تفتتت كل صخور الحراك المعارض، والسبب ببساطة اختفاء الرؤية وخطوات تحقيقها واختلاط الإصلاح بعوامل الفساد وإقحام أعداء الدستور والحرية قسراً في المعارضة، وإشراك الطائفيين، وتصرفات عشوائية غير مدروسة أو واضحة الأسباب، وتخوين غير مبرر لمن يختلف معهم في الأسلوب، كل تلك العوامل جعلت من الحراك المعارض يضعف بل يكاد يتلاشى. لن أبكي على اللبن المسكوب بل سأتعاطى مع واقع نعيشه اليوم، وهو انتظار كلمة الحسم من المحكمة الدستورية فيما يخص مرسوم الصوت الواحد الذي خلق انقساماً شعبياً لم أشهده في حياتي من قبل. أتوقع شخصياً أن المحكمة الدستورية ستسقط مرسوم "الصوت الواحد" وبالتالي يعود مجلس 2009 للانعقاد عملاً بالمادة (107 من الدستور. وقد بنيت توقعي بشكل أساسي على عدم جواز إطلاق يد مراسيم الضرورة بشكل مطلق، حسب ما فهمت وعلمت من بعض أساتذة القانون الدستوري بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة. الكويت بكاملها تنتظر يوم 16-6-2013 للبت في أمر أقل ما سيقال عنه إنه تاريخي ويرسم مجريات الأمور المقبلة، ومن هذا المنطلق لا بد من قول شكراً لكل من عبدالله الرومي وعادل الصرعاوي ومرزوق الغانم وأسيل العوضي وصالح الملا وكل من تولى الترافع عنهم (أعرف منهم المحاميين مشاري العصيمي وعبدالله الأحمد) في طعنهم المقدم بعدم دستورية مرسوم "الصوت الواحد"، فقد التزم هؤلاء بالمقاطعة السياسية لانتخابات ديسمبر انسجاماً مع موقفهم الرافض للمرسوم رغم فرص فوزهم الأكبر بنظام "الصوت الواحد"، وتوجوا رفضهم بطعن قانوني موجه إلى المحكمة الدستورية، ولولا هذا الطعن لكنا اليوم نعيش في حالة انتظار طويلة لا نهاية لها. عليكم فقط أن تتخيلوا الوضع السياسي بالكويت لولا طعن هؤلاء؛ مجلس بشبهة دستورية يستمر ومراسيم ضرورة متاحة بالمطلق لسنوات أربع قادمة على الأقل. لقد واجه هؤلاء التخوين من الطرفين المعارض والمؤيد إلا أنهم التزموا بقناعاتهم دون تغيير رغم ذلك، وهو أمر صعب جداً لدى سياسيينا الحاليين، نحن اليوم ننتظر حكم "الدستورية" بسببهم، فبينما كانت العشوائية والتخبط يملآن الحراك المعارض للمرسوم توجه هؤلاء إلى طريق قانوني سليم لم يسلكه غيرهم للأسف، ودون أي بهرجة أو شعارات رنانة لا تغير من الواقع شيئاً، فشكراً مجدداً لعبدالله الرومي وعادل الصرعاوي ومرزوق الغانم وأسيل العوضي وصالح الملا. ضمن نطاق التغطية: أعلم جيداً أن السيد عبدالله الرومي كان يدفع باتجاه إسقاط المرسوم من خلال مجلس الأمة، وهو أمر لا أتفق معه فيه أبداً، لكن يحسب له التزامه برأي المجموعة بعد التشاور وطرح مختلف الآراء.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
«لا بخير ولا بعافية أبد»
ما زلنا نصارع مشاكلنا الخاصة فقط بعد ٧٠ عاماً من الثروة، كهمّ الحصول على وظيفة أو شراء منزل أو تحسين الطرق أو الرعاية الصحية أو زيادة الراتب وغيرها من مشاكل لتحسين الحياة اليومية فقط، فالمواطن الكويتي يقضي عمره كله ليضمن أن له مسكناً مناسباً وعائداً مالياً جيداً، وتنتهي حياته بعد ذلك. لأبسّطها أكثر الحالة في الكويت تشبه أن يربح شخص ما مبلغاً من المال فيشتري به بيتاً وسيارة، ويصرف بقية الأموال لترميم البيت وإصلاح السيارة إلى أن يصرف ما لديه أو يتوفاه الله قبل ذلك. لا مردود يذكر، وكل ما يحدث هو لشغل الأساسيات فقط، فكل الكويت مجنّدة لهدف واحد، وهو أن نستخرج النفط ليباع ونسدد رواتب مستخرجيه، مع محاولات بطيئة لتوفير راحة أكبر كبناء طرق جديدة أو زيادة الحوافز أو توزيع المساكن لاستخراج النفط وبيعه وسداد الرواتب. بقية الأمور هي مجرد تفاصيل تافهة كأن نملك مجمعاً تجارياً جميلاً أو فندقاً مميزاً أو مستشفى كبيراً إن وجد. نمط سيعيش معنا ويتقلب بتغير سعر النفط لا أكثر، فتارة نكون برخاء وأخرى نشد الأحزمة. نعم، كان لدينا في الماضي تعامل مختلف مع الثروة، فحاول الأولون أن يضعوا اللبنات الأولى للنجاح في مختلف المجالات: تعليم وصحة وفن وأدب ورياضة وغيرها، ونجحوا في ذلك نجاحا غير مسبوق، بدليل جامعة الخالدية كأكبر صرح تعليمي قائم ومصمم بطريقة تستوعب الطلبة حتى اليوم، ومنطقة الصباح الصحية كفكرة مدينة صحية متكاملة لم تتطور، و"بس يا بحر" كمؤشر لصناعة سينما واعدة، وكأس آسيا والعالم في غضون عامين فقط، وأول تلفزيون بالمنطقة. باختصار كان هناك رؤية للريادة في مختلف المجالات حينها بأساسات متينة تجعل كل ما سبقت لبناته مستمراً إلى اليوم. لكننا في الكويت قد نكون الوحيدين الذين استبدلنا النموذج الإداري الناجح بالنموذج الفاشل وتمسكنا بالفشل إلى اليوم، وهو ما يجعل سؤالاً يتقافز في ذهني بعد ٧٠ عاما من الثروة: بعد أكثر من ٣٠٠ عام من التأسيس لو اختفت الكويت من الخريطة اليوم هل سيفقدها أحد؟ لا أعتقد ذلك أبداً باستثناء من يحصل على المساعدات المالية من الكويت فقط. لا الكويت ليست بعافية أبدا، فأن نبيع النفط لدفع الرواتب لا يعني العافية بل الفراغ واللا هوية، وأن يحدد مصيرنا بناء على احتياج العالم لنفطنا الذي لا فضل لنا أصلا بوجوده لا يعني الخير إطلاقا. ضمن نطاق التغطية: نسبة القبول في كلية التربية المعنية بتخريج المعلمين لتربية الأجيال هي أدنى نسبة قبول في جامعة الكويت، بمعنى أن أسوأ خريجي الثانوية تحصيلاً علمياً هم من يصبحون معلمي المستقبل، الكويت ليست بخير.
شارع باسمه
المشكلة أنهم يريدون أن ننتقد في وقت هم يحددونه، وأن نتجاوز متى ما أرادوا عن خطاياهم بحجة عدم زعزعة الحراك، هذا ما حدث في أكثر من مناسبة وما زال مستمراً وسيستمر؛ لأننا باختصار نعيش بين نقيضين متشابهين في أمر واحد، وهو عدم تقبل الرأي الآخر وتخوينه لمجرد الاختلاف معه، ومن يرفض أن يكون مع هذين النقيضين يكون رمادياً متردداً جباناً. منذ بداية الحراك وظهور ما يسمى بـ"نهج" وشعار حكومة جديدة بنهج جديد حينذاك طلبنا ببساطة أن يحدد النهج الجديد المنشود، وكان الرد إما التجاهل وإما التخوين، وكانت النتيجة مجلساً ذا أغلبية غير مسبوقة بلا نهج ولا رؤية، أرعب شرائح من المجتمع الكويتي بتطرفه وإقصائه. وعندما حدث ما حدث في البحرين وجهوا استجواباً إلى رئيس الوزراء السابق بسبب عدم إرساله قوات كويتية لقمع الحراك البحريني، ورفضنا ذلك فألصقوا تهمة عقد الصفقات مع الحكومة على كل من رفض ذلك الاستجواب السيئ. واليوم يتجرعون من كأس هم ساهموا في صنعها، طالبوا بما يسمى بالكونفدرالية الخليجية وانتشروا بوسائل الإعلام لتسويقها، وكنا نرفض ذلك لسبب بسيط، وهو عدم تجانس أنظمة دول المنطقة، فأصبحنا صفويين في أنظارهم، واليوم يولولون على الاتفاقية الأمنية وهي جزء يسير فقط مما يمكن أن يحدث في حالة الكونفدرالية. آخر الأمثلة وأحدثها هو موقف السيد فلاح بن جامع، فعندما اتسقت مواقفه مع المعارضة في فترات سابقة كان التمجيد والتهليل والتشجيع لآرائه كأمير قبيلة وليس كمواطن عادي يفوق الوصف، بل إنهم أقروا أن يسمى أحد شوارع الكويت باسمه، وأعتقد أن ذلك أمر غير مسبوق أبداً، حينها حذرنا من إقحام كيان القبيلة الاجتماعي في الموقف السياسي، فاعتبرونا مزعزعين للحراك، وحين أمر السيد فلاح قبيلته بالمقاطعة دون رفض مما يسمى بالمعارضة من أن يجير الموقف السياسي للأفراد لمصلحة الكيان الاجتماعي للقبيلة أقامت المعارضة الاحتفالات على شرفه، وها هو اليوم يتخذ موقفاً سياسياً للقبيلة مغايراً لما تتبناه المعارضة دون أن يتمكنوا من نقد ذلك؛ لأنهم هم من أعادوا الدور السياسي للكيان الاجتماعي للواجهة. كل ما حذرنا منه سابقاً وانتقدناه أصبحوا يدفعون ثمنه اليوم لأنهم ببساطة يعتبرون أي رأي خارج سربهم انبطاحية وموالاة وبعض التهم المعلبة الأخرى. تلك مجرد أمثلة بسيطة لما حدث وما زال مستمراً بمواقف مختلفة بل كوارث هدت أركان الإصلاح الممكن، ولكن لم يحدث ولن يحدث طالما انزويتم في ركن واحد لا ترون غيره، ولا تستمعون لسواه. خارج نطاق التغطية: كل الكويت تشيد وتدعم وتؤيد بشكل غير مسبوق خطوات اللواء عبدالفتاح العلي لإصلاح الوضع المروري بالكويت، كل هذا التأييد والدعم والثناء لمجرد أنه قرر أن يطبق القانون على الجميع دون تمييز.
«سالفة كويتية»
رجل أعمال يملك الكثير من الأموال، ولكي يستثمر أمواله وظّف مختصين بمؤهلات عالية ليختاروا المشاريع المربحة وينجزوها، وشرح لهم الأدوار المنوطة بهم بدءاً من التفكير بكيفية استثمار أمواله، واختيار الأنسب من المشاريع والشروع بتنفيذها، وسلّمهم القيادة وقاموا بأعمالهم كما رسمها لهم. قاموا باختيار مشروع مالي ضخم، وأفضت دراساتهم إلى جدواه الاقتصادية وانطلقوا في تنفيذ إجراءاته ملتزمين بخارطة الطريق التي وضعها لهم رجل الأعمال بحذافيرها، فقام رجل الأعمال فجأة بإلغاء المشروع مما كبده خسائر من جراء التراجع عنه، فلم يكن منه إلا أن أوقف موظفيه عن العمل، والسبب أن قرار إلغاء المشروع الصادر منه شخصياً تسبب في خسارته للأموال!! تلك هي آخر حلقات مسلسل الداو وكيف تعاطت الكويت معها، بغض النظر عن حقيقة جدواها الاقتصادية، إلا أن ما قام به قطاع البتروكيماويات في تلك الصفقة سليم قانونياً، ولم نسمع أبدا من معارضي المشروع طوال الفترة الماضية عن أي تجاوز قانوني منهم، كل ما في الأمر أن المعارض كان يعتقد أن الصفقة خاسرة والمؤيد يعتقد أنها مربحة، وفي الحالتين تلك ليست مسؤولية لا المعارض ولا المؤيد بمجلس الأمة طالما الأمر لم يحد عن إطار القانون، ومن يقيم الجدوى من عدمها هم أصحاب الاختصاص ممن وظفتهم الدولة لممارسة اختصاصاتهم، فإن لم يقوموا بها بالشكل المطلوب فلا بد من معاقبتهم إداريا ومعاقبة من عين الشخص غير المناسب كذلك، أما إن التزموا بدورهم فهم أصحاب الكلمة العليا في نطاق اختصاصهم وتوصيفهم الوظيفي. المسألة بسيطة دفعنا أكثر من ٦٠٠ مليون دينار لأن رئيس الوزراء لم يرغب في صعود منصة الاستجواب رغم أنه كان يحظى بدعم أغلبية المجلس حينذاك، إلا أنه لم يتقبل حينها أن يواجه منصة الاستجواب، فضرب بكل الدراسات المختصة والآراء المهنية التي تتقاضى رواتب نظير آرائها كي لا يواجه الاستجواب، والمصيبة أنه رغم ذلك لم يفلت من الاستجواب بل وجه إليه استجواب آخر فرفع كتاب عدم التعاون وحل المجلس، وصعد المنصة بالمجلس الذي يليه مباشرة، بمعنى أننا دفعنا ٦٠٠ مليون دينار كي لا يصعد رئيس الوزراء المنصة في ديسمبر على أن يواجه الاستجواب بعدها بأشهر قليلة. والنتيجة اليوم إيقاف الموظفين ممن لا يد لهم في إيقاف صفقة الداو وإلغاؤها وإحالتهم إلى النيابة، وسمو رئيس مجلس الوزراء السابق لا يحمَّل أي وزر من جراء ما اقترفته يداه مع وزرائه حينها!! هكذا نتعاطى مع أزماتنا ونتوجه إلى المكان الخطأ بحجة حلها، فلا هي التي تحل ولا نحن نتقدم طبعا. يولد الطفل؛ يتلقى التعليم من الدولة؛ يتخصص في مجاله؛ يتوظف في قطاع حكومي ما؛ يؤدي مهامه؛ يتولى منصباً قيادياً؛ يمارس اختصاصه فيه؛ يقر أمراً قانونياً في نطاق اختصاصه؛ يلغيه المسؤول غير المختص بسبب الخوف أو المصلحة؛ يعاقب الموظف ويستمر المسؤول، "سالفة كويتية" تعيش بيننا في كل المجالات. خارج نطاق التغطية: لو حولنا الكويت إلى كيان تجاري توزع الأرباح فيه بناء على النجاح الإداري، فهل سينتخب الكويتيون المسؤولين الحاليين لإدارة هذا الكيان التجاري؟
دليل
– إضافة حوالي 1200 كم طولاً من الطرق المرصوفة السريعة والداخلية وصيانتها والبدء بإنشاء شبكة السكك الحديدية ومترو الأنفاق وتطوير نشاط النقل بالحافلات.
– تنظيم سوق النقل الجوي وتطوير البنية التحتية لمطار الكويت الدولي بإنشاء مبنى الركاب رقم 2، وتطبيق سياسة الأجواء المفتوحة.
– تحسين صورة الكويت كراعية لحقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي والحفاظ على الأمن الاجتماعي من خلال حماية حقوق العمالة الوافدة والحد من ظاهرة الاتجار بها.
– التخصيص التدريجي للمدارس الحكومية ضمن مشروع التخصيص العام، مع التزام الدولة بتوفير التأمين التعليمي للمواطنين.
– مشاركة القطاع الخاص في إدارة وإعادة بناء عدد من مدارس وزارة التربية القديمة وبما لا يقل عن 30 مدرسة.
– وضع نظام متكامل للتأمين الصحي للكويت يشمل المواطنين والمقيمين، بمساهمة كل من الهيئة العامة للاستثمار وبدعم من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولتحقيق تغطية 100% لمظلة التأمين الصحي للمواطنين والمقيمين مع نهاية سنوات الخطة.
– تخصيص إدارات بعض المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ضمن مشروع التخصيص العام في الدولة.
– إنشاء عدد من حدائق الأطفال النموذجية بعدد 10 حدائق لزيادة عدد الأطفال المستفيدين بعدد 10 آلاف طفل.
– بناء عدد 6 مسارح في محافظات الكويت بمعدل مسرح لكل محافظة.
– رعاية نتاج الثقافة والفن والفكر والأدب وتطوير وسائل عرضها من خلال بناء المنشآت الحديثة، مثل المجمع الثقافي والمسارح الحديثة للعروض المسرحية والموسيقية، وصالات العروض الفنية ومعارض الفنون التشكيلية.
– تحقيق الانطلاق الفكري الحر والمبدع والخلاق في المجتمع من خلال تذليل كل المعوقات أمام المزيد من الحريات الإعلامية ورفع القيود الإدارية ومواجهة كل أشكال الوصاية الفكرية عليه.
يكفي لن أكمل بقية النقاط، كل ما أود قوله إن النقاط أعلاه هي جزء بسيط من خطة التنمية الحكومية التي وافق عليها مجلس الأمة بأغلبية ساحقة قبل ثلاث سنوات، وتنتهي مدتها بعد سبعة أشهر، ولم ينجز أي مما سبق طبعاً، ولن ينجز أبداً ما دامت الحكومة تدار بطريقة عائلية فاشلة.
فإما أن الحكومات لا تعرف كيف تنجز أو لا تريد الإنجاز، وفي الحالتين لا تستحق الاستمرار.
خارج نطاق التغطية:
تعيين سيدة من الأسرة الحاكمة كوكيلة مساعدة لوزارة الشباب التي يتولى حقيبتها شيخ أيضاً غير مبرر وغير مفهوم في ظل وجود العديد من القيادات الشابة الرائعة في الكويت، ولا مبرر لهيمنة أسرة واحدة على وزارات الدولة.
كل واحد وثوابته
لا جديد، سقوط قناع آخر مما يسمى بالمعارضة اليوم، فمع كل حالة تتعارض مع أفكارهم نجدهم يتنصلون من كل كلام الحريات وإيمانهم بالتعددية والدستور، وما حدث للمغرد مصعب شمساه يثبت ذلك مجدداً، فهاهم يطالبون بتطبيق أشد العقوبات عليه، وبعضهم يتحسر على عدم إقرار قانون إعدام المسيء، وثلة قليلة منهم تلتزم الصمت فقط. عدم إيماننا بهذا الشكل المعارض غير المؤمن لا بدستور ولا بمدنية دولة لم ينبع من فراغ، بل كان نتيجة ممارسات مستمرة منهم، كلها تنسف الدستور وتتعدى على الحريات سواء داخل المجلس أو خارجه، ولم يزل هذا السلوك مستمراً رغم محاولتهم لتغليفه باسم حرية التعبير تارة وحماية الدستور تارة أخرى، وبأمانة فأنا لا يعنيني أبداً موقف "نواب الأغلبية" أو "نهج" أو "الائتلاف" أو "الجبهة" أو أي مسمى آخر لهم، فهم ورقة خاسرة بلا أدنى شك، ولكن ما يحزنني فعلاً هو أن يتحول الشباب إلى نسخة أخرى من نموذج هذه المعارضة، وهو ما لا يتسق أبداً مع فكرة الدولة المدنية، وليس من المقبول أيضاً أن أسعى إلى تغيير السيئ القائم من حكومة ومجلس واستبداله بسيئ آخر إن لم يكن أشد سوءاً أصلاً. قد يقول قائل إن مصعب شمساه تطاول على ثوابتنا، وقد أتفهم هذا التبرير فقط من إنسان لم يقرأ الدستور، ولكن إن كان الناشط السياسي أو المتابع يعتقد أن التطاول على ثوابته يستحق أقصى العقوبات، بل حتى الإعدام فتلك مصيبة، فلكل من هو على أرض هذا الوطن ثوابت ومعتقدات؛ فالمسيحي اليوم مثلاً لا يعتقد بالدين كما يعتقده المسلم، ومعظم ممارسات المسلم تطاول على ثوابته، والشيعي يعتقد بأحقية الخليفة الرابع بالخلافة كأول الخلفاء، والسنّي يعتقد بأحقية الخليفة الأول، وفي المعتقدين كل منهما يتطاول على ثوابت الآخر، ولأننا في دولة دستور مدنية فتلك الاعتقادات متاحة وتتعايش فيما بينها ولا تمييز أو تفضيل لمعتقد دون غيره. مفهوم التعايش مع اختلاف المعتقدات هو أصل الكويت قبل الدستور، وهو ما حرصت الدولة بمؤسساتها كافة على طمسه على مر السنين كي تتفرد بكل قوى أو معتقد على حدة، ونجحت في ذلك، ولم يتبقَّ سوى جمع قليل يطالب فعلاً لا قولاً بضرورة التعايش دون تمييز، ومع هذا نجد اليوم من يريد تغيير الوضع القائم لوضع مشابه آخر! اعذروني إن حاربت منهج ما يسمى بالمعارضة اليوم كما أحارب منهج الحكومات المتعاقبة، فالأمر سيان بالنسبة إلي، بل إن الأمر امتد للأسف إلى شباب باتوا أسرى لمنهج إقصائي سيئ في سبيل محاربة منهج إقصائي سيئ آخر. خارج نطاق التغطية: كتبنا مسبقاً عن هوية الحكومة المنتخبة التي ترفع شعارها المعارضة الحالية، وها هو النائب السابق أحمد السعدون يعلنها صراحة بأن موقفه من الحكومة المنتخبة هو أن يوصي بالمشاورات مع سمو الأمير أن يكون رئيس الوزراء نائباً في مجلس الأمة فقط، أي أن الشعب لا ينتخب حكومته، شكراً لأحمد السعدون على وضع تصوره للحكومة أمام الناس.
نلعب؟
تعمل وزارة الإعلام على قانون الإعلام الموحد وتملؤه بعيوب وتجاوزات دستورية في مواده المختلفة التي تفوق الـ٩٠ مادة، ورغم التجاوزات الدستورية الواضحة والنصوص المبهمة التي تثبت عدم دراية من أعد القانون بالإعلام، يقوم مجلس الوزراء بكافة وزرائه بإقرار قانون الإعلام الموحد تمهيداً لعرضه على مجلس الأمة!!
وفور إقرار مجلس الوزراء لقانون الإعلام الموحد تهاجم بعض وسائلنا الإعلامية والقوى المدنية هذا القانون وبقوة، مبينة عيوبه وتجاوزاته وتعديه على الدستور، فيجتمع رئيس الوزراء مع الإعلاميين ليعلن في الاجتماع تجميد القانون المعيب، أو بمعنى آخر إلغاءه ولكن بمفردة أقل حدة!!
بالطبع فإن عدم صدور قانون الإعلام الموحد بهذا الشكل المتجاوز للحرية هو الأساس والمفروض، لكن أن يعدّ قانون بهذا الشكل من الوزارة المختصة حتى إن لم يقر بحد ذاته مصيبة، والمصيبة الكبرى هو أن يقر قانون بهذا المضمون من مجلس الوزراء، وأن يتم التراجع عنه بعد ذلك دون توضيح أسباب إقراره أصلا.
فالحكومة هي المهيمنة على مؤسسات الدولة، فأن تدار شؤونها بهذه الطريقة السطحية، كما حدث في حالة قانون الإعلام الموحد، يعطينا دلالة واضحة على مدى ضحالة أسلوب الإدارة وعدم جدواه في البناء والتنمية، كما يعطي مؤشراً واضحاً بأن الوزراء لا دور فعلياً لهم في صنع القرار؛ لأن تجميد القانون كما سماه سمو رئيس مجلس الوزراء صدر من سموه فقط في اجتماعه مع الإعلاميين دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، وهو ما يعني أن قرار التجميد لم يكن محل نقاش وتداول أصلاً!
لا تدار الدول بهذا الشكل أبداً، ولا مستقبل أفضل بهذا الأسلوب، فإعداد القانون لم يكن على أيدي مختصين بالإعلام في أيام أصبح فيها الإعلام حراً في العالم أكثر من أي وقت مضى كما هو واضح من نصوصه، وإقرار القانون بمجلس الوزراء يثبت أن الوزراء غير قادرين على تمييز الصواب من الخطأ في اتخاذ قراراتهم إن كانوا قادرين على اتخاذ القرار أصلا، وتجميد القانون من شخص واحد يرسخ المركزية السيئة في اتخاذ القرار، وكل هذا طبعا دون أن يعلو صوت مجلس الأمة الحالي بالقبول أو الرفض أو حتى التساؤل، وما عليكم سوى أن تسقطوا ما مرّ به قانون الإعلام الموحد على بقية القوانين والقرارات لتعرفوا كيف تعدّ وتقرّ.
ولن تتغير هذه الحال ما دام هذا النظام الإداري مستمراً رغم فشله في إدارة شؤون الدولة منذ أكثر من ثلاثين عاما.
خارج نطاق التغطية:
تتنافس شخصيتان خليجيتان على رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في انتخابات الغد، مواطن إماراتي وشيخ بحريني، أما الإماراتي فقد حقق مع بلاده بطولتين لكأس الخليج، والوصول لكأس العالم وكأس العالم للشباب، وأنجز منشآت كروية تعد الأفضل في المنطقة، في حين لم يحصل البحريني لا على كأس الخليج ولا آسيا ولا أي بطولة أصلاً، وما زالت منشآتهم كحال منشآت الكويت الرياضية، ولمن لا يعلم فنحن في الكويت سنصوّت للشيخ البحريني.
«ما نخلص»
راشد وصقر وحمد ومسلم وأحمد و و و و و، ستستمر القائمة ولن تنتهي، وسيأتي اليوم الذي لن يكفي "تويت" واحد لتغطية أسمائهم مصحوبة بكلمة حرية، وسيظل البعض يصرخ رافضاً حبس هذا لقربه منه ومتجاهلاً حبس آخر لاختلافه معه. فنجدهم يكتبون الحرية لسعد لأنه انتقد أو شتم من يختلفون معه وعوقب بالحبس بناء على ذلك، ويصمتون عن فهد ويتجاهلونه لأنه انتقد أو شتم من يحبون وعوقب بالحبس بناء على ذلك، ولنا في تجاهل حمد النقي مثال صارخ على ازدواجية المعايير لدى الأغلبية. وستستمر المعضلة وسيحبس الكثيرون بناء على ما كتبوا أو قالوا أو استخدموا أي وسيلة تعبير بشكلها السليم أو الخاطئ، ولن تنتهي المشكلة إلا بطريقتين: أن تتوقف الكويت كل الكويت بشعبها وقاطنيها وحكوماتها عن مقاضاة كل من يعبر عن رأيه أو يشتم أو يقذف، وهو أمر لن يتحقق طبعاً، وحتى إن تحقق ليوم أو سنة فسيظل مرتبطا بأمزجة الناس المتغيرة والمناهج والسلوكيات المتعددة. أما الطريقة الأخرى فهي ببساطة ألا تخرج قضايا التعبير كلها دون استثناء عن إطار الدعاوى المدنية دون الولوج إلى أي باب آخر جزائي أو جنائي أو أمن دولة، وحينها لن تكون هناك حاجة للمطالبة بحرية أحد عبر "تويتر" أو اعتصام أو مسيرة؛ لأن عقوبة التعبير لن تتخطى إطارها المنطقي والمعقول المتمثل بالغرامة المالية مع ضرورة إضافة الخدمات الاجتماعية إلى بند العقوبات على المدانين في قضايا التعبير بمختلف أشكالها. شخصياً، أنا لا أطالب بالحرية لأي مسجون في قضايا التعبير لأنني أعلم أن هناك نصاً قانونياً قائماً جاء من مجلس منتخب أو حكومة، يتيح للقاضي حبس المتهم، وبالتالي فإن مطالبتي بحريته اليوم تعني إما مخاطبة واستجداء القضاء للرأفة به أو مطالبتي بخرق القانون القائم، ولا أحب أن أستجدي أحداً ولا أرضى بكسر القانون وإن اختلفت معه. لذلك لا بد من تعديل كل النصوص القانونية التي تحبس الفكرة والتعبير، وأن تضعها في محيطها الطبيعي وهو الغرامة المالية والخدمات الاجتماعية الإلزامية، كالعمل دون مقابل لفترة معينة في أحد قطاعات الدولة، وإن لم نتجه إلى هذا الخيار فإننا سنظل أسرى المزاج الشعبي والحكومي إلى الأبد، فاليوم يلاحق من يعبر عن رأيه في اتجاه معين، وغداً يلاحق من يعبر في اتجاه آخر، وتتكرر الأسطوانة وإن اختلفت الأسماء والأفكار. لا أعلم إن كان ما أطرحه يعد حلاً متكاملاً أو تشوبه بعض الشوائب، لكن ما أعرفه جيداً هو أن الفكرة لا تموت بالسجن أبدا، ولنا في أحداث الأيام الأخيرة دليل واضح على ذلك، فلن يخرج راشد أو صقر بفكر آخر بعد حبسهم، بل إن احتمالية ازدياد شراسة فكرتهم أكبر وأعظم، ولا بد من تشريع يلغي الحبس في كل قضايا التعبير، وهو ما يجب أن نتحرك باتجاهه بدلاً من التركيز على حالات فردية تحبس، وقد لا تسعنا قوانا في وقت قريب عن الدفاع عنها جميعها. خارج نطاق التغطية: خبر تم تداوله يوم الاثنين بأن نائبة طلبت الدور في الحديث من نائب مقابل قبلة منها، لم يزعجني الخبر بقدر ما أزعجني انتشاره بين الناس دون أن يتحقق أحد من مصداقيته، بل ردده كثيرون لمجرد اختلافهم مع هذا المجلس، وهو يترجم بشكل واضح حجم المشكلة الأخلاقية التي نعيشها.
«بعبع وهمي»
منذ التصديق على الدستور إلى يومنا هذا هل كان هناك حالة واحدة جادة، وأقول واحدة فقط، للانقلاب على نظام الحكم أو تغيير الأسرة الحاكمة من الشعب الكويتي؟
رغم تعدد الأحداث التي أدت إلى خلاف شديد في وجهات النظر بين الأسرة الحاكمة والحكومات من جهة، والمعارضة الكويتية بمختلف أشكالها من جهة أخرى، بدءاً من تزوير ١٩٦٧، والتعدي على الدستور، وإلغاء مجلس ١٩٧٥ لمدة خمس سنوات، والتعدي على الدستور مجدداً وإلغاء مجلس ١٩٨٥، واستحداث مجلس من خارج رحم الدستور قبل الغزو، وأزمة المناخ والتعدي على الحريات رغم كل ذلك، والتعدي على الميثاق الذي يجمع كل الكويتيين بمناسبات مختلفة، وعلى مر الأجيال لم تشهد الكويت حالة واحدة تهدد بالانقلاب على نظام الحكم أو تغيير الأسرة الحاكمة.
كل تلك الأحداث تجعلنا أمام واقع لا يقبل التشكيك، وهو تمسك الشعب الكويتي بنظام الحكم الحالي وبأسرته، مهما بلغ الخلاف في سبل تسيير شؤون الدولة، وهو ما يعني بوضوح تمسك الشعب الكويتي بنظامه الثابت منذ أكثر من ثلاثة قرون، والمرسخ بدستور الدولة.
إذن فنحن أمام "بعبع وهمي" يحاول البعض أن يتعاطى معه كحقيقة بهدف تقسيم المجتمع وتخويفه من المستقبل دون وجود أي معطيات تثبت حقيقة وجود هذا "البعبع".
خلافنا اليوم إداري بحت ولا علاقة له أبداً بأسرة الحكم، بل بأسلوب تعاطي الحكومات المهيمنة على مؤسسات الدولة مع واقعنا كدولة انطلقت عجلة تراجعها بعد رحيل المغفور له عبدالله السالم، واتضحت نتائج هذا التراجع اليوم بأوضح صورها، خصوصاً مع التقدم والتطور الطبيعي في معظم الدول المحيطة، لقد تمكن الراحل عبدالله السالم ومن معه من رجالات الكويت من تكوين كيان يتعاون فيه الجميع من أجل بناء وطنهم، وإبعاد كل من لا يرتضي العمل وفق قانون الجماعة دون تمييز أو تفضيل لأحد على الآخر، وما إن رحل عبدالله السالم حتى شرعوا باستبدال هذا النموذج الذي كان له الفضل في كل ما شهدته الكويت من ازدهار في الستينيات والسبعينيات إلى نموذج يجعل من مؤسسات الدولة حكراً على فئة معينة، ومن يواليها بالصواب والخطأ إدارياً، وما زلنا نعيش هذا النموذج السيئ إلى اليوم.
لقد أثبتت كل الأعوام الماضية أن طريقة إدارة الدولة في ظل نهج الحكومات المتعاقبة غير المتغيرة إلى اليوم بأن هذا النموذج الإداري هو أسرع نماذج الانحدار الممكنة، وكل الأمور في كل القطاعات تثبت ذلك، وإن محاولة التمسك بهذا النموذج وتصوير معارضيه بأنهم ضد الحكم وأسرة الحكم هو فقط بسبب الحرص على أن يستمر هذا النموذج، وتستمر الهيمنة غير المبررة على مؤسسات الدولة بحجة حفظ النظام.
مجدداً لقد أثبتت كل الأعوام الماضية تمسك الشعب الكويتي بنظامه رغم تردي الحال وحدّة الخلافات، وهو ما يطمئن كل نفس خائفة بأن ما لم يتغير في أسوأ الظروف لن يتغير في ظروف أفضل، فلا تحتكروا الإدارة وأعيدوا نموذج عبدالله السالم كي ننهض من جديد.
خارج نطاق التغطية:
الفكرة لا تسجن، والقانون لا ينتهك في سبيل تحقيق سيادته، وإن لم أكن معك فأنا لست ضدك بل أختلف معك فقط، رسائل لا بد أن يستوعبها المختلفون اليوم.
«لم يأكلنا أحد»
وقفنا في طابور طويل في مطار هيثرو لاسترجاع أموال الضريبة، وامتد وقوفنا لما يقارب التسعين دقيقة تقريباً، جنسيات وثقافات وأعمار وحالات مادية مختلفة وقفت تنتظر في هذا الطابور للوصول إلى دورها، وخلال فترة الانتظار يحاول شخصان من الكويت بكامل أناقتهما وملابسهما الثمينة تجاوز هذا الوقوف الطويل واستثناء نفسيهما من الطابور، فيتصدى لهما رجل وامرأة من أوروبا الشرقية رافضين هذا التجاوز الفج، ويعلو صوتهما في الرفض، فيتدخل المسؤول عن الضرائب ويعيد الشابين الأنيقين إلى مؤخرة الطابور رغم علامات الغضب البادية على وجهيهما وتنتهي المشكلة. وبعد حين لاحظت أن الرجل والمرأة القادمين من أوروبا الشرقية لم تتجاوز أموالهما المسترجعة ما يعادل العشرين ديناراً فقط، في حين أن الشابين الأنيقين من الكويت كانا يحملان من فواتير استرجاع الضريبة ما قد يعادل الألف دينار أو أكثر. ماذا لو كانت حادثة الطابور هذه في الكويت؟ أعتقد أنكم تعرفون الإجابة جميعاً، وهي لب مشاكلنا أصلاً. بريطانيا تضم من تنوع الثقافات والاختلافات ما قد يوازي الكويت ودول المنطقة مجتمعة، ومع هذا لا يشعر البريطاني أن من يستوطن بلاده حديثاً قد سلب حقوقه، ولا يشعر بخوف من مدّ صفوي أو يهودي أو عرقي، ولا بـ»طرثوث» أو من أهل لندن من الحيتان، يعيش الشيوعي مع الرأسمالي والمسلم مع من يعبد الشيطان والغجري مع النبيل، والشاذ مع السوي، في بلد واحد يتسوقون من متجر واحد، يعملون في مؤسسة واحدة، يقطنون في مساكن متقاربة، يتنزهون في حديقة واحدة، يستخدمون حافلة واحدة دون مشاكل أو قلق من المختلف عنهم. أما نحن فإن توسعنا في العنصرية والتقسيم لن تتجاوز فئات مجتمعنا عشرة عناصر على أقصى تقدير، ومع هذا نعيش في هم وخوف وقلق، ويردد هذا «كلونا البدو»، و الآخر يقول «توسع صفوي»، وثالث يقول «حيتان ينهبون البلد»، و كل هذا القلق وببساطة لأننا لا نتعاطى مع طابور مطار هيثرو مثلما يتعاطون هم معه، مسطرة واحدة لا يتجاوزها أحد. علتنا ليست بعدد وليست بأفكار مختلفة ومتنوعة، قد تكون رجعية لدى البعض، ومتقدمة لدى البعض الآخر من فئات المجتمع، فمهما اختلفنا فلن نصل إلى عُشر اختلاف قاطني بريطانيا ومع هذا هم لا يعانون ما نعانيه من هاجس وخوف من الآخر. لن يأكلنا أحد، ولن يتمدد علينا أحد، ولن ينهبنا أحد، إن تملكنا ما يجمع الشعوب تحت مسطرة واحدة اسمها القانون لا تميز أحداً عن الآخر، والمصيبة أننا نملك القانون والإطار والمسطرة منذ خمسين عاماً، ومازلنا نطالب بتطبيق ما هو موجود أصلاً، لأن هناك حكومات متعاقبة تتعمد استثناء بعض الفئات من القانون فيشعر الآخرون بالظلم والخوف والقلق، ولن تنصلح الحال أبداً ما دمنا ندار بنفس عقلية اللا قانون تلك. هواجسنا يا كرام ليست سوى بعبع تديره الجهة المهيمنة على مؤسسات الدولة، ولن تزول إلا بفرض القانون قسراً عليهم. خارج نطاق التغطية: يزعجني جداً أن يتحدث بعض نواب الأغلبية المبطلة «تيار الصدفة» عن حكم المحكمة الدستورية المرتقب حول مرسوم الصوت الواحد، فهم لم يتوجهوا إلى المحكمة الدستورية كما فعل الملا والغانم والصرعاوي وأسيل والرومي للطعن واتباع الخطوات الدستورية القانونية، بل لم يؤيدوا هذا التوجه أصلاً… واليوم يخاطبون المحكمة الدستورية معتمدين على قصر ذاكرة الناس. بما أنكم لم ترتضوا تحكيمها فمالكم تنتظرون حكمها؟