دأب خصوم التيار الإسلامي منذ 1976 على تكرار كذبة تحالف الإسلاميين مع الحكومة وترتيب الصفقات الواحدة تلو الأخرى، حتى صدّقوا كذبتهم، مع أن الذي يملك قليلاً من الإنصاف وشيئاً من الحكمة يدرك هذا الافتراء وأبعاده ومقاصده.
الدكتور أحمد الخطيب كان رمزاً للشيوعيين في الخمسينات والستينات، ثم رمزاً للقومية العربية في السبعينات، وبعد سقوطها حافظ على اشتراكيته، وعندما انهارت الاشتراكية في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات حافظ على وطنيته وأصبح يمثل التيار الوطني إلى اليوم، بعد أن أصبح تمثيله للشيوعية والاشتراكية والقومية «عارا» على صاحبه وماضياً لا يشرف المنتمين إليه!
ما لفت نظري أن أحمد الخطيب وجماعته، الذين أوجدوا كذبة تحالف التيار الإسلامي مع الحكومة في السبعينات، هم أنفسهم مع حلفائهم الجدد الذين يكررون اليوم الكذبة إياها نفسها من دون خجل من تحالفهم المكشوف في صفقات مكشوفة منذ ثلاثين عاماً.
في مطلع الثمانينات، وعندما شارك التيار الإسلامي لأول مرة في الانتخابات، واختاره الناس الذين أسقطوا تيار الشعارات الفارغة والأكاذيب المكشوفة، صرخ هذا التيار المتهالك: إنه تحالف الحكومة مع الإسلاميين. ووصموا المجلس في 1981 بـ «المجلس البصام». ويشاء الله أن يفضح أكاذيبهم، وتتقدم الحكومة بمشروعها لتنقيح الدستور، لكنها فوجئت بأن من أسموهم زوراً بحلفائها يتسببون في إفشال مشروعها عندما طرحوا نموذجاً جديداً للمعارضة.
في مجلس 1992 اتفقت القوى السياسية، التي نجحت في الانتخابات، على ألا تتسلم وزارة التربية أو الإعلام، وأن تترك هاتين الوزارتين للمستقلين نأيا بهما عن الخلافات، وفعلاً عندما عُر.ضت «التربية» على د. إسماعيل الشطي (ممثل الحركة الدستورية الإسلامية في ذلك الوقت) رفضها التزاماً باتفاق القوى السياسية، لكن عندما عُر.ضت على ممثل المنبر الديموقراطي آنذاك د. أحمد الربعي ـــ يرحمه الله ـــ بادر الى الموافقة في صدمة لجميع أعضاء مجلس الأمة، الذين كانوا مجتمعين حينها في ديوان العم عباس مناور.
تحالف التيار الليبرالي مع الحكومة واضح للعيان ومكشوف، فكل مواقف هذا التيار منذ التحرير إلى اليوم متناسقة ومتفقة مع الحكومة، بينما معظم مواقف التيار الإسلامي، وفقا للتصويت على مشاريع القوانين في مجالس الأمة المتعاقبة، كانت تتعارض مع مواقف الحكومة.
الصورة انعكست منذ نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات الى اليوم، فبينما كانت المناطق الداخلية هي مناطق المعارضة السياسية للحكومة والمناطق الخارجية هي مناطق الموالاة، نجد أن معظم المعارضة السياسية اليوم تنتجها المناطق الخارجية، وأرجو ألا يقول قائل إن الحكومة صارت «سنعه» و«زينه» فأيدتها معارضة الداخل، لأن الحكومة اليوم في حال لا تُحسد عليه.
الناس وعوا وعرفوا أن «الصج يبقى والتصنف جهالة»، وجماعة التحالف والمنبر الى اليوم في غيّهم وضلالهم وما زالوا يكررون كذبتهم الكبرى منذ السبعينات، وتناسوا أن مصداقيتهم عند العامة تقارب درجة التجمّد، ولعل مواقف التحالف وكتلتهم في مجلس الأمة خلال الأسابيع الماضية وبيان المنبر والتحالف تأكيد لما ذكرته في هذا المقال.. قد تخدع الناس بعض الوقت لكنك لن تخدعهم كل الوقت.
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
أمنيات لم تتحقق
تقول عمشة بنت مطلق، التي تعمل ممرضة في المستشفى الأميري، إنها دونت أمنيات بعض كبار السن الذين قامت بالإشراف على علاجهم أثناء تواجدهم في المستشفى، والذين تحسروا على انقضاء سنين العمر من دون تحقيقها، ومنها:
الأول.. تمنى لو انه استغل شبابه في عمل الخير ومساعدة المحتاجين والتطوع في الأعمال الخيرية التي تتيحها اليوم اللجان الخيرية المنتشرة في البلاد، حيث انه من جيل الثلاثينات، ولم يكن المجال متاحا كما هو اليوم، حيث كان البحث عن الرزق همّ الناس في ذلك الوقت.
الثاني.. تمنى لو انه استغل صحته وعافيته في طاعة الله والإكثار من الحج والعمرة والصلاة مع المسلمين في المساجد بدلا من الشعور بالكسل واهمال الجماعة وعدم دخول المسجد الا يوم الجمعة.
والثالث.. تمنى لو انه استغل الفراغ الكبير الذي كان يعانيه في قراءة الكتب الدينية ومعرفة أحكام الدين في شؤون الحياة بدلا من الاستماع الى آراء آثار الحكيم في الحجاب وفتاوى «الدين يسر ما هو عسر» التي ضللت الناس وجعلت الدين مائعا كميوعة اللبن الخاثر!
أما الرابع فتمنى لو انه استغل الوفرة المالية التي كانت متوافرة لديه قبل سنوات عدة قبل ان يخسرها في اللهو ويضيعها في العبث، وتمنى لو انه تصدق على الفقراء وطهرها بالزكاة ودعم بها المشاريع الإسلامية التي تنفذها الجمعيات الإسلامية الكويتية في مناطق فقراء المسلمين، يقول لو فعلت ذلك لوجدت كل ما أنفقت في ميزاني غدا عندما ألقى الله عز وجل عاريا، لكنني الآن لا أملك شيئا وقد اكتوي بتلك الأموال التي بعثرتها.
ويقول الخامس: أتمنى لو يمد الله في عمري لأصحح مسيرتي، فقد كنت أصدق ما يقولونه عن الجماعات الإسلامية من انهم يرتبطون بتنظيمات خارجية ويتم تمويلهم من هناك، وكنت أقرأ لكتاب كل همهم تشويه عمل الخير وتضليل الناس بكتاباتهم عن مسيرة المتدينين، حتى انني سرت معهم في النهج نفسه، وجاءهم من اذاي ما جاءهم، وساهمت في تشويه صورتهم مع انني كنت أعلم انهم غير ذلك، لكنه الحقد الذي أعمى البصر والبصيرة.
عزيزي القارئ، هذه أمنيات كهول وشيبان لم يتبق لهم من العمر الا القليل، اذا اراد الله، ان لم يكن معظمهم غادرنا الى لقاء ربه ليقف بين يديه متجردا من كل الأسلحة الا ما قدم «وان ليس للإنسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى». وقال صلى الله عليه وسلم «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك».
فهل من عاقل يتدارك الأمر اليوم قبل فوات الأوان «ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين» صدق الله العظيم.
الشخصانية
انتهى آخر استجوابات الرئيس في دور الانعقاد الحالي، الذي سينتهي هو الآخر نهاية هذا الأسبوع لنبدأ إجازة صيفية حارة وقصيرة، حيث سيحل علينا شهر رمضان الكريم في منتصفها، ورمضان حلاته في الديرة إذا كنت ممن يرغبون في استشعار الصوم وعادات الصوم وطبايع أهل الكويت.
ولكن ماذا بعد الاستجواب الأخير؟
استطاع رئيس الحكومة أن يثبت سعة صدره بالممارسة الديموقراطية ويتحمل ما قيل وما يقال وما قد يقال من تعنيف وتوبيخ ونقد لاذع وغير لاذع واتهامات في ذمته المالية واستغلال النفوذ.. الخ من اتهامات تقبلها بطريقة يحسد عليها وغير مسبوقة، مع انني شخصيا ما زلت اعتقد ان ادارته للحكومة سبب مشاكلنا اليوم.
المهم على الطرف الآخر الآن ان يتقبل ما آلت اليه الأمور وانه مارس دوره بالكامل من دون تضييق و«بيض الله وجهه»!! وقد حان الوقت ليرفع ملاحقة رئيس الحكومة من أجندته انتظارا لحكم المحكمة الدستورية المقبل مع بداية دور الانعقاد التالي. كل خوفنا أن يشعر الناس أن مساءلة سمو الرئيس أضحت شخصية وليست إصلاحية! كل خوفنا ان يكفر الناس بالممارسة الديموقراطية عندما يتابعون كيف يمارس النواب صلاحياتهم. لذلك حان الوقت للتفرغ لإصلاح الأوضاع الخربانة ـــ وما أكثرها ـــ وإقناع ولي الأمر ان هذا الخراب سببه سوء الإدارة. هنا سيمارس ولي الأمر صلاحياته لتحقيق ما تصبون اليه بدلا من أن يمارس معكم أسلوب العناد وتكسير الروس.
أثبتوا يا نواب الأمة حرصكم ـــ وانتم كذلك بلا شك ـــ على إنجاز الإصلاحات الموعودة، وبيّنوا ان أساس المشكلة في الأداء الحكومي وانتم ما قصرتم في التشريع الإصلاحي، واثبتوا أن الشق عود، عندها لن يلومكم أحد اذا استجوبتم الرئيس، لكن أن تبدأوا مشواركم من أول يوم باستجواب وتختموا آخر يوم باستجواب فهذا أمر أصبح طوق نجاة للحكومة لتواجه به الشعب كدليل على الشخصانية.
• • •
(ثورة الجمعة)…
المتظاهرون يهتفون: الله أكبر.. الله أكبر.
المتظاهرات.. نساء محجبات ومنقبات.
التظاهرات.. تبدأ من المساجد في يوم الجمعة المبارك.
المُتظاهَر ضده.. أنظمة عربية فاسدة وإرهابية أذاقت شعوبها الذل والهوان طوال عقود من الزمن.
إنها العودة الى الله.. شئتم أم أبيتم!!
حصاد السنين .. ويبقى الإسلام شامخاً
عظمة هذا الدين انه من عند الله..
وعظمة هذا الدين انه خاتم الأديان.. وأكملها.. وأتمها.. وأصلحها للعباد.
ودليل هذه العظمة انه منذ أربعة عشر قرناً.. وكل يوم تتأكد صلاحية هذه العقيدة وكمالها.. وكلما اكتشف العلم حقيقة قاطعة وجدناها في القرآن، منذ ذلك الوقت البعيد كانوا أعراباً.. حفاة عراة.. لا يعرفون غير السلب والنهب وتسود فيهم شريعة الغاب.. فأكرمهم الله بالإسلام.. وحدد الحقوق والواجبات الفردية والجماعية.. ونظم العلاقات الإنسانية والاجتماعية.. فأصبحوا بنعمة الله اخوانا.. فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
وكانوا ضعافا اذلاء.. تغزوهم الفرس وتسلبهم الروم وتذلهم.. حتى أصبح المناذرة حاشية للفرس والغساسنة حاشية وحماة للروم، وعندما انتصر العرب في ذي قار سجلها التاريخ لندرة المعارك التي ينتصر فيها العرب قبل الإسلام، ولما جاء الإسلام أعزهم الله.. وأصبح الروم إذا سمعوا بجيش المسلمين تحرك من المدينة يرتعبون ويعلنون استسلامهم قبل وصول الجيش لما رأوا من بأسه وقوته، («نصرت بالرعب مسيرة شهر» حديث شريف).
لقد أسس محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ نظاما شرعيا قانونيا.. وحدد الأطر الرئيسية لنظام اقتصادي فريد.. وأعطى للنفس البشرية قيمتها («من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».. صدق الله العظيم). وأصّل للعلاقات الاجتماعية («المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله»، «وبحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم»، «ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»). ولما استمر الخلفاء يحكمون بشرع الله ويطبقونه.. فتحت لهم الأمصار ودانت لهم الأرض بشرقها وغربها وتطور العلم والبحث العلمي بشكل كبير، لكنهم عندما تركوا ذلك وانغمسوا بالشهوات والملذات وأصبحوا (تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) انطبق عليهم قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فصدوا عن الله.. وصد الله عنهم.. ورجعوا كما كانوا قبل أربعة عشر قرنا شتاتا هنا وهناك.. بعضهم ولاؤه للغرب.. وبعضهم ولاؤه للشرق.. وبعضهم ولاؤه لشهواته.. وأصبح الدين تهمة.. والتدين شبهة.. والعمل الخيري جناية.. فنشأ التطرف بكل اتجاهاته.. واختلط الحابل بالنابل.. والتبس الأمر على جيل هذا اليوم ولم يعد يعرف الحق من الباطل.. واستغل دعاة التطرف الليبرالي هذا الظرف فأخذوا يطعنون بأصول الدين ومفاهيمه، ولم يوضحوا للناس ان العلة ليست في الدين بل في ترك الناس لتعاليم الدين.. وكثرت الشبهات وانتشر عبدة الدينار في كل مجال وتشوه العمل الخيري وتشوه الدعاة وما زال البعض يحاول تشويه الدين.. لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. والحمد لله انتبه الناس الى ما آلت اليه أحوالهم وهاهم يعودون الى الله من جديد وهاهم يرفعون الراية الإسلامية بعد ان هجروها.. وها هي «الجمعة» تحيي في النفوس معاني العزة وتعيد للعقل كرامته.
هل يكون الوزير مظلوماً؟
أحالت لجنة التحقيق في مشاريع طوارئ الكهرباء ثلاثة وزراء الى المحكمة الخاصة بالوزراء، هذا إجراء طبيعي ما دام اتبعت فيه وسائل طبيعية وإجراءات عادية، لكن ما يهمني في هذه المقالة هو إحالة المهندس محمد العليم وزير النفط وزير الكهرباء السابق الى هذه المحكمة من قبل تلك اللجنة البرلمانية، التي شكلها مجلس الأمة للبحث عن الحقيقة في اتهامات بشراء مولدات كهرباء سكراب وتحت ذريعة خطة الطوارئ لصيف 2007!
فكيف للجنة تحقيق تبحث عن الحقيقة وتتحراها توجه اتهاما لشخص من دون أن تطلبه أو تسمع منه وجهة نظره في ما توافر للجنة من معلومات؟!
أنا شخصيا استنكرت هذه الإحالة العرجاء، وبحثت شخصيا في الموضوع علّ وعسى أن أصل الى شيء، ويا لهول ما توصلت اليه! معلومات كثيرة لم تصل الى اللجنة لأنها لو وصلت وأصدرت اللجنة حكمها بإحالة الوزير العليم للمحكمة فستكون مصداقية اللجنة تحت المحك!
جاء محمد العليم الى الوزارة في نهاية مارس 2007، وكانت الوزارة قد انتهت في 2006 من وضع آلية لاعتماد مشاريع الطوارئ، وهذه الآلية تم اعتمادها من جميع الجهات الرقابية. وقد تم توقيع معظم مشاريع الطوارئ قبل مجيء العليم الذي أدرك فقط ثلاثة مشاريع (عقود) تم توقيعها وفقا للآلية خلال الستين يوما الأولى من توليه الوزارة. ولكن السؤال ماذا حدث خلال هذه الفترة التي سبقت اعتماد عقود طوارئ 2007؟! لقد تم بالضبط ما يلي:
ــ وافق القطاع الفني على العروض الفنية المقدمة وأصدر توصياته.
ــ وافق القطاع المالي بعد التدقيق على التوصيات.
ــ أحيلت العروض للجنة المناقصات للتدقيق واعتماد الممارسة المطابقة للمواصفات والشروط.
ــ تحال الممارسة المعتمدة من لجنة المناقصات الى ديوان المحاسبة للتدقيق والاعتماد والموافقة.
ــ بعد موافقة هذه الجهات يحال العقد بصيغته الى ادارة الفتوى والتشريع لاعتماده بشكل نهائي.
ــ بعد كل هذه الموافقات واعتمادها من وكيل الوزارة يعتمدها الوزير.
السؤال الآن: إذا كان الوزير نفذ فعليا كل هذه الإجراءات قبل الموافقة، فهل تلحقه ملامة أو مساءلة؟
للعلم، فقد تبين لي أن هذه المولدات الكهربائية تعمل اليوم بكل طاقتها الانتاجية وليس كما ادّعى البعض بانها سكراب!
ختاماً، أرجو أن اسمع نقاشا ونقدا موضوعيين لما كتبته، وألا نركز على انتماء الوزير المعني وكاتب المقال الى التنظيم السياسي نفسه، ونعلق عليه تاركين العقل والضمير يطرقان الأبواب فلا يفتح لهما.
يطالب بالنظام وعينه على الشهوة!
بعض أبناء الإسلام ـــ مثل قلة من الزملاء الذين يكتبون في الصحافة المحلية ـــ يتمنى لو أنه لم يولد مسلماً! أو أنه لا يمت إلى هذا الدين بصلة! وهذا ليس تجنياً عليهم بقدر ما هو استنتاج مما يكتبه هؤلاء في زواياهم من مقالات تفوح منها رائحة الحسرة على الانتماء إلى هذا الدين!
كيف لا وهم يُحَمّلون كل مشاكل هذا الكون على الاسلام والمسلمين؟ ألم يكتب أحدهم عن مشاكل طبقة الأوزون ويرجع أسبابها إلى ما أسماه التخلف الفكري المسيطر على أذهان المتزمتين؟!
ألم يقل آخر إن ظاهرة انتشار الغبار بسبب انتشار اللحى في الشوارع؟!
ألم يكتب أحد هؤلاء المخبولين عن توقف قطار التنمية وتعطل المشاريع بسبب كتلة التنمية والاصلاح؟ أما قرأتم ما ذكره أحدهم من أن وجود كويتيين فقراء بسبب انتشار اللجان الخيرية في الكويت؟!
ألم يرددوا كثيرا ان من أسباب كساد الاقتصاد وضعف الموارد تحريم الخمور ومنع النوادي الليلية؟! حتى أن أحدهم تساءل: ليش تجيكم الناس اذا كل هذا ممنوع؟!
أشعر وأنا أقرأ لهؤلاء أن في صدورهم كتمة وضيقاً نتيجة وجودهم في هذا المجتمع المحافظ، والذي لو أمعنا النظر فيه جيدا لوجدناه مجتمعا منفتحا للاخر لولا قلة من المبادئ والموروث ما زلنا نتشبث بها.
ولأن ضيقة الخلق التي يعيشونها تجيب الذبحة الصدرية وتصلب الشرايين، فأقول لهؤلاء ناصحاً إن أفضل علاج لهذا المرض النفسي الذي يعانون منه هو أن يرجعوا بقلوبهم الى الله ويطلبوا ما عنده من خير ونعيم فهو الباقي والدائم وما يشاهدونه من مظاهر المتعة والوناسة في ديار الغرب هو صورة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فالذي يعيش في الغرب ويسبر أغواره يجد ويكتشف أنه مجتمع معقد مليء بالرعب النفسي والشقاء والتشتت الذهني.
مشكلة بني جلدتنا هؤلاء أنهم يرون النظام والبساطة والشفافية وعدم التفرقة على أنها السمة الغالبة على هذه المجتمعات، ونقول قد يكون هذا صحيحاً، لكن كل ذلك مما دعا إليه الإسلام، ولكن لم يلتزم به المسلمون، فالعلة فينا وليس في انتمائنا. كذلك لا بد من الاشارة الى ان هَمّ بني جلدتنا وغاية مرادهم هما الوناسة والمتعة ولو كانت محرمة!
لذلك معظم مطالباتهم بالتحلل من الضوابط الشرعية والسلوك الاخلاقي الملتزم، وما يهمهم بعد ذلك طبيعة الأنظمة التي تحكمهم، وهذا قصر نظر وبعد عن الواقع.
فرقوا بين ما فيه المسلمون اليوم من تخلف وفساد مالي وسلوكي وبين ما يجب ان يكونوا عليه وفقا لمبادئ الإسلام، وفرقوا بين ما في الغرب من مظاهر ايجابية في السلوك العام والإدارة العامة وبين ما تطالبون انتم به من استيراد التحلل والانفلات الأخلاقي.
قال تعالى: «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين» (آل عمران ـ الآية 85).
جعلوني شريطياً!
كل الشعوب والحكومات تكرم الشهداء وترعى اسرهم وتقدم لهم كل ما يريدونه وتعطيهم الاولوية من دون منّة وتعالٍ إلا في الكويت.. وانا هنا اتحدث عن الشهداء «البدون» وليس الكويتيين، فمكتب الشهيد، الذي انشئ بهدف تكريم الشهداء واسرهم، كان عليهم اشد ممن قتل اباءهم، فمسؤولوه في ابراج عالية يعطون من يشاؤون ويمنعون عمن يشاؤون! والشهيد عندهم مجرد تصنيفات تبدأ بالجهاد وتنتهي بالواجب، ست مراتب ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
هذه رسالة وصلتني من المهندس الكيميائي عبدالعزيز الشمري، وانا اعرف ان له اختا طبيبة وعددا من الاخوة اقلهم يحمل شهادة جامعية، يقول عبدالعزيز: «انا ابن شهيد واجب من شهداء وزارة الداخلية، قضى نحبه اثناء ادائه الواجب في حادث دورية عسكرية في أمن المنشآت، وهو يحمل الكويت في قلبه وعلى صدره، واسمه معتمد في مكتب الشهيد على الترميز السادس، اي انه شهيد بالاسم فقط، من دون خدمات، وان قدموا لنا الخدمات يقولوا لنا جملتهم المشهورة: «نحن يجب الا نقدم لكم هذه الخدمات ولكنها مساعدة منا لكم». مشكورين يا من تمنون علينا شهادة ابينا.
واما انا فابن شهيد «بدون» لم أرَ تكريما في حياتي من مسؤول او من شرطي مرور، فالكل يعاملني كمتهم، لاني «بدون»، وانا احمل شهادة الهندسة الكيميائية من جامعة الكويت منذ اربعة عشر عاما، ولم اعمل يوما كمهندس، بل حاليا ادرس الماجستير في حراج السيارات، فهو المكان الوحيد الذي يحترم «البدون» ويراعي ظروفه، وهكذا جعلوني شريطيا.
ملاحظة مهمة: انا «بدون» من عرب احصاء 65، ووالدي شهيد معتمد في مكتب الشهيد، اريد وظيفة كريمة تناسب مؤهلاتي، اسد بها جوع اطفالي، واريد وطنا يكرم ابي، واريد مسؤولا يخاف من الله اكثر من خوفه من الفئة التي تحارب «البدون»، يسمح لي بمقابلته وشرح معاناتي امامه».. انتهى.
ومنا الى الشيخ جابر المبارك الصباح، صاحب القلب الكبير، والاب الرحوم، الذي عليه يعقد الامل بعد الله عز وجل في تخفيف معاناة عبدالعزيز هذا وأمثاله.
أذكر بعد التحرير، اي قبل عشرين عاما، كانوا يقولون «لا تعطون «البدون» خدمات بل ضيقوا عليهم علشان يطلعون جوازاتهم او يرحلون»! واليوم بعد كل هذه المدة يطلع علينا من يتكلم عن الحقوق المدنية لـ«البدون» وما هي الا إبر تخدير لمزيد من المعاناة.. واتمنى من احد النواب ان يوجه سؤالا عن عدد شهادات الميلاد التي صدرت لـ«البدون» بعد هذا الاعلان!.. وعن عقود الزواج التي تم توثيقها، لنعرف مدى التضليل الذي يمارس ضد هذه الفئة! انه الحسد والنظرة الضيقة للحياة التي يحتضنها هذا البعض.. انه الخوف من ان يشاطرنا لقمتنا اناس غرباء لم نعرفهم الا منذ اربعين او خمسين سنة فقط! انه والله المرض الذي اعمى قلوبنا واصابها في مقتل.. نسأل الله العفو والمغفرة.
لا علاقة للتنمية بالتوتر
ألا يمكن أن تسير أمور البلد بشكل طبيعي مع وجود هذا التأزيم في العلاقة بين السلطتين؟!
ما دخل وكيل وزارة خدمات ووكلاء وزارته ومديريه في المشاكل القائمة بين النواب والحكومة؟! لماذا كلما صرخ مسلم تعطلت الخدمات؟ ما علاقة تهديد فيصل المسلم واستجواب ابورمية بتسهيل معاملات المواطنين وأداء موظف جالس في مكتبه في مجمع الوزارات؟! لماذا نعول كل مشاكلنا وتخلفنا على العلاقة بين السلطتين؟
ما علاقة تنفيذ قانون الشركات المساهمة الجديد بهوشة الصواغ وعدنان المطوع؟ ما علاقة تنفيذ جسر جابر بإحالة استجواب الفهد إلى التشريعية؟ ما علاقة إنشاء تسعة مستشفيات تم الانتهاء من مناقصاتها بموضوع المحكمة الدستورية ونظرها في استجواب المحمد؟!
كل دول العالم فيها من التوتر بين السلطتين أكثر مما لدينا، ومع هذا لم يتعللوا بما تعللنا به من أسباب تعطل عجلة التنمية؟!
الذي عطل عجلة التنمية يا سادة هو الكسل وسوء الإدارة وانتظار الفرص المناسبة للنهش والهبش وليس له أي علاقة بما يجري في ساحة الإرادة أو قاعة مجلس الأمة؟!
صحيح «ما حد راضي» عن تردي العلاقة بين المجلس والحكومة، لكن لا أجد مبررا لتعليق تخلفنا على شماعة هذا التردي.
أحمد الفهد
يعجبني في الشيخ أحمد الفهد شخصيته وقوة ارادته وعزيمته، لكن مذكرته التي تبناها في اعتبار الاستجواب غير دستوري لا يمكن أن تكون معتمدة من عقلية مثل عقليته!! فالطالب في الثانوي يدرك من أول اطلاع على هذه المذكرة انها كتبت بعيدا عن المهنية وأصول اللعبة. فقد كتبها واحد قال للشيخ «انت عاوز ايه يا فندم؟» ثم كتبها!!
ولا أريد ان أكرر ما ذكره الزميل عبداللطيف الدعيج في نقده للمذكرة بالأمس، لكن أقول للشيخ أحمد ان هذه الخطوة مو منك ولا هي من أسلوبك اللي اعتقد اني أكثر واحد اعرفه وأكثر واحد عانى منه في التسعينات ومطلع القرن الجديد.
محور جديد لاستجواب الصحة
قال لي صديق:
قادني قدري الى ان اجري فحوصات طبية في احد المراكز الصحية التابعة لمنطقة الصباح الصحية، وأثناء الفحص سألت الممرضة، وكانت من الجنسية الهندية، عن طريقة قدومها للعمل في الكويت، فكان الجواب الصدمة: تعهدت بدفع 2500 د.ك. للوسيط كي يتم اختياري ضمن القادمات إلى الكويت! طبعا لم أصدق ما قالت، فبادرتها بهذا السؤال المحرج والمفحم: وكيف أمكن لممرضة لا تعمل ان تدبر هذا المبلغ الكبير؟ فكان جوابها أنها وقعت على تعهد بخصم مبلغ مائة دينار شهرياً من راتبها في الكويت للوكيل المتعهد! وبعد البحث والتقصي تبين لي ما يلي:
منذ أن تأسست الوزارة إلى ما قبل سنتين أو أقل والوزارة تستقدم ممرضات من خارج الكويت ومن السوق المحلي، خصوصا ممن لديهن خبرة في القطاع الخاص الكويتي، ولكن أخيراً صدرت توجيهات بعدم استقدام عمالة من السوق المحلي! بل ان الاستقدام الخارجي يجب ان ينحصر في الهند فقط!
وإذا عرف السبب بطل العجب! يقال ـــ والعهدة على الراوي ـــ ان وكيل الاستقدام من الخارج له علاقة مباشرة بأحد المسؤولين في وزارة الصحة، لذلك منع الاستقدام المحلي.
الغريب ان هذا الموضوع طرح على وزير الصحة فأيد وجهة نظر المسؤول بحصر الاستقدام من الخارج!
هل تعلم عزيزي القارئ الفرق بين التوظيف المحلي والتوظيف الخارجي للممرضات؟
التوظيف الخارجي تتحمل الوزارة تكاليف: تذاكرها ـــ سكنها ـــ نقلها ـــ طعامها وشرابها ـــ ملابسها.
التوظيف المحلي: توفر الدولة كل ذلك، حيث تتحمله الممرضة نفسها التي يتم تعيينها بالراتب نفسه؟! بمعنى ان الوزارة في حال التعيين المحلي توفر 500 د.ك. شهرياً عن كل ممرضة، فكيف إذا كانت تستقدم ممرضات بالآلاف سنويا؟!
«الذيب ما يهرول عبث».. قد تكون قراراتنا بريئة في ظاهرها.. وتنطلق من المصلحة العامة في شكلها.. لكن المشكلة في هالمصلحة العامة اللي كل يتعلق فيها.. فتذبح البراءة والنية الطيبة بسكين المصلحة العامة.
أتمنى من الأخ وزير الصحة المبادرة إلى تصحيح هذا الوضع الفاضح المشين، قبل أن يدرج كأحد محاور استجواب ينوي بعض النواب تقديمه إليه، عندها أعلم جيدا ان العناد والمكابرة سيكونان سيدي الموقف.
• • •
• كلمة أخيرة.. نبارك للشعب الكويتي سلامة سمو الأمير، كما نهنئ معالي النائب الأول وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك على عودته سالما الى ارض الوطن. حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
حصاد السنين الصمت المريب
لم يعد مقبولاً هذا الصمت المطبق تجاه الأحداث في سوريا من قبل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. فما يحدث هناك مجزرة وحشية بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى. ولئن كان البعض يرى في نظام الأسد رمزا للصمود، فقد حان الوقت كي يترك هذه النظرة، التي ليس لها رصيد من الواقع، جانبا، وينظر إلى الأمر من منظور انساني بحت. فهذه الجموع البشرية التي انتفضت في مختلف المدن والمحافظات السورية لا يمكن ان يوجهها حزب واحد أو تنظيم بعينه أو جماعة محرضة، بل هذه الآلاف المؤلفة من البشر حركتها مشاعر الظلم والقهر، واشتركت في ما بينها بالشعور بالمهانة وقسوة الحياة عليها، لذلك نقول لمن يرى في نظام الأسد نفعا ان الوقوف مع الشعب أنفع لك اليوم فقد يأتي نظام مخلص للأمة العربية ومنحاز للأمم الإسلامية والقضايا القومية لها أولوية عنده، نقول لحزب الله في لبنان، ادعم مطالب الشعب السوري فهو الذي سيدعم غدا كل غيور على أمته وكل محب لتحرير أرضه. كما نقول للجارة إيران، حان الوقت لتظهري للعالم كله وللعرب بشكل خاص انحيازك للشعوب المقهورة وليس للأنظمة الظالمة المتجبرة! ونقول لبعض اخواننا هنا في الكويت الذين لم يراعوا مشاعر اخوانهم السوريين الذين سقط اقرباؤهم بالمجازر البشعة لجلاوزة النظام البعثي العلوي، نقول لهم اتقوا الله في اهل السنة والجماعة، فالوقوف مع الظالم بهذا الشكل السافر وغير المبرر له عواقب وخيمة، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
بقي ان نتوجه الى حكام وملوك ورؤساء العرب، ونقول لهم ان النظام السوري كان، وما زال، عنصر أمن وأمان لاسرائيل، فها هي جبهة الجولان ساكنة سكون اهل المقابر منذ قرابة نصف قرن لم تطلق فيها رصاصة واحدة، وها هو نظام حسني مبارك ونظام بن علي سقطا سقوطا مدويا يجب ان يكون درسا لكل الطغاة، وكلنا نذكر موقفكم الطيب والمشرف من ثورة الشعب الليبي، فلماذا هذا الصمت المريب عن النظام السوري الوحشي؟ أليس عيبا ان «تفزع» اوروبا للشعب السوري ونحن ندرك جيدا مدى مصالحها مع بقاء نظام الأسد؟ لكنها القراءة الجيدة للساحة السياسية! بينما نحن ما زلنا نعيش في الوهم.
• • •
• كلمة أخيرة: كلمة شكر وتقدير للسفير الكويتي عادل حيات والدبلوماسي عريفان العريفان على حسن تعاملهما مع الكويتيين في وارسو (بولندا)، حيث انهما يقدمان صورة مشرفة للدبلوماسية الكويتية، وذلك بتعاملهما الراقي مع مصالح الكويتيين هناك وبعلاقاتهما الواسعة مع المسؤولين في تلك الديار، فكل الشكر والتقدير لهما.