علي محمود خاجه

إلى المراجع الشيعية

السيد محمد المهري مواطن كويتي له من الحقوق والواجبات ما لغيره من مواطنين، ومنها حق التعبير عن الرأي ونشره كذلك، وهو حق لا نعارضه أبدا بل ندافع عنه وإن اختلفنا معه كثيراً وفي غالب الأحيان.
وقد يكون السيد المهري أكثر مواطني الكويت ممن لا صفة رسمية لهم (نائب- وزير- مدير- أمين عام- كاتب …إلخ)، أقول إنه قد يكون أكثر مواطني الكويت ممن لا صفة رسمية لهم تصريحاً للصحف ووسائل الإعلام المختلفة، وطبعا فإن معظم من ينقل تصريحات المواطن السيد محمد المهري هو مستفيد مما يطرحه سواء لموافقتها لآراء صاحب الجهة الإعلامية أو أحياناً لبثّ الفرقة والفتنة بين أبناء المجتمع، وحين سؤال بعض القائمين على الإعلام عن سبب نشر تصريحاته فإن الرد يكون لأنه وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت، وهو ما يمهر به اسمه في تصاريحه العديدة.
لمن لا يعلم فإن وكالة المرجعيات الشيعية تعني أن يكون الوكيل مخولاً بجمع أموال الخُمس التي يدفعها المسلمون الشيعة لمراجعهم كي يقوم المراجع بتوزيعها على المستحقين، وأن يكون الوكيل هو حلقة الوصل بين المرجع ومقلديه في الكويت، وهو دور كما هو واضح عقائدي بحت لا يمتّ للسياسة بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد.
إلا أن السيد المهري يصر على تقديم صفته كوكيل للمراجع لتقديم رأي سياسي سواء بشأن محلي أو إقليمي، وكأنه يحاول أن يجعل من الطائفة الشيعية تيارا سياسيا، وهي أبعد ما تكون عن ذلك، فلا شأن لمرجعي الديني بمعتقداتي السياسية إطلاقاً، وهو بالتالي ليس من شأن وكيل هذا المرجع.
لذلك فإني أكتب لجميع المراجع الشيعية الكريمة التي يتولى السيد محمد المهري وكالتها في الكويت، ولجميع من يستطيع الوصول إليهم بأي طريقة كانت أن يأمروا السيد المهري بألا يقحم صفته العقائدية في وكالتهم في رأيه السياسي الخاص، والذي أشدد على أنه يحترم بل ندافع عنه طالما كان في إطار الدستور والقانون.
فيا مراجعنا الكرام إن ما يحدث من إقحام متعمد لشخوصكم الكريمة يجعل الهوّة تتسع ما بين الشيعة والسنّة وتأجيج صراع وهمي، فيعتقد من يجهل بواطن الأمور أن آراء المهري تمثلكم وبالتالي تمثل كل من يقلدكم من الشيعة، وهو بهذا السلوك السيئ يعزز هذا الاعتقاد الخاطئ، ولا أعتقد أبدا أن غايتكم الفرقة وتشتت المجتمعات.
التشيع منهج ديني غير مرتبط إطلاقا بأوضاع سياسية إلا في “عوام” الأمور الدينية كالحرية وحقوق الإنسان والوحدة والتعاون، ولا يمكن أبدا أن نقبل أن تكون طائفة، أي طائفة، تيارا أو حزبا سياسيا، فهذا النفس سيئ ومريض ولا يمتُّ لبناء الأوطان بصلة.
وعلى السيد محمد المهري أن يقدم نفسه كمواطن في أي كلمة للتعبير عن رأيه، ويبتعد عن إقحام وكالة المراجع الشيعية في الشأن السياسي العام.

خارج نطاق التغطية:
تشرفت بالحوار مع العزيز حمد العليان حول الخروج لساحة الإرادة الليلة، وقد كان حوارا بعيدا عن أي تشكيك بالولاءات والشتم السائدين للأسف، فلمن فاته الحوار أنشره في مدونتي الخاصة: Ali-Khajah.info

علي محمود خاجه

لمحمد العبدالله أقول: لا أثق بكم

سأكون صريحا معك، فأنا لا أثق بكم، إذ لا يوجد أي إشارة تدعو إلى الثقة أصلاً، فالحكومات المتعاقبة هي من فرقت المجتمع بتقسيماتها الفئوية للدوائر، وهي من توقف فيها الزمن منذ سبعينيات القرن الماضي، فلم تعد الحكومات الكويتية سوى أسماء لموظفين من كل فئات المجتمع لا لكفاءاتهم بل لانتماءاتهم.
اليوم أقدمتم على إجراء قانوني هو حقٌ لكم، وهو إحالة الدوائر الخمس التي قدمتها الحكومات السابقة إلى المحكمة الدستورية، وهو اعتراف صريح منكم بسوء إجراءاتكم السابقة، ومنها تقسيم الدوائر بشكل غير عادل، فالعلة لم تكن أبدا بعدد الدوائر الخمس بل بتقسيمكم لها، وهو ما قلناه منذ ذلك الحين وشاركنا الكثيرون فيه.
طبعا أنا لم ولن أقتنع بأن هدفكم دستورية قوانينكم أو الالتزام بالدستور أصلاً؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لأحلتم قوانين غير دستورية عدة إلى المحكمة الدستورية من ذي قبل أو حتى الآن كقانون الجنسية الذي يمنع غير المسلم من الحصول على الجنسية الكويتية في تمييز واضح ومناقض للدستور، أو الاختلاط، أو الأحوال الشخصية، وغيرها من قوانين انتهكت الحريات ونسفت الدستور.
أنا على قناعة بأن ما دعاكم إلى إحالة الدوائر للدستورية هو مخرجات تلك الدوائر في انتخابات 2012 المبطلة، فلا العدالة هدفكم ولا الدستور ديدنكم كما تثبت كل الشواهد، ولكنه حق دستوري لكم كسلطة تنفيذية، ولقناعتي بعدم عدالة توزيعكم للدوائر أيضا، فلا يعقل أن تضم دائرة أكثر من 100 ألف ناخب ومخرجاتها عشرة نواب، وأخرى تضم أقل من 60 ألفاً ومخرجاتها كذلك عشرة نواب، وللأسف لم تتحرك السلطة التشريعية بمجالس 2008 أو 2009 إلى تقويم هذا الخلل فمكنتكم اليوم من ذلك.
أقول إن إجراءكم حق وإن كان المراد به باطل فإني سأساند الحق وأواجه الباطل، وإن حكمت المحكمة الدستورية بعدم العدالة في توزيع الدوائر فلابد من أن تكون الدوائر المقبلة بتوافق شعبي لا بمزاج حكومي أبداً، فالمزاج الحكومي أثبت فشله وعنصريته في تقسيمة 1981 الكريهة وتقسيمة الدوائر الخمس الجيدة عددا والسيئة توزيعا.
نعم أنا أعارض الخروج إلى الشارع اليوم لكن إن تفردتم بتوزيع الدوائر للتحكم بنتائج الانتخابات في حال حكم الدستورية بعدم دستورية الخمس، فسأكون أول الداعين إلى الخروج للشارع ومعارضة مسعاكم الذي يشبه مساعيكم السابقة.
لوزير الإعلام أكتب مقالي هذا لأنه الوحيد الذي أجده قادرا على الرد ومتمكنا منه في بعض الأحيان، تلك رسالة مواطن سئم التخبط الذي عودتنا عليه كل الحكومات حتى أفرزت لنا من جراء هذا التخبط نوابا يعادلونهم في السوء وازدواجية المعايير.

خارج نطاق التغطية:
من حارب الجويهل وسكت عن خالد السلطان لا تتوقعوا منه الدفاع عن الكويت وأهلها، ومن أيد الجويهل وحارب السلطان لا تتوقعوا منه ذلك أيضا، وبالتأكيد فلا تتوقعوا من الجويهل والسلطان بفئويتهما وتشكيكهما أن ينهضا بالكويت.

علي محمود خاجه

وينكم

تعلمت كما تعلم الكثير من أبناء جيلي منكم، وقدمتم رسائلكم في الماضي بأنسب وأفضل شكل ممكن دون تكلّف أو تصنّع أو إقحام للقيم بطريقة التلقين كما يفعلون اليوم وأنتم تشاركونهم أحيانا. فمن “خالتي قماشة” تعلمت أن الحب لا يفرض بل يزرع بالكلمة الطيبة والسلوك الحسن، ومن “مدينة الرياح” و”عجاج” و”علقم” تعلمت الخير والشر بأبسط شكل، ومن “الغرباء – كامل الأوصاف” تعلمت أن الشجاعة غير مرتبطة بذكر أو أنثى، ومن “على الدنيا السلام” عرفت عن أنماط بشرية كثيرة ومشاكلها وهمومها اليومية، و”درس خصوصي” قدم درساً في المعاملة الزوجية، وأفضل الدروس الأسرية في “إلى أبي وأمي مع التحية”، وجزء من التاريخ أخذته من “الأقدار” و”درب الزلق” و”بس يا بحر” وغيرها من أعمال رائعة كـ”رقية وسبيكة” و”خرج ولم يعد”، وغيرها العشرات التي قدمت أفضل وأسمى المعاني بجهودكم وتعبكم أنتم ومن معكم. وتعلقت بحب الوطن من صوت رويشد وعبدالكريم ونبيل وشادي الخليج وسناء الخراز، كل هذا قدمتموه لي ولمن معي من أطفال في ذلك الحين، ومازلت مديناً لكم بكل هذه الدروس طيلة عمري. اليوم اختفى كل هذا الجمال، وفنيت كل تلك الدروس بصفعات وشتائم واغتصاب ومخدرات واستجداء الضحك أحيانا، وهو أمر ساهمت فيه الدولة بدور أساسي مع حلفائها لتهمش صوتكم، بل تلغيه، فرضختم ولم تقاوموا بل قبلتم أن تنجرفوا لهذا الوحل الكريه. وكل يوم تقدمون تنازلاً تلو الآخر حتى بات ما يعرض في التلفزيون لا يحمل هويتنا، وغير مرتبط بحياتنا لا من قريب ولا بعيد. فرضوا الرقابة السخيفة على أعمالكم فقبلتم، حولوا المسارح إلى مبان مهجورة فسكتّم، أقحموا كل تاجر بأعمالكم فشاركتم، جعلوكم تقيمون حفلاتكم في صالة تزلج لمدة عشر سنوات فتسابقتم عليها، وهاهم أمس يمنعونكم حتى من عرض مسرحية أطفال وينقلونها إلى موقع آخر لا لشيء بل لمجرد تهديد نائب فتقبلتم الأمر. أساتذتي حياة وسعاد وعبدالحسين وسعد والصلال والعقل وداود ومريم وهدى وعبدالكريم ورويشد ونبيل أنتم مسؤولون عن هذا التردي، فلا تكتفوا بعبارة “الحكومة مو مقصرة”، بل مقصرة وتقتل إبداعاتكم حتى بتنا بلا جيل ثانٍ منكم قادر على مواصلة مسيرة الفن الجميل الذي يقدم دروساً قد نحتاج إلى سنوات لأن ننالها لولاكم. لا تقبلوا بواقع حكومي تعيس أو بمجاملة وزير، واسالوا أنفسكم في ظل هذه الحكومة وهذه العقليات: هل ستتمكنون من تقديم ما قدمتموه في السابق؟ الإجابة قطعا لا فساحتكم استوطنها المهرجون وبعض من يعرض الأجساد على الشاشة. الأمر لا يعنيكم وحدكم، بل سكوتكم يقتل مجتمعاً كاملاً، فبالفنون الحقيقية والثقافة ترتقي المجتمعات، وما هذا التقهقر الذي نعيشه والتردي بشتى المجالات إلا نتيجة حتمية لخضوعكم لمن لا يستحق أبدا. عودوا إلى الواجهة، فأنتم قطعا أفضل من كل من في الواجهة من نواب ووزراء وغيرهم، وأعيدوا الزمن الذي يجعلنا نحفظ أعمالكم وكل حرف تنطقونه من هذه الدروس.

علي محمود خاجه

إلى ليان علي خاجه

رزقت يوم الخميس الماضي بابنتي التي أسميناها “ليان”، ولا أعرف كيف أصف كم المشاعر المختلطة عليّ منذ ذلك الحين إلى اليوم، لذلك فأنا أكتب لـ”ليان” ما يخطر على بالي من مشاعر، وأشارككم بها لأنها لن تتمكن من قراءتها إلا بعد حين إن شاء الله. – أول درس هو أنكِ لم تشاركي في أي قرار يتعلق بحياتك إلى الآن، ولن تشاركي على المدى القصير على الأقل، فلا اسمك ولا ميلادك ولا والداك أو مكانتهما الاجتماعية أو مستواهما المعيشي أو عقيدتهما، ولا المكان الذي ولدت فيه، ولذلك لا تقبلي أبدا أن تحكم الناس عليك في أمور لم تختاريها أنتِ، ولا تعاملي الناس أيضا في أمور لم تختاريها ولم يختاروها. – كل الكبار يتمنون أن تكون صفحتهم كصفحتك بيضاء لا تشوبها أي نقاط سوداء، ولأنك من البشر فستدنس حياتك أيضا بنقاط سوداء، فاحرصي على تقليلها ما استطعت، فكلما زادت النقاط السوداء انكمش بياض الصفحة. – لا أعلم كيف ستكون الحال حينما تكبرين، ولكن أعرف جيدا أن هناك شيئاً أغلى من أمك ومني، وهو الوطن المريض اليوم، والذي لن يستمر إلا إن ساهمت أنت ومن معك من أبنائه وبناته في بنائه، فلا تكترثي لأي أمر أكثر من ذلك، فالكويت هي الأساس. – قبل 1400 عام تقريبا اختلف المسلمون الأوائل، والإسلام بالمناسبة هو ديانتك التي لم تختاريها، أقول اختلف المسلمون على أمورهم الدنيوية واستمر الخلاف وكبر مع مرور الأزمان، وأيا كانت قناعاتك في المستقبل لا تجعلي من خلاف تاريخي أساسا لحياتك، فالتاريخ يجب أن نتعلم منه لا أن نعيشه. – ستسمعين وتشاهدين أفرادا من بلادك يسعون إلى تدمير وطنك بصراع ديني أو عنصري بغيض، حاربيهم ولا تجامليهم واعلمي جيدا أن أي مكان اجتماعي أو سياسي أو طلابي تجتمع فيه فئة ذات دين واحد أو مذهب واحد أو عائلة واحدة أو قبيلة واحدة هو مكان سيئ موبوء تجب محاربته والقضاء عليه ليدوم وطنك. – عاملي المدرسة والشارع والمستوصف والجمعية والمجمع والنادي كما تعاملين بيتك، فلا تشوهي تلك الأماكن فهي بيتك فعلا، واعلمي جيدا أن كل كائن حي له الحق في الحياة كما لك الحق فيها. – وطنك الكويت يقطنه أناس يختلفون في آرائهم وانتماءاتهم وجذورهم، وما يحكم بينكم هو كتاب يسمى الدستور وضعه أجدادنا لنا لينظم علاقتنا ويمنحنا المساواة بين الجميع دون تمييز بسبب دين أو لغة أو جنس أو أصل فاقرئيه والتزمي به. – أسرار القبندي اقرئي عنها عندما تكبرين وتعلّمي منها كيف تكونين، فهي وزميلاتها من أفضل نساء بلادي على الإطلاق. – ختاما، نادي القادسية هو نادٍ جميل أحبيه وعبدالله رويشد صوت رائع فاسمعيه.

علي محمود خاجه

خاب ظني يا خالد

صدر بيان في الأسبوع الماضي من شباب أعرف معظمهم، ولا أشك في إخلاصهم لوطنهم وحرصهم على عزته أبدا.
إلا أن بيانهم ذا المطالب المحددة (الأحزاب والدائرة الواحدة والوصول إلى الحكومة البرلمانية) خيب ظني جدا، وأشعرني أن عدوى الخضوع والتراجع أصابتهم.
فقد طالب الموقعون على البيان الأغلبية النيابية المبطلة تحديداً دون غيرهم بتبني المطالب الآنف ذكرها كي يتجدد دعم الشباب لهم، وهم بهذا المسلك منحوا الأغلبية المبطلة طوق نجاة لا يستحقونه أبداً، ناهيكم عن اختزال تبني هذه المطالب للأغلبية دون سواهم وهو أمر لا أفهمه إطلاقا من هؤلاء الشباب.
فماذا لو أعلن مرشح من خارج الأغلبية تبني هذه المطالب، التي هي بالمناسبة تتناسب مع أجندة الكثير من المرشحين من خارج نطاق الأغلبية؟ فلمن سيكون الدعم حينها؟
يبقى هذا الأمر فنياً وقابلاً للجدال، لكن سبب خيبة ظني في بيان زملائي بل إخواني من الموقعين عليه هو ما سأكتبه في السطور التالية:
قبيل انتخابات فبراير صدرت وثيقة شبابية أعدها ووقع عليها معظم موقعي بيان الأسبوع الماضي، وبإمكانكم الاطلاع عليها من خلال هذا الموقع: http://www.kwtvision.com/ وتضمنت هذه الوثيقة 31 نقطة تغطي مجالات متدهورة كثيرة في الكويت، وهي بمنزلة تعهد نيابي لمن سيفوز بالانتخابات حينذاك، وقد نصت النقطة الأخيرة من البيان على ما يلي: “أن يكون هذا التعهد الأساس الموضوعي لمحاسبتنا من قبل الناخبين وتقييم عملنا، في حال حصولنا على ثقة الناخبين، وذلك اعتبارا من الجلسة الأولى لمجلس الأمة”.
ارتكزت الوثيقة على رئيس جديد ونهج جديد، وعلى الحرية والعدالة والمساواة والعمل وفق أسس موضوعية بعيدا عن الشخصانية وردع التجاوز على الحريات العامة، وتطوير قوانين الحريات وإصلاح القضاء، وكشف الذمة المالية، ودعم القطاع الخاص، والمعالجة الشاملة لقضية البدون، وحل المشكلة الإسكانية وتطوير المناهج الدراسية، وتعديل لوائح المجلس، بالإضافة إلى الأحزاب وتعديل الدوائر والوصول إلى الحكومة البرلمانية.
والسؤال: ما الذي تحقق من مطالبكم يا إخواني كي تقلصوا 30 مطلباً إلى ثلاثة مطالب فقط؟ فالحكومة لم تأت بنهج جديد والسلطتان قيدتا الحريات، والعمل كان شخصانياً، والقضاء لم يصلح، وقانون المحكمة الدستورية لم يستعجل، ولا الإسكان ولا المناهج ولا البدون وجدوا حلاً!!
قد يقول مدافع إن تلك الأمور متفق عليها، ولم تخالفها الأغلبية المبطلة، آسف ولكنكم كاذبون فملف الحريات تحديداً اغتيل على أيدي سلطتي المجلس السابق، سواء عبر ترهات المناور ورفاقه أو أسلوب الحكومة القمعي بدءاً من التعدي على البدون، ومروراً بمعرض الفنانة شروق أمين، وحفل الجامعة الأميركية، وجامعة الخليج وغيرها من تعديات مقيتة.
للأسف أني أجدكم اليوم انجرفتم إلى كبريائكم الذي لا يقبل على ما يبدو أن يقر بخطئه في دعم من لا يستحق الدعم، وها أنتم اليوم تقلصون مطالبكم وتنزلون سقفكم لتحقيق أهواء أغلبية مبطلة لم تحقق ربع مطالبكم، وستحظى بدعمكم فور إعلانها تبني ثلاثة مطالب بدلا من ثلاثين.
* خالد المقصود بالعنوان هو صديقي العزيز خالد الفضالة.

خارج نطاق التغطية:
رفع الإيقاف الأولمبي الذي حرم أبناء الكويت من رفع علمهم دوليا لخمس سنوات يثبت بشكل قاطع أن الإيقاف أكذوبة كويتية صنعها بعض أبناء الأسرة ومن معهم كي يستفردوا بالرياضة، ويدمروا ما تبقى منها، فهل وصلت الرسالة؟

علي محمود خاجه

رأس قبيلة عريقة!!

على مر سنوات الدستور، بل قبل الدستور أيضاً سعى بعض أبناء الأسرة ومن معهم إلى مقاومة فكرة سيادة الأمة، بحكم أنهم باعتقادي لم يتشربوا المفهوم الديمقراطي بشكل جيد، على الرغم من المحاولات الحثيثة لبعض أبناء الأسرة لترسيخ هذا المفهوم، وأبرزهم المغفور له عبدالله السالم.
فرغم التزام الشعب، ولمئات السنين، بالعقد الشفهي قبل الدستور، والذي تحول إلى نص مكتوب بعده بأن من يتولى الإمارة في الكويت هم أسرة واحدة ومن ذرية مبارك الصباح، فإن محاولات بعض أبناء الأسرة، وعلى الرغم من هذا الالتزام الشعبي المرسخ في كل الأزمات التي مرت على البلاد، أقول إن محاولات بعض أبناء الأسرة لتغيير هذا العقد مستمرة وحثيثة لتحويل المواطنين إلى رعايا، والشواهد كثيرة على هذه الممارسات التي جوبهت في معظم الأحيان، وكانت الغلبة للشعب والملتزمين بالدستور من أبناء الأسرة.
عموما فإنه، وعلى ما يبدو، قد انتقلت عدوى مسعى بعض أبناء الأسرة لنقض الدستور إلى بعض النواب وبشكل واضح جدا على خلفية اعتقال السيد جدعان الهذال يوم الخميس الماضي، وإليكم تصريحين من نواب حازوا مراكز متقدمة في الانتخابات الماضية.
فحائز المركز الأول بالدائرة الثانية د. جمعان الحربش يقول “نرفض المساس به فهو رأس قبيلة عريقة”!!
وحائز الـ14 ألف صوت في الدائرة الرابعة علي الدقباسي يقول “قرار لا يليق برجل مكانه صدر المجلس”!!
وبغض النظر عن أسباب الاعتقال وصحتها من عدمها فإن التصريحين يحملان نفساً غريباً لا يمتّ لا لدستور الدولة ولا للقانون بأي صلة، فرفض الحربش المساس بالسيد الهذال لم يكن على أساس قانوني بل لأنه رأس قبيلة عريقة، والحال نفسها تنطبق على الدقباسي الذي يرفض القرار لأن الرجل مكانه صدر المجلس.
وهذان الاسمان يطالبان اليوم بحكومة منتخبة، وهو أمر لا بد من الوصول إليه كتطور ديمقراطي طبيعي في حال توافر الأرضية الصلبة التي تقوم عليها الحكومة المنتخبة، إلا أن تصريحات هذين النائبين تثبت بشكل قاطع أن الوضع لن يتغير في حال الحكومة المنتخبة بهذه الظروف والاستثناءات ستكثر، فهذا شيخ قبيلة، وآخر أمير عشيرة، وثالث مرجع ديني، وكلهم يستثنون من القانون لمكانتهم الاجتماعية، وبدلاً من ترسيخ المساواة بين الجميع والصراع من أجل الوصول إليها نتحول إلى دويلات داخل الدولة، الاستثناء فيها هو الأصل.
الوضع في بلادي خطر، فعلى ما يبدو أن الكثيرين من أبناء وطني يريدون أن يكونوا هم الاستثناء، ولا يسعون إلى المساواة والعدالة إلا في حالة ضعفهم فحسب، أما من يلتزم بالمبدأ ويحافظ عليه فهو المنبوذ والمرفوض.
إن ما يحدث اليوم هو نتيجة حتمية لغياب قرار واع يحرص على أن تكون أسس العدالة والديمقراطية والمساواة والحرية منهجاً إلزامياً يدرّس، ويغرس طوال السنوات الدراسية الاثنتي عشرة لنتمكن على الأقل من صناعة جيل جديد يصحح كوارث من سبقه.

علي محمود خاجه

نفس الشي

لنضع مطالباتهم على طاولة الاختبار ولنقيمها لنكشف زيفها، فالمطالبة بالإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة حسب ما يدّعون هي لإصلاح وضع قائم سيئ، وهو ما أتفق فيه معهم طبعاً وكل كويتي بلا شك يؤمن بأن الوضع سيئ. ولنعدد مجالات السوء الأكثر أهمية برأيي: حرية – تعليم – عدالة أكثر – استقرار مالي. فعلى صعيد الحرية قيدت الدولة ممثلة بالحكومة الحريات على مر السنوات الماضية، وتحديدا منذ حل مجلس 1975 حلا غير دستوري، مرورا بتحالفها مع القوى الدينية، وهي الجزء الأكبر من أغلبية المجلس الباطل، وأتت اليوم أغلبية المجلس الباطل لتضيف على تضييق الحريات قيوداً إضافية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر، المطالبة بإلغاء ملتقى النهضة، وإزالة الكنائس، وتقييد ما يلبسه الناس، ومراقبة الحسينيات، وتقييد التشريعات بمصدر واحد بدلا من تعدده، إذن فالنتيجة بباب الحريات تساوي الحكومة والنواب والاثنان يقتلان الحرية في بلادي. أما التعليم فمن نفس التوقيت، أي حل مجلس 1975 إلى اليوم والحكومة تزيد من تردي التعليم أكثر فأكثر، وتبث السموم في المناهج وتزرع الكره في النفوس، بل حولت “حمد وقلمه” إلى “أنا آكل وأشرب”، واعترفت بجامعات تبيع الشهادات قبل أن تتراجع، فما كان من الأغلبية المبطلة إلا أن كرمت هؤلاء بما يسمى بجامعة جابر، والتي تجيز تعيين حملة الماجستير كأساتذة في الجامعة المقرة أخيرا، وهو ما يعني خفض المستوى الأكاديمي بدلا من الارتقاء به، وهذا ملف آخر تعمدت الحكومة أن تقلل من مستواه، فأتت الأغلبية المبطلة وأجهزت عليه. أما العدالة التي أعتقد أنها ما زالت مقيدة وأسيرة لسلطة تنفيذية سعت إلى المحافظة على هذا القيد على السلطة القضائية منذ سنوات، وبدلا من أن تُمنح هذه السلطة استقلالا أكبر بتشريعات كان بإمكان الأغلبية المبطلة إقرارها لولا انصرافها لأمور أقل شأنا، أقول بدل أن يمنح القضاء استقلالا أكبر باتت السلطة التشريعية ممثلة بالأغلبية تلعب دور الضغط على القضاء إن لم تخرج الأحكام على ما يشتهون، ولنا في بيانهم المقيت بعد حكم الدستورية خير دليل، ناهيكم عن عرقلتهم لاقتراح محمد الصقر حول المحكمة الدستورية، هذا الملف أيضا يثبت أن الحكومات بالإضافة إلى الأغلبية المبطلة يساهمون عمدا في تقييد القضاء. نأتي إلى الملف الأخير وهو الملف المالي للدولة، فبعد رمزي التيار الوطني ومن معهما، وأعني هنا عبدالله النيباري وحمد الجوعان، وما قدموه من مساهمات واضحة في الحفاظ على موارد الدخل من خلال تأميم شركات النفط والتأمينات الاجتماعية والدفع بصندوق الأجيال القادمة لم تقم الحكومة بإيجاد أي مصدر دخل بديل إلى اليوم، ولن تجد في ظل العقليات والرؤية الحالية، فلم يكن من الأغلبية المبطلة إلا أن أقدمت على “تفليس” الدولة من خلال زيادات وبدلات وكوادر غير مدروسة للمواطنين، فاشترت أصوات الناس من خزينة الدولة، وإن أقدم وزير على وقف هذا الهدر المنظم أعدموه سياسيا. بلد أسير تعليم متهالك، وعدالة مقيدة، وإفلاس قريب هو نتاج الحكومات المتعاقبة ومنهج الأغلبية المبطلة، وإن تسلمت الأغلبية المبطلة السلطتين بدل سلطة واحدة فالحال لن تتغير، وإن استلمت عقلية الحكومة السلطتين فالحال لن تتغير كذلك، والحل هو بزوال هذين القطبين اللذين أساءا إلى الكويت، وهنا لا أناقش أسماء بل منهجا تسير عليه السلطتان.

خارج نطاق التغطية: جاسم القطامي وسمير سعيد كلمات جميلة وطنية مخلصة لا تتكرر، ترحل عن كويتنا في وقت نحن في أمس الحاجة إليها، فإلى جنات الخلد يا رموز الوطن.

علي محمود خاجه

كل هذا ومو صفقة

قد يعتقد البعض أني سأكتب عن تعيين نسيب رئيس المجلس في وزارة غير وزارته، أو عن تعيين نسيب ضمير الأمة كمستشار في مجلس الأمة، أو تعيين أبناء نسيب الضمير في هيئة أسواق المال، وأرد على ما ادعاه أنصار هؤلاء حينما عُين صلاح المضف مديراً للتسليف، ولما استعاد الجزاف منصبه مديراً للشباب والرياضة، فتعيينات اليوم شبيهة بتعيينات البارحة لكنني لن أضغط على أنصار هؤلاء أكثر، فما فيهم يكفيهم، وما يزعجني أهم من هذه الصفقة.
فأكثر من 14 يوماً مرت على تكبد الكويت أكثر من 700 مليون دينار على خلفية صفقة «الداو» الملغاة، وإلى الآن لا حس ولا خبر من أعضاء المجلس في ذلك الحين، والذين مازالوا مستمرين في عضويتهم إلى اليوم كالسعدون والبراك من جهة، والحربش من جهة أخرى.
700 مليون دينار بالتمام والكمال كفيلة ببناء أكثر من مستشفى ومدرسة وجامعة وبيوت، لا يتحدث عنها نائب واحد ممن عرف عنهم الصراخ على مئات الدنانير يتجاهلون اليوم مئات الملايين!!
وكي لا ينفي كلامي أحد فقد استجوب البراك وزير الداخلية جابر الخالد على خمسة ملايين دينار في أول أسبوع من المجلس الماضي، فلم ينتظر في ذلك الحين أي تنسيق أو ترتيب بل استجوبه فور عودته إلى المقعد الأخضر حرصا على الخمسة ملايين كما يدعي.
أما الحربش فكان أحد مقدمي طلب لجنة تحقيق في يناير 2009 حول إلغاء «الداو» قائلا إن عدم الموافقة على طلبه سيسقط رموزا، مشيرا بذلك إلى السعدون والبراك، ولم يوافق على طلبه في ذلك الحين.
وحده صالح الملا النائب السابق أقام مؤتمرا صحافيا لتوضيح موقفه، وعلى الرغم من أنه ليس بنائب للمجلس اليوم ولا مسؤولية رقابية تقع على عاتقه فإنه استشعر المسؤولية الوطنية وقدم للإعلام والرأي العام أسبابه ومبرراته، وإن اتفقتم معها أو اختلفتم إلا أنه لم يخش شيئاً، وقدم حججه على الرغم من أن ذلك قد يفقده حتى فرص المنافسة مستقبلا.
المسألة واضحة تماماً بالنسبة إلي، فقد قبل الطرفان «حدس» و«الشعبي» أن يفرطا بـ700 مليون دينار من أموال الدولة في سبيل الحفاظ على كتلة الأغلبية، فالبراك وبعد أن تغزل بهاني حسين في مناسبات سابقة يحاول اليوم أن يصور لنا أنه المتنفع والمتكسب من أموال الدولة، متجاهلا عمدا أن الوزير ورئيس مؤسسة البترول في وقت الصفقة هما من التيار الحدسي.
أما الحربش فهو يتحدث عن سورية والتحويلات والشبكة التجسسية وأي شيء آخر إن لزم الأمر في سبيل تغطية خسارتنا للـ700 مليون دينار، وعدم الحديث عن الرموز التي ستسقط كما قال في 2009.
نحن أمام 2 مليار دولار خسرتها الكويت وذراعنا الرقابية الوحيدة التي أقسمت على الذود عن أموال الشعب لا ترفض محاسبة المتسبب فحسب بل ترفض حتى مناقشة الموضوع.
باختصار فإن «الشعبي» و«حدس» تحديدا اشتريا تماسكهما المؤقت بـ700 مليون دينار كويتي، وهي ما يفوق تجاوزات ناصر المحمد في 6 سنوات كاملة. فعلاً يحبون الكويت.

علي محمود خاجه

درس بو عبدالعزيز

أسبوع واحد فقط كان كفيلاً بأن يقدم لنا صورة واضحة غير قابلة للإنكار أو النفي عن كيفية سعي بعض أبناء أسرة الحكم إلى تغليب مصالحهم الخاصة على مصلحة الدولة ونجاحها.
ولأن الكثير لا يعلمون عن تفاصيل ما أكتب عنه فلابد لي بأن أقدم شرحاً عنه، ولا بد من الإشارة قبل الشرح بأن موضوعي ليس بموضوع رياضي بل هي حالة تمت في الرياضة تعكس واقع ما نعيشه اليوم في مجالات عدة.
في منتصف التسعينيات فازت “قائمة الجميع” بمقاعد مجلس إدارة نادي القادسية برئاسة طلال فهد الصباح، وقد كان من بين أعضاء القائمة تلك رجل يدعى فواز الحساوي وقد حققت هذه الإدارة على مدى السنوات الماضية نجاحات متعددة ومتنوعة في قطاعات النادي المختلفة، وهذا أمر لا ينكره محايد، وكان فواز الحساوي يشكل عنصراً مهما مع زملائه في تحقيق النجاحات، بل قد يتفوق على من معه في إسهاماته المادية غير المربحة التي لا تحقق أي عائد مادي له على مستوى الشخصي.
فقد قدم هذا الرجل ما يفوق الـ30 مليون دينار للنادي خلال سنوات عضويته، وهو مبلغ لم يدفع حتى ربعه طلال أو أحمد ومن قبلهم والدهم مجتمعين طوال سنواتهم في الرياضة.
وبعدما اقتحم طلال فهد اتحاد الكرة شغر منصب رئيس نادي القادسية فتمت تزكية فواز الحساوي لكفاءته لرئاسة النادي مع احتفاظ بقية عناصر مجلس الإدارة بعضويتهم أي أن شيئاً لم يتغير، ومع ذلك فقد انتكست معظم لعبات النادي باستثناء قطاع كرة القدم الذي يتولاه فواز الحساوي بشكل مباشر ليحقق في هذا القطاع انتصارات قياسية بالمراحل العمرية المختلفة على الرغم من بعض العقبات المفتعلة من زملائه بمجلس إدارة النادي كإعارة بدر المطوع لنادي سعودي دون علم فواز، وهو ما ترتب عليه أيضا فصل بدر المطوع من عمله وبقاءه عاطلاً إلى اليوم!
وقبيل نهاية الموسم الرياضي أعلن نادي القادسية خسارته لكأس التفوق الرياضي الذي اعتاد الحصول عليه وحاول أعضاء مجلس الإدارة أن يلقون باللوم على الحساوي، فما كان منه إلا أنه تقدم وبشجاعة نادرة لا يملكها أكثر من ثلثي قياديي الدولة باستقالته، التي قبلها مجلس الإدارة طبعاً.
بعد قبول الاستقالة يصرح مجلس ادارة القادسية بأن الفرصة مازالت قائمة للحصول على كأس التفوق الرياضي! وبالفعل تبدأ بعض اللعبات بالعودة إلى مستواها الطبيعي المعهود.
كل ذلك لمجرد أن أبناء الشهيد يعتقدون أن الرياضة الكويتية بشكل عام ونادي القادسية على وجه الخصوص ملك لهم ولا يجوز لأحد سواهم أن يتولى إدارته، فكما حورب النادي في عهد عبدالعزيز المخلد وعبدالمحسن الفارس حورب النادي مجدداً في عهد الحساوي على الرغم من أنه عنصر اساسي في نجاحهم أصلاً.
والحال نفسه ينطبق على الرياضة بالمجمل التي يسعى بعض نواب الأغلبية ووزير الشؤون إلى تسليمها على طبق من انتهاك لسيادة الدولة لعصابة الرياضة.
هم لا يهتمون إلا للمجد، إلا إن كان مرتبطاً بهم وحدهم على حساب الدولة والدستور والقانون والمصلحة العامة، ولنا في فواز الحساوي درس وعبرة، وبالطبع هو يتحمل جزءاً منه لأننا حذرناه ولم يطع.
أكرر ما سمعته من الدكتور الخطيب سابقاً أن الدور المنوط بأسرة الحكم هو أن تكون الملجأ في حال اختلاف أبناء الشعب، وليس أن يكونوا طرفاً في الخلاف والصراع كما يحصل اليوم على الصعد المختلفة.
والمطلوب من عقلاء الأسرة الحاكمة هو وقف عبث أبنائهم بكل مجال من الممكن أن يكون جميلا بعيداً عن أنانيتهم وتفردهم.

ضمن نطاق التغطية:
اللجنة الأولمبية الدولية تمنع رفع العلم الكويتي بأولمبياد لندن 2012… اللجنة الاولمبية الدولية تنتخب أحمد الفهد بصفته رئيساً للجنة الأولمبية الكويتية لترؤس إحدى منظماتها، مسموح لـ”بوفهد” ما لا يسمح للدولة… ولكم الحكم

علي محمود خاجه

تعادل

تعويض “داو” حديث طاغٍ لا يمكن تجاهله، والجميع يتخلى عن المسؤولية ويرميها على من حوله من أصدقاء أو أعداء، ولا أحد يطل علينا بشجاعة ويعلن مسؤوليته، لا أحد إطلاقاً، وكأن المليارَي دولار التي خسرتها الكويت لم تكن نتيجة أخطاء بل قضاء وقدر.
عندما سعى القطاع النفطي إلى عقد صفقات نفطية لتطوير عائدات مصدر دخلنا الزائل والوحيد، فإن هذا الأمر من صميم اختصاصهم، وطبعاً فإنه قابل للصواب والخطأ، وقد تدارسوا الموضوع سنواتٍ لتحقيق صفقة “الداو”، وقبل النهاية بأيام أشهر “الشعبي” بمعية صالح الملا والسلف وصحيفة أسوأ وزير نفط سيوفهم تجاه الصفقة لإيقافها رغم التحذيرات من وزير النفط وغيره، وهنا أكرر أن الشرط الجزائي خطأ كبير أقدم عليه القطاع النفطي، ولكن لا يجوز أبداً، وبعد علم الجميع بالمعطيات، أن يشترط النواب الإلغاء أو الاستجواب ليأتوا اليوم ليبرروا بأنهم لم يعلموا بالشرط الجزائي!
أما العلّة الكبرى، وهي تعكس واقع البلد، فكانت من حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد الذي رضخ للتهديد تفادياً لمنصة في قاعة “عبدالله السالم” لا تنقص المرء شيئاً حين يصعد إليها، بل هي دليل امتلاك رئيس الوزراء القدرة على المواجهة، وهي من أبسط متطلبات المنصب.
نهج الخوف هو المستمر إلى اليوم في الحكومة ومن أي نائب، فها هو وزير الداخلية يرضخ لرغبات أعداء الحرية، ووزير الشؤون يرضخ لعصابة الرياضة، ووزير المالية السابق يرضخ للكوادر والزيادات، واللاحق كذلك، كلهم يرضخون دون سياسة واضحة يدافعون عنها، حتى وإن هدد من هدد.
الأساسيات التي يجب أن يعيها مجلس الأمة، قبل غيره، هي أن في الكويت قطاعات تعمل وفق اختصاصها، والتدخل في شؤونها من غير اطلاع أو مستشارين أكفاء، سيؤدي قطعاً إلى خسارة الملايين بل المليارات في بعض الأحيان، وعلى ما أتذكر فإن النائب مسلم البراك مثلاً أرهق وزراء المالية بملف الخطوط الجوية الكويتية، وعلى الرغم من نجاحه في إقصاء بعض الوزراء فإن حال “الكويتية” من سيئ إلى أسوأ، وهو يلخص واقع الحال، فالصوت العالي والحديث عن ملفات الفساد دون تقديم البديل الصالح لن يؤديا إلا إلى تردٍّ أكبر، وهو ما حدث بالضبط في ملف الـ”كي داو”.
لست خبيراً نفطيا كي أقيم جدوى صفقة الـ”كي داو” من عدمها، لكن ما أعلمه جيدا هو أن موافقة القطاع النفطي على شرط جزائي بهذه الضخامة خطأ كبير، والتهديد النيابي من “الشعبي” و”السلف” وصالح الملا بالإلغاء أو الاستجواب وتجاهل رأي المختصين خطأ كبير، والخضوع الحكومي للتهديد والتراجع لكي لا يصعد الرئيس السابق للمنصة خطأ كبير، والانصياع لصحيفة أسوأ وزير نفط في تاريخ الكويت خطأ كبير، وكلها أخطاء كلفت الدولة أكثر من الكوادر والزيادات والإيداعات مجتمعة، ولم تعلن مسؤولية أحد!
درس اليوم كلف الكويت مليارَي دولار تقريباً… لكن هل سيجدي نفعاً؟
فالدرس ينص بوضوح على أن تواجه الحكومة أياً كان في سبيل الدفاع عن قطاعاتها، ولا تخشى فقدان كرسي على حساب فقدان أموال الدولة، وينص أيضاً على ألا ننجرف كمواطنين لصراخ وتهديد النواب ونصفق لهم بمجرد رشاقة خطابهم وقوته، وينص كذلك على أن يتحلى نوابنا بالحكمة والعقلانية وليس العداء تجاه الحكومة في أي قرار من صميم اختصاصها، ويركز أيضاً على ألا نأخذ الحكمة من صحيفة شخص سُرقت ناقلاتنا في عهده، فمن انتُهكت أموال الدولة في عهده لن يعرف كيف يحافظ عليها أبداً.

خارج نطاق التغطية:
أخطر ما قيل في استجواب الشمالي الخميس الماضي هو ما ذكره الشمالي نفسه حين قال: “وصلنا لنقطة التعادل بين الإيرادات والمصروفات”، لكل قارئ إذا سمعت عن أي نائب يقترح هبات وعطايا ومزايا مالية إضافية فتأكد أنه يكرهك أنت ووطنك، خلص الكلام.