هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها مقالاً على جزأين، وإن لم أكن أحبذ أن أكتب بهذه الطريقة لضمان وصول الفكرة من مقال واحد إلا أن عدم رغبتي في كتابة مقال طويل جداً هي ما يجعلني ألجأ إلى هذا الأسلوب اليوم، لذا فأنا أستميحكم العذر في ذلك. أن توفر الدولة الوظائف للمواطنين هو واجب دستوري عليها للأسف، ورغم تفهمي لأسباب النص الدستوري الملزم للتوظيف حين كتابة الدستور فإني أؤمن بأن هذا الإلزام ساهم في قتل طموح الكثير من المواطنين، وما في داخلهم من طاقة من أجل الاجتهاد والتعب في سبيل الحصول على وظيفة جيدة يبنون فيها حياتهم. فأن يولد الإنسان بضمانة التعليم دون النظر إلى جودته، وضمانة الوظيفة دون النظر إلى قدرات الإنسان، وضمان المساعدة عند الزواج، وضمان تقديم الأموال عن كل طفل يولد، أنهت معظم سبل الإبداع لدى هذا الإنسان، فالأمر أشبه بأن نقول للاعب كرة: لا يهم أن تتمرن أو تحافظ على وزنك أو تبدع في أدائك، ولا يهمّ أن تفوز أو تخسر فأنت ستكون لاعباً بكل الأحوال، وستحصل على راتب شهري دون النظر لما تقدمه لفريقك. كل تلك الضمانات أوصلتنا إلى النتيجة الحتمية التي نعيشها اليوم موظفين بساعات عمل قليلة يملؤون مختلف قطاعات الدولة، ومستوى إنتاجية قد يتمكن ربع موظفي الدولة من إنجازه دون عناء أو جهد يذكران، بل إن وجود هذا الكم من الموظفين يشكل عبئاً مالياً لن نستطيع في السنوات القليلة القادمة سداده من منتجنا الرئيسي والوحيد البترول. نعم قد يكون هناك بعض المتفوقين والمبدعين في قطاعات الدولة إلا أنهم النسبة القليلة التي كافحت لتخرج عن المألوف وتتميز، وقد لا يتحقق لها ذلك أحيانا لانتشار أمراض "الواسطة" والمحسوبية. وطبعا فإن عدم الاستمرار في هذا الوضع يعد ثامن المستحيلات، فلا الحكومة ولا المجلس قادران على تعديل الدستور بشكل يقلل مما يعتقده المواطنون رفاهية أصيلة لا يجوز التنازل عنها، ولا هما راغبان أيضا في تفعيل المادة الدستورية المتعلقة بأداء الضرائب على المواطنين بشكل يضمن حرصاً أكبر من الناس على مصالحهم لأنهم يقدمون الأموال للدولة، وهو ما سيدخلنا في حتمية الإفلاس القريب أو، إن صح التعبير، حتمية اللجوء إلى مدخرات الكويت طوال العقود الماضية من أجل سداد رواتب من لا ينتج أصلاً. لابد من أسلوب مختلف ينقذ ما يمكن إنقاذه ويحسن الوضع دون استفزاز من تربى على الرفاهية دون عمل أو إنتاج حقيقي. نتحدث عن هذا الأسلوب في المقال القادم. خارج نطاق التغطية: حجة اتحاد كرة القدم بقيادة طلال الفهد ومن معه بأن عدم وجود الدعم المادي هو سبب التراجع تدحضها قصة نجاح رياضية جميلة تسمى دورة الروضان الرمضانية التي لا تحظى بأي دعم مادي عدا مكان إقامة الدورة، المسألة مسألة إدارة لا يملكها الشيخ الدكتور ولا من معه فقط لا غير.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
بدهي
كل ما يتطلبه الأمر للاستفادة من سلعة السفر الكويتية تسهيلات معينة في حركة النقل الجوي، بحيث تستقطب شركات الطيران لتحط طائراتها في مطار الكويت بما أن الراغب في السفر مقيم في الكويت أصلاً، وهو سوق حيوي لشركات الطيران بالإضافة إلى توفير محطات جديدة للخطوط الكويتية تغني في أحيان كثيرة عن «الترانزيت». أعتقد بما يشبه اليقين أن أكثر ما ينفق عليه الكويتيون بعد الإيجارات السكنية هو السفر، فمطارنا التعيس يكتظ بالمسافرين مع كل إجازة متاحة سواء كانت الإجازة الأسبوعية أو العطل الرسمية، بمعنى أن ما تقدمه الدولة من رواتب ودعم عمالة وغيرها من أموال من ميزانيتها يتجه جزء كبير منه للسفر ويصرف في الخارج. على الرغم من هذه الحصة الكبيرة من الأموال المصروفة في الخارج فإن الدولة لا تكلف نفسها بأن تستفيد ولو بشكل بسيط من تلك الأموال، وأنا هنا لا أتحدث عن خلق أماكن ترويحية وسياحية تغني الناس عن السفر أو تقلل منه على الأقل، فالدولة بشكلها الحالي عاجزة عن تحقيق ذلك بكل تأكيد، فهي لا تملك لا التخطيط ولا الإرادة ولا الرؤية لإنجاز ذلك، ولا تشجع من يبادر لذلك طبعاً، رغم سهولة توفير مشاريع سياحية عائلية حقيقية في الكويت، فنحن نملك جزراً لا تستثمر سياحياً أبداً، ونملك صحراء تتسع لأفضل وأحسن المنتجعات، ولا يتطلب الأمر سوى بعض التسهيلات للشركات العالمية الكبرى لاستثمارها وتحويلها إلى بقاع يسعى الناس إليها، ولكني أكرر أني لن أتحدث عن ذلك طالما كان خطابي موجهاً إلى من لا يملك رؤية. حديثي اليوم عن أمر أبسط من ذلك بكثير، فبشهادة الجميع أن أكثر من يسافر من دول الخليج طوال العام بالنسبة المئوية هم الكويتيون، وعلى الرغم من ضخامة سوق السفر هذا والملايين التي يصرفها الكويتيون على تذاكر السفر فقط فإن مطار الكويت لا تنطلق أو تحط منه معظم الوجهات التي يرغب فيها الكويتيون!! فمعظم المحطات التي يرتادها الكويتيون طوال السنة لا تنطلق من الكويت، بل تستلزم أن يحل المسافر غالبا على مطارات الدول الخليجية للتوجه إلى المكان الذي يريده، فتكون تذكرة المسافر الكويتي في غالب الأحيان "ترانزيت"، وهو ما يعود بالفائدة طبعا على مطار "الترانزيت"، وعلى الناقل الجوي الذي يعزز وجوده في مطار الترانزيت؛ لشدة الإقبال بدلا من أن تستفيد الكويت من هذا الأمر. والمسألة لا تحتاج إلى فكر مستنير أو رؤية ثاقبة للاستفادة من سلعة السفر الكويتية، كل ما يتطلبه الأمر تسهيلات معينة في حركة النقل الجوي، بحيث تستقطب الكويت شركات الطيران لتحط طائراتها في مطارها بما أن الراغب في السفر مقيم في الكويت أصلاً، وهو سوق حيوي لشركات الطيران بالإضافة إلى توفير محطات جديدة للخطوط الكويتية تغني في أحيان كثيرة عن "الترانزيت". بهذه الحالة تستفيد الكويت من حركة الملاحة الجوية القائمة أساساً، وتستفيد منها دول الخليج، مع أن المستهلك كويتي أصلاً، وهو ما يجعل بعض ما يصرفه الكويتيون من ملايين يعود على الدولة، هذا من جانب ومن جانب آخر تكون الكويت وجهة للعديد من شركات النقل الجوي، وهو ما ينشط الحركة السياحية بشكل أفضل مما هي عليه حتماً ولو بنسبة بسيطة، وهو ما يعني أموالا أكثر تستفيد منها الكويت. ما أقوله لا يعدّ أمراً خارقا أو فكرة غير مسبوقة، بل يفترض أن تكون من بدهيات الأفكار، لكننا أحيانا قد نحتاج إلى طرح البدهيات لأنها في الغالب تكون غائبة عن أذهان أصحاب القرار.
«كان رفيجي»
سعدت كثيراً بخبر إنتاج فيلم كويتي من تأليف العزيز المبدع يعرب بورحمة وإخراج صديقه المميز أحمد الخلف، وما أسعدني بشكل أكبر هو أن يعرض هذا الفيلم في السينما الكويتية في مختلف دور العرض ولمدة شهر حتى الآن، بل إنني قمت بمشاهدة الفيلم قبل يومين في إحدى دور السينما، وفوجئت بأن معظم تذاكر الفيلم محجوزة قبل العرض بمدة طويلة، وهو ما يعني، على الرغم من مرور أكثر من شهر على عرضه، أن الناس ما زالت تسعى إلى مشاهدة هذا الفيلم الكويتي المميز، خصوصا أن توقيت عرضه تزامن بعد شهر رمضان مباشرة، وهو توقيت يعتبر ضاراً لأي عمل درامي كويتي، لأن الناس تكون مشبعة بالأعمال والدراما الكويتية طوال شهر رمضان، إلا أن هذا التشبع لم يقف عائقا أمام النجاح الجماهيري سينمائيا للفيلم، وهو ما يثبت جودة العمل وتميزه. سأتحدث عن انطباعي عن هذا الفيلم دون مجاملة أو تزيين، فالفيلم الذي يتحدث عن قصة أساسية واحدة بعنوان واضح ومباشر (فضيحته ولا حياته) قدم مضمون تلك الرسالة بشكل سلس جداً، سواء عن طريق النص أو الصورة، إلا أني أعتقد أن الفيلم كان بحاجة لأكثر من "حدوتة" واحدة رئيسية عن طريق تطعيمه بقصص جانبية خصوصا أن مدته 100 دقيقة؛ مما جعل إيقاعه بطيئاً نوعاً ما لالتزامه بقصة رئيسية واحدة فقط. أما الممثلون فلا أعتقد أن هناك من سيتقن الدور أكثر منهم، فقد تميز خالد البريكي بمعية فاطمة الصفي في تجسيد دور الزوجين وتعاطيهما مع بعضهما بشكل واقعي يعكس الطبيعة الكويتية دون تكلف، أما فيصل العميري هذا النجم الموهوب فأعتقد شخصيا أنه أفضل من جسّد دور الشاب التائه دون مبالغة جعلتنا نتعاطف معه دون أن ينجر خلف الصورة النمطية في الدراما الكويتية لهذه النوعية من الشباب، كما تميزت زينب خان رغم صغر مساحة الدور في تقديم نوعية من الفتيات في مكان لم يطرق من قبل بهذا الشكل، أما عبدالمحسن القفاص فهو حكاية بحد ذاته، فنحن لم نشاهده من قبل بهذه الصورة الخفيفة المميزة الخالية تماما من أي تصنع، بل إن أداءه جعلني على المستوى الشخصي أقتنع أنه لم يكن يمثل، بل قدم شخصيته الفعلية في إطار الدور المكتوب، وهو ما جعل كل من في القاعة ينتظر المشاهد التي يشارك فيها القفاص ليرسم البسمة في وسط تراجيديا النص. إخراجيا تفنن أحمد الخلف بتقديم الصور، وإن بالغ في أحيان قليلة بالتصوير العمودي، إلا أنه قدم صورة لم نرها من قبل للكويت كتصوير المقبرة من الأعلى مثلا، وأعتقد أنها المرة الأولى لتصوير كهذا في الكويت، كما أني أعتقد أن أغنية الفنانة نوال، وموسيقى مشعل العروج ظلمتا جداً؛ لأنهما لم تجدا مكاناً في الفيلم سوى في "تتر" النهاية. بشكل عام قدم الفيلم بعض مشكلات الكويت بشكل واضح كـ"الواسطة" أو مشاكل العمالة الوافدة، أو التقاعس في العمل، وهو أمر جميل لفيلم جيد جداً بالمجمل، ويستحق فعلا أن يكون جزءاً مهماً في صناعة السينما الكويتية الفقيرة، فشكراً لكل العاملين والقائمين على هذا الفيلم، وكلي أمل أن يكون خطوة حقيقية تجاه صناعة سينمائية دائمة في الكويت. ضمن نطاق التغطية: قد لا يستحسن البعض كتابة مقال عن أمر فني كهذا، ولكني أعتقد أن هذه الأعمال تحتاج فعلا إلى التركيز عليها ومناقشتها لتعزيزها واستمرارها.
«فشلتونا بأوروبا»
تصدرت تصرفات وسلوكيات بعض المواطنين ممن يقضون إجازاتهم أو رحلات علاجهم كما يتردد، أقول تصدرت تلك السلوكيات، أحاديث ورسائل الناس، بل نتج عنها أيضا تصريحات من مسؤولي الدولة. فأعمال كالسباحة في النوافير العامة أو قيادة السيارات والاستعراض بها في الحدائق العامة والرقص في الشوارع وغيرها من سلوكيات أثارت امتعاض الكثيرين وهو أمر أشاركهم فيه، وأعتقد أن معظم تلك التصرفات لا تناسب الذوق العام سواء داخل الكويت أو خارجها. وقد انبرى البعض لتفسير تلك التصرفات على أنها نابعة من فئة معينة فقط من المواطنين، وصبوا جام غضبهم على تلك الفئة بحجة أنهم "فشلونا" بالخارج، وأن ما يقومون به لا يعكس الذوق والآداب العامة للكويتيين. سأقبل هذا الطرح مجازاً، لكي أطرح تساؤلات أراها ضرورية لاستيعاب الوضع: من الذي يحدد الذوق والآداب العامة للمجتمعات؟ فهل يعتبر أكل الأرز مثلا باليد في مطعم مخالف للذوق العام؟ وهل يعتبر التسوق في لندن مع خادمة تقوم بحمل الأكياس من ورائنا مخالفا للذوق العام؟ وهل تأجير السيارات الفارهة والتجول فيها بشوارع أوروبا مصحوبا بصوت عال للموسيقى مخالف للآداب العامة؟ لا أفهم كيف يكون تقييمنا للذوق العام مبنيا على من يقوم بالتصرف لا التصرف نفسه؟! نعم، لكل فئة من فئات مجتمعنا تصرفات قد لا تستسيغها الفئات الأخرى، وقد يكون هناك تصرف لفئة صغيرة لا تقبله بقية فئات المجتمع، ولكي تكون مسطرة الذوق العام واحدة فلا بد أن يندمج المجتمع مع بعضه كما كان سابقاً قبل أن تتعمد الدولة تفتيته لاعتبارات أساسها سياسي، فنحن اليوم مجتمع واحد اسمياً فقط إلا أننا منقسمون إلى دويلات داخل هذا المجتمع، ولكل فئة سلوكياتها وطبائعها الاجتماعية، وإذا ما أردنا أن نوحد تلك السلوكيات فلا بد أولا أن نمنع أو نصعّب على الأقل هذا التكدس الفئوي لمناطق الكويت السكنية مثلا، فلا تكون الرميثية لفئة وصباح الناصر لأخرى والفيحاء لثالثة، بل ينغمس المجتمع كله مع بعضه ليعيد تحديد آدابه وسلوكياته وأطباعه، حينها فقط سيتضح الشذوذ عن الذوق العام، ويكون تقييم السلوكيات موضوعياً فعلا. ضمن نطاق التغطية: تكلمت في المقال عن الذوق العام دون المساس بقانون البلد، بمعنى أن الذهاب إلى الجمعية بالـ"بيجاما" لا يخالف القانون لكنه غير مستساغ شكلياً، أما مخالفة قوانين البلد سواء بالداخل أو الخارج فهي مرفوضة وموحدة طبعاً.
المطار
في كل زيارة لمطار الكويت الدولي تعتريني حالة من الاستياء والحسرة على هذا المرفق الكريه، خصوصا عندما أتذكر نفس المطار أيام الطفولة قبل أن يتم العبث به وتشويهه بالطريقة التي يظهر فيها حاليا.
فأنا ما زلت أجهل كيف تمخض الفكر العبقري قبل سنوات بتوسعة المطار بأن يكون أساس التوسعة مجمعا تجاريا فوضويا يحتل الجزء الأكبر من المطار، ولا يسبب سوى ازدحام أكبر في هذا المرفق الهام، ولا استفادة فعلية للمسافرين والقادمين من هذا المجمع أصلا عدا مواقع شركات الاتصالات وشركات صرف الأموال، وهو ما يمكن توفيره أصلا بعد نقطة الجوازات للمغادرين والقادمين، على أن تقتصر المساحة قبل نقطة الجوازات على بعض المرافق البسيطة كمكاتب تأجير السيارات، تجنباً لأي ازدحام غير مبرر، وهو الأمر الذي يحصل حاليا. المطار في كل دول العالم هو الواجهة والانطباع الأول عن الدولة لدى كل من يزورها، بل هو مؤشر أساسي في التقييم بالنسبة إلى الزائرين لأي سبب من الأسباب، شخصيا أنا أشعر بالإحراج الشديد عندما أشاهد زائراً يدخل إلى المطار خصوصاً في أوقات الذروة، فالزائر حتما لن يبدي انبهاره باللون الوردي للافتات المطار التي قررت إدارة الطيران المدني أن يكون هو اللون الرسمي لمجرد إعجاب مدير بهذا اللون، بل إن أكثر ما سيحرص عليه أي زائر أو مسافر هو النظام وسهولة الإجراءات ويسرها سواء في حال القدوم أو المغادرة، والنظام هو أكثر شيء مفقود في مطارنا التعيس، فالقادم والمسافر يختلطان في كل مكان والتدخين الممنوع مسموح في شتى أرجاء المطار، ونقاط الجوازات للقادمين سرعان ما تختنق من الزحام، ومواقف السيارات المقسمة إلى مدى طويل ومدى قصير لا تسع السيارات، لأن المطار وببساطة تحول إلى مجمع تجاري يرتاده غير المسافر أكثر من المسافر نفسه، وإدارة المرور لا تستطيع التحكم في حركة السيارات أمام البوابة الرئيسية للتنزيل والتحميل، كل ذلك وأكثر هو ما يحدث في مطار الكويت.
أنا على قناعة تامة بأن العنصر الأساسي المفقود في مطار الكويت ليس سعة المبنى، ولن يحقق أي مبنى جديد الغرض، فما هو مفقود بشكل أساسي هو النظام، وهو المفقود أيضاً بالدولة ككل بالمناسبة، فهناك العديد من المطارات الأصغر حجما والأكثر رواداً إلا أن حسن سير النظام فيها هو ما يجعلها تستوعب الأعداد القادمة والمغادرة.
إن المسألة لا تحتاج إلى لوحات وردية أو مقهى ومطعم ومحلات للملابس داخل المطار كي يتحسن وضع واجهة المطار، بل كل ما يحتاجه هو نظام صارم يطبق وتنتهي المسألة، إلا أن الإدارة في معظم قطاعات الكويت تفتقد هذا الأمر.
خارج نطاق التغطية:
سحبت الجنسية الكويتية من البعض يوم أمس الأول بحجة عدم استيفاء تلك الجنسيات لشرط الوجود بالكويت قبل سنة 1965، وبعض من سحبت جنسيتهم الكويتية تم تجنيسهم في 2007 رغم عدم استيفائهم للشروط، فإن قبلنا جدلا أن تسحب تلك الجنسيات فلا بد من محاسبة من منحهم تلك الجنسيات رغم تجاوزهم للشروط.
شخصية
أقصر مادة في الدستور وأكثر تلك المواد وضوحاً ومباشرة هي المادة 33 منه، حيث لم يتجاوز نصها كلمتين لا أكثر "العقوبة شخصية" نقطة انتهى النص. من هذه المادة نبدأ ونشرح على خلفية ما حدث في أواخر رمضان من إسقاط لـ"جناسي" بعض المواطنين، أحدهم لاعتبارات المصلحة العليا كما جاء في تعليق الحكومة على الموضوع، وآخرون لحصولهم عليها من دون وجه حق، طبعاً لا حاجة للقول وتحديداً في الحالة الأولى من إسقاط الجنسيات الأخيرة بأن قانون الجنسية منح الحكومة سلطة تقديرية في إسقاط الجنسية تحت شعارات فضفاضة دون أسباب واضحة أو أحكام قضائية نافذة، وهو أمر يعتبر بحد ذاته مصيبة مرت على جميع المجالس دون تعديل أو تقويم لهذا القانون، بالإضافة إلى بعض نصوص هذا القانون المتمثلة باشتراط ديانة واحدة للتجنيس وغيرها، وهو ما يستدعي حتماً المبادرة بتعديل قانون الجنسية أو اللجوء إلى المحكمة الدستورية للبتّ في دستورية بعض مواد القانون. أما الشق الآخر والمتعلق بإسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين لأن أحدهم حصل عليها بغير حق، وتحصل البقية عليها بالتبعية، فهو الأمر الذي يستحق النظر والمراجعة بشكل أكبر، فلنفترض أنني قمت بتزوير النسب للحصول على الجنسية، وقد انطلى هذا التزوير على المعنيين بإدارة الجنسية، فمنحوني الجنسية وبالتبعية حصل عليها أبنائي من بعدي، ولم يكتشف أحد التزوير فكبر الأبناء وباتوا يعملون في مختلف قطاعات الدولة الحكومية والخاصة، بل إن أحدهم يبلغ من العمر 28 عاماً ومتزوج ويعمل في القطاع الخاص، ويتقاضى راتباً يصل إلى 1800 دينار تقريباً، بما فيها راتب دعم العمالة والعلاوات، وبعد قرار الحكومة أصبح بدون جنسية براتب وقدره 250 دينارا فقط لا غير، والسبب أن والده قام بتزوير نسبه قبل ثلاثين عاما تقريبا، أي قبل أن يولد أصلاً!! الخطأ مشترك حتما بين طرفين: من قام بتزوير بعض البيانات للحصول على الجنسية، ومن منح الجنسية له دون تدقيق عميق يعادل أهمية منح الجنسية، وعلى الرغم من كل ذلك يعاقب المخطئ ومن حصلوا عليها بالتبعية له دون أي أثر فعلي على الطرف الآخر المانح للجنسية من الأساس، وهذا ما يعيدنا إلى أول المقال بأن "العقوبة شخصية" كما نص الدستور، فالمزور يعاقب على تزويره على ألا يمس ذلك أهله وذويه حتى إن كانوا قد تحصلوا على الجنسية نتيجة لذلك التزوير، خصوصاً إن بلغوا سن الرشد، فمن غير المعقول أن يفاجأ الابن أو البنت بعد ثلاثين عاما على تزوير والده بأن يصبح بلا هوية ولا مسكن ولا راتب؛ لأن الدولة وبكل بساطة أخطأت قبل ثلاثين عاماً، وقررت تعديل الخطأ بعد كل تلك المدة… إن ما حدث يعتبر كارثة اجتماعية بكل المقاييس وهو أمر غير مقبول أبداً. أما الحل فيكمن بأن تكون هناك نصوص واضحة في حالات التزوير تحديداً تمنع أن يتأثر الأبناء بعد انقضاء مدة معينة على التزوير عشر سنوات أو أقل مثلاً، كما تمنع أن يتضرر من إسقاط الجنسية من بلغ سن الرشد من الأبناء. أنا من أشد المؤيدين لفتح ملف الجنسية وكم التلاعب الذي حصل فيه طوال السنوات، ولكن لا يكون ذلك على حساب من لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء شخص ارتكب جريمة التزوير والغش، القضية شائكة ومعقدة بلا أدنى شك، لكن العلاج لا يعني خلق كوارث اجتماعية لا تحلّ بحجة تعديل الأوضاع. ضمن نطاق التغطية: النص الحالي لقانون الجنسية فيما يتعلق بسحب الجنسية ينص على "إذا كان قد منح الجنسية الكويتية بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية"، كما هو واضح بأن النص يجوّز سحب الجنسية ممن كسبها بالتبعية، ولا يلزم بذلك، وهو ما يعني إمكانية تفادي الكوارث الاجتماعية لذوي من غش، إلا أني أعتقد أن قانون الجنسية برمته يجب أن يعاد النظر فيه كاملاً.
لا تضيعوا المسار
كتبت قبل أسابيع عن ضرورة اهتمام الحكومة تحديداً بجودة الأعمال المقدمة من قطاعاتها بدلاً من المسميات الوظيفية أو جهات العمل، على أن تراعي الحكومة في سلم رواتبها والامتيازات المالية لموظفيها عامل الجودة بالمقام الأول، وقد أشرت في ذلك المقال إلى كفاءة ما تقدمه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحديداً وجودته، بل إن كتابة ذلك المقال أصلاً كان سببها الإضراب الذي تداعى له موظفو التأمينات الاجتماعية.
ما أعرفه أن وسيلة كالإضراب تستخدم للضغط على أحد طرفي العلاقة للوصول إلى حلول في اتجاه معين، وقد ارتكزت مطالب المضربين في مؤسسة التأمينات على إعادة النظر في سلم الرواتب بالإضافة إلى بعض المسائل الإدارية المتعلقة بالمسميات الوظيفية وغيرها، وهي مطالب أعتقد أنها مستحقة، خصوصاً في جانبها المالي لأننا كما أشرنا في مقال سابق إلى أن معيار الجودة هو ما يتوجب على الحكومة أن تعززه مادياً قبل أي معيار آخر.
كما أني أجد بالتزام أغلبية الموظفين قرار نقابة موظفي التأمينات بالإضراب أمراً فيه الكثير من حسن العمل التنظيمي، لكن ما لا أفهمه أبداً هو أن يتحول الإضراب من وسيلة لتحقيق مطالب معينة إلى هدف يسعى البعض إلى استمراره دون مبررات واضحة، فقد أقدمت الحكومة ممثلة بوزارة المالية على طرح البديل الاستراتيجي للرواتب لكل القطاعات العامة ومن ضمنها مؤسسة التأمينات، كما طُرحت مبادرة جيدة لتحقيق المطالب الإدارية والمالية لموظفي التأمينات في مدة لا تتجاوز ستة أشهر، وهو ما يعني أن أسباب الإضراب قد انتفت بتحقيق المطالب في مدة زمنية معقولة.
لماذا الاستمرار في الإضراب إذاً رغم كل تلك الضمانات؟
قد يقول قائل إن ما طرحته الحكومة من وعود ليس محل ثقة، والسبب أن هناك وعوداً سابقة لم تتحقق، وهو طرح أتفهمه جيداً حتى إن اختلفت معه هذه المرة، فإن صدق ذلك الطرح ولم تحقق الحكومة ما وعدت به خلال ستة أشهر فإن بإمكان النقابة معاودة الإضراب في ظل الالتزام التنظيمي الجيد من موظفي التأمينات مع نقابتهم.
إن فض الإضراب اليوم لا يعدّ تخاذلاً أو تهاوناً، بل هو انتصار لمطالب تم الاتفاق على تحقيقها بين الطرفين في مدة زمنية قصيرة جداً، ولا مبرر أبداً لتعطيل مصالح المواطنين، خصوصاً أن هناك الكثيرين منهم بحاجة إلى استمرار عمل مؤسسة التأمينات الاجتماعية بشكل طبيعي.
سيطرة ولكن
ما زلنا نتصدر دول الخليج في المجال الفني وتحديداً في مجال المسلسلات والمسرح، فقنوات الخليج التلفزيونية تتسابق على شراء الأعمال الكويتية لتملأ بها ساعات رمضان رغم ضخامة مبالغ شراء تلك الأعمال في إشارة واضحة إلى كثافة متابعة أبناء الخليج للأعمال الفنية الكويتية. وعلى الرغم من أن التهافت على الأعمال الكويتية ليس بالأمر الجديد فإن اللافت أنه ورغم إجماع العاملين في الوسط الفني الكويتي على تراجع مستوى الأعمال الكويتية بشكل ملحوظ فإن الإقبال على هذه الأعمال محليا وإقليميا لا يزال كبيراً، في إشارة واضحة إلى أن الكويت هي "ترمومتر" فني لدول الخليج، ليس فنياً فحسب بل هو اجتماعي أيضاً، لأن ما يعرض على الشاشات يدخل إلى كل بيت دونما استئذان، ويؤثر بشكل مباشر في المتلقي أيا كان، وهذا ما يعني بالضرورة أن تراعي الدولة بالمقام الأول جودة ما يقدم؛ لأنه يؤثر سلباً أو إيجاباً في المنطقة بأسرها. فمن غير المعقول أن تكون كل النصوص الكويتية هشة لدرجة أنها لا تستطيع تقديم مادة فنية مدتها نصف ساعة يوميا طوال شهر رمضان بإجمالي 15 ساعة فقط طوال الشهر!! فنشهد جميعاً كيف تعبأ مسلسلاتنا بمناظر خارجية طويلة أو لحظات صمت لفنان أو فنانة أو حوار لا طائل منه ولا مغزى رغم كثرة المواضيع التي من الممكن طرحها والتعمق فيها، ومن غير المعقول أيضا أن تختزل كل القصص في قضيتين أو ثلاث قضايا فقط منذ عقود طويلة إلى يومنا هذا. نشاهد يوميا كيف يتساقط رواد الفن أمامنا بأعمال هابطة لا ترقى إلى أن تصوّر أصلاً، والهدف هو الوجود في الساحة الإعلامية فقط، حتى المسلسلات التي يمكن أن نستحمل مشاهدتها رغم المط والتطويل لا تعدو أن تكون إلا مضيعة للوقت ولأنها أفضل الموجود ولكنها حتما سيئة. إن ما يحدث اليوم من تراجع في المجال الفني تحديداً، والذي أعتبره من أكثر المجالات أهمية لأنه الوحيد القادر على الوصول إلينا دون استئذان أو رغبة أحياناً، يتطلب بلا شك أن تساهم الدولة في النهوض به، ولا يكون ذلك من خلال لجان رقابية على النصوص، فالرقابة على النصوص تأتي لاحقاً إن قامت الدولة بتأهيل القطاع الفني بالشكل المناسب من خلال مؤسساتها التعليمية التي تعنى بالفن والمعايير الأساسية التي يجب أن يصل إليها العاملون في هذا المجال؛ كي يتمكنوا من تقديم أعمالهم للناس، حينها لن نحتاج إلى أن تكون هناك لجان رقابية، فإذا تم تأهيل من يعمل في الوسط الفني وفق أسس سليمة فستتولد لديهم حتما مسؤولية اجتماعية تجاه ما يقدم. نعم التعليم بشكل عام يمر في محنة بالكويت، إلا أن مشاهدة الأعمال المصورة اليوم سواء عبر شاشات التلفزيون أو الإنترنت بات جزءاً من حياة الأغلبية العظمى في الكويت، وهو ما يعني أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تشكيل سلوكات الأفراد، وتجاهل هذا الأمر سيزيد الوضع سوءاً بكل تأكيد.
«شالفكرة؟»
كتبت مقالاً طويلاً حول ما شهدته البلاد من أحداث خلال الأيام القليلة الماضية، ولكن لأول مرة أتردد بهذا الشكل العنيف في إرسال المقال لـ"الجريدة"، فقد خشيت أن تكون العاطفة وسوء تقدير الأمور هما ما يسيطران علي في لحظات الكتابة، خصوصاً في ظل الجنون الذي عشناه في الأيام الماضية؛ لذا وجدت أن الصمت في لحظات الجنون حكمة، فاخترت الصمت عن هذا الموضوع قليلاً. ولعلها فرصة لأكرر ما كتبته في رمضان الماضي عن مسألة لا أجد مبرراً مقنعاً لها طوال السنوات الماضية على أمل أن يفيد هذا التكرار في تغيير واقع غير مفهوم بالنسبة إلي على الأقل. فأنا ما زلت أجهل سبب إغلاق كل أماكن الطعام في فترة الصيام الرمضانية؟ فلماذا نختزل الدولة التي يقطنها أكثر من 3 ملايين شخص من مختلف الديانات والعقائد والأفكار بدين واحد فقط؟ قد يكون التساؤل أصلاً غير مقبول لدى البعض بحكم أن منع الطعام في الأماكن العامة في رمضان هو ما كبرنا وتأسسنا عليه في الكويت، ولكن إن تحملتم أخذ الموضوع بروية فقد تصلون إلى ما وصلت إليه من قناعة. فالصيام أحد أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، ويفترض على كل مسلم قادر أن يؤدي تلك الفرائض، ودولة الكويت كسائر البلدان الإسلامية تهيئ الظروف لكل هذه الواجبات الدينية فتنشئ المساجد وبيوت الزكاة، بل تراعي ساعات العمل أيضا في شهر رمضان، وكل هذه الأمور لا تؤثر في نمط معيشة غير المسلمين في الدول الإسلامية، وهذا هو الأمر الطبيعي والمقبول، إلا أن منع الطعام وإغلاق المقاهي والمطاعم أمر لا أفهمه بتاتاً، فلماذا يفرض على الجميع ما لا ينطبق إلا على فئة معينة وديانة معينة فقط؟ بل حتى إن أراد غير المسلم أن يشرب الماء في فترة الصيام يعاقب بالحبس لمدة شهر، والتهمة مجاهرة بالإفطار!! هناك ديانات وعقائد متنوعة، إحداها يصوم أتباعها عن أكل اللحم مثلا لمدة معينة من الزمن، فهل يقبل المسلم الذي يعيش في بلد أغلبيته تعتقد بذلك الدين أن يمنع من اللحم طوال مدة صوم بعض مواطني ذلك البلد عنه؟ كما أننا نقع في تناقض آخر غير مفهوم كذلك، فلماذا نمنع أماكن الطعام فقط في فترة الصيام ولا تغلق الأماكن العامة في فترات الصلاة طوال السنة؟ فالمنطق واحد وهو أن نفرض على الناس جميعا ما هو مفروض على المسلمين فقط. أعتقد أن مسألة منع بيع الطعام في الأماكن العامة ليست سوى عادات وتقاليد كانت مطبقة حينما كان المجتمع الكويتي محدود العدد جداً دون تنوع في الأديان؛ ليتحول الموضوع رغم التوسع وازدياد السكان إلى قانون دون تعمق في فهم الأمر. السماح لغير المسلم بممارسة حياته الطبيعية لا يمس المسلم بشيء، بل تلك هي طبيعة التعايش دون إضرار بالآخرين، فإن كان الأكل والشرب يجرحان مشاعر الصائمين، فيجب علينا أيضا أن نفرض الصيام على جميع ما يعرض على التلفزيونات قبل الإفطار كذلك مراعاة لمشاعر الصائمين. مجدداً قد لا يجد هذا الموضوع الترحيب، بل قد يقابل بالاستنكار، لكني لا أجد أن فرض دين واحد على الدولة يتسق مع العقل والمنطق.
غيروا «التكتيك»
طوال السنوات والعقود بل القرون الماضية والمسلمون يحاولون نشر الإسلام ومحاربة الكفار والمشركين بأسلوب واحد سائد وهو القتال وبغض الآخر، والمحصلة التي نعيشها اليوم بعد كل تلك القرون من هذا الأسلوب هي عدم قدرتنا كمسلمين على الاستغناء عن المشركين والكفار في مختلف مجالات الحياة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. فلا الكيان السياسي لأي دولة مسلمة قادر على البقاء دون مباركة العدو الغربي الكافر أو رضاه، ولا الكيان الاقتصادي لأي دولة مسلمة قادر على العيش برخاء دون العدو الغربي الكافر، ولا الكيان الاجتماعي قادر على البقاء دون استخدام ما ينتجه العدو الغربي الكافر، وما زال أسلوب المسلمين واحداً، وزيادة حاجتنا للغرب العدو الكافر أكبر. لماذا لا نجرب طريقة أخرى بعيدة عن القتل والبغضاء والعداوة؟ ولماذا لا نجرب أن نتبع نفس الأسلوب الذي اتبعه العدو الكافر ليفرض سيادته وهيمنته على العالم بشكل سلمي هادئ؟ فكل المجتمعات التي غيرت أسلوبها وابتعدت عن جزئية الخصومة والعداوة، وركزت على الإنجاز أفلحت، وأصبح العالم كله يحتاج إليها بل أصبح بإمكانها فرض أفكارها على العالم أجمع، ولنا في اليابان والصين والولايات المتحدة مثال واضح غير قابل للنقض. الإسلام هو ثاني أكبر ديانة على الكرة الأرضية بحسب الإحصاءات، وعلى الرغم من ذلك فإن العالم أجمع بإمكانه العيش من دون أغلبية معتنقي تلك الديانة لأنهم وببساطة لا يقدمون للبشرية شيئاً يذكر، فهم منكفئون على أنفسهم لا يشغلهم سوى نقاش الأحكام الدينية المكررة من جانب، وضرورة محاربة الغرب العدو الكافر من جانب آخر، دون تقديم شيء ملموس وفعلي للعالم، ليس هذا فحسب بل يحرص العالم الإسلامي بأسره على أن يرتكز التعليم على الدين مع إغفال للعلوم الحياتية بكل أنواعها، فتكون النتيجة مجتمعات وأجيالاً متعاقبة لا تفكر إلا بنمط واحد واتجاه واحد وهو محاربة العدو الكافر من جانب، ومحاربة المسلم المختلف بالمذهب من جهة أخرى. المزعج في الأمر فعلاً أن الموارد التي يمتلكها المسلمون تعتبر من أكثر الموارد تكاملاً في العالم من ناحية البقعة الجغرافية للدول الإسلامية، فهي من أكبر بقاع العالم من ناحية مصادر الثروة الطبيعية كالمياه والبترول والزراعة بالإضافة إلى الموارد البشرية الضخمة في تلك الدول، إلا أن كل تلك الموارد لا يتم استغلالها إلا لهدف أو هدفين وهما محاربة العدو الكافر من جانب، وضمان استمرار البقاء في الحكم من جانب آخر. لقد استطاعت شعوب أخرى بموارد أقل أن تصبح من القوى العظمى في أقل من خمسين عاماً فقط، وهي مدة زمنية ضئيلة جداً في حياة الشعوب، وعلينا أن نستوعب أن ما يملكه العالم الإسلامي من موارد أكبر وأشمل من مجموعة فتاوى متعلقة بجواز استخدام معجون الأسنان أثناء الصيام. إن كان ولابد من العيش مع فكرة القتال والحرب مع العدو الكافر، فلنغير "التكتيك" على الأقل من خلال جعل العدو الكافر يحتاج إلى المسلمين فعلاً، وبذلك يضطر إلى مراعاة مصالحهم وأفكارهم بدلاً من هذا التخلف الذي نعيشه تحت ذريعة تطبيق الإسلام. خارج نطاق التغطية: رجال ضحوا بحياتهم وسلامتهم قبل ثلاثين عاماً إثر حادثة تفجير موكب الأمير الراحل جابر الأحمد رحمه الله، قامت الدولة بتجنيسهم الأسبوع الماضي، بهذا الشكل نلخص حالة الدولة.