لا يمكن لمجلس أمة يتآمر بعض نوابه على الأمة..!! ولا يجوز لممثلي الشعب أن يشرعوا للتضييق على حرية الشعب….! ولا يتوقع احد أن يحرض بعض نواب الشعب وزير الداخلية لضرب الشعب!! ولا يصدق عاقل أن نوابا في البرلمان يستنكرون على الحكومة السماح للشعب بالخروج في مسيرات سلمية للتعبير بشكل حضاري عن مطالبهم المشروعة…!
كل هذا حصل في مجلس الأمة الكويتي..!!!
فقد تقدم عدد من نواب مجلس الصوت الواحد بعدة مقترحات بقوانين تهدف إلى كبت الحريات والتضييق على حرية الكلمة والتوسع في دائرة المحظورات في قضايا الرأي مثل الاقتراح المسمى قانون الغمز واللمز!! وإلغاء القانون الذي يحدد صلاحية المخافر والنيابة في حجز المتهمين، وتشديد العقوبات في بعض الأفعال التي تصاحب الحراك السياسي هذه الأيام وكأن الأمر مقصود به التضييق على تحرك المعارضة السياسية! ولعل آخر أفعالهم المشينة ما طالب به بعضهم وزير الداخلية بإرسال القوات الخاصة إلى «صباح الناصر» لضرب المسيرة السلمية واستنكارهم على الوزير عندما علموا أن الوزارة لن ترسل قوات القمع إلى هناك!! أمر عجيب أن نوابا يفترض فيهم أنهم يمثلون الأمة يطالبون الحكومة بقمع المسيرات السلمية للشعب!
ومن الملاحظ أن نوابا بعينهم في هذا البرلمان غير الشعبي قد أخذوا على عاتقهم العمل ضد الشعب ومكتسباته الدستورية بل انهم تبنوا إثارة كل ما فيه ضرر على المصلحة العامة، ولعل إثارة لون علم الكويت في مباراة كأس الخليج أكبر دليل على تصيدهم للإثارة دون اعتبار لنتائجها على النسيج الاجتماعي، وعندما اعلن سفير الكويت أن الإضاءة ساهمت في تغيير لون العلم كنا نتوقع منهم اعتذارا للشعب على وقاحتهم ولكن «وجه ابن فهره» لاحيا ولا مستحا…! ثم ها هي الجلسة السرية تأتي لتؤكد ما ذهبنا اليه، فما ان خرجت المجموعة نفسها من النواب إلى العلن بعد نهاية الجلسة حتى أرسلوا كذبتهم الوقحة على سمو رئيس الوزراء وتقولوا عليه ما لم يقل عن الإخوان المسلمين متناسين أن حبل الباطل قصير كقصر نظرهم!
ومن عجائب هذا المولود المسخ ان احد النواب الذي يفترض فيه أن يحترم القانون والذي دائماً ما ينتقد نواب الأغلبية بعدم تطبيقهم للقوانين نجده يقف في قاعة عبدالله السالم وفي فمه سيجار كوبي كما نشرت الصحف!! وهو يعلم أن التدخين ممنوع! لكن من يعرف هذا النائب لا يستكثر عليه هذا الفعل الذي يعتبر من الحسنات مقارنة بسجل حافل من الأفعال التي يتعفف القلم عن كتابتها.
هذا هو المجلس الذي ابتلي به أهل الكويت، والأيام حبلى ببلاويه واسقاطاته السيئة على المجتمع، ونسأل الله ألا يأتي اليوم الذي يكمل فيه عامه الأول إلا وقد عادت الأمور إلى نصابها الصحيح، وعاد دستور 62 للتطبيق بشكل سليم، وأصبحنا نشاهد في برلمان الكويت من جاء لها بالأمس ليصبح عضوا في مجلس الامة، أو من تم طرده من عمله بسبب جريمة السكر والعربدة ثم اصبح ممثلا على الأمة، أو من هرب من البلاد بالغزو وفتح مواخير الفساد في بلاد الغرب ثم هو اليوم ممثل لهذه الأمة المنكوبة!!
نريد برلمانا يمثل الشعب بآماله وآلامه ويتحسس مشاكله وما ينفعه! نريد برلمانا يدافع عن المكتسبات والحريات العامة، ويحافظ على النسيج الاجتماعي من التمزق وعلى ثوابت المجتمع وقيمه وأخلاقه! وأتمنى أن يكون التشكيل الجديد للمعارضة والذي تم الإعلان عنه بالأمس مدخلا لتحقيق هذه الأمنيات بإذن الله.
* * *
• ظواهر غريبة جاءتنا متزامنة مع قدوم مجلس الصوت الواحد:
– أصبح نصف الشعب الكويتي محالا إلى النيابة العامة بسبب جرائم متعلقة بالحريات العامة وحرية الكلمة.
– انتشار ظاهرة التخوين في المجتمع.
والله يستر من القادم.
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
حديث الأقزام
عندما يتحدث الناس في الكويت عن «الاخوان» فهم يقصدون الحركة الدستورية الاسلامية، وكما ذكرت سابقا أننا لا ننزعج من هذا الربط بسبب العوامل التاريخية والارث الفكري. واليوم الاخوان المسلمون اصبحوا يحكمون عدة دول وصار التقرب منهم غاية الكثيرين وان كنا دائماً نؤكد أننا لا نرتبط تنظيميا بهم ولا بغيرهم. لذلك استغل بعض الأقزام هذا التأكيد ليطعن يوميا بالاخوان المسلمين قاصدا الحركة الدستورية الاسلامية! ونحن نتقبل الانتقاد، هكذا علمنا ديننا، (لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها) لكن انتقاد الرجال!! وليس تخرصات الأقزام وأكاذيبهم! ولعل اقرب مثال ما تناولته بعض وسائل الاعلام أخيراً نقلا عن سمو رئيس مجلس الوزراء في الجلسة السرية(!!) من انه ذكر أن الاخوان بالكويت متورطون بالخلية الارهابية الاماراتية!! وتسابق البعض لترديد هذه المقولة من دون التثبت من صحة نقلها أو عدالة راويها! وعندما تحققنا من الخبر من مصدره وجدنا انه تم تحريفه والزيادة عليه بشكل فج وقبيح!! فأصل الخبر أن عددا من نواب التهريج والتلفيق سألوا وزير الداخلية عن ارتباط الاخوان بالكويت بالخلية الارهابية التي أعلنت عنها الامارات أخيراً، لكن وزير الداخلية لم يجب عن هذا السؤال، فبادر سمو رئيس مجلس الوزراء بالقول ان الامارات أخبرونا بان هناك بالكويت من يمول هذه الخلية لكنهم لم يزودونا لا بأسماء ولا بأرقام!! انتهى! وهذا الكلام سمعناه بشكل يومي من مدير شرطة دبي ضاحي خلفان، بل قال أكثر من ذلك، لكن القزم يظل طول عمره قزما في حديثه وفي نقله وفي تخيلاته وحتى أمنياته!! وعتبنا على بعض الصحف التي روجت لهذه الكذبة المنقولة عن سمو الرئيس وهي تدرك أنها لم تنقل بشكل صحيح، وكيف لا تعرف أنها كذلك وهي التي نقلت أدق التفاصيل عما دار في الجلسة السرية؟!
ان البعض استمرأ الكذب لانه لا أخلاق تردعه ولا دين، بل ان البعض يريد من كثرة ترديد بعض الأكاذيب أن يلفت الأنظار عن بعض ما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان في بعض الدول المرتبط بها شعوريا وقلبيا أو حتى مذهبيا أحيانا!! والا فان تاريخ الحركة الاسلامية بالكويت والخليج مشرف منذ الأزل ولا ينكر مواقفهم وقت الشدائد الا جاحد مكابر، ولا أظنني بحاجة الى التدليل على ذلك سواء قبل الغزو الغاشم للكويت أو في اثنائه أو بعده! بل ان التاريخ يسطر بالسواد مواقف بعض هؤلاء الأقزام من نشر الرعب في الكويت أثناء تفجير موكب سمو الشيخ جابر عليه رحمة الله وتفجيرات المنشآت النفطية واختطاف «الجابرية» وآخرها شبكات التجسس التي يتم كل يوم اكتشاف المزيد منها كما لا ننسى سوء السمعة التي التصقت ببعض هؤلاء المطبلين لكل ناعق وباطل بقصد التغطية على سواد الوجه حيث التاريخ الممتلئ بالفاحش من القول والفعل!!
ان السير بمنهج العداء لمكونات المجتمع الكويتي بدءا بقبائله وعوائله ومرورا بقمع شبابه وانتهاء بتخوين تياراته الوطنية لهو منهج خطير! ونستغرب موقف الحكومة التي قد تتعامل بتكتيكات سياسية واجندات انتخابية مع المحرضين ومثيري الفتن من دون أن تفعل قوانين نبذ الكراهية والوحدة الوطنية؟!!
وبالمقابل فانه ليسعدنا تلك المواقف المنصفة التي صدرت من مجاميع سنية وشيعية عاقلة ومخلصة ترفض لغة التخوين وتشهد بما عرفته عن أبناء هذا التيار في الكويت من حب للوطن وترابه.
البعض أيضاً طعن بالاخوان المسلمين من الباب المعاكس!! فاتهمهم بتقاربهم مع ايران وتآمرهم على دول الخليج من هذا التقارب…؟!!
للعلم فقط لمن كان ناسيا أو تناسى أن اول من ترحم على أبي بكر وعمر في طهران هو محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية! وان اول دولة تعقد مؤتمرا لنصرة عرب الأحواز هي مصر محمد مرسي!! فقد عقد بالقاهرة الأسبوع الماضي مؤتمر نصرة العرب الأحواز شارك فيه الشيخ العريفي وعبدالله النفيسي وتحت رعاية مساعد الرئيس المصري، فاتقوا الله في أنفسكم وكفانا انشغالا بأنفسنا، فوالله ما تأخرت الامة الا من هذا الجدل الذي نحن فيه اليوم!! كلما رأينا خيرا حاربناه وكلما شاهدنا ناجحا حسدناه! والله المستعان.
لم يعد لدينا ما نفخر به
كنا في الماضي نفاخر بدستورنا وبرلماننا وممارستنا الديموقراطية عندما نتقابل أو نتحدث مع اشقائنا الخليجيين! خاصة بعد أن سبقونا في التطور العمراني والبيئي، ولم يعد لدينا حينها ما نفتخر به إلا الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وكان المثال الدارج إلى عهد قريب أن الكويتي يستطيع أن يتحدث وينتقد من يشاء كيفما شاء ويرجع لبيته آخر الليل ينام ملء جفنيه من دون الحاجة للتأكد من انه أغلق بابه!
اليوم، الكويتي لا يستطيع أن يتحدث مع نفسه داخل غرفته! فلو فكر بان يمسك «الآيفون» ويعبر عما يختلج في قلبه من آهات وحسرات على الوضع المتردي في بلده من خلال تغريدة فانه سيفكر قبلها ألف مرة في زوار الفجر والمبرقعين والمبرقعات والجرجرة للنيابة، بل والحكم عليه بالسجن سنتين لانه فقط عبر عن رأيه بعبارات قد يكون سوء التعبير حليفه فيها!
في الماضي القريب والقريب جداً كنا نؤكد للغير أن أسرة الصباح هم حكامنا اليوم ودوم كنا نربي أولادنا عليها، وكنا نقول في تحد واضح انك لن تجد كويتيا واحدا يختلف على حكم الصباح! اليوم الوضع بدأ يختلف عما كان عليه! اليوم صار البعض يتحدث عن سوء إدارة حكومية! وعن حكومة ربما تحمي الحرامية والقبيضة! وعن مراسيم وقوانين قد تفقدنا ما كنا نفتخر به أمام الآخرين من حرية واحترام لحقوق الإنسان! اليوم صرنا نتحدث عن أن بعض الرموز في النظام هي السبب في كل المشاكل التي تحدث! بل صرنا نسمع الترحم على الماضي بكل مافيه من إيجابيات وسلبيات!
اعتقد جازما أن السياسة الغريبة التي بدأت السلطة في الكويت تتبعها في تعاملها مع شعبها لن تؤدي إلا إلى مزيد من اتساع الهوة بينهما، ولئن ظنت أنها تطبق بعضا من قرارات القمة الخليجية الأخيرة، فان عليها أن تدرك أنها قرارات جائرة واقل ما فيها أنها تفقد النظام في الكويت ميزته التي كان يتفرد بها عن غيره من الأشقاء والأصدقاء! فاستقرار الأنظمة بمدى قوة العلاقة مع شعوبها واحترامها لآدمية الإنسان فيها، وليس بالسيطرة على مشاعره ومحاسبة أنفاسه! ولئن نجح الحل الأمني في فترة من الزمن فلا يعني هذا انه ناجح في كل الأحوال والأزمنة، والأمثلة على ذلك لا تحتاج إلى تدليل واثبات، لذلك أتمنى من الحكماء في أسرة الخير أن يتداركوا الأمر قبل انفلاته.
* * *
• كان الإخوان المسلمون في معظم دول العالم مغيبين في السجون طوال العقود الماضية بسبب ظلم الأنظمة وقهرها، واليوم بعد أن أنفذ الله سنته في الأرض «وتلك الأيام نداولها بين الناس» وأصبحت الكلمة النهائية للشعوب، تم نقل الإخوان من السجون إلى سدة الحكم بإرادة شعبية واضحة رفعت الظلم عن المظلوم وأودعت الظالم في السجن وهو المكان الذي يليق به!
الغريب أن البعض كان ساكتا عن الأنظمة وبلاويها طوال الفترة السابقة، بل كان لايتحرز من دعمها بالكلمة والثناء عليها، واليوم وبعد أن حكم الإخوان المسلمون بعض الدول أخذوا يترحمون على الأنظمة البائدة ويشنون هجوما مسعورا وغير مسبوق على الحكام الجدد، فقط لأنهم يخالفونهم في الفكر والمنهج! وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل بدأت النخبة الليبرالية عندنا في دول الخليج تحرض أنظمتها ضد أي تيار محسوب على الإخوان المسلمين، ووصل الأمر عند بعض الكتاب، الدخلاء على الثقافة، إلى المطالبة بزجهم في السجون واتهامهم بالخيانة والتحريض على قلب نظام الحكم من دون حياء أو استحياء! وذكرونا بأساليب الأنظمة البائدة القمعية التي كانت تمارس ضد دعاة الحرية وحقوق الإنسان فلم ينفعها ذلك إلا بعدا عن شعوبها وعند اول هزة سقطت كما تتساقط أوراق الشجر.
* * *
• عبدالحميد دشتي ونواف الفزيع ادليا بتصريحات سمعها حتى الأصم! فيها من المساس ما لا تحمله البعارين قياسا على مفهوم الحكومة لمعنى المساس! فهل يطبق عليهما القانون نفسه الذي طبق على عياد وراشد؟!
مصيبة مثقف ليبرالي
مشكلة المثقف الليبرالي أنه يتكلم في كل شيء، لأنه يعتقد أنه يفهم في كل شيء! وأقرب مثال على ذلك زميلنا في الصفحة الأخيرة، الذي يظن أنه أفهم واحد في كل شيء، وأن المنة على الحكومة إذا طلبت استشارته! فتجده يكتب في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، ويوحي لك بأنه الوحيد الفاهم وغيره عالة على المجتمع! ولعل من أواخر شطحاته ما كتبه في الهندسة قبل أيام، وحتى يبين أنه بروفيسور هندسة، اعترض على سماح الحكومة لمهندسي الميكانيك بافتتاح مكاتب هندسية! وتساءل عن علاقة الهندسة الميكانيكية بالعمل في هذا المجال؟! وليبين المزيد من الفهامية، قال إن الكويت اليوم تحتاج إلى المهندس المعماري أكثر من غيره! ولا أعرف من أين جاء بهذا الاستنباط الفهلوي! وماذا ممكن أن يقدم المعماري في مصافي النفط ومراكز التجميع ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتمديد خطوط الماء وتركيب أبراج خطوط الضغط العالي ووووو….. إلخ من الأعمال، التي تحتاج إلى مهندسين في الميكانيك والكهرباء والبترول والهندسة الصناعية وغيرها؟! أليس هؤلاء أهم للكويت من المهندس المعماري؟ أم أن الكويت تحتاج إلى أبراج تجارية وناطحات سحاب أكثر مما ذكرت آنفا؟!
نعود إلى موضوع المكاتب الهندسية لنوضح حقيقة غابت عن زميلنا، وهي أن عمل هذه المكاتب هو إصدار المخططات اللازمة للمباني لترخيصها من الجهات المختصة. وهذا يتم وفقا للآلية التالية:
ــــ المهندس المعماري يعطي الفكرة التصميمية concept.
ــــ المهندس المدني يحول الفكرة إلى كروكيات.
ــــ مهندس الكهرباء يرسم المخطط الكهربائي ويوضح نقاط الكهرباء ويحسب الأحمال الكهربائية.
ــــ مهندس الميكانيك (تخصص التكييف) يرسم مخطط التكييف، موضحا تمديدات مجرى الهواء وسعته وأبعاده وأماكن الفتحات وقوة الأحمال المناسبة لكل جزء من المبنى.
ــــ مهندس الميكانيك (تخصص صحي) يوضح ويرسم التمديدات الصحية وتوصيلها بالمجاري الرئيسية وتوزيع المياه.
ــــ مهندس الميكانيك (تخصص إطفاء) يرسم مخطط الحريق وتوزيع شبكة الإطفاء ومصادرها.
ــــ الرسام المعماري يرسم المخطط وفقا لهذه المعطيات.
ــــ المهندس الإنشائي (مدني) يحسب كميات الحديد والخرسانة وتوزيعها ويرسم مخططاً إنشائياً للمبنى.
بعد ذلك يتم ختم المخطط وتوقيعه وتحويله للبلدية للاعتماد وإصدار الرخصة! (باختصار شديد)! فهل أدركت دور المعماري في أعمال المكاتب الهندسية أيها النابغة؟! لكن بصراحة ما ألومك اللي ما تعترف بشهادة جامعة هارفارد! بس للعلم «هارفارد» ما فيها كلية هندسة!
• • •
• مشكلة التعليم في الكويت أن التيار الليبرالي كان مسيطرا عليه منذ نشأة الكويت كدولة حديثة إلى اليوم! ولعل هذا ما يفسر لنا تخلّف المسألة التعليمية، بل والتربوية في مؤسساتنا؟!
واليوم يتنادى الليبراليون للفزعة لمنصب الأمين العام لجامعة الكويت، وأجبروا مدير عام الجامعة على أن يرشح شخصية ليبرالية، فشل كعميد لأحد المناصب الأكاديمية، منفردا دون سواه، مع أن النظام يتطلب ترشيح ثلاثة يختار الوزير أحدهم أو يرفعهم لمجلس الوزراء! لكن القرار الفردي هذا مدعوم من مستشار في منصب حساس معروف بدعمه لكل التوجهات الليبرالية في الكويت! الآن وزير التربية وزير التعليم العالي أمام اختبار حقيقي، فإما أن يحترم النظام ويلزم المدير بترشيح ثلاثة أو يحترم الضغوط الليبرالية التي ترفض أن تذهب مناصب التعليم لغير التيار!
• • •
• النائبة صفاء الهاشم حذرت وزير النفط من مسؤول «حدسي» في إحدى شركات النفط، عيّن تسعة من المحسوبين عليه مؤخراً في الشركة النفطية! وهنا تذكرت ادعاءها في تصريحات سابقة من أن مبارك الدويله أخذ مناقصة من وزارة الدفاع بقيمة مائة وعشرين مليون دينار كويتي! وعندما تحديتها أن تثبت ذلك صمتت صمت القبور! وهنا أكرر على صاحبة الاكتشافات الخطيرة التحدي أن تعلن أسماء التسعة المحسوبين على المسؤول الحدسي، ومن هو هذا المسؤول حتى تثبت مصداقيتها للمواطنين الذين اعطوها ثقتهم؟! وأنا متأكد ان الطناش هنا سيكون سيد الموقف.
• • •
• آخر طلعات زميلنا حامي حقوق الإنسان في الكويت، ما كتبه بالأمس، عندما أثنى على عدالة دولة الكيان الصهيوني واحترامها للحقوق والمواثيق! والله ما ألوم الجمعية العمومية عندك لما غيّروك!
العزة للإسلام
لفت نظري عبارة وردت في مقال الزميل احمد الصراف في القبس عدد امس، حيث قال ان الباحثين في علم السكان لفت نظرهم تزايد عدد الملحدين في العالم إضافة إلى ما قرره من أن النسبة الأكبر بين البشر من النصارى!
ونحن كمسلمين لن نفاجأ بهذه المعلومات لانه من المعلوم لدينا أن أكثر أهل الأرض على غير ملة الإسلام حسب ما قرره القرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «وَإ.نْ تُط.عْ أَكْثَرَ مَنْ ف.ي الْأَرْض. يُض.لُّوكَ عَنْ سَب.يل. اللَّه.»، مما يؤكد أن عقيدة أكثر البشر الذين يعيشون على سطح الأرض مخالفة للفطرة وللاوامر الإلهية! ولله في ذلك حكمة قد لا نراها اليوم، لكنه سبحانه قادر على أن يهدي كل الناس للإسلام ان شاء «لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَم.يعًا»، لكنه سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل الذي يميز به بين الحق والباطل «إ.نَّا هَدَيْنَاهُ السَّب.يلَ إ.مَّا شَاك.رًا وَإ.مَّا كَفُورًا»، «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْم.نْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، لكنه بالنهاية يتحمل تبعية قراره!
وقد يتساءل أحدنا : يعني معظم هالناس اللي في أوروبا وأميركا في النار وبس إحنا اللي بالجنة؟؟! ويجيب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم:- «نصيب جهنم من كل ألف نفس تسعمائة وتسع وتسعون وواحدة بالجنة»!! ولذلك كانت الدنيا جنة للكافر وسجنا للمؤمن! فهي جنة له مقارنة لما سيواجه بالآخرة من عذاب، وسجن للمؤمن لما سيلقى من نعيم ينتظره هناك! ومع هذا فقد أمر الله المؤمنين بعمارة الأرض بالدعوة إلى عبادته وطاعته وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستمتاع بها وفقا للضوابط التي قررها الشرع «وَابْتَغ. ف.يمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخ.رَةَ وَلَا تَنْسَ نَص.يبَكَ م.نَ الدُّنْيَا» ولذلك كره الإسلام المبالغة بالتصوف واعتزال الناس وقال الرسول الأعظم «الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم».
خلاصة القول، ان العبرة ليست بالكثرة، فرب مؤمن موحد لله عن أمة كاملة في ميزان العدل الالهي! ورب جمع غفير مشرك بالله لا يسوى عند الله جناح بعوضة! لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل من هم يا رسول الله؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس»، وها نحن اليوم نعيش بعضا من أجواء الغربة هذه حتى اصبح الالتزام بالإسلام جريمة يعاقب عليها القانون، واصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسخرة من البعض، وصار المسلم يستحي من الإفصاح عن عاداته وتقاليده وانطبق علينا قول الرسول الكريم «يأتي زمان يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر»!! وبالمقابل صرنا نسمع ونشاهد من يتجرأ بقول المنكر وفعل الفواحش من دون رادع من دين أو خلق أو حتى قانون، وكيف نستغرب ولدينا نواب في مجلس الأمة نتوقع منهم في القادم من الأيام التجرؤ على ثوابت المجتمع وتقاليده والإتيان بكل ما هو دخيل علينا، وها هو اول الغيث اعتراض من أحدهم باعتبار حفظ القرآن من السلوك المستقيم اللازم للعفو الأميري للسجين!!
واسأل الله ألا نعيش اليوم الذي نشاهد فيه الناس يسحبون للسجون بتهمة التزامهم بدينهم.
قال صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لينصرن الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز به الدين أو ذلا يذل به الكفر»، وقال تعالى «وَالْعَاق.بَةُ ل.لْمُتَّق.ينَ». صدق الله العظيم.
القمة تلبس ثوباً جديداً
ذكرنا في مقال سابق أنه قد حان الوقت كي تلبس المعارضة الكويتية ثوبا جديدا، أما اليوم فإن قمة دول مجلس التعاون الخليجي هي التي ستلبس ثوبا جديداً! فان كانت شعوب دول هذا المجلس تنتظر في السابق من مؤتمرات القمة هذه قرارات تصب في مصلحتها وتراعي طموحاتها وتطلعاتها، فإنها اليوم لا تأمل منها إلا القرارات التي تراعي مصالح أنظمة الحكم واستمرارها. لقد فوجئت شعوب الخليج بالاتفاقية الأمنية التي تم اعتمادها ومن دون سابق إنذار، في الوقت الذي كانت تنتظر فيه التمهيد لإعلان الكونفدرالية بين الدول الست، أو بعضها على أقل تقدير! لكن يبدو أن مستجدات الأحداث المتسارعة على ارض الواقع في أكثر من قطر خليجي، والتي تدعو في اغلبها الى المطالبة بمزيد من حرية الرأي والتعبير واجراء تعديلات دستورية لمزيد من المكتسبات الشعبية وتقييد طغيان النخب المسيطرة على مقدرات الشعوب، كل ذلك عجل في اعادة ترتيب أولويات بعض القادة، فأصبح الهاجس الأمني هو الشغل الشاغل لهم. لذلك، يتوقع المراقبون أن تكون قمة المنامة أكثر القمم التي تحتوي على قرارات سرية ذات طبيعة أمنية قمعية مقيدة للحريات العامة بشكل خاص. ولئن كانت بعض هذه الدول تستعمل الحل الأمني منذ فترة إلا ان البعض الآخر كنا نشاهده يمارس الديموقراطية الممنهجة دستوريا، وكان القانون سيد الموقف فيها، أما الآن فمن المتوقع أن تتفق هذه الدول ليس على مواكبة التطورات العالمية الداعية إلى احترام حقوق الإنسان، بل إلى استعمال الحلول الأمنية التي أبرز أدواتها قمع الحريات وكبتها! أي اننا سنشاهد نكوصا إلى الوراء في الوقت الذي تتجه فيه بقية دول العالم إلى التحول الديموقراطي وانتهاء عصر الدكتاتوريات.
ومما يحز في النفس أننا على يقين أن بعض هذه الدول الخليجية لم تكن لتسلك هذا المسلك لولا أنها أخذت الموافقة المسبقة من أميركا ودول الاتحاد الأوروبي في تناقض صارخ مع مبادئها المعلنة، مما يؤكد أن المصالح الدائمة وليس المبادئ هي محور السياسة الغربية. لذلك، شاهدنا انتشار ظاهرة القمع الأمني وفتح السجون وتقييد الحريات وتجهيز التهم المعلبة وتكميم الأفواه بشكل غير مسبوق في بعض دولنا الخليجية! حتى الكويت التي كنا نفاخر بديموقراطيتها واحترامها لحقوق الإنسان وكنا نتوقع أن تؤثر إيجابيا في الدول الشقيقة الأخرى بدأت تسلك المسلك المشين وتعود إلى زمن العصور الوسطى المقيدة للحرية والكلمة، لكن هذه المرة بمباركة مزيفة من برلمان مختلف بشأنه لن يرحمه التاريخ والناس. ولعل هذا الوضع يفسر الزيادة الكبيرة في حوادث انتهاكات حقوق الإنسان في الكويت وانتشار الفساد في معظم مرافق الدولة، ولعل حكم الميموني الأخير غني عن البيان، لكن ماذا نتوقع من برلمان يفترض أن يمثل الشعب وتطغى عليه ظاهرة سوء السمعة والتكسب غير المشروع من المال العام؟! فهل تحول وطن النهار إلى وطن للظلام؟! أتمنى أن أكون مخطئا!
بداية النهاية
بدايات الحكومة والمجلس… (مو خوش بدايات)!
التصريحات التي صدرت من معظم النواب حتى الآن تؤكد أن الشباب مستعجلون على رزقهم! فالجميع يبي يطيح القروض، والجميع يبي يزيد الرواتب، والجميع يبي مخصصات أكثر للمرأة… الخ! والحكومة التي كانت ترفض مثل هذه الاقتراحات عندما كانت تصدر من قلة قليلة من المجلس المبطل، مستندة إلى دعم وتأييد عدد لابأس به من النواب، نراها اليوم متورطة! فوزير ماليتها سارع بالرفض بينما التوجيهات لها:- ساعدوا النواب كي ينجحوا في هذا المجلس الذي هو نجاح لمرسوم الصوت الواحد! لذلك سيمارس بعض النواب، كما توقعنا في مقالة سابقة، سياسة الابتزاز مع الحكومة! وهذا ما أكده عدد غير قليل منهم عندما هددوا وزير المالية بالمنصة مبكرا، بينما اخرون هددوا رئيس الحكومة بالمواجهة ان لم يراع مطالباتهم وحاجيات مواطنيهم!؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى بدأت هذه الحكومة بأساليب الحكومات القمعية وكأن قانونا للطوارئ مطبقا في الكويت! فبدأت في تفعيل المادة عشرين من قانون المطبوعات والنشر، والتي تتحدث عن وجوب الحصول على خطاب مكتوب من الديوان الأميري للتصريح عن سمو الأمير حفظه الله، وهي مادة لم تفعل منذ صدور المرسوم قبل ثلاثين عاما! وياليتها طبقت على الجميع بل تم تطبيقها – حسب كلام مصدر قضائي – على تصريح لكاتب هذا المقال اثر مقابلة مع سموه، حفظه الله، بينما نسمع د. معصومة تصرح بعد مقابلتها مع سموه عن ارتياحه لهذا المجلس، ونتمنى أن تكون قد أخذت إذنا مكتوبا! والأمثلة كثيرة في هذا المقام.
المشكلة ليست في تطبيق القانون، بل في تحريض بعض النواب للحكومة على قمع المواطنين! وهذه اول مرة نشاهد فيها برلمانا يمثل الشعب ويحرض الحكومة على الشعب! فهذا نائب كيفان يحمل المسؤولية لوزير الداخلية {لتقاعسه} في ضرب المواطنين واكتفائه بإلقاء القنابل المسيلة للدموع والصوتية (فقط)!؟
ومثال آخر على استحداث أساليب القمع ودعم نواب مجلس الصوت الواحد لسياسة القمع وتكميم الأفواه إلغاء ترخيص قناة «اليوم»! بينما كان يمكن لوزارة الإعلام استعمال الأسلوب نفسه الذي تعاملت فيه مع قناة «سكوب» وقناة «العدالة» وإعطاء فرصة أكبر للقناة لتصحيح أوضاعها وفقا للقانون، هذا إذا افترضنا أن القناة كانت أصلا مخالفة!، والأعجب تصريحات بعض نواب مجلس الصوت الواحد الداعمة لقرار الإلغاء! هذه مؤشرات غير مشجعة وتدعونا للخوف من القادم من الأيام، وتزيد من شكوكنا في نوايا السلطتين وتحويل الكويت إلى دولة بوليسية ليس للحرية فيها مكان، ولعل تركيبة هذا المجلس هي التي شجعت وزارة الإعلام على إحالة المغردين بهذا الشكل غير المسبوق وغير المقبول إلى النيابة كلما فتح احد فمه. انني مازالت اعتقد أن هناك من بين أعضاء الحكومة من يتعمد توريط رئيس الوزراء لأهداف أكبر من أن نراها اليوم! فهل تكون هذه البدايات نهاية لهذا المجلس الطارئ على الحياة السياسية؟!
قد يقول قائل لماذا الخوف من تطبيق القانون؟!
والجواب ان خوفنا ليس من تطبيق القانون بل من الانتقائية في تطبيقه! فكلنا يعرف أن بعض النصوص مرنة، وان المشرع تعمد صياغتها بهذه المرونة كي يتمكن المشرع من تقدير ظروف الواقعة ويكيفها حسب هذه الظروف، لكن التعسف في التطبيق، كما حدث مع المغردين ومع قناة «اليوم»، هو ما نحن بصدده. أما الذي يجب أن يطبق عليه القانون في اشد حالاته فهو من قتل طبيب الأسنان في الافنيوز امس الأول! فهذه الحادثة الغريبة على أرضنا لا يجوز أن نتساهل مع مرتكبيها لانها ستكون بوابة لغيرها من الجرائم!
* * *
سيد عدنان عبدالصمد… ذكر في مقابلة تلفزيونية أنني عرضت عليهم في الائتلاف الإسلامي توزير احمد لاري بدلا من فاضل صفر في الحكومة، وقد فهم البعض انه قصد الحكومة الحالية، والحقيقة أنني اتصلت بأحمد لاري شخصيا لعلاقتي به ومعرفتي بإمكاناته وقدراته ولم اتصل به كممثل للائتلاف وإلا كنت اعرف بمن اتصل! والاهم أن هذا الاتصال تم أثناء تشكيل حكومة المجلس المبطل وليس هذا المجلس، وكان اجتهادا مني ليس له علاقة برئيس الحكومة!
المعارضة تلبس ثوباً جديداً
اعتقد انه قد حان الوقت كي تنزع المعارضة ثوبها القديم لتكتسي ثوبا جديدا يتناسب مع الظرف الذي تمر به البلاد. لقد لعبت المعارضة الكويتية دورا مميزا في المشهد السياسي خلال الأيام الماضية، استطاعت أن تحقق خلاله بعض النجاحات، ولعل ابرزها اسقاط مجلس 2009 سيئ الذكر ورئيس وزراء تلك المرحلة، ثم تشكيل كتلة أغلبية برلمانية في مجلس 2012 تلتها مرحلة إبطال المجلس ومقاطعة الفعاليات السياسية والاجتماعية المعتبرة للترشيح لمجلس الصوت الواحد، وكذلك مقاطعة معظم الشعب الكويتي للانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكان من أبرز الأنشطة واكثرها تأثيرا المسيرات والاعتصامات في ساحة الارادة. وهذه نجاحات لم تكن لتتحقق لولا المثابرة والتخطيط السليم والعمل الدؤوب والتنسيق الرائع بين مكونات الحراك الشعبي الممثل للمعارضة السياسية الكويتية.
اليوم تعيش البلاد مرحلة جديدة من الحراك السياسي، فوجود مجلس أمة – بغض النظر عن مشروعيته – واعتراف أجهزة الدولة الرسمية به وتعاملها معه، تستلزم فكرا جديدا وحراكا يتناسب مع المرحلة. ولعل اول خطوة يجب البدء فيها هي تفكيك مكونات الحراك الموجودة إما لانتفاء الغرض منها وإما لانعدام وجودها واقعا. خذ مثلا «نهج»، فقد تشكلت أصلا لاسقاط مجلس وحكومة 2009 وقد تحقق لها ذلك، أما كتلة الأغلبية فلا أظن ان عاقلا يعتقد بوجودها اليوم بعد اعلان نتائج مجلس الصوت الواحد، والكلام ينطبق على بقية الكتل البرلمانية في المجالس السابقة، أما المكونات الشبابية للحراك فقد كانت مطلوبة كوقود لهذا الحراك وبث الروح المتوقدة فيه ولاشك أنها لعبت دورا بارزا في تحقيق انجازات تلك المرحلة، لكن المرحلة الحالية تحتاج الى الفكر والعقل أكثر من الحماس والنشاط البدني.
لذلك، اعتقد أنه حان الوقت كي تعقد المعارضة، بجميع مكوناتها، اجتماعا تتفق فيه للانتقال للمرحلة المقبلة من العمل السياسي وهي مرحلة متابعة أداء السلطتين وكشف تجاوزاتهما القانونية والدستورية متى ما وجدت، واقناع أصحاب الشأن – واقصد هنا السلطة والشعب – بضرورة تصحيح الوضع الخاطئ واعادة الأمور الى وضعها السليم بحل هذا المجلس والعودة الى التطبيق الصحيح لقانون الانتخاب. هذا البرنامج السياسي الجديد يحتاج الى ثوب جديد تلبسه المعارضة، فتتشكل جبهة عمل جديدة بفكر جديد وروح جديدة كما ذكرت في بداية هذا المقال. وقد يستلزم ذلك استبعاد بعض الرموز القديمة التي قد لا تصلح لهذه المرحلة كما قد يستبعد منها بعض المجاميع الشبابية التي لا يروق لها العمل الهادىء، لكن لا بد من وجود بعض هذه المجاميع لاستمرار الحماس للعمل الدؤوب وتنفيذ الأداء اليومي له.
انني اعتقد أن استمرار الحراك على وضعه الحالي ومكوناته الحالية نفسها سيؤدي في نهاية المطاف الى تفككه وتشرذمه وانكفائه على نفسه نتيجة الخلافات التي ستنشأ بين هذه المكونات غير المتجانسة لهذه المرحلة.
انني اعتقد أن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على الحركة الدستورية الاسلامية والتكتل الشعبي لايجاد هذا التغيير وادارته، فهما الأكثر تنظيما والأكثر اتباعا ومؤيدين، وهم كذلك اول المستفيدين من نجاح المعارضة واكثر الخاسرين من فشلها، فهل نجد اذنا صاغية عندهما؟
* * *
• الزميل سعود السمكه كتب مقالا في القبس ينكر فيه دعم الشيخ ناصر المحمد له في الانتخابات الماضية، وأنا لم اقل إن الشيخ دعم سعود السمكه، بل أؤكد انه لم يدعمك يا أخ سعود، والسبب انه لم يكن بحاجة إلى هذا الدعم! وهذا ببساطة السبب. أما قولي انه لا هذا المجلس مجلس سمو الشيخ جابر المبارك ولا الحكومة حكومته، فهذا تحليل وليس خبرا حتى تطلب من سموه أن يثبت أو ينفي، ولست مستشارا عنده ولا اعمل لديه حتى يحسب كلامي على سموه.
مَنْ شكَّل الحكومة؟
بعد أن اختار اقل من %40 من الشعب مجلس الصوت الواحد، وبعد أن تم تشكيل الحكومة، ومع تحفظنا على المجلس وعلى الحكومة، فإننا كمواطنين نتمنى للكويت الأمن والأمان والاستقرار في ظل حكم الأسرة الكريمة، ونحلم بمجلس أمة وحكومة ينقلان البلد من حالة الركود والموت السريري إلى حالة الانتعاش في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والحريات العامة، وبعضنا ــ وهم القلة ــ يعقد الأمل على هذا المجلس وهذه الحكومة، بينما أكثرية الشعب التي قاطعت الانتخابات وحتى بعض من شارك وندم على مشاركته، لا يرون بصيصا من الأمل في الأفق! المتفائلون ينتظرون بوادر تزيد من تفاؤلهم وتشجعهم على الاستمرار بدعم مجلس الصوت الواحد، بينما المتشائمون ينتظرون ما يؤكد قناعاتهم بموقفهم من المقاطعة وعدم جدوى المجالس غير الدستورية! ويبدو أن الأمر لن يطول على الفريق المتشائم ليتأكد من سلامة موقفه، فها هي النتائج الانتخابية تؤكد خطورة الصوت الواحد وسوء مخرجاته، وها هي الحكومة تتشكل بطريقة عجيبة وغريبة كي تتواءم مع طبيعة المرحلة، وكلها مؤشرات غير مشجعة على استقراء مستقبل مشرق!
الذي يعرف سمو الشيخ جابر المبارك يدرك للوهلة الأولى انه لا هذا المجلس مجلسه ولا حتى هذه الحكومة حكومته!!
فالمجلس نجح في الوصول اليه عدد لا بأس به ممن ربما يكونون من المحسوبين على شخصية سياسية معروفة، وكانوا داعمين له في فترة سابقة، بل ان بعض النواب الجدد يعتقدون أنها كانت داعمة ومؤيدة لنزولهم للانتخابات!
الكتلة الأكبر في هذا المجلس لها تعاون غير مسبوق مع تلك الشخصية، فان أضفنا لها بعض المحسوبين عليها من الوجوه الجديدة والوجوه القديمة من غير الكتلة الأكبر نجد أن هذه الشخصية قد تكون أصبحت تمسك بيدها كل خيوط اللعبة! وقد يقول قائل: وماذا تريد هذه الشخصية الآن؟! والجواب انه من المتعارف عليه أن قيمتك في عالم السياسة بمدى تأثيرك في مجريات الأحداث! لذلك من المتوقع أن هذه الشخصية ستكون اللاعب رقم واحد في مسيرة هذا البرلمان!
أما الحكومة فان بعض الوزراء العائدين لم يكونوا على وفاق مع سمو رئيس الوزراء في الفترة السابقة، وكثر الحديث حول أهمية تغييرهم، أما الوزراء الجدد فبعضهم تم توزيره بدوافع وحسابات اخرى! وكلنا يعرف أن هذا الأسلوب في تشكيل الحكومات ليس أسلوب جابر المبارك.
إذاً ستظل المشكلة قائمة وهي مشكلة أزلية.
هذا رأي شخصي في تحليل ما حدث في الأيام الماضية، قد يصيب وقد يخطئ، لكننا نتمنى ألا تظلم الكويت أكثر مما ظلمت، وألا تتأخر التنمية أكثر مما تأخرت، وأن يتمكن سمو رئيس الوزراء من التعامل بحكمة وحنكة مع المجلسين.
انتقائية تطبيق القانون
أخيراً.. تمت إحالتي للنيابة بسبب تصريح لي حول زيارة وفد الحركة الدستورية لسمو الأمير -حفظه الله- بحجة أنني لم أحصل على تصريح مكتوب من الديوان الأميري بالموافقة على تصريحي!
وقد استغربت وجود نص قانوني يشترط هذه الموافقة المكتوبة، فبحثت في الأرشيف الصحفي، فوجدت العجب العجاب من تصريحات، كلها مرتبطة بالديوان الأميري، ومتأكد أن الديوان لم يوافق لأصحابها بالتصريح لوسائل الاعلام، ولعل أبرزها كلمة لأحد نواب المجلس «اللادستوري»، الذي تحدث بخصوص شراء ذمم نواب سابقين، لتمرير قانون تصويت المرأة! كما أننا ما زلنا نذكر التصريح المدوّي لسماحته، عندما قال إن الشيخ ناصر هو الأمير السابع عشر، حسب ما ذكر له -كما يدعي- المقام السامي! ولعلنا نذكر جيداً تصريح جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة آنذاك ليلة ضرب النواب في ديوان الحربش، الذي قال إن سمو الأمير هو من رفض وجود تجمعات خارج سور الديوانية وتعليق د. عبيد الوسمي وإنكاره عليه بالتصريح عن سمو الأمير دون أخذ إذن كتابي من سموه!
هذه الحوادث تدل على أن هناك انتقائية في تعامل وزارة الإعلام مع القانون، وقد حدثت لي مصادفة لقاء مع الأخ وزير الإعلام الذي ذكر لي أنه لا يمكنه سحب الشكوى، لانه يطبق القانون! طبعا شيء جميل تطبيق القانون وحرص الوزير على احترامه، لكن الأجمل أن يكون التطبيق على الجميع دون مراعاة للأشخاص وارتباطاتهم أو انتماءاتهم!
***
استوقفني تصريح عدد من نواب المجلس «اللا دستوري»، المطالبين بعدم توزير نواب التأزيم! طبعا هم يدركون جيداً أن من أسموهم نواب تأزيم قد قاطعوا هذا المجلس وانتخاباته، وطالبوا بمقاطعة المشاركة في الحكومة.. لكن مراجعة أسماء من يرفض توزير نواب التأزيم تجعل شعر رأسك يقف حيرة واستغرابا! صالح عاشور وخالد الشطي وحسين القلاف ونواف الفزيع وآخرون!
ومع احترامنا لأشخاصهم، إلا أن التاريخ السياسي لهم يؤكد أن التأزيم مرتبط بهم ارتباطا وثيقا! وأن تصريحاتهم ومواقفهم مملوءة بالإثارة! وكمثال بسيط: ماذا نفسر استجواب رئيس الوزراء بعد شهر فقط من تشكيل الحكومة؟! ولعل هوشة جمعان والقلاف ما زالت راسخة في الأذهان.
***
إذا حكمت المحكمة الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الواحد، فلا يملك الجميع إلا احترام حكم المحكمة، لكن مواقف الكتل السياسية والنخب الشعبية ستكون ضمن أحد فريقين: أما القبول والرضا والعمل على الاستعداد للمشاركة في المجالس المقبلة! وهذا رأي من المتوقع أن يتبناه «التحالف» مع «المنبر»، عطفا على تصريحهم بعد تقديم الطعن في هذا المجلس! وأما العمل على إسقاط هذا المجلس سياسيا -وليس دستوريا- وإثبات ضرره على المصلحة العامة والحياة الاجتماعية، وهذا الرأي من المتوقع أن تتبناه التيارات الإسلامية والتكتل الشعبي وبعض المستقلين!
وأعتقد أن الأشهر المقبلة ستساعد أصحاب الرأي الثاني في تحقيق أهدافهم، حيث ستثبت الأيام أن هذا المجلس هو أسوأ مجلس في الحياة البرلمانية الكويتية أداء وتمثيلاً!