المشهد الأول-المكان: وزارة المواطن: أرغب في نقل ابني من مدرسته إلى مدرسة أخرى. «يقولها بثقة وطمأنينة» الموظف الحكومي: تحتاج المسألة إلى موافقة ثلاثة أقسام، ومن واقع خبرتي بمثل هذه الحالات فإنك حتما ستحتاج إلى واسطة أو أن ينقضي عام دراسي كامل إن حصلت على الموافقات. «يقول في قرارة نفسه مسكين هذا المواطن». المشهد الثاني- المكان: ديوانية (بوعدنان) المواطن: هذا ما حدث معي اليوم بالوزارة، وأريد حلاً، فابني لا يرغب في مواصلة دراسته بتلك المدرسة. «يقولها بيأس وخيبة». أحد روّاد الديوان: عليك الذهاب إلى نائب منطقتنا «بو إسماعيل»، وإلا فإنك لن تتمكن من إنهاء معاملتك بموعد قريب. المواطن «على وجهه علامات الإحباط»: «بو إسماعيل» لن يقبل التوسط لي، فهو يعلم أنني لم أكن من مؤيديه بالانتخابات. صاحب الديوان «يبتسم واثقا»: لا يستطيع أن يرفض، فهو يعلم جيداً بما نملكه من ثقل وعلاقات ستؤدي قطعاً إلى خسارته في الانتخابات إن رفض لنا طلباً. المشهد الثالث- المكان: مكتب النائب «بو إسماعيل» المواطن: أتيتك يا «بو إسماعيل» لإنهاء إجراءات نقل ابني من مدرسته الحالية إلى مدرسة أخرى، كما أني أنقل لك تحية رواد ديوان «بوعدنان». «يقولها بثقة وطمأنينة». النائب «بو إسماعيل»، يجيب باهتمام وحرص شديدين: أبشر… وطلباتكم إنت وديوان «بوعدنان» أوامر. المشهد الرابع- المكان: استراحة مجلس الأمة النائب «بوإسماعيل»، مخاطبا وزيرا ذا نفوذ بنبرة رجاء: معالي الوزير لي معاملة مهمة لدى الوزير المختص، وقد ذهبت إليه ورفض التوقيع عليها بحجة أنه لا يريد أن يأخذ المواطن حقه من خلال النواب بل من خلال القنوات الروتينية العادية. الوزير صاحب النفوذ: (أفا عليك يا «بو إسماعيل» إحنا نعين ونعاون، إليك توقيعي وعدم ممانعتي على المعاملة، وما عليك سوى تسليمها للوزير المختص، ولكن لا تنسانا يا «بو إسماعيل» في قضيتنا المهمة ونريد تأييدك المطلق لنا، وما يخدم بخيل). النائب «بوإسماعيل»، يقول بنبرة منكسرة ذليلة: سمعاً وطاعة يا معالي الوزير. المشهد الخامس- المكان: زاوية أخرى من استراحة المجلس النائب «بو إسماعيل»، بلهجة المنتصر: «تفضل يا معالي الوزير هذا الكتاب بعد تعديله». الوزير المختص، ينظر إلى توقيع الوزير ذي النفوذ وعدم ممانعته ويتلعثم: دعني أنظر في الأمر. المشهد السادس- المكان: الصف الأمامي في قاعة المجلس الوزير المختص، بلهجة تحدٍّ يشوبها الخوف: لا أرغب في توقيع معاملة «بو إسماعيل». الوزير صاحب النفوذ «بخبث»: هل سمعت بالتغيير الوزاري القريب؟ الوزير المختص يوقع المعاملة بانكسار. أسقطوا تلك المشاهد الستة السابقة على ما تريدون من أمثلة أعمالنا الروتينية اليومية: نقل وظيفي… قرض إسكاني… بيت حكومة… رخصة تجارية… تقاعد طبي… علاج بالخارج، أو أي إجراء روتيني يومي آخر يتطلّب أكثر من يوم لإنهائه، وهي الحال مع أكثر من 90% من إجراءات الدولة، وسترون أن هذا السيناريو لن يتغير بجوهره، وإن تغيرت مفرداته ووسائله. تلك هي كويت اليوم، وهكذا تسير، ولن يكون لدينا مشرّع طالما رقابنا تحت سكين المنفّذ. خارج نطاق التغطية: أبدأ اليوم عاماً جديداً من حياتي بل مرحلة جديدة بعد انضمامي إلى نادي الثلاثين عاما، وكلي أمل أن يكون وطني أفضل وأجمل مما كان عليه في الثلاثين عاماً الماضية، وإن كان التشاؤم يغزوني كل يوم، فإني سأهدي مرحلتي العمرية الجديدة جرعة من التفاؤل علّها تقضي على ظلام وطني… سأتفاءل.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
هذا لعبهم
في اعتقادي أن بوصلة الرياضة التائهة في زمن اللاقانون تكاد فصول حكايتها تنتهي قريبا، وفي غير الصورة التي تتمناها «مجموعة الأبناء»، فبعد أن استنفدت المجموعة جميع الحيل المعيقة لقانون الرياضة، وبعد أن حاول بعض الجهابذة التابعين لها أن يسخفوا قضية القانون ويصوروها قضية «طمباخية»، اتجهت نحو كل أمر يخص طبقة التجّار. أنا سعيد جدا بما يحدث بشأن الغرفة وما تبعه من أحداث عطفا على التصعيد حول اللجنة الشعبية لجمع التبرعات الموجودة منذ نصف قرن، فهو أمر مفرح بلا شك أن يصل الأمر بالمتضرر أو تحديدا «مجموعة الأبناء» المتضررين وأتباعهم ممن يقتاتون على وجودهم، إلى مرحلة متأخرة جدا من تردي الحال كالتي يعيشونها اليوم، ليس بغضا بهم بل بما يمارسونه من أعمال. وفي اعتقادي أن بوصلة الرياضة التائهة في زمن اللاقانون تكاد فصول حكايتها تنتهي قريبا، وفي غير الصورة التي تتمناها «مجموعة الأبناء»، فبعد أن استنفدت المجموعة جميع الحيل المعيقة لقانون الرياضة، وبعد أن حاول بعض الجهابذة التابعين لها أن يسخفوا قضية القانون ويصوروها قضية «طمباخية»، ولم يفلحوا في ذلك أيضا، اتجهت «مجموعة الأبناء» من خلال أدواتهم وتوابعهم نحو كل أمر يخص طبقة التجّار، معوّلين على أن من يتحرك داخل المجلس نحو تطبيق القوانين الرياضية هم من ذوي الخلفية الاقتصادية، وأن أي خطوة سلبية باتجاه طبقة التجار ستؤدي إلى خوف النواب المتمسكين بسيادة القانون من المضي قدما في «قانون الرياضة»، وقد أكدنا مرارا أننا لن نتراجع عن «الدولة» و»القانون» حتى إن وصل الأمر إلى إشهار مجموعة الغانم ومجموعة الملا إفلاسهما. لقد وصل الأبناء المتضررون إلى مرحلة من «التخبيص» السياسي أدت بهم إلى كشف جميع أوراقهم قبل أن يصل رئيس الوزراء إلى المنصة، فها هم يستعينون بمحترفيهم أو اللاعبين غير التقليديين ممن اعتدنا على رؤيتهم في الأيام السابقة، وها هو أحد لاعبي مجموعة الأبناء الجدد يرفع ورقة غرفة التجارة بعد 11 عاما من وجوده في المجلس، فيقلد مفتاحه الانتخابي منصبا بدرجة وكيل وزارة!! والآخر (يا حسافة على الآخر) يقرها (الورقة) في ساعة واحدة كأسرع قانون يخرج من لجنة في تاريخ المجلس، وها هو إعلام «مجموعة الأبناء» يبث سمومه (أشكره) فيدعي أن الغرفة والتجار يحاربون الشيعة وأبناء القبائل في تأجيج مقيت للفتنة، وأمام ناظري الحكومة كالعادة. فسبب سعادتي أن يحدث كل هذا التخبط ونحن لم نقدم الاستجواب لتطبيق قانون الرياضة بعد!! فنصل السكين وصل إلى عظام المخربين، وباتوا يجهلون ما يصنعون، بل إنهم أسدوا لنا خدمة جليلة في كشف لاعبيهم الجدد، كي لا نعوّل على هؤلاء اللاعبين في المستقبل القريب، فشكرا لكم ولأتباعكم على ما قدمتموه لنا، ونبشركم بأننا ماضون قدما نحو «الدولة» و»القانون» كما عهدتمونا. خارج نطاق التغطية: لا يوجد أبلغ من كلمة انتحار جماعي كتعبير عن قرار المشاركة في خليجي 20 باليمن في نوفمبر المقبل، فاليمن غير مستقر بل إن أعماله الإرهابية الأخيرة في نفس المنطقة التي تقام بها البطولة مؤشر خطر وإنذار شديد لنا بأن نقوم بكل ما يمكن من أجل وقاية شباب الكويت من خطر يتربص بهم إن شاركوا، وأعتقد أن أرواحهم وسلامتهم لا تعادلهما أي بطولة أو مشاركة، فليصدر قرار من العقلاء في البلد برفض المشاركة وعدم إلقاء إخواننا في التهلكة.
جولة مع 10-10
10-10-10 تاريخ لا يتكرر في حياة الإنسان ومن رحم «التويتر» فكرت أن ألخص محطات من الخمسين سنة الماضية، ولا أقصد هنا أنها حدثت في هذا التاريخ، بل أعني ما كانت عليه الحال في تاريخ العاشر من أكتوبر في أغلب سنوات العقود الخمسة الأخيرة… 1960 الكويت بدأت عامها الأول كدولة مستقلة. 1962 أصبح لدينا مطار دولي وأول تلفزيون في منطقة الخليج. 1963 دستور دولة الكويت ومجلس الأمة وإلزامية التعليم. 1964 إنشاء ديوان المحاسبة بغية الحفاظ على الأموال العامة. 1965 أصبح لدينا بنك للتسليف والادخار وتم إلغاء الادخار لاحقاً. 1966 لم يعد «عبدالله السالم» يعيش بيننا وافتتحت جامعة الكويت. 1967 تزوير إرادة الأمة في انتخابات مجلس الأمة. 1968 إنشاء بنك الكويت المركزي وإصدار العملة الكويتية. 1969 أنشأنا محطة تلفزيون في دبي تحت اسم «تلفزيون الكويت من دبي». 1970 أسسنا وشاركنا في أول بطولة لكأس الخليج وحصلنا عليها. 1971 عودة الحياة النيابية من دون تزوير. 1972 أنتجت الكويت أول أفلامها السينمائية «بس يا بحر» وحصلنا على كأس الخليج للمرة الثانية على التوالي. 1973 استشهاد كويتيّين في أزمة الصامتة وتم استملاك الشركة الكويتية لتزويد الطائرات بالوقود «كافكو» لشركة البترول الوطنية. 1974 افتتح استاد نادي الكويت واستضفنا كأس الخليج الثالثة وحصلنا عليها، مع العلم أنه في 2004 أقيمت البطولة على نفس الملعب دون تغيير وحصلنا على المركز السادس. 1976 الحصول على كأس الخليج للمرة الرابعة على التوالي وتأسيس المشروعات السياحية والانقلاب على الدستور لأول مرة من خلال حل غير دستوري دام لخمس سنوات. وبدأ المشوار. 1977 أول بنك بالشريعة الإسلامية على حد تعبيرهم «بيت التمويل». 1979 انتقال إدارة كرة القدم للشهيد فهد الأحمد وفقدان كأس الخليج لأول مرة بتاريخه. 1980 الحصول على كأس آسيا. 1981 تخريب المجلس بعد عودته بـ»خمس وعشرين» دائرة فئوية. 1981 الوصول إلى كأس العالم وأزمة المناخ وخسارة 22 مليار دولار في يوم واحد. وكان يتولى وزارة المالية حينها الوزير السابق علي الخليفة العذبي الصباح. 1983 أصبح لدينا شركة الاتصالات المتنقلة كشركة رائدة في المنطقة. 1984 افتتاح المدينة الترفيهية ومستشفى الرازي. 1986 الانقلاب مجدداً على الدستور وحل مجلس الأمة بصفة غير قانونية. وبدأت سنوات الضياع. 1988 مسرحية «الكرة مدورة» وبداية الانحدار الفني. 1989 قرب انطلاق ثورة «دواوين الاثنين» المطالبة بالدستور. 1990 عايشنا أحداث المجلس المسخ الملقب بـ»الوطني» ووطأة احتلال العراق الغاشم للكويت. 1991 حرق الآبار والتحرير وتكوين ما يسمى بـ»حدس». 1992 عاد الدستور ليشرق مجددا بعد 7 سنوات مظلمة. 1993 إلى اليوم لم يعد للإنسان أي وجود وأصبح الدينار هو اللغة السائدة وبات القانون شيئاً من الماضي. تلك حكاية بلدي في خمسين عاماً، و لا أرى أي بصيص فيما هو قادم. خارج نطاق التغطية: الإعلامي العزيز باقر دشتي تمنى أن يتشرف شارع الصحافة باسم شيخ الصحافة المرحوم محمد مساعد الصالح، ولا أعتقد أن الشويخ بكاملها من صحافة أو «كراجات» أو بيوت أو مصانع ستحظى باسم أجمل وأرقى من اسم المرحوم «بوطلال» الذي أحبته الكويت كلها… فهل من مجيب؟
الدويلة: احنا راضين وأنتم تأبَون
يطالب الوافد الجديد للزميلة «القبس»، الكاتب الحدسي المخضرم مبارك الدويلة يوم الأربعاء الماضي في مقاله، تعليقا على منع الكتب في معرض اللوازم المدرسية «المسمى مجازا بمعرض الكتاب «بأن المتطرفين من أصحاب الفكر الليبرالي يجب أن يسكتوا عن التعليق على منع الكتب، في حين أن العقلاء والمثقفين يجب أن يقفوا مع وزارة الإعلام ويقدموا لها الإجلال والاحترام». وبما أنني لست ليبراليا متطرفا فلن أسكت، كما أنني لن أقف إجلالا واحتراما لوزارة الإعلام، وهو ما يعني أنني سأكون مجنونا في نظر «بومعاذ» وما أحلى هذا النوع من الجنون. الأستاذ مبارك يقول وبالحرف الواحد ما يلي: «إن الكويت مهما قلتم عنها ومهما رأيتم منها تظل بلداً إسلامياً محافظاً بأغلبية أهله وساكنيه!! قد تشاهدون هنا وهناك بعض مظاهر التحلل من بعض السلوكيات لكنها تظل شاذة ونادرة، أما أغلبية سلوكيات أهلها فتنطلق من موروثهم الديني والاجتماعي». حينما يقرأ أي شخص هذه الأحرف الذهبية التي خطتها يد الدويلة لا بد له أن يتفكّر جيدا في مضمونها، ولمن فاته المضمون نكرره بصورة أكثر وضوحا، الدويلة يقول إن مظاهر التحلل (وأعتقد أنه يقصد فيها الانحلال الأخلاقي) شاذة ونادرة في الكويت. وهو ما يعني أنها ليست حالة عامة وليست ظاهرة وليست قضية رأي عام وليست سوساً ينخر كياننا، وليست خطراً يهدد ديننا، بل إنها حالات نادرة وشاذة وقليلة، وهو ليس أمرا مقتصرا على أبناء الكويت، بل على ساكنيها أيضا، أي أن المقيمين مشمولون أيضا برأي الدويلة. جميل يا «بومعاذ» جميل، ما تقول ورائع، بل إنه صلب حديثنا على مر السنين وصراعنا الدائم مع الأصوليين، فقد رددنا منذ الأزل بأن الانحلال نادر وشاذ والاستقامة الاجتماعية هي الحالة العامة بالكويت، وكان الأصوليون هم من يقول عكس ذلك، ولكنك تأتي اليوم لتبتعد عن تلك الأصولية وتردد ما نقول. لكن لحظة يا «بومعاذ» دعني أستوقفك قليلا، مادام التحلل الأخلاقي كما تسميه حالة شاذة ونادرة، لماذا إذن أيدتم وشاركتم، وأنا أتحدث عن تنظيمك تحديدا، وجود ما يسمى بلجنة للظواهر السلبية وقوامها خمسة أعضاء (منهم عضوان من حدس)؟ هل يعقل أن نأخذ جهد عُشر أعضاء المجلس لحالات نادرة وشاذة كما تفضلت؟ ولماذا شغلتم شباب الكويت لأكثر من 40 عاما لفصل التعليم، ومازلتم متذرعين بالحجة الأخلاقية أيضا؟ أوليست الأخلاق قويمة إلا ما ندر، أم أنكم عاقبتم الأغلبية لما ندر من سلوكيات؟ لماذا تمنعون الاحتفالات؟ ولماذا تقتلون الترفيه ما دام الانحلال نادرا يا «بومعاذ»؟ إن كلامك يؤكد لنا مدى سطحية تياراتكم التي تركت الشؤون العامة وانغمست فيما ندر وشذّ من الأمور، وهو سر تراجعنا وتخلفنا على مدار الثلاثين عاما الماضية لتحالف الحكومة مع عقلياتكم. آخر سؤال: مادامت أغلبية المجتمع متمسكة بموروثها الديني والاجتماعي فلماذا نخشى إذن من الكتب ونمنعها يا «بومعاذ»؟ خارج نطاق التغطية: لست مسؤولا عن «ماجلة» البيت بعد، ولكني قلبا وقالبا مع أي مقاطعة للجشع تتمثل في مقاطعة شراء الطماطم حاليا، واستفسار بسيط لـ»الرشيدة»: ما الشيء الذي تستطيعين التحكم به وأنت عاجزة عن التحكم بسعر الخضار؟
حكومة الوحدة
«وحدة وطنية» هي شعار المرحلة، ومعظم رافعيها هم ممن مزقوا الوحدة أصلا، ولكي نلعب «عالمكشوف» ونكشف جميع الأوراق لنجيب عن التساؤلات الآتية ونعرف من مزّق الوحدة: من المسؤول عن بعثرة الوحدة الوطنية بالتجنيس العشوائي في العقود الماضية لغاية سمجة كريهة، وهي ترجيح موازين القوى السياسية لمصلحتها لبرهة من الزمن؟ ومن الذي منح العشوائيين الضوء الأخضر لتجاوز أي نص قانوني سارت عليه الكويت، فتمخضت تلك عن ثقافة اللا قانون والكثرة والاحتماء وراء القبيلة والعائلة والطائفة؟ ومن الذي قرر أن يقسم الكويت إلى خمس وعشرين دائرة قوامها التكدس المذهبي والقبلي والعائلي فجعلوا من الدسمة والرميثية وكيفان وخيطان دوائر مستقلة قائمة بذاتها؟ ومن الذي فتح الباب على مصراعيه للتيارات السياسية القائمة على المذهب الواحد وأغلقها أمام كل تيار شمولي؟ ومن الذي أغلق كل جمعيات النفع العام وحل إداراتها إلا جمعية الإصلاح الاجتماعي في فترة سابقة؟ ومن الذي أقر مناهج للأطفال تقر قتل المشرك وتنص في درسها التالي على أن من يجلس بجانبه من ملّة المشركين؟ ومن الذي يرفض ويأبى أن تتصدر أسماء الشهداء شوارع الكويت لتحكي للتاريخ عن اللحمة الوطنية الحقة في فترة الغزو؟ ومن الذي قسم الكويت طائفيا وعائليا وقبليا رغم محاولة الإصلاح في الدوائر الانتخابية الخمس، فجعل دائرة للمطران والرشايدة وأخرى للعجمان والعوازم وواحدة للشيعة وثانية للسنّة؟ ومن الذي يمد الجهلة والمفرقين من أبناء المجتمع بكل المواد الإعلامية لتعزيز وسائلهم الإعلامية وقنواتهم؟ ومن الذي «يتشاطر» على أن يبقى المعرض دون كتاب ويحجر الفكر وفي الوقت ذاته يقف متفرجا على كل رسائل نصية بغيضة تملأ القنوات الفضائية؟ بإمكاني أن أكمل التساؤلات إلى آخر الصفحة، وبإمكان غيري إضافة أكثر من ذلك، والسبب واحد ومعروف ومحدد، فإن كنا نريد الإصلاح فالمصارحة قبل المصالحة كما قال المرحوم الفذ أحمد الربعي، اعترفوا بأخطائكم قبل أن تهددونا بنفاد صبركم، قوّموا اعوجاجكم قبل أن تدعوا إلى الضرب بيد من حديد. لن نقبل منكم أي كلمة إصلاح مادمتم وعلى مدار خمسين عاما ترسخون الانقسام ولم تتغيروا بعد، ولن تنطلي علينا أي حيلة مسكنة وآنية، اعترفوا أولا وسيفتح باب الإصلاح تلقائيا بعدها. خارج نطاق التغطية: افتتح استاد جابر بكيفه، يريد تغيير مقر الاتحاد الكويتي لكرة القدم بكيفه، يشارك بالبطولات ويتخذ القرارات بكيفه، يعاقب ويكرم ويسلم أملاك الدولة ويوزعها بكيفه، كل هذا وهو غير شرعي بالنسبة للحكومة كما تدعي، فماذا لو كنت شرعيا يا طلال؟
عيب… وغلط… ومو صحيح
لم ننتقل بعد إلى مرحلة الأحزاب السياسية في التسمية فقط، ولكننا نعامل التيارات السياسية الموجودة كأنها أحزاب، فكل تيار له لوائحه التنظيمية وطلبات انتسابه وغيرها من شؤون تنظيمية أخرى، وكل تيار له برنامج عمل، أو من أعرفهم على الأقل، فـ»حدس» و»المنبر» و»التحالف» والبقية البارزة كذلك. «طيب»… ما الهدف من الانتساب إلى تيار سياسي معين؟ كما أرى فإن المنتسبين إلى التيارات السياسية ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الأول، ينتسب لإظهار تأييده للتيار، فنجد هذا النوع هو من لا يشاهَد إلا في الملتقيات والأحداث التي ينظمها تياره كالندوات والملتقيات الأخرى. الثاني، هو من ينتسب لأسباب كالروابط القوية مع رموز هذا التيار وقد يعمل أحياناً في تقوية وتسويق تياره بوسائل مختلفة. أما الثالث، وهو الأهم برأيي، فهو من يعمل فعلاً ويجنّد نفسه لخدمة التيار والدفاع عن أهدافه ومبادئه، بل إن هذا النوع هو من يصنع الأهداف والمبادئ ويتحول حينئذ إلى رمز من رموز التيار، حتى وإن كان لا يشغل أي منصب في أمانته العامة أو مكتبه التنفيذي أو أياً كان مسمّاه، وهذا النوع في الغالب لا يتجاوز أفراده العشرين شخصاً مهما كبر حجم أعضاء التيار أو صغر. وبما أن أحزابنا السياسية غير المشهرة والمعروفة بالتيارات السياسية تؤثر وتتأثر في كياني السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإن هذا يعني أن تعاطي السلطتين مع أفراد التيارات السياسية وتحديداً من النوع الثالث يختلف عن طبيعة تعاطيهما مع بقية أفراد الرأي العام، بمعنى أن وزير الكهرباء مثلاً حين يستمع إلى شكوى من مواطن عادي فإن تعامله مع هذا الشكوى سيختلف عن تعامله مع شكوى أحد رموز التيارات السياسية، وهو الحال الذي يسقط على النواب أيضاً وتفاعلهم مع المواطن العادي والتيار السياسي، والسبب باختصار هو أن المواطن العادي في الغالب لا يتمكن من تشكيل المواقف القوية التي قد تشكل هاجساً للسلطات كتلك المواقف التي من الممكن أن يقوم بها التيار السياسي. لذا فإننا إن وجدنا أي تيار سياسي أو رموزه يستغلون تلك المعاملة المميزة من السلطات لتمرير وتخليص أمورهم الخاصة سواء كان ذلك التيار يمثلنا أو ينافسنا، فإن هذا وبكل تجرد فساد واستغلال نفوذ مرفوض. فما هو مرفوض بالنسبة لي من ممارسات «حدس» هو مرفوض لي إن مارسه رموز «المنبر» و»التحالف»، ولن أفهم أبداً أي تبرير بقانونية أو مشروعية العمل من عدمه، فتساؤل لماذا حصل هذا الرمز على هذا العمل أو المنصب؟ سيظل محل شك وريبة. برأيي الخاص إن من يريد العمل السياسي المحترم يجب أن ينأى بنفسه عن أي صفقات تحقق الوجاهة الاجتماعية أو الربح التجاري، خصوصاً مع أطراف لا يقوم التيار السياسي أصلاً إلا على التعامل معها ومتابعتها ومراقبتها. قد يكون الاختيار صعباً وقد يكون ترتيب الأولويات غير يسير أبداً وقد نخسر طاقات مفيدة للتيارات السياسية، ولكن هذا هو الحال القائم، ولا أود أن يموت تيار بسبب جشع بعض رموزه أو قرارات فردية حمقاء. ملاحظة: كنت آمل ألا أكتب عن السياسة في رمضان ولكن الظروف أجبرتني على ذلك. خارج نطاق التغطية: بما أننا دولة تمنح الـ30 من رمضان عطلة، فإني أطالب بأن يكون الخامس من شوّال عطلة مرة واحدة. وعيدكم مبارك مقدماً.
ساهر الليل وزوارة خميس
كلنا نتعاطف مع أبطال قصة الحب في «ساهر الليل»، وسنمنّي النفس بنهاية سعيدة مفرحة تجمع الأحباب بعضهم مع بعض، متخطين جميع العقبات التي ستواجههم وكسر حاجز الطبقة الاجتماعية، وكلنا في الوقت نفسه نستنكر الخيانات المتكررة في «زوارة خميس» ونشمئز مما يحدث من إهانة للروابط الأسرية، وأعتقد أن القادم سيكون أشنع. في رمضان أفضِّل الابتعاد عن السياسة، فالناس سئمت منها، حتى الساسة أنفسهم يبدو أن تأثير الصوم عليهم يصيبهم بلوثة، ولا يوجد أبلغ من تصريح النائب الدويسان للتدليل على ما أقول، فالنائب الموّقر يريد منحة مالية لمن يتزوج الثانية شرط أن تكون كويتية للقضاء على العنوسة، ولا أعلم لماذا كلما أردنا أن نعالج مشكلة لا بد أن يكون للمال يد فيها؟ فيأتي رمضان مثلاً فنجد من يريد صرف راتب شهر إضافي يعيننا على الصوم مع أن المفترض أن يقل الأكل في رمضان! نقدم الرواتب والكوادر لكل مهنة على الرغم من أننا نشكو كثرة العاملين وقلة الإنتاج. عموماً عودة إلى الدويسان الذي نسي أن الزواج الثاني يدمر أسراً بأكملها ويرفع معدلات الطلاق، غير أنه على ما يبدو يفضل كلمة المطلقة على كلمة غير المتزوجة، ولكن كما قلنا الصوم وعمايله… إلا أنني كما قلت لن أكتب عن السياسة والسياسيين باستثناء ما بدأت به المقال. مسلسلان كويتيان يعرضان على قناة «أبوظبي» لفَتا انتباهي وكسباني مشاهداً لهما، هما مسلسل «ساهر الليل» ومسلسل «زوارة خميس»؛ الأول، يتحدث عن حقبة السبعينيات وأسجّل للمخرج إعجابي لتمكنه من تصوير تلك الحقبة بشكل جيد مع بعض الهفوات كصوت مشاري العفاسي في الأذان في الحلقة الثانية عشرة تحديداً. على أي حال، فإن هذا المسلسل يطرح قصة ثلاث أسر كويتية إحداها محدودة الدخل ويقع أبناؤها في قصة حب شاعرية هادئة جميلة مع فتيات من الأسرتين الميسورتَي الحال، وهو ما سيشكل المعضلة بالتأكيد في القادم من الحلقات. أما «زوارة خميس» فهو ينقل حال أسرة كويتية كبيرة الحجم بمشاكلها وقضاياها وهمومها، ولعلّي أجد أن التركيز على الخيانة الزوجية أحد أبرز خيوط هذا المسلسل والتي يعتقد البعض أن بها من التطرف في الطرح الشيء الكبير. وأعتقد أن الدراما لا بد أن تبالغ في الأمر قليلاً كي تصلح للمشاهدة. عموماً، فأنا لست ناقداً فنياً ولا صاحب اختصاص كي أقيّم العملين درامياً بقدر ما أريد أن أوصل فكرة معينة تختمر في ذهني ولا أجد لها إلا إجابة واحدة. فكلنا سنتعاطف مع أبطال قصة الحب في «ساهر الليل»، وسنمنّي النفس بنهاية سعيدة مفرحة تجمع الأحباب بعضهم مع بعض، متخطين جميع العقبات التي ستواجههم وكسر حاجز الطبقة الاجتماعية، وكلنا في الوقت نفسه نستنكر الخيانات المتكررة في «زوارة خميس» ونشمئز مما يحدث من إهانة للروابط الأسرية، وأعتقد أن القادم سيكون أشنع. والسؤال هو: ما دمنا نتمنى أن ينتصر الحب وما دمنا نكره الخيانة وتحديداً الزوجية جميعنا وليس الغالبية، فلماذا إذن توجد هذه المشاكل في مجتمعنا؟ لماذا نمزق القصص الحقيقية التي نعيشها ونلعب دائماً دور الأشرار في الحياة ونرفضها في المسلسلات؟ لماذا تتخم البيوت بقصص الخيانة ونحن نشمئز منها؟ لا أجد إجابة إلا أننا جمعٌ منافق، يدين الشيء ويمارسه، يكره الشيء في الخيال ويفعله في الواقع، اسألوا أي شخص تصادفونه إن كان سمع بخيانة زوجية أم لا؟ اطرحوا على أي شاب أو فتاة إن كانا سمعا أو عاشا قصة حب تحطمت على صخور الطبقة أو المذهب أو العائلة أم لا؟ هذا ما نحن عليه وهذا ما نعيشه، ولن تتغير مسلسلاتنا وكآبتها ما لم يتغير المجتمع، فالفن جريدة العصر، يقدم أحوالها وقصصها إلينا، ولن تفرحنا أعمالنا الفنية ما لم نتخطَّ هذا النفاق الذي نعيشه.
من التالي؟
ثلاثة زملاء في المرحلة الثانوية، ومثلهم في المرحلة الجامعية، وابن عمتي، وابن ابن عمي، وشقيق صديقي، والعديد من المعارف، رحلوا عن دنيانا رحمة الله عليهم، وكلهم تجمعهم حوادث الطرق الكويتية للأسف. وأنا على يقين بأن هذا الأمر ينطبق على الغالبية العظمى إن لم يكن مطلق المجتمع الكويتي، فمن منا لم يفقد قريباً أو صديقاً أو زميلاً بسبب الطرق، بل إنني منذ بداية أغسطس إلى اليوم قرأت وعلمت بأكثر من عشرة أشخاص رحلوا بحوادث الطرق، وهو ما يعني حالة وفاة واحدة كل يومين سببها الطريق الذي لا نستطيع الاستغناء عنه. وعلى الرغم من جهود وزارة الداخلية التي حولت شوارع الكويت إلى ستوديو كبير بكثرة الكاميرات المتناثرة في أرجاء الكويت، وعلى الرغم من زيادة أسطول دوريات المرور، وعلى الرغم أيضاً من زيادة وسائل السلامة في المركبات، فإن هذا كله لم يوقف ضحايا الطرق، فقد أكون أنا الضحية التالية، وقد يكون أي قائد مركبة آخر حتى لو كان ماهراً كشوماخر أو جاهلاً بالقيادة، بل حتى النصيحة التي يكررها لي عمي منذ حصولي على الرخصة لا تفيد فهو يقول: «اعتبر أنك الوحيد الذي تجيد القيادة في الشارع كي تأمن المخاطر»، كل هذا لم يُجْدِ نفعاً والضحايا في ازدياد. والملاحظ هنا أنه على الرغم من أن أكثر الضحايا الذين فارقوا دنيانا من فئة الشباب، فإننا ولله الحمد لا نسمع عن ضحايا من شبابنا المبتعثين في الخارج، وتحديداً في الدول المتقدمة، مع أن نسبة تفوق الألف شاب يغادرون سنوياً لاستكمال تعليمهم في الخارج، وهو ما يجب علينا أن نفهمه جيداً. فالعلّة كما هو واضح ليست في قدراتنا على قيادة السيارات بقدر ما هي في مدى احترامنا وحرصنا على إعطاء الطريق حقه. فما هو المختلف في شوارع بوسطن عن شوارعنا؟ وما هو الحامي في طرق ليفربول وغير متوفر لدينا؟ وكيف تختلف الفورد الأميركية في أميركا عن مثيلتها في الكويت؟ لا أعتقد أن هناك ما يختلف، إلا أن النصوص مطبقة هناك، فالمخالف يحبس سواء كان شقيق أوباما أو مواطناً آخر، والهارب يطارد سواء كان حفيد إليزابيث أو بريطانياً غيره، وهو ما نفتقده، بل ونسعى إلى تهميش أي نص رادع والالتفاف حوله رغم علمنا بأننا مخطئون، وهو أمر لن نستطيع تغييره للأسف بين عشية وضحاها، ولكن لابد لنا أن نبدأ به كي نقلل على الأقل من الأرواح المهدرة. إني أكتب اليوم لأني أحب ألا يتكرر حزني برحيل مفاجئ سببه رحلة قصيرة في الطريق، أو أن يحزن أهلي بسبب رحيلي وأنا في الطريق، كلما تفكرت في الموضوع أصبت بالرعب من هول مفاجأة قد تلامسني أو تلامس غيري، لذا لابد أن نبدأ كي نوقف قدراً كبيراً من الألم يتفوق على جميع آلام الحياة الأخرى. خارج نطاق التغطية: غبقة لـ»صوت الكويت» يوم غد الثلاثاء في مقرها بالخالدية داخل أسوار الجمعية الثقافية النسائية، فرصة جميلة للقاء مَن لم نلتقِ بهم منذ مدة فأسعدونا بها.
شكراً يا إمارات
نعم يا حكومتنا لا يجوز حتى وإن رغبتِ، أن تمنعي الحرية أو حتى أن تفكري في مراقبتها، لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، فقرار المنع الذي صدر في بلدان مجاورة من المستحيل أن يصدر في الكويت، لأننا باختصار لدينا ميثاق يجعلنا نفرض الحرية ولو أبت السلطة. زوبعة خليجية أثيرت أخيراً حول «البلاك بيري» ومنعه، ولأننا كويتيون فنحن لا نحب أن يفوتنا أي حدث دون تعليق، فبين سخرية وحذر من أن تحذو الكويت حذو الأشقاء الخليجيين تفاوتت حواراتنا ورسائلنا، ولكن المفاجأة، لا ليست بمفاجأة، هي إنجراف حكومتنا الرشيدة في معمعمة تلك الزوبعة. فكأن رشيدتنا تتصيد أي خبر قمع حريات كي تصرّح، فقد طمنت أهل الكويت بأن المنع لن يطال الكويت في «الوقت الحالي»، وأضع تحت الوقت الحالي ألف خط. رشيدتنا المسكينة تعتقد أنه لو جهل بعض الناس حقوقهم وواجباتهم الذين جبل أباؤهم عليها ورسخوها بميثاق عزيز يدعى الدستور، فإننا سنصمت ونجعل المركب يسير حسب رياح الرشيدة. لمن يجهل فقط وما أكثرهم، فالنص الدستوري المكتوب قبل 50 عاماً تقريبا مفصّل للرد على ما لن «يمنع في الكويت بالوقت الحالي» حسبما ترى الرشيدة، حيث ينص على أن: «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة وسريتها مكفولة فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه». نعم يا حكومتنا لا يجوز حتى وإن رغبتِ، لا يجوز لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، أن تمنعي الحرية أو حتى أن تفكري في مراقبتها، فنحن ومع احترامنا للأشقاء في الخليج وتحديداً في الشقيقة الإمارات ولإنجازاتها وتقدمها وقفزاتها السريعة، إلا أنها لا تملك ما نملك، فقرار المنع الذي صدر برغبة سلطة لا يمكن واستحالة أن يصدر في الكويت، لأننا باختصار، رغم تذمرنا وسوء أحوالنا، لدينا ميثاق يجعلنا نفرض الحرية ولو أبت السلطة، فشكوى واحدة من متضرر مباشر من أي منع كفيلة بأن تعيد الأمور إلى نصابها ومكانها السليم. نعم نحن نغبط الأشقاء على ما وصلوا إليه، لكننا لن نستبدل تقدمهم بدستورنا ما حيينا، فالرخاء المبني على الأمزجة والأهواء يتحول إلى شقاء بجرّة قلم لديهم. أما نحن فهدية الآباء والأجداد لن تمحى أبداً لأنها استبدت في منحنا الحرية وما أروع ذلك الاستبداد، ولن يتمكن كائن من كان من تقليص الحرية إن التزم بالدستور، وإن لم يلتزم فسنكون له بالمرصاد في قضية كـ»البلاك بيري» أو غيرها. لذا فالرسالة الأخيرة لرشيدتنا، إن عدم المنع ليس هبة تتفضلون بها علينا وتحددون مواعيدها لنا، بل إنكم لا تملكون أي قرار في حريتنا وليس لكم سوى تنظيمها في حدود القانون، وهو أقصى ما يمكن لكم فـ»لا تمنّون لأنكم ما تقدرون». وشكراً للشقيقة الإمارات على هذا المثال الحي الذي قدمته لنا كي نعرف ما نملك ونفخر به. خارج نطاق التغطية: تجديد جواز السفر يحتاج إلى شهر كامل كي يتم بعد أن كان لا يستغرق أكثر من يومين أو ثلاثة، وهو ما يعني المقدرة على إنجاز هذا الإجراء في فترة زمنية قصيرة، فهل الداخلية تطمح الى التردي في خدماتها؟
داوود حسين المخرب
ما يقدم من أعمال درامية اليوم ليس من ابتكار داوود حسين أو غيره، فأمهات أعمالنا كـ «درب الزلق» و«الأقدار» ضمت الهندي غلام والمصري فؤاد بن سعيد باشا وزواج قحطة من نبوية المصرية ومهدلي الذي لا يتقن العربية وغيرهم، مروراً بالكثير من الأعمال التلفزيونية التي رسّخت واقع المجتمع بوضوح بأنه مجتمع مختلط يضم الكثير من الجنسيات. شخصية الهندي والشامي والمصري والعراقي والإيراني وبالطبع الخليجي، كلها شخصيات ومجتمعات أثرت في تكوين هوية المجتمع الكويتي، بل لا تكاد تخلو عائلة كويتية من أواصر ترابط مع إحدى هذه الدول والمجتمعات، فهم إما أن يكونوا جيراناً لنا تنقلوا أو نزحوا إلى الكويت وإما أن أعمالنا ارتبطت بهم كالتجارة والتعليم وغيرها. ولو استثنينا روابط الدم التي تجمع الغالبية العظمى بهم، فإننا لن نستطيع أن ننكر حقيقة أننا في حياتنا اليومية مجبرون قسراً على التعامل معهم فهم يشكلون ثلثي تعداد الكويت العام. أسوق هذه المقدمة الطويلة لتفنيد فكره سمجة برأيي تلك التي تعتقد أن تقديم أعمال تلفزيونية تتمحور حول شخصيات أجنبية محيطة يعد تصديراً للثورة والأفكار الدخيلة على مجتمعنا! أولاً: إن كان عمل تلفزيوني قوامه 30 حلقة يهدف إلى التسلية هو ما سيفرِّق المجتمع، فإن هذا المجتمع هش ضعيف بائس من الممكن أن تهزه ثلاثون ساعة تلفزيونية، وهو بحاجة إلى إعادة تهيئة بدلا من منع عرض مسلسل. أما ثانياً: فإن ما يقدم اليوم من أعمال ليس من ابتكار داوود حسين أو غيره، فأمهات أعمالنا كدرب الزلق والأقدار ضمت الهندي غلام والمصري فؤاد بن سعيد باشا وزواج قحطة من نبوية المصرية ومهدلي الذي لا يتقن العربية وغيرهم، مروراً بالكثير من الأعمال التليفزيونية التي رسّخت واقع المجتمع بوضوح بأنه مجتمع مختلط يضم الكثير من الجنسيات شخصياً جدتي رحمها الله إيرانية الجنسية ولست الكويتي الوحيد في ذلك بلا أدنى شك، لذا فإنني إن شاهدت عملاً عن جدة إيرانية أو أخوال من نفس الجنسية فإنني بالتأكيد سأراه أمراً واقعياً لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بعقول ضحلة تعتقد أن إيصال تلك الشخصيات عبر الإعلام المرئي مخطط ومدبر لتفريق المجتمع وتقسيمه، وإن كان حقاً كما تقوله تلك العقول، فهو بكل تأكيد سيعيدنا إلى «أولاً» السابق ذكرها. ختاماً، فلو أنجبت نبوية من قحطة فإن أخوال أبناء قحطة سيكونون مصريين، ولو أنجبت زوجة مهدلي الإيرانية فإن أخوال أبناء مهدلي سيكونون من الإيرانيين، فهل كان الأمر مدبر من حقبة الأقدار ودرب الزلق لنشر الثقافات الدخيلة على المجتمع كما يفكر بعض العقول؟! إن كانت تلك أفكار مثقفينا والنخبة، فعلينا السلام.