علي محمود خاجه

الجودة لا المسمى

جودة المنتج هي ما يحدد السعر، هذا هو المعيار الأول المفترض ليأتي بعده بعض الاعتبارات الأخرى كجهة صنع المنتج والشركة المصنعة له، حتى هذه الاعتبارات التي قد ترفع من سعر المنتج بشكل أكبر من جودته لم تكن لتتحقق لو لم يكن هناك خلفية تاريخية معيارها الجودة بالمقام الأول، مكنت اسم الشركة أو جهة الصنع من رفع أسعارها.
على أي حال فما أقصده بالمنتج هنا ليس بالضرورة أن يكون سلعة معينة، بل قد يكون خدمة أيضاً، والتي من الطبيعي أن يرتفع سعرها، أي الخدمة، إن كانت تقدم جودة أفضل من غيرها، فعلى سبيل المثال لو قارنا خدمات الخطوط الجوية الكويتية مثلاً وجودتها وسرعتها بخدمات الخطوط الجوية القطرية، فإننا سنجد أن خدمات القطرية أفضل بكثير من حيث الجودة مقارنة بالخطوط الكويتية، وهو ما يجعلنا نفضل القطرية على الكويتية حتى إن كانت القطرية تكلفنا مبالغ أكبر.
مشكلتنا في الكويت أن القطاع الحكومي يتحمل تكاليف تشغيل جميع القطاعات الخدماتية الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، ولا تراعي الحكومة الجودة في الأداء في تحملها التكاليف، بل المسميات الوظيفية لمشغلي تلك القطاعات فقط.
وإن سألنا أي مواطن عن أفضل الجهات الحكومية في تقديم الخدمات من حيث الجودة والسرعة أعتقد أن كل الإجابات لن تخلو من ذكر مؤسسة التأمينات الاجتماعية في المراتب الأولى لتلك الخدمات، وعلى الرغم من جودة أداء هذه المؤسسة فإنها تعامل في سلم الرواتب كبقية الجهات الحكومية ذات الجودة الأقل، بل حسبما وصلني فإن الرواتب في التأمينات تعدّ من أقل الرواتب بين معظم القطاعات الحكومية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية وليست على حالة موظفي التأمينات فقط، فالعمل الجاد والحرص على السرعة في إنجاز معاملات المواطنين في أي قطاع حكومي لا يؤخذان بعين الاعتبار من الحكومة، بل يتحصل العمل السيئ أو الأقل جودة، في أحيان كثيرة، على مميزات مالية أكبر، وهو ما يجعل الموظف أي موظف يبحث بالتأكيد عن الراحة والعمل القليل مقابل راتب أكبر، وهو ما يقتل روح العطاء لدى الموظفين ويجعلهم يسعون إلى المادة بغض النظر عن العمل.
وهذا ما يرجعنا إلى ما ذكرته في السطر الأول من المقال، جودة المنتج هي ما يحدد السعر، تلك هي القاعدة الأساسية التي تحدد عليها الأعمال دون سواها، فإني أتفهم أن توظيف المواطنين حق دستوري لكن ما لا أفهمه هو ألا يعامل الموظفون بناء على جودة أدائهم في القطاع الحكومي، بل فقط على المكان الذي يعملون فيه، كما أني أتفهم أيضا خشية الحكومة الحالية من تلبية بعض المطالب المنطقية لموظفي التأمينات المضربين عن العمل منذ أسابيع من أن تحذو بعض الجهات الأخرى نفس السبيل للضغط على الحكومة، وهو ما يتطلب حلاً جذرياً للمسألة بدلاً من أسلوب العلاج الحالي؛ مطالبة فإضراب فتلبية، بل يكون المعيار الوظيفي في الرواتب مبنياً على الجودة لا المسمى أو الموقع.
 فلا مانع من أن يتحصل قطاع في المواصلات مثلا على أعلى الرواتب إن كانت جودة ذلك القطاع تفوق أي قطاع آخر في الدولة، وبهذه الحالة يتنافس الجميع على جودة الخدمة للحصول على مزايا مالية أكبر، على أن تنخفض تلك المزايا في حال تردي الخدمات، بهذه الحالة ستضمن الحكومة أن أموال الدولة تصرف في اتجاه واحد وهو الجودة، فإن قلت انخفضت الرواتب، وبذلك يحدد المواطنون أو الموظفون مقدار الأموال التي يستحقونها بناء على ما يقدمونه من خدمات.

خارج نطاق التغطية:
لكل مواطن يملك دليلاً أو شكاً في ما أثير حول التحويلات المالية أن يتجه إلى ديوان المحاسبة خلال شهر مدعماً بأوراقه التي يستند إليها، ويختار الجهة التي يريدها محلية أو دولية للبحث عن حقيقة ما يثار بخصوص التحويلات.

علي محمود خاجه

جهة دولية محايدة

كالعادة تتعالى المطالبات دون آلية واضحة أو هوية مفهومة للتطبيق، تلك هي السمة البارزة للتحركات في السنوات الأخيرة فمنذ "ارحل نستحق الأفضل" دون تحديد مفهوم للأفضل، مروراً بـ"نهج جديد" دون تحديد نوعية النهج حينها، وانتهاءً بـ"جهة دولية محايدة" لفحص مستندات التحويلات التي أشار إليها مسلم البراك وعرضها حساب "كرامة وطن" في "تويتر". ولنفحص هذه المطالبة الأخيرة "جهة دولية محايدة" لتتضح الصورة أكثر، فالمتقبلون لنوعية الوثائق المطروحة في حساب "كرامة وطن" يطالبون بجهة دولية محايدة لفحص تلك الأوراق، علماً أن المستندات المعروضة لا تتضمن اسم البنك، مع تلميح بسيط لاسمه من خلال سياق وثائقهم المعروضة، وهو ما يعني أن أي جهة سواء كانت دولية أو محلية لن تتعاطى أصلاً مع الأوراق دون تحديد اسم البنك في المقام الأول. وفي المقام الثاني من الذي سيلجأ أو يختار الجهة الدولية المحايدة أصلاً؟ هل هي الحكومة أم مسلم البراك أم حساب كرامة وطن؟ فإن كانت الحكومة هي من سيلجأ إلى تلك الجهة فهذا يعني أنها ستتحمل التكاليف المادية والمراسلات، وهو ما يعني أن تتسلم الحكومة من مسلم البراك أو "تويتر" الوثائق كاملة دون تغطية أسماء وتحديداً اسم البنك، وإن كان المطالبون أصلاً لا يثقون بالحكومة وجاءت النتائج عكس ما يشتهون، فمن السهل تبرير أن الجهة الدولية لم تتعاطَ مع الوثائق بشكل حيادي.  أما إن كان من سيلجأ إلى تلك الجهة هو مسلم البراك أو حساب "كرامة وطن" فلا حاجة أصلاً لمباركة الحكومة للخطوة، وعليهم اللجوء فوراً إلى الجهة الدولية المحايدة، علماً أن رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد صرح لـ"الجريدة" يوم أمس بالتالي "سنقوم بالتحقيق في تلك الوقائع، وسنتعامل مع مكاتب أجنبية خارجية، وكذلك مع السلطات البريطانية لبحث وبيان واسترداد الأموال التي تعتريها شبهة الفساد، إن وجدت"، مستنداً بذلك إلى المادة 24 من قانون الهيئة. شخصياً أعتقد أن أفضل حل لمن يساوره الشك في صحة الوثائق من عدمها، ويعتقد أنها ترقى للفحص هو الحل المقدم من مجلس الأمة؛ بتكليف ديوان المحاسبة بتلقي أي مستندات من المواطنين حول هذه القضية، على أن يقوم الديوان أو من تقدم بالبلاغ من المواطنين بالاستعانة بأي جهة دولية للتحقق من المستندات، وتنشر التقارير اللاحقة في الصحف اليومية. بهذه الطريقة سيتمكن كل مواطن يمتلك وثائق ومستندات حول هذه القضية من اللجوء إلى جهات دولية معتمدة، يحددها هو شخصياً للتحقق وتنتهي المسألة برمتها، فإن كانت النتيجة إدانة فسيكشف الأمر للرأي العام قبل المجلس والحكومة، وإن كانت نفياً فسيكشف الأمر كذلك، وهذه الخطوة لا تحتاج إلا أن يتقدم من يملك الأوراق كاملة دون إخفاء اسم البنك للتقدم إلى الديوان خلال مدة شهر من تاريخ صدور التكليف. تلك هي الطريقة لمن يبحث فعلاً عن الحقيقة. خارج نطاق التغطية: المفيد في القضية إياها دون نشر تفاصيلها هو أننا في حالة ما يسمى بـ"win-win situation" وهو ما يعني في حالة ثبوت صحة أو خطأ ما ورد في (…) فإنه يعني استبعاد طرف من طرفي القضية، والشعب كسبان.

علي محمود خاجه

حكاية

جلس في منزله وحيداً بعد أن انفضّ الجمع من حوله، وكيف لا ينفضّ هذا الجمع وهو الذي لم يقم إلا على المصلحة والمال ولا شيء سواهما، وما إن تلاشت تلك المصلحة حتى تلاشوا معها. أخذ يفكر بالأيام والسنوات التي مضت عندما شرع أولاده في تولي إدارة مؤسسته الضخمة رغم قلة فهمهم وإدراكهم، وهو يعلم تمام العلم قلة الفهم تلك، فهو الذي حرص ومنذ نعومة أظفارهم على أن يُستثنوا من كل شيء، فلم يحسن تعليمهم ومكنهم من الحصول على كل ما يشتهون، ولم يقدم لهم سوى قاعدة واحدة للحياة، وهي أن المال هو الوسيلة والغاية وهو الذي يحقق لهم كل شيء. قدم لهم الإدارة دون عناء ليرتاح هو من مشقتها وهمومها، نصحه أصدقاؤه مراراً بأنهم (الأبناء) غير مؤهلين أبداً للإدارة، فهم لم يتعلموا أسسها، فكان يرد عليهم بآية كريمة مغلفة بابتسامة ثقة "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، وبعد أن تكرر نصح الأصدقاء وسئم من إزعاجهم استبدلهم بجوقة يقولون ما يشتهي أن يسمعه فقط. كان يشاهد أبناءه وهم يتنافسون على الإدارة دون الاهتمام بتطويرها وتوسيع رقعتها، كان يعتقد أن تلك المنافسة ستجعل أحد الأبناء أكثر استحقاقاً من غيره، متناسياً أن منافستهم كانت ترتكز على السيطرة وليس المحتوى، وشغلتهم تلك المنافسة، وأخذت تستنزف كل موارد مؤسسته التي بناها آباؤه وأجداده. مرت السنوات وازداد طمع الأبناء ورغبتهم في السيطرة على المؤسسة بكاملها، فالأموال تناقصت ولا مجال للشراكة أبداً، ولا بد من أن يقصي أحدهم الآخر متجاهلين مع فورة المنافسة أنه لم يعد هناك شيء أصلاً يتنافسون عليه، فمؤسستهم لم تعد قادرة أصلا على الاستمرار في إشباع أدواتهم التي استأجروها لتعزيز مواقعهم ونفوذهم، فكانت النهاية. تلك الحكاية شبيهة بكثير من الحكايات التي رويت لنا منذ الصغر، مقروءة كانت أو مصورة، وإن اختلفت التفاصيل إلا أن النهاية واحدة، فسوء التصرف يعقبه سوء النتيجة، لماذا لا نتعلم إذاً؟ ما المختلف الذي نتوقعه كنتيجة لسوء التصرف؟ هل يجب علينا جيلاً بعد جيل أن نعيش مرارة نفس الأخطاء كي نتعلم منها رغم علمنا بالنتائج الحتمية مسبقاً؟ لماذا لا نأخذ بنصائح المخلصين؟ ولماذا نسلم من لا يستحق الإدارة؟ ولماذا نلجأ إلى المنافقين ليجملوا لنا أخطاءنا وهفواتنا؟ ولماذا تدور هذه الدائرة دائما دون عبرة تطبق فعلا؟ من لا يستحق الإدارة ينبذ ومن ينصح بصدق يقرّب والمنافق يبعد، تلك هي الأسس والأصول لنتمكن من الارتقاء، ولا بديل لنا عن هذا الطريق قبل أن تنتهي الحكاية.

علي محمود خاجه

أخيراً

عندما وضع الدستور فإن افتراض حُسن النية والموضوعية من النواب والحكومة حينذاك كان على ما يبدو الأساس، وهو ما يتضح جليا سواء في بعض النصوص الدستورية أو حتى نصوص اللائحة الداخلية للمجلس، بل في محاضر المجلس التأسيسي أيضا. وعلى ما أعتقد فإنهم كانوا على حق حينها، نظرا للهوية الكويتية في ذلك الوقت البعيدة عن التشنج والفجور في الخصومة، ومحاولات الإقصاء في غالب الأحيان، إلا أن تراجع المستوى الأخلاقي للمجتمع جعل بعض النصوص أقل جدوى وفاعلية، فمادة كـ"الناس سواسية لا تمييز بينهم" الدستورية، أو الأخرى التي تتحدث عن "العدل والحرية والمساواة" وغيرهما لم تعودا كافيتين لردع المشرعين مع مرور الزمن، ما جعل التشريعات الحكومية منها أو النيابية لا تلتفت لمثل تلك المواد الدستورية، عطفا على ترسيخ الجملة السخيفة "سيادة المجلس لقراراته" رغما عن الدستور واللوائح. إن تجاوز المشرعين للدستور ومواده جعل الشعب يتمترس خلف انتماءاته رغبة في إقصاء الآخر أحيانا، أو حماية له من الإقصاء تارة أخرى، لتترسخ عبارة مثل "كلونا البدو"، أو تعميم الفساد على كل تاجر، أو الخطر من التمدد الشيعي، أو وصف كل متدين بالإرهابي، وهلم جرا، وكان رد الفعل الطبيعي من كل تلك المجاميع وغيرها البحث عن حماية لها من تلك الهجمات، وقد يختلف شكل تلك الحماية من فئة لأخرى، فالكل يخشى من الكل دون حماية مؤسسية فعلية. لقد طالبنا مرارا بأن تُوفر ضمانة حقيقية للمواطنين تجعل هاجس الإقصاء يتلاشى، وأن يمنحوا قدرا هاما من الضمانات يفتت تخندقهم كل في تياره أو فئته، واليوم ومن خلال اقتراح السادة مرزوق الغانم وفيصل الشايع وراكان النصف ويوسف الزلزلة ومبارك الحريص أعضاء مجلس الأمة، القاضي بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحكمة الدستورية بشكل يتيح للمواطن، أي مواطن، حق اللجوء للمحكمة الدستورية لحماية مكتسباته من أي جور تشريعي سابق أو قادم، وموافقة اللجنة التشريعية في مجلس الأمة على هذا القانون وإدراجه على جدول أعمال جلسة 10 يونيو، تمهيدا لإقراره إن شاء الله، فإن ذلك بمنزلة المفتاح الحقيقي للإصلاح لا على المستوى السياسي فحسب بل على المستوى الاجتماعي الكويتي أيضا، وما يشهده من فئوية كريهة ساهمنا جميعا من حكومة ومجلس وشعب في ترسيخها. لقد كتبت قبل عام تقريبا أن حق لجوء الأفراد للمحكمة الدستورية يجب أن يعتلي سلم أولويات المجلس، وها نحن اليوم أمام تشريع تاريخي، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يحمي المواطنين ويقدم لهم الضمانة الحقيقية لحماية حقوقهم من أي تطرف، فشكرا لكل من ساهم في هذا التشريع، وكلي أمل بإقراره قبل نهاية دور الانعقاد. خارج نطاق التغطية تأثرت كثيرا برحيل شاب خلوق يدعى فهد الودعاني، وافته المنية مع صديق له في حادث سير، وهما في طريق العودة للكويت، كان آخر لقاء لي به في "لعب كرة" جمعنا معا، وانتهى لقاؤنا بأن اشترى لي قنينة ماء، نسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناته. لم أحتك بفهد الودعاني كثيرا إلا أنه خلف أثرا طيبا في نفسي لن يزول، فعليك وعلى صديقك يا فهد رحمة من الله ولذويكما الصبر والسلوان.

علي محمود خاجه

«شتسوون بالخارج»؟

منذ أن انقسم الرأي العام حول المشاركة والمقاطعة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية المثبت للصوت الواحد في العام الماضي كان لنا رأي حينها بأن المشاركة في الانتخابات رغم سوء النظام الانتخابي أفضل نسبياً من المقاطعة، خصوصا في ظل غياب الرؤية أو البرنامج الذي ترمي له المقاطعة. والأفضلية النسبية للمشاركة لم تكن تعني أبداً أن المجلس سيحول الكويت إلى جنة الله في الأرض أو أن تزدهر الكويت بين ليلة وضحاها أو في أربع سنوات، بل إنها أفضل من المقاطعة بلا هدف، وقد كررت في أوقات سابقة إلى متى ستستمر المقاطعة؟ وإلى الآن لا مجيب؛ لأنني أعتقد أنه أكثر الأسئلة صعوبة بالنسبة إلى المقاطعين الكرام. على أي حال ها قد مر عام تقريبا على المجلس الجديد بمقاطعيه ومشاركيه، وما زال بعض المقاطعين بلا هوية حقيقية للإصلاح الفعلي، فبعض الكلمات أو الأوراق المقدمة دون آلية تنفيذ واضحة وممكنة لا يعد إصلاحا بلا شك، ومتابعة أعمال المجلس الحالي أملا في الوصول إلى هفوات نيابية أو حكومية تؤجج الرأي العام لا تعد إصلاحا، أيضا بل مجرد رد فعل وقتي، والمكوث في العالم الافتراضي "تويتر" وتوابعه ومتابعة من يتفق معهم في الرأي ليشعروا بأنهم كثر لن يتعدى كونه افتراضيا أيضا. أما على صعيد المشاركين فقد شهد هذا المجلس، شأنه شأن مختلف المجالس السابقة، هفوات وأعمالاً منجزة أيضاً، وهنا يكمن الفرق، أما على صعيد الهفوات فتتمثل بإقرار بعض القوانين بعلاتها ومشاكلها الدستورية والقانونية، وكذلك عدم وجود آلية واضحة للتعاطي مع أداة الاستجواب الرقابية، وهو ما سبق أن تطرقنا له في مقال سابق، أما من ناحية الأعمال المنجزة والجيدة فهناك قوانين مثل قانون هيئة النقل، والتي تلخص مسؤولية الطرق في جهة واحدة بدلاً من تقاذف المسؤوليات الحاصل اليوم دون حلول، وقانون المعاملات الإلكترونية المتطور والمميز جداً والذي سيساهم فعلاً في تقليل سطوة البيروقراطية في الكويت، بالإضافة إلى التعديلات على قانون حماية المستهلك الذي يوفر ضمانة جيدة للمستهلك أمام محاولات الغش التجاري، بالإضافة إلى الاستثمار بالأندية الرياضية الذي يحقق عوائد جيدة للأندية تسهم بكل تأكيد في رفع مستوى الرياضة، وقريبا بإذن الله إقرار القانون الأهم وهو حق الفرد في اللجوء المباشر للمحكمة الدستورية، وهو الضمانة الفعلية لكل مواطن من ألا تنتهك حقوقه الدستورية إن جارت الأغلبية على تلك الحقوق. كل النقاط السابقة تثبت أنه بعد عام من المقاطعة والمشاركة علو كعب من قرر المشاركة على المقاطعة، فعلى الرغم من المثالب فإن ما تم إنجازه في الداخل أكبر بكثير من التفرج بالخارج. مجدداً لا يعني كلامي الرضا عن كل ما يحدث بالمجلس وتلك هي طبيعة الأشياء، ولكني على قناعة تامة بأن محاولة الإصلاح من الداخل أفضل وأجدى من "التطمش" من الخارج. خارج نطاق التغطية: دراسة مميزة قدمها الأستاذ حسين العبدالله حول المثالب القانونية والمخالفات الدستورية لقانون هيئة الاتصالات، أتفق مع كل ما ورد فيها، وأتمنى من أعضاء المجلس الالتفات إلى تلك المثالب والمخالفات وتقويمها.

علي محمود خاجه

حالة وطن

نتائج دوري "فيفا" لكرة القدم لهذا الموسم جاءت على الترتيب التالي: القادسية أولا، والكويت ثانيا، والجهراء ثالثا، وكاظمة رابعا، والعربي خامسا، والسالمية سادسا، والتضامن سابعا، والنصر ثامنا، وخيطان تاسعا، واليرموك عاشرا، والصليبيخات في المركز الحادي عشر، والساحل في المركز الثاني عشر، والشباب في المركز الثالث عشر، وأخيرا الفحيحيل في المركز الرابع عشر.
وهو ذات الترتيب بتغيير طفيف أحيانا في المراكز في السنوات العشر الأخيرة على الأقل بمعنى أن يتنافس على الصدارة القادسية والكويت وتحل أندية كاظمة والجهراء والعربي والسالمية في المنتصف، والبقية في آخر القائمة عدا بعض الحالات الاستثنائية.
عموما فإن هذه المقدمة هي لإثبات حالة فقط، وللتعرف على سلوكياتنا كمجتمع بعيدا عن سوء أداء الحكومة، فقد انتهت انتخابات الاتحاد الكويتي لكرة القدم وهو الاتحاد الذي تنتخبه الأندية الرياضية عبر مجالس إدارات تلك الأندية، وهي المجالس المنتخبة أيضا من الجمعيات العمومية لتلك الأندية، وعدد أعضاء الجمعيات العمومية في الأندية الرياضية هو 120 ألف ناخب تقريبا.
وإليكم نتائج انتخاب مجلس إدارة اتحاد القدم لاستيعاب ما أهدف إلى الوصول إليه بشكل أكبر، فقد تم اختيار 13 عضواً في مجلس إدارة الاتحاد الجديد بعد مقاطعة النادي العربي (ثاني أكبر ناد في الكويت بعدد البطولات الكروية) للانتخابات احتجاجاً على أسلوب إدارة اتحاد القدم، وتم اختيار ممثل عن نادي الكويت الرياضي (الحاصل على 4 بطولات للدوري في السنوات العشر الأخيرة) بخلاف المرشح المفضل لمجلس إدارة النادي، والأمر نفسه مع ناديي كاظمة والفحيحيل.
ووزعت المناصب في هذا الاتحاد بحيث يتولى طلال فهد الصباح الرئاسة، وهايف المطيري ممثل نادي النصر منصب نائب الرئيس (لم يحصل النصر على أي بطولة كروية رسمية منذ تأسيسه عدا دوري الدرجة الثانية)، أما المكتب التنفيذي للاتحاد وهو عصب هذا الاتحاد فقد تمثل بكل من الرئيس ونائبه وممثل لنادي السالمية وممثل لناديي الصليبيخات وخيطان (كلاهما لم يتحصلا على أي بطولة كروية رسمية منذ تأسيسهما).
في حين تولى ممثل نادي التضامن رئاسة لجنة المسابقات (لم يحصل النادي على بطولة رسمية منذ تأسيسه)، وممثل نادي اليرموك ترأس لجنة الحكام (لم يحصل نادي اليرموك إلا على بطولتين في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات)، وممثل نادي الجهراء رئيس للجنة التطوير (حصل الجهراء على بطولة واحدة في تاريخه).
هكذا ندير الأمور في كل المجالات، وهكذا يكون اختيارنا ونتوقع الأفضل، فأي عقل وأي منطق يجعلنا نختار بهذا الأسلوب؟ لقد دللت على قطاع الرياضة تحديداً لوضوح ترديه رغم أن الشعب هو من يدير الأمور في هذا القطاع، أو هكذا يفترض ما دامت الجمعيات العمومية (الشعب) هي من تشكل إدارة الجزء الأكبر من هذا القطاع، علتنا لا تكمن في حكومة معينة بل في نفوسنا التي لم تعد تقدم سوى النماذج السيئة أملا في تحقيق نتائج أفضل.

خارج نطاق التغطية:
كنت أتمنى أن توضع صورة استاد جابر الرياضي على العملة الجديدة لتستفيد الدولة من الـ100 مليون دينار التي صرفت على ذلك الاستاد دون استخدامه.

علي محمود خاجه

مجددا… أزمتنا أخلاقية

كثيراً ما كنت أكتب في الماضي عن الإصلاحات السياسية معتقداً أنها هي المخرج من تردي الحال، إلا أني في كل يوم يمر تزداد قناعتي بأن الحلول السياسية وتقويم الوضع السياسي ما هو إلا تفصيل صغير يسبّب الحال السيئة، فأزمتنا أخلاقية وليست سياسية، وقد كتبت فيما مضى حول هذا الأمر، واليوم أعيد ما كتبت محاولا إثبات رأيي خصوصا في ظل تكرار المحاولات بأن الإصلاحات السياسية ستجعلنا في جنة، إليكم  بعض ما كتبت:
– نقبل بأن يكون لنا رأيان في قضية واحدة تتغير بتغير الأشخاص أو المواقع فقط، ونسمي ذلك مواءمة، ونتحجج بالظروف والمعطيات، وعندما يمارس الآخر أسلوبنا ذاته نعتبره نفاقاً ونردد الآيات والأحاديث في نقده.
– لا نبالي أن يعيش بيننا بشر بلا هوية ولا تعليم ولا صحة ولا سكن ولا وظيفة لمدة خمسين عاماً، ونكتفي بقول "خل يطلعون جناسيهم" وكأن الإنسانية مقرونة بجنسية وهوية، وفي نفس الوقت نطالب بإسقاط القروض عن المواطنين، ونستنزف أموال الدولة كي لا نثقل كاهل المواطنين مادياً، حتى إن كانت قروضهم من أجل سيارة فارهة وإجازة سياحية.
– نردد "ملّينا" من الفساد وتراجع الأحوال في البلد، وتفشي "الواسطة" والمحسوبية في كل القطاعات، ثم نعتبر من يخلص لنا معاملة أو يزوّر لنا عذراً طبياً أو يستثنينا من طابور، أو يعيننا في وظيفة يوجد من يستحقها أكثر منا بأنه "راعي نخوة وما قصّر".
– نرحب بكل شكل من أشكال القانون في الخارج، ونلتزم به أكثر من أهل البلد أنفسهم، وعندما يطبق علينا القانون في بلدنا نردد "شمعنى إحنا".
– نطالب بتعيين الكفاءات ونذهب إلى شراء الشهادات الجامعية من الخارج.
تلاشي الأخلاق مشكلتنا وأزمتنا، وما سبق مجرد شواهد على ما أقول، مشكلتنا أخلاقية بائسة لن تستقيم معها الحال، والأخلاق في تردٍّ وانحدار مستمرين، ولا نحرك ساكناً لتقويمها بل نعزز تلاشيها حتى نكمل تكوين الغابة قريبا.
كل السلوكيات التي نعانيها هي مجرد تفاصيل لأزمة حقيقية عنوانها الأخلاق، وتقويمها الأساسي هو التعليم والتربية، فالدولة تمتلك فرصة مقدارها الـ14 سنة الأولى من عمر الإنسان من رياض الأطفال إلى التعليم الثانوي نستطيع من خلالها أن نرسم، بل ننحت الهوية والأخلاقيات التي نريد على أبنائنا، فنشكّلهم كما نريد، لنقدم للدولة هوية أخلاقية حميدة لكننا لا نفعل، وكما هو واضح لن نفعل للأسف.

علي محمود خاجه

«صح لسانك… بوعبدالعزيز»

في معرض تعليقه على استقالة بعض النواب من مجلس الأمة صرح أحمد السعدون بما يلي: "أنا قد أقدر بعض الاستقالات ممن كان لهم موقف من الإصلاح من الداخل، ولكن هذا الكلام لا ينسحب على استقالة الراشد وصفاء"، وقد سبقه مسلم البراك بتصريح أكثر حزماً عبر لقاء تلفزيوني قال فيه: "إطار معارضة إنت فيه يا علي الراشد لن يسعدنا أن نكون متواجدين فيه".
قد تكون هاتان العبارتان هما أكثر ما أتفق فيه مع الفاضلين أحمد السعدون ومسلم البراك في الآونة الأخيرة، فعدم ترحيبهما باستقالة علي الراشد وصفاء الهاشم بل عدم سعادة مسلم أن يكون في إطار معارضة يكون فيها علي الراشد، هو ما ينسحب بالنسبة إلى مسلم على صفاء الهاشم أيضاً على ما أعتقد.
سبب اتفاقي مع الفاضلين السعدون والبراك هو أنه ليس من المقبول أن يضم الإطار المعارض للنهج القائم من كان يقتات على هذا النهج، بل يحارب كل من يهاجمه، فالمعارضة الحقيقية للأوضاع السيئة القائمة لكي تنجح في الإصلاح يجب عليها أولاً أن تكون قائمة أساساً على استبعاد السيئين والمتمصلحين، ومن لا يؤمن بالدستور أصلاً من المراكز القيادية فيها.
نعم قد يكون مقبولاً بل لن يخلو أي حراك من الفاسدين تلك هي طبيعة الأشياء، ولكن أن يتصدر المفسدون ذلك الحراك فهو بمنزلة انتهاء أو انحراف له بلا أدنى شك.
لقد نادينا بهذا الأمر مراراً وطالبنا بعدم الترحيب بكل من "هبّ ودبّ" من أجل زيادة العدد، إلا أننا لم نلق أي أذن تسمع حينها، بل حوربنا واتهمنا بالسعي إلى ما يسمى بتفتيت الحراك، فكانت النتيجة زوال الحراك وبقاء من "هبّ ودبّ" في صدارة ما تبقى منه.
لقد رحبت المعارضة الحالية، إن جازت التسمية، بمن شتم الكويتيين، وشكك حتى في أنسابهم (بيان جمعية الإصلاح حول التعليم المشترك)، ورحبوا كذلك بمن جنّد قلمه وجهده للدفاع عن سراق المال العام، ورحبوا بالطائفيين وخريجي الفرعيات وغيرهم  من المطالبين بأن تحول الكويت إلى النموذج الطالباني، وشككوا بكل من يعترض على هذا الترحيب، فكانت النتيجة الحتمية هي الفشل والإصرار على الاستمرار بنفس الأسلوب رغم ذلك.
أنا هنا لا أقول أبداً إنه يجب أن نتخذ موقفاً مخالفاً إن وجدنا السيئين يتخذون نفس الموقف، بل كل ما أقوله هو عدم العمل تحت مظلة واحدة معهم، فهناك مواقف ستتشابه بكل تأكيد كرغبة علي الراشد ومسلم البراك بزوال المجلس الحالي، ولكن هذا لا يعني القبول بعلي الراشد ضمن إطار واحد مع مسلم البراك، كما تفضل بذلك البراك نفسه.
قبل أي أوراق أو وثائق للإصلاح لابد أولاً من تصفية الأشخاص وإبعاد من لا يستحق كي يكون لأي ورقة معنى حقيقي ومفيد، تلك هي الحقيقة التي يتجنبها الكثيرون، وقد جاء أحمد السعدون ومعه مسلم البراك ليقولاها صراحة، فشكراً لهما، وكم أتمنى أن يستمر نهجهما الرافض للسيئين أو الأسوأ منهم داخل الحراك.

علي محمود خاجه

ما حدث أمس

ما زالت أداة الاستجواب تشغل الرأي العام مهما زاد أو قل الاهتمام بمتابعة مجلس الأمة، فثقافة أن يكون الاستجواب بمنزلة مقصلة قد تُسقط المستجوب أو المستجوب، بفتح الواو أو كسرها ما زالت سائدة للأسف، والأسباب كثيرة أهمها عدم موضوعية النواب في التقييم، وعدم قدرة معظم الوزراء وأغلبهم من أبناء الأسرة على الرد؛ إما لضعف الحجة وإما لعدم القدرة على قول جملة مفيدة وإما للاثنين معاً. عموماً، فحديثي ليس عن كيفية تحويل الاستجواب إلى مساءلة طبيعية خاضعة للموضوعية والتجرد والردود المنطقية؛ لأنها لن تحدث ما دامت ثقافة المجتمع ثابتة على التعاطي مع المجلس والحكومة كفرق يشجعونها بتعصب. حديثي اليوم وقد ذكرته بشكل مقتضب في مقال سابق عن أن أداة الاستجواب بحد ذاتها يجب أن تدعم لائحياً بنصوص أكثر وضوحاً تمنع أي مجلس من الاجتهاد والتأويل، كلٌ حسب أهوائه وما يشتهيه، فلو نظرنا إلى الموضوع بتجرد تام دون أي حسابات فإن المجلس يتكون من طرفين؛ هما النواب المنتخبون وأعضاء الحكومة، وكما ينص الدستور، فإن للنواب المنتخبين حق الاستجواب، وقد رتبت اللائحة بعض التفاصيل المتعلقة بالعدد والزمن لأداة الاستجواب في حين أنه لا اللائحة ولا الدستور قدما للطرف الثاني من تركيبة المجلس، وأقصد هنا أعضاء الحكومة أي أداة عدا التأجيل، وبالطبع فإن هذا الأمر يعود إلى أن النصوص المكتوبة لم تفترض سوء النية أو عدم الموضوعية أو التجاهل من طرفي المجلس. فعلى سبيل المثال، ماذا لو قدم نائب اليوم استجوابا لوزير الصحة على خلفية عدم افتتاح "استاد جابر الرياضي"؟ ما الأدوات التي يمكن أن تحمي الوزير من هذا التصرف لائحياً وليس عرفاً أو اجتهاداً؟ وعلى سبيل المثال أيضاً، ماذا لو قدم استجواب لرئيس الوزراء حول السياسة العامة للدولة ورفض رئيس الوزراء صعود المنصة بل طالب برفع الاستجواب بكامله؟ ما الأدوات التي تتيح للنائب لائحياً ممارسة حقه؟ أنا هنا لا أتحدث لا عن عرف جارٍ ولا عن تصويت نواب غير خاضع للموضوعية، بل أتحدث عن ضمانة حقيقية لا تحكمها الأهواء. أعتقد أن عدم تضمن لائحة المجلس أموراً أساسية متعلقة بواحدة من أكثر أداوت الرقابة أهمية هو أمر غير مفهوم وغير منطقي أبداً، وهو ما يفتح باب الاجتهاد السيئ في غالبه لعدم موضوعية معظم عناصر مجلس الأمة، وعليه لابد من إقرار نصوص تقدم ضمانة جيدة للمستجوِب والمستجوَب بشكل خاص، وللرقابة وأدواتها بشكل عام. ضمن نطاق التغطية: كلنا ضحية ما حاولت المجالس المتعاقبة ترسيخه بمقولة "المجلس سيد قراراته"، متجاوزة بذلك أهمية أن يكون التعاطي المؤسسي مع الأمور بنصوص ولوائح وليس وفق أهواء الأعضاء ومجالسهم. ضمن نطاق التغطية أيضاً: ما أقدم عليه العضو عبدالله التميمي من سب وإهانة للنائب رياض العدساني وأسرته الكريمة يجب ألا يمر مرور الكرام، فالسكوت عن تلك السلوكيات المشينة هو ما جعلها عادة في جميع مجالسنا، وعلى مكتب مجلس الأمة ورئيس المجلس تحمل مسؤولياتهما تجاه تلك السلوكيات البغيضة وتفعيل اللائحة تجاه هذه الممارسات، بل إضافة عقوبات أكثر شدة على لائحة المجلس للحد من تلك السلوكيات.

علي محمود خاجه

«لخبطة»

كنت أنوي التعليق على المشروع السياسي لما يسمى بائتلاف المعارضة، إلا أن تسارع الأحداث في الأسبوع الأخير بدءاً من أزمة الشريط مروراً بمشروع الائتلاف وانتهاءً بتصريح النائب التميمي جعلني أؤجل الحديث عن مشروع ما يسمى بائتلاف المعارضة والتركيز على تصريح النائب التميمي.
فقد أقدم السيد التميمي ومن خلال إحدى الوسائل الإعلامية على اعتراف بأنه تلقى أموالاً من سمو رئيس مجلس الوزراء لتقديمها إلى حسينية، وقد سبق ذلك انتشار صورة ظرف موجه إلى تلك الحسينية يحمل ختم النائب وبطاقة من رئيس مجلس الوزراء، وبناءً على ما سبق أعلن بعض النواب نيتهم استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء واستنكر الرأي العام ما قيل وحدث.
سأصدق ما قاله النائب التميمي بأن ما تلقاه هو مساعدة مالية لحسينية قام بإرسالها لهم ممهورة بختمه من باب أن تعرف الحسينية من قام بإيصال صوتها لرئيس مجلس الوزراء، وبالتالي ترد له الجميل عندما يحتاجها مستقبلا.
فكرت مليا بحثا عن سبب استياء الناس وتصعيد النواب حول ما جرى فلم أجد سببا سوى أن الموضوع مرتبط بأموال نقدية فقط، بمعنى لو أن الظرف الذي يحمل اسم الحسينية لم يكن يحوي أموالا بل معاملة ورقية، ولو أن تصريح التميمي لم يتحدث عن مساعدات مالية بل تخليص معاملة فهل كانت ستحدث هذه الضجة وهذا التصعيد؟
أستبعد ذلك جداً، بل إن الأمر سيمر مرور الكرام وقد يقال أيضا إن التميمي "رايته بيضه وما قصّر"، بل إن كل النواب ولا أستثني منهم أحداً في هذا المجلس أو المجالس السابقة يقوم يوميا بمحاولة تخليص معاملات المواطنين في مختلف الدوائر الحكومية، وتخليص المعاملة من النائب لا بد أن يكون له ثمن كما هي الحال مع تلقي الأموال، وأغلبية الشعب في السنوات الأخيرة على الأقل تحدد اختيارها للمرشحين بناءً على قدرتهم على إنجاز المعاملات.
لكي تتضح الصورة أكثر فقد نجحت الحكومة وعبر السنوات الطوال بأن تجعل كل الحقوق لا تمر إلا عن طريقها وبأسلوب "الواسطة" تحديداً، وقد استسلم النواب بدلا من تقويم هذا السلوك الأعوج لهذا الأمر، وباتوا مناديب تخليص معاملات، والمقابل طبعاً اتخاذ مواقف تصب في مصلحة الحكومة، وقد راق للناس أسلوب تخليص المعاملات فأصبح معياراً أساسيا لاختيارهم.
هذه الدائرة المترابطة لن تنقطع ما دمنا نرتضي هذا الأمر ونرحب به، وشراء الذمم غير مقتصر على المقابل المادي النقدي، بل يتعلق بكل مصلحة يمكن أن تؤديها الحكومة تجاه من يفترض أن يراقبها؛ مما يضعف دوره الرقابي لتشابك مصالحه وبقائه واستمراره مع حدة رقابته.
فإن كنا سنغضب ونصعد فلا بد أن نغضب من كل ما تقدمه الحكومة للنواب ولا نكتفي بالمبالغ النقدية فقط، بل لا بد من قطع اليد التي تحاول أن تلويها الحكومة بتحكمها في تخليص الإجراءات من خلال إقرار قوانين، بل أجهزة مستقلة تعنى بالرقابة على الأداء الخدماتي للحكومة بشكل خاص والفساد الحكومي بشكل عام.

خارج نطاق التغطية:

لو أننا كنا ندفع من أموالنا للدولة تجاه تقديم الخدمات الصحية أو التعليمية أو المتعلقة بالبنى التحتية، فهل كنا سنرتضي وضع الكويت الحالي، أعتقد أن الضرائب ستشعرنا بمسؤولية أكبر تجاه ما يقدم لنا.