موقف الكويت القوي والصلب من تدخل ايران في شؤوننا الداخلية موقف جيد ومطلوب في هذه المرحلة.. لكن الذي يعرف امكانات ايران في ازعاج الكويت وقدراتها على زعزعة امنها بواسطة طابورها العاشر له الحق ان يتساءل: بماذا تفكر الكويت وهي تتخذ هذا الموقف الصلب تجاه الدولة الفارسية؟!
موقف حكومة البحرين من المعارضين للنظام هناك موقف اكثر من قوي، وتجاوز احيانا حدود المعقول عندما يتم طرد اللاعبين من الاندية لمشاركتهم آلافا في ساحة اللؤلؤة وفصل المئات من وظائفهم للسبب نفسه!! ولانني احب البحرين.. واحب النظام الحاكم فيها، ولانني كنت ضد التظاهرات اللاسلمية في ساحة اللؤلؤة، لكن يدي على قلبي مما يجري الآن، لانني اعرف قدرات النظام هناك وامكاناته، كما اعرف ما يمكن ان يفعله تنظيم مدعوم من حكومة تضمر الشر لجيرانها وتعتمد تصدير ثورتها لها!!
ما يجري في الكويت والبحرين وما يثار من تساؤلات مشروعة مثل: بم تفكرون؟ على ماذا تستندون؟ في من «شادّين ظهركم»؟ كل هذه الاسئلة ممكن توجيهها الى بقية دول الخليج التي سعدنا ونحن نشاهد لها مواقف ايجابية وواضحة وشفافة وقوية تجاه قضايا الساعة، مثل تجاوبها مع احداث اليمن ومبادرتها لحلها، وقبلها موقفها القوي من دعم الثوار في ليبيا.
الهاجس الذي ينتابنا هو ان هذه الدول الصغيرة معتمدة على علاقتها باميركا!! فإن كان الامر كذلك فعلينا السلام، لان اميركا لم تفزع لانظمة كانت حليفة لها واكثر اهمية لديها بعدما رأت واقع الامر، وتعاملت مع الوضع من واقعه الذي فرضه عليها.
إذاً ما الحل؟
الحل ذكرناه في هذه الزاوية منذ اكثر من اشهر عديدة، وهو بوجود كونفدرالية بين دول الخليج تعطي كل دولة استقلالية في ادارتها لشأنها الداخلي بالطريقة التي تناسبها، وتلتزم بالسياسة الخارجية والدفاعية والنفطية لدول مجلس التعاون.
هذه الخطوة اصبحت اليوم استحقاقا سياسيا يفرضه الواقع والمصلحة!! فالواقع اننا دول صغيرة وسط دول جارة وجائرة!! دول لا امان لانظمتها ولا رادع، وليس للجيرة عندها اي اعتبار!! والمصلحة تستلزم ان نتحد في كيان واحد قوي، ولا مانع وقتها من عقد اتفاقات امنية مع من نشاء!!
التطورات تتسارع.. والوقت ما يرحم.. والمصالح تتشابك.. وصديق الامس عدو اليوم فماذا ننتظر!!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
هذه المرة.. غير
نعم.. هذه الحكومة يجب ان تكون غير في تشكيلها، لانها تمر في ظروف غير..!
لا أحد ينكر حساسية الظرف السياسي الذي تمر به المنطقة وتتأثر به دول الخليج، لذلك يجب ان تأتي حكومة تستوعب هذا الظرف، وتدرك تداعياته على الداخل وتأثيره على أمن البلد واستقراره، حكومة تبني وتعرف كيف تهندس البناء وتحافظ عليه، حكومة تنشغل بتنفيذ برنامجها وتتعاون مؤسساتها لتحقيق ذلك، حكومة تعمل كفريق واحد برأس واحد وقلب واحد، فهل سمو الشيخ ناصر المحمد قادر على ان يأتي بمثل هذه الحكومة؟ ستواجه سموه مشاكل كثيرة قد تعرقل طموحاته في تشكيل حكومة قوية ومتجانسة، ولعل من أهمها:
ــــ انها الحكومة السابعة..! في أقل من ست سنوات، وهذه كافية لزعزعة الثقة في النوخذة الذي سيدير الفريق!
ــــ الظرف السياسي للمنطقة يجعل مسؤولية النواب كبيرة في تقدير هذا الظرف ومراعاة تداعياته، وبما ان النواب بادروا منذ اليوم الأول للتكليف الى اطلاق قذائفهم الصاروخية تجاه شخص الرئيس المكلف، لذلك نحن على اعتاب بوادر أزمة في نسختها السابعة قد تعجل في عمر هذه الحكومة ان لم يكن المجلس كذلك، لذلك لن تجد متحمسا للمشاركة هذه المرة.
ــــ لا يبدو في الافق اي حل للمشاكل الداخلية لأسرة الحكم، وبالتالي قد يستمر انعكاس آثارها على اداء هذه الحكومة، وبالنظر الى هذه الآثار على الحكومات السابقة نجد انها عوامل قاتلة وكافية لجعل الحكومة مهترئة من الداخل وتنشغل بنفسها عن البناء والتنمية.
ــــ النظرة للديموقراطية على انها مكسب للشعب والدولة يجب ان تسود بدلاً من التعامل مع هذه الممارسة الديموقراطية على انها نقمة ورطهم بها الشيخ عبدالله السالم، هذه النظرة جعلت مبدأ التعاون بين السلطتين مفقوداً وحبراً على ورق، لذلك شاهدنا كيف كانت الحكومة تتمنى فشل المجلس في تحقيق اهدافه وتسعى لافشال كل مشاريعه.
لهذه الأسباب سنجد الاعتذارات عن المشاركة كثيرة، وستكون حال الحكومة مثل راية الشر التي رفعت فانبرى لها اشرارها وابتعد عنها اخيارها، مع اني لا أتمنى ان نصل الى هذه الدرجة، بل أتمنى ان تنزل السكينة على سمو الرئيس ويهديه الله الى تحجيم تدخلات الآخرين من ابناء عمومته، وفي المقابل يتوقف هو عن التدخل في شؤون الوزراء في وزاراتهم، وأتمنى ان يختار الوزير النظيف في سمعته والمشرق في تاريخه والكفوء في تفكيره وادائه، عندها سنقول نحن لنوابنا: كفى.. كفى.. اعطوا هذه الحكومة فرصتها التي نتمنى ألا تكون كسابقتها.
الرئيس الذي نريد
لا أعرف من سيتم تكليفه بتشكيل الحكومة لحظة كتابة هذا المقال، لكنني سأذكر بعض الملاحظات المهمة التي أتمنى أن ينتبه إليها الرئيس القادم عند التشكيل وبعده.
أولى هذه الملاحظات هي الأسس التي يتم عليها اختيار الوزراء!! فالذي أضعف الحكومات الست السابقة هو طريقة الاختيار، حيث كانت تعتمد على عدد الأصوات التي يضمنها الوزير للحكومة من داخل البرلمان، سواء بعلاقاته الحزبية او الطائفية او انتمائه القبلي، فكلما كانت «ميانته» على النواب أكثر زاد رصيده عند سمو الرئيس، أضف إلى ذلك عنصر المحاصصة، الذي كان ملازما لكل الحكومات السابقة، مما أفقد الحكومة عناصر أكثر اهمية مثل الأمانة والنزاهة وقوة الحجة والطرح!
ثانية هذه الملاحظات ان الوزير الذي يقول لك «لا» أفضل من الوزير الذي يردد: أنت آمر واحنا نطامر. فقد لوحظ ان الوزراء كانوا يراعون خاطر سمو الرئيس وتوجهاته ويزينون له القبيح ويقبحون له الجميل.
لذلك صديقك من صدقك القول وليس من صدقك ورماك وراء الشمس!!
ثالثة هذه الملاحظات كن حازما وارفض التشكيل الذي يفرض عليك، او كما يقولون ينزل عليك بالبراشوت، فأنت من ستحاسب على أداء الوزراء ونكباتهم ولا عذر لك بأنك لم تختر وزراءك، فالزمن ما يرحم، وعندما تكون عالمنصة كل يقول نفسي نفسي، وعندها تتذكر قول الشاعر: «ما أكثر الأصحاب حين تعدهم ….. لكنهم في النائبات قليل»!!
نصيحة اخرى بعد تشكيل الحكومة.. وهي ألا تتدخل في عمل الوزراء وتحرجهم كما حدث مع وزراء حكومات سابقة.. فدخل الفالي رغما عن وزير الداخلية الذي تم استجوابه لذلك.. وتم الغاء محطة الصبية قبيل توقيع عقدها ومن دون علم مسبق من وزير الكهرباء آنذاك، وقرر مجلس الوزراء الغاء مشروع الداو ومشروع المصفاة الرابعة بخلاف الرأي الفني الذي تبناه المجلس الاعلى للبترول.. الخ من مشاريع وقرارات أُحرج فيها الوزراء وتحملوا تبعاتها السياسية من دون ذنب اقترفوه.
اننا نريد رئيس حكومة يعرف كيف ينتقي وزراءه كما ينتقي اطايب الثمر.
اننا نحتاج الى رئيس حكومة يعرف كيف يدير مجموعة الوزراء بحيث يشعر كل وزير بقيمته ويتحمل تصرفاته ويرفع الحرج عن رئيسه الذي سيتحمل المسؤولية السياسية منفردا اذا تدخل في عمل الوزراء.
اننا نتمنى ان نشاهد رئيس وزراء لا يرعبه السؤال البرلماني ولا ترهبه جعجعة بعض نواب الحناجر.. يدخل قاعة عبدالله السالم وهو يعرف ماذا يريد وكيف يحقق ما يريد.. يدير فريقه وهو جالس على مقعده لا يكلف غيره باداء هذه المهمة.
اخيرا نريد رئيس حكومة يأتي للتعاون مع المجلس ونوابه.. لا يصنف النواب هذا وليدنا وهذا خصمنا.. لا يخطط لاضعاف المجلس وتشويه سمعته.. يتمنى أن ينجح المجلس في وظيفته كما يتمنى ان تنجح الحكومة في برنامجها.
عندها فقط ستكون لدينا حكومة قوية متجانسة ومتعاونة مع مجلس قوي.. ونقول كلنا مبروك للوطن.. وهنيئا للمواطن.
مَنْ أسقط الحكومة؟!
تتداول الأوساط الرسمية مقولة ان استجواب وزير الخارجية تسبب في اسقاط الحكومة، نظرا لحساسية الموضوع والمعلومات التي يمكن ان تقال فيه، وبخاصة دور ايران في زعزعة الاوضاع الامنية في دول الخليج، وعلاقة ذلك ببعض الرموز المرتبطة ايديولوجيا بإيران الثورة!!
وسواء كان ذلك صحيحا او مبالغا فيه، فأنا اعتقد ان ما قيل في هذا الموضوع، وبشكل رسمي من كلا الطرفين، الكويتي والايراني، اكثر مما يمكن ان يقال في الاستجواب المذكور. ناهيك عن ان الحكومة كانت تملك ان تطلب جلسة سرية لهذا الاستجواب، وبالتأكيد سيتحقق لها ذلك!!
اما موضوع تأجيج الطائفية فقطعا لن يكون هذا الاستجواب وقودا لهذا التأجيج والشحن الطائفي الذي يتصاعد كل يوم من خلال ما نقرأ وما نرى وما نشاهد من تصريحات من كلا الطرفين.
ولو كانت الحكومة جادة في وقف هذا الجو المشحون لمنعت ـــ بعلاقاتها الخاصة ـــ هذا الدخيل من تكريس امبراطوريته الاعلامية للنفخ في اتون هذه الفتنة.
اذاً لماذا سقطت الحكومة؟!
الجواب المنطقي لهذا السؤال هو ان المعادلة تحت قبة البرلمان تغيرت!! نعم، فقد كانت الحكومة تملك اغلبية مريحة في هذا المجلس بفضل كتلة التسعة، الاسلامي منهم والليبرالي.. المحجبة والسفور.. المعمم منهم والمغتّر، ولم تواجه الحكومة اي مشكلة في اي استجواب مر عليها، حتى ان رئيس الحكومة تعود على صعود المنصة بأريحية غير مسبوقة. لكن انقلاب كتلة التسعة عليه بشكل مفاجئ وغير متوقع خلط الاوراق و«عفسها»، وجعل اي صعود للمنصة من قبل اي وزير مغامرة ولعباً بالنار، لذلك كان الحل الاكثر امانا هو رحيل الحكومة بكرامتها وتحت عذر حساسية بعض الاستجوابات!
>>>
تؤيد ناصر المحمد رئيساً للحكومة الجديدة ام تعارضه؟ هذا السؤال يطرح هذه الايام بكثرة، وانا اعتقد ان الجواب ليس مهما، فالعبرة ليست في من يتولى رئاسة الحكومة بل في طريقة اختياره للوزراء وفي طريقة ادارته لهم!! هنا مربط الفرس!!
>>>
كلما كاد رئيس نظام دولة عربية ان يسقط أخذ يولول: الاخوان المسلمون وراء هذه المؤامرة!! الاسلاميون يريدون الحكم!! «القاعدة» سيتخذكم قاعدة!! وينسى هذا المسكين ان الشعب لم يعد تنطلي عليه هذه الاكاذيب، وان صورة الاسلاميين مرعبة في مخيلته هو فقط، وان نظرة الشعب لهم نظرة ايجابية. الطريف ان الاستفتاء على الدستور المصري الجديد عارضته معظم القوى السياسية المصرية باستثناء الاخوان المسلمين وبعض القوى الصغيرة، وكانت نتيجة الاستفتاء موافقة اكثر من %76 من الشعب المصري على تعديل الدستور. هذا اول الغيث.
انقلاب على الرئيس
اختلطت الأوراق بتقديم استجوابين جديدين، اضافة الى ثلاثة استجوابات، إما قدمت وإما بالطريق، وذلك بعد الاعلان عنها!!
خلط الأوراق ليس بعد الاستجوابات، فهذا أمر تعودنا عليه في هذا المجلس وهذه الحكومة، لكن الخلط وعلامة الاستفهام من التوقيت ومن مقدمي الاستجواب!! فالنائبان المحترمان اللذان تقدما بالاستجوابين محسوبان على رئيس الحكومة!! بل هما من اكثر المنددين بكثرة الاستجوابات، ومن المطالبين دائما بعدم التأزيم وتهدئة الأمور، لذلك يحق لنا ان نستغرب هذا الانقلاب في المفاهيم والمواقف.
أنا أعتقد أن تفسير ذلك لا يخرج عن أمرين: إما انه تكتيك لحل مجلس الأمة أو حل الحكومة وهذا مستبعد، لأن الرابح الأكبر في هذا المجلس هو الكتلة التي قدمت الاستجوابين وخلطت الأوراق، واما انه انقلاب من الكتلة اياها على رئيس الحكومة عندما جرحت مصالحها الحزبية وانداس على طرف ذيلها!! والدليل ان الاعلان عن الاستجوابين جاء في لحظة غضب، واندفاع في المشاعر تبعه الاعلان عن احد الاستجوابين، وكان النائب الآخر واقفا وسمع ما سمع من صديقه فزايد عليه بالمشاعر المناصرة للطائفة وأعلن استجوابا آخر لوزير آخر!!
لذلك يحق لنا أن نقول إن الاستجوابين الآخرين ودافعهما ما حصل في البحرين ومواقف الحكومة الكويتية والشعب الكويتي مما جرى، لذلك هو استجواب دوافعه طائفية!!
النائب المحترم يعتب على الحكومة، ممثلة بوزير الإعلام، لعدم اسكات تلفزيون البحرين الذي أساء لهذا النائب، ومع رفضنا الشديد لأي اساءة مهما كان مصدرها الى من لا يستحقها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه ونوجهه لهذا النائب: أليس أولى العتب على الوزير نفسه لعدم اسكات بعض وسائل الاعلام الكويتية التي تسيء الى نواب ورموز سياسية يوميا في الكويت؟!
إذا كانت الذريعة انها حرية الرأي وحرية الكلمة، فمن باب أولى ان نتقبل عذر الآخرين حتى لو كان الجهاز حكوميا!! «بعدين انت نائب تمت الاساءة إليك في البحرين روح للبحرين وقدم شكوى وخذ حقك!!»، لكن تستجوب وزير اعلام الكويت لأن تلفزيون البحرين أساء اليك؟! أنت تعلم ان الوزير الكويتي «موقادر على وزارته بالكويت تطلب منه يسيطر على وزارة البحرين؟!» لو كان استجوابك لوزير الاعلام عن سوء ادارته هنا لوجدنا لك عذرا، لكن تطلب منه ما لا يملك ولا سيطرة له عليه فهذا أمر مستغرب!!
وتزعلون اذا قلنا انها فزعة طائفية!! لكن ما أقول «الا الله يعين رئيس الوزراء اللي انقلب على ربعه مع أول هزة» حتى نعرف ان بعض الدوافع فوق كل اعتبار مهما كان ثمن المضحى به!! بالمناسبة.. يا ليت نسمع رأيا واضحا للنائب حسين القلاف، الذي أكرمنا بقذائفه الصاروخية مع كل استجواب يقدم لهذه الحكومة.. شكله متوهق!!
***
وبالمناسبة: في مقالة لي سابقة ذكرت اسم «الشيخ المدمغ»، وقد ذكرت بعض المواقع والمقالات انني اقصد الشيخ حمد صباح الأحمد، «وزايدوا علي باحترام الشيخ»، وللحقيقة لم أكن أعلم من هو الشيخ الذي وصفت تصرفه بأنه «مدمغ» (أي تصرف ينقصه شيء من الحكمة)، وأما وقد تبيّن ان الشيخ المقصود هو الشيخ حمد صباح الأحمد، فأؤكد احترامي للشيخ حمد وتقديري لأسرته الكريمة، على الأقل لم يمارس النذالة.
الحرية المفترى عليها
دول وأنظمة وأحزاب وجماعات ومؤسسات وأفراد تتباهى بدعمها للحرية، حرية الكلمة وحرية الرأي وحرية التعبير!!
هذه الادعاءات أثبت الواقع كذبها، وان الحرية التي يعرفونها ويطالبون بها هي الحرية التي تتفق مع مصالحهم وتأتي على مقاسهم، أما ما عداها فهو خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، أو أنه ثوابت لا يجوز التعدي عليها!!
ولنبدأ بالمجتمع الغربي الذي يدعم سقوط أنظمة في العالم الثالث، بحجة دعمه للحريات العامة والديموقراطية، فها هي فرنسا قبلة الحريات ونموذجها تذبح الحرية الشخصية بحجة العلمانية التي تتبناها كدستور عندما تمنع المرأة الفرنسية من لبس النقاب، وتضيّق على المحجبات في رزقهن ولقمة عيشهن!! وليت الأمر توقف عند فرنسا بل تبعتها ألمانيا وبلجيكا والنرويج وعدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الغربي.
أما عندنا في الوطن العربي فحدث ولا حرج!! الأنظمة القومية والتقدمية ما تعرف ربها إلا لما يجيها الموت!! عندما يتحرك المارد الشعبي ويرفع صوته بالله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.. تتسارع قرارات ومراسيم الحرية الاعلامية، وحرية تشكيل الأحزاب، والتعددية، وعدم التجديد لولاية سادسة. واذا جئنا الى الكويت وجدنا العجب العجاب!! أدعياء الحرية وحماتها هم أول من يذبحها ويدوس عليها!! عندما نكتب مقالاً عن شخصية طائفية عاثت في الأرض فساداً وآذت أهل الكويت وحكامها واحرجتهم مع الاشقاء واثبتت الأجهزة الأمنية ارتباطها بالخارج.. عندما تتحدث عن هكذا نموذج يتم التضييق عليك بحجة قانونية المقال!! وعندما يكتب زميل لك عن ملك دولة شقيقة بالنقد ويتهمه بالفساد يعتبر هذا شكلاً من أشكال احترام حرية الكلمة!!
عندما يتقدم تيار إسلامي في البرلمان باستجواب لشخصية سياسية في الحكومة يكون الاستجواب طائفياً شخصياً انتقائياً!! وعندما يتقدم تيار آخر باستجواب للشخصية نفسها يكون استجوابا مستحقاً!!
عندما يطالب الإسلاميون بتطبيق قانون اللباس المحتشم في قاعات الدراسة يعتبر هذا تعديا على الحريات الشخصية!! وعندما تتقدم طالبة للدراسة في كلية الطب يرفض طلبها اذا كانت منقبة!! عندما يطالب التيار المحافظ في الكويت بمنع البرامج التي تمتلئ بالمناظر الفاضحة والمخلة بالآداب تقوم القيامة تباكيا على الحرية واحترام الرأي الآخر، وعندما يبدي أحد المشايخ رأيه في قضية عامة في برنامج تلفزيوني يتسابقون ـــ اياهم ـــ بالمطالبة بإخراسه ومنعه من الاستمرار في الحلقة القادمة بحجة أفكاره التي يبثها وفتاواه التي يطلقها!!
بالمناسبة.. بعض المناضلين القدامى والتيار القومي آنذاك وأكثر المطالبين زورا وبهتانا بحرية الكلمة واحترام الرأي الآخر، كتب مقالاً بالأمس يعتبر الجهاد ضد اليهود والمطالبة بتحرير فلسطين خدعة!! ويطالب بمواجهة المتواجدين في ساحة التغيير ويتهمهم بالكذب على الناس في مطالبهم، عش رجبا.. تر عجبا!!
الفدرالية صمام الأمان
لا مكان اليوم للضعفاء..
ما يحدث حولنا لا يمكن ان نتجاهله.. صحيح الكويت غير.. صحيح الكويتيون يحبون حكامهم.. صحيح آل الصباح ما قصروا مع شعوبهم.. لكن لا ننسى أننا الى عهد قريب كانت الكويت اكثر المناطق توتراً بين الحكومة والبرلمان.. ولا ننسى ان الكويت هي أول من بدأ الحشود الجماهيرية والتظاهرات في ساحة الإرادة منذ سنوات عدة، وأخيراً لا ننسى ان ما وصل للبحرين هو في الطريق الينا، فالبحرين أقرب الدول الينا ونحن نشترك معها في كل شيء تقريباً.. فان قيل ان في البحرين طائفة مظلومة وعندها اغلبية، ففي الكويت طائفة مشابهة وتشعر بانها مظلومة وتعتقد بانها تشكل حضورا لا يستهان به!!
ما حدث في البحرين دق ناقوس الخطر عندنا في الكويت وبقية دول الخليج، ويختلف عما حدث في تونس ومصر واليمن..!! في البحرين تحركت طائفة، وشعر الآخرون بارتباطها مع دولة خارجية تؤيدها وتدعمها وتحظى بالولاء لها، بينما ما حدث في مصر وتونس والآن في اليمن وليبيا هو ثورة شعبية بكل طوائف الشعب واطيافه السياسية والاجتماعية.
في مصر وتونس واليمن كانت الاحتجاجات سلمية، بينما في البحرين أغلقوا الشوارع واحتلوا الساحات وتحركوا لقصر الحكم ولبسوا الاكفان واحتلوا المستشفى وضربوا ودهسوا رجال الأمن، ونسمع من يدعي انها تظاهرات سلمية!!
نحن في الكويت نشعر ان المحتجين في البحرين يريدون اسقاط النظام ويعلنون ذلك صراحة.
وما يحدث في البحرين، وتتخوف منه الكويت يسري على بقية دول الخليج!! لذلك نعتقد انه قد حان الوقت لهذه الدول التي لديها هذه التركيبة الاجتماعية الغريبة والتي تجاور دولة طائفية مثل ايران واخرى بالعراق، نقول لهم ان الحل بالاتحاد الفدرالي، الذي يبدأ باتحاد كونفدرالي، وقد كتبنا عنه كثيراً في هذه الزاوية وحان الوقت لتطبيقه.
اذا استمرت دول الخليج في تجاهل وضعها السياسي والاقليمي وظنت انها بدرع الجزيرة تستطيع ان تسخر لها كل الظروف فهي مخطئة، واذا ظنت انها باتفاقياتها الأمنية مع أميركا وبريطانيا تضمن بقاءها فهي ايضاً مخطئة، فها هو النظام المصري والنظام التونسي يسقطان من اول ضربة مع انهما ربيبا هذه الدول العظمى!! فما حك ظهرك مثل ظفرك.
وما زال الخلل مستمراً
الإعلان المفاجئ عن ثلاثة استجوابات جديدة، الذي بثته وسائل الاعلام بالأمس، والصادر عن التكتل الوطني والتكتل الشعبي والتكتل الشيعي، هذا الإعلان يدل على ان خللا كبيرا في منظومة العمل البرلماني لم نتوصل الى أسبابه بعد!!
النائب الزلزلة، الذي وقف مع مجموعته ضد الاستجوابات ودعا الى التهدئة للإنجاز واتهم المستجوبين دائما بالتأزيم، يعلن اليوم تأييد 27 نائبا لاستجوابه في هذه المرحلة المبكرة منه!
عرّاب التكتل الشعبي النائب أحمد السعدون فاجأ الجميع بإعلانه استجواب رئيس الحكومة على خلفية بيع «زين» السعودية ووجود تنفيع بالملايين في هذه الصفقة التي لم تتم الا منذ ساعات قليلة، بل ان اجراءاتها لم تتم بعد، ولكن سمعنا ان قراراً قد تم اعتماده لبيعها!
التكتل الوطني أعاد بالأمس اسطوانة استجواب الرياضة المقدم لوزير الإسكان، وهي اسطوانة نسمعها منذ سنتين تقريبا، أي منذ بداية هذا الفصل التشريعي، وكأنها اشاعة تقوى وتضعف حسب طبيعة العلاقة بين أعضاء التكتل والوزير المستجوب!!
أنا لست ضد الاستجوابات، بل أؤيدها بقوة ان كان هناك ما يبررها، لكنني أكون ضدها بقوة ان كانت الأسباب ظنية ولم ترق ــ عند المستجوب على الأقل ــ الى مرحلة القطعية أو التأكيد!! لأنه لو كل نائب سمع عن تهمة أو شبهة على وزير سارع وقدم استجوابا لاستمرت البلاد في دوامات دائمة وليل مظلم لا نهاية له!!
اذاً هناك خلل ما في الممارسة سواء من الحكومة أو من المجلس، واذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نبحث في أسباب هذا الخلل ونحاول ان نعالجه حتى نضع حدا لهذا الصداع الذي يشكو منه الجميع؟
فان اكتشفنا ان العلة في سمو رئيس الوزراء وقدراته وامكاناته وطريقة ادارته بادرنا الى المطالبة بتغييره!! وان كانت العلة في اللائحة الداخلية التي تجعل أسهل شيء يقوم به النائب هو تقديم استجواب لوزير يشل من خلاله البلاد ويجعلها تقف على رجل واحدة، عالجنا هذه اللائحة، وان كانت العلة في اداء النائب وتكسبه السياسي على حساب المصلحة العامة، أوجدنا طريقة يفهم بها الناس حقيقة هذه المتاجرة باسم الدفاع عن حقوق المواطن وحقوق الوطن!
بدلا من ان ننتقد أو نؤيد كل استجواب على حدة.. «خلونا» نناقش أسباب هذا الخلل ونضع يدنا على الجرح ليسهل علاجه. ما يحدث اليوم هو ان كل واحد فينا يبني موقفه من الاستجواب وفقا لقرب تيار النائب المستجوب منه أو وفقا لعلاقته بالوزير المستجوب!! وهنا تضيع الطاسة، ويستمر مسلسل الخلل في العلاقة بين السلطتين.
لكن السؤال: ماذا لو كان الخلل من وسائل الاعلام التي تتناول مواضيع الاستجوابات بالتلميع «اذا ما حبتك عيني»، أو بالتشويه «اذا كنت مو من الربع»؟!
هنا يكون المواطن حائرا.. والوطن ضائعا.. وما زال الخلل مستمرا!!
«البدون».. والحرمان المستمر
مشكلتنا اننا لا نتحرك لحل مشاكلنا إلا اذا «انقرصنا» وبدأت النار تحرق اطرافنا!!
هذا ما يحدث فعلاً على مستوى الدول والأفراد سواء بسواء.
الحكام ما ينتبهون الى تفاقم مشاكلهم الا لما يثور الناس ويواجهون الدبابات بصدورهم العارية!! عندها فقط تظهر القرارات الحكيمة، والوظائف الشاغرة، والشقق الخالية، وتبدأ حملة مكافحة الفساد، وضمانات الانتخابات النزيهة، وتقليص صلاحيات وزير الداخلية!! ومع الاسف ان هذه الخطوات لا تأتي الا بعد ان يصير الفاس بالراس ويبدأ الناس يرفعون سقف مطالبهم الى «الشعب يريد اسقاط النظام»!! هذه حال عدد غير قليل من الدول العربية مع الاسف.
عندنا في الكويت الامر يختلف بعض الشيء، فالشعب لم ولن يرفع لافتة «اسقاط النظام» لدواعي الاستقرار وضرورياته، لكن خذ مثلا قضية البدون!!
تركنا هالمشكلة تتفاقم حتى صعب حلها!! وبعد الغزو قلنا تقلص العدد، وخرج الناس ورجعوا الى ديارهم، وكان الوقت افضل ما يكون للحل، ولكن شكلنا لجنة ركزت على تغيير اسم «البدون»، وتركت المشكلة تتفاقم الى ان رجعت الى وضع ما قبل الغزو ان لم تكن اكثر تعقيداً!!
اليوم الفرصة مواتية لحل المشكلة.. صحيح اصحاب القضية لم يرحبوا بوجود صالح الفضالة على رأس هذا الجهاز، وزاد تشاؤمهم عندما طرحت اسماء معاونيه، لكن ما يصح الا الصحيح، وها هو ابو يوسف يثبت عكس ما توقعنا منه، ويخطو خطوة جادة قد تكون مدخلاً لحل جذري، لكن الحكومات عودتنا انها تعطل الحلول وتعقدها، لذلك اصبح استحقاقا اليوم، وليس غداً، ان يبدأ تنفيذ الحقوق المدنية المعلن عنها، فهذه ستحل %80 من المشكلة، كما ان هذا الحل الجزئي مقبول عند الجميع ما دام الامر لم يتطرق الى الجنسية، وهو ما يخاف منه الطرف المعارض. إن منح الحقوق المدنية يعني ان «البدون» له معظم الحقوق باستثناء الحق السياسي (وأنا متأكد انه عايفه من الحين)، وحق السكن وهذا مقدور عليه إن سمحت له ان يكسب عيشا بعرق جبينه، لكن الخوف ان «ينط» بعض الملكيين، الذين هم اكثر من الملك، ليعلنوا الويل والثبور وعظائم الامور ان طبقت الحكومة هذه القرارات الانسانية، او يتدخل هؤلاء لتقليص حقيقة هذه الحقوق حتى تصبح ماصخة وعدمها ووجودها سواء!!
اصرار الحكومة على ان تصدر هذه الحقوق بقرارات ادارية يجعل الخوف من التلاعب فيها امرا واردا، خصوصاً ان من سيتولى الاشراف على تنفيذها هم من كان سبب منعها عنهم طوال السنوات العشرين الماضية، وسيكون القيد الأمني الذي افتراه هؤلاء على معظم البدون سببا وعذراً لحرمانهم من هذه الحقوق، وبالتالي سيكون عندنا «بدون» لهم حقوق مدنية وهم قلة قليلة و«بدون» من دون صج بحق وحقيق وهم الاغلبية ونرجع الى مربع «ـــ1» فلا طبنا ولا غدا شرنا.
شيعة الكويت.. جزء من هذا التراب
الشيعة في الكويت جزء من هذا المجتمع، حالهم حال أهل السنة، شاركوا في بنائه وساهموا في الدفاع عن ترابه، لذلك هم طيف من أطياف هذا النسيج الاجتماعي، ولقد عاشوا مع اخوانهم السنة من دون أي تمييز ومن دون أن يشعروا بأي ضيم، واستمر الوضع كذلك الى ان قامت الثورة الإيرانية وأعلن الخميني تصدير الثورة الى الخليج، عندها أخذ الحماس بعض شباب هذه الطائفة وبدأ يطرح استياءه من الأوضاع في الكويت، وحتى يبرر نيته بالتفاعل مع نداء تصدير الثورة أعلن عن تشكيل تنظيمات وفروع لتنظيمات شيعية إقليمية في الكويت، وبدأت تصدر بيانات الظلم وغياب العدالة التي يعانيها أبناء هذه الطائفة، الى ان جاء مجلس 1999 عندما بدأ كل من صالح عاشور وحسين القلاف الطرح الطائفي الواضح بالمطالبة بالحقوق المسلوبة للطائفة.
ولأن السنة هنا يؤمنون بأن هذه الطائفة جزء من المجتمع لها ما للآخرين وعليها ما عليهم، فلم تكن هناك معارضة لهذا الطرح، بل بدأ التعاطف مع بعض هذه المطالب، وفعلا تفاعلت الحكومة مع بعض مطالبهم فزادت من مراكز التنصيب القيادية لهم، وخصصت لهم محاكم جعفرية وزادت من عدد الوزراء الشيعة… إلخ من المطالب المعقولة.
ولكن للأسف لم تقف الأمور عند هذا الحد، فسقف المطالب ارتفع، وفرز المجتمع أصبح واضحا، وبدلا من نائبين يتحدثان عن حقوقهم المهضومة، بدأ أكثر هؤلاء النواب يتعاملون وفقا لهذا الفرز، فعندما تدخلت القوات الخاصة بالضرب والسحل في حادثة ديوان الحربش كان موقف هؤلاء «يستاهلون.. ليش خالفوا ولي الأمر»، وعندما تظاهر المحتجون في البحرين طالبوا ــ بصوت واحد ــ حاكم البحرين بمراعاة مطالبهم والاستماع الى آرائهم وتنفيذها!!
ليس عيبا التعاطف مع طائفتك، لكن لا نجعل من هذا الواقع مجالا للمناكفة، واقصاء كل منا للآخر، اليوم يُقام اعتصام في ساحة الارادة، ليس للسنة فقط، ولم تتم الدعوة له تحت أي شعار طائفي أو فئوي، بل دعي اليه الجميع ومن الجميع، ولكننا فوجئنا بما يسمى تجمع ثوابت الشيعة ليهدد الحكومة بعمل ما اذا سمحت لهذا التجمع بالانعقاد، وانهم، أي هذا التجمع الطائفي، سيتقدمون بمطالبهم الطائفية في اعتصامهم المقبل!! شيعة الكويت أعقل من ان يتصرفوا هكذا.. وشيعة الكويت أكبر من ممارسة هذا الأسلوب الابتزازي، لذلك اتمنى ألا تكون مطالب الشيعة في الكويت شماعة للفرز الطائفي أو سببا لإقصاء كل منا للآخر، اذا عندكم مجانين عندنا ايضا مجانين، واذا عندكم متطرفون نحن ايضا نتفوق عليكم بهم.. لكن كل واحد يأخذ حقه وفقا للأسس القانونية وبالأسلوب الذي يوقف هذا الفرز البغيض والتقسيم المتشرذم.
• • •
• لفتة كريمة
صج من قال: الليبرالي عندنا ما يطيح إلا واقف!! نبارك للدكتور علي الطراح تعيينه مندوبا للكويت في اليونيسكو بعدما لم يتم اختياره ضمن المرشحين لمنصب مدير الجامعة. ونبارك لعدنان شهاب الدين منصب مدير مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.. والحبل عالجرار.