أعلن النواب السابقون حسين مزيد وشعيب المويزري وعلي الدقباسي وخالد الطاحوس ومبارك الوعلان ومحمد هايف مقاطعتهم للانتخابات الفرعية التزاماً بالقانون.
خبر صفق له من صفق ممن انجرف مع ما سمي بالمعارضة، إضافة إلى أتباع هؤلاء النواب وكتلهم، وبعض من صدقوا فعلاً أن هؤلاء يلتزمون بالدستور فعلاً، متناسين أفعالهم السابقة من وأد للحريات وتجاوز للدستور بمختلف الأشكال.
قانون تجريم الانتخابات الفرعية صادر ونافذ وملزم منذ أكثر من 10 أعوام، وكل “فرعية” قبل هذا القانون لم تكن مقبولة أخلاقياً، سواء كان من شارك فيها يهدف إلى إيصال قبيلة أو عائلة أو طائفة، وبعد هذا القانون لم تعد مقبولة دستورياً أيضاً، وهو ما يعني أنه حتى منعدمي الأخلاق السياسية ممن كان يمارس هذه الانتخابات قبل صدور القانون أصبح مجرَّماً كذلك.
ولأن المحكمة الدستورية هي ملجأ لمن يعتقد أن هناك تعارضاً بين قانون ما والدستور، فإنها لا تعني عدم تطبيق قانون معين بحجة أن المحكمة الدستورية تنظر في دستوريته.
نبسطها أكثر، أنا لا أؤمن بدستورية الكثير من القوانين كقانون الجنسية وقانون المطبوعات وقانون فصل الاختلاط، فأنا لا أؤمن بقانون فصل الاختلاط مثلاً لتعارضه مع مبدأ المساواة الدستوري، وتعارضه مع حرية الاختيار الدستورية أيضاً، ولكن هذا لا يعني أن أنشئ جامعة في الكويت بنظام تعليمي مشترك بحجة أنني لا أؤمن بدستورية قانون فصل الاختلاط، فما يجب عليّ هو الالتزام بالقانون النافذ إلى حين صدور ما يلغيه سواء بحكم من الدستورية أو بإسقاطه من مجلس الأمة.
النواب السابقون الآنف ذكرهم في أول سطر يقرون بأنهم شاركوا في “الفرعية” مسبقاً، وتحديداً بعد صدور قانون يجرِّمها، ولكنهم لن يشاركوا فيها هذه المرة، وهو بحد ذاته امتهان لعقولنا وكرامتنا وإرادتنا بالمقام الأول، وامتهان للدستور وقوانين الدولة التي سبق وأقسموا عليها في مقام أسمى.
والأمر مطابق بالضبط ودون أي فرق بأن يأتي نائب “قبيض”، ويصرح بأنه لن يقبض من الآن فصاعداً، وعلينا بناءً على ذلك أن نصفق له ونصوت له أيضاً.
لقد ضمن النواب السابقون المذكورون في السطر الأول من المقال مقاعدهم في المجلس المقبل بعد أن وافقوا على هدر أموال الدولة تحت مسمى الزيادات والكوادر وغيرهما من مسميات، أو التصاقهم ببعض النواب الشعبويين أو استغلالهم بعض التحركات الشعبية في تسويق أنفسهم كإصلاحيين أو جميع ما سبق، ولم يعودوا بحاجة إلى خوض “فرعية” وتزوير الإرادة للوصول إلى المقعد، وعزوفهم عن “الفرعية” ليس التزاماً بالقانون كما يدّعون، فالقانون موجود من قبل تفكيرهم في دخول المجلس أصلاً ومشاركتهم في “فرعيات” سابقة، بل لذر الرماد بالعيون.
نائب سابق واحد فقط ممن يسمى بالمعارضة أعلن صراحة أنه سيشارك في فرعية قبيلته رغم مخالفة ذلك للقانون والدستور، ورغم وجوده في الشارع منذ بداية التحركات تحت شعار إلا الدستور، ولا غرابة في موقفه المتناقض، لأنه باختصار أحد عناصر “حدس”.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
الشعب النسَّاي
النائب المخضرم أحمد السعدون يحمّل الحكومة مسؤولية حماية الكويت من الانتخابات الفرعية والرشاوى.
النائبة رولا دشتي تقترح تشكيل لجنة تحقيق في حسابات النواب يكون أعضاؤها النائبين الصرعاوي وجوهر.
الحركة الدستورية تشارك في اقتحام المجلس، وتستنكر اقتحامه وترابط في ساحة قصر العدل للإفراج عن المتهمين في اقتحامه.
تلك هي تصريحات وتصرفات النواب وتياراتهم السياسية فور توارد أنباء عن حل مجلس الأمة.
النواب يعتقدون للأسف الشديد أن ناخبي الكويت هم مجموعة من الأغبياء لا يأخذون إلا نهاية التصاريح والأفعال منهم؛ على أن تجبّ هذه التصاريح ما قبلها من سلوكيات قريبة أو بعيدة.
نبدأ بأكبرهم سنا وتاريخا في المجلس النائب أحمد السعدون، وهو زعيم التكتل الشعبي الذي يضم بين صفوفه أحد نواب الفرعيات التي يطالب السعدون اليوم بمحاربتها، وهو من احتضنها بترحيبه بنائب مزوّر لإرادة الأمة ومتعدٍّ على القانون والدستور والدولة، ويعلم السعدون قبل غيره أن نائبه الفرعي لن يخوض الفرعية مجددا، فوجوده بقرب “ضمير الأمة” مسلّم البراك كما تحلو لهم تسميته و”الدستور الناطق” أحمد السعدون كما تحلو لهم تسميته أيضا كفيل بإنجاح النائب المزوّر لإرادة الأمة دون حاجة لفرعية جديدة.
السعدون بتاريخه الطويل ومواقفه المتعددة يعتقد أنه يتعامل مع شعب أمي لا يفقه، فمجموعة تصاريح قبل الانتخابات كفيلة بأن تنسينا كيف قبل هو قبل غيره بامتهان الدستور من خلال ترحيبه بجرائم الانتخابات وتزوير إرادة الناس.
أما النائبة رولا دشتي التي رفضت، بل احتدم النقاش بينها وبين زملائها في كتلة العمل الوطني قبل أيام قليلة من استقالة الحكومة، رفضت أن يتم انتداب نائبين هما الصرعاوي وجوهر للتحقيق في البلاغات المقدمة من قبل البنوك إلى “المركزي”، لتأتي بعد استقالة الحكومة وتطلب انتداب الصرعاوي وجوهر لنفس الأمر بشكل آخر، وهو ليس مجرد استخفاف بعقول الناس فحسب بل تعمّد واضح لتغييب حتى ذاكرة الناس عما حدث قبل أيام قليلة من رفضها للدور الرقابي السليم المفترض من مجلس الأمة، وهي أحد أعضائه.
أما “حدس” فحدّث ولا حرج، فهم مساكين فعلاً فما زالت صفعة الشعب الكويتي لهم في الانتخابات الماضية تجعلهم يترنحون في مواقفهم، فهم مؤيديون للاقتحام لمن يعجبه ذلك، ومعارضون له لمن لا يعجبهم في طريقة سخيفة لاستجداء الأصوات، بل إن مرشحهم في الدائرة الثانية قد قام فعلاً بحجز مقر له في المنطقة قبل الحل وقبل الدعوة إلى الانتخابات أصلاً، وهو تعدٍّ على أراضي الدولة بالمناسبة.
ما أود قوله باختصار أن بعض النواب والتيارات السياسية قد كرروا الاستخفاف بعقولنا على مدى السنين الماضية وما زالوا، وهو أمر حقق لهم النجاح في مناسبات سابقة، ومن المخزي حقا أن يتحقق لهم النجاح اليوم، وهم يقولون علنا وصراحة إننا شعب غبي ننسى المواقف ونصوّت لتصريح.
دعونا ولمرة واحدة نرفض على الأقل هذا الطعن في عقولنا، ونقولها صراحة إن البقاء لمن يحترمنا ويحترم الوطن والدستور فقط.
لذلك…
لأنني لم أعد أطيق اليوم شكل وطني الذي استشرى فيه الفساد والطائفية واللاقانون والتعدي على الحرية والثقافة والفكر الحر.
لأنني لم أعد أتحمل أبدا أن أرى كل الأقطار المجاورة تتفوق على وطني في مختلف المجالات، فواحدة ستستضيف كأس العالم وأنا لا أستطيع استضافة كأس الخليج، وأخرى أصبحت تنافس على عجائب الدنيا السبع الجديدة وأنا كل إنجازاتي عمارة، وثالثة أصبحت تفوقني بالحرية على الرغم من محاربتها لي في الماضي بسبب ما كنت أتمتع به من حرية.
لأنني لم أعد قادرا على محاسبة اللص في وطني الذي سرق أموالي عندما اشتدت المحنة، وأخذ يخصصها في شتمي والتفرقة بين أهلي وإخوتي من أبناء الكويت.
لأنني أرى الطرح الفئوي والقبلي والطائفي يؤيد ويشجع ويصفق له من الحكومة، ويقبله الكثير من الناس، فأصبحت كلمات مثل “طرثوث” و”صفوي” مصطلحات رائجة في وطني.
لأنني بتّ أجد من يزوّر إرادة الناس ويشارك في فرعية أو يظهر على الشاشات ليقول بفخر إنه ينقل الأصوات ويزوّر الانتخابات دون حياء أو وجل، وهو من يكسب وينال لقب ممثل للأمة دون حسيب أو مطبق للقانون.
لأنني أرى الحكومة لا تدير أموالي بشكل جيد؛ فتتنازل عن السرقات وتوزع العطايا والكوادر والمنح، وتسيء استخدام ثروات الدولة.
لأنني علمت أن المشرّع في بلدي تقاضى أموالا من جيبي، ولم يحاسبه أحد، وحينما أراد بعض المشرعين الشرفاء التحقيق في هذا الأمر رفضت الحكومة ذلك.
لأنني بتّ أرى أهل وطني يضربون بلا سبب إلا لأنهم عبروا عن رأيهم، وقد يأتيني أو يأتيكم الدور اليوم أو غداً.
لكل ذلك سأشارك اليوم في ساحة الإرادة وأعلن رفضي وأقول سيتغير الواقع المرير وسأكون من الساعين إلى التغيير.
أعلم جيدا أن هناك أناسا ونوابا في ساحة الإرادة ليسوا بأفضل حال من الحكومة السيئة، ولكني لن أقف معهم، ولن أهتف لهم، فالساحة ساحتي صنعتها أنا وإخوتي لنيل المرأة حقها السياسي، ولتقليص الدوائر الانتخابية، وسنكمل المشوار اليوم، فنحن الأساس وهم الزائلون.
أكررها: الدستور هو مسطرتي لا دين ولا عائلة ولا قبيلة ولا جنس، وهو نظام الدولة وسأتمسك به، وسأحارب من يتعدى عليه.
سأطالب وأنادي وأعمل بالشكل الذي كفله لي الدستور لتغيير الواقع السيئ، وسأعمل على انتزاع حقي في اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية إن رأيت أحدا يتعدى على دستور وطني من الحكومة وما يسمى بالمعارضة.
توأم
ضربوا المواطنين دون وجه حق في ديوان الحربش، سكتوا عن مقتحمي منشأة مملوكة للدولة في العديلية “اتحاد القدم”، بل حاولوا عرقلة تسجيل قضية ضد المقتحمين، عطلوا جلسات مجلس الأمة عمدا بغيابهم المتكرر، عرقلوا أداء المجلس في تشكيل لجنة للتدقيق في حسابات المركزي على خلفية الإيداعات المليونية، لم يلتزموا بتطبيق القوانين الصادرة من مجلس الأمة، لم يقوموا بإنجاز الحد الأدنى من المشاريع المفترضة، فلا مستشفى ولا جامعة ولا مدينة ولا جسر من 2006 إلى اليوم، لم يحاسبوا المتعدي على أموال الدولة الذي أجّر عشرين ألف متر تقريبا بعشرين دينارا سنويا دون مسوغ قانوني، حولوا الأدوات الرقابية للسلطة التشريعية إلى مستحيل لا يصل إليه نائب، شاركوا في تقرير مصير استجوابات موجهة إليهم دون وجه حق، رضخوا لكل ابتزاز وظيفي في مختلف قطاعات الدولة فبات باب الرواتب وحده يكلف الدولة أكثر من ثلثي الإيرادات، صمتوا عن الفتن التي تبثها وسائل الإعلام إن كانت لا تتعرض للحكومة بشيء في حين وجهوا عقوبات رادعة لأي إعلام يخالفهم.
هذا باختصار جزء يسير من أعمال الحكومة في السنوات الأخيرة، وهي ليست آراء بل أمور موثقة ومسجلة في صفحات الكويت.
أما الطرف المقابل اليوم أو ما يسمى كتلة المقاطعة فأفعالهم كالتالي:
شككوا في أخلاقيات الناس وتدخلوا في سلوكهم، طعنوا بولاءات بعض المواطنين لمجرد تعارض الآراء، استخدموا العنف كوسيلة للتعبير عن آرائهم لرفضهم ممارسات الحكومة، خاضوا انتخابات فرعية أو طائفية في سبيل الوصول إلى مجلس الأمة، صوتوا على كل صرف من أموال الدولة سواء كان مستحقا أم لم يكن؛ في سبيل إرضاء الناس، دعا بعضهم إلى إلغاء كيان الدولة وضمها إلى دول مجاورة، صوّت بعضهم ضد استجوابات بحجة وجود فتوى، وصوّت بعضهم الآخر بإحالة استجواب إلى اللجنة التشريعية وتعطيل دور زملائهم الرقابي، قاطعوا التصويت على لجنة للتدقيق في حسابات “المركزي” لكشف من تضخمت حساباته من النواب وكشف من ضخّمها أيضا، رفضوا استكمال الديمقراطية الكويتية بمشاركة المرأة في البرلمان ونيل حقها السياسي، لم يتكلم أحدهم عن حرية التعبير أو الاعتقاد أو التفكير أو الحرية الشخصية وكلها حريات دستورية إلا في حالة واحدة وهي حرياتهم، وصفوا كل إعلام يخالفهم بالفاسد ولا صالح سوى إعلامهم مع عدم ممانعتهم طبعا بالظهور في ما يسمونه الإعلام الفاسد إن التقت المصالح.
وغيرها من سلوكيات في السنوات الأخيرة أيضا، وهي أيضا ليست آرائي بل هي حقائق وقعت غير قابلة للتغيير.
إذن نحن أمام طرفين متعارضين ومتخاصمين إلى أبعد مدى اليوم، ولكنهما متفقان في أمر واحد هو عدم الأخذ إلا بما يناسبهما من دستور الدولة، لذلك فإننا نجد أنفسنا جميعا في حيرة، فلا الطرف الأول حريص على الدستور ولا الطرف المقابل كذلك، وهما متساويان تماما في سلوكياتهما المعادية للدولة المدنية ودولة القانون.
ضمن نطاق التغطية:
أملي الوحيد في المعارضة الحقيقية للسلوكيات السيئة هو تجمع “إنقاذ وطن” المزمع عقده غدا، فالتيارات المدنية المشاركة فيه والنواب كذلك يجعلونني أبني الآمال على أن تكون هناك معارضة موضوعية دستورية خالصة، وأتمنى أن يتحقق ذلك.
هذا اللي بيحررنا ؟!
لا يمكن أن أقتنع أبدا بأن تطالب تيارات الإسلام السياسي بالدستور أو أن تدافع عنه، فهم إقصائيون لا يؤمنون بالحرية إلا حريتهم في إقصاء غيرهم، ولا يؤمنون بحقوق الإنسان إلا في حقهم بالطعن والتشكيك بغيرهم.
اليوم نجد أن تيارات الإسلام السياسي هي التي تتحدث عن الإصلاح والدستور والحريات، ولا أعتقد أن أي شخص عاقل من الممكن أن يصدق ولو لجزء من الثانية أن كلامهم مقنع أو مقبول، فهم نفس المجموعة التي طعنت في أخلاق كل الكويتيين ووصفت اختلاطهم بأنه يؤدي إلى “الايدز” و”السفلس” وغيرهما من أمراض، بل تمادوا وقالوا إن كل زوج يشك في زوجته المختلط بها.
وهم أنفسهم أيضا من وضعوا ضوابط على الفنون والثقافة والأدب، وهاهم مبدعونا يرحلون واحدا تلو الآخر دون مساحة كافية لهم لتقديم كل ما يملكون من إبداع كما قدموا في السابق قبل غزو تيارات الإسلام السياسي لمجتمعنا بعصا الدين البريء منهم.
وهم أيضا من نصَّبوا أنفسهم مسؤولي جوازات في منافذ الكويت لا يدخلها إلا من يعجبهم ويوافق أفكارهم الإقصائية، فلا مفكر ولا مذهب أو دين آخر مسموح له بالدخول، فهم أوصياء على عقولنا أيضا.
كل هذا وأكثر هو صنيعة تيارات الإسلام السياسي التي تدَّعي الدستور ويتداعى البعض لنصرتهم بحجة أننا في مركب واحد لإزاحة الحكومة الحالية، ومع إقرارنا بأن الحكومة الحالية سيئة لكن هل هؤلاء فعلا من نقف معهم في سبيل كويت أفضل أو على الأقل كويت الدستور؟
هم أصلا لا يترددون في إظهار عدم احترامهم للدستور علنا، ولا يتقربون منه إلا لنيل مبتغاهم، فلماذا أصلا نشاركهم وماضيهم وحاضرهم وقطعا مستقبلهم مليء بالتعدي والتجاوز على كراماتنا وحرياتنا وعقولنا؟
إن الوقوف مع تيار الإسلام السياسي هو أكثر جرماً وأشد ضرراً على الكويت من أي أمر آخر، فقد قادوها إلى التهلكة خلال الثلاثين عاما الماضية من تحالف السلطة معهم فتغاضوا عن اللصوص وتجاوزوا كل النصوص.
إن أسخف ما أسمعه من أطروحات اليوم تلك التي تدّعي أننا مجتمعون في قضية وبعدها سنفترق كل وفق فكره وطريقه وأسلوبه، وتناسى أصحاب هذا الطرح أننا باجتماعنا معهم اليوم أمسكنا بمعول هدم الدولة المدنية وشاركنا في الهدم، ولا نستطيع التبرؤ منهم لاحقا بحجة أن الغاية هي ما كانت تبرر وسيلتنا.
لقد دمروا كل ما هو جميل ونفخر به في الكويت طيلة العقود الماضية وكل أشكال الإبداع تلاشت بسبب نفس تيارات الإسلام السياسي التي يدعوننا البعض الى المشاركة معها اليوم، أين المسرح؟ أين الكتاب؟ أين التعليم الحر؟ أين الثقافة؟… كلها تلاشت واختفت بسببهم، لذا فأنا آسف، لن أشاركهم، ولن أقبل بمن يشاركهم أيضا.
معارضة طارق العلي
قررت المعارضة النيابية أو ما يسمى بالمعارضة، إن صح التعبير، أن تقاطع لجان مجلس الأمة بحجتين؛ الأولى، هي سوء الإدارة الحكومية، وهو أمر متفق عليه ولا يستطيع أن يتغاضى عنه عاقل، والأمر الآخر هو وجود نواب “قبيضة” كما تمت تسميتهم، وهم المحالون إلى النيابة بسبب تضخم حساباتهم البنكية بشكل غير اعتيادي، وعدم إمكان تعاون نواب ما يسمى بـ”المعارضة” مع “القبيضة”. وقبل الدخول في صلب الموضوع والتعليق على هذا الأمر، فإنه يجب علي أن أطرح تساؤلاً مهماً على ما يسمى بالمعارضة، هل “قبيضة” اليوم هم أول “قبيضة” يدخلون مجلس الأمة في عهدكم؟ الإجابة طبعا لا، وقد شاركتم القبيضة السابقين سواء في اللجان أو الوفود أو حتى الاستجوابات في أحيان كثيرة، ولكن قبل أن تقولوا “اللي فات مات” أنتم مازلتم تشاركون “القبيضة” من غير النواب في معارضتكم، بل وتصفقون وتطبلون له أيضاً، فمن قبض “الوسيلة” هو أحد رموز المعارضة اليوم، وهو ما يعني أن حجة انسحابكم من اللجان لكي لا تجتمعوا بـ”القبيضة” متناقضة مع تصرفاتكم السابقة والحالية أيضاً. عموما ما سبق هو هامش الموضوع أما الجوهر فهو يتمثل في التالي: “ينبغي أن يشترك كل عضو من أعضاء المجلس في لجنة على الأقل”… تلك فقرة من نص المادة 45 من اللائحة الداخلية للمجلس تلزم عضو مجلس الأمة سواء كان “قبيضاً” أو موالياً أو معارضاً بالمشاركة في لجنة واحدة على الأقل، وإلا فإنه يخل بعضويته وأداء مهامه في تمثيل الأمة بأسرها.
وقرار ما يسمى بـ”المعارضة” بعدم المشاركة في اللجان يعني أنهم يتعدون ويتجاوزون اللائحة الداخلية من أجل تسجيل موقف لإثبات أن الحكومة و”القبيضة” لا يحترمون الدستور والقانون واللوائح، بمعنى آخر أن من يسمون بـ”المعارضة” يتجاوزون القانون لرفضهم تجاوز الحكومة و”القبيضة” للقانون! فضلا عن أن رواتب الأعضاء المقاطعين للجان تعد غير مستحقة بحكم أنهم لا يؤدون وظائفهم كما تنص اللوائح والقوانين، وهو ما يعني أن المعارضة الجديدة التي ترفض التعدي على الأموال، كما تدعي، تتقاضى رواتب وأموالاً غير مستحقة كذلك. وهنا أخاطب نواب الإسلام السياسي تحديداً ومدّعي حماية المال العام من المقاطعين تحديداً فما تتقاضون من رواتب بعد مقاطعة اللجان هو مال حرام ويتجاوز المادة الـ17 من الدستور كذلك. أنا هنا لا أنكر أن وضع المجلس والحكومة كارثي ولا يطاق وسوء اختياراتنا هي أساس هذا التردي، ولكن ليس من المنطقي أبداً أن ننسحب من المجلس ونجعل الفساد يستمر دون رقابة، فلماذا نعاقب الكويت أكثر بترك أدواتنا الرقابية في أيدي الفاسدين والمفسدين وكأننا نطبق أسلوب طارق العلي في مسرحية “سيف العرب” حين قوله “والله أحمق… عليكم هسّه وأثوّر بنفسي”.
ضمن نطاق التغطية: “إذا لم تكتمل عضوية اللجان الدائمة وتبين أن بعض الأعضاء لم يشترك في عضوية أي منها، أو لم يشترك إلا في عضوية لجنة واحدة، يتم شغل الأماكن الشاغرة من بين هؤلاء بطريق القرعة بدءاً بالأعضاء الذين لم يشتركوا في عضوية أي لجنة”.
تلك هي تتمة المادة 45 من اللائحة الداخلية للمجلس، وهو ما يعني أن بإمكان الرئيس أن يقوم بالقرعة ويملأ مقاعد اللجان بالنواب المقاطعين! حتى تسجيلكم للموقف، وإن اختلفنا عليه، لن يجدي في ظل وجود هذا النص.
إحنا مو مال دولة
تنقلب الكويت رأسا على عقب لأن خطيبا في مسجد يحلل ويحرم ويضيف كبائر كما يهوى، فهذا الخطيب وصف زيارة كربلاء كأحد المزارات الدينية بأنها أكبر وأعظم من الزنى!! فيخرج بعض الكويتيين ممن يعتنقون زيارة كربلاء رفضا لما يقوله هذا الخطيب مطالبين السلطة بمعاقبة من اعتدى على عقائدهم ووصفهم بأنهم أشد جرما من الزناة، فينتصر بعض الكويتيين الآخرين ممن لا يزورون كربلاء انتصارا لهذا الخطيب وما قاله، وتملأ الصحف بتعليقات تثبت مدى حماسنا للتفرقة ووهن وحدتنا المزعومة، فلتحترق الكويت من أجل أن نثبت أن مؤرخا قبل 1400 سنة انتصر على مؤرخ آخر.
***
ننتظر يوما بعد يوم وساعة بعد الأخرى لكي يفجر لنا نائب مفاجآت فساد من العيار الثقيل كما يدّعي، فيدفعنا الفضول والشغف، وليس الخوف قطعا، إلى معرفة هذه المفاجآت، وكأننا نشاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل، فنفاجأ حقا بما يكشف من أدلة مزعومة على قضايا فساد مالي يعود تاريخها إلى خمس سنوات سابقة، وأقرت في ميزانيات الدولة المتعاقبة دون أن يتحدث عنها أحد طيل السنوات السابقة (هذا إن كانت صحيحة)، ونفس النائب موجود في كل تلك السنوات السابقة، بل أكثر منها دون أن نسمع منه شيئا عن مفاجآته المزعومة، ولكننا نصفق ونهلل ونرمي “العقل”.
***
يطعنون بنواب وتيارات سياسية لأنها تخالفهم بالسلوك والتعاطي مع القضايا، وينعتونهم بالمتواطئين وأصحاب الصفقات على الرغم من أن الطاعنين هم من يعملون لدى سراق المال العام، وهم من تخلص الحكومة معاملاتهم، وهم من باتوا أبطالا لقناة أحمد الفهد الجديدة، وهم أيضا من سكتت الحكومة عن فرعياتهم!!
***
كل الطرق والسبل والأدلة والقضايا تؤدي إلى طريق واحد، وهو أن هناك نوابا فاسدين، ولكن لا يذكر أحد أسماءهم، ويذكر فقط من حدد واكتشف أسعارهم فقط، لأن أي ذكر لأسمائهم سيقر بفسادنا نحن كمجتمع وفساد اختياراتنا.
باختصار نحن لا نستحق الدولة فكل أمورنا لا نديرها من أجل الدولة، بل من أجل مصالحنا الخاصة، فهذا سعره يتمثل بأموال تدفع له، وآخر سعره يتمثل بإقصاء المذهب المخالف له، وثالث سعره يتمثل بأن يحتل هو موقع المعارضة وحيدا، ولا يجوز لأحد أن يعارض معارضته، وأخير يعتبر أن الفاسد هو من يتعارض فساده مع فساد غيره فقط.
ضمير مستتر تقديره البراك
توالت الإضرابات وأبرزها برأيي هو إضراب الجمارك في الأسبوع الماضي، هذه الإضرابات ما هي إلا نتيجة حتمية لتخبط الحكومة في التعامل مع العصيان من أجل المادة سواء كانت الزيادة مستحقة أم لا.
وبغض النظر عن عدالة مطلب موظفي الجمارك من عدمه، إلا أن الأسلوب الذي مورس في سبيل تحقيق المطلب أسلوب سيئ ولا يمت لا للقانون ولا للدستور بأي صلة، فالنص الدستوري صريح وواضح في المادة (26): “الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة”، وبإضراب الجمارك تحديدا لم يراع المضربون واجبهم الوطني ولا الحفاظ على المصلحة العامة.
ولم يأت هذا الإضراب دون دراية بتوابعه، فزعيم المضربين ذكر وكرر أن خسائر إضراب الجمارك يوميا تقدر بـ30 مليون دينار!
عموما، فأنا أتمنى محاسبة المتسبب في هذه الخسائر اليومية بأسرع وقت كي يكون ذلك رادعا لأي تصرف مشين في المستقبل.
لكن العلة لا تكمن في إضراب الجمارك وموظفيه فحسب، بل العلة كل العلة هي في من يسمى بضمير الأمة، وأقصد هنا النائب مسلم البراك الذي يسعى جاهدا إلى تصوير نفسه كحامٍ للمال العام والمدافع الأول عنه، وقد يكون هذا الكلام صحيحا في بعض القضايا، إلا أن ما صرح به البراك عشية إضراب الجمارك ينسف كل موقف له في سبيل حماية الأموال العامة.
فقد حيّا البراك موظفي وموظفات الجمارك على التزامهم النقابي والتفافهم حول نقابتهم لتحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة!
وهو ما يعني أن ضمير الأمة يحيي إهدار 30 مليون دينار يوميا، إضافة إلى سمعة الكويت وتعطيل مصالح الناس، وما زال جمهوره يصفق للبراك ويهلل له. عن أي مال عام تتحدث يا “بوحمود” وأنت من يعزز الهدر لمجرد أنه تحرك ضد الحكومة؟ عن أي دولة دستور تتحدث وأنت تشجع الأعمال التي تضر بالاقتصاد الوطني والمصلحة العامة كما جاء في دستور الدولة الذي تدعي دفاعك عنه؟
لقد كانت هناك تصرفات حاول البعض من مريدي البراك أن يبرروها كوجود الفرعيين في التكتل الشعبي أو عدم احترامه لدستور الدولة في قضايا كحقوق المرأة والتعليم المشترك وحرية التعبير.
إلا أن ما ورد في تصريح البراك الأخير حول الجمارك لا يبرر أبدا ولن يجدي معه أي رد أو ترقيع.
للأسف فقد باتت المعارضة اليوم، التي يعتبر البراك أحد رموزها، لا تسير حسب المصلحة العامة وسمعة الوطن أو الحفاظ على ثرواته بل بات ما يسيّرها هو مدى تعارض الفرد أو الجماعة مع الحكومة بالصواب أو بالخطأ، لا يهم أي شيء المهم أن تكون ضد الحكومة حتى لو كان موقف الضد هذا يسيء للدولة ولثرواتها وسمعتها.
حيتان
والدك كان يعمل في تجارة البحر قبل النفط، فكان يجول الدول المجاورة ليستورد منها احتياجات أهل الكويت، فيبيعها عليهم، وتدر عليه المبيعات ربحا مقبولاً، يمكّنه من شراء بعض البيوت الطينية في مدينة الكويت، أو أن يمتلك “حفيز” لبيع البضائع المستوردة.
فيأتي النفط مصادفة ليمنح الكويت ثروات وخيرات هائلة، فتقرر السلطة آنذاك أن يكون توزيع هذه الثروة المفاجئة عن طريق التثمين، ولأن والدك كما ذكرنا في الفقرة الأولى تمكن من شراء بعض البيوت فإن نصيبه من التثمين كان أكبر من مواطنين آخرين، وقد قرر بعد أن قام ببناء بيت حديث من أموال التثمين أن يستثمر الأموال الباقية في استيراد حاجيات الشعب الجديدة، وقرر أن يتخصص في استيراد الثلاجات.
وفي نفس الوقت أتممت أنت دراستك الثانوية، فتكفلت الدولة بابتعاثك إلى أفضل الجامعات الغربية لاستكمال تحصيلك العلمي كي تعود لخدمة بلدك بشكل أفضل وهو ما تحقق.
تمكن والدك من تكوين ثروة كبيرة خلال فترة وجيزة؛ لأنه قام باختيار سوق مميز، ويحتاجه كل مقيم على أرض الكويت، فلم يكتفِ أو يقف عند هذا الحد، بل وسّع من تجارته وزاد في تنويع السلع لدرجة مكنته من أن يكون مصدرا أساسيا في تزويد كل قطاعات الدولة الحكومية أو الخاصة بالمعدات التي تحتاجها.
وكما ذكرنا آنفا فقد تمكنت أنت من استكمال تحصيلك العلمي ودراستك العليا في أفضل الجامعات الغربية؛ لتعود إلى الكويت وتتولى منصبا مرموقا في أحد القطاعات الحكومية الحيوية والمهمة لندرة الخريجين، وتتدرج في السلم الوظيفي لتصل إلى أعلى هرم ذلك القطاع مع مرور السنوات. وعندما احتلنا العراقيون وعانى أهل الكويت المرابطون في الداخل، ساهم والدك وأنت معه في توفير الأموال والمستلزمات الضرورية وبالمجان، لقناعة بأن ما قدمته الكويت لن تفيه كنوز الدنيا لتسدده.
وانفرجت الأزمة وعادت الحياة إلى طبيعتها، وتوليت أنت وأشقاؤك تجارة والدك الضخمة، وساهمتم في إعادة إعمار الكويت، وتقديم خدماتكم التجارية المتنوعة إلى كل قطاعات الدولة.
وليقينكم بأن النجاح لا يمنح بل ينتزع، فقد بتم ترفضون أي عطايا أو منح أو زيادات غير مستحقة لا تساعد إلا على الخمول والجشع والاتكالية، بل أصبحتم تحاربون وبعلانية كل من يسعى إلى هذا الاتجاه.
فكانت نهاية هذه المسيرة الطويلة والمحفوفة بالمغامرات التجارية الصعبة، والابتعاد عن الأهل والغربة والتضحيات الكبيرة الأصعب، ولمجرد أنكم ترفضون أن يدير البلد من يريد تبديد ثرواته أصبحتم حيتانا، ووجودكم هو ما يهدد البلد وأهله، وللأسف فقد بات الكثيرون يصدقون نظرية “الحيتان” تلك ويسعون إلى ترسيخها.
ضمن نطاق التغطية:
لا أقصد أبدا عائلة بعينها في هذا المقال، ولا أقصد أيضا أن كل التجار صالحون، ولكن لا أرضى أن يصور البعض العوائل ذات الامتداد الاقتصادي بأنهم حيتان يسعون إلى نهب البلاد، ولا تهمهم مصلحتها.
ذمة بورمية
تردد في الآونة الأخيرة اسم النائب ضيف الله بورمية كأحد الأسماء النيابية التي قدمتها بعض البنوك والذين تضخمت حساباتهم، ولا أعلم إلى الآن إن كان تضخم أي حساب نيابي هو عبارة عن رشوة أو غسل أموال أو غيرها من أسباب، ولكن ما أعلمه أن بورمية هو أحد الأسماء.
وعلى خلفية هذا الخبر قام النائب بورمية بعقد مؤتمر صحفي مدعم بأوراق وكشف لحسابات متعددة له ولأهله، وهو أمر يسجل لبورمية كأول نائب يقوم بذلك بغض النظر عن صحة ما ذكره بورمية من عدمه، وهو ما ستكشفه الأيام، ولكن الملفت فيما وزعه من أوراق لكشف ذمته هو أن النائب بورمية مقترض ويدفع عدداً من الأقساط الشهرية؟!
الكل يعلم أن اسم بورمية اقترن بكابوس إسقاط القروض منذ دخوله إلى المجلس ومازال مصرا على مبتغاه، ولكن الجديد في الأمر أن بورمية شخصياً سيستفيد من مقترحه لإسقاط قروضه الخاصة حسب مطلبه!
وهو ما يعني أن بورمية يتقدم باقتراح لمصلحته الخاصة، فسعيه إلى تشريع، يجعل الدولة ممثلة بالحكومة تدفع ديونه، هو أمر غريب ومستهجن، بل إنه في بعض الدول التي تحترم قانونها قد يسقط عضوية صاحبه فوراً، ويعرضه للمحاكمة.
وبعيداً عن الناحية القانونية، ما الفرق بين الرشوة وما يقوم به بورمية من المنظور العامي؟ فالحالتان تعنيان أن تدفع الحكومة الأموال للنواب، وإلى أي حال وصلنا إلى حيث نشاهد نوابنا يقومون بأفعال بغيضة كتلك، ونصفق لهم لمجرد أن الحكومة ستسدد ديوننا أيضاً.
المسألة اليوم ليست مسألة تضخم حسابات نواب من عدمها، بل هي تضاؤل عقولنا لدرجة تجعلنا نتغاضى عن كل أمر ما دامت الأموال تودع في حساباتنا، لا يهم إن لم نستطع عيش الرفاه، لا يهم أن تزول الكويت الغنية، لا يهم أن تحكم الواسطة… فكل ما يهمنا هو اختيار من يمنحنا الأموال دون تنمية أو بناء أو تخطيط لمن سيأتي بعدنا.
في اعتقادي أن جيلنا الحالي هو أسوأ جيل مر على الكويت على الإطلاق، وأنه نفس الجيل الذي سيقود الكويت إلى الهاوية، فهو لا يبالي ولا يهتم طالما استفاد آنيا من ثروات البلد وخيراته.
خارج نطاق التغطية:
حسب الأخبار المتواترة فإن بعض الكتل النيابية قد قررت توجيه استجواب إلى رئيس الوزراء على خلفية تضخم بعض الحسابات النيابية، بمعنى آخر بأن المجلس سيستجوب الحكومة على فساد اختيارنا؟!
وأن الأسماء التي تتردد لتقديم الاستجواب هما النائبان الدقباسي والصواغ؛ مع العلم أن هذين النائبين دخلا المجلس بانتخابات فرعية مجرَّمة قانوناً!!