بمجرد الحديث عن المواطَنة يتبادر إلى أذهان البعض أنه حديث عن مشاعر الحب والولاء الفطري للأرض، والمكان الذي وُلد فيه، والتراب الذي نشأ عليه الإنسان، حيث يعتبر البعض أن المواطنة عبارة عن مشاعر مغروسة في الإنسان بمجرد أن يولد في بلد ما، يعيش على أرضه، من دون أي اعتبار لأمور أخرى، هذا التصور يشير إلى وجود نوع من الالتباس في مفهوم المواطنة لدى البعض، وهذه احدى معضلات واقعنا السياسي. متابعة قراءة الأغاني الوطنية لا تصنع مواطناً!
التصنيف: د.علي يوسف السند - البُعد الآخر
دكتوراه فلسفة إسلامية – بكالوريوس شريعة – عضو هيئة تدريس/الدراسات الإسلامية – إعلامي وكاتب صحفي
twitter: @al_snd
متى يصبح المواطن مواطناً؟!
أثارت الدراسة العلمية المنشورة في جريدة القبس الإثنين الماضي لغطاً كبيراً، حيث تركزت جُل التعليقات على المانشيت الرئيسي الذي اختارته القبس وهو: أن «طلبة كلية الشريعة الأقل شعوراً بالانتماء الوطني»، لكن ما أثار انتباهي أكثر أن هذه الدراسة – التي تمت عام ٢٠١٣- تشير إلى أن شريحة كبيرة من الطلبة ما زالت تعتقد أن الولاء للطائفة أو للقبيلة يعزز الولاء للدولة، وهذا الأمر يدل على وضع كارثي في مستوى الوعي لدى الطلبة.. كما علق الباحث الدكتور علي وطفة.
في الحقيقة.. لم تتح لي فرصة الاطلاع على الأدوات المستعملة في الدراسة، ومدى توافر الشروط العلمية في استمارة البحث وأفراد العينة، لكن ما أثار انتباهي وخيبة أملي في الوقت ذاته، هي الحلول التي اقترحتها الدراسة لمعالجة هذه القضية، والتي تركزت في اتجاهين: الأول ذو طابع عقابي يتمثل في تشريعات تناهض أي ممارسات تأخذ طابعاً طائفياً أو مذهبياً في الجامعة، والاتجاه الثاني دراسي يتمثل بتخصيص مقررات تعنى بالتربية على المواطنة في مختلف الكليات الجامعية. متابعة قراءة متى يصبح المواطن مواطناً؟!
مآذن في وجه الانقلاب!
كان لافتاً للنظر، أثناء محاولة الانقلاب في تركيا، ارتفاع أصوات مآذن المساجد بالتكبير كنوع من الدعم للشعب، الذي هرع إلى الشوارع والمرافق العامة لصد محاولة انقلاب الجيش – ذي النزعة العلمانية المتطرفة – على خياره ونظامه الديموقراطيين، فاختلط أزيز الدبابات وأصوات الطلقات النارية بهتافات الشعب وتكبيرات المآذن في مشهد مثير يدعو إلى التأمل، وكأنه يجسّد قول نزار: وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ.. متابعة قراءة مآذن في وجه الانقلاب!
الانقلابات المشؤومة.. والعلمانية المهزومة
ما ضمانة عدم استبداد الاسلاميين بالسلطة إذا وصلوها عن طريق الديموقراطية؟ كان هذا السؤال دارجا على ألسنة التيارات العلمانية قبل الربيع العربي، وهو يعبر عن خوفهم من أن يكون تبني الحركات الإسلامية للعمل السياسي خيارا تكتكيا من أجل الوصول إلى السلطة، ثم الانقلاب عليها والاستبداد بها، لكن الربيع العربي أسقط هذا السؤال، ورمى به في الجهة الأخرى.
لم يعد لهذا السؤال معنى، بعد أن رسب الكثير من النخب العلمانية في اختبار الديموقراطية، ووقف كثير منهم في صف الانقلابات العسكرية، وشرعنة الثورة المضادة، وتبرير الإقصاء بحجة أن الديموقراطية ليست مجرد صندوق انتخاب، وهي المقدمة الصحيحة التي يتوصلون من خلالها إلى نتائج مغلوطة، تجعل من المشروع جدا أن نتساءل: ما ضمانة عدم استبداد العلمانيين بالسلطة إذا وصلوها عن طريق الديموقراطية، خصوصا أن الذاكرة التاريخية العربية متخمة بنماذج معاصرة لأنظمة شمولية انقلابية، وفي الوقت نفسه علمانية جعلت صناديق القمامة أكثر احتراما من صناديق الاقتراع! متابعة قراءة الانقلابات المشؤومة.. والعلمانية المهزومة
هل خيّبت تركيا آمال العرب؟!
ربما كان قرار تركيا بإعادة ترتيب علاقاتها بالكيان الصهيوني وروسيا قد أصاب الكثيرين بالصدمة وخيبة الأمل، بعد أن تصدرت تركيا في السنوات الأخيرة قائمة المناهضين للسياسات الإسرائيلية، وقائمة المدافعين عن القضية السورية، وعلى النقيض من الموقف الروسي.
حتى نخفف من وقع الصدمة، التي قد تسبب الحرج لبعض المغرمين بالسياسة التركية، علينا أن نفهم طبيعة الحزب الحاكم في تركيا ومنطلقاته، وخلفية الأحداث التي جعلت الحكومة تتخذ تلك المواقف المتباينة في سنوات قليلة، وبالإمكان توضيح ذلك في نقاط عدة: متابعة قراءة هل خيّبت تركيا آمال العرب؟!
رمضان.. نداء الروح
الروح هي جوهر الذات الإنسانية، وهي نقطة التمايز بين الإنسان وبقية الكائنات، هي الجوهرة الثمينة التي من غيرها تبقى النفس الإنسانية ذات طينية أرضية لا قيمة لها، فالروح هي النفحة العلوية التي تسمو بالإنسان في معارج الفضائل «فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين». فبحلولها في الجسد استحق آدم سجود الملائكة، فحصل التشريف، وبدأت رحلة التكليف.
النفس الإنسانية تتنازعها مطالب الروح ومطالب الجسد، حيث يبقى الإنسان طوال العام يلهث وراء نداء الجسد المادي، وصوت الغرائز، ومتطلبات وجوده المادي، فيأتي شهر رمضان ليضع حدا لذلك اللهاث، ويذكر النفس الإنسانية بالحاجات الأخرى التي عليها حق العناية والرعاية، وهي الحاجات الروحية، التي كثيرا ما يغفل الإنسان عنها بسبب الإغراق في الحاجات المادية التي تفرضها الحياة عليه. متابعة قراءة رمضان.. نداء الروح
شذوذ معارضة الأغلبية!
من أغرب الظواهر في عالم السياسة هو ما حصل عندنا في الكويت من وجود مجموعة سياسية تحمل اسم «الأغلبية»، وفي الوقت ذاته تمارس دور المعارضة وتحمل صفتها، فقيام الأغلبية في أي نظام سياسي بممارسة دور المعارضة يعتبر حالة شاذة!
وسبب الغرابة والشذوذ هو أن الوضع الطبيعي للمعارضة في كل الديموقراطيات هو أن تكون أقلية وليست أغلبية، أما الجماعة السياسية التي تستطيع أن تكون أغلبية في البرلمان فمن حقها أن تشكل الحكومة، وتتحول إلى موقع السلطة التنفيذية، وإلا فإن المشهد السياسي سيتحول إلى هرم مقلوب! متابعة قراءة شذوذ معارضة الأغلبية!
التيارات السياسية.. ومعركة الوعي
تعتبر معركة بناء الوعي العام عند الجماهير من أهم المعارك، التي يجب على التيارات السياسية خوضها، فصناعة الوعي ورفع مستواه هي واحدة من الوظائف الرئيسية للتيارات والأحزاب السياسية، وذلك من خلال ما تطرحه من رؤى وبرامج والتنافس حولها، أو عبر المواقف التي تتخذها، أو الأنشطة التي تقوم بها، أو حتى من خلال قيامها بدور المعارضة للحكومة القائمة، عن طريق استعمال مختلف الوسائل الاحتجاجية، أو الخطاب الذي تقدمه للناس باعتبارها بديلاً عن الحكومة القائمة، مما يفتح الأفق أمام الجمهور للمقارنة بين مختلف التيارات السياسية من جهة، أو بينها وبين الحكومة.
ولأن بناء الوعي يستلزم قدراً من السمو القيمي، فإن كثيراً ما تُتهم المعارضة في أي مكان بأنها مثالية في مطالبها وفي نقدها وتصورها لما ينبغي أن يكون عليه الوضع، ولكن هذه المثالية في موقع المعارضة تعتبر أمراً مطلوباً في أحيان كثيرة، لأنها ترفع من حساسية الناس تجاه الأخطاء التي تقع فيها الحكومة، وهذا بحد ذاته يساهم في الارتقاء بالوعي العام، كما يمثل تحدياً لأي حكومة لتحسين أدائها وكسب ثقة الناس، ففي الوقت الذي تملك فيه الحكومات كل أدوات الهيمنة والإخضاع، فإن الأداة الأهم عند التيارات السياسية هي بناء الوعي بين الناس، والمراهنة عليه، وهذا ما جعل الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو يذهب إلى «أن المعرفة لم تخلق لأجل الفهم، وإنما من أجل التكسير والحسم». متابعة قراءة التيارات السياسية.. ومعركة الوعي
ماذا تعني المشاركة؟
لا أميل إلى القول إن المشاركة في الانتخابات المقبلة ستمنح مشروعية سياسية وشعبية للصوت الواحد؛ وذلك لأن الحكومة كانت تبحث عن تلك المشروعية في البداية. أما الآن، فلم تعد هذه القضية محل اهتمام كبير بالنسبة لها، بعد أن فرضت الصوت الواحد كأمر واقع وبكل الوسائل، رغم حجم السخط والغضب حتى من الذين شاركوا. لذلك، فإن الحديث عن خطورة المشاركة غير محصور في زاوية منح المشروعية، وإنما يتجاوزها إلى أمور قد تكون أعمق ضرراً، وأوقع خطراً!
عودة المقاطعين للمشاركة تعني الإقرار بأن الحكومة استطاعت أن تلوي ذراع المعارضة بأساليبها المتنوعة. وبالتالي، فإن الرسالة الضمنية، التي نجحت الحكومة في انتزاعها من المعارضة بشكل غير مباشر، هي أنه كلما ارتفع سقف المطالبات، واحتدت لغة الخطاب، فعلى الحكومة استعمال ذات الأسلحة الموجعة، وستجد المعارضة قد تخلت عن حدتها، وخفّضت سقف مطالباتها، وقبلت بالعودة إلى الملعب والقواعد التي ترسمها الحكومة، وبذلك تكون المشاركة قد منحت تلك الأسلحة اعترافاً بفاعليتها وقوتها. متابعة قراءة ماذا تعني المشاركة؟
على ماذا نشارك؟!
كانت مقاطعة الانتخابات بعد مرسوم الصوت الواحد خطوة مستحقة برأيي، بعد تطور طبيعي في الوعي السياسي، ترسخت بسببه القناعات بأن مؤسسة البرلمان لا يمكن أن تدار بشكل فعّال من دون وجود أغلبية قادرة على تنفيذ البرنامج الذي اختارها الناس على أساسه.
جاءت المقاطعة بعد أن بات واضحاً أن الحكومة لن تقبل بوجود أغلبية معارضة في البرلمان، وأن المعارضة المسموح بها يجب ألا يصل عدد أعضائها إلى الرقم الذي يسمح لهم بالتشريع والرقابة، ليبقى وجودهم للتنفيس، ولتزيين المشهد السياسي، فجاء مرسوم الصوت الواحد خصيصاً – باعتقادي – لرسم ذلك المشهد. أما إذا استطاعت المعارضة أن تصل إلى أغلبية، فإن السيناريوهات أصبحت معروفة ومحفوظة، فإما استقالة الحكومة، أو تدوير وزاري، أو حل المجلس، وأخيراً قد يبطل المجلس بحكم قضائي! متابعة قراءة على ماذا نشارك؟!