احمد الصراف

النمسا.. وفال تودبول

أرسلني المصرف – الذي كنت أعمل فيه في منتصف الستينات – إلى لندن للتدريب في بنك باركليز. وبعدها بفترة أرسل هذا البنك فالنتاين تودبول للتدريب في مصرفنا، وتكوّنت منذ يومها بيننا صداقة لم تنقطع، ودعمت بموقفه الكريم والشهم معي اثناء فترة الاحتلال الصدامي لوطني، وهو موقف عجز عن اتخاذه أقربون واصدقاء! كان فال مولعاً بالعربية، التي تعلمها في معهد شملان في لبنان، وكان يتحدثها بطلاقة، ويهتم بمعاني كلماتها. وكان يقول عن نفسه مازحا إنه «جاسوس»، لان المعهد الذي درس فيه اشتهر بالتحاق كبار جواسيس المنطقة به لتعلم العربية، ومنهم كيم فيلبي البريطاني، الذي عمل لمصلحة السوفيت، وهرب الى موسكو بعد انكشاف امره، ومات هناك! وكيم هو ابن المستشرق ورجل الاعمال السعودي – البريطاني سانت جون فيلبي، الذي أسلم وسُمّي عبدالله، والذي مات في بيروت تاليا ولم يجد من يسير في جنازته، على الرغم من أفضاله على ولاة نعمته في السعودية!
ولكن فالنتاين لم يكن جاسوسا، بل مصرفيا محترفا، وقد كان دائم السؤال عن معاني الكلمات وطرح اسئلة غريبة لم يكن يجد لها جوابا، ومنها سبب انفراد العرب باستخدام النمسا اسما لجمهورية اوستريا Austria، ولم نعرف حينها الجواب. وتطلب الامر مرور اكثر من 40 عاما لأعرفه مصادفة عندما سألت السفير الروسي السابق في الكويت ألكسندر كينشاك، الذي انتهت مهمته قبل اسابيع، والذي كان يتكلم العربية بطلاقة، عن تفسيره للتسمية، فقال: إنها ربما اشتقت من اللغة الروسية، التي تعود اصولها الى اليونانية القديمة، وانهم واليونان يطلقون على الالمان «نيميتسكي»، وبما ان النمساويين يتكلمون الالمانية فقد شملتهم التسمية، ولكن العرب – لسبب ما – خصّوا بها اوستريا دون الالمان! وكلمة اوستريا او اوسترش تعني بالالمانية البلاد الشرقية، وذلك لوقوعها شرق الجزء الاكبر من المانيا. وقد حكمت سلالة هابسبورغ، اقوى العائلات الملكية الاوروبية، النمسا لاكثر من 700 عام، وفي عهدهم ضموا هنغاريا لهم وشكلوا الامبراطورية النمساوية الهنغارية 1867 – 1918، ولكن هزيمتها في الحرب العالمية الاولى اجبر امبراطورها على التنازل لتصبح النمسا جمهورية مستقلة، كما منعتها شروط اتفاقية الاستسلام من الاتحاد مع المانيا ثانية! ولكن الشروط المجحفة والوضع الاقتصادي المتردي في النمسا أديا الى تصاعد النازية فيها، وبالتالي اتحدت مع المانيا ثانية عام 1938، وهذا ادى الى ان يشاركوا في الحرب العالمية الثانية الى جانب الالمان، ومع هزيمة دول المحور استقلت النمسا عن المانيا وأعلنت حيادها.
ويكفي النمساويين فخراً ان الموسيقار العبقري اماديوس موزارت واحد منهم، كما انها بلد سياحي مقصود، حيث يزورها سنويا اكثر من 35 مليون سائح، مقارنة بــ 200 سائح يزورون الكويت!

أحمد الصراف

احمد الصراف

أين ضاعت المليارات؟

في مقارنة سريعة بيننا وبين الإمارات نجد أن حدودها أطول من حدودنا بكثير، كما أن مساحتها تزيد علينا بما يقارب الـ5 مرات! وسكانها الـ8 ملايين أكثر من ضعفي سكان الكويت، وجيشها يمتلك عدداً أكبر من الأسلحة، وفوق هذا تقع على الإمارة الأكبر، أبوظبي، مسؤولية مساعدة بقية الإمارات الأصغر بمبالغ ضخمة! وفوق هذا، فإن إنتاج الإمارات النفطي بدأ بعد الكويت بـ16عاماً، كما كانت كميته متواضعة لسنوات طويلة قبل أن يتزايد في السنوات الـ20 الأخيرة ليتجاوز إنتاج الكويت.  كما أن أعباء توفير الرفاهية المطلقة لأفراد الأسرة الحاكمة في دولة الإمارات، وأبوظبي بالذات، على موازنة الدولة أكبر بكثير من أعباء الأسرة الحاكمة في الكويت! إضافة إلى ذلك يتمتع الإماراتي بمستوى معيشة أعلى. وليس هناك ما يجبر حكومة أبوظبي على الاحتفاظ بجزء من ثروتها في صندوق سيادي، بعكس الكويت التي بها قانون يلزم الدولة بذلك، كما أن الكويت سبقت أبوظبي في صندوقها بعقود. ومن المهم أن نعرف أن في الكويت دستوراً واضحاً وقوانين وأنظمة تحكم العلاقة بين مختلف السلطات، وهناك جهات رقابية ومحاسبية وقانونية كمجلس الأمة وديوان المحاسبة ولجنة المناقصات، إضافة إلى أن الثروة النفطية ملك الأمة، ولكن في الإمارات يختلف الوضع، فثروتهم النفطية ملك الحاكم.
ولو أخذنا كل هذه العوامل في الحسبان، وعلماً بأن رصيد الصندوق السيادي لأبوظبي بالرغم من كل أعبائها الأمنية والاجتماعية ومصاريف «الأسرة» الضخمة ومستوى المعيشة المرتفع للفرد الإماراتي وغياب الحافز القانوني وضعف هياكل المحاسبة والمراقبة، وحداثة تاريخه نسبياً، فإن ما لديها من احتياطيات يقدر بـ700 مليار دولار، والذي تجمع لديها طوعاً يزيد بكثير على ما لدى الكويت، التي بدأت بالاستثمار الخارجي منذ بداية خمسينات القرن الماضي، والذي لا يزيد، حتى بعد إضافة رصيد صندوق الأجيال له، على 400 مليار، فتخيّل ما كان سيصبح عليه وضعنا لو لم تكن لدينا أجهزة رقابة وتدقيق ومحاسبة وقانون يفرض على الحكومة الاحتفاظ بجزء من دخل الدولة دون الفسفسة فيها وصرفه. ولو حاولنا البحث في سبب نجاح أبوظبي، بالرغم من كل معوقاتها وسلبياتها، في تجميع احتياطيات خارجية أكثر من الكويت بكثير، لوجدنا أن الأمر يعود إلى أربعة أسباب رئيسية، أولاً: ارتفاع الدخل النفطي لأبوظبي الذي بلغ أخيراً 390 ملياراً مقارنة بـ210 مليارات للكويت. ثانياً: توقف إنتاج الكويت لأكثر من عام خلال الاحتلال العراقي مع ما تكلفته الدولة من أعباء تحرير باهظة، وهو الظرف الذي لم تمر به الإمارات. ثالثاً: الزيادات الهائلة التي تتكلفها الكويت في دعم علاج وطعام ووقود المواطن والوافد، وحتى في أعلافهم! رابعاً: التكلفة المخيفة التي تتحملها الدولة في بند الرواتب، والتي حذّر منها جميع الخبراء. خامساً: السرقات الكبرى التي تعرضت إليها استثمارات الكويت، خصوصاً أثناء فترة الاحتلال! أما عن الفساد المالي، فهو شائع، ربما في البلدين، وبعد كل ذلك تسعى النخبة السياسية جاهدة إلى إسقاط القروض، ليفتخر أصحابها بكويتيتهم وبغبائنا، نحن المعترضين!

أحمد الصراف

احمد الصراف

المخدرات والفريق غازي

بسبب منع تناول المشروبات الروحية، وارتفاع مستوى معيشة الفرد نتيجة الزيادة غير المعقولة في رواتب موظفي الدولة، وحالة الكبت والفراغ التي تلف البلاد، فبالتالي لم يكن غريبا انتشار المخدرات وزيادة ضحاياها يوما عن يوم، هذا بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الإدارة العامة لمكافحة تعاطيها وإدارة الجمارك، إلا أن تجار ومهربي هذه السموم، وفي كل العالم، يسبقون رجال الأمن بخطوة، وبالتالي ينحصر طموح أي جهاز مكافحة في تقليل شرورهم، وليس القضاء عليهم، وهذا يمكن أن يتم من خلال تطوير ورفع مستوى خبرة العاملين في مكافحة المخدرات، وتوعية الفئة المستهدفة من خطر الوقوع في فخ هذه السموم! ولكن الواقع يختلف عن التنظير، فما يتم رصده لجهود المكافحة شيء لا يذكر، مقارنة بإمكانات الدولة. كما أن أنشطة المكافحة وتدريب افرادها غالبا ما تكون بجهود محلية فردية، ولا أعتقد أن لهم نشاطا أو علاقات بالمسؤولين الأمنيين في الدول العريقة في المكافحة، أو التي تجلب منها المخدرات، وهي معروفة. كما أن سبل الوقاية الاجتماعية والتعليمية من هذه السموم شبه غائبة، فغالبية «المربين» التقليديين يفضلون عدم التطرق للمخدرات في المناهج، لتجنب لفت النظر إليها، وهؤلاء لا يزالون يعيشون في غير زمنهم! ولا أزال أذكر ما اخبرني به مسؤول قبل أكثر من 30 سنة من أنهم اكتشفوا بطريق المصادفة أنه كلما أغلقت الحدود بين الكويت والعراق، لسبب او لآخر، كانت اسعار المخدرات تقفز لأرقام خيالية، وهذا كشف أن ما يدخل البلاد من مخدرات بالطرق الرسمية أكبر مما يردها من الطرق الأخرى! وأعتقد أن الوضع لا يزال كما هو. كما لفت مسؤول آخر نظري إلى أن غالبية المهربين الذين يقبض عليهم هم عادة من الشباب قليلي التجربة والباحثين عن الثراء السريع، ومنهم من لم يسمع بما سيتعرضون له من احكام مميتة في حال القبض عليهم! وهذا يبين قصورا في توعية القادمين للكويت من دول محددة، فلو عرف بعض المهربين ما ينتظرهم من عقاب لما هربوها، أو لربما تخلصوا منها في الطريق!
***
وفي سابقة شجاعة شن وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر هجوما على من اسماهم منتقدي الوزارة! والقول إن مشكلة هؤلاء انهم ينطلقون في هجومهم من نظريات، وكأن وزارة الداخلية مسؤولة عن كل ما يحدث في البلاد، متناسين ان الوزارة تقوم بمهام تزيد بنسبة %60 تقريبا عما تقوم به الشرطة في الدول المتحضرة! وأضاف في تعقيب على مداخلة في ندوة خاصة أن وزارة الداخلية في الكويت طلب منها، اضافة الى دورها الأمني، القيام بحماية المنشآت الرياضية والمجمعات التجارية! كما طالت اتهاماته جهات حكومية تساهم في انتشار الجريمة، فبيوت جليب الشيوخ التي استملكتها الدولة منذ سنوات لا تزال بعهدة ملاكها السابقين الذين يقومون (في دولة كويتي وأفتخر) بتأجيرها على عشرات آلاف العمال العزاب! ووصف ذلك بالتقاعس الحكومي الذي ادى لانتشار الجريمة. وقال إنه لا يتنصل من مسؤولياته وواجباته، ولكن من الظلم تحميل وزارة الداخلية كل شيء. كما انتقد العمر نقص الامكانات، وكيف أن غالبية مباني الوزارة الداخلية مؤجرة من الغير!
والآن ألا يكفي كلام هذا المسؤول الأمني الكبير، لأن يجعلنا جميعا نشعر بالخجل؟ فكيف يمكن قبول أن دولة بكل هذا الثراء وكل البطالة السافرة والمقنعة بين شبابنا، حيث بلغ العدد الرسمي للباحثين عن عمل 22 ألف مواطن، ومع هذا يشكو أكبر مسؤول امني من مثل هذه العلل؟ ألا يدعو هذا حقا للرثاء؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

كلمة في ما قاله عبدالله

يمكن القول، من واقع متابعة مستمرة منذ 33 عاما، إن الخطط العريضة للسياسة الإيرانية منذ ثورة الخميني وحتى اليوم لم تتغير كثيرا! فإيران 1990 هي، وإلى حد كبير، إيران 2013. كما أن موقفي من نظامها الديني لم يتغير يوما، وكلفني ذلك الكثير. وبالتالي فإن قيام أي شخص بالحديث عن إيران شرا، بعد أن كان يتحدث عنها خيرا، أو العكس، يعني بصورة تلقائية أن مصالحه، أو مواقفه هو قد تغيّرت بسبب مستجدات، وليس لأن حكم الملالي وسياساتهم قد أصبحت أفضل أو أسوأ، وأقول ذلك ردا على الكلمة التي ألقاها السيد عبدالله النفيسي في إحدى الديوانيات، التي كانت لها تداعيات سلبية عدة. فقد عرف عن النفيسي لسنوات طويلة تعاطفه مع إيران، التي زارها مرات وتباحث مع مرشدها الخامنئي إلى آخر وزير خارجية فيها، مروراً برؤساء جمهوريات وبرلمان وتبادل معهم «الجلو كباب» وزار مدنهم، وكانت مواقفه متعاطفة معها أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وبالتالي كان يعرف جيدا، عندما أيد مواقفها أنها كانت أيام الشاه قوة عسكرية تميل للعب دور شرطي الخليج، ولم يأت. الملالي ليخففوا من تلك الفكرة، فمن أحبهم وأعجب بهم في الثمانينات، وهم على ذلك الوضع، يجب ألا يغير اليوم موقفه منهم! كما كانت إيران، حسب قول النفيسي، تحتل منذ 1920 أراضي عربية في الأحواز تبلغ مساحتها 160 ألف كلم2، ولكنه لم يحتجّ عندما كان يضع لقم الكباب في فمه على مآدب المرشد الأعلى، فكيف يأتي الآن ويدين ذلك الاحتلال؟ كما كان النفيسي يعرف أن إسماعيل الصفوي هو الذي أعلن إيران دولة شيعية عام 1501، وليس قبل بضع سنوات عندما كان يزور مدنها ويتجول فيها، فكيف يأتي اليوم، وبعد 522 عاما ليحتج أمام مستمعيه على أفعال الشاه الصفوي؟ كما كان الإيرانيون، حسب قوله، يحتقرون العرب، ويشعرون بغربة ثقافية ومذهبية وحتى دينية في محيطهم، وهنا أيضا لم تكن هذه الأمور خافية عليه عندما كان يزورها ويتسامر مع كبار مسؤوليها، ويفتخر على القنوات الفضائية بصداقاته معهم، فلم ينتقد اليوم مواقفها من هذه الأمور؟ وبالتالي فالإيرانيون لم يتغيروا، حسب علمي، بل من تغير هو النفيسي، أو مواقفه! نقول ذلك ليس في معرض الدفاع عن إيران، فلها من يدافع عنها، وليس لبيان مثالب الرجل وسقطاته «التحليلية والفكرية» التي يعرفها كثيرون، ولكن لكي نبين «حقيقة» الرجل وخطورة ما ألقى من تهم خوّن فيها شريحة كاملة من المجتمع الكويتي، من دون أن يحقق مصلحة لأي طرف غير دغدغة الرخيص من مشاعر بعض الجهلة وأنصاف المتعلمين! لا أتذكر أنني التقيت بالسيد النفيسي، ولكني أعرف ما يكفي من مواقفه المتقلبة والغريبة جدا، من خلال لقاءاته على اليوتيوب، وبالتالي من حقي الاعتراض على النفس الكريه الذي شاب كلمته الأخيرة، والأوصاف التي أطلقها، من دون دليل غالبا، على فئة من المواطنين، الذين ربما تدفع اتهاماته المترددين والمتطرفين منهم للارتماء في أحضان من يعتقدون أنهم سيوفرون لهم حماية أفضل، ونكون هنا قد خلقنا فئة ذات ولاء مزدوج، من دون أن نجني شيئا من كل هذا الكم من الاتهامات. فإن كان لدى النفيسي أو غيره أدلة على «خيانة» البعض وعمالتهم، فما عليه غير اللجوء إلى القضاء، وليس الديوانية، فقد خسرنا جميعا من كلمته ولم يستفد منها غير العنصريين والحاقدين!

أحمد الصراف

احمد الصراف

هل أنت أحدهم.. يا سيدتي؟

ورد في مقال مميز للاقتصادي جاسم السعدون أنه اجاب عن سؤال تلفزيوني بالقول: لولا «بعض عقل» و«بعض حياء» و«بعض تقدير» لأفراد في الحكومة مازال يعتقد أن قلبهم يحترق على بلد يتعرض لمخاطر من الداخل أكثر من أي وقت مضى، لأقام دعوى حجر قضائية على الحكومة ومجلس الأمة، فهما بحكم القُصّر! ويتساءل عن المدى الذي سيصمد فيه بعض هذا العقل والحياء والتقدير؟ ونضيف على كلامه بالقول اننا نتمنى أن تكون وزيرة الشؤون ضمن هؤلاء، وبالتالي نوجه لها هذا المقال متسائلين عن مدى صحة التصريح الذي قالت فيه ان الوزارة تخطط لتخفيض عدد المقيمين بمائة ألف سنويا، ولعشر سنوات مقبلة! وهذا الكلام إن صح فهو أقرب للفراغ منه لأي شيء آخر، فالكويت لا تشكو أساسا من خلل رهيب في التركيبة السكانية، بقدر ما تشكو من قضية أخلاقية تتعلق بــ «السماح» لفئة من المواطنين بتخريب الوطن والمتاجرة بالبشر، فلو كان هناك حزم، وكانت هناك رقابة عادلة وكانت هناك قوانين واضحة تجرم جلب عمالة ورميها بالشارع، ولو كانت هناك خطط تنمية حقيقية لما كان هناك عاطل في الشارع! إضافة لذلك فإن الوزيرة الفاضلة تعتقد، إن صح ما نسب لها، أن حجم القوى العاملة في الكويت ثابت، ولا يحتاج الأمر لغير التخلص سنويا من مائة ألف اجنبي لتتعدل التركيبة من خلال التخلص من مليون عامل خلال عشر سنوات، وهذا خيال، فالدولة تنمو باستمرار والأعمال تزيد والحاجة لليد العاملة الخارجية لن تتوقف، كما أن هناك إحلالا مستمرا، وعودة عمال لأوطانهم، لسبب أو لآخر، وحلول آخرين مكانهم، فمن الذي يقرر من يحل محل من، ومن الذي يسمح له بالنمو في عمله، وحرمان الآخر من احتياجاته، وزارة الشؤون، او هيئة العمل المرتقبة، كإدارة حكومية تقليدية، بكل هذا الخراب والفساد أعجز من وضع ضوابط يمكن التقيد بها؟
ولا شك أن الوزيرة تعرف جيدا أن هناك مئات الشركات النظيفة والمنتجة التي تقوم، مجبرة، بتشغيل عشرات آلاف العمال لديها من دون أن يكونوا على كفالتها، لأنهم عاجزون لسبب أو لآخر أو غير راغبين في دهان سير العاملين في إدارة تقدير الاحتياجات! ويقابل هذه الشركات عدد مماثل من الشركات الرديئة التي تبين سجلات العمل في الشؤون أن عشرات آلاف العمال يعملون لديها، ولكن أصحاب هذه الشركات الوهمية لا يعرفون عن عمالهم شيئا غير مرة في السنة عندما يحل أجل تجديد كفالاتهم لتقبض منهم المقسوم، أو ثمن بقائهم في البلاد!
إن التركيبة السكانية المتخلخلة لا تحتاج لطرد أو التخلص من 100 ألف عامل، وتعرف الوزيرة جيدا أن طاقم وزارة الشؤون عاجز حتى عن القيام بالأعمال الورقية المتعلقة بذلك، بل الخلل بحاجة لمراجعة ما يجري من متاجرة حقيرة بقوت مئات آلاف العمال المساكين الذين لا يصعب أبدا الوصول لمن كفلهم من «المواطنين الفخورين بكونهم كويتيين». كما أن الوزارة تعرف أسماء جميع من سهل لهؤلاء المواطنين جرائمهم، من داخلها. الأمر يحتاج لحزم وتطبيق للقانون وليس لقرار التخلص من مائة الف، نحن أعجز عن تنفيذ شيء منه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

المال النفطي والرياء الصحفي

حصل كثير من الصحافيين العرب على ملايين الدولارات من بعض حكام الدول الخليجية، ثم جاء بعدها صدام والقذافي ليزايدوا عليهما، وقد يكون هيكل أحد الاستثناءات هنا، أقول هذا بالرغم من كل مثالب الرجل وسقطاته، ومع الاحترام للذين لم يسخّروا أقلامهم أو صحفهم للمراءاة والنفاق، والذين لا أعرفهم أو لا أتذكرهم الآن، ولا يعني ذلك أن كتّاب الدول النفطية كانوا أفضل من غيرهم في قضايا ومسائل «القبض»، فقد قبض كثير منهم، وما زالوا، ومظاهر الثراء التي بانت على كثير من الكتّاب أخيرا بالذات أكثر من أن تُحصى! ومن الذين حامت الشبهات حولهم في فضيحة «كوبونات النفط» الصحافي عبدالباري عطوان، الذي كتب مقالا قبل أيام مدح فيه مرحلة حكم صدام، وتطرّق فيه إلى أنه تنبأ بأن الشعب العراقي سيقاوم المحتل الأميركي بشجاعة وسيهزمه، ولن يكون هناك عراق مستقر أو ديموقراطي. وأن هزيمة أميركا أتت تاليا على أيدي المقاومة العراقية الباسلة، وأن صدام حسين كان دكتاتورا، ولكنه حكم دولة موحدة ببنى تحتية جيدة وخدمات ممتازة لمواطنيه مع جيش قوي، وحكم دولة ذات هيبة في محيطها! بينما العراق الجديد بلا هوية وطنية جامعة، ولا هيبة، ولا وحدة وطنية أو ترابية! كما أورد في مقاله نتفا عن تصريحات شخصيات عراقية ندمت على سابق معارضتها لصدام، ولكن «الزميل» القبيض نسي، أن حكم صدام الدكتاتوري الدموي والجائر هو الذي تسبب في كل ما يعانيه العراق الآن من ويلات ومصائب، فقد كان بوسع ذلك الأحمق خلق دولة حديثة وحرة بشعب خلاق ومتعدد المواهب، ولكنه فضّل استخدام حذائه في الحكم بدلا من عقله، فوصل العراق إلى ما وصل إليه الآن. وبمناسبة الحديث عن الصحافيين أخبرني صديق بحادثة كان شاهدا عليها، فقد تواجد في مكتب أحد كبار رجال الدولة في مطلع السبعينات، عندما دخل عليهم الصحافي اللبناني سليم اللوزي، مؤسس «الحوادث»، والذي اغتالته المخابرات السورية لاحقا! ثم دخل عليهم المرحوم عبدالعزيز المساعيد بعدها، وبعد السلام التفت للوزي وقال له: ها سليم ما نشوفك هني إلا عندما تحتاج فلوس؟ ويقول الصديق إن اللوزي انتفض ووقف مستأذنا الشخصية الكبيرة في الرد، فأذن له، فقال: عفوا سيدي نحن لم نأت. الى الكويت لنحصل على فلوس، إنما هدف زيارتنا هو أن نتثقف من جامعتي أكسفورد وكمبردج عندكم! وتابع سليم قائلا وموجها كلامه هذه المرة للمساعيد: هوي في شي عندكم غير الفلوس لنأخذه يا أخو الـ…؟! وكادت الشخصية الكبيرة أن تقع عن كرسيها من شدة الضحك!

أحمد الصراف

احمد الصراف

هل هن ناقصات؟

ورد في دراسة علمية حديثة جدا أن عقل المرأة اصغر حجما بنسبة %15 تقريبا من حجم عقل الرجل! وربما لهذا يؤمن البعض بأن النساء ناقصات عقل.. ودين! ولكن نسي هؤلاء أن الأمور نسبية، فحجم عقلها يتناسب مع حجم بقية اعضائها، من يد ورجل ورأس وغير ذلك، وبالتالي هل يحق لنا أن نستنتج بأن بعض الذكور الأصغر حجما في أجسامهم من المرأة أقل ذكاء أو فهما منها؟ الجديد الذي بينه العلم أن النساء يمكن أن يظهرن القدر نفسه من الذكاء الذي لدى الرجل بالرغم من صغر حجم أدمغتهن. كما بينت دراسة جديدة اشتركت فيها جامعة لوس أنجلوس الأميركية وجامعة مدريد الأسبانية أن حجم الدماغ بالنسبة إلى النساء ليس بذي أهمية، فهن، بشكل عام، يعملن بكفاءة أكبر. وقد أجرى العلماء الذين شاركوا في الدراسة، والتي نُشرت في مجلة الذكاء، سلسلة من اختبارات الذكاء على الرجال والنساء، تبين منها أنه بالرغم من أن دماغ المرأة أصغر من الرجل فانهن كن أفضل في الاستدلال الاستقرائي وفي بعض المهارات العددية، كما أثبتن كفاءة أعلى في مراقبة ومتابعة المواقف المتغيرة، ولكن الرجال كانوا أفضل في الذكاء المكاني. وخلص الباحثون إلى أن دماغ المرأة قادر على إتمام، بل وحتى التفوق، في المهام المعقدة، مع بذل طاقة أقل واستخدام خلايا عصبية أقل مما يحتاج الرجل بذله لأداء المهام نفسها. وجاء في البحث أيضا أنه «على هذا المستوى الهيكلي، فإن الإناث يظهرن عادة كفاءة أكبر ويتطلبن مادة عصبية أقل لإنجاز نتائج سلوكية على قدم المساواة مع الذكور». وقال تريفور روبينز، أستاذ العلوم العصبية بجامعة كامبردج البريطانية، إن نتائج الدراسة تبين أن الحجم لا يهم بالنسبة للمرأة، وأن حجم المخ الأقل يمكن أن يمثل تعبئة أكثر كثافة للخلايا العصبية أو إشارات أكثر نشاطا بينها، وهذا يعني أنها تعمل بكفاءة أكثر. واضاف: تبين لنا أنه كلما كان الحصين في المرأة أصغر حجما كان الأداء أفضل. وحجم البنية لا يشير بالضرورة إلى أي علاقة بمدى كفاءة الأداء.
والعودة لوضع المرأة في مجتمعاتنا نجد أنه قريب من الحضيض وخاصة في المجتمعات شديدة التخلف، وقد ظلمت المرأة من والدها وولي أمرها واخوتها، واستمر الظلم معها في عهدة زوجها ولينتقل الاضطهاد بعده حتى لأبنائها لها، وكل ذلك بحجة أنها كائن ذو حقوق ناقصة وغير متساوية مع الرجل، وهذا مؤلم ومؤسف حقا، فكيف يمكن أن نربي جيلا صلبا ومؤمنا بحقوقه ومعتزا بكرامته إن كانت التي تربيه ناقصة عقل وتربية وخلق ولا كرامة لها؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

دعوات السعدون والبراك

يدعو السيد أحمد السعدون ومسلم البراك، ومن معهما من نواب سابقين ونشطاء سياسيين، مدعومين من وسائل إعلام وقوى ضغط إقليمية ودولية، إلى إحداث تغيير في نمط الحكم وطريقة الإدارة، بحيث يمكن أن يصل من هم من خارج الأسرة لرئاسة الوزارة وتصبح محاسبته بالتالي سهلة وخالية من الحساسية. كما يمكن استبداله بغيره، إن اقتضى الأمر ذلك، من دون معاناة! كما يدعو هؤلاء إلى ما يشبه الانقلاب الإيجابي في فلسفة الإدارة من خلال تطبيق حرفي للدستور، وتقليص قدرة السلطة على الحركة، والتي جاوزت في السنوات الأخيرة كثيرا من «الأعراف» التي سبق أن استقرت على مدى العقود الأخيرة! ويعتقد هؤلاء، كما يدعون، أن هذه التغيرات ستصب في مصلحة تحسين اداء الحكومة وتقليل الفساد، والقضاء على بقية العلل التي تشكو منها الإدارة الحكومية بشكل عام. ولكن ما غاب عن بال هؤلاء أن العلة والمشكلة ليستا في أسلوب الإدارة وطبيعة شخوصها وردود افعالهم وفهمهم، أو حتى في آلية استجواب رئيس الحكومة وحكومته، فهذه الأمور بالرغم من أهميتها، إلا أن العلة والمشكلة لا تكمنان فيها بقدر ما هما في طريقة تفكير المواطن، والتي اكتسبها على مدى نصف قرن من نظام تعليمي خرب ومتخلف! وبالتالي ليس هناك امل في نجاح اي حركة تغيير اساسية من دون تغيير لنظام التعليم في الدولة، والإصلاح لا يتم حتما باستبدال فلان بفلان طالما أن الشعب بمجموعه مصر على انتخاب مشرعيه ومراقبي أداء حكومته من خلال زاوية لا علاقة لها لا بالمنطق ولا بالمصلحة الوطنية ولا حتى بالمصلحة الشخصية الضيقة، فالنائب القبلي أو الطائفي، الذي إن أعطى بيد سيأخذ اضعافه من المال العام باليد الأخرى! وبالتالي فإن تسليم، ولو جزءا من مقدرات الدولة للمعارضة، بكل ما تشكو منه مجاميعهم من قدرات إدارية متواضعة وقصور واضح في فهم الأولويات، وخاصة في التعليم وطرق إصلاحه وأهمية التربية والأخلاق، لن يحدث تغييرا جذريا في آلية الحكم، طالما بقيت تركة التعليم المتخلفة من دون تغيير، وبالتالي سيبقى الوضع كما هو عليه، وكما خبرناه Déjà vu. وبالتالي ليس امام السلطة من خيار سوى قطف ثمار المرحلة واستغلال الفرصة النادرة، وخطف شعلة التحدي من المعارضين، من خلال إحداث ثورة تربوية وتعليمية وأخلاقية طال انتظارها واستحقاقها، وهذا ليس بالأمر المستحيل ولا حتى بالصعب، إلا إذا كانت آلية القرار هي المستحيلة والصعبة.
***
ملاحظة: بينت مصادر وزارة التربية وجود أكثر من 30 ألف مواطن لا يعرفون القراءة ولا الكتابة طبعا! ويحدث ذلك بعد مرور أكثر من قرن على التعليم المنتظم! فهل نرجو صلاحا في أي مرفق، ونحن بكل هذه الأمية والتخلف الدراسي، مستوى ونوعية؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

حياة الكاتب الشخصية

“>وردتني رسالة «واتس أب» نصها: عندما رأيتها قلت مبهورا ما شاء الله! وعندما استهويتها قلت: إن شاء الله! ولكن عندما عرفتها عن كثب قلت: أستغفر الله. ومع نهاية العلاقة تنهدت قائلا: الحمد لله!
التقيت بصديق في حفل كان يحضره بعض الكتّاب، فطلب مني أن أقدمه لكاتب معروف بمواقفه الشهيرة، فقلت له: لا تجعل كلماته تخدعك، فإن تعرفت عليه فستتغير حتما نظرتك له ولما يكتب، فشخصيته الحقيقية تختلف عن كتاباته، وهناك من تعجب بما يكتب، ولكنك لا تستطيع أن تحترم شخصه لما تعرفه عنه، وهذا يسري على كل الموجودين ضمن دائرة الضوء! فهؤلاء عادة يظهرون بالصورة التي يودون أن يراهم الآخرون عليها، وليس على حقيقتهم، وبالتالي نجدهم يتبنون آراء ويدعون لمواقف قد لا يكونون بالضرورة من المؤمنين بها! فمن المفترض مثلا أن يكون أشد الناس مطالبة بالالتزام بالقوانين هم رجال الأمن والمشرعون مثلا، ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماما. وقد كانت الحياة الخاصة للمميزين من ممثلين ومطربين ورسامين وكتاب وموسيقيين وأعضاء الأسر المالكة ومشاهير الأغنياء، مثار اهتمام دائم من وسائل الإعلام، والبعض يطالب بمعرفة كل شيء عن حياتهم الخاصة، وأنها ليست ملكا لهم، بل لمحبيهم والمعجبين بهم! والبعض الآخر يقول إن لنا أعمال هؤلاء فقط وإبداعاتهم، ولهم أن يعيشوا حياتهم بالطريقة التي تلائمهم، مهما كانت غريبة أو شاذة! وبالرغم من إيماني بأن لكل فرد الحق في العيش بما يلائم طبيعته والتصرف بما يمليه عليه ضميره وعقله، فإن هذا لا يمكن قبوله بالمطلق، فمثلا للممثلين، او الفنانين عموما، الحق في الاحتفاظ بحياتهم الخاصة، التي قد لا تكون مثالية، ولنا إبداعاتهم وجميل فنهم، ولكن هذا لا يمكن قبوله ممن لهم دور في التأثير في الرأي العام وتشكيل آرائه، كالسياسيين والكتّاب والمعلقين السياسيين مثلا، فكيف يمكن أن أعجب بما يكتبه كاتب أو يقوله معلق تلفزيوني على خبر ما، وأنا أعرف يقينا فساده وسوء خلقه، وأنه يقول كلاما دفعت جهة له ليقوله أو يكتب عنه؟ وهنا أتذكر ذلك الحكم القاسي الذي أصدره قاض بريطاني قبل عقود بحق ابن الأميرة مارغريت بسبب مخالفة مرور بسيطة، وبرر القاضي شدة الحكم بأن الأمير يمثل قدوة لغيره، ويجب بالتالي أن يكون عقابه أكبر من غيره. كما حكم مؤخرا على وزير بريطاني سابق ومطلقته بالسجن ثمانية أشهر لكل منهما بسبب «كذبهما» في مخالفة سرعة عندما قبلت الزوجة (حينها) أن تتحمّل مخالفة السرعة نيابة عن زوجها لكي لا يخسر حقه في القيادة. وبالتالي فإن من الصعب عليّ شخصيا الإعجاب بأي كاتب «كبير» إن لم يكن يتحلى بحد أدنى من الخلق الطيب، ونقول ذلك مع إيماننا بالمثل الإنكليزي It is easier said than done ومعناه أن من السهل الحديث في المثاليات، ولكن من الصعب التقيد بها، ولست بالشخص المثالي ولا قريبا منه! وهذا ما أفكر به كلما كتبت شيئا يتعلق بالأخلاق والمثل وأصول التعامل مع الآخر، والتصرف بمنطق وعقلانية والدعوة لاتباع القوانين، فإنني أغلق عيني وأنظر لذاتي وأتساءل: هل أنا حقا كذلك، واتبع ما أقول؟ وإن أجبت بنعم مثلا أستمر في التساؤل: هل بإمكاني الاستمرار في ذلك؟ وهل هذه طبيعتي، أم أنني أتجمل؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

بداية سقوط المتاجرة بالدين

قام نائب سابق، ينتمي لسلف ما، قبل سنوات باستخدام نفوذه النيابي، كغيره من النواب، بالحصول على قطعة أرض كبيرة من الدولة في العارضية، مقابل إيجار رمزي، وسجل حق استغلالها باسم شركته الخاصة التي لم يزد رأسمالها على 250 ألف دينار. وتمكن، وأيضا بنفوذه السياسي والديني، من استخراج ترخيص بناء مجمع ضخم عليها يخصص لغرض وطني نبيل يتمثل في توفير ورش ومعارض لخريجي المعاهد التطبيقية! وبما أن الطبع يغلب التطبع، فقد قام النائب بتحويل شركته الخاصة لمساهمة عامة برأسمال 20 مليون دينار مدفوع منها نقدا 200 ألف دينار فقط، والباقي حصة عينية تمثلت في «حق الانتفاع» بمشروع المجمع الحرفي «الإنساني الوطني»! إلى هنا والأمر شبه عادي، مع التحفظ! ولكنه، وبكل نفوذه السياسي والديني وصلاته بالكبار، قام بتغيير الغرض من المبنى من مشروع وطني لخريجي المعاهد، إلى مجمع تجاري كبير! كما نجح بنفوذه، وخراب ذمم بعض كبار البلدية، وجهات حكومية أخرى، وهو الرجل الشديد التدين، كما يشي مظهره، بزيادة مساحة البناء الإجمالية من 111 ألف متر إلى 307 آلاف متر مربع، وهذا دفع الجهة الاستثمارية التي سوقت المشروع، الى تقدير قيمته بأكثر من 84 مليونا، والى بيع نصفه لمستثمرين آخرين! كما زادت قيمة المشروع مع قيام المستثمر بإضافة مبنى جديد له وزيادة عدد المحلات من 240 الى أكثر من 1500 محل، مخالفا بذلك كل شروط عقد الإيجار والتراخيص الأولية. كما استخدم نفوذه، مستغلا خراب الذمم، في تخفيض مواقف السيارات إلى 1090 موقفاً بدلا من 1740 المطلوبة من الدولة! ولم يتردد في إضافة مواقف لـ 784 سيارة أخرى خارج المشروع، وعلى أرض لا تخص المشروع أصلا!
كل هذه المخالفات المخيفة والمؤسفة وحتى الحقيرة لم توقف المشروع، الذي استمر شاقا طريقه محققا للمستثمر عوائد لم يكن يحلم بها، ولكن «شيئاً ما»، ربما له علاقة بـ«دهان السير» تسبب في سحب المشروع من المستثمر، فدخل هذا في نزاع قضائي مع هيئة الصناعة استمر لسنوات لينتهي أخيراً بصدور حكم التمييز بفسخ عقد المشروع ورفض الدعوى المقامة منه، وهنا حرم الرجل الوقور من تحقيق عشرات ملايين الدنانير من الربح السهل من المال العام، هذا غير انكشاف محاولته في استغلال حاجة الشباب لورش ومحلات، و«التكشيت» فيهم بعدها! وقد دفعت هذه الخسائر الكبيرة النائب السابق ليصبح معارضا شرسا للحكومة طوال سنوات نظر القضية، ممنيا النفس بأن الحكومة ستحاول كسب وده بتنازلها عن القضية، ولكن لم يحدث شيء من ذلك. ونحن بالرغم من كل انتقاداتنا للأداء الحكومي نشد على يدها في هذا الموقف، ونتمنى أن نرى موقفا يماثله يشمل كل المخالفات الكبيرة الأخرى، كمشروع اللجنة الأولمبية!

أحمد الصراف