عندما
أثار البعض شبهة سيطرة التيار الإسلامي، ممثلا في الحركة الدستورية الإسلامية على وزارة التربية طوال العقود الماضية، قلنا بشكل لا يخلو من التحدي «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين»، ولكن لم يجرؤ أحدهم على ذكر دليل واحد على هذا الافتراء، ومع هذا استمروا بمسلسل أكاذيبهم التي كان آخرها أن هذا التيار مسيطر اليوم على القطاع النفطي! وقد ذكر هذا عدد من الزملاء في عدد من الصحف المختلفة في اليوم نفسه! وهؤلاء الكتاب يتميزون بأن مصدر تمويلهم واحد وإن تعددت مشاربهم! أما أنا فأُجدد التحدي بأن ينشروا أسماء القيادات المنتمية للتيار، والتي يثبت للقارئ أنها مسيطرة على القطاع النفطي كما يدعون، لكن واضح أن التغييرات التي حصلت في القيادات الأخيرة أوجعتهم كثيرا وفقدوا مواقع كانوا من خلالها يحلبون هذا القطاع!
***
يبدو أن الحملة الإعلامية على الحركة الدستورية لم تصل ذروتها بعد، حيث إن الإشاعات والشبهات عليها مازالت تطلق بالجملة، وكلما تقدم الوقت اتضح للقارئ سخافتها، ولعل آخرها الادعاء أن التغييرات الأخيرة بالقطاع النفطي وراءها حدس! علما أن حدس لم تعد تؤثر بالقرار السياسي منذ خروج آخر وزرائها من الحكومة في عام 2008! ولو كان لحدس اي تأثير لما استبعد المحسوبون عليها من المجلس الأعلى للتخطيط، ومن التعيينات الجديدة في القطاع النفطي وغيرها كثير.
***
كاتب زميل انتقد التقارب بين الإخوان وإيران وبدأ ينسج في خياله الواسع سيناريو لهذا التقارب، واستشهد بتشغيل خط طيران بين القاهرة وإيران، واعادة تنشيط السياحة بين البلدين، ولا أعرف كيف زج بإخوان الكويت (ويقصد طبعا حدس) بالموضوع! واقول لزميلنا هدئ من روعك، فلو نظرت في اي لحظة في الكويت او اي دولة خليجية فستجد ايرانيا مستلقيا ينتظر الاشارة بالتحرك! فالاولى ان تخاف على بلدك من هذا التقارب الذي وصل لدرجة افتتاح خط ليس لطهران فقط، بل لمدينة مشهد!
***
نشرت قناة «الشاهد» تحقيقا عن وجود مقاهٍ غير مرخصة تنتهك فيها الحرمات، ونحن بدورنا نطالب وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات السريعة لوضع حد لهذا الاستهزاء بقوانين الأرض والسماء وإن كنا نتوقع أن يتم التباطؤ باتخاذ هذا الإجراء، نظرا لما يشاع من أن «حاميها حراميها»، ولكن ثقتنا بالمخلصين من العاملين في الوزارة -وما أكثرهم- كبيرة.
***
استغرب بعض الإخوة القراء مما نشرته في عمودي هذا يوم الأحد الماضي من صياغة كلمة ترحيبية بعودة سمو الشيخ نواف الأحمد سالما الى ارض الوطن، حيث قالوا إنني لم أعوّدهم على أسلوب التزلف لأحد، وإن كان شيخا! والحقيقة أنني شخصيا أحب سمو الشيخ نواف كما حال كل الكويتيين من دون استثناء، وفعلا فرحت لعودته سالما، أما صياغة العبارة التي نُشرت، فاسألوا عنها الزملاء في القبس، فهم يدركون أمورا لا ندركها نحن أصحاب الأقلام!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
حكم الإدانة.. ماذا يعني؟!
أخيراً
صدر حكم التمييز والقاضي بإدانة الخلية الإيرانية للتجسس وحبس أربعة متهمين حبساً مؤبداً، وهذا ليس خبراً عادياً نسمعه كل يوم، بل له مدلولات كثيرة يجب التوقف عندها طويلاً، إن كنا نريد أن نستفيد من تجاربنا، ونحقق مصلحة وطننا وأمنه واستقراره!
– إن ثبوت التهمة على المتهمين بعد أن مرت القضية بجميع درجات التقاضي وبكل شفافية، ليؤكد تورط إيران في الموضوع، وأنها لم تعد دولة صديقة أو شقيقة، بل دولة تحيك لنا المؤامرات والدسائس وتتربص بنا الدوائر!
– إن حكم البراءة بمرحلة الاستئناف دليل آخر على أن القضية غير مفبركة، وأن الحكم ليس حكماً سياسياً، ومما يؤكد ذلك العلاقة التي تميزت بها حقبة هذا الحكم مع النظام الإيراني.
– الإدانة جعلتنا نسترجع شريطاً من الذكريات المؤلمة مع النظام الإيراني وأتباعه المنتشرين في المنطقة، ولعل أبرز هذه الذكريات محاولة اغتيال سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله تعالى، وكذلك حادثة اختطاف طائرة «الجابرية»، وتفجير المقاهي الشعبية، وتفجير المنشآت النفطية، وغيرها الكثير من الأعمال الإجرامية التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الكويتيين!
– إن الخطورة في هذه الأحداث أن بعض المتورطين فيها تمت معاملتهم برعاية، نتيجة العلاقة المميزة للحكم في الكويت مع التيارات التي ينتمي إليها بعض هؤلاء! لذلك، تجد بعض من أدينوا أطلق سراحهم لاحقاً، بل إن بعض هؤلاء تمت إعادته إلى عمله بفضل تعيين المقربين لهم مسؤولين وأصحاب قرار في القطاع النفطي.
– بعض هؤلاء تمت إدانتهم في دول خليجية أخرى، وما زالوا مطلوبين لها.
– أخطر ما في الأمر أن من نتائج الانتخابات، وفقاً للصوت الواحد، أن وصل بعض هؤلاء المتورطين إلى قبة البرلمان ممثلين للشعب ومشرعين له رضينا أم أبينا! وأصبحوا يمتلكون منابر توجيه الرأي العام، ويعلنون آراءهم بكل صراحة ووضوح، مهما خالفوا بذلك التوجه العام للدولة ولغالبية الشعب.
لذلك، نجد التفسير المنطقي لتبني هؤلاء للحملة الإعلامية المغرضة لتشويه نشاط التيار الإسلامي الوسطي، للفت الأنظار عن التاريخ السياسي الأسود لبعض هؤلاء، وتورطهم في زعزعة استقرار البلد!
والسؤال المنطقي، الذي لا يتمنى بعض النواب سماعه: هل سنسمع منكم إدانة وتهويلاً لهذا الفعل الذي أثبتت المحكمة وقوعه كما فعلتم في تهويل تورط خلية كويتية مع خلية الإمارات، وهو فعل لا يتعدى التكهنات والتخرصات؟!
هل سنسمع من سماحته إدانة لهذه الأفعال الإجرامية، أم أنه ما زال مصراً على تسميتها بالأعمال البطولية؟! استحقاقات كثيرة لحكم الإدانة الذي أصدرته محكمة التمييز لا يمكن تجاهلها أو الاستخفاف بها، ولكن هل من مدّكر؟!
• • •
رحمك الله يا أبا سعود وغفر لك، فقد كنت يا محمد العفاسي نموذجاً في كل شيء، ويكفيك فخراً أنك مع توليك عدة مناصب مثيرة للجدل، إلا أننا لم نسمع عنك إلا الإشادة بأخلاقك العالية، وتواضعك الجم، وتفانيك في عملك، غفر الله لك، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك الصبر والسلوان.
حدسيات
اليوم أو غداً، على أبعد تقدير، من المتوقع أن تعقد الحركة الدستورية الإسلامية – حدس – مؤتمراً صحفياً لتبيان رأيها في أحداث الساعة، ولتوضيح بعض الأمور التي أثيرت أخيراً، على شكل اتهامات وشبهات طالت الحركة وشخوصها. إن هذا المؤتمر أصبح انعقاده ضرورة للساحتين السياسيتين الكويتية والخليجية لوضع النقاط على الحروف ولإلجام أفواه البعض التي تتلذذ بإثارة الشبهات والافتراءات على الحركة ورجالها، وأتمنى من كل من يعنيه الشأن السياسي أن يحرص على الحضور للاطمئنان إلى أن مسيرة هذا التيار لا تشوبها شائبة ولا تعرقلها الحركات الصبيانية لأقزام السياسة!
• • •
• من الأمور التي تختلط على البعض أحياناً انشغال الحركة بالعمل السياسي على حساب العمل الدعوي! وهذا دليل على جهل البعض بطبيعة الوظيفة الرئيسية للحركة، فبعد تحرير الكويت من براثن الغزو الغاشم قرر القائمون على الحركة أن يتركوا العمل الدعوي والتربوي المحض إلى الجمعيات الإسلامية الموجودة مثل جمعية الإصلاح وغيرها، وأن يتفرغوا لتوجيه العمل السياسي في إطار الثوابت الإسلامية، وحتى لا نترك الساحة السياسية تتوحد فيها التيارات العلمانية. لذلك، تجد حتى التفرغ للعمل السياسي مرتبطاً بتوجيهه بالعمل الدعوي والتأصيل الشرعي، ويخطئ من يظن أن «حدس» أهملت الدعوة وتطبيق الشريعة، بل سلكت الطريق المناسب لتحقيق ذلك.
• • •
• أتمنى من النائبة والمربية صفاء الهاشم أن تنشر إجابات الوزراء عن أسئلتها كما حرصت على نشر أسئلتها في كل الصحف! حيث تبين لنا أن أسئلتها تكون على شكل شبهات وأخبار مفبركة لتشويه الحركة ورجالها، مثل سؤالها عن صفقة الدفاع وعن الخمور في شاليه النائب والبنات السوريات اللواتي استقدمتهن إحدى جمعيات الإخوان للزواج، إلى آخره من أسئلة القصد منها ربما ليس معرفة الحقيقة بقدر إثارة الشبهات! وأنا أعلم جيداً أنها لن تجرؤ على النشر لأن الإجابة ستظهرها بمظهر النائب الذي أضاع وقته ووقت أتباعه بقضايا من نسج خياله!
• • •
• يقولون: صارت الكويت دولة بوليسية.. نقول: فيها مبالغة! ويقولون: تحولت الكويت إلى دولة تقييد للحريات.. نقول: زودتوها شوي! ويقولون: أصبحنا نكمم الأفواه ونحاسب الإنسان على آرائه ومواقفه السياسية، وبصراحة لا نستطيع أن نقول: لا، لأن أمامي حادثتين لا يمكن تفسيرهما إلا بأن الكويت أصبحت تحاسب أبناءها على آرائهم السياسية! الأولى حادثة الطيار الذي تم إلغاء تعيينه لما أشيع عنه أنه مؤيد للحراك الشعبي الداعي إلى إصلاح ما أفسده الدهر! والثانية حادثة محاولات تغيير مدير العلاج بالخارج فيصل الحلاف لأنه كان متعاطفاً مع الحركة الإصلاحية للمعارضة، وأن تغييره سيتم إرضاء لبعض نواب مجلس الصوت الواحد الذين يمارسون أبشع أنواع كبت الحريات وتقييدها! وإن صح ذلك، فالديرة رايحة «قووووع»!
• • •
• مجلس بو ربع صار يمرر الآن مشاريع قوانين كبيرة من دون دراسة كافية ومن دون إدراك لتداعيات إقرارها، ولعل آخرها إقرار قانون إسقاط فوائد القروض الذي تبين لاحقاً أنه يغطي أقل من %35 فقط من المقترضين، وذلك لأن البنوك الإسلامية غير مشمولة بالقانون! والمعروف أن أكثر من 17 من نواب المجلس بالإضافة إلى 23 آخرين لا يتعاملون مع البنوك الإسلامية.
الخوف الآن من تمرير مصيبة المصائب وهي الاتفاقية الأمنية التي لا يفيد التحفظ على بعض بنودها، كما يشيع بعض هؤلاء الذين ابتلي بهم الشعب، لأنها إما أن يتم إقرارها كاملة أو رفضها كاملة، والجميع ينتظر كيف ستتصرف مجموعة «7+1».
• • •
• ختاماً، أؤكد اعتزازي بتربيتي لأبنائي وبخطهم السياسي الذي يتبنونه الآن، فالحمد لله أن الأبناء يكملون مسيرة الآباء، وأسأل الله أن يمد لنا في العمر إن كان فيه صالح، لنرى الأحفاد على الخط والمنهج نفسهما كابراً عن كابر، ولله الفضل والمنة.
لا.. للطائفية
عندما حذرت في مقالتي السابقة من العدو الحقيقي لدول الخليج وقلت انه الحكم الطائفي في ايران والعراق، انزعج بعض الزملاء من الطائفة الشيعية ظناً منهم انني اقصد الشيعة كطائفة، وانني كتبت بصيغة العموم. ومع علمي بان الكتابة في هذا الموضوع مثل السير في حقل ألغام لا تعلم متى ينفجر فيك فيقتلك ويقتل من حولك، الا انني اجد نفسي مضطرا الى تأكيد بعض المعاني، خصوصا ونحن نشاهد هذه الايام ماذا تفعل الطائفية في العراق وسوريا ولبنان، وقد يصل لظاها الى الكويت وبقية دول الخليج ما لم نتدارك الامر قبل ان يستفحل.
انني ارى ان الخوف الزائد من الحديث في هذا الموضوع احد الاسباب الرئيسية لتفاقم آثاره، لذلك لا بد من ان يسارع العقلاء، ومن يضع يده على قلبه خوفا على بلده، إلى اخذ زمام المبادرة علّ وعسى ان يكون توجيه الحديث سليما وبعيدا عن التطرف واقصاء الآخرين.
السنة يرون ان التطرف الشيعي سبب المشكلة، والشيعة يرون ان الفكر القاعدي والسلفي الجهادي هو بداية الشرارة، وانا اليوم لا اريد ان اقول من المتسبب، لان هذا النقاش لن يوصلنا الى بر، بل سأناقش الظاهرة من حيث الشكل والنتيجة حتى نخلص الى خطوة عملية قد تساهم في تقليل المخاطر والآثار، أما العلاج الجذري للظاهرة فهذا من سابع المستحيلات، مع الاسف، نتيجة تراكمات سنين طويلة من التربية والتثقيف أدت الى ما وصلنا اليه اليوم.
التاريخ الاسلامي تاريخ مشرّف، ويحق للاجيال ان تفتخر به، لانه احيا امة كانت مهمشة على مر العصور والدهور، وجعلها تقود الامم وترسم التاريخ في فترة وجيزة. لكن هذا لا يمنع من العثرات بين حقبة واخرى ما دام انهم بشر. لذلك، الحديث عن هذه العثرات وابراز الجانب السلبي منها بعد اربعة عشر قرنا ما هو الا ضرب من الجهل والغباء، ان كان بحسن نية او بسبب لاثارة الفتن ان كانت بسوء نية! فالحديث عن حادثة السقيفة واحقية ابي بكر او علي بالخلافة هو حديث مأكول خيره، كما نقول بالعامية، لاننا لن نغير من التاريخ شيئاً ولاننا لن نتحمل اخطاء الآخرين، إن وجدت، قال تعالى «ت.لْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة: 134). وما يقال عن السقيفة يقال عن موقعة الجمل وصفين، والخلاف في فتنة مقتل عثمان وغيرها من الحوادث التي لم تعرقل مسيرة الخلافة وبناء الدولة الا في فترات قليلة، لكن الاثر الاكبر لها شاهدناه نحن جيل اليوم، حيث اصبح الحديث عنها الآن سببا لاثارة النعرات الطائفية وتأجيج الخلافات بين الطائفتين في مشهد لم نسمع عن حدوثه في الماضي.
الخلاصة ان الطائفية بدأت تأكل الفريقين وتجتثهما، وان شعور كل طرف بانه على حق سيقضي على الطرفين. والمصلحة اليوم تستوجب وقف هذا التطرف الذي بدأ يحصد الانفس بينما العدو الحقيقي يتربص بنا الدوائر.
قد يقول قائل ان هذا المقال تراجع عن رأيي في مقالي السابق، وأؤكد للمرة الثانية ان الطائفية متى ما مورست في اقصاء الآخر فهي مرفوضة، وهذا ما يحصل اليوم في ممارسة الحكم في ايران والعراق، حيث باسم الطائفية يتم اخراج السنة من اللعبة السياسية، ولو مورست في بلد آخر الطائفية السنية التي تبيح قتل الشيعي لرفضناها كذلك كما رفضنا الكثير من ممارسات وافعال تنظيم القاعدة، لكن الصورة اليوم اوضح في الدول التي تحكمها الطوائف. اعتقد ان المسؤولية اليوم تقع على الدولة التي يجب ان تتبنى قيادة المبادرة لوضع حد لهذه الفتنة ما دام في الامر متسع قبل ان يفوت الفوت حيث لا ينفع الصوت.
العدو الحقيقي للخليج
في الوقت الذي تنطلق فيه عجلة التطور التنموي واحترام الحريات الى الامام بكل قوة في معظم دول العالم، نجد التطور عندنا في الخليج ينطلق الى الوراء! حتى دول الربيع العربي انفتحت على شعوبها وحاورتهم وسمحت لهم بهامش كبير من حرية التعبير عن الرأي، ونجد هامش الحريات لدينا يتراجع بشكل كبير حتى أصبح بعض دولنا سجنا كبيرا لمثقفيها وسياسييها! ولعلنا لا نبالغ ان قلنا اننا في الكويت نعيش في دولة نصف شعبها يكاد يكون محالاً الى النيابة بسبب آرائه السياسية!
قد أكون مبالغاً شيئاً ما، وقد اكون متجنياً على دولنا الخليجية التي ينعم شعبها بالعيش الرغيد كما يقال، ولكن الحقيقة التي يدركها الجميع ان هامش الحريات قلّ كثيرا والتحول الى النمط البوليسي في الحياة العامة اصبح اكثر وضوحاً. ولعل التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو ان بعض الانظمة الحاكمة تخاف من وصول رياح الربيع العربي اليها فبادرت بضربة استباقية للتيارات السياسية الاسلامية بالذات حتى تقطع الطريق على اي احتمال لوصول رياح التغيير اليها.
الذي لا تريد هذه الانظمة ان تستوعبه هو ان جميع التيارات السياسية في الخليج، من دون استثناء، تدرك جيدا وتؤمن ان وجود الأسر الحاكمة اليوم امر حتمي للاستقرار في هذه الدول، وانه لا يوجد تيار سياسي واحد يفكر ولو للحظة باستبدال النظام الحاكم اليوم بنظام آخر، وان كل ما تطالب به هذه التيارات هو تطوير النظام السياسي بحيث يضمن مزيداً من المشاركة الشعبية ومزيداً من الحريات العامة، وان هذا التطوير المنشود يتم من خلال القنوات الشرعية المعمول بها من دون اللجوء الى وسائل غير مشروعة ومن دون الاستعانة باطراف وادوات خارجية. ان ما يحدث اليوم في بعض دول الخليج هو تراجع شديد في احترام حقوق الانسان وتقهقر للوراء في مستوى الحريات العامة، في الوقت الذي تتفاخر فيه الدول المتقدمة بريادتها في هذا المجال وتسعى الامم المتحدة والمنظمات الدولية الى اصدار التشريعات التي تعاقب الدول التي تنتهك هذه الحقوق ولا تحترمها!
لقد وصل الامر الى ان يتم الاعتقال وفقا للهوية والتوجه الفكري او السياسي! فان كنت تؤيد رياح الربيع العربي مثلا فانت ارهابي، وان كان لديك تواصل مع اي من التيارات الاسلامية التي بدأت تحكم دول الربيع العربي فانت تسعى للانقضاض على الحكم حتى ان تبين انك ارسلت مبلغا من المال لاسرة معتقل بعد ان انقطع بها السبيل باعتقال معيلها فان اسمك في قائمة المطلوبين في المطارات!
الذي يحز بالنفس ان التيارات العلمانية والليبرالية بدلا من ان تقف في وجه هذا التوجه الخطير وتخفف من الانحدار السريع في مجال حقوق الانسان نجدها تدعم الحكومات وتؤجج الشرر لمزيد من التضييق على الاسلاميين، متناسية مبادئها التي تنادي بها طوال سني كفاحها ونضالها! وكلنا يعلم انها ستؤكل كما أُكل الثور الابيض!
كلمة اخيرة لاخواننا في دول الخليج: العدو الحقيقي لكم ولدولكم ليس التيارات الاسلامية وليس التيارات السياسية، ان العدو الحقيقي هو الطائفية البغيضة التي تحكم ايران والعراق، والتي لن تتردد لحظة في الالتفات اليكم بعد ان تهدأ الامور عندها وترتب اوراقها مع أميركا وتعالج المشاكل العالقة والمسببة لتأجيل التوافق الأميركي – الإيراني. هذا هو الخطر الحقيقي، اما التيارات الاسلامية فهي السند الحقيقي والداعم للجبهة الداخلية وتوحيدها، فلا تفرطوا في الخل الوفي من اجل عدوّ جليّ.
ان غاية مطالب التيارات الاسلامية والقوى السياسية هي الحكم بالعدل وتطبيق القانون واحترام الحريات وحقوق الانسان ورعاية ثوابت الدين وعاداته وتقاليده، وهذه كلها تصب لمصلحة الحكم، حيث سينشأ مقابل ذلك حب النظام والمحافظة عليه والذود عنه، انها المعادلة الكونية البسيطة: احترمني احترمك… حافظ على كرامتي أحافظ على وجودك.
رؤية حدس للإصلاح السياسي
بعد ان هدأت العاصفة مؤقتاً باخلاء سبيل الرمز مسلم البراك، اجد من المناسب الآن ان نطرح رؤية الحركة الدستورية الاسلامية للاصلاح السياسي لازالة اللبس عند البعض حول مقاصد الحركة واهدافها ووسائل تحقيقها. ولم نكن نتمنى ان نشغل القارئ بهذا الموضوع لولا هذا الكم الهائل من التشويه المتعمد للحركة ومقاصدها والتشكيك في النوايا الاصلاحية للقائمين عليها! لذلك لا بأس من التأكيد على بعض الحقائق التالية:
الحركة الدستورية الاسلامية تنظيم سياسي مستقل كويتي المنشأ والتكوين والتشكيل ولا يرتبط بأي تيار خارجي، لذلك من لديه قناعات اخرى فهو حر في قناعاته ونتحدى ان يثبت كائن من كان خلاف ما ذكرنا.
الحركة تسعى للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ووسيلتها في ذلك الدستور الكويتي والقوانين المعمول بها في الكويت، ونرفض الوسائل التي لا تستند الى اساس دستوري او قانوني ولو كانت النية طيبة والمقصد شرعيا!
الحركة تؤكد ان وجود اسرة الصباح في الحكم امر حتمي ولا يقبل المساومة التزاما بنص المادة الرابعة من الدستور، كما ان ذلك وضع لازم للاستقرار السياسي، الا انه لا يمنعنا من النصح لهم والتوجيه ومنعهم بالوسائل المشروعة من الولوج بالخطأ، ومطالبتهم بالحكم بالعدل والمساواة بين الناس وفقا للمبادئ الدستورية المستقرة انطلاقا من المبدأ الاسلامي الخالد «لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها».
الحركة ترى ان العدل اساس الحكم وترفض الانتقائية في تطبيق القوانين انطلاقا من المبدأ الشرعي «انما اهلك من كان قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد».
الحركة ترى اننا في دولة مؤسسات وان تطبيق الاحكام والحدود مسؤولية الحاكم وادواته الدستورية والا كانت الفوضى التي تأكل الاخضر واليابس.
الحركة ترى ان للمال العام حرمة وانه للعامة قبل الخاصة ولا يجوز استعماله لتنفيع فئة على حساب العموم.
الحركة ترى ان الوحدة الوطنية اساس قوة المجتمع وتلاحم افراده، وان أي عمل يزعزعها يجب على السلطة منعه.
الحركة ترى ان مراعاة الاخلاق الاسلامية والثوابت الشرعية امر لازم انطلاقا من الدستور والقوانين المعمول بها.
الحركة تدعو الى احترام الرأي الآخر كما تدعو الى الحوار لحل خلافاتنا، الا ان ذلك لا يعني التعدي على المفاهيم المعلومة من الدين بالضرورة.
نؤمن بان امن الكويت واستقلال اراضيها خط احمر لا يمكن تجاوزه وان منظومة الوحدة الخليجية هي الملاذ الآمن بعد الله.
هذه بعض من منطلقاتنا في الاصلاح السياسي… نؤمن بها قولا ونعمل على تحقيقها واقعا، ومن يدع اننا خلاف ما ذكرنا فعليه ان يثبت ذلك الادعاء والا هي شكل من اشكال الافتراء المتواصل على الحركة!
اما بالنسبة للواقع السياسي اليوم فاننا بالحركة الدستورية الاسلامية نرى ان العمل بدستور عام 62 والعودة للنظام الانتخابي قبل التعديل الاخير وتطوير العمل السياسي باصدار قانون للاحزاب السياسية يتماشى وتطلعات الشعب الكويتي وخصوصية مجتمعه هي قضايا مستحقة للاستقرار السياسي! اما الحكومة المنتخبة فمع قناعتنا بانها لا تحتاج الى تعديل دستوري الا اننا نعتقد انه قد حان الوقت لعمل حوار شعبي واسع للوصول الى آلية مناسبة لتحقيقها.
هذه حقيقتنا… وهذه افكارنا… وهذه وسائلنا لتحقيقها… فأين الخلل؟! اننا ندعو الشعب الى ترك سياسة التخوين للآخر، وعدم اتباع سياسة الاقصاء التي تمارس اليوم من البعض ضد الحركة، فالكويت تسع الجميع!
الفصل الأخير من المسرحية
ما المبرر لهذا الهجوم غير المسبوق على الحركة الدستورية الاسلامية او ما يسمى بتيار الاخوان المسلمين بالكويت؟!
لماذا هذا التشويه المتعمد بالحق والباطل لهذه الحركة التي يشهد القاصي والداني على ادائها ونقاء منهجها وصفاء مسلكها؟!
لماذا هذا الفجور في الخصومة من قبل مجموعة يعرف الجميع عداءها للدين ورفضها لمظاهره؟!
كيف نفسر انتفاضة هذه المجاميع في وقت واحد ولهدف واحد وهو تشويه صورة التيار الاسلامي في الكويت؟!
نحن لم يعد يهمنا ردحهم وزيفهم كل يوم، فالناس لاحظوا كيف انهم خرجوا من طورهم واختل توازنهم عندما لم يجدوا من يصدق خزعبلاتهم حتى وصل بهم الخرف الى اتهام الحركة الدستورية الاسلامية او الاخوان المسلمين كما يحبون ان يسمونهم بالتخطيط للانقلاب على الحكم؟! وضربوا مثالا على سبب هذا الاستنباط الفهلوي ما حدث بعد صدور الحكم بسجن النائب مسلم البراك!! حيث ادعوا ان الاخوان المسلمين وراء كل ما جرى وانهم من خططوا له.
اذا كان مسلم البراك هو من صدر عليه الحكم! ومسلم البراك هو من ألقى خطابا ثوريا في الجماهير الحاشدة، واذا كانت كتلة الاغلبية هي من اعادت الخطاب، والجماهير في صباح الناصر والاندلس هم من ساروا في التظاهرات واحتك بعضهم برجال الامن! اذا كان كل هذا حدث امام اعين العالم كله فلماذا يتهمون «حدس» بانها وراء كل ما حدث؟!
حدث العاقل بما لا يعقل فان صدق فلا عقل له! لكن من هذا الذي يتهم «حدس» والاخوان بعدم الولاء للوطن ويتهمهم بإحداث البلبلة والفوضى؟! انهم مجموعة من داخل المجلس وخارجه، اما النواب فاحدهم متهم بسوء السمعة في عدة قضايا متعلقة بالامانة والسلوك وعندما صدر عليه حكم بالسجن هرب الى لندن ثم هو اليوم يطالب مسلم البراك بتطبيق العدالة! واما الاخر فمعروف بانه حصل على جنسيته بغير وجه حق ثم هو يقدم اقتراحا لحصر حق الترشح بالكويتي بالتأسيس!! وثالثة الاثافي نائبة اشتهرت بعدم المصداقية جهارا ونهارا مع الشعب الذي تمثل جزءا منه او عليه لا فرق، وتوقع الكثير ان تقدم استقالتها بعد انكشاف امرها احتراما لمن صوت لها، لكنها لم تفعل وطبعا لن تفعل، لانها كما قالت الفاضلة خولة العتيقي ماهقت على الله توصل علشان تستقيل!! وها هي منذ ان ترشحت لهذا المجلس وهي تتهم قطاعا كبيرا من هذا المجتمع بعدم الولاء وبانه يسعى للاطاحة بالحكم!! وتطالب بتطبيق القانون! ولعلها تقصد قانون الوحدة الوطنية الذي اهدرته بتحريضها للحكومة ضد فئة من المجتمع وتصريحاتها الكثيرة والداعية الى شق الصف الداخلي!!
اننا في الحركة الدستورية الاسلامية نرى ان تطبيق القوانين هو كل لا يتجزأ، ومبدأ غير قابل للاجتهاد، فتطبيق احكام المحكمة واجب، لكن الاولى ان تبادر الحكومة بتطبيق كل الاحكام من دون استثناء، ولتبدأ بابناء الاسرة ان كانت عليهم احكام قضائية واجبة التنفيذ! ان ظاهرة التمرد على الاحكام القضائية بدأت اول ما بدأت من تمرد بعض ابناء الاسرة عليها مرورا بتراخي الحكومة في تطبيق بعض القوانين على بعض المتنفذين! والامثلة كثيرة تتحدث بها الدواوين وتمتلئ منها صفحات «تويتر» و«الفيسبوك» والغريب ان اغلب نواب المجلس «بوصوت» لا يرون الا تطبيق القانون على مسلم البراك!! حتى ان واحدة من نوائب الدهر وصفت وزير الداخلية وصفاً غير لائق!! ولم يعاقبها احد بل ولم يوبخها احد!!
ان ما يجري على الساحة المحلية هذه الايام ما هو الا مسرحية، خطط لها وكتب السيناريو في مكان آخر وابطالها كل نطيحة ومتردية في مجتمعنا الصغير واخرجها لهم اكرم العرب!! ونحن اليوم نعيش فصولها الاخيرة، لكنها بفضل الله فشلت قبل ان تنتهي حيث كان يفترض ان يتم الاعلان عن تورط بعض ابناء البلد المخلصين بقضايا امنية، مهدت لها بادعاء ان ذخيرة تمت سرقتها من مخازن الوزارة وتحميل هذه الشريحة مسؤولية تهييج الشارع ضد السلطة، لكن نسوا ان الله بالمرصاد، وانه ما يصح الا الصحيح، وان منخل الفساد والدجل لا يحجب شمس الحقيقة «وَاللَّهُ غَال.بٌ عَلَى أَمْر.ه. وَلَك.نَّ أَكْثَرَ النَّاس. لَا يَعْلَمُونَ».
الحوار بين السنة والشيعة
عندما نختصر الحراك السياسي في علاقة مسلم البراك بعبيد الوسمي فاننا نكون قد ظلمنا العمل السياسي للمعارضة، والشيء نفسه يقال فيمن يعتقد ان رأي اطراف في هذا الحراك في وليد الطبطبائي يحدد قوة الحراك وتماسكه فانه اعتقاد فاسد وجائر! التحرك الشعبي اكبر من مسلم وعبيد، وعمل المعارضة السياسية أشمل من علاقة وليد بجمعان او فيصل! لذلك من كان يحصر الحراك في تلك العلاقات فانه يتحدث عن فشل الحراك وضعف تأثيره، ومن ير ان العمل السياسي أشمل وأعم من الافراد وعلاقاتهم فانه يرى ان الحراك ما زال يتنفس وما زال مؤثرا في هذا المجتمع الصغير، ولعل بيانات الاغلبية الاخيرة تؤكد هذه الحقيقة، حيث الاجماع على الاولويات والاتفاق على رؤية موحدة مع اختلاف التشكيلات التي يتحركون من خلالها مما يعطي الامل لكل المحبين للحراك والمتابعين له بتجاوز الخلافات الفردية وضعف تأثيرها على المسيرة.
•••
• التقيت في احد دواوين مشرف بنخبة من شباب الشيعة المثقف، ودار بيننا حديث لا تنقصه الصراحة، وخرجت من الديوان بعدة انطباعات لا يسعني المجال الا لتسجيل القليل منها لعل في تعميمها للقارئ ما يفيد:
ــــ تبين لي ان بعض الشيعة يؤمن بان بعض السنة او غالبيتهم يعتقدون بان قتل الشيعي يدخل السني الجنة ويجمعه مع الحور العين!! ولذلك يفسرون ما يحدث في تفجيرات كربلاء وبغداد وغيرهما من المزارات الشيعية! وهذا طبعا خطأ وغير صحيح، فعقيدة اهل السنة والجماعة تحرم قتل المسلم «لا يحل دم امرئ مسلم الا في ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والخارج عن الدين المفارق للجماعة» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى قتل هؤلاء لا يجوز الا بأمر من ولي الامر وهو الحاكم المسلم الذي يطبق شرع الله في الدولة الاسلامية، ولو ترك تنفيذ الحدود لمن هب ودب لاصبحت شوارعنا هذه الايام أنهرا من الدماء!
ــــ يعتقد بعض هذه النخبة المثقفة ان الذي يدعم الجيش السوري الحر هو الذي يتسبب في زيادة معاناة الشعب السوري، لان ذلك يطيل من امد المعركة ويقلل من فرص الحل السلمي!!
(لا تعليق)
ــــ اعتقد ان المطلوب في موضوع العلاقة بين السنة والشيعة ليس الحوار من اجل التقارب، لا… فالمذاهب التي عاشت مختلفة مئات السنين لن ينفع الحوار في تقاربها ولو طال امده، لكننا محتاجون الى الحوار بصراحة وشفافية كي يفهم بعضنا بعضا على حقيقته، فإما نزيل اللبس والمفاهيم الخاطئة ان وجدت، وما ينتج عنها من خوف تجاه الطرف الاخر، او نؤكد الانطباعات العالقة! وهذا بحد ذاته يساهم في ترشيد العلاقة بين الطرفين، بمعنى اخر لا نريد حوار جمعية الاخاء التي تسعى الى تقارب المذاهب، فهذا جهد كالسراب لا مجال للحصول عليه، بل نريد حوارا اولا لمعرفة كل منا الاخر بشكل صحيح من دون رتوش، وثانيا لازالة الخوف الموجود في النفوس من نوايا كل طرف تجاه الطرف الاخر، وهنا فقط نقول مرحبا بالحوار.
تجربة الإسلاميين في مصر (2 – 2)
تحدثنا في المقالات السابقة عن تجربة الاسلاميين في الحكم، وضربنا امثلة في المغرب وتونس ومصر. وقد تبين لنا انه عندما يكون الاستقرار تكون التنمية والتقدم الحضاري كما هي الحال في المغرب وبشكل مقارب تونس! ولكن عندما يكون التأزيم والاضطرابات المفتعلة تتوقف حركة التنمية، ويتلاشى الأمن، ويختفي الازدهار الاقتصادي، وهذا ما يخطط البعض للوصول اليه في مصر!
الاسلوب الذي اتبعه الفلول لافشال حكم الاسلاميين لمصر نجح جزئيا في اشغال الرأي العام العربي باحداث مصر، واعطى انطباعاً ان الحكم عاجز عن قيادة البلاد الى بر الامان! وان الجميع ضد الرئيس محمد مرسي، بينما الواقع خلاف ذلك، حيث ان الرئيس مع كل ما يقذفه الاعلام المأجور عليه من غث، فإنه لم يلتفت اليه، واستمر في خطى ثابتة لانجاز ما خطط له، فبدأ باستكمال بناء مؤسسات الدولة، واستطاع ترتيب تدفقات مالية على الميزانية العامة من عدة مصادر، ليس بينها من دول الخليج مع الاسف الا قطر! واعلن عن آلاف الوظائف، وبدأ في بناء مئات المساكن للمحتاجين، ومنع استخدام مصر محطة لعبور عمليات غسل الاموال، ولعل هذا احد الاسباب التي جعلت بعض الدول تعادي الرئيس مرسي! واعطى لحركة المقاومة الفلسطينية اعتبارا، وفتح معبر رفح، وساهم في انعاش قطاع غزة اقتصاديا ولو مؤقتا، وجعل القاهرة مقرا للمعارضة السورية، واعلن انه يرفض ان تكون مصر موطنا للتشيع، وقال في طهران ما عجز عن قوله حنابلة العرب، ثم يأتي بعد ذلك من يتفلسف ويتهمه بانه توجه نحو طهران! واسمحوا لي بان انقل لكم بتصرف ما ذكره الاخ تراحيب العجمي في هذا المقام من رأي يستحق ان اقرأه جيدا «تنصلنا لحماس وحاربناها خليجيا، بينما ايران دعمتها بخمسين مليون دولار شهرياً، وفتحت لها مكتبا في طهران! اما مصر فإن موقف دول الخليج اقل ما يقال عنه انه متواطئ! حيث دعمنا الفلول وسخرنا قناة العربية وسكاي نيوز للتشكيك، وكل هذا خوفا من اي نجاح يمكن ان يحققه اي شكل من اشكال الاسلام السياسي ــ الاخوان ــ وفي المقابل، ايران تحاول ان تقدم الكثير من الاستثمارات ودعم سياحي وتودد غير مسبوق وغيره! وبعد كل هذا يأتي من بعقله لوثة ويقول: أرأيت كيف يتعاون الاخوان مع الشيعة؟!» (انتهى). الغريب ان بعض من يعترض على الرئيس مرسي خليجيون! وجن جنونهم عندما تم افتتاح خط طيران بين القاهرة وطهران، حرصا على الاسلام من ان يؤتى من قبل الاخوان! وتناسوا ان اكثر من أربعمائة ألف ايراني يقيمون في الإمارات، بينما تفتتح الكويت خطا جديدا للطيران بين الكويت ومشهد! ناهيك عن عشرات الآلاف من الايرانيين يهتفون سنويا وبصوت واحد وتحت استار الكعبة: لبيك يا حسين! فمن اراد ان يصلح خلق الله فليصلح أهل بيته أولا؟!
سينجح الرئيس مرسي في تجاوز عنق الزجاجة، ولم يتبق له من المرافق التي اوجدها نظام حسني مبارك الا القضاء، الذي يسعى جاهدا لايقاف اصلاحاته المتسارعة لانه يعلم ان الدور عليه!
***
سؤال بريء:
لماذا صمت أعضاء مجلس الصوت الواحد عن التدخل الإيراني السافر في دول الخليج؟ علما باننا نسمع يوميا اعلام هذه الدول ينشر صور هذا التدخل وخطورته على أمنها واستقرارها، بينما نراهم يحاولون صرف النظر عن هذا الموضوع بتكرار الحديث عن خلية الإمارات وعلاقتها بالكويت!
تغريدة أعجبتني: 126 رحلة اسبوعيا بين طهران ودبي، بمعدل 18 يوميا، منها 55 من طهران، شيراز 16، بندر عباس 9، مشهد 6، اصفهان 4، كيش 21، قشم 15، أيهما الأولى بالقلق مصر أم الإمارات؟!
تجربة الإسلاميين في مصر 2-1
في مطلع عام 2011 ثار الشعب المصري على نظام حسني مبارك، الذي اتسم بالظلم والاستبداد وقهر الناس، ووصل الفساد خلاله إلى مستويات غير مسبوقة، وتمكّن خلال أسابيع قليلة من إسقاط النظام، وتسلّم العسكر بعده الحكم مؤقتا، لتسيير شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات برلمانية شاملة. وأثناء حكم العسكر رفع المتظاهرون شعارات محددة، أهمها: الإسراع في إجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وتطهير القضاء، وإعادة محاكمة حسني مبارك، بعد أن ثبت تورّط النائب العام الذي لم يقدّم أدلة كافية إلى المحكمة تدين الرئيس المخلوع، وأخيرا المطالبة بإنهاء حكم العسكر وتسليم السلطة إلى رئيس مدني يأتي بالانتخاب الحر المباشر!
وفعلاً تم انتخاب رئيس مدني بانتخابات شهدت بنزاهتها مؤسسات المجتمع المدني الدولية والمحلية التي راقبتها، وقام هذا الرئيس بتحقيق بقية مطالب الثورة، وخطا خطوة جريئة بإنهاء حكم العسكر، وتسلم السلطة التنفيذية كاملة، وأعاد محاكمة الرئيس المخلوع، بعد أن شاب الحكم الصادر كثيرا من العوار، وشكّل اللجنة التأسيسية لإعداد مسودة الدستور الجديد، وكل ذلك لم يكن ليتم إلا بإصدار إعلانات دستورية رئاسية، وهذا ما حصل. وبعد أن اعترض البعض على طبيعة بعض هذه الإعلانات، ألقى الرئيس خطابا أوضح فيه أنها إعلانات مؤقتة، تنتهي بإعلان الدستور الجديد، اي ان مدتها أسابيع معدودة فقط، ومع هذا عدل وألغى في بعض هذه الإعلانات لتهدئة الناس، وبالذات في موضوع تشكيل اللجنة التأسيسية.
طبعا أول من انزعج من قوة الرئيس الجديد وجرأته في التغيير هم بعض رجال القضاء! فأثاروا المشاكل والقلاقل، وأصدروا قرارات جائرة قضت بحل البرلمان المنتخَب، وكادوا أن يعلنوا بطلان انتخاب الرئيس، لولا أن الإعلان الدستوري أجهض مخططاتهم، وحرصوا على إشغال الرئيس بنفسه بدلا من ان ينشغل بإصلاح البلد، وتحريك التنمية، والانتقال إلى عهد الدولة الحديثة، خصوصاً أنهم علموا أن الرئيس بدأ باجتثاث رموز الفساد في العهد البائد، وكان واضحا من توجهات قنوات إخبارية تملكها بعض دول المنطقة أنها تنفذ مخططا لتغيير الرأي العام وتوجيهه ضد الرئيس وتشويه جماعة الإخوان المسلمين، وهذا أصبح ملحوظا لكل مراقب، حتى أصبح الناس يتندرون من تحميل الإخوان مسؤولية كل مشكلة تحدث في العالم! وقد حدّثني سائق التاكسي، وهو يمر بي على ميدان التحرير أنه يتسلم مبلغ 200 جنيه كل جمعة للتواجد في الميدان والهتاف ضد الرئيس والمرشد!
التيار الليبرالي في مصر، وبعد أن شكّل مع الفلول جبهة الإنقاذ، كما يسمونها، بدأ منذ اليوم الأول بحرب إعلامية تعتمد على الكذب لتشويه الخصم، وهذا الإجراء ذكّرني بخطاب للرئيس عبدالناصر أمام مجلس الشعب بعد حادث المنشية المفبرَك، كي يبرر ضرب تنظيم الإخوان والزج بهم في السجون، قال: «طلب مني المرشد العام أن أفرض الطرحة (الحجاب) على بنات الجامعة، فقلت له ولماذا لا تلزم بنتك أنت بلبسها قبل أن تطلب مني فرضها على الآخرين؟!». فضحك الناس! هكذا من دون حياء يكذبون على الناس، لأن الإعلام بيدهم، ومع الأسف يصدّ.قهم الناس المغرَّر بهم طوال هذه السنوات. وفي أيامنا هذه يعيد التاريخ نفسه، فهاهم يستخدمون الكذب والتشويه نفسيهما لتمرير أفكارهم، حيث قالوا إن الرئيس يريد أخونة الدولة! وضربوا أمثلة بتشكيل الحكومة واختيار المحافظين وتعيين رؤساء تحرير الصحف، ونظرة سريعة ومنصفة إلى هذه الأسماء تجد أنها ادعاءات باطلة، حيث إن تواجد الإخوان هو في الحد الأدنى في كل هذه التشكيلات، مع أنه في كل دول العالم يختار الرئيس الفريق الذي ينسجم معه ومع أفكاره، وعادة يختار الحزب الحاكم كل أعضاء حكومته من حزبه، ما لم يكن مضطرا للائتلاف مع حزب آخر، ومع كل ما سبق حرص الرئيس مرسي على أن يكون الإخوان أقلية في كل هذه المؤسسات، وقد حرصت على قراءة «الأهرام» و«الأخبار» و«الجمهورية»، وهي من الصحف التي تم تعيين رؤسائها، فوجدت أغلب المقالات تنتقد مرسي بالحق وبالباطل.
الحديث يطول في هذا المجال، وفي المقال المقبل سأتحدث -بإذن الله- عن أكذوبة التشيع في مصر، والإصلاحات، التي تمت في عهد رئيس لم تمض عليه ثمانية أشهر في الحكم! ولعلها كانت كافية كي يستعجل خصوم مصر محاربته ومحاولة إيقافها.