من اكثر الامور غرابة ان يكذب الانسان امام الناس والاعلام وهو يعلم انه يكذب! بل ويكرر كذبته في كل مناسبة إعلامية! هذا النوع احياناً يكذب بقصد تضليل الآخرين وتشويه الخصوم، واحيانا هو يكرر كلاماً سمعه من غيره وصدقه من دون التثبت من صحته! ومن امثلة ذلك ما ذكره احد المحاضرين بالامس في ندوة مركز دراسات الخليج والجزيرة عندما قال منتقداً الحركة الدستورية الاسلامية انها كانت مسيطرة على وزارة التربية في الكويت طوال العقود الماضية! ومما يؤسف له ان بعض المثقفين يكرر هذه المقولة في كتاباته رغم اننا اثبتنا بطلان هذا الافتراء واكدنا ان كل المسؤولين الذين تناوبوا على وزارة التربية من وزراء ووكلاء لا ينتمون الى الحركة الدستورية بصلة، لا من قريب ولا من بعيد! بل واثبتنا ان معظم الوزراء والوكلاء هم من التيار الليبرالي والذي نعتقد انه سبب تخلف مهنة التعليم والتربية. ومع هذا تجد من يكرر هذا الافتراء الى اليوم، ومن بعض مثقفينا!
ما حدث عندنا يحدث منذ فترة في مصر ام الدنيا، فمنذ اليوم الاول لتسلم محمد مرسي الحكم فيها اتهموه بأخونة الدولة! ومرت هذه الاكذوبة على كثير من الناس، بل وعلى المثقفين منهم، وكان آخرهم الزميل د. محمد المقاطع في مقالته امس في القبس! وأي منصف يعلم جيداً ان مرسي لم يمارس هذا الاسلوب – ولعل هذا كان خطأه الذي قتله – لانه أراد منذ اليوم الاول مشاركة الجميع في بناء الدولة، لذلك عرض المشاركة في مجلس الوزراء على المعارضة التي رفضت، ثم شكل اول مجلس وزراء مكون من ثلاثين وزيراً منهم ثلاثة من الاخوان المسلمين، واعاد تعيين المحافظين السبعة عشر وكان منهم ثلاثة فقط من «الاخوان»، وجاء مجلس الشورى وشكل رؤساء تحرير الصحف الأربع عشرة وليس بينهم واحد من «الاخوان»، حتى انني قرأت «الأهرام» ووجدت فيها عشر مقالات، تسعة منها تشتم الرئيس مرسي! ويكفي للتدليل على ما اقول ان وزارات السيادة تركها للآخرين مثل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية!
والحقيقة ان هذا التجرد من الانتماء بدعوى ان رئيس مصر لكل المصريين هو الذي ضيّع الرئيس وجعله عارياً أمام خصومه وفي مرمى نيرانهم! بينما المعلوم في الديموقراطيات الحديثة ان اي حزب يفوز بالحكم هو الذي يشكل الحكومة منفردا ما لم يضطر الى تشكيل ائتلاف مع الآخرين في حالة عدم حصوله على اغلبية كافية، وذلك حتى يدير الدولة بانسجام واريحية من دون عرقلة من الآخرين، لكن ما حدث ان خصوم الرئيس اتهموه بهذه التهمة منذ اليوم الاول الى ان تم الانقلاب عليه من العسكر!
الغريب ان التيارات الليبرالية والعلمانية في العالم العربي كشفت عن سوءتها عندما هللت للانقلاب على الشرعية، ويبدو ان الحقد الدفين للاخوان اخرجهم عن اتزانهم وانساهم مبادئهم التي كانوا يخدعون الناس بها، بل وصل بهم العمى السياسي الى ان برروا للعسكر انقلابه وأخذوا يمارسون الكذب السياسي بكل وقاحة، حتى قال قائلهم ان الجيش اعاد الثورة الى اهلها! وتحججوا بالملايين التي أُخرجت للميادين يوم الثلاثين من يونيو والتي فضحهم صاحبهم عكاشة عندما قال ان ستة مليارات من الدولارات صرفت في ذلك اليوم! والدليل على صدقه، وهو كذوب، ان الدعوة الثانية للمليونية للمحافظة على الثورة يوم الاحد الماضي احرجتهم وبينت ان الناس الذين خرجوا بالملايين في ذلك اليوم لن يخرجوا مرة ثانية!
وحتى تزداد جراح التيار الليبرالي عندنا طالبت حركة تمرد الرئيس المؤقت بحل حزب الحرية والعدالة ومنع منتسبيه من ممارسة العمل السياسي مستقبلا! ومع هذا لم ينكر عليهم احد، بالضبط كما حدث عندما اغلق الحاكم العسكري محطات القنوات الفضائية للاسلاميين وزج بالقيادات الاسلامية في السجون منذ اليوم الاول للانقلاب! ولعل ما احرج اتباع بني علمان ان سنة كاملة هي فترة الرئيس مرسي بالحكم لم يتم سجن واحد من خصومه ولم تغلق محطة تلفزيونية واحدة!
***
• بمناسبة شهر رمضان المبارك نتقدم بالتهنئة الى القراء الكرام وعموم الشعب الكويتي والمقيمين بان يجعل الله هذا الشهر شهر خير وبركة ونصرة للامة على اعدائها، وحقن دماء الشعب السوري واعادة كرامته له.. وكل عام وانتم بخير.
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
العلمانيون وسقوط الأقنعة
رغم ان الاوضاع في مصر ما زالت قاتمة، والصورة فيها غير واضحة، فإن احداث الايام الثلاثة الماضية كانت كفيلة بتثبيت بعض الحقائق الدامغة، التي لا تحتاج الى مزيد من الاثبات ونوجزها بما يلي:
– الجيش يقوم بخلع الرئيس المنتخب انتخابا حرا وفقا للدستور في انقلاب عسكري نتج عنه منعه من ممارسته لسلطاته الدستورية.
– الجيش في بيانه الانقلابي يعين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد بدلا من الرئيس المنتخب، ثم يتبين ان المحكمة الدستورية ليس لها رئيس، فيتم تعيين نائب الرئيس الذي يقسم اولا كرئيس للمحكمة ثم يذهب ليقسم كرئيس للدولة!
الغريب ان الرئيس الجديد قال في قسمه انه يحترم الدستور (..!!) ثم يتبين ان الدستور الذي اقسم تواً على احترامه دستور معطل بنص القرار، الذي عينه رئيساً للدولة! لذلك لم يتردد السيد أحمد السعدون من التصريح بان قسم هذا الرئيس باطل!
– في بيان الانقلاب صرح وزير الدفاع، رئيس الانقلاب العسكري، انه لن يتم اقصاء احد من المشهد السياسي المقبل، وان الجميع مدعوون للمشاركة في الانتخابات المقبلة، بمن فيهم الاخوان المسلمون! ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟!
بعد تلاوة البيان الانقلابي بدقيقة واحدة تدخل قوات الجيش والشرطة مبنى عدد من القنوات الفضائية المحسوبة على التيار الاسلامي وتغلقها، وتقبض على عدد من العاملين فيها! ثم ماذا؟! ثم يتم الاعلان عن القبض على عدد من القيادات الاسلامية ومطاردة آخرين! ويقوم النائب العام العائد للسلطة باصدار عدد من القرارات قبل مغادرته لمكتبه، معتذراً عن المنصب، واهم هذه القرارات احالة الرئيس محمد مرسي الى النيابة بتهمة اهانة القضاء، واحالة المرشد العام ونائبه الى النيابة بتهمة قتل المتظاهرين في المقطم، (طبعا يقصد الثوار الذين ذهبوا الى اطراف القاهرة، حيث المقر الرئيسي لجماعة الاخوان المسلمين، حاملين معهم المولوتوف والخرطوش، والذين أحرقوا المقر ونهبوا ما فيه بعد ان قتلوا ستة من الاخوان المتواجدين هناك لحراسته، لذلك النائب العام لم يوجه التهمة لقيادات جبهة الخراب لتحريض المتظاهرين على التدمير والحرق والنهب والقتل، بل ازعجه وقض مضجعه ان احد هؤلاء قد قُتل)!
– اثناء حكم الرئيس مرسي لم تغلق أي صحيفة، وكان الرئيس يُشتم صباحا ومساء من سبع عشرة قناة فضائية من بعض القنوات الممولة من اموال بعض الخليجيين، ولم يحل احدا الى النيابة، وان تم ذلك، فانه يخرج مباشرة وبكفالة مالية من احد القضاة الذين تمتلئ بهم محاكم المحروسة!
– اثناء حكم الرئيس مرسي لم يُسجن أي من خصومه السياسيين بسبب موقفه السياسي، بينما مع اول ساعة من الانقلاب العسكري يصبح عشرات القياديين في الحزب الذي فاز بالانتخابات مطلوبين للعدالة!بتهم ملفقة ومعلبة.
– أغرب ما سمعت ان الرئيس مرسي يتهم بأنه فشل في حل مشاكل مصر في اول سنة، بينما يطالب البعض الآن باعطاء الحكومة الانتقالية فترة من سنتين الى ثلاث سنوات كي تتمكن من الاعداد لانتخابات برلمانية!
– يتحجج المؤيدون للانقلاب العسكري بان خروج الشعب المصري بهذه الاعداد كاف لاعطاء شرعية للاطاحة به كما فعل مع نظام حسني مبارك! والحقيقة ان هذا الكلام صحيح لو كان مرسي قد جاء للحكم كما جاء مبارك، ولكن عندما يتم انتخاب رئيس للدولة انتخابا حرا ونزيها من قبل اغلبية الشعب، الذي ذهب للادلاء بصوته، فان اقالته لا تتم الا بالطريقة نفسها! وهنا نتذكر ما قاله الرئيس مرسي في خطابه ان المعارضين ما دام ان لديهم اغلبية شعبية، فلينتظروا حتى تتم انتخابات البرلمان، والمتوقع لها اكتوبر المقبل، وان حصلوا على ثلثي الاصوات فبامكانهم وفقا للدستور ان يخلعوا الرئيس فورا!
– تم تعطيل الدستور الجديد! وهو الدستور الذي تم الاستفتاء عليه شعبياً وتمت اجازته باغلبية ساحقة ممن ادلى بصوته، ثم يأتي العسكر ليعطلوه بقرار انقلابي!
الخلاصة…..
المخجل ان التيار الليبرالي والعلماني في الكويت والخليج بارك الانقلاب! وأيده منذ اللحظة الاولى، وبارك تعطيل الدستور واغلاق الصحف وتقييد الحريات وملاحقة الخصوم السياسيين، ولقد اطلعت على كتابات كبارهم وتعليقاتهم، ولم استغرب فرحتهم وتهليلهم للانقلاب على مرسي، ولكن كنت أتمنى لو انني سمعت تحفظهم على تقييد الحريات الصحفية واقصاء الخصوم السياسيين، وهي المبادئ التي تقوم عليها فلسفة فكرهم وايديولوجيتهم، ان كان ما زالت لديهم بقية من الايديولوجية المعتبرة!
اقول للرفقاء هؤلاء، لا تستعجلوا قطف الثمرة، فقد فقدتم مصداقيتكم عند اتباعكم وعند الناس، وهذه النتيجة الاهم من نجاح انقلابكم او فشله!
الكفر بالديموقراطية
إذا سقط النظام في مصر بسبب غير السبب الذي وصل به إلى الحكم – وهو الانتخابات الحرة النزيهة – فهذا ستكون له انعكاسات خطرة ليس على مصر فقط بل على المنطقة العربية والاسلامية والعالمية كذلك. واول هذه الانعكاسات سيكون كفر الناس بالديموقراطية كاسلوب حياة وبالانتخابات كوسيلة لها! لان الناس لا يزالون يذكرون ما حدث في الجزائر قبل عشرين عاما عندما اجريت اول انتخابات تشريعية عامة في البلاد بعد حكم دكتاتوري متسلط استمر لعقود طويلة من الزمان ونجح فيها حزب اسلامي، هو جبهة الانقاذ، بقيادة الشيخ عباسي مدني، غير أن العسكر لم يمكنوه من الحكم، حيث اتهموه بتهم باطلة وانقلبوا عليه وزجوا بجميع قيادات الجبهة بالسجون وزوروا الانتخابات بعد اعادتها واعادوا الحكم الدكتاتوري من جديد.
اليوم يكاد التاريخ ان يعيد نفسه! فبعد ان وصل محمد مرسي الى الحكم في انتخابات لم تشهد لها مصر مثيلاً في نزاهتها وشفافيتها، وبعد ان اعطى للحرية معنى وشعر المواطن المصري للمرة الاولى انه آمن في بيته من زوار الفجر وزبانية النظام، وبعد ان خسر فلول النظام البائد كل الامتيازات الحرام التي كانوا يتمتعون بها والتي بسببها استولوا على مقدرات الشعب وجعلوه من افقر شعوب العالم، اليوم يتباشر المعارضون للرئيس المنتخب ببيان القوات المسلحة ويطالبون الجيش بالتدخل والانقلاب على الشرعية! وطبعا لو حدث ذلك لا قدّر الله فاننا لن نُفاجأ اذا سمعنا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي تبارك هذا التحول اللاديموقراطي وتدعمه، لان هذا بالضبط ما حدث بعد الانقلاب على الشرعية في الجزائر، حيث انكشفت الديموقراطية الغربية وظهر زيفها للعالم اجمع.
إن الانقلاب على الشرعية الدستورية، سواء بالعسكر او بالبلطجة والثورة المضادة، سيؤدي بالناس الى الكفر بالممارسة السياسية التي لم تعد تصلح كاسلوب حياة من خلالها يرتب الناس امور دنياهم، لان الذي يفشل في الوصول الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع لن يهدأ له بال الا بالانقضاض على الحكم بالقوة واثارة البلبلة والفتن في الشوارع واستجداء العسكر لالغاء المكتسبات الدستورية للشعب! واخطر ما في الامر ان الوسطية الاسلامية لن تجد لها مكانا في نفوس اتباع المنهج الاسلامي بل سيحل مكانها التطرف والعنف والقوة كوسائل لاغتصاب الحقوق المهدرة. وسيقول اتباع هذا المنهج لقد تبعناكم في الاسلوب الديموقراطي الهادئ لكن الايام اثبتت انه اسلوب فاشل، حيث البقاء في هذا الزمان للاقوى! (وبلا ديموقراطية وبلا بطيخ)، وسينتشر الفكر الذي نسميه اليوم بالمتطرف، وسيمارس اسلوب اقصاء الآخر كما مارسه دعاة الديموقراطية وحماتها عندما اقصوا الاسلاميين مع انهم هم الذين وصلوا إلى الحكم!
اللافت للنظر اننا لم نسمع من أدعياء الديموقراطية وحماة حقوق الانسان في الكويت تأييدا للشرعية الدستورية في مصر ولم نشاهد أياً منهم من طالب في كتاباته باحترام الارادة الشعبية والانتظار لحين انتهاء المدة الدستورية للرئيس المنتخب ثم اسقاطه بالارادة الشعبية! طبعاً نحن نعلم ان هذا لن يحدث لان أي لجوء للصناديق اليوم سيأتي بنتائج لا تناسبهم ولا تحقق حلمهم ومرادهم، لذلك لسان حالهم يقول اما ان تأتي الانتخابات بمن نريد واما «بلاش انتخابات ومرحى بالجيش!»، بقي ان ندلل على سوء التصرف ورداءة الموقف للمعارضين للشرعية عندما طالبوا بأمرين غريبين: الاول عمل استفتاء على الدستور بعد الغاء المواد التي لا تتوافق مع هواهم! وهم يعلمون جيدا ان الشعب المصري بكل فئاته قال كلمته في الاستفتاء على الدستور الجديد وباركه باغلبية واضحة! والامر الآخر انهم طالبوا بان يتولى رئيس المحكمة الدستورية ادارة شؤون البلاد الى حين انتخاب رئيس جديد! وهم يعلمون ان المحكمة الدستورية هي التي كانت تعطي حسني مبارك نتيجة %99.99 في كل انتخابات! لذلك لا نستغرب عندما تكون عودة النائب العام السابق احد مطالب المعارضة، كما ان مطالبتهم باقصاء جماعة الاخوان المسلمين من العمل السياسي امر يدلل على مدى ايمانهم بالديموقراطية واحترام حرية الرأي!
حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
«البلد حوسه… والشعب محتاس»
«البلد
في حوسه…. والناس محتاسه»
حكم الدستورية دستوري…. والا حكم سياسي؟!
مجلس 2009 راجع والا غير راجع..؟! هل هو ابطال مجلس ام حل مجلس..؟! هل صدر مرسوم دعوة الناخبين ام لم يصدر؟! هل نشر المرسوم بالجريدة الرسمية ام لم ينشر..؟! هل سيفتح باب الترشيح لانتخابات جديدة ام لم يحسم الامر بعد..؟! هل ستكون الانتخابات في رمضان ام سيتم تأجيلها..؟!
اسئلة كثيرة في ذهن كل كويتي تبحث عن اجابة، ولكن لا احد يعرف الاجابة!! فلا الحكومة تعرف ولا المعارضة تعرف، وطبعا من باب اولى حتى المواطن العادي لا يعرف اجابة عن هذه الاسئلة! اذاً ما هو تفسير هذا الوضع الغريب؟ وكيف وصلت الامور الى هذه المرحلة التي كشفت المستور ورفعت الغطاء عن الوضع الخاطئ الذي نعيشه؟!
اكاد اجزم انه مهما كانت الاجابات، فان الوضع الخاطئ سيستمر سنوات مقبلة ما لم نتدارك الامر ونضع حدا لهذه المتوالية غير المتناهية من الاخفاقات في العمل البرلماني والسياسي!
انني اعتقد ان اول اسباب هذا الوضع الغريب والشاذ هو عدم قناعة بعض القريبين من اصحاب القرار بالدستور وبالعملية الديموقراطية، واعتقادهم انها سبب حرمانهم من العيش بالطريقة التي كانوا يتمنونها أي لا حسيب ولا رقيب وشعارهم «البيت بيت ابونا….»!! ولذلك لاحظنا انه منذ عام 2006 الى اليوم أجرينا خمسة انتخابات برلمانية، بمعدل انتخابات واحدة كل خمسة عشر شهرا!! وهذا دليل على المحاولات اليائسة لدى البعض لتكريه الناس بالديموقراطية وما ينتج عن ممارستها.
ومن الملاحظ ايضا ان المال السياسي استعمل في السنوات الاخيرة بشكل واسع وسافر! حتى وصل الامر الى رشوة النواب انفسهم فيما يسمى بفضيحة الايداعات والتحويلات!! ولعل تكليف الشيخ جابر المبارك اخيرا جاء لتصحيح هذه المسيرة لما عرف عنه من نظافة اليد. لكن تبقى مشكلة تشكيل الحكومات الازلية وأقصد بها التدخل من اكثر من طرف في التشكيل حتى ان سمو الرئيس يصرح اكثر من مرة ان هذه الحكومة ليست حكومتي!! أما الجهاز القانوني للدولة فحدث ولا حرج! فلا الفتوى والتشريع ولا المستشارون القانونيون لديهم التأهيل الكافي لممارسة هذا الدور بشكل سليم! ولعل مجريات الاحداث التي نعيشها اليوم من تخبط في الامور الاجرائية خير دليل على ما نقول! اما مجلس الامة فعندما كانت المعارضة السياسية متواجدة بقوة فيه كنا نشتكي من ضعف التعاون بين السلطتين وكثرة الصدام وما ينتج عن ذلك من تعطل لمشاريع التنمية، ولكن فوجئنا انه حتى بوجود مجلس تملك فيه الحكومة اغلبية مريحة كان الصدام هو سيد الموقف، ولعل الاستجوابات التي قدمت بالمجلس الاخير خير دليل على ما نقول! واعتقد ان ذلك يرجع لسببين :- الاول غياب العمل السياسي المنظم (الاحزاب) مما يجعل الفردية اللاعب الاساسي في المسيرة البرلمانية وما ينتج عنها من ضياع البوصلة عند اكثر اللاعبين! اما السبب الثاني فهو الصراع المحتدم داخل اجنحة الحكم!! حيث اصبح النواب محسوبين على اطراف واجنحة في مؤسسة الحكم بدلاً من تبعيتهم لاحزابهم او قبائلهم او جماعاتهم! ولعل هذا كان واضحا في طبيعة استجواب وزير الداخلية!!
هذا تبسيط لاسباب ما يجري اليوم على الساحة السياسية والبرلمانية، نقولها ونكررها في محاولة شبه مستحيلة للاستفادة من اخطائنا وتجاربنا. واليوم قد تجري الانتخابات قريبا وسط تباين شعبي بين مشارك ومقاطع، في تجسيد واضح لحالة الحوسه التي تعيشها البلاد، ونعتقد انه مناسب ان نقول للجميع انه يجب ان نتقبل اختلاف الآراء في القضايا الاجتهادية، فلا يجوز ان اشكك في وطنية الناس وولائهم لبلدهم اذا خالفوني الرأي سواء بالمشاركة او المقاطعة، فمن شاء فليشارك بالتصويت ومن شاء فليقاطع العملية الانتخابية، وكل حرّ في تبيان وجهة نظره والدفاع عنها، لكن ما يؤسف له اننا مازلنا مصرين على اعادة الكرّة مرة اخرى وبالاتجاه نفسه والاخطاء نفسها، وسننتخب مجلس امة جديدا في شكله وقديما في مسلكه، وسيتم حله او ابطاله قبل ان يستكمل مدته وينجز مهامه، ونعود للمربع الاول، ويستمر البلد في حوسته ويظل الشعب محتاسا!
المبدأ واحد لا يتغير
قبل نهاية اللقاء التلفزيوني الذي جمعني مع الزميل د. عبدالمحسن جمال على شاشة قناة اليوم، اثار الزميل المحترم موضوع مشاركتنا كتيار للحركة الدستورية الاسلامية مع بقية التيارات في انتخابات مجلس 1981 مع انه جاء بمرسوم ضرورة غير الدوائر من عشرة الى خمسة وعشرين! وتساءل مستغربا ومستنكرا: كيف ترفضون اليوم المشاركة وتدعون انكم اصحاب مبدأ؟!
ولما كان البرنامج في نهايته ويتحكم فيه مقدم ومدير للحوار فقد التبس على البعض من الاصدقاء والمتابعين فهم اجابتي مما اجد من المناسب ان اوضح ما قصدت في هذا المقال!
نعم… كانت مشاركتنا في مجلس 1981 من اجل المبدأ، وجاء رفضنا للمشاركة في مجالس مراسيم الضرورة للمبدأ نفسه! وقد تقول وكيف ذلك؟! والجواب انه في عام 1980 اعلنت الحكومة نيتها لتعديل الدستور وشكلت لجنة لذلك، ولكن اللجنة خيبت ظن الحكومة عندما جاءت تعديلاتها في غير رغبتها، ثم اعلنت عن مقترحها لتعديل الدستور نحو تقليص ادوات البرلمان الرقابية وعدلت الدوائر الانتخابية لتحقيق اغلبية برلمانية تساعدها على تمرير التعديل المطلوب، وهنا قررت المعارضة السياسية بكل اطيافها الدخول في البرلمان لاجهاض الارادة الحكومية، وهذا ما حصل عندما اضطرت الحكومة في نهاية المطاف الى سحب مقترحها واغلاق باب التعديل الى غير رجعة!
وفي عام 2012 غيرت الحكومة منفردة، وبمرسوم ضرورة، آلية التصويت عل وعسى ان يأتي مجلس وديع معها ولا يخالفها الرأي، فقررت المعارضة رفض المشاركة بالانتخابات انطلاقا من مبدأ المحافظة على الدستور! ذلك ان المشاركة تعني القبول بمبدأ تعديل قوانين الانتخاب من طرف واحد، وهذا يعطي حق حل اي مجلس امة لا تتحقق للحكومة فيه اغلبية مريحة، ثم تعدل قانون الانتخاب بمرسوم ضرورة يضمن لها الاغلبية المطلوبة، وعندها تفعل الحكومة ما تشاء! لذلك انطلاقا من المبدأ نفسه، وهو المحافظة على الدستور والمكتسبات الدستورية، نشارك هناك ونقاطع هنا! لذلك سواء تحصنت مراسيم الضرورة ام لم تتحصن، المبدأ واحد لا يتغير!
ومادام اننا نتحدث عن المناظرة المذكورة مع الدكتور الفاضل الزميل عبدالمحسن جمال، فمن المناسب ان أعلق ولو بشكل سريع على تبسيطه لامر خلية التجسس الايرانية، واعتباره امرا عاديا ويحدث دائما بين الدول! وهنا مكمن الخطر ان نعتقد ان القبض على شبكة تجسس لمصلحة دولة اجنبية ثبتت التحقيقات انها صورت المرافق الحساسة بالدولة، وكانت تنوي القيام باعمال مضرة بالمصلحة العامة وفيها بعض الكويتيين، ومع هذا نعتقد انه امر عادي؟! ونبرر هذه الجريمة بانها حدثت ومازالت تحدث كثيرا ونضرب مثالا بحادثة قتل كويتي لجندي اميركي بعد احداث 2001/9/11.
الاغرب من ذلك انه مدح انجازات مجلس الصوت الواحد! وهو يعلم علم اليقين انه مجلس في الغالب ناقص عقلٍ ودين! وبالمقابل يتهم الحركة الدستورية الاسلامية بانها كانت دائما موالية للحكومة، ويتناسى ان تياره الذي ينتمي اليه وهو الائتلاف الوطني الاسلامي كان من اشرس المعارضين للحكومة، ولكن فجأة وبعد حادثة التأبين لعماد مغنية تحول 180 درجة، واصبح من اشد التيارات الداعمة للحكومة على الخير والشر.
•••
ادعو كل كويتي ينوي الحج هذا العام، وكان قد حج فرضه ان يستريح في بيته وسيحصل باذن الله على اجر حجته، استجابة لطلب السلطات في مكة والتي تجري في حرمها اصلاحات انشائية كبيرة هذا العام تعرقل استكمال الحجاج لاركان الحج وتهدد حياة الناس بالخطر نتيجة للزحام المتوقع.
حان وقت التغيير
بعد حكم المحكمة الدستورية الاخير والقاضي بإبطال انتخاب مجلس بوربع، اصبح لزاماً ان تتخذ السلطة قراراً بمحاسبة المستشارين في ادارة الفتوى والتشريع والمستشارين في الديوان الاميري من المقربين لسموه، والذين يؤثرون في طبيعة المراسيم الاميرية! لن يحتمل البلد مثل هذه البهدلة والمهانة للناس ولكل من يحترم نفسه عندما يرى المحكمة تلغي انتخابات بسبب خطأ اجرائي! انا لا اعترض على ابطال المجلس او اتحسر على ذهابه، فانا اعلم جيداً انه مجلس نبت من حرام، حيث صرفت لانجاحه ملايين من المال العام، وبغير وجه حق. لكن اعترض على ان نبني قراراتنا المصيرية على قواعد غير سليمة قانونياً وعرضة للانهيار في اي لحظة، كما حدث! لذلك لا بد من تغيير كل من تسبب في وصولنا إلى هذا الوضع المأساوي، وشارك، بشكل او بآخر، في هذا الجرم.
ومن مستلزمات التغيير بعد هذا الحكم، نظرتنا الى مرسوم الصوت الواحد، فمع انني اعتقد ان الحكم الذي صدر كارثي على مستقبل العمل البرلماني، حيث اعطى للسلطة حق تغيير قانون الانتخاب متى ما رأت ضرورة لذلك يقدرها صاحب الشأن، الا انني اعتقد انه لا يجوز بعد اليوم ان ننعت المجلس المقبل، إن جاء وفقاً لآلية التصويت الاخيرة، بأنه مجلس غير دستوري. بل اصبح بعد صدور هذا الحكم أي مجلس يأتي وفقا للصوت الواحد مجلسا دستوريا. ولكن…؟؟! اعتقد يجوز للمعارضة ان ترفض المجلس ولا تتقبله، ليس لأنه غير دستوري، بل لانه جاء وفقا لآلية ومبدأ يضران بالمصلحة العامة ويفرغان مجلس الامة من محتواه. يعني ممكن من خلال هذه الاداة والصلاحية ان اوجد مجلس امة لا يمارس دوريه الرقابي والتشريعي بشكل سليم!
لذلك، حان الوقت كي تغير المعارضة من خطابها السياسي إن ارادت ان تجد قبولا من الشارع، فيكون العمل لاظهار وابراز العيوب المصاحبة لاي مجلس يأتي وفقاً لآلية مراسيم الضرورة، والسعي الحثيث لاقناع صاحب الشأن أن أي مجلس لا يأتي وفقاً لقانون يقره مجلس الامة المنتخب انتخاباً حراً مباشراً فانه سيكون استمراراً للازمة السياسية واستمراراً للاحتقان الذي يشل البلد من شماله الى جنوبه!
البعض يرى ان المجلس الاخير انجز ما عجزت المجالس الاخرى عن انجازه. واضرب لكم بعضا مما يعتبرونه انجازا لهم لنعرف مدى التسطيح الذي يمارسونه! خذ مثلاً قانون اسقاط الفوائد، حيث تم اسقاطها عن ربع الكويتيين المقترضين فقط، ومع هذا لم تصدر اللائحة التنفيذية للمشروع، يعني قلة قليلة فقط استفادت من المال العام ولم تكن ديونها تشكل مشكلة تستلزم حلها. مثال آخر، قانون هيئة الشفافية، التي مهمتها الرقابة على بعض الاعمال الحكومية، حيث نص القانون ان الحكومة تشكل مجلس ادارة هذه الهيئة التي ستراقب عليها، ولعلنا لاحظنا في الفترة الاخيرة كيف كانت السلطة تعاقب من لم يشارك في انتخابات الصوت الواحد او من كان يشارك في بعض فعاليات المعارضة! هذه امثلة لنعرف مدى خطورة مجالس تأتي وفقاً لمشتهى السلطة!
قضية اخيرة وهي ان المعارضة إن ارادت ان تستمر بشكل مؤثر وفاعل فلا بد اليوم من توحيد الرايات، فإن كان مقبولا بالامس تعددها فقد اصبح اليوم لزاما توحيدها، ولئن نستمر موحدين ونحن قلة خير من كثرة في حقيقتها غثاء كغثاء السيل.
وأؤكد هنا ما أعلنته الحركة الدستورية الاسلامية مراراً من انها لن تشارك في أي انتخابات تأتي وفقا لمراسيم الضرورة! فإن قيل لماذا وقد اصبحت دستورية؟ نقول لانها مسألة مبدأ! فالمجالس التي تأتي بهذه الآلية تكون عرضة للإلغاء وتغيير الآلية التي تأتي بمجلس خوش بوش، وهذا ما نعتقد ان البلد لم يعد يحتمله.
ترويض القبائل
في العقود الماضية كانت القبائل هي السور الواقي للسلطة التي عرفت كيف تستخدمها في تحقيق اهدافها وبسط نفوذها، وكان لشيخ القبيلة دور في ترويض الافراد لطاعة ولاة الامر، حيث كانت السلطة مصدر رزق لهؤلاء، فكانت النتيجة ان القبيلة ومن يتبعها يسيرون في ركاب السلطة ويدورون معها اينما دارت.
ولكن بعد ثلاثة عقود من العمل بالدستور تبيّن لابناء القبائل انهم كانوا يسيرون خلف سراب! اذ بعد كل هذه السنين وجدوا انفسهم يراوحون مكانهم بينما غيرهم سبقهم في كل المجالات الوظيفية والقيادية، واكتفى معظمهم بوظيفة مراقب في البلدية (مركز بلدية.. يداوم في زام العصر ثلاثمائة موظف) او هجان في «الداخلية» او غيرها من الوظائف البسيطة! لذلك حصل التمرد اول ما حصل في مجلس 1985، ثم بدأ التحول في توجه ابناء القبائل وتمردوا على مشايخ القبيلة واصبحوا يحددون توجهاتهم وفقا لمرئياتهم الى عام 1989، حيث شاركوا بكثافة في دواوين الاثنين، وتشرفت حينها بإلقاء محاضرة في ديوان الرمز عباس المناور تحت عنوان «مضى عهد الفداوية»، واصبحوا هم وقود المعارضة السياسية الى يومنا هذا. وقد حاولت السلطة عبثاً احتواء الموقف لكنها فشلت، حيث فلت الزمام من يدها، واصبح حليفها ينعت بالانبطاحية والتسلق كالطحالب! حتى وصلت الحال الى ان تخرج المناطق الخارجية فحول المعارضة واقطابها، ولم يتمكن اتباع السلطة والمحسوبون عليها من النجاح الا بشراء الذمم وفتح ابواب وزارات الخدمات لهم علّ وعسى ان يحافظوا على كراسيهم، لدرجة اني سمعت احدهم يقول انه تمكن من تسجيل اربعين طالب ضابط في وزارة الداخلية وحدها! وارسال اكثر من مائتي مريض او متمارض للعلاج في الخارج على نفقة الحكومة!
اليوم تسعى السلطة الى تدارك الوضع والاهتمام بالقبائل من جديد، وهذا شيء طيب ان تحرص القيادة السياسية على لم الشمل والتواصل مع جميع اطياف المجتمع، لكن مع الاسف ها هي الغلطة تتكرر وها هو التاريخ يعيد نفسه وها هو السيناريو الجديد يكتب باللغة القديمة نفسها!
اقول ذلك بعد تشرفي بحضور لقاء سمو الامير مع اخوانه وابنائه من قبيلة بني رشيد العبسية وبدعوة كريمة من شيخ القبيلة محمد مفرج المسيلم، وقد لاحظت ان كلمة الشيخ بن مسيلم كتبت له وفرضت عليه ليقرأها من دون تغيير! وقد كان واضحاً ان توجهاتها بخلاف «المود» العام للقبيلة وله شخصيا! فالولاء للاسرة لم يشكك فيه احد باستثناء اتباع السلطة الذين يقتاتون على تشويه صورة الآخرين، كما ان إلزام شيخ القبيلة باعلان رفضه لمطالب المعارضة السياسية هو تصرف غير حصيف ودليل على اننا لم نتعلم من الماضي، وتكرار عبارات الولاء المطلق يوحي بان هناك من يحمل خلاف حبه وولائه لاسرة الحكم، وهذا خلاف الحقيقة والواقع الذي طالما اكدناه، وهو ان انتقادنا لقرارات الحكومة لا يعني ابدا انتقادنا للحاكم. وخير ما قيل في هذا المقام ما ذُكر في مبادرة الاصلاح في البند الحادي عشر من المبادئ (… ان سمو الامير يبقى رمزا للدولة والوطن… وبالتالي يجب التفريق بين ذات الامير الرمز وبين قرارات الامير السلطة لتبقى الذات مع مسند الامارة فوق كل مساس ولتبقى القرارات قابلة لتداول الرأي…). ثم جاءت كلمة نائب رئيس مجلس الامة والتي هاجم فيها كل من لم يشارك في انتخابات الصوت الواحد ونسي ان شيخ قبيلته، الذي تحدث قبله، كان اول المقاطعين! وهكذا توحي لنا مجريات الاحداث اننا نريد الرجوع الى الماضي الذي تم رفضه والذي بسببه تحولت المناطق الخارجية الى مركز توليد لرموز المعارضة السياسية، وكأنك «يا ابو زيد ماغزيت»!
نصيحتي اليوم للسلطة ولكل من يهمه امر هذا المجتمع ان القبائل اذا تقدمت خطوة الى الامام فانها لن ترجع الى الوراء، وان شيخ القبيلة يمون على ابناء قبيلته اذا كان حرا طليقا، لكن متى ما شعر اتباعه انه مكبل اليد واللسان وان في فمه ماء، عندها لا طاعة له ولا ميانة، هذه الحقيقة الاولى. اما الحقيقة الثانية وهي ان هؤلاء المتزلفين الذين يقتاتون على المدح والذم فانهم لن ينفعوا السلطة بشيء الا بمزيد من التضليل والايحاءات الخاطئة! وحري بالنظام ان يتحرى الحقيقة من واقع الناس لا مما تكتبه تقارير الاستخبارات والامن! نصيحتي الثالثة والاخيرة وهي ان ابناء القبائل اليوم لا يريدون الا تطبيق القانون على الجميع والمساواة في الحقوق والواجبات من دون تمييز، وعدم اعتبارهم مواطنين درجة ثانية ما لم يكونوا من صنف «آمر طال عمرك وحنا عصاك اللي ما تعصاك».
نظرتنا للحريات
يثير الليبراليون دائما موضوع الحريات العامة والخاصة لانتقاد التيار الاسلامي وتبيان قصوره في مجاراة تطور الحياة وصلاحيته للواقع الذي يعيشه الناس اليوم! ويكررون مقولتهم ان تطبيق الشريعة الاسلامية أو أسلمة القوانين هما ردة وتخلف ورجعية! وهذا الطرح عند الليبراليين نتيجة قصور في فهم معنى الحرية وحدودها في الاسلام، لان معظمهم يفهم الحرية بانها ان يشرب الانسان ما يشاء ويلبس ما يشاء ويعمل ما يشاء! بينما نحن في التيار الاسلامي نفهم الحرية بانها ان تلبس وتشرب وتعمل ما تشاء شريطة الا تسبب ضررا للمجتمع الذي تعيش فيه نتيجة هذه الممارسة! فشرب الخمر حرام في الاسلام لكننا لن نعاقب من يشربها في بيته من دون ان يراه احد لان الذي سيحاسبه في الآخرة هو الله وليس الحاكم! ومن اراد ان يتعرى فليتعر في بيته كما يشاء لان المجتمع سيكون في منأى من انعكاس سلوكه عليه مادام انه في هذه الخصوصية! مشكلة الليبراليين انهم لايرون من الحرية الا هذه السلوكيات الشاذة ويطالبون بتعميمها وتدمير اخلاق الناس بها حتى يُعتبر المجتمع ديموقراطيا وحضاريا! بينما نحن نرى ان تحجيم آثار المسكرات والمخدرات على المجتمع هي التي تهيئ مجتمعاتنا للتقدم والتطور. التيار الاسلامي يفهم الحرية بشكلها الواسع، وهذا الفهم نتيجة ممارسة الصدر الاول من الاسلام لها وترسيخه لمعاني حرية النقد والتعبير، وهي مفاهيم تجاوزتنا مئات السنين لاننا نعيش اليوم زمن احالة نصف الشعب الى النيابة بسبب حرية التعبير والمساس بالذوات! نحن نفهم الحرية من قول الاعرابي للحاكم: والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بحدّ سيوفنا، ورد الحاكم عليه: لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها! نحن نفهم العدالة والمساواة من حادثة المرأة المخزومية – بنت الاكابر- التي لم تسرق ناقلات او استثمارات او مزارع بل سرقت حفنة من الدراهم، واراد البعض ان يتوسط لها لمكانة اهلها من المجتمع، فقال الحاكم قولته المشهورة: والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها! هكذا نفهم الاسلام وهذه مرجعيتنا وندرك ان حالات شاذة من الحكام مرت على الامة على مرّ العصور لايمكن ان يقاس عليها، بينما يقتصر مفهوم العلمانيين والليبراليين للحرية بان تختار البنت لها boyfriend تعيش معه فترة من الزمن قبل الزواج، او ان يسمح للنوادي الليلية واندية القمار لتنشيط السياحة بينما بدأت بعض منظمات حقوق الانسان بالغرب تطالب مجتمعاتها بالسماح بزواج الشواذ والمثليين، واعتبار ذلك من الحقوق المكتسبة! وهكذا ضيع الليبراليون الحقوق الشرعية للامة نتيجة نظرتهم السطحية لمعنى الحرية والعدالة وانشغالهم بها، وانضمت اليهم مؤخرا مجموعة – من لا مذهب له ولا و.جهةـ عندما طالبوا بالغاء قانون فصل الطلاب عن الطالبات في التعليم الجامعي، بينما هم انفسهم من طالب بتكميم افواه المغردين وسحب جنسية من شارك بالمسيرات وانهاء خدمات مدير العلاج في الخارج فقط لانه شارك في ساحة الارادة! هكذا يفهمون الحريات الشخصية وهكذا ينظرون للحريات العامة!
***
• امس اتفاقية امنية للمحافظة على بعض الانظمة الخليجية! واليوم اتفاقية تسريع تبادل المعلومات! والله يستر من القادم من الايام! بينما اتفاقيات الوحدة الخليجية ووحدة النقد مازالت حبيسة الادراج.
حصاد السنين .. قائمة الشرف
عندما
وقفت احدى النائبات في آخر جلسة، وبدأت في حديثها مع وزير الداخلية بكلام لا يجرؤ على قوله طوال الشوارب مع الوزير، عندها عتبنا على معاليه لعدم الرد عليها بما تستحق، واستغربنا جرأة هذه النائبة في طريقة خطابها معه، وقد تبين لنا لاحقا سبب خروجها من طورها، عندما علمنا ان احالة استجوابها للجنة التشريعية ضيع عليها فرصة تشويه صورة شخصيات اسلامية كانت تنوي ان تتكسب من وراء الافتراء عليهم انتخابيا! ولما وقع في يدها وفشلت في تحقيق مبتغاها، سلمت مخططها لاحدى المغردات لنشر هذه الافتراءات والاكاذيب! وقد يقول قائل: وكيف علمت انها غير صحيحة؟ فاقول: من كبرها! فالقائمة ضمت عددا من الشخصيات الكويتية المشهود لها بالنزاهة والاستقامة وحب الوطن والولاء لترابه، وأقول ان تاريخ هؤلاء ناصع البياض ومليء بالمواقف المشرفة والبطولية! خذ مثلا عبدالحميد البلالي، الذي نشر اسمه من العجلة عبدالله البلالي، والذي تنازل عن شهادة الهندسة وتفرغ لاصلاح المدمنين من ابناء هذا الوطن الذين عجزت الدولة بكل اجهزتها عن اصلاحهم، ولم تجد حلا الا ادخالهم السجن بتهمة جريمة التعاطي للمخدرات، فجاء ابو خلاّد، ومن خلال احدى اللجان الخيرية التي انشأها (بشائر الخير)، ليحول هؤلاء من مجرمين الى مواطنين صالحين من خلال برنامج تأهيلي اصلاحي ظهرت نتائجه الطيبة واضحة، لدرجة ان وزارة الداخلية تبنت هذه اللجنة! فهل مثل هذا يسمى متورطا بالارهاب؟ والاخر الشيخ الداعية الدكتور جاسم بن محمد مهلهل الياسين، الذي اجمع كل من عرفه انه رباني ورجل آخرة وليس رجل دنيا، وكل من قرأ له مقالاته وكتبه ادرك بانه صاحب فكر راق ونظرة بعيدة ومنهج متزن، ويكفي دوره البطولي في ادارة لجان التكافل اثناء الغزو الغاشم، بل ان افعاله يشهد بها البعيد قبل القريب والعدو قبل الصديق! اما الشيخ احمد حمود الدبوس فقد تميز بصراحته وجرأته في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشدة وضوحه، حتى ان اللي في قلبه على لسانه، وانه من الذين يفتخرون بانتمائه لهذه الارض أباً عن جد، وانه من الرافضين للتطرف في كل شيء، ويستحيل عليه ان يكون ضمن قائمة يُشك في ولائها للوطن! اما الدكتور عبدالرحمن السميط فالزج باسمه اكبر دليل على زيف هذه القائمة وبطلانها، وعندما قيل لها لعلك اخطأت باسم الدكتور السميط، ردت وقالت بل هو الذي اقصد! ناهيك عن اتهام يوسف عبدالرحيم بانه ضمن الفريق القانوني للدفاع عن التنظيم، بينما هو من كبار المهندسين الكويتيين في الكويت، ويكفيه فخرا انه هو الذي يعتمد شهادات الهندسة للمهندسين الاستشاريين، فكيف يكون قانونيا وهو مهندس؟ اما فهد البذال فلا اعرف كيف ورد اسمه ضمن القائمة، وهو الذي لا يمت لبقية الاسماء بصلة لا تنظيمية ولا غيرها؟! وهل يتهم عاقل الدكتور محمد الثويني المربي الفاضل، الذي يعرفه كل اهل الكويت بحديثه الممتع والشيق في التلفزيون، ووسطيته ودماثة خلقه؟! وما هو الدور الاعلامي للشيخ محمد العوضي في دعم خلية الامارات؟! كلنا يعرف هذا الرجل واحاديثه المفيدة وحججه الواضحة وبساطته وعفويته التي طغت على تحركاته! اما البقية من الاسماء فهم نواب ومربون افاضل، اعمالهم وافعالهم خير دليل على سلامة سريرتهم ومقاصدهم، ولا يشكك فيهم! وللعلم فهذه القائمة الرابعة خلال شهرين، التي تنشر اسماء شخصيات كويتية متهمة بتورطها بدعم خلية الامارات! وكل قائمة تختلف عن الاخرى! اما الاخيرة فهي بالفعل تستحق ان نطلق عليها قائمة الشرف لطبيعة الاسماء الواردة فيها، واقول لمن نشر هذه القوائم او سربها للنشر، بعد ان عجز عن نشرها، وقام بالنشر بدلاً عنه من اخفى اسمه الحقيقي، ان اهل الكويت لا يمكن ان يصدقوا من لا خلاق له، عندما يطعن في دعاة الدين والخلق! اما الطرف الاخر المشارك بجريمة التشويه المفبرك والافتراء المفضوح، فاقول انه مهما عملت من محاولات اشغالنا بأنفسنا، فلن ننشغل عن متابعة طهران في التدخل بزعزعة الامن في دول الخليج العربي! وها هي الخلايا التخريبية الحقيقية تتكشف يوما بعد يوم في دول مجلس التعاون، وتتم محاكمتها بشكل واضح، وتتم ادانتها في محاكمات عادلة بخلاف ما يتم الان من تلفيق تهم ومحاكمات صورية، بينما التهم معلبة وجاهزة!
• • •
• يبدو ان مقالتي السابقة عن ازمة التعليم في الكويت اصابت مواجع عند بعض الزملاء، خاصة عندما بينت ان التيار العلماني هو الذي كان ولا زال مسيطرا على وزارة التربية وجامعة الكويت منذ اكثر من نصف قرن! وقد بدأت الردود على هذه المقالة تنشر، حتى ان الزميلة القبس بدأت بنشر تحقيق على عدة حلقات يوحي بخلاف ما نقول، وبإذن الله سيكون لي تعليق على كل هذه الردود قريبا.
• • •
• اللهم ارحم زميلنا غسان العتيبي واغفر له، واسكنه فسيح جناتك، واجعل قلمه شاهدا له يوم يلقاك لا شاهدا عليه.
حصاد السنين أزمة التعليم في الكويت
بعد تصريح وزير التربية عن تردي مستوى التعليم في الكويت وضعف مخرجاته، اصبح لزاما علينا ان نلتفت الى هذا القطاع بشيء من الاهتمام والمتابعة وتسليط الاضواء عليه، علّ وعسى ان نتدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الاوان.
الناظر الى تاريخ وزارة التربية في الكويت يدرك السبب الرئيسي في تردي هذا القطاع، الا وهو سيطرة الفكر الليبرالي المتحرر على التعليم منذ نصف قرن من الزمان! أي منذ تأسست الوزارة في عهد الاستقلال وربما قبل ذلك. كان الشيخ عبدالله الجابر اول وزير لها، وهو المعروف بفكره الانفتاحي، ثم تناوب على الوزارة عدد من رموز الليبرالية والعلمانية امثال خالد المسعود وصالح عبدالملك وجاسم المرزوق وانور النوري وحسن الابراهيم وسليمان البدر واحمد الربعي ومساعد الهارون ورشيد الحمد وعبدالله الغنيم ويوسف الابراهيم ونورية الصبيح وموضي الحمود، واذكر من الوكلاء الذين استمروا لسنوات في مناصبهم وأثروا في العملية التربوية يعقوب الغنيم وعبدالرحمن الخضري وعبدالمحسن السعيد وخالد صليهم وعبدالله اللقمان ويعقوب الشراح وحمود السعدون ورشيد الحمد وتماضر السديراوي، وقبل كل هؤلاء سعاد الرفاعي واخرون، وهكذا لا نجد واحدا ممن ذكرنا وزراء كانوا ام وكلاء من المنتمين للتيار الاسلامي بشقيه السلف او الاخوان كما يقولون، بل معظم الوزراء من عتاولة العلمانية وشيوخ الليبرالية ولم يكن الوكلاء بأحسن حالا منهم!
وبعد عشرين عاما من سيطرة الفكر الليبرالي على مسيرة التعليم في البلاد تبين خطورة هذا الفكر على سلوك الطلبة، حيث انتشرت ظاهرة تردي السلوك التربوي عند الطلاب مما حدا المهتمين بالشأن التربوي الى المطالبة بالاهتمام اكثر بالتربية والتركيز عليها في المناهج وعدم تهميشها، لذلك تغير اسم الوزارة من وزارة التربية والتعليم الى وزارة التربية فقط! لكن استمرار سيطرة التيار المتحرر على مرافق الوزارة جعل الانحدار يستمر في كل المستويات الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم! لقد كان هذا التيار يرى ان تطوير العملية التربوية والتعليمية ينحصر في الاختلاط الشامل بين الطلبة في الجامعة، وفي زج المرأة وحشرها في كل المجالات، سواء ما يتوافق مع طبيعتها وما لا يتوافق، وكانوا يرفضون الدراسات المهنية والعلمية التي قدمتها جمعية المعلمين، هذه الجمعية التي سيطر عليها التيار الليبرالي عقودا طويلة الى ان ضجر اصحاب الاختصاص وخافوا على الاجيال، وهم يشاهدون هذا الانحدار الشديد في التربية والتعليم، فتنادى المعلمون لانقاذ ما يمكن انقاذه، ولم يكن امامهم الا طرد هذا الفكر المتخلف في منطلقاته من جمعيتهم، ومنذ التسعينات الى اليوم وهم يسيطرون عليها من خلال صناديق الاقتراع، الا ان المشكلة تكمن في الادارة التعليمية العليا التي كان، ولايزال، اصحاب هذا الفكر يمسكون زمام الامور فيها، حيث رفضوا الاخذ بمبادرات الجمعية لتطوير التعليم، ومن اهمها المشروع الوطني لتطوير التعليم وفكرة اكاديمية اعداد القادة وغيرها كثير!
ان الاصرار على استبعاد التيار الاصلاحي المحافظ عن وزارة التربية لم ينتج لنا الا هذا الوضع المزري الذي تعيشه الوزارة اليوم، حيث فشل الاوائل على الكويت من اجتياز اختبارات القبول في الجامعات الاجنبية! ولا ادعي ان هذا هو العلاج الوحيد لهذه المعضلة، بل اعتقد ان الاسباب التي ادت الى ما آلت اليه الاوضاع بالوزارة كثيرة ومتعددة، لكن من ابرزها سيطرة هذا التيار على الوزارتين؛ التربية والتعليم العالي منذ اكثر من خمسين عاما، لانه يحمل فكرا لا يتناسب والمنطلقات الاساسية للمجتمع الكويتي المحافظ بطبيعته ونشأته!