هي فكرة ابتدعتها قبل خمس سنوات مجموعة صغيرة جداً لا يتجاوز أفرادها عدد أصابع اليد الواحدة، ارتكزت تلك الفكرة على ما يحبون وما يتمنون أن يتغير إلى الأفضل في محيطهم الصغير، فأطلقوا على فكرتهم اسم "نقاط" يحدوهم أمل بأن تتصل نقاطهم تلك بعضها ببعض لترسم صورة جميلة يتمنونها ويسعون باجتهاد إليها. لن أناقش تفاصيل فكرة نقاط في هذا المقال بقدر ما سأشارككم ملاحظتي القريبة لهذه الفكرة طوال السنوات الخمس من عمرها، إلا أنني ومن باب أن تكونوا على بينة حول ماهية مؤتمر "نقاط" فإنه باختصار مؤتمر ودورات مكثفة تعنى بالإبداع والمبدعين في مختلف المجالات كالتصميم والتصوير وتطوير الأفكار الخلاقة والرسم وغيرها من الفنون، ولتقريب الصورة فإن "نقاط" أشبه بملتقى فني دولي يقدم العديد من المحاضرات وورش العمل لرفع المستوى الإبداعي لدى المهتمين. كما أشرت آنفا، فإنني لست بصدد نقاش تفاصيل الفكرة لأنها خارج نطاق اختصاصي بقدر رغبتي في الحديث عن "نقاط" كمشروع جميل قائم ومستمر، فكما قلنا إن الفكرة بدأت من مجموعة صغيرة جداً قبل خمس سنوات لم تبالِ أبداً بالجمل النمطية كقلة الدعم وعدم تحفيز الدولة للشباب، وبذلت تلك المجموعة ما بوسعها للوصول إلى مقام مرتفع ومميز. لم يكن لدى تلك المجموعة أي من مقومات النجاح سوى الرغبة في تنفيذ فكرتهم وبعض الأساليب العصرية في تسويق تلك الفكرة دون الاعتماد على أحد، ولم تكن وسائل التواصل الاجتماعي منتشرة بشكل واسع كما هي اليوم لتسهل لهم نشر مشروعهم بشكل كبير، ولم يكن لهم شبكة كبيرة من العلاقات مع المبدعين في شتى أقطار العالم، ليستقطبوهم، ولا رصيدٌ كافٍ من العمل ليرغّبوا الناس في الالتفاف حولهم ولا سلعة ملموسة وسهلة الصنع كالـ"كب كيك" أو الرسم على القمصان لتحفز الناس وتسهل لأصحاب الفكرة عقد المؤتمر… ولم ولم ولم، إلا أنهم ثابروا فنجحوا. شارك في المؤتمر الأول قبل خمس سنوات عدد لا يتجاوز الخمسين شخصاً، وهو عدد أقل من حضور محاضرة جامعية، إلا أن طموحاتهم لم تتكسر بهذا الواقع، فواصلوا الإعداد والعمل لإنجاح فكرتهم، ليصل عدد المشاركين بعد خمس سنوات من العمل إلى أكثر من خمسة آلاف مشارك من مختلف دول العالم. نعم يا سادة، لقد نجحت تلك المجموعة الصغيرة رغم الصعوبات في تحويل فكرة إلى ملتقى يتطلع الناس إلى المشاركة فيه سنوياً، ومن مختلف الأقطار، حيث يتوافد الناس على الكويت خصوصاً للمشاركة في هذا المؤتمر القائم على جهود فردية مؤمنة بقدراتها وشغوفة بالوصول إلى التغير الإيجابي لامبالية بقلة دعم أو غيرها من عراقيل، لتصل فكرتها اليوم إلى موقع رائع قد لا تستطيع مؤسسات دولة الوصول إليه في سنوات وعقود. والسؤال هنا: ماذا لو كانت تلك المجموعة تملك مقومات كالتي لدى مؤسسات ووزارات الدولة؟ فعلى الرغم من أن وزاراتنا تملك كادراً بشرياً ضخماً وميزانية هائلة، إلا أن معظمها يعيش في دوامة الفشل، والسبب باختصار أنها تبتعد عن جودة ونوعية مؤسسي مجموعة "نقاط"، ومن مثلهم، بل ينبذونهم أيضاً. إن ما يحدث مع "نقاط" وغيره من المشاريع الناجحة يؤكد ما قلناه ونكرره بأن أزمتنا ليست في الكادر البشري الفعال أو العنصر المادي، بل هما متوافران بكثرة، وبالإمكان تحويل التراب إلى ذهب، ولكن كل أزمتنا في إدارة تحرص على الترضيات بعيداً عن الكفاءة والعمل والتطوير. فشكراً لـ "نقاط" ومؤسسيه حصة الحميضي ودانة الهلال وسارة النفيسي وواكيم زيدان، على هذا النموذج الرائع الذي قدمتموه، وأنا على يقين بأن النجاح سيظل حليفكم مستقبلاً مادمتم تكسرون المألوف البشع في سبيل المختلف الجميل.
التصنيف: علي محمود خاجه
email: [email protected]
twitter: @alikhajah
مو أزمة يا بوبراك
"إذا وصل سعر برميل النفط إلى أدنى من مستوى التعادل فستجد الكويتيين يتنازلون عن نصف رواتبهم"… "أتمنى ألا نوهم عيالنا أننا نستطيع العيش بفضل النفط مدى الحياة".
هذا ما جاء على لسان وزير التجارة الدكتور عبدالمحسن المدعج، حسب ما تناقلته الخدمات الإخبارية يوم أمس، في معرض تعليقه على انخفاض أسعار النفط.
بالطبع، فإن سياق التصريح يوضح تشديد الوزير المدعج على أن النفط ناضب، وأن كل الاحتمالات مفتوحة، سواء انتهى مخزون النفط أم انتفت الحاجة إليه لدى من يستهلكه بشكل جيد، كما أن المدعج، في تصريح أمس، يعول على مروءة وشهامة وتلاحم الكويتيين في الأزمات، ولا خلاف أبداً على هذا التلاحم، بل قد يتغاضى أيضاً أبناء الكويت عن كل الأخطاء التي ستؤدي بنا إلى الهاوية كما تغاضوا سابقاً.
فعلاً، التلاحم المشهود لأهل الكويت قد يجعلهم يتعاضدون في وقت الأزمات، وأشدد هنا على مفردة "الأزمات"، حتى إن وصل الأمر بهم إلى التنازل عن رواتبهم ولقمة عيشهم في سبيل انفراج الأزمة، وهو ما حدث فعلاً في فترة الغزو عندما عاش الكويتيون سبعة أشهر دون راتب ثابت، على الأقل من عاش منهم في الداخل، ولم يتذمروا أو ينقلبوا لأنهم كانوا على يقين بأنها أزمة وشدة وستزول، وهو ما أعتقد أنه لا ينطبق أبداً على حالة نضوب النفط أو عدم احتياج العالم إليه.
فإن انتهى النفط أو زالت أهميته فلن تكون تلك أزمة و"تعدّي" أو شدة وتزول، بل نهاية منتج لا نملك سواه، ولن يجدي تنازلنا عن نصف الراتب أو كل الراتب، فمنتجنا الوحيد انتهى وتنازُلنا عن الراتب لن يعيده، ولا حتى العودة إلى البحر ستجدي نفعاً، فلا اللؤلؤ مهم ولا التبادل التجاري كما كان قبل النفط بات يجدي، بل لن يمكننا العيش على صيد الأسماك، فبحرنا شديد التلوث لأننا ألقينا فيه نفاياتنا على مر السنين.
باختصار لا نملك بعد النفط أي عامل يجعل العالم يلتفت إلينا، فلا صناعة ولا سياحة ولا مركز مالي ولا فن أو رياضة أو علوم، المحصلة لا وجود لشيء أبداً سوى شعب تكاثر على مدى القرون الماضية، وأخذ يصرف أو يلطش أموال النفط، إلى أن انتهى النفط، سنكون مجرد صحراء بها بعض المباني والمنازل تعرض للبيع لأعلى سعر ممكن، وتنتهي الحكاية.
تلك هي الحقيقة يا بوبراك ولا يمكن تجميلها بمفردات التلاحم والشجاعة والمروءة والوحدة، فتلك المفردات قد تتجسد في الأزمات بحثاً عن الفرج، أما في حال انتهاء المورد، فلن يبقى للكويتيين سوى صراع البقاء.
ضمن نطاق التغطية:
في حال الإفلاس، هل ستجدي المساعدات المالية التي قدمتها الكويت لمختلف دول العالم نفعاً، أم يتكرر تنكّر أكثر من كنا نساعدهم كما حدث في فترة الغزو؟!
هدوء
على غير العادة وفي عكس الاتجاه المتوقع مضت الأيام العشرة الأولى من شهر المحرم وما يصاحبها من ممارسات لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، بهدوء نسبي وعدد محدود جدا من المشاحنات ومحاولات زرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد. أقول إن ذلك جرى على غير العادة وعكس الاتجاه المتوقع؛ لسبب بسيط أنه في السنوات الخمس أو العشر الأخيرة كنا نشهد تصاعداً حاداً في هذا التوقيت من العام، حيث تستنفر جهود البعض في محاربة الطائفة الأخرى، وتحتقن الأمور بين استفزاز وتجاذب ومهاترات لا تسهم إلا في توتر العلاقة بين الناس من مختلف المذاهب، وكان من المنطقي أن تزداد الحدة مع مرور الوقت، فتلك هي طبيعة المشكلات التي لا تحل، فإن حدتها تزيد وحجمها يكبر مع الوقت، وهو ما لم يحدث ولله الحمد، بل على العكس فقد شهدنا في هذا العام مبادرات جميلة من بعض أبناء الطائفة السنيّة في مساعدة إخوانهم الشيعة في توزيع المشروبات في الطرق كما جرت العادة في المحرم، واستعداد البعض الآخر لاستضافة المجالس الحسينية في منازلهم، وهي مبادرات قوبلت بإشادة وارتياح شديدين، بل انتشرت في مختلف وسائل التواصل مشفوعة بكلمات التقدير والامتنان لتلك الممارسات، وبات الطرفان يتبادلان رسائل "تقبّل الله صيامكم" و"عظم الله أجوركم". من ينظر إلى ما حدث في هذا العام يعتقد أننا أمام مجتمع آخر مختلف عن مجتمع الأعوام السابقة، أو أن معجزة وقعت في نفوس أهل الكويت واستبدلت بالعداء مودة ومحبة، ولكن الحقيقة ليست كذلك، فما حدث باختصار هو اختفاء الكثير من المؤججين ممن كانوا يتلذذون في الظهور في هذه المناسبات ليشعلوا الساحة ويزيفوا ما في نفوس أهل الكويت ليعلنوا عكسها، وقد يكون سبب هذا الاختفاء هو غيابهم عن الساحة السياسية، وبالتالي اختفاء الأضواء الإعلامية التي كانت تسلط عليهم، وتوهم الناس أنهم يعبرون عن رأي المجتمع. لقد حاول البعض المؤجج في الأيام القليلة الماضية إشعال الفتن، بل إن أحدهم قدم مفاتيح الجنة لمن يستجوب وزير الداخلية من النواب على خلفية ما يثار في المجالس الحسينية، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل ولله الحمد، وبالطبع فإن أفول نجم الإعلام المحتكر لعدد قليل من الناس كان له دور أيضا في اختفاء الاحتقان الوهمي الذي سيطر على الناس في السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن صراع الشيوخ الذي كان يتوارى خلف أي مشكلة طائفية ليتقرب من فئة دون الأخرى بات أكثر وضوحاً اليوم، ولم تعد تفيده المشاكل الطائفية ليدعم إحداها، كل تلك الأمور أظهرت الروح الجميلة بين أبناء المجتمع واحترام المعتقدات المختلفة بشكل طيب ومريح جدا. وطبعا أنا هنا لا أقول إن الوضع أصبح مثالياً، بل إنه انطلاقة جيدة لإرساء قواعد التسامح واحترام المعتقدات جميعها مهما تعارضت مع ما نعتقد أو نؤمن به، على أمل أن تستمر هذه الروح ولا يزعزعها طالب فتنة وباحث عن الفرقة، فتقبل الله صيامكم أو عظم الله أجوركم. ضمن نطاق التغطية: بالتزامن مع وقت الكتابة جاء خبر مفاده أن جريمة في المملكة العربية السعودية وتحديداً في الإحساء أودت بحياة مجموعة من الأشخاص، علماً أن أساس الجريمة نابع من صراع المعتقدات، وعلى الرغم من فداحة الجريمة وبشاعتها فإنها نتاج طبيعي لما يحاول أن يرسخه البعض من بغضاء وكره طوال السنوات، ولا بد من تغيير المنهج قبل أن تسوء الأمور أكثر، خالص العزاء للأشقاء في السعودية.
«Cheap»
مصطلح Cheap أو رخيص هو ما يستخدم عادة عندما نصف سلوكاً أو أسلوباً أو تصرفاً معيناً لا يتسم بالحد الأدنى من الذوق أو الأخلاق، وهو أقل ما يمكن أن توصف به الحالة التي يعيشها بعض الأطفال في الكويت اليوم. فأن توصي الدولة، بمؤسساتها المعنية، بمنع ما يفوق 500 طفل لا يتجاوز عمر كل منهم السنوات العشر، من الدراسة في أي مؤسسة تعليمية حكومية أو خاصة، وأكرر خاصة، بحجة تصحيح أوضاع "البدون" لا يمكن وصفه إلا بأنه سلوك رخيص، بل إن رخيص مفردة رومانسية ورقيقة جداً لوصف تلك الحالة. فمنذ متى كانت الكويت تستخدم الأطفال وسيلةً للضغط على الآباء؟ وكيف لدولة نالت مؤخراً لقب المركز الإنساني من الأمم المتحدة أن تعتدي على أبسط حقوق طفل يعيش على أراضيها بهذا الشكل القبيح، بحجة أن والديه أو أحدهما، لم يستوفِ شروط الإقامة في هذا البلد؟! فإن سلّمنا جدلاً، أو واقعاً، بأن ذوي هؤلاء الأطفال يقيمون بالكويت بصفة غير قانونية، بل بأنهم مجرمون يستحقون السجن أيضاً، فبأي ذنب يُحرَم هؤلاء الأطفال الذين لا ناقة لهم في جريمة ذويهم ولا جمل؟ وما علاقة حرمان الأطفال من التعليم، في عصر بات فيه التعليم يعادل أهمية الغذاء، بخطأ الآباء؟ قد يقول قائل: إن التعرض للأطفال هو ما سيضمن تصحيح أوضاع الآباء، وبالتالي الوصول إلى الغاية التي تسعى لها الكويت، وهنا أتساءل: منذ متى كنا في الكويت بهذا المستوى المنحدر من الأخلاق؟! فوسائل الضغط التي يمكن أن نستخدمها للوصول إلى الغاية كثيرة كتعذيب الآباء جسدياً والاعتداء على النساء أيضاً وحرق منازلهم، وكلها وسائل ستحقق في الغالب الغاية، لكننا لا نستخدمها، لأنها ببساطة ليست من أخلاقنا في شيء ولا نقبل أن تكون. ليست كل وسيلة ضغط مقبولة، ولا كل الطرق متاحة، والتعرض للأطفال في تعليمهم يعادل في سوئه الاعتداء على النساء أو التعذيب الجسدي غير المقبول، بل لو افترضنا، بعد هذا العقاب غير السوي، أننا اكتشفنا أن 5% من هؤلاء الأطفال، بعد التحقق والتقصي، ثبت أنهم كويتيون أو مستحقون للجنسية، أو على الأقل مقيمون بصفة قانونية في الكويت، وهو ما يعني أن 25 طفلاً على الأقل حرموا تعليماً مستحقاً، حسب رأي الجهات المعنية بالدولة، فمن سيتحمل حينئذٍ عرقلة حقهم الأساسي في التعليم، ألن تمر عقوبة الأطفال بلا حساب لمن حرمهم كما حدث في ملف الجنسية الذي يعاقَب فيه المزور ويُغضُّ النظر عن الذي مرر التزوير من الأساس. إن الأساس في الكويت الإنسانية فعلياً، وهو ما يتضح في التعاطي مع مجهولي النسب بدور الرعاية، حيث يحظون بالتعليم والرعاية والجنسية بكل امتيازاتها، لأنهم، باختصار، لا ذنب لهم في ما اقترفه الآباء، وهو التعاطي الذي يجب أن يكون مع كل طفل دون النظر إلى جرائم ذويه مهما كانت شنيعة، فكفاكم هذا الأسلوب الرخيص في التعاطي مع المشكلة، وأعيدوا إلى الأطفال حقهم في التعليم فوراً. خارج نطاق التغطية: خطوة مميزة جداً إنشاء قناة "المجلس"، على أمل أن تخرج تلك القناة من تقليدية تلفزيون الكويت وأدائها التقني السيئ، كما نتمنى أن تحظى بحرية تقديم الرأي، وخصوصاً المخالف، بدلاً من تقديم الرأي الواحد الذي تنتهجه قنوات تلفزيون الكويت في الغالب.
«شي واحد»
نعتمد على النفط، ولا نملك التحكم في سعره، وكل الكويت تعمل لهدف واحد فقط هو إنتاج النفط وبيعه وتحصيل أمواله؛ لصرفها على الرواتب بالمقام الأول والبنية التحتية وغيرها من تفاصيل تسهل عمل استخراج النفط وبيعه، إلى أن ينتهي النفط ونبدأ بصرف مدخرات الكويت طوال الخمسين عاما فتنتهي وننتهي كبلد معها.
تلك حقائق لن يتمكن أي متفائل من دحضها اليوم، بل أي محاولة لتجميلها لن تنجح أيضاً، فهي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
قد يبدأ العد التنازلي من اليوم أو قد يؤجل لعام أو عامين لا نعلم، فالأمر ليس بأيدينا، ولكن هزة انخفاض سعر البرميل بنسبة تفوق الـ ٢٠٪ خلال أيام قليلة وتعليق إنتاج منطقة الخفجي المشتركة بشكل يؤدي إلى خسارة ٤ مليارات دولار سنويا ينبئان بقرب الكارثة، ونحن لم نعمل شيئا إلى الآن، فلا مصدر رزق بديلا ولا كوادر بشرية قادرة على إدارة الأزمات والكوارث.
لم يبق سوى شيء واحد من الممكن عمله اليوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأعني هنا إنقاذ الشعب الكويتي أو على الأقل من ستقع على رؤوسهم الكارثة بعد سنوات ليست بطويلة وهو التأهيل المناسب.
فلو افترضنا أن الكويت أشهرت إفلاسها اليوم فكم كويتياً سيتمكن من العيش بمهنة توفر له مردوداً جيداً خارج الكويت؟ وكم كويتياً يمتلك الكفاءة الفعلية لتحديات العمل في الخارج أصلا؟ وكم كويتياً يستطيع التعايش مع الظروف داخل الكويت من دون نفط؟
أعتقد أن النسبة ضئيلة جدا اليوم لأن معظمنا وباختصار لا يملك الحد الأدنى من الحاصل العلمي أو الخبرات المهنية التي تمكنه من العيش الكريم، والسبب بالطبع هو تردي التعليم طوال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية والعملية مستمرة إلى اليوم، فعلى الرغم من زيادة ما يصرف على التعليم في السنوات الأخيرة فإن مستوى التعليم في الكويت يزداد تراجعاً وفق التصنيفات الدولية، وهو ما يثبت قطعاً أن العلة في الرؤية والتخطيط والإدارة لا في المال أبداً، فالكويت ترفع ميزانية التعليم وما زالت تقبل الطلبة الحاصلين على أدنى النسب في الثانوية العامة للعمل في سلك التعليم!! وما زلنا نملأ المناهج بالتكفير والحفظ، بل إن أحد المناهج الأساسية في المدارس ينص بصراحة على أن العقل محدود ولا يشجع على استخدامه!!
لذلك لا بد على الأقل اليوم من تأهيل الأجيال، فالسنوات القادمة لن تكون سنوات رخاء يضمن فيها الكويتي الوظيفة دون عمل، والعلاج دون تكلفة، والكهرباء والماء دون فاتورة، كل هذا سينتهي قريبا، وما دمنا نمتلك الأموال اليوم فلا بد من مراعاة السنوات العجاف القادمة، حتى إن تطلب الأمر استيراد قطاع تعليمي متكامل بمناهجه ومعلميه وإدارته من الدول المتقدمة في مجال التعليم.
دعونا نقرأ المستقبل بشكل جيد ولو لمرة واحدة، ونتخذ إجراءاتنا بناء على تلك القراءة، فاللاحقون سيلعنوننا بلا أدنى شك إن استمر الوضع كما هو عليه، فدعونا نقدم ولو شيئاً واحداً يشكروننا عليه مستقبلاً، ولنتجه إلى تعليمنا المهجور منذ عقود.
للبيع
"للبيع أرض في الصديق، موقع مميز على مدخل المنطقة 1000م، بطن وظهر شارع رئيسي وارتداد كبير 25م، سعر البيع 1.150.000 مليون دينار". هذا نص إعلان في الصفحة الأخيرة في واحدة من أكثر الصحف انتشاراً في الكويت بعدد الثلاثاء الموافق 14-10-2014. طبعا أن يتكبد صاحب الإعلان مبلغا وقدره لنشر إعلان كهذا في الصفحة الأخيرة لصحيفة ذات انتشار كبير ليس من فراغ، بل لأن هناك طلباً على هذا النوع من العقارات وبهذا السعر. الوضع ليس طبيعيا بكل تأكيد وكذلك سعر الأرض، فأن تعرض أرض فضاء في منطقة لا جمعية فيها ولا حديقة عامة ولا إطلالة بحرية على الأقل، ويكون سعر المتر المربع فيها يفوق الألف دينار كويتي، فهو بالتأكيد ضرب من الجنون، وأن يقوم أحد بشراء عقار بهذا السعر بغرض السكن فهو جنون أكبر بكل تأكيد. ووفق هذا السعر فإن المواطن الكويتي سيحتاج إلى توفير 5000 دينار شهرياً لمدة عشر سنوات ليشتري نصف مساحة تلك الأرض في الإعلان السابق، ويحتاج إلى سنتين إضافيتين على الأقل ليبني الأرض، علما أن أسعار الأراضي في المناطق المأهولة في الكويت لا تقل عن السعر المذكور في الإعلان إلا بنسبة ضئيلة. قد يعزو البعض جنون الأسعار هذا إلى شح الأراضي المتاحة فقط، وهذا الأمر غير صحيح بكل تأكيد، فحتى لو تم الانتهاء من جميع الطلبات الإسكانية الحالية فإن هذا لن ينهي المبالغة في الأسعار أبداً بحكم أن الكويت عبارة عن منطقة واحدة يحتاجها معظم السكان يومياً تمتد من مدينة الكويت إلى الشويخ، وهو ما يعني أنه حتى إن تم توزيع أصحاب الطلبات الإسكانية على المناطق الجديدة البعيدة فإن ذلك لن يغنيهم عن مدينة الكويت مركز الدولة؛ مما سيجعل المناطق الأقرب نسبيا للمدينة تحافظ على أسعارها الجنونية لميزة واحدة فقط هي القرب الجغرافي. لا بد من الشروع في نظام المدن في الكويت، بحيث لا تتكدس الكويت صباح كل يوم في منطقة واحدة، فتكون كل محافظة مدينة قائمة بذاتها يستطيع الناس العيش فيها دون الحاجة إلى الابتعاد عنها يوميا بسبب العمل أو الدراسة، فتحوي بذلك كل محافظة على المناطق التجارية والوزارية والتعليمية والصحية التي تمكن قاطني المحافظة من تخليص جميع احتياجاتهم اليومية دون الخروج منها، على أن يعمم هذا النظام حتى على المناطق الجديدة والمحافظات الجديدة كذلك إن وجدت، بتلك الحالة فقط سنتمكن من الدخول في حالة المنطق السعري بعيدا عن هذه الأسعار الخيالية، وأنا إلى اليوم لم أسمع من المسؤولين أي نية لتطبيق هذا النظام، وهو ما يعني أن تصاعد الأسعار سيستمر إلى أن نصل إلى العجز في الميزانية وشح السيولة. ما أقوله ليس عبقرية أو فكرا فذا، بل هو مجرد معالجة منطقية لأزمة واحدة ولدت أزمات كثيرة، وبالإضافة إلى سعر العقار أزمة شلل الطرق، فعدم وجود مدن جعلنا نعيش في ازدحام مستمر لأن الطرق التي توصلنا إلى "الديرة" لا تتحمل كل هذا التدفق اليومي. لدي لي قناعة أقرب إلى اليقين عما يحدث اليوم بأن مسؤولي الدولة يريدون لهذه المعاناة أن تستمر، فعلى الرغم من تعاقب المسؤولين فإن أحدا فيهم لم يبادر بهذا الحل، وهو ما يجعلنا أمام اختيارين لا ثالث لها: إما أن يجهل المسؤولون الواقع أو أن الاستمرار في تغذية هذه الأزمة ما هو إلا سياسة عامة مخطط لها. ضمن نطاق التغطية: في مايو الماضي قام النجم السينمائي أورلاندو بلووم ببيع منزله في لوس أنجلس والمشيد عام 1940 بمساحة 990 مترا مربعا، ويحوي على حديقة وحوض سباحة بمبلغ يقدر بـ1.100.000 مليون دينار كويتي.
«كفو بومشعل»
قرأت مقابلة أمين عام المنبر الديمقراطي السيد بندر الخيران في جريدة "الطليعة" في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي، وقد أسعدني فعلا هذا الطرح العقلاني الهادئ المتزن لأمين عام المنبر، هذا النوع من الطرح الواعي بات شبه مفقود في العامين الأخيرين لدى معظم القوى السياسية، فما هو سائد حاليا هو أسلوب التشفي والسخرية "والمعاير" بين التيارات وقواعدها، ولا أستثني هنا أحداً، خصوصا في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والمساحة التي تتيحها تلك الوسائل للجميع من قيادات للتيارات السياسية أو ما دونهم من التعبير العقلاني أحياناً، والبعيد عن المنطق في أحيان كثيرة أخرى، وقد أفضى أسلوب التشفي والسخرية الدارج حاليا إلى اتساع الهوة بين التيارات، ورغبة كل جهة في التصيد على الأخرى، وهو ما لا يخدم طبعا أي اتفاق مشترك في المستقبل طبعا. لقد قدم لنا السيد بندر في وسط هذه الجلبة صوتاً هادئاً أتمنى أن يعمم على الجميع؛ لأن هذا التوازن هو ما نحتاجه فعلا اليوم، لم يهادن أو يجامل "بومشعل" في طرحه، ولم يتوارَ خلف شعارات أو تجميل للمفردات، بل كان صريحاً جداً في طرح رأي المنبر الديمقراطي حين ذكر "الدعوات الأخيرة للخروج إلى ساحة الإرادة في شهر رمضان الماضي وغيره، رفض المنبر المشاركة فيها"…"ومهما كانت المطالب والضغوط علينا للمشاركة في أمور مثل هذه فلن نشارك". كما أنه عبر عن رأي المنبر المطالب بالتمسك بالدستور الحالي والالتزام بتطبيقه قبل الانجراف لأي مطالبات بتعديل الدستور دون أن يخشى تخويناً أو تشكيكاً وغيرها من أدوات سادت في الأيام الماضية. كما كان واضحاً في مسألة رفض المنبر الديمقراطي أن يكون رافداً أو داعماً لمن لا يؤمن بالدستور ويؤمن فقط بسياسة الإقصاء بأبعادها الطائفية والقبلية حتى لو لم يرض الآخرون عن ذلك. أما المسألة الأهم برأيي في مقابلة السيد بندر الخيران أمين عام المنبر الديمقراطي فهي طبيعة تعامل المنبر مع مجلس الأمة الحالي رغم عدم مشاركته في الانتخابات الماضية، فقد بين "بومشعل" ضرورة التعاون مع نواب المجلس الحاليين لإقرار بعض المطالبات، كما أثنى على دور بعض النواب في التفاعل مع قضايا الرأي العام، بل حتى مشروع إصلاح النظام الانتخابي المزمع تقديمه من المنبر قريباً، فقد أكد أمين عام المنبر أن السلطة التشريعية هي الملاذ لإقرار ذلك النظام، وأنا هنا أقتبس من المقابلة "نحن ليس لدينا حساسية مع أحد، ولن يقر المشروع الانتخابي أو غيره إلا داخل السلطة التشريعية، على الرغم من ملاحظاتنا عليها، ولكن شئنا أم أبينا سنعود إليها". هذا هو يا سادة النموذج السليم في التعاطي السياسي الإيجابي، وقد قدمه لنا السيد بندر الخيران بأجمل صورة دون تشنج، نعم لا بد من التعاون في سبيل الوصول إلى الأفضل دون حساسية، وعلى شباب المنبر قبل غيرهم أن يترجموا ما تفضل به الأمين العام على أرض الواقع مبتعدين عن منهج الآخرين في محاولات التصيد أو التقليل من ضرورة العمل من داخل السلطة التشريعية في سبيل تحقيق المطالب. شكرا جزيلا يا "بومشعل" على هذا المثال الرائع الذي تقدمه لنا، فنتعلم ونستفيد منه، وأختم مقالي في اقتباس أخير من مقابلة أمين عام المنبر "لن تنهض الكويت ونحن متخاصمون".
«شتتوقعون يعني؟»
لن يكون منطقياً أن يرغب أب أن يتفوق ابنه في مجال الموسيقى وهو يرفض شراء آلة موسيقية له، ولن يدخل العقل أيضا أن ترغب الأم أن تكون ابنتها مهندسة كمبيوتر وهي تمنع دخول الكمبيوتر إلى المنزل، فطبيعة الأمور أن توفر الأسباب للوصول إلى الغايات؛ ترغب أن يكون ابنك لاعب كرة مميزاً فتقوم بتوفير الإعداد البدني والذهني له في ذلك الاتجاه، أو ترغبين أن تكون ابنتك فنانة تشكيلية فتسعين إلى توفير كل السبل والأدوات المحفزة لذلك، في تلك الحالة يكون الأب أو الأم قاما بدورهما في التوجيه والجزء المتبقي وهو القبول أو الكفاءة هو من واجب الأبناء. وأيضا لن تتحقق رغبات أولياء الأمور السابق ذكرها أو غيرها إن تم توفير النقيضين، بمعنى أن يوفر الأب لابنه ساعة أو ساعتين للرياضة مقابل حرص الأب نفسه على توفير ساعات طويلة من الأكل والكسل أيضا، أو أن توفر الأم الألوان واللوحات وبالمقابل تغرقها بالكتب التي تنتقص من الفن والرسم. نحن في الكويت نتشابه بدرجات متفاوتة مع أولياء الأمور السابق ذكرهم في الأمنيات، وليس في الكويت فقط بل في جميع دول المنطقة، فكل دولة تتمنى أن تكون السباقة في العلوم والرياضة والفن والثقافة وغيرها من مجالات، وأحياناً توفر تلك الدول ومنها الكويت بعض السبل ليحقق أبناؤها ذلك من ملاعب ومسارح ومعاهد وكليات وغيرها؛ على أمل أن تتحقق أمنيات أولياء الأمور أي الدول في نجاح الأبناء أي الشعب، ولكن رغم ذلك لا يتحقق النجاح والتميز للأبناء إلا بشكل محدود جداً، وهو ما قد يثير استفهام البعض. فالدولة نعم قد تهتمّ بشكل معقول بمجالات متعددة إلا أن التركيز كل التركيز ينصبُّ على مجال واحد دون سواه، وهو المجال الديني الذي يقع اليوم تحت هيمنة أناس معظمهم لا يتقبلون التغيير ولا التطوير خوفاً من أن يوقعهم التطور في المحظور الديني، فتكون النتيجة جرعة علوم يومية من الدولة تقابلها جرعات تحرم التفكير والتشكيك والبحث، جرعة فنون يومية تقابلها حصص من التكفير والوصف بالعهر والمجون، وهكذا الحال في كل المجالات غير المرتبطة بالدين. وهو ما يعني أن الدولة وإن كانت توفر بعض أسباب الوصول إلى النجاح في المجالات المختلفة إلا أنها نفسها هي من سلمت معاول نسف ذلك الوصول إلى قوى تخشى التغيير، وترفضه وتحارب من يسعى إليه، وهو ما سيقودنا إلى نتيجة حتمية لا جدال فيها تم تلخيصها من د. فاطمة السالم عضوة هيئة التدريس في جامعة الكويت– قسم الإعلام قبل أيام، عبر دراسة نشرت في "القبس" كان نتاجها وجود قبول لحركة مثل "داعش"، إذ يعتقد أكثر من 40% من عينة الدراسة أنهم ليسوا إرهابيين، وأكثر من 10% يؤيدونها بشكل عام!! تلك هي النتيجة الحتمية لما تقترفه دول المنطقة تجاه شعوبها، فهي تجبرهم على اتجاه واحد أساسي، وتتوقع منهم نتائج مخالفة لهذا الاتجاه وهو ما لن يحدث طبعا. ضمن نطاق التغطية: كلية الشريعة هي الكلية الوحيدة في جامعة الكويت التي تقتصر فيها المواد الإلزامية العامة على مقررات كالتاريخ والتربية، ومقرر واحد للحاسب الآلي، في حين تفرض مقررات كالفلسفة والمنطق والإعلام وعلم الاجتماع على غيرها من كليات.
«يومان … راحة»
كل القضية أن الحكومة مؤمنة بأنه في حال إقرار يومي الأربعاء والخميس يومي عمل أو عطلة فإن قطاعات الدولة ستعطّل عن العمل قسراً، فلن يذهب أحد إلى الدوام، وسيتم توزيع الأعذار الطبية على الموظفين بغير حساب، وتكون مقار العمل خاوية. أخذتها الحكومة من الآخر وقررت اعتبار يومي الأربعاء والخميس يومي راحة للشعب من تعب العيد ومشاق النوم والسفر، ولم تعلن الحكومة طبعاً أسباب تلك الراحة، ولم تبرر أيضاً لماذا تجاهلت تعميم ديوان الخدمة باعتبار يومي الأربعاء والخميس يومي عمل، فقط اكتفت بالقول إن يومين من أيام العمل الخمسة سيكونان يومي راحة ليهنأ الشعب. وأنا إذ أتفق مع هذه الحكومة أو أي حكومة تسير وفق نفس الأسلوب مع هذا القرار، فلن تتمكن حكومات تدار بهذا النظام من فرض العمل على الناس في أيام باتوا يعتبرونها جزءاً من إجازاتهم وحقاً مكتسباً لا يمكن التنازل عنه، فعطل الأعياد لا بد أن تتجاوز الأسبوع، ولا بد من يوم راحة يسبق العطلة وراحة أخرى تلي العطلة، ولا عزاء للعمل والإنتاج وغيرها من شكليات لا تستحق العناء، أو بالأحرى "لاحقين عليها". لن يقف التمادي بالإجازات عند هذا الحد قطعاً، فأنا أذكر أننا في المدرسة في التسعينيات إن صادفت عطلة العيد الوطني مثلاً يومي الثلاثاء والأربعاء فإننا نذهب إلى المدرسة بدوام كامل يومي السبت والأحد والاثنين، وبعد سنوات قمنا بدمج يوم الاثنين مع أيام العطلة وتدرجت الأمور شيئاً فشيئاً إلى أن تمت السيطرة الكاملة على جميع أيام الأسبوع كلها كما يحدث اليوم، وستتطور الحال حتماً في المستقبل، وقد يأتي اليوم الذي نترحم فيه على الأيام التي كانت فيه عطل العيد لا تتجاوز الأسبوع فقط. أبهذا الأسلوب تدار الدول؟ هل يمكن فعلا أن تستقيم الحال في دولة مجموع ساعات عمل وزاراتها ومؤسساتها 1440 ساعة في السنة بما يعادل 60 يوماً فقط من أصل 365 يوماً؟! المسألة لا تحتاج إلى فكر عالٍ أو عقلية جبارة، كل المسألة قرار لا يصنف حتى أنه جريء بل طبيعي، يحدد أيام العطل، ويعاقب كل من يتغيب عما سبقها أو يليها؛ كي يعود الشعب إلى الانضباط كما كان قبل سنوات ليست بطويلة. حالتنا في الكويت تشبه ذاك الرجل الثري الذي ورث أموالاً طائلة دون عناء، فقضى حياته بالراحة والترفيه والتسلية إلى أن تبددت ثرواته، وفوجئ بأن عليه العمل لكسب قوت يومه، فقضى نحبه لأنه لم يتعلم طوال حياته كيف يعمل. ستنتهي الثروة حتماً وقريباً بل قريباً جداً، ولن نتمكن لا من استرجاعها ولا من محاسبة من تسبب في ضياعها لأننا ساهمنا معه في ذلك. خارج نطاق التغطية: يحقق أبطال الكويت في الرماية والإسكواش ميداليات متعددة في دورة الألعاب الآسيوية فيسلط الضوء على دكتوراه فخرية نالها أحمد فهد الأحمد!!
أسلوب (٢)
في المقال السابق ذكرنا أن من واجب الدولة توفير وظيفة لكل مواطن للأسف، وأن هذا الإلزام سيجعلها في القريب العاجل تغرف من الاحتياطيات لسداد الرواتب فقط، ولن تستطيع لا هي ولا المجلس إلغاء إلزامية التوظيف. كما أنها لن تستطيع فرض الضرائب بشكل موسع على المواطنين لأنها تخشى غضب الناس. إذاً لا بد من أسلوب بعيد عن استفزاز الناس ويرفع في الوقت نفسه من جودة العمل في قطاعات الدولة المختلفة، وهو ما أسعى إلى تقديمه في هذا المقال. يتقاضى الموظف الجامعي في الكثير من وزارات الدولة راتباً يتراوح بين ٧٥٠ و٨٠٠ دينار مع بداية تعيينه، وتشهد معظم وزارات الدولة تكدسا للموظفين بهذا الراتب أو أكثر بطاقة إنتاجية ضعيفة جداً، والفكرة باختصار هي أن يصل راتب الموظف الجامعي عند تعيينه في وزارات الدولة إلى ١١٠٠ دينار شهريا كحد أعلى و٥٠٠ دينار شهريا كحد أدنى مثلا، والهدف من ذلك يكون الحث على الإنتاجية وجودة العمل، فمن يحقق متطلبات الوظيفة بالكامل كسرعة الإنجاز والالتزام بالوقت والدقة في الأداء يحصل على الحد الأعلى للراتب، أما من يرغب في وظيفة وراتب والسلام فلن يحصل سوى على الحد الأدنى، وبتلك الحالة يربط تحصيله الشهري بما يقدمه فعلياً لوزارته، وبذلك لن يحبط المجتهد ولن يكافأ المتكاسل. وبالطبع فإن هذا الأسلوب لا يمكن تطبيقه على كل الموظفين القدامى والجدد معاً، ولكن من الممكن تطبيقه على الجدد فقط في الفترة الحالية لخلق مجتمع وظيفي ذي جودة وفعالية خلال عشر سنوات، وفي هذه الحالة سيرغم الموظف على العمل الجيد في القطاع الحكومي أو الاتجاه للقطاع الخاص، وهو القطاع الذي سيجبره أيضاً على العمل الجيد، ونكون بذلك شكلنا عقلية المواطن والموظف الكويتي لتفكر تلك العقلية بأسلوب احترافي ومهني أفضل. خارج نطاق التغطية: وكأن الدولة لم تستوعب خطيئتها عندما كدست وزارات الدولة في منطقة واحدة "مدينة الكويت"، لتكرر هذا الأمر اليوم في منطقة جنوب السرة التي تضم مؤسسات كالمعلومات المدنية والإسكان والأشغال والتربية وقريباً مستشفى جابر!!