مهما نختلف مع النائب المحترم أحمد السعدون، يظل أبو عبدالعزيز رقما لا يمكن تجاوزه، ويظل تاريخه المشرف يشفع له عن كل زلاته وأخطائه التي يحسبها له المراقبون، لكن هذا لا يمنع أن نناقش بهدوء بعضا من أفكاره التي نعتقد أن التوفيق جانبها، والتي تحولت الى قوانين أصدرها مجلس الأمة ووافقت عليها الحكومة وأصبحت شأنا عاما، لذلك تكون مناقشة هذه الأفكار من الأهمية بمكان نظرا لتأثيرها على مسيرة التنمية ومستقبلها.
نبدأ بقانون الــ B.O.T
وهو قانون أصدره مجلس الأمة بدعم وإصرار من النائب السعدون الذي رأى قصورا في النظام السابق نتجت عنه تجاوزات وتعديات خطرة على المال العام، لذلك أصدره بقانون ووضع فيه شروطا ظن أنها تمنع هذه التجاوزات، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟
منذ أن صدر القانون توقفت مشاريع الــ B.O.T، لأن الشروط والضوابط التي وضعت فيه لم تمنع فقط التجاوزات، بل ايضا منعت تنفيذ القانون على الواقع، لأنها ضوابط تتعارض مع روح القانون وهو تشجيع القطاع الخاص للاستثمار، وتلغي أي جدوى اقتصادية منتجة لأي مشروع، وانطبق عليها المثل الكويتي «الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده».
والمثال الثاني.. قانون شركات المشاريع الإسكانية!
فقد صدر القانون بموافقة مجلس الأمة والحكومة التي لم تكن مقتنعة بجدواه، ولكن تحاشيا للصدام مع رئيس اللجنة الاسكانية التي كان وزير الإسكان السابق يجامل أعضاءها كثيرا، وافقت عليه على مضض وصدر القانون وهو غير قابل للتطبيق، والكثير من المختصين يدركون ذلك، ولكن من يجرؤ على الكلام؟! حاولوا تطبيق هذا القانون على أول مشروع وهو البيوت منخفضة التكاليف، فاصطدموا بالواقع، ولم تتقدم ولا شركة للمنافسة، لأن المشروع، وفقا للقانون السعدوني، غير مجد اقتصاديا، وطالب المختصون بتعديل القانون بحيث تتكفل الحكومة بانشاء البنية التحتية وتقوم الشركة الفائزة ببناء بقية المشروع، لكن تهديدات ابو عبدالعزيز بالويل والثبور لمن يجرؤ على التفكير بالتعديل حالت دون إجراء ذلك، وهاهي المشاريع الإسكانية محفوظة بالأدراج عاجزة عن ان ترى النور لأن القانون غير قابل للتطبيق!
ثالثة الأثافي مشروع المصفاة الرابعة!
ونعلم أن مجلس البترول الأعلى في الحكومة السابقة تبنى هذا المشروع، وألغاه نواب التكتل الشعبي بعد حملة شرسة من إحدى الصحف اليومية، وأعلنوا سببين لرفضهم للمشروع: الأول أنه تم إقراره من لجنة مناقصات خاصة بالقطاع النفطي والتي تبنت مبدأ Cost Plus وهذا وضع لم يكن مرضيا للنواب، والثاني أن رقابة ديوان المحاسبة كانت لاحقة! فجاء وزير النفط الحالي وعالج هاتين القضيتين، فجعل لجنة المناقصات المركزية هي التي تقر المشروع بعد أن ألغى نظام Cost Plus، وجعل مراقبة ديوان المحاسبة سابقة! ولكن الأفكار السعدونية كانت بالمرصاد!
فها هي تهديدات ابو عبدالعزيز وتحذيراته للوزير إن لم يصدر قانون بانشاء المصفاة الرابعة عن طريق شركة مساهمة! يعني «بيدفنها» كما دفن المشاريع الإسكانية والتنموية!
نقول لأبو عبدالعزيز: لا نشك بنواياك.. بل لا نشك بوجود قصور في النظام السابق، لكن لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم! إذا كان لا بد من وضع قانون للمشاريع فلتكن قوانين قابلة للتنفيذ، ولا تقول الحرامية لا يريدون تنفيذ القانون، فهذا صحيح، لكن ايضا عندما يكون القانون غير قابل للتنفيذ نعطي هؤلاء الحرامية فرصة للاعتراض.
***
آخر الكلام
مشروع السكة الحديد الذي تم توقيع عقد الاستشارات بشأنه أمس سيكون مصيره مصير سابقه من المشاريع، لأنه وفقا لنظام B.O.T، لذلك سنصرف ثلاثة ملايين دينار على الدراسات الاستشارية، ولكن سيكون المشروع حبيس الأدراج الى أن يرضى بو عبدالعزيز علينا ويوافق على تعديله، ولن نتنبه إلا عندما تسبقنا دول الخليج ونكون آخر من ينفذ المشروع!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
نواب الدائرة الأولى
طوال الأسابيع الماضية والتي كان النظام السوري يمارس خلالها البطش والتنكيل في شعبه الأعزل.. لم نسمع صوتاً لنواب الدائرة الأولى يندد بهذه الجرائم اللا انسانية، بل العكس سمعنا من بعضهم، وبالأخص النائب حسين القلاف، مدحا وثناء للنظام وتحذيرا لوزارة الخارجية من سحب سفيرها من دمشق! بل ان وكيل المراجع ذهب بنفسه للاطمئنان على وضع النظام الطائفي هناك ليعلن من دمشق من دون حياء ولا استحياء أن الأمن مستتب وأن الأوضاع مستقرة!
وعندما زل لسان النائب محمد هايف وطالب بتوجيه سؤال للاستفتاء عن اهدار دم السفير السوري، انتقده الأصدقاء قبل الأعداء.. وتبرأ من تصريحه الصديق قبل العدو.. أقول عندما خرج علينا النائب هايف بهذا التصريح خرج علينا نواب الدائرة الأولى من القمقم وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها انتقادا لتصريح نائب مقهور مما يجري في بلد عربي شقيق!
هؤلاء النواب ثاروا لتصريح طالب بمعرفة فتوى اهدار دم سفير، ولم يحرك مشاعرهم مناظر القتل والبطش اللذين يمارسهما نظام هذا السفير يوميا ضد أبناء شعبه!
انزعج نواب الدائرة الأولى عندما طالب نائب زميل لهم بمعاقبة سوري يمثل النظام، ولم يزعجهم ما يعمله هذا النظام بآلاف السوريين من مجازر يندى له الجبين.
عندي معلومات حصرية ـــ على قول كاتب المعابيج والطرشي ـــ مفادها أن سياسة وزير الخارجية والمنسجمة مع توجهات مجلس التعاون وشعوب الخليج العربي، غير مقبولة عند نواب الدائرة الأولى لأنها تتعارض مع مواقف وسياسات بعض الجيران من الدول الصديقة! لذلك هدد بعض هؤلاء بتقديم استجواب لوزير الخارجية! ويتضح البعد الطائفي في هذه الخطوة، لذلك أدعو نواب كتلة العمل الشعبي أن ينتبهوا الى ظروف الحالة السياسية اذا ما قرروا مساءلة وزير الخارجية من منطلقات تختلف بكل تأكيد عن منطلقات الآخرين.
وقد لاحظت في الآونة الأخيرة تصريحات لبعض هؤلاء النواب يستنكرون حماسنا للشعب السوري ويقارنون ما يحدث له بما حدث للمحتجين في البحرين! وشتان بين هذا وذاك! في البحرين قام المتظاهرون بدهس الشرطة وقتلهم والاستيلاء على المستشفى وعملوا فيه الهوايل، بينما في سوريا الشعب أعزل وتحركاته سلمية والنظام هو الذي يبطش ويقتل ويدهس ويعمل كل الجرائم!
الخلاصة.. مما يجري على الساحة يتضح لنا في الكويت أهمية تلاحمنا أكثر وأكثر في منظومة مجلس التعاون والقفز الى المرحلة التالية.. الكونفدرالية الخليجية.. اذا أردنا أن نحفظ أمننا من العدوان الخارجي ومن الطابور الخامس الداخلي! حفظ الله شعبها من كل مكروه.
سفك دم.. أم طرد سفير؟!
سعدت بحضور التجمع الذي عُقد في ساحة الإرادة يوم الجمعة، والمطالب بطرد سفير النظام السوري في الكويت، وسبب سعادتي أنني وجدت الشعب الكويتي بمعظم أطيافه – باستثناء طيف وكيل المراجع – يشارك في هذا المهرجان الخطابي، الذي عبّر بكل وضوح عن مشاعر أهل الكويت تجاه ما يجري من مذابح ضد أبناء الشعب السوري على يد جلاد حزب البعث بشار أسد!
كان من الضروري أن يرتفع صوت أهل الكويت بعد أن خفت صوت الكويت الدولة والحكومة مراعاة لخواطر الجيران في طهران وقم وبغداد!
كان من الضروري ان يعرف العالم أن شعب الكويت شعب عربيّ أبيّ لا يرضى بالظلم ولا بالقهر ولا بالكبت حتى وان اضطر الى أن يحرج حكومته في هذا الموقف الوطني القومي الإسلامي الإنساني!
كان من الضروري ان تعلم الحكومة أن مراعاتها لنظام متهالك ساقط إنسانيا ليس لها ما يبررها بعد اليوم، وأول ما على الحكومة ان تعمله هو استدعاء سفيرها في دمشق كنوع من التعبير عن الاستياء وكشكل من أشكال الضغط السياس على النظام الدموي، أما طرد السفير البعثي من الكويت فيكفي أن يعرف النظام أن الشعب لا يرحب به، وأنه قد حان الوقت لمغادرته الكويت. البلد الذي يرفض الظلم بكل أشكاله!
لقد ثار بعضنا على الظلم الذي وقع على فئة من «البدون»، الذين حرموا من حق المواطنة، فكيف لا نثور ونحن نشاهد اخواننا العرب والمسلمين يذبّحون ذبح النعاج كل يوم وكل ليلة؟! ومع الأسف، ما زال بعضنا يشعر بأن ما يجري هناك في بلاد الشام لا يعنينا هنا في الكويت! وأذكره بأننا عندما كنا تحت الاحتلال العراقي البعثي كنا نطالب كل دول العالم بالاهتمام بقضيتنا والمشاركة في رفع الظلم عنا!
أعتقد أن استدعاء سفيرنا في دمشق هو أمر مستحق اليوم، ناهيك عن طرد سفيرهم هنا.
* * *
يعذرني أخي النائب محمد هايف ان اقول له إن سؤالك عن شرعية إباحة دم السفير السوري لم يكن موقفا موفّقا، فمهما اختلفنا مع النظام السوري ومهما كان السفير ممثلا للنظام، فان سفك دمه أمر لا محل له في هذا السياق، وسيتم استغلاله للفت النظر عن مذابح النظام وهذا ما حصل مع سماحته وتابعيه.
الصمت المهين!
لم يعد مقبولاً هذا الصمت المريب لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه ما يجري في سوريا، هذه المذابح، التي تجري كل يوم تحت سمع وبصر العالم، جعلت حتى حلفاء النظام البعثي الطائفي الباطني يستنكرونها من فظاعتها وقسوتها! بينما دول مجلس التعاون ما زالت تراعي خواطر «أسد علَيّ وفي الحروب نعامة»! كلنا يعلم أن مواقف حافظ الأسد من غزو العراق للكويت جاءت متفقة مع مصلحته – آنذاك – وإلا فإن من قتل خمسين ألفا من أبناء شعبه عام 1982 لن يتردد في اتخاذ الموقف الذي يتفق مع مصلحته، كما انه لن يتخذ موقفا وفقا لمبدأ أو التزام عهد واحترام ذمة!
دول الكفر كلها صرحت استنكارا لما يجري في ارض الشام، مع علمنا بان النظام السوري يخدم مصالحها أكثر من أي نظام آخر.. حيث التزم (رمز التخاذل والتردي) بعدم اطلاق رصاصة واحدة على اسرائيل طوال فترة حكمه، لذلك فوجئ العالم بظهور هذه الآلة العسكرية الضخمة تحصد أرواح شباب سوريا وأطفالها في مجزرة لم يعهد العالم لها مثيلا الا في حلبجة وحماة عام 1982 ومجزرة البوسنة على يد الصرب!
قد يقول قائل ان الكويت ملتزمة بموقف موحد مع بقية دول مجلس التعاون حتى لا تغرّد خارج سرب التعاون، ونقول فلتبادر الكويت في التحرك لموقف موحد يستنكر – ولو بالقول – ما يحدث في بلاد الشام لعلّ وعسى أن يخفف من تطرف النظام في بطشه وقسوته ضد شعبه!
اننا في الكويت أكثر الشعوب العربية والخليجية ادراكا للظلم واحساسا بقسوته، نتيجة لبطش صدام المقبور وممارساته العدوانية ضد الكويت وأهلها قبل 21 عاما، نحن في الكويت نعرف معنى الأمن اذا فُقد.. ومعنى الخوف اذا حَلّ على البلد.. ومعنى البطش والارهاب اذا مورسا على أحد!
نحن في الكويت نعرف معنى القهر عندما يصدّ عنا الصديق.. ويتناسانا الرفيق.. ولا نسمع الكلمة الطيبة الا ممن كنا نعدهم أعداء الأمة وخصومها.
نحن في الكويت أكثر من يموت كمداً عندما نكون تحت المطرقة ويحكمنا ظالم بالحديد والنار ولا يفهم إلا هذه اللغة.. ثم يأتينا من يتفلسف من أبناء ج.لدتنا لينظّر لنا الحلول السلمية التي لا تزيد الظالم الا اصرارا على ظلمه.. ولا تزيد المظلوم الا احباطا وكمداً.
نتمنى ان يتحرك حكام الخليج اليوم قبل الغد لنصرة شعب مقهور يعيش اقسى لحظاته تحت هدير الدبابات وأزيز الصواريخ! نريد تحركا سياسيا واضحا يطالب الظالم بوقف قتله لشعبه، ولنترك المصالح والتكسب السياسي جانبا، ولنتحلَّ بالمبادئ الإنسانية والإسلامية نصرةً للمظلوم ومنعا للظالم.
***
• شكراً للاخ صالح الفضالة رئيس جهاز معالجة أوضاع «البدون» على رسالته التوضيحية التي بيّن فيها مخططات الجهاز المستقبلية لمعالجة ناجعة لأوضاع هذه الشريحة التي عانت وتعاني الكثير، آملاً أن نقيم هذه المعالجة قريبا لمزيد من الانجازات.
همسة في أذن ابن عمي
عزيزي أبونومس..
لا أعتقد انه يجب النظر الى وظيفة خطيب الجمعة كأي وظيفة حكومية أخرى يلتزم صاحبها بالانصياع التام لأوامر مسؤوليه وينفذ السياسة العامة للدولة ويعبر عن توجهاتها!
قد أطلب ذلك من الوزراء والوكلاء وكل من ينطق باسم الحكومة، كالسفراء ووكالة الانباء الرسمية وغير ذلك من المنابر والمناصب الرسمية! أما خطيب الجمعة فهذه وظيفة شرعية ودعوية قبل ان تكون رسمية خاصة ان معظم من تم ايقافهم لا يتقاضون رواتب من الدولة على أداء خطبة الجمعة! ومتى ما كان الخطيب ملتزماً بتوجهات الدولة وسياساتها الخارجية أصبحت الخطبة مملة ومكررة وفقدت بريقها ولم تعد وسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولو أردنا للخطيب ان يلتزم بسياسة الحكومة فعليه ان يراعي أموراً كثيرة وتدخل المحاباة وتقدير المصالح والمجاملات والنفاق السياسي في خطبته، فهل تسمى هذه خطبة صلاة جمعة؟ اذهب الى مساجد خطباء السلطان – واقصد الخطباء الذين يقرأون خطبة الوزارة من على المنبر – واذهب الى مساجد خطباء يرتجلون خطبهم وفقا لمشاعرهم ورؤاهم ولاحظ الفرق! عند الأول تشعر انك امام موظف يؤدي واجباً وظيفياً.. خطبة بلا روح! وعند الثاني تشعر انك تؤدي عبادة وتستفيد من وقتك، لذلك تجد الحضور هنا بالعشرات وعند الآخر بالآلاف.
عزيزي بونومس..
إيقاف الخطيب عن الخطابة، شكل من أشكال التعسف في العقوبة، ونوع من تكميم الأفواه، ومظهر من مظاهر قمع الرأي الشعبي، خاصة في هذه القضية.. قضية رفع الظلم عن المسلم والدعاء له، وأنا أعلم جيداً انه قرار حكومي قبل ان يصبح قراراً وزارياً، لكنه صار «في وجهك» وأنا متأكد أنك لن تعدم اقناع حكومتك بضرورة العدل عن هذه السياسة التي تراعي فيها حكومتنا طهران اكثر من مراعاتها لدمشق! ولا أظننا في حاجة الى محاباة نظام يتهاوى وفقد شرعيته، ولم يعد يدافع عنه الا وكيل المراجع في الكويت وسمحاته في قم!
الأمل في الله ثم فيك كبير لاعادة النظر بهذا القرار.. وأنا متأكد انك ستسمع من بعض جلسائك من ينفخ بالكير ويحذرك ويزين لك ترهيبا تارة وترغيبا تارة أخرى، لكنك تظل محمد النومس، الذي أعرفه: تفكر بعقلك قبل قلبك، يحفظك المولى ويسدد خطاك.
***
بالأمس، سعد العجمي.. واليوم عثمان الشعلان.. والحبل على الجرار! فهل هذه نهاية تيار أم بداية حركة تصحيحية لتيار ظل لعقود يغرّد خارج سرب توجهات الأمة وعقيدتها؟!
***
أتمنى ونحن نستقبل رمضان ان يرقّق الله قلب الحكومة على «البدون»، الذين لم يجدوا غير بالونات بنصف دينار، للتعبير عن معاناتهم! الله يفرجها عليهم عاجلاً غير آجل.
وصاية أسيل
عندما ضجر الناس من كتلة العمل الوطني بسبب صفقاتها المكشوفة وغير المكشوفة مع الحكومة.. وبدأ الكُتّاب يتحدثون بوضوح عن تاريخ هذا التيار، الذي تميز منذ عقود بعقد مثل هذا النوع من الصفقات مقابل تحالف «شاهر ظاهر» مع الحكومة ومواقفها، أقول عندما ضج الناس من تغليب المصلحة الحزبية أحيانا والاقتصادية احيانا اخرى على المصلحة العامة، انزعج رموز هذا التيار وبدأوا يبحثون عن الأعذار الواهية ويطرحون قضايا عل وعسى أن تشغل الناس عن هذه الفضيحة التي أحرجتهم أمام جمهورهم. أما نحن فلم نستغرب مثل هذه المواقف النفعية والتي حاولوا الصاقها بالتيار الاسلامي منذ عقود من الزمان، ولكن في كل مرة يكشف الله عز وجل زيف اتهامهم ويثبت للناس أنهم أصحاب شعارات فقط لا روح فيها ولا فتات ولا واقع لها، ولعل آخر فضائحهم التصرف الذي تعاملوا فيه مع الكاتب الزميل سعد العجمي، والذي قد نختلف معه في بعض أفكاره، لكننا لا نغلب المصلحة على المبدأ، وهذا ما تعاملت به صحيفة محسوبة على هذا التيار عندما رفضت نشر مقال له فقط لأنه انتقد التيار الوطني وكشف زيفه.
النائبة أسيل العوضي وصفت المطالبين باستمرار منع الاختلاط في الجامعة بأنهم «يريدون أن يكونوا أوصياء على الناس»! وسؤالي بكل بساطة: من هو الذي يريد أن يكون وصيا على الناس هل هو من يطالب باحترام القانون والالتزام بتطبيقه؟ أم من يريد الغاء القانون وفرض واقع جديد على الناس؟!
أنا أعلم جيدا أن صدور هذا القانون قبل سنوات عدة أوقف مشاريع كثيرة للتيار الليبرالي الذي كان ولا يزال مسيطرا على العملية التربوية والتعليمية منذ عقود طويلة وكلها مشاريع تغريبية تلغي أي شكل من أشكال الانتماء الحضاري للأمة وتاريخها وثوابتها التي تفرضها عقيدتها الاسلامية، لذلك لن يهدأ لهم بال حتى يلغوا هذا القانون، وأعتقد أنه قد حان الوقت للتفكير الجدي في تطبيق روح هذا القانون وبنوده المجمدة منذ صدوره حتى لا نعطي فرصة لأسيل وأمثالها ليكونوا أوصياء على الناس!
شكرا لسمو الأمير على تبرعه السخي لاخواننا في الصومال. والشكر موصول للهيئة الخيرية الاسلامية العالمية وقياداتها على ادارة هذه الأزمة باقتدار فهذا هو الدور الحقيقي لهذه الهيئة الرائدة فهي الوجه المشرق للكويت في مختلف بقاع الأرض وهي السفير المشرّف لأهل الكويت في كل ميدان.
بالمناسبة أذكر في التسعينات عندما أردنا انشاء الهيئة بمرسوم في الكويت حاول التيار اياه عرقلة انشائها بحجة أنها ستكون مركزا للارهابيين ولأنها حجج كشفها وتعود عليها نواب الأمة فقد كانت نتيجة التصويت موافقة ستين نائبا واعتراض ثلاثة نواب يمثلون التيار اللي ما عنده شغل غير التشكيك في كل عمل خيري.
الميناء.. وبنك التسليف
أتمنى أن نتعامل بحكمة في موضوع ميناء مبارك الكبير.. وان نتعامل مع رد الفعل العراقي بعيدا عن سياسة تكسير الرؤوس والمناطح والتعالي، ومع يقيني أن موقف الكويت سليم مائة في المائة وحقها واضح في انشاء الميناء بهذا المكان، لكن يجب أن نتفهم التخوف العراقي، الذي تم استغلاله من ذوي النوايا السيئة وبقايا الفكر الصدامي في العراق أسوأ استغلال حتى صوروا للعراقيين أن الكويت عادت لخنق العراق وقتل موارده من جديد.
مهما يكن حقنا في انشاء الميناء واضحا وضوح الشمس، لكننا لا نعدم الحكمة والتعامل بهدوء بعيدا عن الفوقية والتشنج وردود الأفعال، فقد يفتقد الطرف الآخر الحكمة المطلوبة ويتهور بفعل لا نتمناه نحن ولا هو، لذلك أطالب زملائي الكتّاب والأخوة أعضاء مجلس الأمة بأن نترك الخارجية الكويتية تتعامل بالطريقة التي ترى فيها مصلحة البلد، خاصة بعد أن أدركت توجهات الشعب الكويتي ونوابه وأخذت بذلك الدعم المطلوب لاتخاذ الموقف المناسب.
• • •
بنك التسليف
استغرب هجوم بعض نواب الأمة على الحكومة في تعيين مدير عام لبنك التسليف من خارج البنك!! ومع أنني لم أفرح للتعيين الذي تم، لكن اصرار النواب على تعيين نائب المدير العام مديرا عاما يحتاج الى توضيح لأمور قد يجهلها هؤلاء النواب. فوزير الاسكان هو المشرف على أعمال البنك.. والوزير الحالي كان مديرا عاما للبنك قبل توليه المنصب الوزاري وكان بينه وبين نائبه ما صنع الحداد، لدرجة أن النائب اتهم المدير باتهامات أحالها الاخير إلى النيابة، وفي المقابل رفع المدير على نائبه قضايا ادارية وغيرها أحيلت الى المحكمة. وبغض النظر عن الأحكام التي صدرت، فان العلاقة بين الاثنين أصبحت متوترة وغير قابلة لاستمرار الوضع الذي فرض فرضا بحكم المحكمة! لذلك اذا تم تعيين النائب مديرا عاما في عهد هذا الوزير، فهذا يعني أننا «لا طبنا ولا غدا شرنا» وستتم عرقلة العمل من الطرفين وسيكون العناد سيد الموقف، لذلك لم استغرب عدول مجلس الوزراء عن هذا الاختيار لهذه الاسباب، خاصة اذا اضفنا ما تم تداوله من صفقات تمت بين الحكومة وبين احدى الكتل البرلمانية كان هذا المنصب حلقة من حلقات هذه الصفقة!
• • •
• شكرا للأخ صالح السعيدي من جهاز معالجة أوضاع «البدون» على تعليقه الذي أرسله الى القبس حول مقال سابق لي عن القيد الأمني. وأتمنى أن يضع الجهاز حدا لهذه المأساة، لكن الواقع اليوم يقول إنه لا مؤشر ايجابيا في هذا الشأن، بل كل المؤشرات سلبية، وتقول إن هذه المأساة ستستمر بسبب هذا المسمى قيدا أمنيا، لأنه عذر من لا عذر له ومن خلاله سيتم استبعاد من لا نرغب بالحق أو بغيره.. يعني بالمزاج! وهذا ما نتمنى ألا يحدث بعد طول انتظار!
الغرب يغذي «القاعدة»
عندما أراقب مواقف الدول الغربية من بعض قضايا الساعة مثل الثورات العربية ودعمها وتأييدها سياسيا أحيانا وعسكريا أحيانا أخرى أقول ان الدنيا بخير.. وان العالم الغربي رجع الى رشده وأصبح يتعامل مع القضايا وفقا للمبادئ وليس وفقا للمصالح.
لكن سرعان ما يخيب ظني وأنا أرى هذه المبادئ تتكسر كلما كانت القضية الفلسطينية طرفا في الموضوع. خذ مثلا دولة جنوب السودان.. تم الاعتراف فيها من قبل المجتمع الغربي خلال 12 ساعة من اعلان استقلالها، وكلنا يعرف الضرر الذي أصاب اكبر دولة عربية عندما انفصل ثلثها الغني عنها وترك لها الصحراء والأمراض والفقر. وبالمقابل تهدد أميركا السلطة الفلسطينية اذا ما فكرت في التقدم للامم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقا لاتفاقيات السلام!
كنا نظن أن هذا الغرب أخذ درسا واتعظ من نشوء التطرف الاسلامي في العالم العربي نتيجة الكيل الغربي بمكيالين تجاه قضايا العرب وأمة الاسلام. ففي الوقت الذي يدعم أمن اسرائيل ويلغي مبادئ العدالة والانسانية من قاموسه يطالب الغرب الأنظمة باحترام حقوق الانسان ويسمح لاسرائيل بالعربدة كيف ما تشاء في قطاع غزة!
نشأ «القاعدة» وترعرعت مبادئه في هذه الأجواء السياسية التي أوجدتها ممارسة أميركا وأوروبا لسياسات عرجاء برجل واحدة وعوراء بعين واحدة في الشرق الأوسط. وان كانت تظن أنها نجحت في اضعافه والنيل من قدراته، فان استمرار هذه السياسات الخرقاء سيكون الوقود الذي يحيي معاني الجهاد، وفقا لمفاهيم «القاعدة»، في نفوس الشباب اليائس والمحبط.
النتيجة النهائية لمشاهدات عشر سنوات مضت ان السياسة لا مبادئ فيها ولا أخلاق لها وفقا للمفهوم الأميركي الأوروبي.
****
عندما تحصل على جنسية كويتية بالتأسيس وأنت وافد للكويت في عام 1948 ومقطوع من شجرة هنا يحق لنا أن نطالب بسحب الجنسية لأنك حصلت عليها بالتزوير! وهذا ليس له علاقة عندما نتحدث عن حقوق مدنية «للبدون» ونعترض على حرمانهم منها لأن أصولهم عراقية!! فرق واضح لكن تبي من يفهم أو من يحب أن يفهم!!
كيف يفهم المسلم الحياة؟
سُنّة الحياة أن الله يعطيك شيئا ويأخذ منك شيئا آخر. وهذا واضح عندنا في الكويت.. أعطانا النفط.. وأخذ منا الجو الجميل الممتع الهادئ!! والقاعدة الالهية «لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد». وقد أصّل الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قاعدة نفهم من خلالها كيف يدبر الله أمر هذا الكون عندما قال «ان الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب لكنه لا يعطي الآخرة الا لمن يحب» صدق رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال هذه القواعد نفهم شدة المصائب على المسلمين في هذا العالم، كما نلاحظ أن كثيرا من أهل الكفر تصيبهم مصائب مشابهة لا تقل قسوة عما يحدث للمسلمين في ديارهم. كما أن هذه الدوائر الكونية تدور مع الأيام، قال تعالي: «ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس». ودليل ذلك في الأربعينات من القرن الماضي كانت اوروبا تحترق وكذلك شرق آسيا واليابان وكان الأمن يعم معظم بلاد المسلمين! وحتى اليوم نشاهد الكوارث تصيب أميركا (اعصار لويزيانا والمسيسبي وحرائق الغابات في كاليفورنيا) كما تصيب بلاد المسلمين وأفريقيا لكن تظل القاعدة أن الله يعطي نعيم الدنيا للمسلم والكافر للابتلاء ليعلم الله الصادق من الكاذب، لكنه لا يعطي الآخرة الا لمن يحب، ولن يحب الا من يعبده ويوحده ويؤمن به ويحسن طاعته ويجتنب معصيته.
أقول هذا بعد أن قرأت محاولات من غلمان بني علمان لتشويه هذه الحقيقة وللايحاء أن الكافر البعيد عن الله هو المتنعم بالدنيا وهو المحظوظ فيها وأن المسلم هو الشقي التعيس سيئ الحظ! يقول الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وهي كذلك بلا شك، فالدنيا للمؤمن سجن اذا قورنت بما أعده الله له بالآخرة من نعيم وهي للكافر جنة مقارنة بما ينتظره من عذاب، لكن الله عز وجل أمرنا أن نعمل في هذه الدنيا ونجتهد كي تكون سببا لنا لدخول الجنة. هكذا يفهم المسلم وجوده في الحياة. أما البعيد عن الله تعالى والمفتون بالغرب وأسلوب الحياة الغربية، فهو يرى أنه تعيس فقط لأنه مسلم! ويتمنى لو أنه ولد كافرا والعياذ بالله.
***
• انتقل الى رحمة الله تعالى ـــ باذن الله ـــ سبهان الديحاني، وقد عرفناه «حمامة مسجد» لا يترك الفرض الا ويصليه جماعة في المسجد حتى عندما عجز عن المشي وناهز التسعين عاما كان يصلي على دراجته في الصف الأول! مما جعلنا ـــ نحن الأصغر منه بأربعين عاما ـــ نغار ونخجل من أنفسنا لتكاسلنا أحيانا عن الصلاة في المسجد. هكذا يتمنى المسلم أن يكون في خاتمته. رحمه الله وغفر لجميع موتى المسلمين.
القيد الأمني
مصطلح «القيد الأمني» تعرفه جيدا شريحة «البدون»، وقد ظهر هذا المصطلح بعد التحرير مباشرة لتحديد من تعاون مع العدوان العراقي على الكويت، وبالذات من انخرط بالجيش الشعبي العراقي. لكن هذا المصطلح اتسع نطاقه في عهد من تسلم ادارة اللجنة التنفيذية للبدون في منتصف التسعينات من القرن الماضي ليشمل شرائح اخرى مثل من تسلم راتبا او راتبين من عمله اثناء فترة الاحتلال، حتى وان لم يذهب للدوام! وكذلك من وجدوا احد اقاربه مسجلا في كشوف الجيش الشعبي، واخيرا اضيف إليه بند جديد تفتقت عنه ذهنية القائمين على هذه اللجنة المنكوبة، وهو من ثبت لدى اللجنة ان اصوله عراقية!
وأعتقد جازما ان هذه الافكار العقيمة والتي تنتج عنها قرارات جائرة هي السبب في تأخر حل ازمة البدون التي وصلت الى مرحلة الخطر وتنذر بالانفجار في اي لحظة.
بعد التحرير مباشرة طالبنا بإعطاء الحقوق المدنية والانسانية للبدون، ولو بحدها الادنى! وكان رد المسؤولين علينا: لو فعلنا ذلك لما استخرجوا جناسيهم الاصلية! وكانت النتيجة مزيدا من التضييق والحرمان ومزيدا من الاحتقان. اليوم وبعد عشرين عاما يأتون ليتحدثوا عن الحقوق المدنية بعد ان فشلوا في تحقيق مرادهم، لكنهم جعلوا العصا في الدولاب عندما اشترطوا على الاغلبية العودة الى اصولهم واستخراج جوازاتهم العراقية!
هذه العبارة قيلت لعائلتين اعرفهما جيدا عندما ذهب افرادهما لتجديد بطاقاتهم الامنية.
اما الاولى فأسرة شهيد واجب قبل الغزو، ترك اولاده القصّر السبعة في حضن والدتهم التي سهرت عليهم وربطت الليل بالنهار كي ينشأوا نشأة صالحة.. فيتخرج منهم الطبيب والمهندس والجيولوجي وعالم الحاسوب، الابن الاكبر اليوم عمره 45 عاما وكلهم مواليد الكويت، واستشهاد والدهم لم يسعفهم لتجديد بطاقاتهم الامنية، وسجل احد الظالمين من العاملين باللجنة امام اسم العائلة: الاصل عراقي!
يقول الابن المهندس: كنا نتأمل يتصلون فينا في اي لحظة ليخبرونا بقرار منحنا الجنسية الكويتية، لكننا فوجئنا بقرار حرماننا من الحقوق المدنية المزعومة!
عائلة اخرى قدم والدهم للكويت في الثلاثينات وعمل في الاربعينات موظفا في KOC، وفي السبعينات ارادت الشركة ان ترسله دورة في الخارج تقديرا له، فاضطر إلى الذهاب للسفارة العراقية لاستخراج وثيقة سفر مزورة بعد ان دفع مبلغا من المال لموظف بالسفارة. تزوج وانجب اولادا وكبروا وتزوجوا كويتيات وعملوا في الجيش والشرطة وانجبوا اولادا الذين كبروا بدورهم وتزوجوا. وكان لهم دور مميز في حرب التحرير، توفي رب الاسرة وبقي اولاده على رأس عملهم وعندما تقدموا لطلب الحقوق المدنية قيل لهم: انتم عراقيون! استخرجوا جناسيكم الاصلية والا فلا حقوق لكم! قال كبيرهم الذي بلغ 55 عاما لكنني لا اعرف غير الكويت وطنا لي!
لو اردنا ان نطبق بدعة «ارجع لأصلك» لسحبنا الجنسية من ثلث سكان الكويت، وكلنا نعرف المجاميع التي وفدت على الكويت في الخمسينات والستينات وحصلت على الجنسية الاولى. وكلنا يدرك ان اهل الكويت اما من اصول سعودية او ايرانية او عراقية، وكلنا يعرف من تم تجنيسه وهو في العراق لم تطأ قدمه الكويت، وكلنا يعرف من تم تجنيسه لابداعه في الغناء او الرقص.
قانون الجنسية الكويتية يمنح الجنسية للعربي الذي امضى 15 سنة في الكويت دون مغادرتها. فكيف بمن امضى حياته كلها من الميلاد الى اكثر من نصف قرن؟!
القيد الامني سيعيدنا الى المربع الاول.. وقد تدخلت المزاجية والشخصانية فيه، فهل يفعلها السيد صالح الفضالة ويضع حدا للتلاعب فيه؟! حل مشكلة البدون لا يكون بالنظام والمسطرة، بل بالروح الانسانية التي تنظر بعيدا لمصلحة البلد.