احمد الصراف

صحة دبي وعقلية المرور

في قرار لبلدية دبي ومجلس الذهب فيها، وربما بإيعاز من الشيخ محمد بن راشد، وكأنه رد غير مباشر على قرار مرور الكويت ترحيل اي مقيم في حال ارتكابه ولو مخالفة مرور واحدة جسيمة، أعلن قبل اسبوعين عن مسابقة يشارك فيها أهالي دبي مع المقيمين فيها على السواء، بحيث يحصل فائزون ثلاثة من الذين يتمكنون من إنقاص أوزانهم أكثر من غيرهم خلال شهر الصيام على مبالغ تصل الى 5500 دولار أميركي. وينبغي على من يرغب في الاشتراك بالمسابقة أن يفقد 2 كلغ من وزنه لكي يتأهل. وقد سارع عشرات الآلاف للتسجيل في الحملة التي لاقت تجاوبا واسعا، وتتزامن مسابقة تخفيف الوزن مع شهر رمضان، الذي عادة ما تزيد فيه شراهة الكثير من الصائمين للطعام، وكان لا بد من القيام باسلوب مبتكر للتوعية من مخاطر الاكثار من تناول الاطعمة الدسمة والثقيلة.
فكرة هذه المسابقة رائعة وغير مسبوقة، وهي أسبقية عهدناها في دبي، وهي حتما لم تأت جزافا، فلا شك أن دراسات سبقتها بينت مدى خطورة الوزن الزائد، وما يصيب الناس من شراهة في الأكل في فترة الإفطار، والساعات الثماني بعدها! وقد بينت مؤشرات الاستهلاك الغذائي في الكويت أن الاستهلاك في شهر رمضان الحالي قد ارتفع بنسبة %100. وعلى الرغم من غياب الاحصاءات الدقيقة فإن من المنطقي الافتراض أن مواطني الدول الخليجية هم من أكثر شعوب العالم إصابة بالأمراض التي تتسبب فيها السمنة، كأمراض السكر والقلب. ووزارة الصحة تتكلف الكثير سنويا في علاج المصابين بهذين المرضين، وغيرهما مما تتسبب فيه السمنة. وبالتالي لا يمكن تصور مدى الوفر الذي يمكن تحقيقه لو قامت وزارة الصحة في الكويت بتحفيز المواطنين والمقيمين، ضمن خطة مدروسة، على تخفيض أوزانهم، والتفكير في منح جوائز قيمة للمائة الاوائل مثلا، فهذا سينعكس إيجابا على امور كثيرة، وستقل مراجعات العيادات الطبية، وستكون هناك حاجة أقل لتناول الأدوية، وستزيد كفاءة الجهاز الطبي وستزيد إنتاجية الموظف، الخاص والعام والتاجر وغيرهم. وستكون هناك إجازات مرضية أقل، ومن المتوقع تبعا لتخفيض الوزن أن تتحسن نفسيات المواطن والمقيم، مما يعني عمرا اطول، وغير ذلك من الأمور الإيجابية التي لا تقدر بثمن.
وقد سبق أن قدمت سيدة كويتية متخصصة في الصحة، ومن اصل أجنبي، قبل سنوات، دراسة لديوان مهم، تعلقت بما يمكن تحقيقه من فوائد ووفورات صحية وعقلية وجسدية جمة لو تم تطبيق الخطة التي تضمنتها دراستها الهادفة الى دفع المواطنين والمقيمين الى ممارسة الرياضة وتخفيض أوزانهم بشكل علمي. وكيف يمكن أن يحسن هذا من أداء المجتمع ككل، وجعله اكثر لياقة ووعيا واهتماما بصحته. وبعد انتظار دام ستة اشهر تقريبا، زاد فيها وزن من قدمت لهم الدراسة للموافقة عليها بما لا يقل عن عشرة كيلوغرامات، طلبوا منها أن تذهب الى بيتها و«تستريح»!

***
• ملاحظة: لو قامت جهة ما بدراسة أعداد الوفيات في شهر رمضان، والاسبوعين التاليين له، لوجدت ارتفاعا كبيرا فيها نتيجة عادات الأكل السيئة في هذا الشهر!

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

احمد الصراف

طريقة عبدالفتاح الخربة

أصدر وكيل الداخلية لشؤون المرور، اللواء عبدالفتاح العلي، قرارا بإبعاد الوافد من أول مخالفة جسيمة يرتكبها، بغضّ النظر عن سجله المروري! وهذا تصريح لا يفتقر فقط للذوق في التعامل مع الغير، بل تنقصه المصداقية! فهو يعرف أنه أعجز من أن يطبقه على غير المساكين، الذين أكل المتاجرون بالبشر حقوقهم. فهل سيطبّق مثلا على رئيس مديري بنك تجاوز الإشارة الحمراء؟ وهل يحلم اللواء بترحيل موظف صغير ارتكب مخالفة جسيمة، ووراءه شخص متنفذ؟ الجواب: لا، طبعا، وبالتالي ما كان يجب أن يصدر منه مثل هذا التصريح المسيء لكل إنسان، وضرره أكبر بكثير من نفعه. فالوافدون ليسوا خرافا، ولو لم تكن غالبيتهم أفضل منا لما قدموا للقيام بأعمال نعجز عن القيام بها. وعمليات المداهمة المحمومة التي شملت المخالف والبريء لا يمكن أن تستمر، فواضح أن القرار اعتمد على الكم بدلا من الكيف. ونحن لا نختلف مع أحد أن هناك آلاف المقيمين، وخاصة من الطبقات الدنيا، من مخالفي القوانين، الذين يمثل وجودهم خطرا على الأمن، ولكن هل الحل في اتباع طريقة «خذوه فغلوه»؟ وهل بهذه الطريقة سينتهي، أو حتى يقل التسيب والإجرام والفوضى؟ وهل هذا العامل البسيط هو السبب في الفوضى التي يعيشها قطاع العمل؟ أم أن المشكلة تكمن في نشاط ذلك الكويتي المجرم فاقد الضمير، الذي تسبب بجشعه في خلق هذا التسيب، بمساعدة قوانين إقامة خربة تسمح للمجرم باستغلالها لتحقيق الثراء على حساب الضعفاء من البشر؟
إن الكويت في الحقيقة لا تشكو من خلل في التركيبة السكانية بقدر ما تشكو من خلل تربوي وأخلاقي، مردّه الى الكثير من «عاداتنا وتقاليدنا» التي رسّختها المناهج الدراسية على مدى 100 عام من التعليم النظامي، في احتقار العمل اليدوي! فهل يقبل الكويتي بأن يعمل مؤذنا في مسجد في بلد تكتظ مساجده بالمصلين؟ أو أن يعمل خبّازا في فرن أو دهّانا في ورشة، وهو الذي عمل آباؤه وأعمامه عمالا في موانئ كراتشي ومومبي وملابار وغيرها من البنادر الإيرانية والأفريقية، يوم كان العمل اليدوي أمرا غير معيب؟!
نعم، لن تكون هناك حاجة لنسبة كبيرة من الوافدين إن كان هناك بيننا من يودّ القيام من نومه في الرابعة صباحا ليغسل سيارات جيرانه، أو يعمل في أواخر الليل موزّ.عا للصحف، او ميكانيكيا على ظهر ناقلة بترول، او سائق رافعة في الميناء، او لحّاما في ورشة أو سائق شاحنة في الصحراء، أو مزارعا في العبدلي أو كنّاسا في شوارع الحي، او بائعا متجولا، أو عامل بناء، أو جزارا أو كهربائيا، أو عاملا في مصنع تنظيف جلود، أو حفار قبور أو عامل مشرحة أو سائق تنكر مجاري، وغيرها من الأعمال التي لا يود المواطن القيام بها، دع عنك معرفتها! وحيث أن هذا اليوم لن يأتي في المستقبل المنظور، فإن كل هذا التهديد والترحيل سوف ينتهي في نهاية الأمر للاشيء، ليس فقط لأن تجار الإقامات، الذين ربما كانوا هم وراء حملة الترحيل، لم يتم التعرّض لهم، ولو بهمسة، او أيضا لأنهم سيقومون بإعادة العمالة نفسها، التي تم ترحيلها، من الباب الذي رُحّ.لوا منه، وسيحققون من وراء ذلك ثروة جديدة، رغم أنف العلي وغيره! فهذه الكويت صلوا على النبي، وكل ما فيها خراب وفساد أكثر من اللي نبي!

***
• ملاحظة:
• ورد في الفقرة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن البشر وُلدوا أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق! وهنا نلاحظ أن الكرامة سبقت الحقوق في أهميتها!

أحمد الصراف

احمد الصراف

عالمية الموسيقى.. والروائح والطعام

يقول الزميل المثقف السعودي إبراهيم نَتّو إن الموسيقى ليست مجرد أنغام، بل هي وسيلة تواصل لارتقاء الذهن والروح عند الإنسان. وهي – أيضاً – وسيلة فاعلة اجتماعية وتربوية تساهم في عمليات التفاهم وتنمية الحس الشخصي، وإدخال البهجة إلى النفوس، وتجميل العالم من حولنا، أو كما غنّت فيروز «أعطني النايَ وغَنّ.، فالغ.نا س.رُّ الوجود»! أو كما صدحت أم كلثوم: «المَغْنَى حياة الروح، يسمعه العليل ي.شفيه»! كما تُساهم الموسيقى مساهمةً فعالةً في تبادل التآخي الثقافي الحضاري وتوثيق الصلات وتقوية عُرى الصداقة والمودة وتسهيل التعاون والتقارب بين مختلف المجتمعات على مستوى الكون. ولهذا نجد أن جميع الفرق المتصارعة في أي بلد تتشارك في الاستماع والاستمتاع بالأغاني نفسها، ولعل من الممكن لنا تكوين صورة أو فكرة عن أي بلد بوقوفنا على نوع موسيقاه ومستواها! وكلام الأستاذ إبراهيم جميل صحيح، وقد اثبتت التجارب أن النباتات تتجاوب إيجابيا مع الموسيقى، وتزيد البقر انتاجها من الحليب عندما نُسم.عها الموسيقى، وهنا نتكلم عن الكلاسيكية، وليس دق الصاجات والدفوف. ويعتبر كثير من خبراء الفنون في العالم أن الموسيقى الكلاسيكية هي أكثر رفعة بينها، وتأتي السمفونية التاسعة لبتهوفن في مستوى أرقى قطعة فنية أنتجها العقل البشري، والتي استمع إليها، على مدى السنوات القليلة الماضية. وعلى «اليوتيوب» – فقط – مئات الملايين، وهذا أمر لم يحدث لأي عمل فني آخر. ولم يطلق على الموسيقى الكلاسيكية صفة «العالمية» جزافاً، فهي الوحيدة التي تقبلتها أذواق كل الشعوب. فالتجاوب البشري نحو روائح ومذاقات وأصوات أو نغمات معينة تتفاوت من بيئة لأخرى، فما اعتاد مجتمع تناوله من طعام وسماعه من نغم وتنشقه من روائح يختلف من مكان لآخر! وبالتالي، وجدنا ان شعوبا قليلة جدا نجحت في تسويق أطعمتها وجعلها عالمية تنافس حتى الطبق المحلي لأي شعب آخر، كالطعام الإيطالي، الفرنسي، اللبناني، الهندي، الصيني، التايلندي، المكسيكي، والياباني، وإلى حدٍّ ما الإيراني. بينما فشلت شعوب ذات تاريخ طويل وحضارة بينة في أن تخلق طبقا عالميا مقبولا من الآخرين، كمصر والعراق وبريطانيا وغيرها كثير جدا. الأمر ذاته يسري على العطور، حيث نجحت فرنسا – من دون بقية العالم – في ان تبهرنا بما تنتجه مصانعها من «روائح»! ويقال إن سبب أسبقية الفرنسيين في مجال العطور على غيرهم، يعود إلى أنهم لم يكونوا في السابق يميلون كثيرا الى الاستحمام، وبالتالي غطوا روائح اجسادهم بالروائح الاصطناعية، أو العطور. ولا ننسى أن بعض الشعوب لا تزال تميل، أو تفضل ما ينتجه الشرق الأقصى من روائح، كالبخور وزيت العود، مقارنة بغيرها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

دعوة النشمي الغريبة

يقول القيادي الإخواني المنشق، والخبير في تنظيم الإخوان المسلمين، المحامي ثروت الخرباوي، إن التنظيم العالمي، وليس حزب الإخوان المسلمين في مصر، هو الذي سعى لحكم مصر وغيرها من الدول الإسلامية. وإن حزب الحرية والعدالة، واجهة الإخوان السياسية، لا حول له ولا قوة، وهو مسيّر من قبل التنظيم العالمي، الذي يشرف عليه شخص حاقد، ويدار من مجموعة من الساعين إلى السلطة، وهدفهم المعلَن الوصول إليها في كل دول العالم. وقد تبيّن، فور نجاح حركة وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي في التخلص من حكم الإخوان «الديني» في مصر، الذي فرّق بين فئات الشعب، وكاد أن يتسبب في حرب أهلية طاحنة، مدى صحة ما ذكره الخرباوي، وأن هدف الإخوان كان الوصول إلى الحكم، وليس أي شيء آخر. وقد تكشفت مواقف كثير من مؤيديهم أو المنتمين إليهم، فوق سقوط حكمهم في مصر، من خلال تصريحات غريبة ومستهجنة، والتي صدرت في لحظات «صدق» مع النفس، وربما كان أغربها تلك التي دعت ليس لتغيير استراتيجيات الحزب فقط، بل والتغلغل في المؤسسة العسكرية والجهاز القضائي، وكان آخر تلك الدعوات ما صدر من السيد عجيل النشمي، أمين عام ما يسمى بـ«رابطة علماء الشريعة في الخليج»، ومقرها البحرين، والتي تأسست أصلا للتصدي لما يسمى بالمد الشيعي في المنطقة، ويكفي معرفة وقوف «راسبوتين قطر» وراء إنشاء هذه الرابطة، لنعرف مدى عنصريتها وتطرّفها، وأن هدفها سياسي بحت، حيث قال النشمي في تصريحه الخطير، الذي لم يلتفت إليه كثيرون، وفور نجاح الشعب والجيش المصري في التخلّص من حكم الإخوان، وما سبق ذلك من أحكام قضائية لم تكن في مصلحة حكمهم القصير، صرح بأن الإخوان المسلمين عليهم مستقبلا السعي للتغلغل في الجهازين العسكري والقضائي، لمنع حدوث مثل هذه التحركات العسكرية، ولتجنب صدور أحكام قضائية ضدهم، إن هم عادوا إلى الحكم ثانية، أو حتى إن لم يعودوا! وكنا سنتفهّم حرص السيد النشمي على أن أي عودة مستقبلية للنظام الديني يجب أن تدعم من خلال تحييد الجيش، بالتغلغل الإخواني فيه، أو جعل قراراته الأمنية في مصلحة المؤسسة الدينية، ولكن كيف يمكن أن نفهم دعوته، وهو الذي يوصف بالمعتدل، للتغلغل في الجهاز القضائي، بحيث يمكن مستقبلا التحكم في أحكامه لكي لا تأتي، ولأي سبب كان، ضدهم! هل يمكن لعاقل أن يصدق أن السيد النشمي، والذي أصبح يوما، وأعلم كيف ولماذا، عميدا لكلية الشريعة، يدعو لأن يصبح القضاء بيد المرشد؟ فكيف يمكن وقتها توقع حيادية اي جهاز قضائي أقسم أعضاؤه من القضاة على السمع والطاعة للمرشد، وليس لضمائرهم أو قَسَمهم؟ وأين العدالة عندما يصبح القضاء مسيّسا وبيد جماعة دينية محددة؟ هل يمكن لعاقل فهم أهداف هذا الرجل أو القبول بها؟ ولماذا سكت كثيرون عن التصدي لسخيف تصريحه؟ وهل يعني ذلك أنه سيسعى لدفع جماعته للتغلغل في النظام القضائي الكويتي مثلا، دع عنك الجهاز العسكري؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الجريمة والقسم

يقول ج. مورتي: إنه ليس مقياساًَ سليماً لصحتك العقلية أن تكون متأقلماً بصورة جيدة مع مجتمع مريض للغاية! ويقول ستيفن واينبرغ: في عالمنا هذا يسعى الناس الطيبون دائماً للقيام بالأعمال الطيبة. ويسعى الناس السيئون للقيام بالأعمال السيئة. ولكن لو أردنا دفع الطيبين إلى القيام بأبشع الأعمال، فهنا سنحتاج إلى العصبية الدينية!

***
كآخرين كثيرين مثلي، اعترف بأن فكرة بيع الصوت الانتخابي، أو تعهد شخص بإعطاء صوته لآخر، أو التصويت لمصلحة مرشح معين مقابل حصوله على مبلغ من المال، قد حيرتني لتضارب الأمر مع الكثير من المعتقدات والمفاهيم الإنسانية والتعاليم الدينية. فلاشك في أن عملية التصويت عادة ما تكون سرية، ويصعب جداً على مشتري الصوت معرفة الجهة التي صوت لها من باع صوته له! ولكن تكرار واستمرار عملية بيع الأصوات وشرائها، منذ أن عرفت الكويت الانتخابات النيابية قبل نصف قرن، وحتى اليوم، يعني أن هناك أسساً وقواعد يمكن للمرشح، الذي دفع مقابل كل صوت، الركون إليها والاطمئنان إلى أن البائع، في الغالب الأعم، لن يخدعه، وسيعطيه صوته حتماً! وسبب هذا الاطمئنان يعود بالدرجة الأولى إلى أن المشتري يقوم بالقسم على القرآن بأن يعطي صوته للمرشح المشتري، وهنا تبدأ الحيرة! فالمشتري أو المرشح يعلم حتماً أن القانون يجرّم عملية شراء الأصوات. كما من المفترض الاعتقاد بأن أغلبية من يقومون «عادة» ببيع أصواتهم، أو أصواتهن، يعلمون أن في الأمر جريمة من نوع ما تتمثل في قبول مبلغ، تافه عادة، نظير التصويت لمن ستكون مهمته سن القوانين ومراقبة عمل الوزراء، ومع هذا يقبل الطرفان على تنفيذ هذه الجريمة النكراء بالقسم على «كتاب مقدس» لدى الطرفين، والاطمئنان إلى أن هذا القسم سوف يتم الالتزام به غالباً، مع أن المنطق ومصلحة البائع والوطن قبل ذلك يقولان بعدم الالتزام بالقسم، فلا دولة في العالم تتساهل، دع عنك تسمح، بعمليات شراء المرشح لكرسيه البرلماني! فقبول ذلك يعني أن هذا الناخب سيضطر إلى سرقة الدولة فور نجاحه في الوصول إلى الكرسي النيابي، وليس هناك أهبل واحد في العالم يمكن أن يدفع الملايين فقط ليصبح مشرّعاً، دون أن يكون له هدف آخر، خفي غالباً!
وبالتالي، كيف يمكن تفسير مثل هذه التصرفات التي يختلط فيها الوازع الديني والخوف من العقاب السماوي بجريمة يعاقب عليها القانون، والطرفان راضيان بقضاء الله وقدره والإيمان التام برسله وكتبه؟ أليس هذا التناقض الحاد داخل الشخصية الواحدة سبب ما نعانيه من تخبط وفوضى في حياتنا؟ وكيف يمكن أن نكون أصحاب أخلاق وصادقين مع الغير إن كنا نكذب على أنفسنا بالتصرف بطريقة إجرامية، والحلف على القرآن بالتمسك بالجريمة، وعدم إفشاء سرها؟ وهل يمكن أن نكون صادقين في رغبتنا في تحرير المحتل من أراضينا، أو التمسك بالخلق القويم، إن كنا نقسم على القرآن بأننا سنخالف القانون؟

***
• ملاحظة (1): مرت قبل أيام الذكرى السنوية الخامسة لغياب حسين الفضالة، فهل من خبر عنه؟ وهل بذلت الحكومة ما يكفي لسؤال السلطات الإيرانية عنه؟
• ملاحظة (2): وجدت في صناديق الانتخابات مئات الاوراق التي تضمنت اسمين لمرشحين، بدلا من واحد، والغيت بالتالي. وتبين ان سبب التصويت لاثنين يعود الى ان الناخب هنا سبق له ان باع صوته، تحت القسم لمرشحين، وهذه عبقرية كويتية في النصب!

أحمد الصراف

احمد الصراف

فشل الطائفية

يقول المفكر العراقي علي الوردي: الطائفية ليست ديناً إنما هي نوع من الانتماء القبلي إلى مذهب أو شخص معين. والفرد الطائفي حين يتعصب لمذهبه لا يهتم عادة بما في ذلك المذهب من مبادئ أخلاقية أو روحية، فذلك أمر خارج تفكيره، وكل ما يهتم به هو ما يوحي به التعصب من ولاء لجماعة وعداء لغيرهم، أو بعبارة أخرى ينظر إلى طائفته كما ينظر البدوي لقبيلته.

***
أعترف بأنني سررت، إلى حد ما، من نتيجة الانتخابات الأخيرة، وسأكون مسروراً أكثر إن خيب الأعضاء الجدد توقعاتي، واستطاعوا أن ينجزوا شيئاً ما. ومصدر تشاؤمي معروف، فسبق أن تطرقت إليه في مقالات سابقة. أما مصدر سروري النسبي، فيعود إلى ما كشفته هذه الانتخابات، ربما لأول مرة منذ سنوات، عن تغير مزاج الناخب التقليدي، وتفضيله هذه المرة المرشحين الأقل تطرفاً في طائفيتهم من غيرهم، إن من خلال سابق مواقفهم، أو ما حملته له رسائلهم الانتخابية من بعد عن العصبية. حيث نجد أن ممثلي التيار السلفي الذين نجحوا في الانتخابات هم الأقل تطرفاً في مواقفهم المذهبية. والأمر ذاته ينطبق على من نجح من نواب شيعة، حيث نجد أن أغلبية من نجح هم المعتدلون أو الذين أصبحوا أكثر اعتدالاً في طروحاتهم الطائفية، بعد أن عركتهم الحياة وعقلتهم، وجعلتهم عمليين ووطنيين أكثر من ذي قبل. ومن لا وطن له لا مذهب له، واسألوا سيئي الحظ من لاجئي العالم إن كانت «عصبيتهم» المذهبية، في حال وجودها، قد جعلت معاناتهم أقل وطأة!
والإنسان السوي ينزع للحرية ويتوق إليها، ويسعى من خلالها إلى تحقيق كرامته، ولا يمكن أن يكون الإنسان حراً إن لم يكن يعيش في مجتمع حر يحفظ له كرامته، ولا يمكن أن يكون حراً إن كان مقيداً بعصبية دينية مذهبية أو عرقية وقبلية.
كما أن سروري يعود إلى فشل بعض النواب السابقين، الذين نجحوا في انتخابات سابقة، ومنهم سارق الخيام ورفيق دربه، والذين لم يمتلكوا يوماً من مؤهلات النجاح غير القدرة على تأجيج العواطف والعزف النشاز على وتر العصبية المذهبية. هذا السرور بفشلهم فاق سروري بنجاح عدد لا بأس به من أصحاب الوجوه الوطنية الجديدة التي نأمل منها خيراً!
وبقدر سروري بنجاح معصومة المبارك وصفاء الهاشم، فقد حزنت بالقدر نفسه لعدم تمكن مجموعة جيدة من الشخصيات في الوصول إلى سدة التشريع ومن هؤلاء السياسي المخضرم عبدالله الرومي وأحمد لاري ونبيل الفضل، وطبعاً الإعلامي يوسف الجاسم، الذي كان وجوده في المجلس التشريعي سيمثل إضافة مهمة، ولكن ما العمل وبعض الشعب قد اختار من يمرر له مصالحه الخاصة، على من يمرر مصالح الأمة!

أحمد الصراف

احمد الصراف

مطالبات منى والفلبينية

أضحكتني، أو ربما أغاظتني، مطالبة منى الوهيب، أمينة السر ورئيسة لجنة المرأة والطفل في جمعية «مقومات حقوق الإنسان» (ما أطول التسمية وما أقل فاعليتها)، مطالبة وزير الدفاع بإعادة النظر، ومن منطلق إنساني، في قرار تسريح العسكريين من أزواج وأبناء الكويتيات، سواء كانوا خليجيين أو «بدون»، مشيرة إلى أن الخليجي هو جزء منا، ومن باب أولى أن نكرمه ونحفظ أسرته، و«البدون» ليس له بعد الله إلا الكويت، فكيف نعرض هذه الفئات، وهم أقرباء من الدرجة الأولى لمواطنات كويتيات، إلى خطر التشرد والضياع؟ واستمرت في تساؤلاتها التي وردت في بيان صحفي، قائلة: ألا يكفي أن المرأة الكويتية تواجه عقبات في تجنيس أبنائها غير الكويتيين، أسوة بالرجل الكويتي الذي من حقه تجنيس زوجته الأجنبية وأبنائه منها، حتى تزيدوا جراحها جراحاً جديدة؟! مبينة: سبق أن طالبنا، وفي تقارير حقوقية عدة، بمساواة المرأة مع الرجل، استناداً إلى المادة 29 من الدستور الكويتي، ومنحهن حقوقهن المسلوبة في منح الجنسية لأبنائهن، أسوة بالرجال، رغم أن القانون يمنح جنسية الزوج الكويتي لزوجته غير الكويتية بعد 5 سنوات من التقدّم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية، ومن دون شرط العمل! وهذه يا منى انتقائية غريبة في المطالبة بالمساواة! فكيف نسيت المطالبة بمساواة بقية حقوق المرأة بالرجل؟ ولماذا انتصرت فقط لحقها في الحصول على الجنسية، هل لأن مزايا الحصول على الجنسية أهم مما تتعرض له يومياً من إهدار كرامة وتعسف في المعاملة وحرمان من النفقة ومن حقوق الحضانة ومتطلباتها؟
قد يكون تباكي الأخت منى الوهيب على مصير أسر العسكريين الخليجيين في الجيش الكويتي حقيقياً، ولكن ما أوردته من أسباب، وما عرضته من مواقف، اتسم بقدر كبير من الوصولية والتقية، فأمينة السر، بجمعيتها، جزء من حركة سلفية لا تؤمن بأن للمرأة حقوقاً أصلاً، فكيف تأتي هنا وتتحدث عن المواثيق الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة، والذي ترفض جمعية المقومات وأعضاؤها وكل فكرها كل فقرة فيه تعلقت بحقوق المرأة من تقرير مصير وعمل وسفر وميراث وحضانة وكرامة ومقابل عمل! وبالتالي، من الغريب تشدق هذه الجهات، غير الإنسانية، بحقوق الإنسان عند تعلق الأمر بمصالحها، وتجاهلها تماماً عند تعلق الأمر بالحقوق الأخرى أو بحقوق الغير. فما علاقة مثل هذه الجمعية بالمادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن «الناس جميعاً سواء»؟ فهل تحاول هنا خداع الوزير، أم نحن، أم تخدع نفسها؟ وكيف تدعي أنها تؤمن بأن «الناس جميعاً سواء أمام القانون»! وهي تعرف أن جمعيتها، بكل مقوماتها، لا تؤمن بهذه الفقرة أصلاً وفصلاً! وبالتالي، نتمنى على «أصحاب» جمعية «مقومات حقوق الإنسان» مستقبلاً الابتعاد عن المواثيق الدولية، وعن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالذات، عند رغبتهم في المطالبة بأمر ما، فهي ونحن وجمعيتها نعرف الحقيقة. كما نطالبها بالتوقف عن التشدق بمقولة إن لنا «خصوصيتنا»، وكأن الآخرين لا خصوصية لهم، وهم مكشوفون وعامون! ولماذا نسيت أمينة السر مطالبة وزير الدفاع بوقف تسريح العسكريين الخليجيين، وتناست حالة الفلبينية المظلومة التي اعتدى عليها ضرباً عسكري كويتي داخل مبنى حكومي، وهي ترقد الآن في المستشفى متأثرة بجراحها وآلامها الظاهرة والنفسية الدفينة؟ هل لأن الضحية امرأة مثلاً، أم لأنها خرجت من بيتها، هي أنثى، لمتابعة معاملاتها؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

نهاية الحلول الدينية

يتكون العالم الإسلامي من عدد كبير من الدول، ولأسباب عاطفية ومادية، تأتي الدول العربية على رأسها، وهو وضع مستجد واستمراره مرهون باستمرار ثروتها النفطية، خاصة مع التقدم المطرد الذي تحققه دول إسلامية أخرى كتركيا واندونيسيا، و.. إيران! ولو تأملنا في أوضاع هذه الدول من النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية وحتى الأمنية لوجدنا أنها، مع استثناءين لا أكثر، تشكو من اختلالات هيكلية مزمنة (chronic) يصعب علاجها، مع احتمال تفاقمها، ولنا في أوضاع مصر وسوريا ونيجيريا أسوة غير حسنة. ولا يبدو أن أحدا في هذه الدول يملك فكرة أو حلا سحريا لمشاكل هذه الأمم في ظل استمرار سيطرة الأنظمة الدكتاتورية على مقدرات الكثير منها، مع دورانها في حلقة جهنمية من الفقر والجهل والمرض. وقد اثبت فشل الإخوان المسلمين في حكم مصر، بعد سنة كاملة، إن بسبب غياب الرؤية لدى قياداتها أو لكثرة أعدائها، أن شعار «الإسلام هو الحل» ليس بالعملي، وغير قابل للتطبيق، دع عنك استحالة نجاحه في عالم اليوم. فمشاكل الجوع لا تحل بالأحاديث وقضايا التنمية لا تتقدم بالوعظ، والفقر لا يختفي بطلب من مرشد أو حتى آية من آيات الله، فالدولة الدينية عادة ما يتحكم في مقدراتها رجال دين، وهؤلاء يفترض أنهم يعرفون في قضايا الزواج والطلاق والنفقة أكثر من التجارة والاقتصاد والسياسة وقضايا التنمية. وفي هذا يقول الكاتب المصري محمد خالد إن مسيرة الإخوان، خلال 80 عاما بينت أنهم عادة ما ينتجون من المشكلات أكثر بكثير مما يستطيعون حله منها! وهذه نتيجة متوقعة، فمن لا يملك غير فكر خاوٍ، كفكر الإخوان، يصعب عليه إيجاد الحلول للمشاكل! فمصر مرسي كانت تدار من مكتب الإرشاد، ووزراء مرسي كانوا جميعا من متواضعي القدرات! وفي وصف بليغ لوصول الإخوان الى الحكم وخسارتهم، يقول الكاتب نفسه إن الحركات السياسية عادة ما تمر بثلاث مراحل: المهد، المجد ثم اللحد! أي أنها تنمو وتكبر ثم تصل لقمة المجد، وبعدها بفترة تتحلل وتنتهي. إلا أن تجربة الإخوان كانت من الاستثناءات، حيث مروا، بعد انتظار طويل، بمرحلة المهد، ثم وصلوا الى الحكم، ولكن لأسباب منطقية، أو لحتمية التاريخ، بلغوا اللحد، من دون أن يعرفوا المجد! فلو نظرنا لفترة حكمهم، التي لا يمكن أن توصف بالقصيرة جدا، لما وجدنا إنجازا أو تصرفا أو تشريعا يمكنهم الافتخار به! وبالتالي أضاعوا 365 يوماً ثمينا من عمر مصر، من دون إنجاز شيء غير الخراب، فالإخوان، بنظر الكثيرين، حركة سياسية متخلفة، أو رجعية، لا يمكن أن تتحلى بالفكر المتقد المتقدم، بل تؤمن بنمطية معينة مضادة بطبيعتها للثورية، ويضمن موقع المرشد استمرارها من دون تغيير، وهذه الاستمرارية كفيلة بقتل كل إبداع، وفي أي مجال حيوي كان! وعليه يمكن اعتبار خروج الإخوان من الحكم في مصر علامة على فشل الدولة الدينية، مرة وإلى الأبد، وإن حدث ووصل الإخوان ثانية الى الحكم في أي دولة فلن يكون ذلك بغير طريق القتل والإجرام، والدم والنار!

أحمد الصراف

احمد الصراف

على طريقتي

يعتبر فرانسس ألبرت، الشهير بـ «فرانك سيناترا» (1998/1915) واحداً من أشهر مطربي العالم وأكثرهم وهجاً وعطاء، فقد بدأت شهرته كمطرب مع أربعينات القرن الماضي، واستمرت حتى تقاعده في بداية السبعينات، بعد أن بلغت شهرته أوجها في الستينات مع أشهر أغانيه التي لا تزال تسمع في كل حفل وإذاعة مثل: Strangers in the Night and My Way، ولكنه عاد من التقاعد وغنى رائعته «نيويورك نيويورك»، كما قدّم عروضاً في لاس فيغاس لقيت إقبالاً كبيراً، هذا غير نجاحه الكبير في عالم السينما، حيث حصل على عدة جوائز مرموقة عن أكثر من دور مميز، كما اشتهر كمطرب مشارك مع رفيقي دربه دين مارتن وسامي ديفيز جونير. وتم تكريمه على المستوى الوطني، عندما حصل على جائزة من مركز كيندي (1983)، ووسام من الرئيس ريغان (1985)، وميدالية ووسام من الكونغرس الأميركي (1997). كما حصل على اللقب النادر: «الفنان الأكثر مبيعاً على مر العصور»، بعد أن تجاوز عدد مبيعات أسطوانات أغانيه 150 مليون نسخة!
وقد قام قارئ صديق بترجمة أغنيته الأشهر I did it my way، التي تأثر بها كثيرون، وكانت لسان حال الكثيرين، خصوصاً أولئك الذين حققوا نجاحاً صعباً واستثنائياً في حياتهم، ولكن ليس من غير شقاء وتعب، ومعارضة أهل ومجتمع! ويقال إنها تختصر قصة حياته الشخصية والفنية. تقول كلمات أغنية «فعلتها على طريقتي: والآن اقتربت النهاية وبهذا أواجه الستارة الأخيرة. فيا أحبتي أريد أن أقولها بوضوح وأعبر عن حالي بكل ثقة. لقد عشت الحياة بكل زخمها، ومشيت في كل الطرقات الواسعة، والأكثر من هذا كله أنني قمت بكل ذلك «على طريقتي»!
نعم، لقد شعرت مرات بالأسف، ولكنها كانت أقل من أن يستحق ذكرها!
فعلت ما كان عليّ أن أفعله ونفّذته من دون أي استثناء، وخططت لكل مسار، ولكل خطوة بعناية وتؤدة طوال الطريق، والأكثر من ذلك أنني قمت بكل ذلك على طريقتي!
نعم، هناك أوقات تعرفونها بالتأكيد، عندما نملأ أفواهنا بأكثر مما يمكننا مضغه، ولكني تخلصت مما بفمي عندما اعتراني الشك، وواجهت كل ذلك ووقفت عالياً، وفعلتها على طريقتي.
أحببت، وضحكت، وبكيت، وحصلت على حصتي وكفايتي من الخسارة، فعندما تنحسر دموعي جانباً، أجد كل ذلك مسلياً، خصوصاً عندما أعرف أنني فعلت كل ذلك، دون أن يعتريني الخجل! آه لا آه لا، لست أنا الذي يشعر بذلك، لقد فعلتها على طريقتي. فما هو الإنسان، وعلى ماذا حصل، إن لم يكن نفسه فهو لا شيء، وعليه أن يقول ما يشعر به بصدق وليست كلمات رجل خانع راكع، فالكل يعرف أنني تلقيت الضربات، ولكني في النهاية فعلتها على طريقتي.

أحمد الصراف

احمد الصراف

آمال وأحلام وهلوسات

تخرج صديقي «نون» قبل ثلاثين عاماً من جامعة مرموقة ابتعث لها على حساب وزارة التعليم، وتخرج بعد 4 سنوات مهندساً وعمل في الحكومة لفترة قبل أن يختار العمل الحر، فاستقال وافتتح مكتباً هندسياً، بعد استخراج مختلف التراخيص الرسمية، اعتماداً على شهادته الجامعية.
بعد أكثر من عقدين من مزاولته لعمله الحر، اكتشف أن من حقه الحصول على «دعم عمالة»، أسوة بغيره، فتقدم للإدارة المعنية بطلب الدعم فطلبوا منه، كالعادة، مجموعة من المستندات. وهنا بدأت الملحمة. فالطلب الأول والأهم كان تقديم شهادة جامعية مصدقاً عليها من التعليم العالي! ورغم جهوده في إقناعهم بأنه عمل في الحكومة بموجب تلك الشهادة، وفتح مكتبه الهندسي بموجبها، وصمم وأشرف على بناء آلاف المباني الحكومية وغيرها، بموجبها، فما الداعي لتصديقها الآن، بعد 30 عاماً من صدورها؟ فقد أصرت الجهة على التصديق حتى لو كانت شهادته معترفاً بها و«حقيقية»، وسبق أن عمل بها في جهة حكومية وفتح مكتباً هندسياً! ولأن صاحبنا ليس عضواً في أي تنظيم ديني سياسي محلي، يتبع تنظيماً عالمياً فاسداً، فقد اتكل على نفسه، وتمكن بعد جهد من المصادقة على شهادته! ولكن هذا لم يكف فقد طلبوا منه كشفاً بعلاماته الجامعية! وهنا، أيضاً، رضخ للطلب، فهو صاحب الحاجة، فتقدم ثانية للتعليم العالي التي قامت بمخاطبة الملحق الثقافي في سفارتنا في الدولة المعنية، لطلب كشف العلامات! تأخر رد الملحق، فتدخل أولاد الحلال، وبعد مراسلات واتصالات تبين أن الطلب قد ضاع بين أوراق الملحق! تم تدارك الوضع، وحصل في نهاية الأمر على المعادلة وكشف العلامات، وتم التصديق على جميع أوراقه، فأخذها صاحبنا فرحاً، بعد أن انتهت معاناته مع الجهات والمستندات والصور والأصل والتوقيعات والتصديقات والمراجعات والاتصالات، التي استغرق إنهاؤها شهرين تقريباً، وذهب لدعم العمالة، وقدّم ملفه كاملاً، أو هكذا اعتقد! وهناك فاجأوه بالقول إن عليه الآن تقديم صورة مصدقة عن شهادة الدراسة الثانوية، فسقط مغشياً عليه!
والآن لو تخيلنا أن آمالنا في وصول مرشحين من أمثال يوسف الجاسم ومرزوق الغانم وصفاء الهاشم ونبيل الفضل ومعصومة المبارك وعلي الراشد وفيصل الشايع ووسمي الوسمي وكامل العوضي، وغيرهم من الأفاضل ممن لا أتذكر أسماءهم، قد تحققت وأصبحوا نواباً! ولو تخيلنا أن آمالي في سقوط مرشحي الأحزاب الدينية المتطرفة قد تحققت، وسقط معهم المدان بسرقة خيام الجهة التي كان يعمل فيها، ولو افترضنا سقوط الذين حامت الشبهات حول مشاركتهم في انتخابات فرعية أو المتهمين بدفع رشى وبقوا قيد الحجز حتى يوم الانتخاب، فهل بعد تحقق كل هذه الأماني والأحلام سيتعدل وضعنا، وتنصلح أمورنا، أو على الأقل يتباطأ انحدارنا الأخلاقي والأمني، ولو قليلاً؟ الجواب سلبي جداً.. وأتمنى أن أكون على خطأ.

أحمد الصراف