«دوخنا مبارك الدويله بتوسلاته للناس لكي يصدقوا أن ما يعيشه قطاع التعليم من تخلف ليس مآله جماعة تيار الإخوان المسلمين -فرع الكويت- إنما هو بسبب القوى الليبرالية الوطنية» بتصرف – مقدمة مقال الزميل الأستاذ سعود السمكه في القبس عدد الاحد الموافق 2013/8/11. بعد هذه المقدمة توقعت أن أقرأ للزميل الفاضل تفنيدا لما ورد في مقالتي التي أشار اليها، والتي ذكرت فيها بالأدلة القاطعة أن سبب تخلف التعليم في الكويت هو سيطرة الفكر الليبرالي العلماني على وزارة التربية منذ عهد ما قبل الاستقلال إلى اليوم! وأوردت فيها أسماء الوزراء والوكلاء الذين تناوبوا على الوزارة خلال تلك العقود الطويلة! ولكنني لم أجد غير تلك المقدمة التي تتكلم عن الموضوع بل إنه سرعان ما انتقل الى موضوع آخر من المواضيع التي يكررها الليبراليون صباحاً ومساء ويفترون فيها على الاسلاميين، دون أي اعتبار لعقلية القارئ التي تميز بين الغث والسمين أو بين الحق والباطل!
يقول زميلنا الفاضل في محاولة للهروب من مقدمته التي بدأ بها مقالته «حيث تمكن الإخوان منذ الانقلاب الأول على الدستور عام 1976 من عقد حلف مع رموز السلطة في العهد السابق تحت شعار – لكم السلطة ولنا الادارة -……»؟! ويلاحظ القارئ الكريم أنها كذبة اخرى كبيرة يكررها زميلنا الفاضل، لأنه سمعها من جلسائه الليبراليين دون أن يتحقق من مصداقيتها وتوافقها مع أحداث التاريخ المسجل والمدوّن، الذي اصبح في متناول كل باحث. إن الكويتيين يا أستاذي الفاضل يعلمون جيداً مَن الذي شارك في حكومة الحل عام 1976! فإن كنت أنت تقصد بالانقلاب على الدستور مشاركة فضيلة الشيخ يوسف الحجي وزيراً للأوقاف آنذاك، فلماذا تغض النظر عن رموز الوطنية آنذاك، الذين شاركوا في الحكومة نفسها؟ ام ان مشاركة يوسف الحجي انقلاب على الدستور ومشاركة عبدالله يوسف الغانم وحمود النصف وعبدالعزيز حسين وعبدالله المفرج ومحمد العدساني وسليمان حمود الخالد تعتبر دعماً للدستور؟! أليس هؤلاء رموزا للعمل الوطني في تلك المرحلة؟ أليس بعضهم من استقال من المجلس المزور عام 1967؟ أليس من بينهم من أصبح من الرموز الوطنية في غرفة التجارة والصناعة؟! لا أعتقد أن عاقلاً يشكك في وطنية هؤلاء، ولكنه الحقد الأعمى، والعياذ بالله، الذي يجعل الإنسان يرى الحق باطلاً والباطل حقاً!
زميلي الفاضل.. عرفك الكويتيون في بداياتك الإعلامية والسياسية شخصية محافظة ذات توجهات إسلامية متوازنة، وترشحت عام 1992وحصلت على المركز الرابع وانتقلت للعمل قريبا من الليبراليين، وتحوّلت توجهاتك 180 درجة وأصبحت تزايد عليهم في الليبرالية، وأنا أعلم أنها ليست من ثوبك، وشاركت في عدة انتخابات برلمانية كانت نتيجتك في آخر مشاركة قبل أقل من شهر حصولك على المركز الحادي والثلاثين! وهي نتيجة كافية لإعطائك مؤشرا على تقبل الناس لأفكارك، لذلك أنصحك كزميل لك أن تراجع نفسك وخطك السياسي، فوالله لا يليق بمثلك أن يسير في هذا الاتجاه وأنت تعلم أن نهايته «سكة سد»، وإن أبيت إلا الاستمرار فأتمنى عليك أن تترفع عن توافه الأمور التي يعتمد عليها بعض أتباع العلمانية مثل المعلومات المغلوطة والشبهات المضللة لتشويه صورة خصومهم وأصدق مع الله ثم مع القراء تجد أبواب القبول لك مفتوحة، ولعل أقرب مثال على ما أقول جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم تشويههم إعلاميا لمدة ستين عاما وفي أول انتخابات فازوا بها باكتساح، ثم توالت انتصاراتهم إلى أن أدرك خصومهم أن لا مجال لهزيمتهم إلا بالانقلاب العسكري، الذي مع الأسف الشديد، كنت أنت مع من باركه في سقطة كبيرة للفكر الليبرالي والعلماني ما يغسله المطر سبعين عاماً!
دعوتي لي ولك ولأمثالك بالهداية والصلاح!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
كنت أتمنى
كنت اتمنى ان يكون تشكيل هذه الحكومة الجديدة مؤشرا على الاستفادة من مطبات تشكيل الحكومات السابقة، عندما كان التشكيل ينزل على مجلس الوزراء بالبراشوت! لكن ما حدث هو ان التشكيل الجديد، وان كان قد صدر من داخل مجلس الوزراء، الا ان شكله تشكيل حكومة مؤقتة!
•••
كنت اتمنى لو ان دور الانعقاد الاول للمجلس الجديد بدأ بداية صحيحة، لكن يبدو اننا في الكويت مكتوب علينا ان نكون آخر دولة تستفيد من تجاربها! صحيح ان على الحكومة ان تعمل كفريق واحد وان اهدافها لا بد ان تكون واضحة ومحددة، لكن ليس من المقبول ان تستمر على النهج الخاطئ نفسه الذي سارت عليه الحكومات السابقة في تعاملها مع مجلس الامة! فمصلحة البلد يجب ان تكون هي الهدف الذي يحدد قرارات الحكومة وتوجهاتها، وليس من مصلحة البلد ان تتعامل الحكومة مع مجلس ضعيف او ادارة ضعيفة للمجلس! فالحكومات السابقة كانت تتعمد ان تضعف مجلس الامة كي تمرر قراراتها من دون محاسبة فاعلة او رقابة حازمة، وكانت تظن انها بذلك تحقق برنامجها من دون عراقيل، الا ان التجارب اثبتت ان المجلس الضعيف يضعف الحكومة مهما بلغت من قوة وأريحية في التعامل مع المجلس، ولعل اقرب مثال على ما نقول هو المجلس «المبطل 2»، حيث لم يكن يعرقل الحكومة أي شيء في طريق عملها، ومع هذا كانت من افشل الحكومات، وكان المجلس من اسوأ المجالس، وما حدث في جلسة الافتتاح ان الحكومة حرصت على ألا يصل الى المناصب الا من يسهل لها تحقيق برنامجها ومن يفرش لها الورود في الطريق! بينما المفروض ان تحرص الحكومة على ان تدعم كل قوي أمين لديه الامكانات لتبصيرها بخطئها ان أخطأت، ويرشدها الى جادة الصواب. ان وظيفة عضو مجلس الامة هي رقابة الحكومة في تنفيذها للقوانين ومحاسبتها ان قصرت في ادائها، وليس موافقتها على الحق والباطل وتأييدها بالطالعة والنازلة! ان ما جعل الحكومات السابقة ضعيفة في ادائها ليس قوة المجلس وممارسته لدوره الرقابي، كما يحاول البعض ان يوحي، بل ان ضعف المجلس في تنوير درب الحكومة وتبصيرها بأخطائها جعل الاخيرة توغل في الخطأ وتتعثر في المسير.
•••
كنت اتمنى ألا تكابر جماعة الصوت الواحد وتمدح مخرجات مرسرم الضرورة، وتغض النظر عن انتشار ظاهرة الرشوة في هذه الانتخابات بشكل غير مسبوق، بل ان الظاهرة الاخطر التي برزت على السطح، وهي ظاهرة «كثرة الممولين»! حيث لاحظنا هذا العام ان اكثر من طرف يمول عددا من المرشحين لشراء ذمم ضعفاء النفوس للوصول الى البرلمان، ومما يحز في النفس ان معظم هؤلاء من علية القوم، الذين يفترض بهم ان يساهموا في ايجاد مجلس يمثل الامة بشكل صحيح لا ان يتعمدوا دمار البلد وخرابه!
•••
كنت اتمنى من الحكومة ان تعيد النظر بقرارها دعم الانقلاب العسكري في مصر، بعد ان استعجلت منذ اليوم الاول للانقلاب وكأنها شريك فيه، مع ما لهذا القرار من تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقات الكويتية المصرية، واليوم وبعد ان تخلت معظم دول العالم عن تأييده، فان هناك فرصة للعودة الى الصواب والحكمة، واملنا في وزير المالية الجديد ان يجد المخرج للحكومة للخروج من ورطتها وتوريطها للشعب الكويتي معها!
اخيرا اتمنى ان نفكر جديا، حكومة وشعبا، في موضوع وجودنا كدولة مستقلة في وسط هذه المتغيرات في مراكز القوى الاقليمية والدولية، وألا ننشغل بمشاكلنا الداخلية على حساب ما يحيط بنا من مخاطر تكاد تلتهم وجودنا، مع مراعاة ألا نستغل هذا الاهتمام بالوضع الخارجي في تضييع وضعنا الداخلي! بمعنى لا افراط ولا تفريط، والله خير حافظاً.
من يزوِّر التاريخ؟!
تطرّقنا
في المقال الماضي الى تعمّد البعض تشويه تاريخ التيار الإسلامي ومواقفه، وتساءلنا عن السبب في محاسبة هذا التيار عن مواقف بعض الجماعات الاسلامية من غزو صدام للكويت وعدم محاسبة التيار القومي الكويتي ذي التوجه اليساري عن مواقف الكثير من الاحزاب الرفيقة في لبنان والاردن وسوريا وغيرها، والتي أيدت الغزو ودعمته! مع ان الاسلاميين بالكويت اتخذوا موقفا واضحا وقويا من الجماعة التي كانوا يرتبطون بها، وذلك بالانفصال وتغيير الانتماء! ولعل آخر محاولات التشويه تمثلت في التساؤل الذي طرحه بعض هؤلاء تعليقاً على ادعائي بأن بياناً لجماعة الاخوان المسلمين تُلي في مؤتمر جدة يدعم عودة الشرعية وخروج المحتل من دون شروط، حيث طالبني هذا البعض بالدليل على وجود البيان! وجوابي ان اكثر من ألفي كويتي حضروا مؤتمر جدة، وكلهم استمعوا لهذا البيان، وانا لست أرشيفاً للمؤتمر حتى أحتفظ بنسخة منه!
لقد حاول البعض تشويه تاريخ التيار الاسلامي بقصد ومن دون قصد، وابرز هذه المحاولات ما ذكره الشيخ سعود الناصر -غفر الله له- من ادعاءات باطلة في حق بعض الشخصيات المحسوبة على تيار جمعية الاصلاح، وقد دافع هؤلاء عن مواقفهم المشرّفة، ووصلوا الى المحاكم للاقتصاص ممن حاول تزوير التاريخ، وكانت النتيجة صدور احكام نهائية لمصلحتهم، سواء في موضوع طلب الخمسين مليون دولار، ام في موضوع حضور مؤتمر اسلام اباد!
ومن المجالات التي خاض فيها الخصوم للولوغ اكثر في وحل التشويه الجائر، هو مجال العمل الخيري، لأنه ملعب لا يجيد فنه إلا الاسلاميون، أما هم فقد حرمهم الله من اعمال الخير، لذلك لا حرج عندهم من استعمال كل وسائل التزوير والافتراء المتاحة ضد خصومهم! ومع ان معظم الجهات التي حققت وتابعت ودققت في مصاريف أموال العمل الخيري في الكويت وبالذات الجهات التابعة لجمعيتي الإصلاح والتراث قد أكدت سلامته ونقاوته ووضوحه، ولعل أهمها وزارة الخزانة الأميركية، الا ان اللمز والغمز في هذه القناة ما زالا ديدن البعض، وكلنا يذكر في منتصف التسعينات ما أثاره النائب آنذاك طلال السعيد من اتهامات لبيت الزكاة بتمويل حملات انتخابية لبعض المرشحين الاسلاميين، وكيف ان تقرير لجنة التحقيق التي شكّلها مجلس الامة اصبح وساماً على صدر كل عامل في بيت الزكاة! حتى ان محرر جريدتنا العزيزة القبس سار على الدرب نفسه، ولمز بهذه الجهات عندما تحدث عن أهمية توزير شريدة المعوشرجي للأوقاف حتى لا يستغل الاخوان اموال الوقف وغيرها لتمويل حكومات او مشاريع الربيع العربي!
طوال السنين الماضية كان أداء العمل الخيري مميزا، وكانت الكويت رائدة في هذا المجال، وكل يوم كانت ثقة اهل الخير بالقائمين عليه تزداد الى ان بدأ البعض ممن حرمهم الله من عمل الخير بتشويه هذا الصرح العظيم، واستغلوا كل وسائل الاعلام المتاحة وما أكثرها لتغيير رأي الناس فيه، وفعلا حققوا أهدافهم في جانب وخاب ظنهم في جوانب أخرى!
إن محاولات تزوير تاريخ العمل الاسلامي ما زالت مستمرة، وأستغرب من بعض المثقفين الذين يرددون معلومات مزورة تاريخياً وهم يعلمون ذلك، ولعل اقرب مثال الادعاء بأن الاسلاميين في الكويت كانوا مسيطرين على وزارتي التربية والاعلام لعقود طويلة! وهو ما أثبتنا بالادلة القاطعة بطلانه في مقالات سابقة! ونظرة سريعة الى اشد خصوم التيار من الاعلاميين تدرك للوهلة الاولى ان هذا التيار على الحق!
اليوم.. وبعد أحداث الربيع العربي وخوف البعض من ان تقتلعه رياحها، بدأنا نسمع نغمة جديدة لا تدل الا على الغباء، وهي ان الاسلاميين في الخليج يسعون الى قلب انظمة الحكم! وقد اخذ الخصوم بترديدها مع الاسف، مع انهم يدركون جيدا بطلان هذه الادعاءات، وقد أكدنا مرارا وتكرارا ان استقرار الانظمة الخليجية عنصر رئيسي لانتشار الدعوة الاسلامية، وان الشعوب الخليجية لن ترضى بغير الأسر الحاكمة اليوم، مهما اختلفوا معها في طريقة ادارة شؤون البلاد. نقول لزملائنا الخصوم، كفاية ممارسة اساليب التشويه والافتراء والتزوير لتاريخ التيارات الاسلامية، وتقبّلوا برحابة صدر وجودنا في الواقع الذي نشارككم العيش فيه، وتحمّلوا اختلاف الآراء وتنوعها، فهذه الديموقراطية التي ندعو لها جميعا، تجاوبوا مع نتائجها حلوها ومرّها، وتميزوا عن الرفقاء من التيارات المشابهة في بعض الدول، التي فضحتها تجربة الانقلاب العسكري في مصر وبينت زيف ادعاءاتها ومبادئها!
يا جبل ما يهزك ريح
التيار
الاسلامي كالجبل الشامخ لا تؤثر فيه الرياح، سواء كانت عاتية او هادئة..! وأقرب مثال على ذلك جماعة الاخوان المسلمين، التي تمثل اغلب هذا التيار في العالم الاسلامي، حيث شاهدنا حملة التشويه الجائرة لها منذ عشرات السنين من خصومها الفكريين والسياسيين وتسخيرهم لوسائل الاعلام لضرب هذه الجماعة والتيارات التي تتبعها بالفكر والمنهج، ومع هذا فانها سرعان ما تثبت انها راسخة كالجبل من دون ان تزعزعها محاولات الاعداء البائسة!
اليوم وبمناسبة ذكرى الغزو الغاشم تتكرر اثارة الشبهات على التيار الاسلامي في الكويت، سواء واجهة جمعية الاصلاح او الحركة الدستورية الاسلامية، التي أنشئت بعد التحرير او جماعة الاخوان المسلمين، والتي كانت موجودة تحت هذا الاسم الى الغزو المشؤوم! ومع انها شبهات تتكرر في كل عام ومن الاشخاص أنفسهم تقريباً، ومع اننا كنا نرد على هذه الشبهات في وقتها، الا ان هذه الاسطوانة المشروخة ما زالت تعمل، وما زال هناك من المغفلين من يكررها بعلم ومن دون علم احياناً! لكن قيل في السابق ان التكرار يعلم الشطار، ونحن نظن ان في الاعادة افادة (!!).
نعتقد ان التيار الاسلامي (الاصلاحي) في الكويت يحق له ان يفتخر بمواقفه الوطنية والبطولية أثناء وبعد الغزو العراقي الغاشم للكويت! بل يكفيه فخراً انه كان يقود الملحمة البطولية للمقاومة المدنية داخل الكويت، فهو الذي اسس لجان التكافل لادارة شؤون الحياة المدنية تحت الاحتلال، وطبعا وحتى لا ندعي التفرد، كان كل ما سأذكره بمشاركة فاعلة من مختلف شرائح المجتمع الكويتي، وهو الذي كان يقود العمل الاعلامي والحركي خارج البلاد، فهو الذي اسس هيئة التضامن مع الكويت في الرياض، التي غطت بأعمالها جميع دول الخليج العربي، كما ان اتحاد الطلبة، الذي كان التيار الاسلامي يقوده كانت له فعاليات لا تنكر، ولعل اهمها مؤتمر الشارقة، الذي حضره عشرات المنظمات الطلابية من مختلف دول العالم، ولا يمكن ان ننسى لجنة FREE KUWAIT، التي كانت شعلة من النشاط في لندن، وكل من شارك فيها لا يمكن ان يتجاهل دور ناصر الصانع وبدر الناشي وعثمان الخضر وغيرهم من شباب التيار الاسلامي. اما في مؤتمر جدة فحدث ولا حرج عن مساهمات رموز هذا التيار في ذلك الحدث المهم، فأحد رموزه ذلك الوقت (د. الشطي) هو الذي قرأ رسالة الصامدين من اهل الكويت للمؤتمرين، ورمز آخر (د. الصانع) هو الذي قرأ البيان الختامي، ولا يمكن ان ننسى دور العم ابوبدر – يرحمه الله – مع العم يوسف الحجي في تقريب وجهات النظر بين المعارضة السياسية – آنذاك – والسلطة، ممثلة في الشيخ سعد العبدالله – يرحمه الله – بعد ان هدد الاخير بالغاء المؤتمر، ان أصرت المعارضة على رأيها، الى ان تم التوصّل الى حل توافقي، رضي به الجميع! اما عن الوفود الشعبية، التي زارت معظم دول العالم لشرح القضية الكويتية وكسب تعاطف شعوبها، فالتاريخ خير شاهد على دور رموز هذا التيار في هذه الوفود، وتسابقهم للذهاب الى أعتى الدول وأشدها معارضة للكويت واكثرها دعماً لصدام في الوقت الذي تقاعس البعض عن المشاركة بحجة انه اراد ان يكون في وفد آخر!! الحديث يطول في سرد هذه المواقف التي تسجل فيها ملاحم، وليس فقط مقالات، ونستغرب من بعض اقزام الاقلام الذين يحاولون تشويه هذا التاريخ الناصع والمشرف لهذا التيار، ويكفيه فخراً انه عندما رفض مواقف بعض المحسوبين على تيار الاخوان المسلمين لم يكتف بالرفض فقط، بل قرر واعلن قطع علاقته بهذا التنظيم وانتقل من دور الاقوال الى دور الافعال، فشكل تنظيماً جديداً يحمل اسماً جديداً وهيكلية منفصلة تماماً عن السابق، وقيادة جديدة ومعلنة في حينها، اما غيره من التيارات فلم يقم بعُشر ما قام به التيار الاسلامي، فهذه التيارات القومية والليبرالية واليسارية شنت هجوما كاسحا على الكويت دعماً لصدام، وتهجمت على رموز الاسرة، ومع هذا لم نسمع من هذه التيارات الكويتية انها قامت بما قام به الاسلاميون الكويتيون من مفاصلة في حينها!! ومما يؤسف له اننا في كل مناسبة للغزو الغاشم نسمع من يتجنى على تيار الحركة الاسلامية، ولا يكلف نفسه توجيه سؤال للتيارات القومية! وللعلم فقط لمن لا يعلم، ان التيار السياسي الوحيد الذي ارسل بيانا لمؤتمر جدة يعلن فيه دعمه للشرعية الكويتية وحقها في تحرير ارضها وطالب صدام بالخروج غير المشروط من الكويت، وتُل.ي هذا البيان في المؤتمر، هو البيان الذي اصدرته جماعة الاخوان المسلمين في مصر!! لكن البغض يعمي البصر والبصيرة!!
الحديث يطول، وفي المقال المقبل سنتطرق باختصار للشبهات التي اثارها الشيخ سعود، ولكلمة محرر القبس بعدد الجمعة، عندما غمز بالتيار من خلال حديثه عن امكانية توزير الفاضل شريدة المعوشرجي بــ «الاوقاف».
انتخابات.. غير
انتهت الانتخابات الثانية لمجلس الصوت الواحد، وبدأ المحللون يدلون بدلوهم من زوايا مختلفة لنتائج هذه الانتخابات، التي اتفق الكثير على أنها تميزت بكثرة المرشحين تجار الضمائر الميتة، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز أصابع اليدين! ولكن بركات الصوت الواحد حلّت علينا فتحمّس كل من هبّ ودبّ للترشح، ظناً منه أن النجاح في متناول اليد! ذلك ان النجاح اصبح في بحر الالف صوت في معظم الدوائر، كما تميزت هذه الانتخابات بتنوع مصادر تمويل الرشوة وتعددها! ففي السابق كان من يدفع للمرشحين لتسهيل نجاحهم، وبالتالي تسهيل انقيادهم كشخص او شخصين، اما اليوم «ماقعد واحد ما صار ممول للمرشحين!»، لذلك تميز هذا المجلس بنجاح أعداد كبيرة من المرشحين، الذين دفعوا من مال معازيبهم ووصلوا للكرسي!
ولأن النجاح صار سهلاً وجدنا أعداد مرشحي القبائل الكبيرة مرتفعة وبخاصة القبائل التي تجاوز عدد ناخبيها الخمسة عشر ألفاً، ولأن التشاوريات لهذه القبائل فشلت نجد أن معظم مرشحيهم فشلوا في الوصول، ونافسهم بقوة مرشحو القبائل الصغيرة، الذين نجحوا في تنظيم تشاوريات ناجحة، فتمكنوا بأصواتهم المركزة من تجاوز القبائل الكبيرة ذات الأصوات المشتتة، كما ان نجاح ثمانية نواب من الطائفة نفسها في الدائرة الاولى في المجلس «المبطل 2»، جعل ناخبيهم يطمئنون الى سلامة وضعهم، ولم ينتبهوا الى خطورة الوضع الا بعد ان «صارت الفاس بالراس» ومما تميزت به هذه النتائج سقوط كثير من خصوم المعارضة السياسية من نواب المجلس الماضي، لم أشاهد أهل الكويت بمختلف مشاربهم يفرحون لسقوط نائب في الانتخابات كفرحتهم بسقوط لفته..!!
وصل الى المجلس ممثلو التيارات الليبرالية، كالمنبر الديموقراطي (فيصل الشايع)، والتحالف الوطني (راكان النصف) وغرفة التجارة وبعض ممثلي العوائل، أما التيار السلفي، فقد فاز بثلاثة مقاعد! ومع هذا فإن غياب الحركة الدستورية الإسلامية والكتلة الشعبية عن المشهد البرلماني سيترك فراغا كبيرا لن تتمكن بقية التيارات من ملئه.
***
نريد رئيس وزراء يشكل الحكومة!
عنوان جانبي قد يكون غريباً للوهلة الأولى، لكن إذا عُرف السبب بطل العجب..! فمشكلة رئيس الوزراء بالكويت انه يعمل كل شيء إلا تشكيل الحكومة..! حيث إن كل واحد من الهوامير له قائمته التي يريد أن يفرضها على الرئيس، كما أن الوزارات السيادية ليست من اختصاصه! لذلك كل الحكومات تفشل، والسبب أن نصف وزراء الحكومة جاؤوا لتنفيذ أجندات من ساهم في وصوله لهذا المنصب!
نحن نريد رئيس وزراء حراً في اختيار مساعديه، وتطلق يده في التشكيل حتى يأتي متجانساً ومنسجماً مع التوجهات التي يحملها في عقله! عندها فقط نستطيع أن نحاسبه على الفشل والنجاح، أنا شخصيا متشائم من اي نجاحات تتحقق في هذا النوع من المجالس، لأن أساس البناء خطأ، ولأن المعارضة الحقيقية غائبة.
حرب الخليج على الربيع العربي
كل
الشواهد تؤكد ان بعض الانظمة في الخليج العربي بدأت فعلاً حرباً على دول الربيع العربي بهدف إسقاط الانظمة الجديدة، واعادة الانظمة الحاكمة السابقة! ولان بعض العقليات الخليجية متخلفة سياسياً وعاشت طوال عهدها في منظومة دكتاتورية، فلا نستغرب إن سمعنا أن هذه الأنظمة تحارب نظاماً منتخباً انتخاباً حراً ومباشراً من الشعب، او انها تسعى لدعم وتأييد نظام سلطوي قمعي رفضه شعبه وثار عليه! ولأن المستشارين المحيطين في بعض هذه الانظمة الخليجية من بقايا نظام دكتاتوري بائد، لذلك لم نستغرب ان تكون خطط المواجهة مع الخصم مكررة منذ ستين عاما في تلك الانظمة البائدة، كالاعلان عن اكتشاف تنظيم سري او خلايا ارهابية تهدف الى تقويض الحكم الهش، او محاولات انقلابية توصف بانها فاشلة مع انها من نسج خيالها.. الى آخره من هذه الادعاءات والشبهات التي تسخر لها آلة اعلامية ضخمة حتى يصدقها المواطن البسيط! ومع الاسف الشديد فإن هذا الهدف -إسقاط الانظمة المنتخبة- اصبح اولوية قصوى عندها لدرجة انها سخرت له امكانات غير مسبوقة ولو على حساب المواطن الاصلي ورفاهيته وتنمية الخدمات الضرورية له! فسمعنا عن منح مليارية لتمكين النظام الدكتاتوري الجديد من النجاح، ولو اضطر الى استخدام وسائل القمع والقوة في مواجهة خصومه العزّل، وهي وسائل يملك لها رصيدا كبيرا من الخبرة والممارسة السابقة!
اليوم، وبعد نجاح مؤقت لها في مصر، واعادتها الى احضان النظام السابق، ولو بــ new look، فإنها انتقلت للعمل في تونس ومحاولة إسقاط النظام الذي تشترك في حكمه ثلاثة تيارات سياسية كبيرة نتيجة ممارسة العملية الانتخابية لاول مرة بعد حكم فردي متسلّط ودموي، ومع الأسف ان التحريات تشير الى ارتباط الانظمة الخليجية نفسها التي اسقطت الرئيس المصري المنتخب في ما يحدث اليوم في تونس، ومن المحتمل ليبيا ايضا في المستقبل الذي لن يطول!
أنا اعتقد ان هذا الاسلوب المدعوم ماديا من الخليج، ومعنوياً وسياسياً من الدول الغربية سيفشل عاجلاً او آجلاً، رضي من رضي وابى من ابى، لان اللعبة اصبحت مكشوفة عند الجميع مهما استُعملت وسائل التضليل والغش، ومن المتوقع ان تكون ردة فعل الشعوب في دول الربيع العربي قاسية وخطيرة على دول الخليج، خاصة تلك التي اعلنت دعمها للانقلاب العسكري قبل أن ينجح او حتى قبل ان يقسم الرئيس الجديد على الدستور الذي علقه ولم يعد موجودا! لذلك اكاد اجزم ان هذه الخطوة لم تكن موفقة او مدروسة سياسياً، لان تبعاتها ستكون خطيرة في المستقبل على علاقة الشعوب الخليجية ببقية الدول العربية!
إن ما يحدث اليوم في مصر من اعلان حرب على الشعب الأعزل المسالم، ليؤكد ضرورة ان تعيد دول مجلس التعاون النظر في سياستها الداعمة بلا حدود للنظام القمعي الجديد في مصر، ليس حباً في مصر، ولكن حرصاً على شعب الكويت ومصالحه!
* * *
• بمناسبة الانتخابات التي جرت اليوم (وقت صدور العدد)، فإني أكاد أجزم بأن هذا المجلس لن يختلف كثيرا عن المجلس المبطل أخيراً، حيث إن عنبر أخو بلال، ومن اسماء المرشحين لا نتوقع احداً منهم يعول عليه في تطوير العمل في المجلس اذا نجح، لمَ لا؟ وهذا اكثر مجلس مورست في انتخاباته الرشوة بشكل فجّ وصارخ، وجرت الانتخابات الفرعية تحت مرأى ومسمع الشرطة من دون حراك، ووصلت الانتقائية في تطبيق القانون لدرجة اصبح يتندر عليها الناس.
هذه نتائج الصوت الواحد
تركز
الحملة الاعلامية المصاحبة للانتخابات البرلمانية الحالية على توجيه الناس للمشاركة في التصويت كواجب وطني، بل واحياناً يطلع لنا شيخ ويقول انه التزام شرعي..! وليت الامر توقف عند هذا الحد، بل اصبح الترشيح ايضاً واجبا وطنيا! لذلك تجد كل من هب ودب صار مرشحا لهذه الانتخابات، ولولا الانتخابات الفرعية التي حدثت بين الفخوذ والبطون والقبائل لأصبحت ورقة التصويت تحتوي على اعداد غير مسبوقة من اسماء المرشحين! والغريب انه لم يكن هناك داع اصلاً لحث الناس على الترشيح او التصويت، لان المعارضة تخلت عن دعوة الناس للمقاطعة هذه المرة! ولم نسمع تحركاً جاداً من اي فصيل من فصائل المعارضة يدعو الشعب الى المقاطعة. لذلك من المتوقع ان تزداد نسبة المشاركة ما لم يمنع هذه الزيادة امران: الاول الصيام، والثاني الاحباط الذي اصاب الناس من حل المجالس وإبطالها، ناهيك عن سبب ثالث لابد من ذكره، وهو شعور البعض ان اسماء معظم المرشحين لا تبشر بمجلس يحقق طموح الناس! لذلك اقول للمرشحين وفروا تصريحاتكم ولا تركزوا على المشاركة والمقاطعة، وقولوا كلاما فيه رؤية او فكرة لحل مشكلة او تصور لمستقبل افضل للبلد، هذا افضل بكثير من اسطوانة المشاركة والمقاطعة!
بقي ان نذكر ان الشواهد حتى الآن تؤكد ان ما كان يقال عن ايجابيات الصوت الواحد كان سرابا في سراب، فها هي الانتخابات الفرعية في قمتها بين القبائل، بل وصلت الى اجرائها بين مرشحي الفخذ الواحد، وليت الامر توقف عند هذا الحد، فها هي التصفيات تصل الى مستوى الطائفة! مما اضطر بعض نواب الطائفة الاخرى الى الصراخ والعويل من هول ما يرى! أما انتشار ظاهرة شراء الاصوات فاعتقد انها غير مسبوقة في هذه الانتخابات، لدرجة ان الحكومة انحرجت من تفشيها بشكل فجّ، فاضطرت الى الكبس على بعض البؤر الصارخة! ومع هذا مازال هناك من يردد أن الصوت الواحد قضى على سلبيات العملية الانتخابية..!؟
***
• كتب رئيس تحرير صحيفة محلية تعليقاً على مقالتي الماضية «أنا محبط»، يقول: ليتني محبط من غزو صدام للكويت عندما أراد الاخوان بيعها له..! انتهى!
بصراحه موكفو ارد عليه، لانه يكتب وفقا لما يملي عليه اسياده، والا هو يعلم قبل غيره ان البيان الوحيد الذي قُرئ على مؤتمر جدة هو بيان جماعة الاخوان المسلمين، التي أيدت حق الكويت في تحرير ارضها، وطالبت صدام بالخروج من الكويت من دون قيد اوشرط..! لكنه ظن ان الناس ينسون، وهو الذي نسي انه ما يصح الا الصحيح.
ويستمر مسلسل تشويه التيار الاسلامي، فهذا صاحب جريدة محلية اخرى، وهو كثير التردد على السجون، كتب يدعي ان مرشد الاخوان في مصر وزع الرتب العسكرية على اخوان الكويت استعداداً للحكم..!
الذي اريد قوله ان ما يجعلنا نطمئن الى سلامة منهاجنا وخط سيرنا، هو ان من يخاصمنا بهذا الفجور هو هذه النوعية الرديئة من البشر..! وصدق من قال:
واذا أتتك مذمتي……..!
أنا محبط..!
قد يتبادر الى ذهن القارئ انني محبط بسبب ما يحدث في مصر من انقلاب على الديموقراطية وعودة للنظام القمعي السابق، وهذا الظن قد يكون فيه شيء من الصحة، الا ان «الشق عود»! فانا مواطن عربي مسلم اعيش في دولة الكويت، لكنني محبط من اوضاع الامة العربية والاسلامية وأخص اوضاع الحريات العامة في دول الخليج العربي!
انا محبط لانني ارى بعيني كيف تتطور المجتمعات الاخرى بالتحول الديموقراطي والانفتاح على الرأي الآخر، بينما مجتمعاتنا العربية، وبالاخص الخليجية منها، تنحدر الى اسفل سافلين في هذا المجال، وتبدأ بمحاربة الرأي المعارض واستخدام النظام البوليسي القمعي في مواجهة الخصوم السياسيين، ولعل ما ذكره المرشح مرزوق الغانم في ندوته بالامس من تدبير اتهام له من امن الدولة حول ارتباطه بالتخطيط لاعمال تخريبية في الكويت اكبر دليل على ما نقول، اضف الى ما صدر بالامس من حكم قاس على فتاة كويتية وناشطة سياسية هي سارة الدريس بسبب تغريدات لها في تويتر..! والامثلة على الانتكاسة التي تعيشها دول المنطقة في مجال الحريات كثيرة ومتعددة الاشكال، فها هو احد المسؤولين في المكتب التنفيذي لمنتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية يصل الى مطار احدى دول المنطقة -غير الامارات- ويحتجز بالمطار لمدة ست ساعات يحققون معه بتهمة ارتباط المنتدى بجماعة الاخوان المسلمين..! وكلنا يعلم ان واقع المنتدى ومكتبه التنفيذي يؤكد استحالة ارتباطه بالاخوان، لكن الاسلوب البوليسي المرتبط بالتخيلات اوجد هذه الصورة وبنى عليها تهمته. ومادمنا نتحدث عن المنتدى فها هو احد رموزه يلقى في السجن بالامس القريب بسبب آرائه السياسية! وليت الامر توقف عند حدود دولنا في الخليج، بل اننا بدأنا نصدر شرنا وبلاوينا الى الآخرين..! فها نحن نتسبب في دعم الانقلاب العسكري في مصر، وها هي بعض دولنا تدعم نظام بشار الاسد في سوريا، كما اننا سمعنا – والله اعلم – ان سد اثيوبيا، الذي اثار جدلاً واسعاً في مصر والسودان، انه بتمويل خليجي!
وانا محبط لان بلدي الكويت، الذي كنت أفاخر بديموقراطيته وحدود الحريات فيه عند اقراني الخليجيين،لم يعد كذلك، بل انني اصبح مسخرة ان تحدثت عن الكويت كبلد للحريات! بعد التمكن من ايجاد نظام انتخابي يأتي ببرلمان مروّض ترويضاً محترماً..!؟
كما اصبحت المحاكم ملأى بقضايا الرأي، ولاول مرة لدينا سجناء سياسيون!
وانا محبط لان المثقفين عندنا من اصحاب الفكر القومي والليبرالي هللوا وأزبدوا عندما أسقط رئيس منتخب بانقلاب عسكري، وكنت اتوقع منهم احترام مبادئهم ومنطلقاتهم الفكرية، لا تبرير هذه الانتكاسة وفقاً لاهوائهم ورغباتهم،،!
وانا محبط لان الكويت اصبحت بين فكّي كماشة دولتين طائفيتين – العراق وايران – وجماعتنا هنا ولا كأن الامر يعنيهم..! فها هي العلاقات الثنائية بين ايران ودول مجلس التعاون في اوجها، حتى قيل في الاخبار ان هذه الدول تدرس منح ايران عشرة مليارات دولار!! نعم لايران وليس لأي دولة اخرى، ايران التي اصبح معلوماً لدينا انها تسعى من خلال خلاياها التجسسية الى زعزعة الوضع لدينا..! والتي تحتل جزر الامارات والتي تهدد باحتلال البحرين بين فترة واخرى.
واخيراً وليس آخراً.. انا محبط من فجور وسائل الاعلام عندنا في نقل الخبر..! فهي تنشر الخبر وفقاً لهواها وليس وفقاً للامانة الصحفية! والامثلة في ذلك اوضح من ان تُذكر!
>>>
البعض مازال يتهم الحركة الدستورية الاسلامية بانها زجت بالصف الثاني من شبابها لخوض الانتخابات البرلمانية مع انها اتخذت قرارا معلنا بالمقاطعة..! والحقيقة استغرب تصديق مثل هذه الاشاعات، فهم يتحدثون عن مرشحين بعيدين اليوم عن الحركة، بل ان واحدا ممن يضربون بهم المثل، كان قد ترشح في انتخابات 2/2012 في الدائرة نفسها التي ترشح فيها الحربش ومطر ممثلا الحركة آنذاك في تلك الدائرة!
لكن لماذا لا يتحدثون عن المنبر الديموقراطي الذي اعلن مقاطعته للانتخابات بينما هناك اثنان من رموزه مشاركان هذا العام، حيث احدهما مرشح في الروضة والآخر في الضاحية؟! أم ان الحركة هي فقط صاحبة المبادئ وغيرها (زقمبية)؟!
هل بدأت الحرب؟
هل بدأت الحرب على التيار الإسلامي في الخليج؟!
هذا السؤال الكبير يحتاج إلى إجابة شافية ووافية، ولكن في مقالات مقبلة بإذن الله! أما اليوم، فسأتكلم عن ظاهرة الحرب الإعلامية على هذا التيار، والتي فعلاً بدأت بشكل واضح منذ فترة ليست بقصيرة! ولعل ملامح هذه الحرب يمكن ذكرها في بعض الحوادث الإعلامية التي تدلل على أن أمراً ما يدبَّر لهذا التيار في هذه البقعة من العالم!
فبركة موضوع الخلية الإرهابية في إحدى دول الخليج، وتلبيس عدد من الإصلاحيين اتهامات بقلب نظام الحكم في هذه الدولة، وصدور أحكام بحبس عدد منهم سنوات عدة، كما صرّح مسؤول أمني رفيع المستوى في إحدى دول المنطقة بأن الإخوان المسلمين سيتم القضاء على وجودهم في الخليج خلال خمس سنوات! ناهيك عن تصريحات صريحة من بعض الطارئين على العمل البرلماني في الكويت، يطالبون فيها بـ«تطهير مؤسسات الدولة من الإخوان المسلمين»! أما التشويه الإعلامي لمواقف رموز التيار من قبل الإعلام المأجور، فحدّث ولا حرج، ولعل آخر هذه الأعمال الدنيئة هو ما تناولته بعض الصحف المحلية بالأمس من تصريح لرئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي من أنه دعا المواطنين إلى انتخاب المرشح الصالح، وكأنها دعوة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بينما التيار الإسلامي كان قد أعلن مقاطعته لهذه الانتخابات! ومما يؤسَف له أن بعض الصحف التي كانت تتميز بأمانة النقل الصحفي دخلت في هذا المستنقع، مما يوحي بأن أمراً يدبَّر بليل! وتتلخص الحادثة في أنه على هامش حفل الاستقبال الذي أقامته جمعية الإصلاح الاجتماعي بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك، سأل الصحافيون رئيس الجمعية عن الانتخابات المقبلة، فقال إنه مقاطع للانتخابات وفقاً لرأي الأغلبية، الذي يحترمه ويلتزم به، ثم سُئل عن نصيحته لمن يريد أن يشارك بالتصويت في الانتخابات، فقال من أراد أن يشارك، فليتق الله في الكويت وليحسن الاختيار! ومع هذا تم تشويه تصريحه بعد بتره وقطع أجزاء منه، والخطورة أن هذا التشويه المتعمَّد جاء من صحف يومية عدة في الوقت نفسه وبالأسلوب نفسه؟! يضاف إلى ذلك ما تخطه بعض الأقلام التي تقتات على الكذب والافتراءات من أن الحركة الدستورية تسعى للحكم وتطمح إليه، وهم يعلمون علم اليقين أن الواقع خلاف ما يكتبون! وأنا أعلم أن التيار الإسلامي لا يلتفت إلى هذه الأكاذيب، ولكن ما يحز في النفس أن بعض المسؤولين في السلطة يستحسن الاستماع إلى مثل هذه الأمور، وهنا يحق لنا أن نتألم على مستقبل البلد من أن يُختطَف من بعض عديمي الإحساس بالمسؤولية، الذين لا تهمهم وحدة الصف الداخلي لهذا المجتمع الصغير!
• • •
• إلى دعاة الصوت الواحد: ها هي الانتخابات الفرعية تعود وبقوة في كل القبائل، حتى التي لم تكن تمارسها في السابق! بل الأخطر من ذلك أن التصفيات التشاورية كما يسمونها وصلت إلى مستوى الفخذ من القبيلة، مما يعني مزيداً من التفرقة والتشرذم بين مكونات القبيلة الواحدة! أما شراء الأصوات، فلا أظن أن أحداً يشك في أنه انتشر في هذه الانتخابات إلى مستويات غير مسبوقة! كما أن التنافس الطائفي أصبح إحدى سمات هذا النوع من الانتخابات! ما الذي تبقى من إيجابيات الصوت الواحد التي أزعجتمونا بها أثناء حملة «طاعة ولاة الأمر»؟!
• • •
• يسأل سائل: ما دمتم تدّعون أنه لا تربطكم علاقة تنظيمية بالإخوان المسلمين، إذاً لماذا هذه الفزعة لهم في مصر؟
وللإجابة أقول إننا هنا نتعاطف مع تيار نتوافق معه بالتوجّه والأهداف الإصلاحية والدعوية، وندافع عنه لإدراكنا أنه مظلوم في ما حدث له من انقلاب عسكري، ولكن السؤال يجب أن يوجَّه إلى التيار الليبرالي وأسباب فرحته بسقوط حاكم منتخب، وتعطيل دستور مستفتى عليه؟!
فضحتونا
قال لنناقش بهدوء موضوع دعم دول الخليج للانقلاب العسكري في مصر بهذه المبالغ الضخمة وبهذه العجالة..! فالحجة التي سمعناها من الطرف المؤيد للانقلاب انه دعم مستحق لدولة شقيقة بأمسّ الحاجة الى تحسين اقتصادها المتعثر..! خاصة ان الدول الخليجية المانحة لديها وفرة مالية نتيجة ارتفاع اسعار النفط في السنوات الاخيرة! وسنأخذ الكويت ذات الوفرة المالية لنرى حقيقة وضعها الاقتصادي من زاوية ما يراه المسؤولون الاقتصاديون فيها.
لا أكون متجنياً ان قلت ان الكويت تعاني تردي الخدمات الصحية والتربوية، وتوقف عجلة التنمية نتيجة سوء ادارة الحكومات المتعاقبة التي كانت ترفض معظم المشاريع النيابية الهادفة الى تحسين الوضع المعيشي للمواطن الكويتي، بحجة كلفتها المالية العالية التي غالبا ما تكون بضعة مئات من ملايين الدنانير! كما ان معظم الخبراء الماليين كانوا يحذرون من انتكاسة في اسعار النفط تستلزم منا ان نحتاط عند اصدار أي تشريع فيه كلفة مالية على المال العام، حتى ولو كان منحة اميرية للاسرة الكويتية او زيادة البطاقة التموينية! ثم كانت المفاجأة هذا التبرع السخي بهذه المليارات لنظام انقلابي عسكري قبل ان يتم الاعتراف به من أي دولة عربية ولا حتى اجنبية!
الا يحق للمواطن ان يتساءل: أين هي التحذيرات من انتكاسة اقتصادية مقبلة؟ بل أين هم الخبراء الاكتوارييون الذين يرفضون أي زيادة او منحة في رواتب المتقاعدين، وهل يعقل ان بضعة ملايين تؤثر في الميزانية وتدمر الاقتصاد الوطني وتتسبب في عجز قد يؤدي الى توقف بعض الخدمات والمشاريع التنموية، بينما التبرع بهذه المليارات يتم دفعها بمباركة المسؤولين وتأييدهم؟!
كنا أيام حكم مرسي نسمع ان بعض دول الخليج تعمل على اجهاض ثورة يناير وتدعم فلول النظام السابق! وكنا نرفض هذه المقولة ونصفها بالاشاعات المغرضة لتوريط دول الخليج المسالمة والداعمة لارادة الشعوب! لكن اقولها بكل صراحة اننا صدمنا بهذا التصرف غير المسؤول والخارج عن اصول اللباقة والدبلوماسية اولا بهذا الحجم من المليارات، وثانياً بهذا التوقيت بالذات، وكأن لسان حالهم يقول «بسرعة بسرعة قبل لا يهونون العسكر عن انقلابهم..!».
ان هذه الخطوة غير المدروسة التي تمت نتيجة الخوف غير المبرر من انتقال رياح الربيع العربي للخليج، وهو خوف لامجال له، ستكشف للمواطن زيف حجج الحكومة التي كانت ترددها عند رفض كل مشروع يهدف الى تحسين الاوضاع المعيشية أو يخفف من الاعباء المالية على المواطن! كما انها خطوة تؤكد قصر نظر في عالم السياسة وعدم فهم لمصلحة البلد، حيث ان الملايين المؤيدة لعودة الرئيس الشرعي، التي تحتشد اليوم في جميع ميادين مصر من شمالها الى جنوبها، ستحمل دول الخليج مسؤولية ما يحدث على الأرض من اراقة دماء وسقوط شهداء لانها الداعمة لنظام بوليسي استبدادي مغتصب للسلطة! هكذا ينظر هذا الشعب الى الامور اليوم وهو يسمع دول الخليج تقف ضد رغبته في احترام ارادته!
أنا افهم ان أميركا وراء هذه الخطوة الخليجية والسبب ان المبادئ المعلنة للأميركان تمنع دعم انقلاب عسكري على سلطة منتخبة شعبيا وديموقراطياً، لذلك جعلت من هذه الدول «ممشاشة زفر» لتحقيق هدف طالما كانت أميركا تسعى اليه وهو افشال حكم الاخوان المسلمين لمصر..! وقد يقول قائل ان الأميركان مازالوا يتمنعون عن دعم الانقلاب، وأؤكد هنا ان أميركا ستدعم الانقلاب قريباً جداً، ولكنها تحرص على تجميل مواقفها والتسويق لها حتى يأتي الوقت المناسب لتعلنها بكل صراحة!
الخلاصة ان دول الخليج «فضحتنا» بهذا الموقف المتعجل حالها حال التيار الليبرالي الذي تناسى مبادئه واعلن ابتهاجه بالانقلاب ودعم اسقاط حكم شرعي ليحل محله حكم استبدادي بدأ اول عهده بسجن خصومه واغلاق محطات التلفزة لهؤلاء الخصوم السياسيين! وصدق من قال «عش رجبا تر عجباً».