مبارك الدويلة

قيادة جديدة للعمل العربي

مع انتهاء الجولة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب المصري يكون عقد الربيع العربي قد اكتمل في شمال افريقيا مع امكانية تأجيل ربيع الجزائر لاحقا، وتكون سيطرة التيار الاسلامي المحافظ ثابتة في تلك الدول، ومن المتوقع والمأمول ان تقود العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه شعوب الامة العربية، وأن تعمل نقلة نوعية في الاداء تعيد من خلاله شيئاً من الكرامة والعزة للأمة العربية، وأن تعيد رسم علاقتها بأميركا والغرب كي تكون مبنية على الاحترام المتبادل لا على التبعية المطلقة، وأن تجبر هذا الغرب على احترام الحقوق العربية وطموحات شعوبها. صحيح أننا لا نريد حروبا ومعارك وأزمات سياسية وحرباً باردة، فنحن ندرك واقعنا وامكاناتنا، بل نريد بناء وتنمية، وتحسينا للأوضاع المعيشية ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، ومحاربة الفساد والعبث بمقدرات الامة، بعد ذلك نكون قادرين على فرض ارادتنا على الاخرين.
أعلم جيدا ان العلمانيين عندنا في الخليج العربي منزعجون من حكم الاسلاميين لهذه الدول، ويدعون بالويل والثبور وعظائم الامور على مستقبل الامة، واقول لهم لقد جربنا الحكم العلماني قرنا من الزمن، حاول فيه فصل الدين عن مظاهر الحياة فكانت النتيجة هذا التخلف الذي تعاني منه الأمة!! خلونا نجرب حكم هؤلاء، فلن يكونوا بأسوأ مما كان.

الشيخ فؤاد الرفاعي وزع منشوراً يدعو فيه الى الفرح والسرور في يوم عاشوراء، وانا لا أعلم شيخاً أو عالما دعا الى الفرح في هذا اليوم. صحيح انه يوم أنقذ الله فيه موسى من فرعون، لكنه يوم قتل فيه ابن بنت رسول الله وسبطه الحسين بن علي رضي الله عنه وعليه، فإن كنا لا نحزن لموت أحد وأقصد تكرار الحزن كل عام، لكن الدعوة الى الفرح فيها استفزاز لا مبرر له، ودعوة الى اثارة الاخرين، لذلك اتمنى ألا يصر الشيخ فؤاد على موقفه وأن يدرك ان الفتنة أشد من القتل.

في مقالتي الاخيرة «تحديات أمام الرئيس المكلف» ظن البعض أنني أتملق لرئيس الحكومة بحثا عن موقع في التشكيل الجديد، ونسي أو تناسى أننا أصدرنا بيانا منذ اليوم الأول لحل الحكومة نعلن فيه رفضنا المشاركة في الحكومة المقبلة، وهي حكومة تصريف العاجل من الأمور.

مبارك الدويلة

تحديات أمام الرئيس المكلف

اختيار الشيخ جابر المبارك لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة الحساسة اختيار موفق ومستحق، فالشيخ المبارك لم يتورط في موضوع الإيداعات المليونية ولم يتورط في علاقات مشبوهة، كما أن لديه علاقات جيدة مع المسؤولين في دول الخليج الشقيقة، وليس لديه علاقات مزعجة مع إيران (أقصد مزعجة لدول مجلس التعاون)، والرئيس المكلف تربطه علاقات مميزة بالكتل البرلمانية المحافظة، مع أنه محسوب على التيار الوطني الليبرالي، لكل هذه الأسباب اعتقد ممكن اعتبار اختيار الشيخ جابر المبارك اختياراً مناسباً. ولكن!
هل هذه الظروف كافية لضمان نجاح الرئيس المكلف في مهمته؟ لا أعتقد ذلك! فأمامه تحديات من الضروري الانتباه إليها وعلاجها علاجاً صحيحاً وجريئاً وسريعاً، ولعل أهمها وأولها اختيار الوزراء الجدد لملء الفراغات الناشئة عن استقالات الوزراء في الحكومة الأخيرة، وكذلك اختيار الحكومة الجديدة بعد الانتخابات المرتقبة في مطلع فبراير 2012، والتحدي الكبير هو أن تطلق يده في الاختيار، ولا تفرض عليه أسماء معينة من قبل أصحاب «الكوتات» من أبناء الأسرة وآخرين. فالمعلوم من تشكيل الحكومات السابقة أن كل فخذ من أسرة الصباح له ممثل في الحكومة، وأن الشيوخ الكبار لهم «كوتة» في التشكيل، بينما المفترض أن يتم اختيار الوزراء من دون تقييد، حتى تكون المحاسبة مستحقة على الرئيس! ويا ليت تنتبه الأسرة الكريمة إلى المتغيرات الكبيرة التي حدثت في العالم أخيراً، وتهتم بترسيخ علاقات متينة مع مكونات الشعب، وتعيد بناء جسور اهتزت أركانها من خلال أحداث كلنا نعرفها.
التحدي الآخر هو معالجة قضية الإيداعات المليونية بشكل شفاف، وأعتقد أن إحالة الموضوع برمته إلى النيابة أحد هذه الحلول، وإن تمكن من أخذ رأي المجلس الحالي قبل حله، لتحديد خارطة طريق لهذا الحل، فهذا أفضل، شريطة ألا يستغل وجود أغلبية حكومية متورطة في تحديد هذه الخارطة!
تحدٍّ ثالث يواجه الرئيس المكلف، وهو إدارة العملية الانتخابية لمجلس أمة جديد، حيث يشترط هنا عدم انحياز أي طرف حكومي لأي مرشح سواء إعلامياً، أو في إنجاز المعاملات، وهي ظاهرة كانت واضحة في السنوات الماضية، ويرتبط بهذا التحدي تحدٍّ آخر وهو قيام بعض أبناء الأسرة بدعم بعض المرشحين مادياً للوصول إلى المجلس الجديد، كي يتم تكوين أغلبية خاصة لهذه الأطراف، ولعلنا نشاهد إدراكا جيداً لواقع جديد تتعامل معه كل الأطراف ينتج عنه رضا وقبول الجميع بنتائج الانتخابات.
تحدٍّ آخر.. وغريب.. وعجيب.. هو علاقته مع بعض نواب الدائرة الأولى! هؤلاء كانوا سنداً ودعماً للرئيس السابق، وكانوا معه على الخير والشر، وكانوا سبباً في تضليله واستمراره في أخطائه حتى طاح في الحفرة! اليوم هؤلاء صبوا غضبهم على النظام والحكومة والمجلس، لأنهم خرجوا من المولد بلا حمص، ولأنهم تفشلوا أمام أهل الكويت، الذين أثبتوا أن الأغلبية الصامتة كانت ضدهم، وأن «كلكهم» مع الأسرة والحكومة كان مكشوفاً! لذلك لن يسكتوا عن الحكومة الجديدة والرئيس الجديد، وسيكون لهم دور مزعج ومقلق، على الرئيس المكلف معالجته.
التحديات كثيرة.. ولا نقول إلا الله يعينه وييسر الأمور له ويسخّر خلقه له.

مبارك الدويلة

من الذي ورّط النظام؟

في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، اشار سمو الامير الى انه لن يحل الحكومة ولن يحل مجلس الامة!
قال سموه ذلك بناء على معطيات ومعلومات تم توفيرها له من اجهزته المختصة، هذه الاجهزة اعطت صورة مخالفة للحقيقة، ورسمت واقعا مغايراً للواقع السياسي والحراك السياسي الذي تعيشه البلاد منذ اشهر عدة من التأزيم.
الاجهزة قللت من دور المعارضة السياسية وامتدادها الشعبي وتأثيرها في الناس، وهوّلت من قوة موقف الحكومة ودعم الشارع الكويتي لها، ولعل اقرب مثال ما صدر من ضيف برنامج «تو الليل»، الذي اذيع بعد حشد ساحة الارادة يوم الاثنين الماضي، والذي شهد خروج كل الكويت بكل اطيافها دعما للمعارضة، ثم يقول الضيف: الاغلبية الصامتة سجلت موقفها في حشد الله يحفظك يا كويت!
اقول انه بعد ان تبين لسموه ضعف موقف الحكومة، وتماسك المعارضة، وتأكد ان اجهزة الدولة المعنية كانت تعطي خلافا للواقع، لم يتردد عندها سموه من اتخاذ الموقف الصحيح، لان سموه لا يفكر كما يفكر الانسان العادي، بل يفكر بمصلحة الكويت العليا مهما كانت تداعيات القرار الذي سيتخذه!
بقي ان نتمنى ع‍لى سموه ان يتفضل بحل مجلس الامة لسبب وجيه، وهو ان الحكومة المقبلة مهما غيّرت من شخص رئيسها، فإن وجود اغلبية لها في البرلمان سيجعلها تمارس نهجاً مشبوهاً! فالاغلبية التي بيدها مشبوهة ومحالة للنيابة بتهم فساد ورشى، لذلك اي قرار مهما كان وفق الاطر الديموقراطية سيكون في نفوس الناس قرارا مشيناً! حل البرلمان يزيل الاحتقان ويقطع الطريق على المؤزمين، ويفضح من يدعي الاصلاح ومن يرعى الفساد.
الاخوة في مكتب مجلس الامة ورطوا انفسهم عندما تخيلوا ان تقديم شكوى الاقتحام سيحرج البعض ويعرقل ممارستهم لدورهم السياسي! وقد قلنا مراراً وتكراراً ان المعارضة السياسية عندها من الادوات ما لا يتوافر لخصومها، وانها متحللة من بعض القيود التي تقيد بعض خصومها، لذلك نجحت المعارضة في قلب الطاولة وجعلت من الشكوى قضية تجتمع حولها كل الكويت في حشد غير مسبوق، قدرته شخصياً بمائة الف كويتي من دون مبالغة!
الاسلاميون.. حجة من لا حجة له! انت ضد الحكومة: اتهمهم انهم مع النظام وداعمون.
انت ضد المعارضة: اتهمهم انهم المحرك الرئيسي للمعارضة ووقودها! هذا حالنا في الكويت منذ سنوات مع خصومنا، يذكروني بزين العابدين، وحسني مبارك، وبشار، عندما قالوا قبل سقوطهم ان الاسلاميين هم وراء الثورات التي تحدث في بلدانهم، في محاولة لتحريك الغرب ضد الثورة، والجميع يعلم ان الاسلاميين جزء من نسيج المجتمع، وان من قام بالثورات هو الشعب بكل فئاته، لكن عندما تستقر الامور ويعطى الشعب حق التعبير والاختيار فإنه بلا شك سيختار تيار الفطرة تيار الدين.
ختاماً.. هناك فئة في المجتمع اعتمد عليها رئيس الحكومة المنحلة واعتمدت عليه، وكادت مواقفها ان توجد شرخا في المجتمع الكويتي الصغير، اتمنى لهذه الفئة ان تكون كويتية اكثر من السابق، وان تضع يدها بيد بقية فئات الشعب الكويتي لإعادة بناء الديرة الخربانة، وان نصرخ جميعا بصوت واحد: كلنا للكويت.. والكويت لنا.

مبارك الدويلة

من يفكر للحكومة؟

كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد استنكروا اقتحام النواب والجمهور لمجلس الأمة، كل وفق رؤيته، فالقوى السياسية استنكرت حرصاً على الممارسة الحقيقية للديموقراطية، بينما غيرها استنكر من باب «ما كذب خبر»، حيث اعتبر هذا الحادث نازلا عليه من السماء ليشفي غليله من حماة المال العام، الذين منعوه من ممارسة مهنته الدائمة.. حلب البقرة وسرقة ما فيها!
إلا أن الحكومة تعاملت مع الحدث بطريقتها الخاصة، فاستغلته لمزيد من التأزيم، وصعّدت الموضوع حتى أصبح التراجع عنه أمراً صعباً، فاعتبرت الحادث جريمة مستنكرة وعملاً إرهابيا وتهديداً لاستقرار المجتمع، فأحالت – بالتعاون مع شركائها – عدداً من المواطنين إلى النيابة العامة، ومن بينهم عدد من الأعضاء، موجهة لهم تهماً تصل عقوبة بعضها في أسوأ الأحوال الى السجن المؤبد.
أنا أتفهم مقاصد الحكومة السياسية، لكن ما هكذا تورد الابل، ولا هكذا تستفيد الحكومة من الحدث، فالطرف الآخر له أسلحته وأدوات المواجهة، وهو طرف ليس ضعيفاً كما تتصور الحكومة، بل يكفيه انه معتمد على قطاعات في المجتمع فاعلة ومؤثرة إذا تحركت، وغاضبة على أداء الحكومة الضعيف، بينما تعتمد الحكومة على أفراد معروف ولاؤهم الدائم للمعازيب على الخير والشر، وتأثيرهم في المجتمع ضعيف ومحدود.
ان إحالة النواب والمواطنين الى النيابة سيتم استغلالها بشكل كبير من المعارضة، وستكون لها ردة فعل سلبية على الحكومة، بينما لو اكتفت الحكومة بالاستنكار لحققت ما تريد من دون مواجهة، ولأصبح الشعب بكل أطيافه يواجه النواب على فعلتهم، لكن المشكلة ان الحكومة لا تعرف كيف تفكر.. ولا تعرف كيف تخطط!
* * *
• الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان إحدى هذه الواجهات التي تطبل للحكومة عندما يكون الطرف الآخر المعارضة السياسية الكويتية! لذلك انتقد مسؤولها في إحدى مقالاته ظاهرة الاقتحام وطالب بتطبيق القانون على المقتحمين! بينما ذكر في تقرير لجمعيته صدر بالأمس بالتزامن مع صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية ما نصه «.. يتوجب على السلطات الأمنية في الكويت التوقف عن ملاحقة النشطاء البحرينيين..»، ويقول في ختام التقرير «ونأمل أن يتحقق للبحرينيين ما يصبون إليه من إصلاح سياسي».
أيهما أولى يا حامي حقوق الإنسان: هذا الكويتي الذي شارك بدخول مبنى مجلس الأمة وقبضوا عليه ورموه في النظارة عدة أيام حتى الآن، أم هذا الذي هدد أمن دولة شقيقة ودهس أتباعه رجال الشرطة وأردوهم قتلى وتظاهروا يطالبون باسقاط النظام؟ أليس أولى ان تتمنى ان يتحقق للمعارضة الكويتية ما تصبو إليه من إصلاح سياسي بدلاً من ان تجعل الدوافع الطائفية تهيمن!

مبارك الدويلة

المخرج

الجميع يبحث عن مخرج لهذه الأزمة..! وكلا الطرفين يسير في خط التصعيد من دون تراجع..!
أنا أفهم وأتفهم عندما تقوم المعارضة بحشد كل امكاناتها وطاقاتها لتحقيق أهدافها الداعية في مجملها إلى تغيير الحكومة وحل المجلس، حيث ان كل الأطراف المشاركة في هذه المعارضة أصدرت بيانات استنكرت فيها دخول قاعة مجلس الأمة – باستثناء النواب الذين رأوا انهم أرغموا على هذا المسلك – لكنهم ركزوا على ما يرونه أساس المشكلة، وهو أسلوب الحكومة في التعاطي مع مجلس الأمة وجلساته، وعندما حاول الطرف الآخر – الحكومة – تشويه اداء المعارضة وتسليط الضوء على حادث الاقتحام، والتباكي على الوطن وعصيان أوامر سموه، كنا نتوقع ان يؤثر ذلك في نفوس المؤيدين للمعارضة ويجعلهم ينسحبون من هذا التأييد، لكن ما حدث في ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي اثبت غير ذلك، حيث تضاعف الحضور عدة مرات وتنوع، وان كان من تأثير للحملة الحكومية، فهي في أسلوب الخطاب للمعارضة الذي خلا من عبارات الاستفزاز، وكذلك اعلان منظمي الحشد ان لا مسيرة بعد الخطاب، وذلك مراعاة لرغبة صاحب السمو، حفظه الله، في تهدئة الأوضاع وحتى لا يعطون للطرف الآخر فرصة للصيد في الماء العكر.
الذي لا يمكن ان أفهمه هو أسلوب الحكومة في حشد مؤيديها! فلو اطلعت على بيانات التأييد للشيخ ناصر المحمد واعلانات الاستنكار للاقتحام وقرأت اسماء موقعيها لادركت ان الحكومة لا تعرف كيف تكسب معاركها بهدوء، لذلك جاءت ردة فعل الشارع سريعة يوم الاثنين!
أنا أعتقد ان العناد كان سيد الموقف!! وسيظل كذلك ان لم نتدراكه بحكمة وعقل، وأرى ان المخرج لهذه الأزمة هو بتطبيق الدستور وصعود رئيس الحكومة للمنصة وتفنيد محاور الاستجواب، خاصة ان وزير الدولة أكد سلامة موقف سموه، فان نجح فالمعارضة أعلنت استقالتها وهذه ستكون خطوة مستحقة ونجري انتخابات تكميلية وكفى الله المؤمنين القتال، لكن الاصرار على العناد والتصعيد غير المبرر للمواقف المناهضة، هو الذي سيتسبب في ضياع البلد وليس المطالبة بتطبيق الدستور!
الاخت رولا دشتي – مؤيدة للحكومة – تسأل عن المقتحمين: من منهم جنسية أولى ومن منهم جنسية ثانية! وتقولون من الذي سيضيع البلد؟!

مبارك الدويلة

«مقتطفات من حقل ألغام»

مهما كانت مبررات من اقتحم مجلس الأمة في يوم الأربعاء الماضي، فلا جدال في ان عمله خطأ، وان ما قام به أفسد عليه مكاسبه وقلل من خسائر خصمه، وأنا شخصياً أحمّل مسؤولية الاقتحام إلى النواب الذين قادوا الجماهير المتعطشة للحراك والغاضبة من الأوضاع، فالنائب الذي كسر بيديه باب قاعة عبدالله السالم وهو يعلم ويشعر بحماس الجماهير من خلفه، كان يعلم كذلك ان السيطرة عليها أمر من سابع المستحيلات، لذلك ضاعت صرخات الحربش والمسلم المطالبة للشباب بالخروج من القاعة هباء منثوراً وسط صيحاتهم ونشوة الانتصار التي اختلجت في صدورهم.
***
إذا كانت حادثة الاقتحام أزعجت التيار الليبرالي في الكويت – وهي بلا شك مزعجة – مما حداه الى الدعوة الى تجمع يوم الثلاثاء المقبل لانقاذ الكويت، فان ما قامت به الحكومة من استمالة لضمائر بعض نواب الأمة وتخريب العمل البرلماني وتفريغ الدستور من محتواه أولى بان نوجه من أجله دعوة لانقاذ ما تبقى من مقومات هذا الوطن.
***
الادعاء بان بين المقتحمين من يحمل جنسية ثانية لاحدى الدول الخليجية المجاورة، او الاتهام الذي وجهه نائب الى هذه الدولة بانها ضجرت من الديموقراطية الكويتية وأرادت تخريب هذه الممارسة، كل ذلك لعب بالنار، ودليل على ان الطرف الحكومي ليست لديه حجة لمعالجة قصور ادائه، ويبرر فشله في مواقفه داخل المجلس باثارة مثل هذه القنابل الصوتية! صحيح ان الاقتحام خطأ لا مبرر له، لكن الخطأ الأكبر ما نسمعه من مؤيدي الحكومة للتكفير عن مواقفهم المتخاذلة في وقوفهم معها.
***
كان أولى بنواب المعارضة الاكتفاء بالاعتصام في ساحة الإرادة وانهاء مهرجانهم بعد انتهاء خطبهم، والعودة الى منازلهم محترمين كما جاؤوا منها محترمين، لكن الغرور والشعور بالعظمة في نفوس بعض نوابنا الأفاضل جعلا نظرتهم الى الأمور قاصرة وتقييمهم للأحداث خاطئا، فجاءت دعوتهم للمسيرة لتقلب النجاح الى فشل والتقدم الى تقهقر، واعطت الخصم ورقة يلعب بها كيفما شاء متى شاء. عندما يشعر الانسان بانه وصل القمة وان صوته اصبح هو المسموع وان الناس رهن اشارته وانه قادر على ان يعمل المستحيل، فهذا بداية السقوط والانحدار.
***
العناد.. وما أدراك ما العناد..؟ ركوب الرأس! هذا والله الذي دمّر البلد وأجّل الاصلاح، فالجميع يعرف حل هذه المشكلة وهذا الاحتقان! لكننا نرفض ان نتنازل عن كبريائنا وان نخطو خطوة نخاف ان يكسب منها من لا يستحق الانتصار! هذا ما يحصل اليوم وهذا سبب استمرار الازمة، لكن الى متى؟ ها هي بعض قيادات المعارضة ممن أعماها الغرور بدأت برفع السقف في خطاباتها وتبعها آخرون.. فماذا ننتظر؟ اليوم الوضع ممكن السيطرة عليه، لكن غدا يفلت الزمام، والخوف ان يأتي وقت نصبح عالة على المجتمع الدولي بدلا من سبب ونموذج لاستقراره.. الله يستر.

مبارك الدويلة

لماذا ساكتون عن مجازر اليمن؟

استغرب تعامل وسائل الإعلام العربية والعالمية مع الحراك الشعبي في اليمن التعيس والتركيز على الاحداث في بقية مناطق الربيع العربي! ما يحدث في اليمن لا يقل فظاعة وبشاعة عما يحدث في بلاد الشام وبقية المناطق! قتل وبطش وتنكيل وملاحقة وتعذيب وتقييد حريات وملاحقة ثوار، كل ذلك يحدث يوميا في تعز وصنعاء وبقية المدن اليمنية.
انا اعتقد ان عدم تسليط الاضواء بشكل كاف على احداث اليمن وجرائم علي عبدالله صالح يعود الى عدة امور؛ اهمها ان الولايات المتحدة تريد منه ان يستكمل ما بدأه من حرب على «القاعدة»، وهي المهمة التي لا يمكن ان ينجزها غيره! أمر آخر وهو أن المعارضة اليمنية تتشكل من عدة أطياف سياسية، وان الحوثيين احد هذه الاطياف، وهذا بلا شك لا يرضي دول الخليج العربي، وبالمقابل يفتح المجال لتعاون اكبر مع الايرانيين! ولعل هذا الامر هو الذي عجل بعودة صالح الى اليمن سريعا بعد ان توقع الجميع انها رحلة ONE WAY أي بلا رجعة الى صنعاء. كما ان بلاد الشام ومصر قريبة من الاراضي المحتلة مما يعطيها أهمية أكبر لكل من يهتم بأمر هذه الاراضي ويهمه امنها واستقرار من فيها، بينما بلاد اليمن بعيدة عن القدس، وما يحدث فيها لن يكون له تأثير مباشر على دولة بني صهيون.
وختاماً.. فاليمن بلد فقير اقتصاديا والتخلف مسيطر عليه منذ عقود طويلة، ورئيسه «خوش ولد» حكمه منذ عدة عقود من دون ان يعطيه أي أهمية تذكر على أي مستوى، يعني كان يسير على خطى أغلب حكام الأمة، وكأن هاجسه قول الشاعر:
«نامي جياع الشعب نامي
حرستك آلهة الطعام»
حتى قيل (تندراً) ان مقرر اللغة العربية في اليمن وردت فيه هذه الأبيات للحفظ:
« يا قوم لا تتكلموا ان الكلام محرّم
ناموا ولا تستيقظوا ما فاز الا النوّم
وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا»
فهل عرفت عزيزي القارئ لماذا ثار شعب اليمن؟ وهل عرفت لماذا لم تتفاعل مع ثورته وسائل الإعلام المحسوبة على الغرب وبعض حكامنا؟
***
لم أعلق على أحداث جلسات مجلس الامة لشعوري بأن ما يحدث الآن هو تحصيل حاصل.. فقد أصبح لزاماً التحرك بسرعة بحل الحكومة أو حل المجلس- وهذا ما لا اتمناه شخصيا – ان كنا نريد ان نحافظ على كيان الدولة ونوقف الانهيار!

مبارك الدويلة

دعوة إلى العقل

اعتقد بانه قد حان الوقت الان لنعقد مؤتمرا وطنيا في الكويت نناقش فيه الخطاب الاعلامي والخطاب السياسي، وكيف يجب ان يكون؟ وما هي حدود المقبول فيه واللامقبول؟ وهل حرية التعبير تعني استباحة اعراض الناس والنهش في لحومهم وهم احياء؟ وهل وجود شبهة على متهم مهما كانت دلائلها قويه تبيح لنا ذبحه بسكين حرية الاعلام؟ بل هل المجرم اذا ثبتت ادانته بحكم المحكمة نشهر فيه بالطالعة والنازلة صباحا ومساء؟
سعدت كثيرا عندما علمت ان قائد معركة ديوان الحربش قد تورط في قضية جديدة، وقلت في نفسي «الله ما يطق بعصا».
وسعدت اكثر عندما شعرت بضغط اعضاء مجلس الامة على وزير الداخلية لوضع حد لهذا الرجل الذي اذى الناس كثيرا! ولكن ساءني جدا اسلوب التشهير غير المبرر بكل من له علاقة بالموضوع بالاسم والصورة من دون ادنى اعتبار لحرمات الناس واعراضهم!
ما ذنب زوجة المتهم؟ ما ذنب ابنته؟ ما ذنب زوج ابنته؟ ما هو شعور زوجة ابنه؟ فليذهب هو، لكن هؤلاء أليسوا بشرا؟ أليس لهم مشاعر واحاسيس مثلنا؟ أليس لهم اصدقاء واصحاب وانساب وابناء عمومة؟ البنت التي ضحك عليها ابليس أليس لها ام صالحة عجزت عن اصلاحها؟ أليس لها اخت مستورة؟
مهما اختلفنا مع المتهم او الجاني او مع خصومنا فلا يجوز لنا ان نفجر في خصومتنا ونتعداها الى غيره! مئات الحالات المشابهة تحدث يوميا في الكويت وفي غير الكويت، ومحاربتها مطلوبة، والضرب بيد من حديد على من يعمل هذه الجرائم امر لازم، لكن الستر اولى، والحكمة مطلوبة في علاج هذه الجرائم، خذ المجرم واحبسه او احجزه او افصله، اعمل كل ما تشاء لعقابه، بس استر عليه! ليس له او لمشاعره، لا وحاشا لله، بل لمن له علاقة به من قريب او بعيد، فالشر، مع الاسف، يعم ولا يخص! وان كان هناك من عتب فعلى بعض صحفنا المحلية وقنواتنا الفضائية، الذين ما كذبوا خبرا، وأخذوا يتناولون الموضوع بالاسم من دون تحفظ! صحيح قد تكون لهذا الاسلوب نتائج ايجابية مثل ردع الاخرين، الذين تسول لهم انفسهم ان يفعلوا فعله، لكن نتائجه السلبية مدمرة! كذلك أعتب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والتغريدات التي اصبح استخدامها السيئ يشوه رسالتها السامية، مع كونها اداة اعلامية مفيدة! حادثة القيادي بالداخلية حادثة واحدة من حوادث عدة كشفت لنا مدى انحدار الخطاب الاعلامي والسياسي بين مكونات المجتمع الكويتي، ونحن في الكويت شطار تحلطم وتشره منذ فترة طويلة! لذلك اعتقد انه قد حان الوقت لعقد مؤتمر وطني لتقويم هذا الخطاب والاستفادة من اجواء الحرية المتاحة، حتى لا يأتي يوم نكفر فيه بحرية الرأي كما بدا بعضنا يكفر بالممارسة الديموقراطية!
***
زيارة معالي الشيخ جابر المبارك للعم عباس المناور في منزله خطوة اسعدتنا كثيرا، وليست غريبة على ابو صباح مثل هذه المواقف الانسانية، التي تدل على تلاحم اسرة الحكم مع الشعب، ولكن هذه النظرة اصبحت اليوم على المحك، بعد ان شعر الشعب ان بعض افراد من الاسرة اصبحوا حلقة من سلسلة التأزيم الذي يعيشه المجتمع الكويتي، لذلك لابد من تدارك الامر قبل ان يصبح خارج نطاق السيطرة.

مبارك الدويلة

أميركا مرة أخرى

عندما نقول ان أميركا بسياستها الخرقاء تساعد على نشوء الارهاب وترسيخه في نفوس الشباب المسلم العربي المحبط من كل ما حوله، نقول ذلك من واقع نعيشه ومشاهدات امامنا، في مقابلة مع التلفزيون التونسي سأل المذيع ضيفه الشيخ راشد الغنوشي، الذي فاز حزبه تواً بانتخابات تأسيسية في تونس: ما تعليقك على تصريح وزيرة الخارجية الأميركية من انها ستراقب الحزب في ادارته للبلاد، لتتأكد من دعمه للحريات والديموقراطية قبل ان تتخذ واشنطن أي قرار بمساندته ودعمه؟! فكان جوابه مفحما لكل باحث عن الحقيقة: لقد كانت أميركا داعماً رئيسياً لنظام زين العابدين بن علي طوال الأربعين سنة الماضية، وكان أكثر الأنظمة القمعية للحريات، ولم نكن نعرف معنى الديموقراطية، وكان أكثر من مارس الدكتاتورية بأبشع أشكالها!
أليس هذا هو الكيل بمكيالين؟ أين المبادئ والثوابت التي تسير عليها السياسة الأميركية راعية الحريات وحامية الديموقراطيات؟!
***
عندما كان البعض يعيب علينا في الكويت كثرة القواعد الأميركية، كنا نقول لهم انها قواعد بعيدة عن المناطق السكنية، وليس للتواجد الأميركي أي أثر في الحياة الاجتماعية واليومية للكويتيين، واننا بالكاد نراهم في الأسواق والشوارع!
ليلة العيد، وأمام سوق الكوت في الفحيحيل، وحوالي الساعة الخامسة مساءً ومع اذان المغرب، وقف أميركي ضخم الجثة ــــ مارينز ما فيها روح وتعال ــــ وقد لف ذراعيه حول خصر فتاة أميركية مثله، وأخذ يقبلها أمام المارة وصوت الاذان يصدح «حي على الصلاة حي على الفلاح»، من دون أي اعتبار لمشاعر الناس أو المكان الذي مارس فيه فضيحته.
لذلك نرجو من المسؤولين عن هذا التواجد الوقح ان يلزموه بالبقاء في حظيرته، حيث فيها ما لذَّ له وطاب، وليفعل خلف الأسوار ما يشاء، ولكن يحق لنا ان نطالبه باحترام عاداتنا وثوابتنا إذا أراد هو احترام وجوده وانسانيته التي فقدها بفعله المشين.
***
عودة الخال عباس مناور بعد غياب طويل اثلجت صدورنا، حيث انه كان وما زال صوت العقل لكثير من السياسيين في زمن غاب فيه العقل وسيطر فيه حب الذات! فالحمد لله على سلامتك يا بومطلق.
***
بالمناسبة أيضاً ومع صدور هذا العدد يبدأ توافد حجاج بيت الله الحرام الى الكويت، فحجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكوراً.

مبارك الدويلة

سياسة خرقاء

ينشر هذا المقال مع اول ايام عيد الاضحى المبارك، الذي بمناسبته نهنئ الاخوة القراء ونبارك لهم عيدهم، ونسأل الله ان يعيده على الأمتين العربية والاسلامية باليمن والقبول ومزيد من التقدم والازدهار، في اجواء من الامن والسلام تساعد المواطن العربي والمسلم ان يشعر بآدميته وإنسانيته، أقول هذا وانا اشاهد العيد تلو العيد يمر على اخواننا واشقائنا في الكثير من البلاد العربية والاسلامية، وهم يعيشون اجواء الخوف والرعب وانتظار زبانية الانظمة تطرق ابوابهم، لتأخذ ابناءهم وتزجهم في السجون من دون محاكمات عادلة، ثم تعيدهم بعد ذلك جثثا مشوهة!
وما دام اننا نلوم الانظمة المسبتدة، فهناك ايضا انظمة تمارس هذا الاستبداد، ولكن تحت مظلة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان! فهذه اميركا بالامس صوتت ضد عضوية فلسطين في مجلس اليونيسكو، وهي منظمة اممية تهتم بشؤون التعليم والثقافة في الدول النامية، وتساعد على تقليل نسبة الامية، وتحارب الجهل في الدول المتخلفة، هكذا يفترض نشاطها، لكن الاميركان حُماة الحريات صوتوا ضد عضوية فلسطين، وليت دعاة العلمانية في بلادنا يعترضون على زج السياسة بالثقافة لدى الاميركان، وليت الاميركان اكتفوا بهذه الجريمة الانسانية التي ليس فيها من احترام الانسان شيء، بل اعلنوا وقف مساعدتهم للمنظمة (%22 من ميزانيتها السنوية) بسبب هذا القرار! انا أتفهم قسراً مراعاة اسرائيل في الخطوة الاولى، لكن ما لا يمكن ان افهمه هو محاربة دول العالم الفقيرة وتعطيل التنمية فيها بسبب فلسطين!
ان كان من تفسير لهذه الظاهرة فهو ان اسرائيل اصبحت تسيطر ليس فقط على السياسة الاميركية، بل حتى على مشاعر الساسة والمثقفين فيها وهواجسهم وهمومهم!.
الغريب ان اميركا هذه تهدد لبنان بالامس ان لم يدفع حصته في ميزانية المحكمة الدولية! أليس هذا استخفافاً بعقول البشر وعدم اكتراث لردات فعلهم؟! ألا تنشئ هذه السياسة الخرقاء تياراً متطرفاً في الدول النامية يصعب ايقافه؟! الا يوجد رجل رشيد في واشنطن يقول: كفى؟!.