خروج مصر من دائرة الصراع في الشرق الاوسط سيمهد الطريق للهيمنة المذهبية الايرانية على المنطقة، ومع الاسف الشديد ان بعض دول الخليج العربية، التي هي من أخرجت مصر، ستكون اولى ضحايا هذه الهيمنة..!! وستكون ايران المذهبية واسرائيل اول المستفيدين من سقوط حكم عقائدي وسطي كان يفترض ان ينقل مصر والعالم العربي والاسلامي الى لعب دور فاعل ورئيسي يقود ولا ينقاد!
اليوم تعيد اميركا ترتيب اوراق اللعبة بعد غياب ورقة مصر، فتعطي دور الجوكر لايران والمذهب وتُجلس دول مجلس التعاون على كراسي الاحتياطي علّ وعسى ان يكون لهم دور في المستقبل ان كان لهم مستقبل!
المشكلة ان البعض يظن ان الاخوان حكموا مصر بعد سقوط نظام مبارك ولذلك تم اسقاطهم، والحقيقة، التي يغفل عنها الكثير، ان الاخوان اوصلوا ممثلهم الى كرسي الحكم لكنهم لم يحكموا..! فمنذ اليوم الاول اعلن محمد مرسي استقالته من حزب الحرية والعدالة وانه اصبح رئيسا لكل المصريين! وحرص على عدم أخونة الدولة، ولذلك استعان منذ اليوم الاول بالمستقلين وحاول اشراك جميع الوان الطيف السياسي، لكنه لم يتمكن من ذلك لان خصومه من داخل مصر وخارجها خططوا لافشاله في كل خطواته، لذلك اصبح الذي يدير البلد هو مؤسسات الجيش والشرطة وماسبيرو! وهي مؤسسات تابعة للدولة العميقة، حتى ان مرسي عندما تمكن من ازاحة وزير الدفاع ومساعده فوجئ ان البديل كان من التربية والتوجيه نفسيهما – الدولة العميقة – وهذا ما حصل مع وزارة الداخلية عندما غير الوزير وألغى امن الدولة اكتشف، ولو متأخرا، ان الوزارة كلها امن دولة..!! وجاء دور الاعلام فقرر مجلس الشورى تغيير اربعة عشر رئيس تحرير جريدة ومؤسسة اعلامية، وكانت المفاجأة ان سبعة مقالات من كل عشرة مقالات تكتب بالاهرام او الجمهورية تشتم بالرئيس وتشوه مسيرته التي لم تكن بدأت بعد..!
ثم تبدأ المرحلة التالية من مخطط اخراج مصر من دائرة الصراع في الشرق الاوسط، فيتم قطع الكهرباء ومنع الكيروسين من الوصول الى محطات التعبئة ثم اضراب القطارات وتختتم بمشكلة سد النهضة الاثيوبي! كل ذلك لاثارة شعب الكنبة – كما يسمونهم – في مصر، وهي المجاميع غير المنتمية سياسيا، اي غالبية الشعب المصري، للخروج الى الشارع يوم 30 يونيو وهي المرحلة الاخيرة من مخطط التحرك لاسقاط الرئيس المنتخب ومؤسسات الدولة الشرعية التي بعدها تدخل مصر في مرحلة من التوهان والضياع الامني والسياسي ثم الانهيار الاقتصادي، وبالتالي تخرج من دائرة الصراع الدولي لتتفرغ ايران، بمباركة اميركا، الى لعب دور محوري ورئيسي تعيد من خلاله ترتيب الادوار بالمنطقة بينما بعض دول الخليج منشغلة في صرف اموالها على الانقلاب ليزداد تمزق المجتمع المصري ومطاردة اصحاب الفكر الوسطي من ابنائها «قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا». صدق الله العظيم.
***
تمت احالة الرئيس المصري محمد مرسي وقيادات في جماعة الاخوان المسلمين الى المحكمة بتهمة التخابر مع حماس!
ومعلوم ان التخابر مع حماس لا يعتبر تهمة الا في اسرائيل فقط! فهذا خالد مشعل يتنقل من قطر الى الاردن الى الكويت الى الرياض الى المغرب ويستقبل استقبالا يليق به، لكن في مصر كأن الانقلاب يريد ان يكشف مبكرا عن هويته!
***
أُحرقت عشرات المساجد، وانتهكت حرمات الله في بيوت الله ولم نسمع من البعض كلمة استنكار واحدة، وعندما تم اطلاق نار على كنيسة، ثبت لاحقا تورط الداخلية في الحادث، قامت الدنيا عندهم ولم تقعد!
التصنيف: مبارك الدويلة - حصاد السنين
التقارب الأميركي الإيراني والإنذار المبكر
حتى هذه اللحظة لا اشعر ان هناك تخوفا حقيقيا عند أغلب قادة دول مجلس التعاون من التقارب المفاجئ في العلاقات الاميركية ــ الايرانية! وكأن واقع الحال يقول ان كل ما يجري في المنطقة هو برضا وقبول دولها، بل بتنسيق بين اميركا ودول مجلس التعاون! ونحن ندرك جيدا ان اول ضحايا هذا التقارب هو امن واستقرار هذه الدول! وما زلنا نذكر تصريح اوباما بان الولايات المتحدة ستستغني عن نفط الخليج خلال عامين، مما يفسر عدم مراعاة اميركا لمصالح دول الخليج العربية في ترتيبها لاوراق اللعبة السياسية في المنطقة، بل انها أعطت المصالح الايرانية الاولوية على ما سواها! وهذا قد يكون فهما مقبولا اذا عرفنا ان ايران ممكن ان تلعب دور شرطي الخليج من جديد، ولكنه شرطي يلبس العمامة السوداء! ولعل اقرب مثال على ما اقول هو عدم اكتراث اميركا لمطالب ومناشدة دول مجلس التعاون للمجتمع الدولي بالعمل على اسقاط نظام الاسد، خاصة بعد استعماله للاسلحة الكيماوية ضد شعبه، وشاهدنا جميعا كيف نكص اوباما على عقبيه بشكل مفاجئ وكأن أمراً دبّر بليل! فاتضح لنا ان ما كنا نخشاه قد حصل، وهو ان ايران ضحت بشعاراتها ومبادئ ثورتها من اجل المحافظة على مخططها بالتواصل الجغرافي لدول الهلال الشيعي كما يسمى! واعطت لاميركا الضمانات التي تريدها، واهمها ضمان امن اسرائيل وسلمية البرنامج النووي! ولماذا الاستغراب من هذا التفسير؟ فها هو نظام الاسد منذ اربعين عاما لم يطلق رصاصة واحدة على اسرائيل لتحرير الجولان، فكيف ننتظر منه ان يسعى لتحرير فلسطين؟! ويبدو التوافق في النظرة الى مستقبل المنطقة واضحا بين سوريا وايران، ولم لا يكون كذلك والخلفية العقائدية متقاربة؟! ومن اجل ذلك كان ثمن المحافظة على استمرار نظام الاسد هو التنازل عن مبادئ الثورة الخمينية!
ولقد كانت هناك فرصة لدول مجلس التعاون الخليجي لايجاد توازن في ميزان القوى بالمنطقة، عندما نشأ نظام جديد في مصر يدعو الدول العربية والاسلامية الى الاستقلالية التامة عن مراكز القوى الغربية، وارسل عدة اشارات لهذه الدول للتعاون لتحقيق ذلك، الا ان تبعية بعض دول المنطقة لاميركا والغرب حالت دون ذلك، وأفشلت هذا المخطط، بل ومما يؤسف له ان من ساهم في اسقاط هذا النظام الجديد هو بعض دول المنطقة نفسها! وفعلا بعد سقوط نظام مرسي في مصر تبلورت بشكل واضح هذه العلاقة المشبوهة بين اميركا وايران، ولعل هذا ما يفسر مباركة نظام طهران ونظام الاسد لاسقاط نظام مرسي!
اليوم السعودية ترفض عضويتها بمجلس الامن، لانه عجز عن تحقيق اهدافه بفرض الامن والسلم الدوليين في سوريا، والحقيقة ان الذي شل مجلس الامن عن ممارسة دوره هو اميركا التي رأت ان ايجاد علاقة مميزة وجديدة مع ايران، ستكون كلفته اقل بكثير من شن حرب على نظام كان حارسا لامن اسرائيل طيلة عقود من الزمان!
الان.. اما آن للعقل في الخليج ان يستيقظ؟!
متى ستعي دولنا خطورة ما يجري ويخطط لها ولنا؟! هل نتوقع مزيدا من التطمينات الاميركية لدول الخليج بشأن هذا التقارب المشبوه؟! أمازالت الى اليوم عندنا ثقة في وعود اميركا واوروبا؟! ألم يحن اعلان وحدة خليجية تقلل من خطورة تداعيات هذا التقارب المفاجئ؟ ألا تشعرون يا حكوماتنا ان دوام الحال من المحال؟!
أسئلة كبيرة واجابتها موجودة في عقول المعنيين بالاجابة، لكنهم لا يجرؤون عليها خوفا من الصدمة! لكنه الانذار المبكر! فاليوم لدينا الوقت لتدارك الامر وغدا سنردد جميعا.. «اذا فات الفوت ما ينفع الصوت» والله الحافظ.
الإسكان.. وضياع البوصلة
«ناطر بيت».. تجمّع شبابي كويتي يهدف إلى الاستعجال في حل مشكلة السكن عن طريق الضغط على الحكومة لوضع حل جذري وناجع لهذه المشكلة الأزلية. وقد نجح التجمع حتى الآن في إرغام الحكومة على إعطاء القضية الإسكانية أولوية خاصة وعقدت لها اجتماعا استثنائيا!
كل ما تم جميل، وفي الطريق الصحيح.. لكن!
لن نتمكن من حل مشكلة السكن إلا إذا عرفنا مكمن العلة. والعلة كانت سابقا في توفير الارض فقط، اما اليوم فالعلة مع الاسف في القانون! نعم، قانون الشركات المساهمة، الذي يلزم الحكومة ببناء المدن الاسكانية وفقا لاجراءات تعجيزية! حيث يتطلب إنشاء شركة مساهمة عامة تتولى بناء المدن واستثمارها على أسس تجارية! وقد طرحت فعلا بعض المشاريع وفقا لهذا القانون، وأذكر منها مشروع «مدينة منخفضة التكاليف» كبديل لبيوت الصليبية وتيماء، وقد تمت دراسة كراسة المواصفات، وبعد انتهاء مدة تقديم العطاءات.. لم يتقدم أحد! وكان السبب واضحا، وهو أن قانون الشركات يجعل من المشروع غير ذي جدوى اقتصادية. لذلك، لم يخاطر أحد بالتقدم للمشاركة. ثم تم إقناع الحكومة والمجلس بأهمية تعديل القانون ليكون مجدياً اقتصادياً لمن يريد أن يضع ملايينه لعدة سنوات في التراب، فتم تعديل فقرة واحدة بشأن تحمّل الحكومة تكاليف البنية التحتية، وعندما طرح المشروع مرة ثانية لم تتقدّم إلا شركة واحدة، فاضطرت الوزارة إلى إعلانها فائزة، وكانت المفاجأة أن هذه الشركة اعتذرت عن استكمال إجراءات الترسية لظروف المشروع!
أذكر جيدا عندما تقدم السيد أحمد السعدون باقتراح هذا القانون كان الهدف منه مزيدا من الشفافية في إجراءات الطرح والترسية والإشراف على المشاريع الإسكانية، وهي أهداف لا شك في سموها وأهميتها، خصوصاً ان الممارسة السابقة لم تكن مشجعة وقد تم تسجيل عدة ملاحظات على المشاريع الاسكانية من قبل لجنة الميزانيات في مجلس الامة وديوان المحاسبة، لكن المشرع غفل -مع الأسف- عن إمكانية تنفيذ القانون ومواءمته للواقع، مما جعل القانون يصدر قبل سبع سنوات والى اليوم لم يتم تنفيذ مدينة سكنية واحدة!
باختصار، حل المشكلة يكمن في تعديل القانون والسماح للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ببناء المدن الإسكانية وطرح القطع الاستثمارية والتجارية والحرفية للقطاع الخاص، وهذا سيقلل من تكاليف المشروع على الحكومة. تتبقى مشكلة توفير الارض الصالحة للسكن، وهذا يحتاج إلى قرار حازم من مجلس الوزراء يلزم شركة نفط الكويت التنازل عن بعض الأراضي الفضاء التي لها امتياز عليها مع اتباع الطرق الفنية الحديثة لاستخراج النفط! وثالث العناصر التي كانت معوقة لحل أزمة السكن هو توافر الميزانية اللازمة للمشاريع، وأعتقد لن تمر علينا وفرة مالية كالتي نعيشها اليوم في اسواق النفط. لذلك، حري بنا ان ننفق هذه الاموال على انشاء المدن افضل الف مرة من ان ننفقها على مجموعة إرهابيين انقلبوا على الشرعية في بلادهم وأخذوا يقتلون شعوبهم جهارا نهارا!
***
شكراً «للحكومة»
لئن سمحنا لأنفسنا بانتقاد بعض المسؤولين في أقوالهم وأفعالهم، فمن باب أولى أن نذكر لهم بعضاً من محاسنهم، ولقد انتقدنا كثيراً دعم الكويت للانقلاب في مصر، واتسعت صدور من انتقدناهم وتحمّلونا، ولكن التصرف الحكيم للحكومة أخيراً في تأجيل بعض المناسبات واللقاءات دليل على حكمة الحكومة في رفع الحرج عن الكويت وأهلها، ودليل كذلك على أن الكويت بلد عزة وكرامة، ولن تقبل بتجاهل أي طرف لها مهما كانت منزلته، فكيف بمن تولى السلطة، منقلباً على الشرعية! شكراً كبيرة للحكومة، ولعلها بداية لعهد جديد من السياسات المميزة في المنطقة والأكثر استقلالية.
بربسة وزارية
• وزارة الصحة
لا أعرف سبباً يجعل الشيخ محمد العبدالله يقبل بمنصب وزير الصحة الا تضحيته من اجل سمو رئيس مجلس الوزراء، الذي يبدو انه تورط في هذا المنصب فجاء العبدالله لينقذ الموقف..! لان وزارة الصحة هي الوزارة الوحيدة التي لا يمكن ان تجد كويتيا واحدا راضيا عنها مهما جدّ وزيرها واجتهد، مثل زوجة الاعمى تتزين له وما يشوف زينتها! لكن هذا لا يعني ان الامور فيها عال العال، فما حدث لمساعد مدير مركز صباح الاحمد للكلى والمسالك أمر يدل على ان الخلل في الادارة، حيث تقدم عدد من الموظفين بشكوى الى مساعد المدير، واحيلت الشكوى إلى اللجنة المعنية للتحقيق وبدأ التحقيق بشكل جدي، وفجأة ومن دون سابق إنذار أصدر الوكيل قراراً بإلغاء مسمى مساعد مدير من المذكور ونقله الى ديوان الوزارة، وكأن التهمة ثابتة عليه! والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم ينتظر الوكيل حتى نهاية التحقيق حتى يتبين له ان كانت الشكوى كيدية ام حقيقية؟! كان بامكان الوكيل نقل المشكو في حقه الى ديوان الوزارة او ايقافه عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق وظهور الحقيقة حتى لا يتدخل في سير التحقيق ان كان هناك شك في ذلك! ماذا سيكون موقف الوكيل ان أثبت التحقيق ان الشكوى كيدية؟ كيف سيرد له اعتباره وسمعته؟! هذا مثال يتكرر كثيرا في وزارات الدولة بسبب ضعف بعض المسؤولين في مواجهة اطراف النزاع، خصوصاً اذا كان احدهم له علاقة بصاحب نفوذ!
• وزارة التربية
قام وزير التربية بإحالة عدد من الوكلاء المساعدين إلى التقاعد، والاحالة امر مشروع للوزير ان كان الهدف منها تجديد الدماء وفقا لمعايير محددة. لكننا فوجئنا ان الثلاثة ما زالت مراسيمهم قائمة وبعضهم بقي له اكثر من ثلاث سنوات لانتهاء مرسومه، وجميعهم لم يتموا اكثر من واحد وثلاثين سنة في الخدمة، بينما الوزير نفسه عيّن وكيلة الوزارة وعمرها تجاوز الستين عاما وخدمتها تجاوزت الثمانية والثلاثين سنة..!! الاغرب ان الاسماء المرشحة للاحلال محل هؤلاء قد تجاوزت خدماتهم الثلاثين سنة ايضا..!!
شكل من اشكال البربسة في وزاراتنا!
• وزارة الإسكان
وهنا حدث ولا حرج عن البربسة..! فجميع مساعدي المدير العام السبعة انتهت مراسيمهم منذ اكثر من عام من دون ان يتم تجديدها، ومع هذا لم يصدر بحقهم اي قرار، فلا هم من غادر ولا هم من تم تثبيته! طبعا هؤلاء السبعة كيف تتوقع منهم ان يمارسوا ادوارهم؟! اكيد من غير نفس ومن غير تحمل اي مسؤولية مستقبلية! ولهذا تجد مشكلة الاسكان تتدحرج الى الاسفل يوما بعد يوم!
الامل في الوزير ان يحسم موضوع تجديد المراسيم او عدم تجديدها، وان يعطي الوكيل بالانابة فرصة يعالج الامور برؤيته الجديدة لعله يجد فيها ما لم يجده في غيره، وبالمناسبة بما اننا نتحدث عن الاسكان اعتقد انه ما دام هناك قانون اسمه الشركات المساهمة فلن تجد مشكلة السكن في الكويت طريقا للحل! وللحديث بقية
• الإدارة العامة للجنسية
عندما تم تعيين مازن الجراح مديرا عاما لهذه الادارة الحساسة شعرت بان الامور ستسوء اكثر، خصوصاً انها ادارة تحتاج الى خبرة كبيرة بالناس ومشاربهم وتحتاج الى سنين طويلة لحسن ادارتها، ولكن ظني لم يكن في محله! فقد أثبت هذا الشاب الصغير انه يملك حسا وطنيا وذكاء مميزا ونظرة ثاقبة للمستقبل تعوض صغر سنه! لقد حدث ان حاورته في بعض القضايا المتعلقة بعمله وادركت انني امام شخص يُعقد عليه الامل في اصلاح ما افسده الدهر..!! اسأل الله ان يكفيه شر الناس وشر التدخلات (من فوق) حتى لا تحوس الادارة وتعرقل الانجاز!
وزارة الداخلية
هذه بعض الملاحظات على أداء بعض أجهزة وزارة الداخلية، شجعني على كتابتها وجود وزير جادّ ووكيل وزارة معروف بنزاهته وسمعته الطيبة، مما يعطي أملاً بإصلاح ما أفسده الدهر…!
الملاحظة الأولى: التعامل مع «البدون»
ما زال البعض يرى في البدون أنهم مجموعة من العراقيين الذين أخفوا جوازاتهم، وأن معظمهم من حزب الدعوة العراقي وأنهم خارجون على القانون ولا يحملون في قلوبهم إلا الحقد والكره للكويت وأهلها…!
هذه النظرة السوداوية الظالمة جعلت التعاطي مع هذه القضية يأخذ منحى القسوة والعنف وإنكار الواقع من قبل بعض الإدارات المتلاحقة للأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، والتغاضي عن كون هذه الشريحة هم الجيل الثاني لفئة عاشت في الكويت قبل أكثر من نصف قرن، وكان آباؤهم يحملون السلاح في الصباح يحرسون منشآتنا، وفي المساء يجلسون في البيوت ينتظرون حل مشكلتهم يأتيهم مع أخبار الصباح دون جدوى! ثم يأتي هذا الجيل ليسلك مسلكاً آخر في المطالبة بحقوقه وهو المسيرات السلمية، لأنه منذ نشأته وهو يسمع أن الكويت بلد الحريات، ولكنه فوجئ بقسوة التعاطي معه من قبل الأجهزة الأمنية بحجة أن مسيرته عطلت السير…! وليسمح لي الأخوة في الوزارة، هل سمعتم عن مسيرة تمشي فوق السطوح مثلاً أو على الأرصفة؟! شيء طبيعي أن تكون المسيرة في الشارع، ولو كان هناك حسّ أمني لدى بعض القياديين لتركوهم يكملون مسيرتهم التي ستنتهي خلال دقائق، ويلقي أحدهم خطاباً ينفّس فيه عما يختلج في نفوس العشرات منهم ويمتصّ غضبهم ويطفئ نار الفتنة عند المتهورين منهم والمحبطين، ولكن الحكمة أحياناً تضيع في هذه المواقف، فيكون التعامل العنيف وكأن المسيرة بدأت بتكسير محلات أو رمي سيارات الشرطة بالمولوتوف لا قدر الله …! لذلك، أتمنى أن يستعجل الأخ الوزير، الذي يعلّق الكثير عليه آمالاً كباراً، أن يحل هذه المشكلة، فيبادر بتجنيس من يستحق الجنسية منهم، ويتعامل مع البقية وفقاً لتصور يحفظ لهم كرامتهم وحقوقهم والعيش الكريم، ولقد قدّمنا وقدّم غيرنا تصورات للحل منذ سنوات عدة، ولكنها لم تر النور بسبب النظرة الظالمة للبدون من البعض المؤثر بالقرار والتي أشرنا إليها في أول هذا المقال.
• الملاحظة الثانية: الإدارة العامة للتحقيقات
عشت موقفين مع هذه الإدارة، الأول شكوى تقدم بها أحد أبنائنا إلى المحقق في أحد المخافر ضد أحد البلطجية في المنطقة، حيث هدده بالسلاح وهو في وضع غير طبيعي، ثم فوجئ بأن المحقق يعرف هذا البلطجي من كثرة الشكاوى عليه، وكثرة التعهدات التي وقعها ولي أمره، وبدلاً من التحفظ عليه تم أخذ تعهد جديد…!
الموقف الثاني معي شخصياً…! فقد تقدّمت بشكوى ضد إحدى المربيات التي اتهمتني بأخذ مناقصة من وزارة الدفاع بمائة وعشرين مليوووون دينار، وقد جاءت للمحقق واعترفت بجريمتها في حقي، وبعد أشهر عدة من تعال وروح استكمل التحقيق وأصبح الملف جاهزاً للمحكمة، ولكن ما الذي حصل..؟ مرت أشهر عدة أخرى وما زال ملف القضية في إدارة التحقيقات! ما هو السرّ في هذه النائبة التي ابتلينا بها؟! سمعنا مايشاع أن وراءها هاموراً! لدرجة أن شخصية برلمانية رفيعة المستوى اتهمها بالتحرك وفقاً لقاعدة «السيل يتبع الليان»! ولكن ما علاقة وزارة الداخلية بهذه النائبة وارتباطاتها؟! هذا وأنا الشاكي اللي عندي وسائلي للدفاع عن حقي والمطالبة به، فكيف بالمواطن المسكين اللي ما له إلا الله يرفع إليه يديه آخر الليل يطلب منه الفرج؟!
أتمنى من الأخ الوزير أن يضع حداً للقضايا التي تتعطل بالإدارة العامة للتحقيقات، مع أن المدير العام فيها مذكور بالخير ونظافة اليد، ولكن هذا واقع لا يمكن تجاهله.
إيران.. الخطر القادم
كنت اظن ان الفكر الممسوح بالصبغة الدينية لدى ارباب الحكم في ايران هو الذي يرسخ المبادئ العامة في التعامل مع الآخرين، انطلاقا من المفاهيم القرآنية والسياسات الشرعية! وساعد على هذا الفهم بعض الشعارات الثورية ذات المسحة الدينية التي اطلقها الخميني مع بداية انطلاق الثورة الايرانية في اواخر السبعينات مثل «اميركا الشيطان الاكبر»، الا ان هذا الفهم سرعان ما تلاشى عندما فاجأتنا الثورة بشعار جديد وغريب وخطير!! وهو «تصدير الثورة لدول الخليج»! وفعلاً بدأ الايرانيون يصدرون ثورتهم الى الطرف الاضعف من جيرانهم وبدأوا باغلاق مضيق هرمز في وجه ناقلات النفط الخليجي المتجهة الى الشيطان الاكبر وحلفائه الاوروبيين! مما حدا بدول الخليج الى الارتماء في حضن هذا الشيطان ورفع علم بلاده على سفنهم لحمايتها من انتحاريي الثورة الاسلامية في ايران الذين علقوا في رقابهم صكوك الجنة!! وكانت الحرب العراقية – الايرانية قد بدأت مع قدوم الخميني لايران واستمرت مستعرة تقدم آلاف الضحايا يوميا في معارك اشبه بالعمليات الانتحارية منها للحرب النظامية! مما جعل دول الخليج تظن ان تصدير الثورة قد بدأ ومن البوابة الشرقية للخليج، وهذا ما جعل اهل الكويت يظهرون تعاطفهم مع العراق في هذه الحرب! ولان اتباع ايران منتشرون على الساحل الغربي لهذا الخليج فقد بدأوا بالتحرك السريع لتوصيل رسائل دموية لمن يهمه الامر لوقف دعم العراق واعطاء الفرصة لايران لاجتياحه! فبدأوا بتفجير موكب سمو الامير في منتصف الثمانينات، وتحركت خلاياهم النائمة لتفجير المنشآت النفطية ثم المقاهي الشعبية، وبدأ الدم الكويتي يسيل بسبب موقفه من الحرب الظالمة، وعندما تبين للايرانيين ان هذه الاعمال الاجرامية لم تفت في عضد الكويتيين واصرارهم على صمودهم بدأوا في حرب فعلية ومباشرة على المنشآت الحيوية في البلاد فأطلقوا ثلاثة عشر صاروخا من نوع «سلك وورم» فدمر وخرب وقتل ومع هذا استمرت الكويت في موقفها من الحرب دون تراجع او خضوع، واستمرت ايران في عدائها لدول الخليج، فأعلنت عدم تراجعها عن احتلال جزر الامارات وتدفقت خلايا التجسس على الكويت لتكون خلاياها النائمة تحركها في الوقت الذي تراه!!
اليوم ترى ايران ان مصلحتها في التعاون مع الشيطان الاكبر، ويبدو انهم اكتشفوا اخيرا ان شعاراتهم لم تكن صحيحة، لا معنى ولا محتوى، فأصبحوا يرون في عدو الامس حليفا ضروريا، واصبح الشيطان اليوم من الملائكة!! وطبعا الاميركان «ما صدقوا خبر»، فها هم يمدون يدهم اليمنى للايرانيين ويصفعون باليسرى وجه الخليجيين وكأنهم يقولون لهم ان السياسة ليس فيها صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، بل مصالح دائمة!!
طبعا هذا الموقف الاميركي أفرح اذناب ايران وجعلهم يتشمتون بدول الخليج، بل وصل الامر الى ان يهددوا الكويت واهلها بضرورة احترام ايران الدولة الكبرى، حتى قال احدهم «يجب ان يفهم الجميع ان ايران دولة كبرى….»!! «ويجب ان يفهم الجميع انه لا يوجد خليجي يتمنى ان تحكمه ايران التي لم تبد يوما اطماعا في اي دولة خليجية»!! هذا مسؤول سابق في حكومة دولة الكويت التي يهددها بوجوب ممارسة سياسة جديدة مع ايران، والغريب انه ينكر ان ايران لديها اطماع في دول الخليج!! بل وصل به الافتراء على التاريخ ان قال «ايران جارة كبيرة للكويت ولم يصلها منها اي اذى او ضرر»!
حان الوقت يا حكامنا الاعزاء الى الاتحاد ولو كونفدرالياً للوقوف في وجه الاطماع الايرانية في الخليج التي ستتوسع بعد إلغاء مفهوم الشيطنة الاميركية من قاموسها وبعد ان اعطى الاميركان فرصة لبشار الاسد لينحر من تبقى من الشعب السوري وبعد ان تعهدت ايران بممارسة دور شرطي الخليج!!
لم يعد مقبولا يا حكامنا الافاضل الا الاتحاد في وجه المتغيرات الجديدة واشعار الآخرين انكم دول تستحق البقاء والاحترام، وهذا طبعا يستلزم عدة امور، لعل اهمها وحدة الصف الداخلي وهو صف لا يختلف اثنان على تفككه اليوم وحاجته الى الترميم!
من يختبئ «خلف الكواليس»؟!
دأبت إحدى الصحف الإلكترونية – التي لا يعرف مالكها ولا راعيها باسمه الحقيقي، والتي تستعمل الاسماء الوهمية والالقاب كمصادر لأخبارها – منذ فترة طويلة، على نشر أخبار مغلوطة وأكاذيب عن شخصيات محددة تصنف، اما انها من التيار الاسلامي وإما التيار الوطني المعارض لسياسات بعض الحكومات الخليجية! وتشرفت ان اكون احد هؤلاء الذين تم الافتراء عليهم من هذه الصحيفة المشبوهة! فقد ذكرت مرةً انني الممول الرئيسي لخلية الامارات! وانني حوّلت مبلغا من المال من حسابي في «بيت التمويل الكويتي» في البحرين الى شخص يدعى المنصوري في الامارات، وهو احد المتهمين في الخلية! وقد أنكرت تلك المعلومات جملة وتفصيلاً في مقال سابق لي في القبس، وذكرت انني لا املك اي حسابات في البحرين، ولا اعرف شخصا باسم المنصوري، ولم أقم بتحويل اي مبالغ للامارات او غيرها، ثم فوجئنا بنشرها لما أسمته وثيقة سرية صادرة عن سفارة قطر في لندن الى الشيخ حمد بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء، آنذاك! تتحدث عن تحويل مبلغ مليون ريال قطري لكاتب هذا المقال! ومع ان «الفبركة» في الوثيقة كانت واضحة، والتزوير بالارقام والاسماء والالفاظ كان أوضح من الشمس، الا انني اصدرت بيانا في حينها أنكرت فيه ما ورد في هذه المسماة «وثيقة» وتم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وخوفا من الا ينتبه له بعض «الحريصين» على مبارك الدويله، امثال الاخ الزميل علي البغلي، نشرت استنكاري لما اوردته الوثيقة بــ القبس في مقالتي السابقة! وأؤكد هنا – للمرة الالف – استنكاري ورفضي لكل ما تنشره هذه الصحيفة المشبوهة من اكاذيب وافتراءات عني وعن كل الشرفاء من العاملين في المجالين السياسي والاعلامي والذين لا يسيرون وفقا لهوى اصحاب هذه الصحيفة و«معازيبهم» الذين يختبئون خلف كواليسهم..! والغريب ان ابني معاذ المحامي لم يسلم من اسلوبهم في الافتراء، فقد قالوا عنه ان لديهم وثيقة توضح اسباب منع السلطات المصرية له من دخول مصر عام 2010! علما بان آخر مرة وطأت رجله ارض الكنانة كانت في 2006..! والأغرب من ذلك ان ابننا المحامي معاذ الدويله عندما ذهب ليرفع قضايا على احدى الصحف الكويتية التي اعادت نشر هذه الاكاذيب على صدر صفحتها الاولى وعلى هذه الصحيفة الالكترونية، فوجئ بأن هناك قضايا كثيرة تم رفعها بالفعل على هذه الصحيفة الالكترونية من دون اي تقدم في مجال التحريات، يوصل المباحث الى اصحاب الصحيفة المجهولة!
إنني أحمل وزارة الداخلية مسؤولية الكشف عن أصحاب الحساب الخاص بهذه الصحيفة ومطاردتهم قضائيا للجرائم الالكترونية التي قاموا بها، وللجرائم الجنائية التي يمارسونها كل يوم، كإثارة الفتنة في المجتمع وتشويه سمعة الشرفاء من أبناء هذا الوطن ونشر البلبلة في المجتمع، وأتمنى على الوزير النشط الشيخ محمد الخالد ان يحقق ما عجز عنه أسلافه من وضع حد لهذه الفتنة ووأدها في مهدها!
انني اعلم ان ضريبة المواقف الصادقة عالية ومكلفة احياناً، وقول الحق في مثل هذه الظروف ليس بالامر السهل، ويكفي ان سيد الشهداء حمزة، ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله..! لذلك، نشاهد التيار الاسلامي يقذف كل يوم بسهام التشويه والكذب في محاولة لابعاد الناس عنه بعد ان تبين لهم ان الحوار الصادق والمنطق العقلاني لا يزيدان العامة الا اقتناعا وايمانا بهذا التيار ورموزه ومبادئه، ولعل هذا ما يفسر ما جرى وما يجري في مصر، وفي بعض الدول العربية، بعد ان فشل المنطق والاسلوب الديموقراطي في ابعاد الاسلاميين عن مصادر التأثير لجأوا الى الانقلاب العسكري الدموي لتصفية وجودهم من الساحة السياسية، ظناً منهم ان اسلوب الاجتثاث والاقصاء سيحقق لهم ما يريدون، وتناسوا القاعدة التي تقول: «قد تخدع الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكن ان تخدعهم كل الوقت».
لذلك، ها نحن نرى الناس يتجهون الى «الاخوان المسلمين» تأييدا ودعما وتعاطفاً في جميع انحاء المعمورة كرد فعل على النقد اللامنطقي لهم من قبل خصومهم السياسيين!
ولعل مقابلة الاخ الدكتور مبارك صالح البغيلي في احدى القنوات الفضائية بالامس خير مثال على ما نقول! فقد كان يطالب منتقدي الاسلاميين بالمنطق والحجة المعقولة بدلاً من كيل التهم جزافا، ومن دون دليل!
قال تعالى «وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله». (صدق الله العظيم)
حل الجماعة.. ماذا يعني؟
في عام 1948 أعلن الامام حسن البنا الجهاد في فلسطين، وتحركت كتائب الاخوان المسلمين لمقاتلة اليهود في ارض الاسراء، وقد أبلوا بلاء حسناً لولا الخيانات التي حدثت في مختلف الجبهات العربية، وعندما رجعوا الى مصر بالباصات كانوا يتوقعون ان يتم استقبالهم استقبالا يليق بجهادهم، غير انهم فوجئوا بالباصات التي تقلهم تفتح ابوابها داخل السجون والمعتقلات! وتم حل الجماعة، وبدأت حملة مطاردة لقادتها ورموزها، والتنكيل بهم، واختتمت باغتيال الامام الشهيد في عام 1949!
وبعد ثلاث سنوات فقط رجعت الجماعة اقوى من السابق، مما اضطر الضباط الاحرار الى اختيار شخصية لرئاسة اول جمهورية بعد الملكية قريبة من الاخوان المسلمين نظرا لشعبية الجماعة الواسعة في اوساط الشعب المصري! ثم انقلب عبدالناصر عليهم في 1954 وحل الجماعة في 1956، وبدأ حملة تنكيل ومطاردة جديدة، وامتلأت المعتقلات بقادتهم وشبابهم، وأُعدم معظم رموزهم ظناً منه انه بذلك ينهي وجودهم، لكن ظنه خاب، ومسعاه ضلّ، مما اضطره الى حل الجماعة اكثر من مرة. ولما مات، جاء السادات واصدر قرارا بالافراج عن كل من امضى في السجون اكثر من عشرين عاما، بيد انه منعهم من ممارسة أنشطتهم، وقيد تحركهم، وبعد كامب ديفيد ثار عليه الاخوان، مع من ثار من العرب، فحل الجماعة، واعاد قادتها الى السجون. ويتكرر السيناريو مع حسني مبارك الذي جعل الاخوان يتعودون على طريق السجن المركزي وابوزعبل وطرة ويعرفونها اكثر من معرفتهم للطرق المؤدية الى منازلهم!
وماذا كانت حصيلة هذه السنوات والعقود من زجهم في السجون والمعتقلات من دون محاكمات أو بمحاكمات صورية وتهم ملفقة؟!
ها هم يكتسحون اول انتخابات نزيهة يشاركون فيها، مما يؤكد معنى واحداً وهو ان حل الجماعة وزج قادتها في المعتقلات لا يزيدانها الا شعبية ولا يزيدان رموزها الا صلابة وقناعة أكثر بمبادئهم. ها هي الجماعة باقية ومستمرة، وها هم الحكام من الخديوي فاروق، مرورا بطاغية العصر العبد الخاسر الى السادات الى مبارك، قد ذهبوا الى مهملات التاريخ غير مأسوف عليهم! وها هو السيسي يسير على المنهج نفسه من دون ان يتعلم من التاريخ القريب. لكن اذا عُلم السبب بطل العجب، فالنظام الدموي يتلقى توجيهاته من معازيبه الذين من اجلهم بدأ حرب التجويع والحصار على شعب غزة الاعزل لتصفية القضية الفلسطينية وانهائها كما يريدون وبمباركة من رام الله!
إن من هلل للحل ظناً منه انه ينهي وجود جماعة الاخوان المسلمين قد أخطأ قراءة التاريخ، فالحل سيزيد من شعبيتهم بالضبط كما الانقلاب جعل الكثير يتعاطف معهم رغم معارضته لهم في السابق، والحل سيجعل بيدهم ورقة للضغط على المنظمات الاممية والدولية، وسيحرجها للتحرك ضد القرار المخالف لابسط القوانين والمبادئ المعمول بها، ويكفي انه صدر من محكمة غير مختصة بحل الجماعات السياسية. اما المنطق فيقول: كيف يرفع حزب التجمع، الذي حاز على واحد في المائة فقط من اصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية الاخيرة، قضية لحل جماعة الاخوان المسلمين التي حازت على نصف اصوات الناخبين ويجاب طلبه؟!
ان موضوع حل الجماعة سيزيد من جراح القوى المدنية والشعبية والوطنية في العالم العربي بالذات، حيث سيحرجهم مرة ثانية وسيعري مواقفهم ومبادئهم التي تعرت بسبب تأييدهم للانقلاب العسكري. ونتوقع ان تستمر هذه القوى في اتخاذ المواقف المشبوهة والمخالفة لابسط قواعد اللعبة السياسية والمبادئ الانسانية وتبارك الحل وتدعمه.
ونقول لمن فرح بهذا القرار غير القانوني ان السجون المصرية ومعسكرات الجيش تحتضن اليوم خمسين الفاً من شباب الاخوان ومفكريها وقادتها، ومع هذا ها هي مصر كلها تنتفض يوميا ضد الانقلاب، وكلما زاد الظالم من بطشه وقسوته زاد الشعب من اصراره على الاستمرار واستكمال مسيرته حتى سقوط الانقلاب، «وَسَيَعْلَم الَّذ.ينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَل.بُونَ».
***
أطمئن القارئ العزيز وكل من يهمه امري انني سأكتب مقال الاحد المقبل عن اكاذيب من يتستر «خلف الكواليس» ويكتب باسماء وألقاب مستعارة، وذلك بعد ان اكون انتهيت من استكمال الاجراءات القانونية ضدهم، والله المستعان.
الأزهر.. في الزمن الأغبر
الازهر الشريف.. مرجعية المسلمين منذ عقود طويلة من الزمن، كان مركزاً للإشعاع الديني بشقيه الفقهي والدعوي، حيث كان يصدّر الدعاة والفقهاء الى معظم بقاع الارض لينشروا الاسلام والقرآن بين الناس، واستمر يمارس هذا الدور الرائد الى ان اصبح تعيين امام الازهر بمرسوم جمهوري، فأصبح للحكم تأثير عليه، وارتبطت مصالح بعض القائمين عليه بالقصر فخفت بريقه وانطفأ نوره، واصبح الكثير من فتاوى مشايخه وفقا لهوى السلطان والقصر، لا وفق الدليل والنص الشرعي، فأحلت بعض هذه الفتاوى المسكرات واجازت التبرج والسفور، واباحت المعازف وحللت الربا، ففقد ثقة الناس به كمرجعية دينية وأصبحوا يتندرون على مخرجاته وطلابه، بعد ان كان مصدرا للاشعاع الديني عمّ نوره كل المعمورة..!
اليوم يعيش الازهر زمناً اغبر! حيث اصبح احدى أدوات السلطان في تمرير قراراته، ولو كانت كفرا بواحا، فأحل بعض مشايخه الحرام وحرموا الحلال، ووصل الامر الى ان يصدر وزير الاوقاف قرارا باغلاق آلاف المساجد، ويوقف عشرات الآلاف من الائمة والخطباء لانهم قالوا كلمة حق عند سلطان جائر! والامرّ من ذلك مباركة الازهر لهذه الاجراءات بدلاً من ان يعترض عليها ويلغيها!
واليوم، وبعد ان حاولت الشعوب العربية ان تثور على الظلم والقهر وتنهي عقودا من الدكتاتوريات الطويلة التي تسببت في تخلف الامة وتردي احوالها، وبعد ان نجحت في بعض هذه المحاولات وتعثرت في اماكن اخرى، نجد خصوم العرب والمسلمين ينتفضون من جديد ويعلنون حالة الاستنفار لاجهاض هذا التجديد الواعد، وقتله في مهده قبل ان يكبر ويصبح ماردا جبارا لا يمكن الوقوف في وجهه، فاجتمع شرق الخليج المسلم مع غرب اوروبا واميركا النصراني وبدور لوجستي واضح من اسرائيل اليهودية لتحطيم كل آمال العرب والمسلمين في انهاء حقبة البؤس والشقاء التي طال ليلها!
ان أعداء الامة يريدون اليوم ان يلغوا دور المسجد التوجيهي والتربوي ويحولوه الى مركز للدروشة وأداء ركيعات بلا روح..! لقد رأوا ما يفعله المسجد من توجيه الناس لاحترام ذواتهم وآدميتهم وعدم التنازل عن حقوقهم المكتسبة، والا يعطوا الدنية في دينهم، لذلك هم يريدون ان يلغوا هذا الدور للمسجد ويحصروه في الصلاة والخطب التي تمجد بالحاكم وان كان ظالماً، وبالباطل وان كان واضحاً! وهاهم اليوم يبررون هذا الاجراء بوجود حوادث شاذة ونادرة ومرفوضة أصلاً، عقلاً ونقلاً، مثل هذا الخطيب الذي حثّ الناس على الفتنة، او ذلك الشيخ الذي اخذ ما ليس بحقه، او ذاك الداعية المتهم بسوء سلوكه..! وهذه افعال كما قلت شاذة ولا يقاس عليها او تعمم، طبعا هذا على فرض انها وقعت اصلاً.
اننا نعيش اليوم ردّة للجاهلية.. حيث الاسلام اصبح تهمة، والمتدين ارهابياً، والمنتقبة متطرفة، والعمل الخيري مشبوها.. أليس هذا واقعنا اليوم؟! حتى ايام الجاهلية لم تستبح ارواح الابرياء العزّل بالآلاف كما فعل السيسي وحكومته الانقلابية! وبالمناسبة نثمن موقف الحكومة الكويتية التي تأخرت بتسليم بقية المليارات الاربعة الى النظام الانقلابي في مصر! ومع ادراكنا لحجم الضغط الذي يمارس على حكومتنا من بعض الاشقاء في دول الخليج، الا اننا نتمنى ان تصمد لتظهر لها الصورة الحقيقية لما يجري في مصر، فها هو ما يسمى برئيس مصر المؤقت ينتقد الكويت لترددها في دعمه، مع ان الكويت سلمت المليارين وديعة! وخوفي ان نخسر الحسنيين..! فلا حصلنا رضا حكومة مصر الانقلابية، ولا نحن بالذين تحاشينا غضب الشعب الثائر، وثالثة الاثافي اننا خسرنا اموالنا التي كان اولادنا أولى بها!.
خلاصة القول.. الذي يهدئ من روعنا ويزيد من اطمئناننا، انه عندما يسمح للناس بالتعبير عن رأيهم وتوجهاتهم بحرية وامان فانهم يختارون الاسلام طريقا للحياة، لذلك نجد خصوم الاسلاميين لا يستطيعون الانتصار عليهم الا بالقوة القاهرة والوسائل غير الديموقراطية، ومع هذا تجد من يقول ان الاخوان فشلوا في اول تجربة لهم!؟ قال (ص): «بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء».
«الأوقاف» والتغيير المطلوب
“>الحملة الشعواء التي تشنها وسائل الاعلام الحكومية والاهلية على التيار الاسلامي في الخليج منذ تداعيات «الربيع العربي»، لم تكن نتائجها كما كان يتوقع التيار العلماني الذي تبنى هذه الحملة، ورعتها له بعض الحكومات الخليجية، فقد جاءت عكسية في كثير من الاحيان، فها هي حقيقة ما يؤمن به العلمانيون تظهر على السطح، وتنكشف للناس وتتساقط أوراق التوت التي كانت تغطي سوءاتهم طوال سنين من الكذب والدجل على الشعوب العربية، ولعل تأييدهم للانقلاب الدموي في أرض الكنانة خير مثال على ما نقول! ومن نتائج الحملة الظالمة على التيار الاسلامي ردات الفعل العكسية من الشارع الخليجي والعربي بتأييده للطرح الاسلامي ودعمه للفكرة الاسلامية، بل ورفضه للمشروع اللاديني الذي يراد له ان يكون البديل عن واقع الامة المحافظ! وأقرب مثال انتخابات اتحاد الطلبة في جامعة الكويت، التي جدد التيار الاسلامي فيها اكتساح الساحة الطلابية! وقد راهن البعض على فك الارتباط بين قطبي العمل الاسلامي «حدس والسلف» في هذه الانتخابات، ولكن باؤوا بغضب على غضب من قبل جموع الطلبة، وفشل ذريع مخيب لآمالهم وطموحاتهم!
وبمناسبة الحديث عن التيارات الاسلامية في الكويت والرهان على الخلافات بينها، استناداً على ما يحدث في وزارة الاوقاف، نؤكد ان للوزير الحق في اجراء أي تعديل يراه مناسبا لمصلحة العمل في وزارته، ولكن مع مراعاة الامور التالية:
ــ إن المناصب في الوزارة ليست حكرا على تيارات محددة، بل ان فيها من الكفاءات المستقلة وغير المنتمية من هو أحق بالاحلال من بعض المنتمين.
ــ ان التعيينات في المناصب يجب ألا تتم بقرار من الوزير، بل وفقا للاجراءات الادارية المتبعة بهذا الخصوص، ووفق المعايير المعتمدة من مجلس الخدمة المدنية.
ــ إن التغيير بسبب الانتماء فقط امر غير مقبول، فكم من منتمٍ فكرياً او سياسياً يستحق منصبه لكفاءته التي اظهرها طوال سنين عمله في هذا المنصب!
ونقول للاخ وزير الاوقاف: ولن يرضى عنك العلمانيون حتى تتبع ملتهم، فمهما «اجتثثت» من قيادات ورموز في الوزارة محسوبة على تيار الاصلاح، واستبدلتهم بكفاءات اخرى من تيار السلف، فان عين الرضا عنك ستظل كليلة الى ان تحقق لها ما تريد من تحجيم للعمل الاسلامي والدعوي، بتحويل المنابر الى مآتم، وتحويل المساجد الى مراكز للدروشة! فانتبه بارك الله فيك.
***
• جريدتان يوميتان تخصصتا في تشويه تيار سياسي معين، وهو تيار الحركة الدستورية الاسلامية، وكيل التهم له بالحق والباطل، ولعل آخر فناتقهما ما ذكرته احداهما من ان الاخوان تدخلوا لتغيير بلاط أرصفة الشوارع الاحمر بنوع آخر من الطابوق الرملي، الذي ممكن استخدامه في التظاهرات لضرب القوات الخاصة به! والمشكلة ان الخبر نشر في الصفحة الاولى كسبق صحفي!
***
• تعازينا القلبية الى اسرة الطالب الضابط عبدالله زامل الشمري، الذي توفي في بداية مسيرته بالحياة العسكرية، ناويا ان يكون جنديا مخلصا للوطن ومنافحا عنه مستكملا مسيرة والده، غفر الله له ورحمه رحمة واسعة وألهم والديه الصبر والسلوان.