياسي بالكويت، لقلت إن تصريح الفهد السريع والفوري لم ينبع إلا من حرص الحكومة على الدفاع عن الوطن والمواطنين، حتى إن كان ذلك التعدي عبارة عن مجرد مقال. ولكن للأسف الشديد فإن معطيات الأمس القريب جدا تثبت بما لا يدع أي مجال للشك بأن ما أدلى به وزير التنمية لم يكن سوى تصريح تحكمه مصالح ليس إلا. ففي مارس الماضي قيل عن إدارة الفتوى والتشريع وهي محامي الحكومة ولسانها القانوني إنها «إدارة غير محايدة ومدلّسة وتؤتمر من الخارج»، وهو ما يعني الطعن وليس التشكيك فحسب بولاء وحيادية وأخلاقيات إدارة الفتوى والتشريع وهي محامي الحكومة كما ذكرت آنفا!! إلى اليوم، ورغم مرور أكثر من 20 يوما، لم يصدر أي تصريح حكومي من السيد أحمد الفهد أو من غيره ليرفض، وأكرر، الطعن وليس التشكيك فحسب بالذراع القانوني للحكومة!! على الرغم من أن الطعن لم يكن على شكل مقال فحسب بل مقابلة تلفزيونية مباشرة ومن شقيق الفهد السيد طلال! لقد أوصل وزير التنمية سواء بقصد أو من غير قصد رسالة واضحة المعالم والمعاني بأن من لديه قوى مؤثرة في المجلس سندافع عنه فورا، بل حتى قبل أن تصل الإهانة إلى مسامعهم، أما من يهادن الحكومة «ولا يهش أو ينش» في المجلس بحجة عدم تعطيل التنمية والمواءمة السياسية وغيرها من «خرابيط» فلا مراعاة أو مبالاة أو حتى تقدير له، والكلام لكم «يالربع». خارج نطاق التغطية: أتمنى أن يوجه سؤال برلماني واحد فقط إلى وزير المواصلات عن عدد الطائرات التي تعطلت في الجو أو على الأرض من أسطول الخطوط الكويتية، ليعرف الجميع معنى سوء الإدارة الحقة لأعرق مؤسسة طيران في المنطقة.
… وإذا ساوموها يا مسلّم؟
الموضوع كما أراه ينقسم إلى شقّين: الشقّ الأول هو مبدأ المساومة على المواقف، وهو ما يعني المتاجرة بالرأي والكلمة، وهو بلا شك أمر مرفوض ولا يجب القبول به بأي شكل من الأشكال خصوصا من نوّاب الأمة، ولكن السؤال الموجه إلى النائب البرّاك: هل الحكومة هي فقط من يساوم النوّاب؟ وقد تنجح مع البعض وتفشل مع البعض الآخر؟ أولم يساوم النوّاب الحكومة من ذي قبل؟ بل ساوموا بعضهم بعضا أيضا، ولكن في تلك الحالة فإنهم يسمونه تنسيقا نيابيا!! أولم يشترط على النواب القسم في تجمع العقيلة مثلا؟! فإما أن يقف النائب معكم وإما أن ترهبوه بانتزاع رداء الوطنية منه، وتشخصوه بأنه انبطاحي متنفع؟
إذن فمبدأ المساومة، وإن كان مرفوضا جملة وتفصيلا، قائم وممارس من قبلكم ومن الآخر سواء كانت الحكومة أو غيرها، فلا يجوز بعد ذلك أبدا أن تكون الحكومة هي صاحبة المساومة الخسيسة ومساومتكم تعتبر تنسيقا نيابيا وتوحيدا للصف الوطني.
أما الشق الآخر من حديث البرّاك فيتمحور حول فحوى القضية التي ادعى «بوحمود» مساومة الحكومة فيها للنائبة العوضي، وهي قضية إحالة القانون السيئ الذكر رقم 96/24 والمتعلق بفصل التعليم المشترك إلى المحكمة الدستورية.
كل المتابعين للشأن السياسي في الكويت يعلمون علم اليقين أن نوابا كأسيل العوضي وصالح الملا وعبدالرحمن العنجري وعلي الراشد يضعون قضايا الحريات وعدم التمييز والمساواة على رأس أولوياتهم التشريعية، وأبرز تلك القضايا بالنسبة إليهم هي قضية التعليم المشترك، بل قد لا يخلو حديث في ملتقياتهم وندواتهم العامة عن هذا الموضوع وتحركاتهم في سبيل تغيير قانون فصل التعليم، وهو قانون، بالنسبة للكثيرين وأنا منهم، غير دستوري وسبة في حق الدستور وواضعيه ومؤيديه، والتحرك في هذه القضية ليس وليد اليوم، بل هو ممتد عبر السنين، وهو ما يعني أن النائب البرّاك لم يكشف سرا دفينا في الحديث عن رغبة أسيل العوضي في إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية، أما عن موقف الحكومة إن كان فعلا كما تفضلت بأنها ستؤيد الإحالة إلى المحكمة الدستورية، فهو ما يعني أنها في هذه القضية متمسكة بالدستور وتسعى إلى الحفاظ عليه، فهي طبقت القانون السيئ الذكر ولم تهمله أو توقفه، وفي الوقت ذاته وافقت على التحقق من دستوريته لتكون الكلمة الفصل لأهل الاختصاص والشأن.
إن واجبك اليوم يا«بوحمود»، ولكي تثبت للجميع أن الدستور أخوك كما تفضلت من ذي قبل، هو الدفع بكل ما أوتيت من قوة لإحالة هذا القانون وغيره من قوانين تحوم حولها الشبهات الدستورية إلى المحكمة الدستورية، لا أن «تعاير» من يرغب في تطبيق الدستور واستيضاح بعض مكامن الخلل فيه، فهل ستمضي قدما في الدفاع عن أخيك حتى إن كنت معجبا بفصل الاختلاط، أم أنك ستتبرأ من «خليصك»؟
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
طلال الفهد
عزفت عن متابعة مقابلة السيد طلال الفهد في إحدى القنوات المحلية قبل أيام، ولم ينبع عزوفي عن متابعة طلال لرفضي سماع الرأي المعارض لرأيي، بل أعزو المسألة لاعتقادي الراسخ بأن من لا يجرؤ حتى على مواجهة المكالمات التليفونية، بل يشترط ألا تتضمن مقابلاته أي مواجهة مهما كان نوعها، فهذا يعني أن كلامه ومنطقه هش لا يتحمل أبسط أنواع المعارضة. على الرغم من هذا العزوف، فإنني أجبرت للأسف على مشاهدة تسجيل هذا اللقاء بعدما وجدت أن البعض ممن هم حولي انطلت عليهم بعض أقاويل الرئيس السابق وأسلوبه في طرح قضيته ورؤاه. إليكم بعض ما قاله السيد طلال الفهد مع التفنيد: – بدأ حديثه بتهنئة اتحاده الشرعي، على حد تعبيره، على وصول المنتخب إلى نهائيات كأس آسيا! على الرغم من عدم اعتراف أي جهة في العالم محلية كانت أو دولية بما يسميه الاتحاد الشرعي، وهو ما يعني أن «صاحبنا» يفتقر حتى لأبسط أنواع المنطق التي تجعل المرء يتمكن من سماعه. – في معرض تعليقه على حكم المحكمة الدستورية الذي ينص على عدم جواز إقالة من يجمع بين منصبين رياضيين دون أن يتم تخييره، ذكر أن الحكم الحالي يسمح له بالجمع بين المناصب، وهو تدليس على حكم رسمي صادر من السلطة القضائية، والذي كما ذكرت بأنه ينص على التخيير، أي أنه لا يمكن للمرء الجمع بين منصبين رياضيين حتى بعد حكم المحكمة الدستورية على عكس ما دلسه طلال الفهد. – ادعى بأن من ساهم في مشاركة منتخب الكويت في كأس الخليج هو وزير التنمية أحمد الفهد، وهو تحوير بيِّن للحقائق التي تثبت أن قرار المشاركة كان قد اتخذ قبل تحرك وزير التنمية. هذا جزء فحسب من ادعاءات الرئيس السابق في تلك المقابلة، أما الشق الآخر من المقابلة فقد كان مساحة لفتل العضلات الوهمية التي مازال يعتبرها الكثيرون شجاعة وبطولة وقوة، فالسيد طلال يقول في معرض حديثه إنه «سيلسّب» رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة قضائياً، نعم المصطلح كما قرأتموه صدر من شخصية كانت قيادية قبل أشهر تجاه لواء متقاعد قدم الكثير لبلده على الصعيد الرياضي والعملي. لا أستهدف في هذا المقال نقد شخصية هي برأيي من أسوأ أمثلة القيادات التي مرت على هذا البلد أخيرا، بل لكي تتضح الصورة للعقول عن مدى ضحالة طرح من يفاخر البعض بوجوده كشخصية رياضية. نعم نجح طلال الفهد نجاحاً باهراً في الإدارة الرياضية في بعض الأحيان «نادي القادسية» وفشل فشلاً ذريعاً في أحيان أخرى «اتحاد كرة السلة سابقاً»، ولكن لا الفشل ولا النجاح يجعلانه يستمرئ التدليس والانحدار في الطرح لهذه الدرجة. ضمن نطاق التغطية: لجأ إلى القضاء في قضية خلعه من رئاسة نادي القادسية، ولجأ إلى المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستورية قانون عدم الجمع بين المناصب، وفي الحالتين طبق القانون ومن ثم اشتكى، إلا أن الشخص نفسه رفض أن يطبق قانون انتخاب الاتحادات ولم يلجأ إلى القضاء، بل أدخل الكويت ومازال في دوامة رياضية أمدها ثلاث سنوات، هل مازال البعض يعتقد أنه يهدف إلى الإصلاح؟
أفتخر بشنو؟!
ولأنني أحب تميز أبناء وطني، فأنا أحرص دائما على حضور هذه النوعية من الفعاليات والمعارض، وآمل مع ذهابي إلى كل معرض أن أجد إبداعا كويتيا أتفاخر به أينما ذهبت، ولعل أبرز تلك المعارض في رأيي هو معرض «كويتي وأفتخر P2BK»، ومع كل زيارة أرجع بمعية آمالي خائبا من المجمل وفرحا ببعض الاستثناءات.
فأنا أشاهد أكثر من 60 قمرة متنوعة الألوان والأشكال، والمضمون متشابه، فهذا الذي يستورد بعض الملابس الرياضية من الخارج، وتلك التي وضعت لمساتها على بعض الملابس الجاهزة، وآخر لوّن بعض إكسسوارات الهواتف، وأخرى تجيد فن صناعة الحلوى، وآخر حاز وكالة من شركة أجنبية… لا داعي أن أستطرد فقد وصلت الفكرة على ما أعتقد.
لا مانع بلا شك أن ينمي المرء هوايته وموهبته سواء كانت فنية أو تجارية أو رياضية أو غيرها من المواهب والهوايات التي توافق ميوله، لكن هل حقا تستحق الأمثلة السابقة وشبيهاتها أن تكون مدعاة للفخر وأن يرفع لها شعار «رفعي راسج ياكويت»؟
نعم هناك أمثلة وإبداعات في تلك المعارض تستحق الإشادة ورفعة الرأس أيضا، ولكنها لا تتعدى للأسف حسب متابعتي الـ5% من محتوى المعارض، والبقية الباقية هي هوايات معروضة لا أكثر.
ولا يمكنني بأي شكل من الأشكال أن ألقي كل اللوم على شباب المعرض وأصحاب الهوايات والمواهب، فهم في النهاية ضحية لدولة سعت بشتى الطرق، ولاتزال في سعيها، إلى استخدام أقل وأصغر جزء ممكن من العقل، وهو ما يجعل الفكر يتمحور في أفق ضيق لا يتسع لأكثر من طعام لذيذ ولباس جميل والبحث عن الأموال.
نحن بحاجة حقا إلى أن نتمرد على ظروفنا التعيسة وعلى مفاتيح العقول الكثيرة لنتمكن فعلا من أن نكون كويتيين تفخر بنا الكويت.
ضمن نطاق التغطية:
لا يفوتني إلا أن أشير إلى أن الشاب ضاري الوزان وزملاءه القائمين على معرض «كويتي وأفتخر» هم أبرز المبدعين في معرضهم (رغم التحفظ على محتوى المعرض) لأنهم تمكنوا من استقطاب الشركات لرعاية المعرض رغم ما تبقى من الأزمة المالية، بل تمكنوا أيضا من جلب اهتمام القيادة السياسية في الدولة لهذا المعرض، وهو أمر بلا شك يحسب لهم، ومن الممكن أن يصنف كإبداع كويتي حقيقي.
خارج نطاق التغطية:
وجهت كلامي ناصحا للأستاذ جعفر رجب في مقالي السابق على خلفية مقال منسوب إليه نشر في أحد المواقع الإلكترونية، وقد نفى الأستاذ جعفر ما نسب إليه في ذلك الموقع، لذا فأنا أعتذر إن ساهمت في نسب مقالٍ إلى الأستاذ جعفر، هو قام بنفيه، وأعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
أنا ليبرالي
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
يعني نقدر بليّاكم !!
أنا هنا لا أقلل مما تحقق أبدا، بل أعلم جيدا أننا نتكلم عن متغيرات عصفت بالعالم بشكل عام وبالمنطقة بشكل خاص، إلا نحن راوحنا في أماكننا، فمازال لاعبونا هواة تشغل تفكيرهم الوظيفة أو الدراسة، ومازلنا نبحث عن الأرخص في استعداداتنا. على الرغم من كل هذه الإحباطات تمكنا من الصعود والتأهل على حساب الأستراليين والعمانيين أصحاب الظروف الأفضل منا والإمكانات الأقوى، فهنيئا لنا برجال بلدنا الذين تحاملوا على أنفسهم وعلى إحباطاتهم من أجل أن يسعدوا الكويت وشعبها ومحبيها.
هذا ليس مربط الفرس، بل ما حدث خلال ثلاثة أعوام كاملة هو المحرض لكتابة هذا المقال، فقد أثاروا الزوبعة تلو الأخرى ولايزالون في عملهم هذا، وكرروا: أبعدوا الساسة عن الرياضة، وأصروا أن سبب التخلف والتراجع الرياضي هم الساسة، وما إن ابتعدوا لأربعة أشهر فحسب حتى خطونا هذه الخطوة العملاقة سواء في تصنيفات الفيفا الشهرية أو على صعيد النتائج، فمنتخبنا لم يخسر منذ أن رفعوا أيديهم عن الكرة، وفكرة أن الرياضة لا تزدهر إلا بوجود أبناء الشهيد باتت فكرة بالية رثة لا يستطيع أفضل المحامين الدفاع عنها، بل ليس الأمر كذلك فحسب، فإنه بعدم وجود أبناء الشهيد أو بعض أدواتهم، مع احترامنا لأشخاصهم وقدراتهم، أصبح الوضع أفضل وأجمل.
لقد قال لي الدكتور أحمد الخطيب ذات مرة إن «جمال الأسر الحاكمة وسر ديمومتها والتفاف الناس حولها هو أن تكون الملجأ في حال الخصام، لا أن تكون أحد أطرافه»، وهو الأمر الذي فعلا نفتقده في الكويت، خصوصا في الشق الرياضي، فالشهيد فهد الأحمد استن سنّة، وإن كانت بنوايا طيبة إلا أنها أنتجت القليل جدا من الزهور والكثير جدا جدا من الشوك الذي مزق الأيادي، فالرياضة ليست حكرا على أحد والنجاح غير مقرون بأشخاص بل بعطاءات، ورجال الكويت قادرون على هذا الأمر ليس عن طريق النزاع والخصومة، بل بلغة القانون والنظام.
هذا جل ما نصبو إليه فإن استمرت الحال وفق هذه الطريقة فأقولها بكل ثقة إن الوعد في الدوحة 2011.
ضمن نطاق التغطية:
السيد ناصر الخرافي تبرع بمليون دولار للأشقاء في المنتخب المصري حين فاوزا بكأس إفريقيا.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة