احمد الصراف

سيد درويش الفنان المنسي

“>

يمكن القول إن الموسيقار المصري سيد درويش هو الأب الشرعي للموسيقى الكلاسيكية العربية، إن كان التعبير صحيحا. ويقول الباحث المصري أسامة عفيفي إن معظم ما كتب ونشر عنه اهتم بتفاصيل حياته والأحداث التي مر بها أكثر من الاهتمام بموسيقاه، وسبب ذلك أن من كتبوا عنه كانوا من غير الموسيقيين. ومما يدعو للدهشة أنه رغم اعتراف الجميع بفضل الشيخ سيد، فإننا لا نرى أيا من أعماله تدرس أو تبحث في معاهد الموسيقى، وما زالت المناهج الموسيقية الشرقية في مصر، رائدة الفنون، تعتمد على التراث التركي في معظمها. ويقول بعضهم ان السبب أن سيد لم يترك ثروة أكاديمية يمكن أن تعين في صياغة مناهج التعليم والتدريب، ولكن الصحيح أنه ترك ثروة فنية هي الأكبر في تاريخ الموسيقى العربية من ناحية الكيف، إذ إن كل لحن وقطعة وضعها تستحق الدراسة والتأمل، كما نجد في رواياته الموسيقية أكثر من 200 لحن لم تتكرر فيها جملة واحدة، وفيها من اختلاف المواقف ما يكفي لعرض كل حالات الشعور الإنساني وكيفية التعبير عنها، كما أنه أضاف مقاما موسيقيا جديدا إلى الموسيقى الشرقية أسماه «الزنجران»، ولحن منها أساتذة كبار تاليا، وكانت له اهتمامات بتأريخ أعماله، وكتب مقالات في الثقافة الموسيقية للصحف والمجلات، ولكن القدر لم يمهله لأكثر من ست سنوات، هي كل عمره الفني، فقد بدأ في سن 25 ورحل في سن 31، ولم يكن ليتسنى له التفرغ لعملية أكاديمية، وهو بكل انشغاله بإنتاج أعظم ما أنتجته مصر من فن في تاريخها الطويل، ويمكن القول ان ما قام به سيد درويش في مصر يعادل، مع الفارق، ما قام به بيتهوفن في ألمانيا، حيث صعد الاثنان، كل بموسيقاه، إلى القمة. وفي حين مهد لظهور بيتهوفن عمالقة من أمثال باخ وهايدن وموتسارت، فقد ظهر سيد من دون أن يسبقه تمهيد يذكر، وامتد تأثيره إلى كامل المنطقة العربية عن طريق من ساروا على نهجه بعد رحيله، وقد عاصر سيد أواخر العصر الرومانسي الأوروبي، وترامت إلى مسامعه أعمال رواد الفن الموسيقي الأوروبي مثل فيردي، مؤلف أوبرا عايدة. وكان رغم إعجابه بأعمالهم لا يقلدهم، وإنما كانت موسيقاه معبرة تماما عن إحساس الشعب المصري ومزاجه الذي حرم طويلا من ممارسة الفنون الراقية من قبل العثمانيين، وقد تشابه دوره هذا مع دور بيتهوفن، حيث وصف كل منهما بأنه أزال من موسيقى شعبه الآثار الأجنبية، وانتمى إلى موسيقى أمته مباشرة.
وليس أدل على محاولة طمس أعمال سيد درويش إلا جهل كثيرين بألحانه بالرغم من تغنيهم بها، من دون معرفة صاحبها، الذي ظلم في حياته وبعد مماته! ومن ألحانه الشهيرة التي لا تزال حية أغنيته التي يقول فيها:«طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة»، أو «الصنايعية» والتي كانت أول أغنية عربية تخرج من نطاق الصالونات، وتتغنى بالإنسان الكادح، ثم لحن «زوروني كل سنة مرة»، الأكثر روعة وشهرة. وأغنية «الشيالين»، ولحن الوصوليين، وآهات «أنا هويت وانتهيت»، وأوبريت شهرزاد، واستهلال «أنا عشقت»، ولحن الجرسونات، كما أنه واضع موسيقى كثيرا من الأناشيد، ومنها نشيد «بلادي بلادي» القومي المصري، وغيرها كثير. فهل تقوم جهة في مصر، في فجرها الجديد، بإعادة الاعتبار له؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الحل في العلمانية

“>
تتزايد يوما عن يوم مشاكلنا، ومنذ نصف قرن على الأقل، من دون توقف محليا او على مستوى المنطقة، ولا يبدو أن أحدا لديه بصيص أمل بأن الوضع سيتحسن في القريب العاجل! ولو نظرنا بقليل من العمق لوجدنا ان جهلنا وتعصبنا سبب غالبية هذه المشاكل، وهما اللذان جرا القوى الأخرى للتدخل في أمورنا أو مساعدتنا في حلها، ومؤتمر العقير وغيرها من المؤتمرات خير شاهد! والمؤسف أن نجد أن التعصب الديني لعب دائما دورا بارزا في خلق غالبية مشاكلنا. وبالتالي فإن أول خطوة للتقليل من حجم وكم مشاكلنا تكمن في فصل الدين عن الدولة، فكل فريق اليوم يعتقد أنه الأفضل، إما لأنه الأغلبية، والحق معه، أو لأنه أقلية، وعليه الدفاع عن حقوقه، إن باللجوء للصراع المسلح أو بالاستعانة بقوى خارجية، التي بإمكانها مساعدته!
يقول الكاتب العراقي عادل حبه، إن العلمانية مفردة مشتقة من كلمة «سكولوم» اللاتينية، وتعني الدنيا والحياة الدنيوية، أو الحياة على الأرض. ولقد استخدم تعبير العلمانية لأول مرة في عام 1648 في معاهدة «ويستفاليا» الأوروبية، التي تم على اثرها انتقال ملكية أراضي الكنيسة لسلطة المجتمع المدني. ومنذ يومها اعتمد واضعو دستور الولايات المتحدة الأميركية، بعد استقلالها عن بريطانيا. كما سارت فرنسا، منذ ثورتها عام 1789، على مبدأ العلمانية، ولا تزال. كما استُخد.مت مفردة «لائيزم»، أي الدنيوية، في الصراع الذي خاضه الشعب الفرنسي في القرن 19 من أجل الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع الديني. ويعتبر كلا المفهومين الآن، أي العلمانية واللائية، مفهوماً حقوقياً وتشريعياً وسياسياً واحداً. وأصبحت العلمانية جزءاً مهماً من أركان الديموقراطية والحرية، بل هي جزء لا يتجزأ من الاثنتين. ففكرة العلمانية أكدت أن تشكيل الحكومة والتشريع وسن القوانين هي حق الشعب الذي لا ينازعه فيه أحد. ولم يعد للتشبث بالدين أو بأي حجة أخرى غير إرادة الشعب وخياره أي تأثير في الحكم طبقاً لمفهوم العلمانية. ومكنت الديموقراطية، التي تحققت على مراحل في أوروبا والولايات المتحدة، العلمانيين من تحديث مختلف مؤسسات الدولة القضائية والتعليمية، وأضفوا عليها هوية غير دينية وأبعدوا سلطة الكنيسة عن هذه المؤسسات. وهذا ما لعب دوراً مؤثراً في تطوير العملية الديموقراطية وترسيخها في هذا الجزء من العالم. وبناء على هذا المفهوم لا يمكن اعتبار أي نظام دكتاتوري قمعي، بمجرد إعلانه فصل الدين عن الدولة، نظاماً علمانياً ولائياً. فالأنظمة الفاشية التي استقرت في أوروبا في النصف الأول من القرن العشرين وعشرات الانقلابات العسكرية التي جرت في بلدان العالم الثالث، ومنها العراق، رغم أنها كانت انظمة غير دينية، وأحياناً معادية للدين، إلاّ أنها كانت أنظمة اعتمدت ايديولوجيا معادية للديموقراطية ولا يمكن اعتبارها بالتالي انظمة علمانية. فالعلمانية لا تعني العداء للدين وإلغاءه، ولا تحرم المواطن من حرية الايمان والعقيدة ولا تفرض قسراً ايديولوجية بعينها على المجتمع، على خلاف الأنظمة الفاشية والدكتاتورية. ومن هنا نجد أن العلمانية هي الحل الأمثل والحاسم لممارسة الحرية الدينية وحرية المعتقد، لأنها تضمن أمن الأفراد في المجتمع وحريتهم بغض النظر عن دينهم ومذهبهم. فالعلمانية تحد من طموح وسلوك أي تيار ديني أو مذهبي لفرض رؤياه وفكره وسلطته على الآخرين، أو التمييز أو القهر ضد اتباع التيارات الدينية أو المذهبية الأخرى بذريعة الأكثرية التي يتمتع بها هذا التيار أو المكون الديني أو المذهبي في المجتمع. والغريب أو ربما المضحك أن الجماعات الدينية المتطرفة لدينا تطالب نظام الحكم في إيران بعدم فرض رؤاه وفكره على الأقليات غير الشيعية، ولكنها لا تمانع في قيام أنظمتها بفرض رؤاها على أتباع الأقليات لديها، ومنهم الشيعة، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الحياة والفلسفة

الفلسفة كلمة إغريقية، تعني، في معناها القديم، محبة الحكمة أو طلب المعرفة، وبالتالي من غير المستغرب معاداة معظم رجال الدين في العالم أجمع لها، وحساسيتهم من دورها في تطوير الفكر. وبالرغم من وضوح المعنى، فإن الأمر تطلب تعريفاً أكثر شمولية ودقة، وبالتالي هي علم يختص في البحث في كل أنواع النشاط البشري، وممارسة النظريات والثقافات البشرية، والميل الشديد للتساؤل والتدقيق في كل شيء، والشك في البديهيات ومادة الفلسفة واسع ومتشعب، ويرتبط بكل أصناف العلوم وبكل جوانب الحياة، وتبقى الفلسفة متفردة عن بقية العلوم والتخصصات، لأنها لا تعفي نفسها من التفكير في نفسها، ومحاولة الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الكون والوجود، والتركيز على المنطق والتحليل. وسبق أن قال الإمام الغزالي إن «من تمنطق فقد تزندق»! وهنا بعض الأمثلة على استخدام الفلسفة في حياتنا العادية: قام رجل في بداية محاضرة بسرد نكتة طريفة ضحك لها الحضور. وبعد لحظات أعاد إلقاء النكتة ثانية، ولكن عدداً أقل ضحك لها هذه المرة. وعندما كرر سرد النكتة للمرة الثالثة لم يضحك أحد، بل بدا الضيق على البعض. وهنا قال المحاضر الفيلسوف، وهو يبتسم: عندما لا يكون بإمكاننا أن نضحك للنكتة نفسها المرة تلو الأخرى، فلماذا نستمر في الحزن والبكاء على مصيبة ما المرة تلو الأخرى؟ فرد عليه حكيم آخر بأننا هنا بحاجة إلى الفلسفة لكي نتغلب على أحزاننا، ونستمر في الحياة ونتجاوز مصائبنا ونستمر في الحياة! وقال فيلسوف آخر إن أموال الدنيا لا حدود لها، ولكن الحياة محدودة جداً، فلماذا نستخدم المحدود من العمر في اللهث وراء تجميع اللامحدود من المال؟ وقال رابع إن المال الذي نمتلك هو في الحقيقة المال الذي نخرجه من جيوبنا أو حسابنا المصرفي وننفقه، وليس المال الذي لا يزال بين أيدينا أو حسابنا المصرفي! فالمال الذي يبقى في محافظنا أو حسابنا المصرفي ليس مالنا إلى أن نتصرف به وننفقه! وقال خامس، وهذا ما شاهدته شخصياً على الكثير من المهاجرين اللبنانيين لأفريقيا بالذات، إننا عندما نكون في مقتبل العمر ننفق أعمارنا في اللهث وراء الثروة، وعندما نكبر نستخدم ما جمعناه من مال لكي نسترد ما كان لدينا من صحة وعافية. ويلخص بعض الفلاسفة السعادة بأنها ليست ما نمتلك في الحياة، بل في قلة احتياجاتنا في الحياة. وأخيراً، يجب ألاّ ننسى أننا أتينا إلى هذه الدنيا وليس في كفينا أي شيء غير قبض الريح، وسنغادر هذه الدنيا وليس في كفينا شيء غير قبض الريح، فلم كل هذا اللهث وراء المتع والمال؟
ولكن الفلسفة تقول إن من السهل قول هذه الأمور أو كتابتها، ولكن العمل بها هو الصعب. وعادة ما يصبح غالبية البشر، في مرحلة متأخرة جداً من العمر، حكماء أو فلاسفة، ولكن يصبحون كذلك عندما يكون العمر قد قارب على الانتهاء، فلا مال ينفع ولا فلسفة تطمئن، و لا هم من يحزنون.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

أين الحقيقة؟

“>
موضوع هذا المقال يجب أن ينظر إليه بتجرد، فهو لا يهدف للتهجم على أحد، ولا التطرق لغير ما يتداوله كثيرون عن تورط بعض المواطنين الكويتيين في أنشطة خارج الدولة، وبالرغم من ارتفاع اصوات تنادي بالصراحة والشفافية، إلا أن الأطراف المعنية اختارت الصمت، دون نفي أو تأكيد لكل ما يشاع حولها، علما بأن ما اتهمت به يجب ألا يعتبر معيبا في حقها، فهم اختاروا أن يكونوا من الإخوان المسلمين، وهذا قدر ارتضوا به!
كانت البداية قبل بضعة اشهر عندما بدأت تتسرب أسماء لشخصيات سياسية كويتية معروفة ضمن تحقيقات النيابة العامة في الإمارات، في قضية ما يسمى بخلية تنظيم الإخوان المسلمين فيها، والتي كانت تهدف، وفق قرار الاتهام، لقلب نظام الدولة. وتسربت من الإمارات قائمة بالمتورطين من مواطنين، وغيرهم من خليجيين وعرب، وقيل إنهم شاركوا جميعا، بطريقة أو بأخرى، في التآمر على نظام الحكم، وفي أنشطة حزبية وسياسية على مستوى المنطقة، وربما اوسع من ذلك. وحيث إن عمل هؤلاء، وهنا نتكلم عن حركة الإخوان المسلمين، كان، بنظرهم على الأقل، شرعيا، ويهدف لنشر «الإصلاح» في جزء مهم من الوطن العربي، وأهميته ربما تكمن في تخمته النقدية اللازمة لدعم الدول الفقيرة نقدا، فبالتالي من المفترض الاعتقاد بأن ليس هناك ما يعيب في الحديث عنه، والإشارة إلى ما يشاع عن تورط أعضاء من حزب الإخوان الكويتي من بعض السياسيين وأعضاء مجلس الأمة السابقين، وان دورهم كان مقتصرا على تقديم الدعم المادي واللوجستي الأخوي لمن يشاركونهم في المعتقد، من المتهمين في خلية الإمارات. كما طالت لائحة الاتهامات أسماء أخرى معروفة منهم دعاة! علما بأن التطرق لاسماء هؤلاء ليس فيه ما يعيب، بل ربما يساعد في إعلاء مكانتهم لدى رفاقهم في الحزب، محليا ودوليا!
وحيث ان مصلحة الوطن تتطلب حدا ادنى من الشفافية والصراحة، فإن الحكومة، وكل من ورد اسمه في تحقيقات دولة الإمارات مطالبون بتوضيح موقفهم من كل ما يقال، وعدم ترك الأمور للقيل والقال.
كما أن الحكومة مطالبة بتأكيد أو نفي ما نشر على موقع «خلف الكواليس» من أن سلطات الإمارات أوردت اسماء مواطنين كويتيين في القضية أعلاه تحت رقم 234/19/ك، وأنها طلبت من الكويت التحفظ عليهم، لكن الكويت وافقت على مراقبتهم فقط! وهذا الرد لم يلق ترحيبا في الإمارات.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

ملاحة الخسارة

“>
تمتلك الكويت، وبقية الدول الخليجية شركة الملاحة العربية، وشاركهم العراق فيها عندما كانت العلاقات جيدة معها، ولكن متاعبها مع جيرانها منعتها من لعب دور فعال في إدارة الشركة، وأعفت نفسها بالتالي تقريبا من الكثير من التزاماتها.
وبالرغم من أن الكويت منحت هذه الشركة الكثير، وضحّت من أجل تأسيسها بشركتها الوطنية، ومنحتها مجانا قطعة أرض كبيرة لتقيم عليها مبناها، فإن الكويت، كدأبها، لم تستفد ماديا من الشركة طوال ما يقارب نصف القرن، منذ أن تأسست سنة 1976، خاصة بعد أن قام مجلس إدارتها بنقل كل عملياتها تقريبا الى دبي. كما أن عدد من عمل بها من الكويتيين كان دائما متواضعا. ولو نظرنا إلى مجلس إدارة الشركة وكبار موظفيها لما وجدنا بينهم، طوال 45 عاما، من مثل ثقل دولة المقر. كما أن دولاً خليجية قامت بتأسيس شركاتها الملاحية وأعطتها الأفضلية على هذه الشركة، في مخالفة واضحة لنظام تأسيسها. وربما هذا الذي دفع الكويت للإحجام عن المشاركة في مطالبات زيادة رأسمال الشركة المرة تلو الأخرى، مما أتاح الفرصة لدول أخرى كقطر والسعودية للدخول كشركاء أقوياء، وهذا أثر بدوره في وضع الكثير من المواطنين من موظفي الشركة، والذين تم الاستغناء عن خدماتهم.
والسؤال هنا للأعضاء الممثلين لحصة الكويت في مجلس إدارة الشركة، التي يبدو أن من يتولون أمرها مدعومون سياسيا من دولهم، وليس بالضرورة فنيا، عن حقيقة موقفهم مما يشاع عن تضرر الكثير من الكويتيين في الشركة من معاملة سيئة ومن إنهاء خدمات بطريقة مجحفة، وهل كل ما يقال صحيح أم لا صحة له؟ وهل هم كأعضاء راضون بوضعهم في مجلس الإدارة، وعن أداء الشركة بشكل عام؟ وهل مصالح الكويت العليا محققة على يد مجلس الشركة، الذي يقال إنه يدار من قبل شخص واحد؟ ومنذ متى لم يصبح ممثل دولة المقر، أي الكويت، رئيسا لمجلس إدارة الشركة؟
أسئلة نضعها بتصرف وزير المالية، الشيخ سالم الصباح، راجين النظر في وضع مساهمتنا فيها وموقف هيئة الاستثمار من وضعها المالي الذي بدأ في التدهور منذ 2005 حتى اليوم، يوم كان لديها فوائض مالية عالية، ثم اختفت لسبب أو لآخر، مما اضطرها لاستدعاء باقي رأس المال المرة تلو الأخرى منذ عام 2008، لإنقاذ وضعها النقدي المتعب، وهو ما دفع الإمارات في مرحلة، والكويت في مرحلة تالية للامتناع عن رفع حصتها في رأس المال، وبالتالي انحسار حصتها إلى الحد الأدنى، الأمر الذي جعل للسعودية وقطر الحصة الأكبر، والكويت والبحرين، الحصة الأقل.
***
• ملاحظة: تساءلت في مقال الأحد عن الجهة التي لها فضل إصدار تقرير الأداء الحكومي، وقلت إن الفضل قد يكون لوزيرة التخطيط! ولكن الصديق القارئ ساير الساير لفت نظري إلى أن التقرير صادر عن «المنتدى الاقتصادي الدولي»، ويتعلق بموضوع التنافسية في العالم العربي لعام 2013. فالشكر لتنويهه القيّم.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

نحن والديموقراطية

“>
طلب مني صديق وقارئ أن أكتب شيئاً عن الديموقراطية، الغامضة عليه وعلى الكثيرين من أقرانه، وحيث إنني لا أزيد عنهم فهماً، فقد قررت البحث في هذا الموضوع ومعرفة شيء من تطبيقاته لدينا ولدى غيرنا.
الديموقراطية كلمة يونانية، وتتكون من: ديموس، أي الشعب، وكراتوس أي الحكم. والأصل في الديموقراطية حكم الشعب لنفسه، أي إجراء استفتاءات شعبية متلاحقة على كل أمر، وحيث إن هذا يصعب كثيرا، فبالتالي تم اللجوء للنظام الانتخابي الذي يقوم فيه الشعب باختيار من يمثله في البرلمان، بحيث تكون مهمة البعض منهم تشكيل الحكومة، والبعض الآخر مراقبة الحكومة والقيام بسن القوانين. مشكلة الديموقراطية،وغيرها، تكمن في التطبيق، وخاصة في الدول الفقيرة والكثيفة السكان ذات الأمية العالية! كما أصبح كل متسلط ودكتاتور يدعي أنه ديموقراطي، وهذا ما حدث على مدى أجيال في الأنظمة الشيوعية، وبعض الأنظمة الفاسدة الأخرى، مثل نظام زفت القذافي وغيره، ووصل الحال حتى بالأحزاب الدينية، كــ«الإخوان المسلمين» للمناداة بالديموقراطية، علما بأن مبادئها تخالف أبسط أسس الأحزاب الدينية ومنها الإخوان، الذين ينادون بحق المسلم في تسيّد غيره من أتباع الديانات الأخرى! وبالتالي من السخف تصديق إيمان اي حزب ديني خالص في تدينه بالعملية الديموقراطية التي قد تأتي بأغلبية نيابية مسيحية، أو بتولي يهودي سدة القضاء، أو أن تكون قيادة المجلس الدستوري مثلا لبوذي. وقد رأينا كيف قام شراذمة «الإخوان» بجريمة حرق وتدمير والعبث بمحتويات عشرات الكنائس المصرية العريقة، فور نجاح الجيش في طردهم من أماكن اعتصامهم في ساحات المدن المصرية وشوارعها، هذا غير قتل مئات المواطنين الأبرياء وتشريدهم، فقط لأنهم مسيحيون، ولا أدري ما علاقة مزارع قبطي بسيط يزرع حقله، بصراع سياسي يجري على بعد مئات الكيلومترات عنه؟!
ويقال إن الديموقراطية، بالرغم من كل عيوبها، هي أفضل انظمة الحكم، وهذا صحيح، فالعقل البشري لم يتمكن حتى اليوم من تقديم بديل أفضل، وكما أن خطأ طبيب لا يلغي الطب، فإن خطأ الديموقراطية، بأي من أشكالها، لا يلغي الديموقراطية. ويمكن القول كذلك إن الديموقراطية، في أفضل تطبيقاتها توجد في الليبراليات الغربية، التي يتم فيها التداول السلمي للسلطة، والتي تعتمد في شرعيتها على مدى قبول الشعب لها، فمن دون ذلك لا شرعية لها، وقد اضطرت حكومات غربية عدة للاستقالة، بالرغم من امتلاكها للأغلبية البرلمانية، عندما شعرت بأنها فقدت شعبيتها، أو شرعيتها، لدى الرأي العام، الذي يمكن قياسه من خلال وسائل الإعلام المختلفة! والديموقراطية هي عكس الدكتاتورية، أو حكم الفرد، الذي لا يسمح بتداول السلطة. وتعتبر الديموقراطية أكثر أنواع الحكم تحديا للقدرة البشرية، سواء تلك التي لدى السياسيين أو بقية الشعب. والديموقراطية عندما تطبق بطريقة سليمة تكتسب الشرعية. وتكمن عظمة الديموقراطية، وضعفها في الوقت نفسه، في أن صوتا واحدا لمواطن بسيط نصف متعلم، كفيل بترجيح كفة الفائز بأعلى مناصب الدولة. وبالتالي فالديموقراطية لا تعني فوز المرشح لأي منصب كان بـ%51 من أصوات الشعب، وهو المفترض، ولكن فوزه بـ%51 ممن شاركوا في العملية الانتخابية، والفرق عادة ما يكون كبيرا. فقد تحاول جهات منع مناوئيها من التصويت، كما حدث مؤخرا في زمبابوي، أو توزيع الأموال وزيوت الطبخ والسكر لحث المترددين على الاقتراع لهم، كما حدث في انتخابات مرسي!
وكل ديموقراطية وأنتم بخير.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

تخطيط رولا

“>لا أدري لمن الفضل، فقد يكون لوزيرة التخطيط السابقة والحالية، رولا دشتي، الدور الأكبر في صدور أول تقرير حكومي «صريح جدا»، يبين مدى ما تعانيه الادارة الحكومية من خلل أدى الى فقدان ثقة المواطنين كافة بها، وورد فيه أنه رفع الى مجلس الوزراء، ربما ليحفظ في أحد أدراجه، وتعلق لبه بتراجع كفاءة الأداء في المؤسسات الحكومية في «الصعد كافة»، وتراجع الشفافية والنزاهة، فضلا عن الضعف العام في الالتزام بالقوانين، وعدم تطبيقها من قبل الحكومة، مما أوجد فجوة كبرى ساهمت في عدم تطبيق القوانين على مختلف المستويات وفي شتى المجالات.
وانتقد التقرير بشدة التقاعس الحكومي في تطوير الحكومة الالكترونية، حيث اكد ان الكويت تحتل مراتب متأخرة في هذا المشروع عالميا، بينما أكد على تطور كبير في قضية استقلالية القضاء، الذي أحرز تقدما في المؤشر العام بين الدول، ليصبح ترتيب الكويت 36 عام 2013/2012 بدلا من 48 عام 2010/2009.
وكشف عن تراجع ترتيب الكويت في مؤشر الرخاء من 31 الى 38 عالميا، كما تراجعت ثقة الجمهور بالسياسيين من 39 الى 53، وتزايد الهدر في الانفاق الحكومي من 82 الى 100 في الترتيب بين الدول. وبيَّن التقرير وجود انكماش كبير في دور القطاع الخاص. كما لوحظ ارتفاع نسبة البطالة من 4.7 في المائة الى 5 في المائة، (في بلد تبلغ نسبة المواطنين %26 مقارنة بالمقيمين %74). وأكد التقرير وجود نسبة كبيرة من العمالة الوافدة تتركز في القطاع الخاص، وان العمالة الهامشية تمثل نحو %42 من اجمالي العمالة الوافدة بالقطاع الخاص، وفي المقابل، فان الطلب على العمالة الكويتية في القطاع الخاص يتركز في تشغيل ذوي المؤهلات التعليمية المنخفضة، حيث تمثل العمالة الكويتية من حملة الشهادة الثانوية ما نسبته 82 في المائة من اجمالي العمالة الكويتية في القطاع الخاص في نهاية عام 2012.
التقرير طويل وما ذكرته أعلاه لا يشكل إلا جزءا مما ورد فيه من كوارث مستدامة، وقد نقلت ما ذكر أعلاه حرفيا تقريبا، ولم اضف له غير ملاحظة هنا وكلمة هناك، وبعض الفواصل والنقاط.
والآن هل ستتحرك جهة لفعل شيء ومعالجة الاختلالات التي وردت فيه، أم أنه سيلقى المصير نفسه الذي لقيته تقارير أخرى مماثلة سبقته، وتكلف اعدادها عشرات ملايين الدنانير، ان لم يكن المئات؟ وسؤال آخر: لماذا لم يتطرق هذا التقرير، الذي نتمنى أن يكون مكان حفظه مختلفا عن مكان حفظ غيره من التقارير المماثلة، لماذا لم يتطرق لتجاهل الحكومات المتعاقبة لما تقوم بالصرف عليه من مثل هذا التقرير؟ أوليس من المحزن ان يهدر وقت وزارة مهمة ووزيرة نشطة في اعداد مثل هذا التقرير ولا يعمل به؟
• • •
• ملاحظة: كشف ديوان الخدمة المدنية ان 25 الف موظف طلبوا اجازة مرضية خلال فترة الايام الاربعة التي تلت اجازة العيد!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

نحن واليهود والكاثوليك

“>”>لا أؤمن بمقولة سيطرة «اليهود أو الصهيونية» على الإعلام الغربي، من صحافة وتلفزيون ووكالات أنباء، وحتى سينما! ومرد ذلك ليس سخف هذه المقولة، التي قد تكون حقيقية، بل لأن أحدا لم يمنعنا، مع كل ما نمتلك من ثروات وما لدينا من أثرياء، عقلاء وسفهاء، من تملك حصص مؤثرة في أي منها، والتي تكرر عرض كثير منها للبيع على مدى نصف القرن الماضي، والتي يمكن الاستحواذ على غالبيتها من خلال شراء اسهمها! كما أن عدم إيماني يعود لحقيقة أن الأمر لا يتعلق بعزوفنا عن الاستثمار في هذه الوسائل، واصرارنا على التذمر من سيطرة اليهود عليها فقط، بل وايضا لأننا غير جديرين بتملكها اصلا، حتى لو أردنا ذلك! فالاستثمار في الصحافة العالمية مثلا ليس كالاستثمار في صناعة الملابس أو في شركة نفطية، والاعتماد على إدارة المصنع لتحقيق النجاح المالي، بل يتطلب تملك صحيفة او قناة إخبارية عالمية توافر قدر هائل من حرية القول والنشر المطلقة لدى المشتري، إضافة الى عامل الإبداع! فليس من المجدي تملك أي دولة عربية وسيلة إعلام دولية إن لم تكن هي التي تديرها وتوجهها لمصلحتها، وبما أن جميع دولنا تفتقد حرية القول والنشر، وتفتقد عامل الإبداع في مثل هذه المجالات، فعليها بالتالي التوقف عن وصف هذه الوسائل الإعلامية بالصهيونية العالمية، فاليهود ابدعوا ودفعوا ونالوا، ولم يمنعوا أحدا من أن يدفع وينال ملكية هذه الوسائل ويبدع فيها!
كان لا بد من هذه المقدمة الطويلة قبل الدخول في موضوع هذا المقال، والمتعلق بنظرية «سيطرة اليهود على الصحافة الغربية وغيرها»، ومنها «النيويورك تايمز» التي تتهم دائما بمحاباة إسرائيل ومناصرة قضايا اليهود، والترويج لفكرهم على حساب قضايا العرب، وهذا ليس صحيحا بالمطلق. فقد كان لهذه الصحيفة التي تصدر في معقل الكاثوليكية واليهودية الأميركية، دور كبير في فضح جرائم الاعتداءات الجنسية من قبل كبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، ومنهم من كاد أن يصبح بابا، على أطفال الكنيسة. علما بأن الاعتداءات طالت عشرات آلاف الأطفال على مدى عقود طويلة، ولا تزال عملية الكشف عن جرائم القساوسة والكرادلة المتطورين، والتغطية عليهم، مستمرة بين الكنيسة ووسائل الإعلام الغربية الحرة! وكان لافتا للنظر قيام «النيويورك تايمز» بتاريخ 22 يوليو بنشر مقال لفرانك بروني FRANK BRUNI، ذكر فيه أن القادة الروحيين الذين أنيطت بهم مهمة رعاية الأطفال وتعليمهم، وبيان طريق الصواب لهم في الحياة، قاموا باستغلال مراكزهم وتأثيرهم القوي على هؤلاء الأطفال واعتدوا عليهم جنسيا، وأن المعتدين استفادوا من عمليات التغطية على جرائمهم من رجال دين أرفع مرتبة، وساعدهم هؤلاء في التشكيك في «ادعاءات» الأطفال، المعتدى عليهم جنسيا من قبل آبائهم الروحيين من رجال الدين! والتغطية تمت ليس خوفا من الفضيحة فقط، بل لكي لا تتوقف تبرعات «المحسنين»، وأن المسؤولين عن التحقيق في الجريمة فضلوا التغطية عليها، واتهام الأطفال بالكذب على أن يشمت أعداؤهم بهم!
الفقرة أعلاه لا تخص، كالعادة، فضائح كنسية، بل تتعلق باليهود الأورثوذوكس، الفرقة الأكثر تشددا! ويقول الكاتب أنه يكتب مقاله لأن الصحافة امتلأت في العقدين الأخيرين بفضائح رجال الكنيسة، والآن جاء دور فضح رجال الدين اليهود.
المقال طويل ويحتوي على معلومات مرعبة، وتعود لجرائم الأربعين سنة الماضية. وللمزيد يمكن الرجوع الى أرشيف «النيويورك تايمز».
والآن، من دون محاولة دفن الرؤوس في الرمال، هل نمتلك شجاعتهم، ام أننا غير؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الإيمان بالتقمّص

“>”>يعتبر الدكتور الأميركي بريان لزلي ويز Brian Leslie Weiss واحداً من اشهر أطباء أميركا النفسيين، فقد تخرج في كلية طب جامعة كولومبيا المرموقة عام 1970، ودعم شهادته بأخرى من جامعة نيويورك، ثم عاد لجامعة «ييل» المعروفة لدراسة علم النفس وحصل على أعلى الشهادات منها، ثم اصبح بعدها رئيسا لقسم علم النفس في مركز «جبل سيناء الطبي، في ميامي Mount Sinai Medical centre» واستقر هناك مع اسرته، وهو الآن محاضر ومؤلف كتب علمية في مجاله وفي عالم التقمص وفي مجال الحياة، قبل الولادة وبعد الممات(!) 
في كتابه الذائع الصيت «حيوات متعددة وسادة متعددون» Many Lives Many Masters يتطرق د. ويز لتجربة عميقة مر بها مع مريضته كاثرين، التي كان لها أبلغ الأثر عليه وعلى أسرته وعليها. فكاثرين فتاة جميلة تبلغ من العمر 27 عاما، وعزباء وناجحة في حياتها العملية، ولكنها كانت تشكو أنواعا متعددة من الخوف أو الفوبيا من الغرف المغلقة والتواجد في الماء والارتفاعات وغيرها. كما تنتابها أحلام وكوابيس مزعجة وتسير أحيانا وهي نائمة. ويقول د. ويز انه قام بتنويمها مغناطيسيا، ليعرف منها شيئا من ماضي حياتها فوجد أنها دفعت ذات مرة، وهي طفلة، لحوض سباحة وكادت تغرق، وعرف أن والدها اعتدى عليها وهي صغيرة، وامورا كثيرة اخرى مما ساهم في كشف الكثير من «أسرار» مرضها النفسي، وما كان ينتابها من خوف، وأن كل ذلك ساهم في نهاية الأمر في تحسن حالتها بشكل مطرد. ويقول د. ويز انه لم يكن يؤمن بتقمص الأرواح، ولا بالحياة بعد الموت، وعودة الروح لجسد آخر من عالم آخر، ولكن تجربته مع كاثرين وما ذكرته من أحداث عاشتها في عالم سابق، وهي تحت تأثير التنويم المغناطيسي الكامل، وما قام به من بحث ومقارنة ما ذكرته بسجلات ووثائق تاريخية، اثبت له بما لا يدع مجالا للشك، أنها عاشت حيوات اخرى قبل ان تولد ككاثرين، وأنها مرت بأزمنة ومراحل متعددة على مر آلاف السنين، وعاشت أحيانا كامرأة وأخرى رجلا وطفلة وغير ذلك. ويدعي د. ويز أن اكتشافه الجديد هذا ساعده في شفاء آلاف المرضى، وفي تقديم عون كبير لعدد اكبر من المعرضين للموت بسبب مرض مميت، وتحضيرهم نفسيا لتقبل الأمر، وأنهم سيموتون الآن، ولكنهم سيعودون لحياة جديدة بطريقة أو بأخرى.
موضوع الكتاب شيق ويثير أسئلة أكثر بكثير مما يجيب عنها، ويؤكد بطريقة مباشرة أن ما يؤمن به بعضهم، من أفراد وجماعات وشعوب كاملة، عن تناسخ الأرواح لم يأت من فراغ، وان في الأمر شيئا يستحق القراءة والبحث فيه أكثر.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

.. لمن نحن على الأرض؟

“>لا شك أن الفوارق بيننا وبين اليابان تشمل كل مجال، ولا يوجد استثناء واحد، فهي أفضل منا بصناعاتها ونظافتها، وحتى بخلق شعبها وأدبهم! وقد يكون سبب ذلك أن اليابان تقوم بالتركيز الشديد على تضمين مناهج مدارسها من المراحل الأولى مادة الأخلاق. أما تدريس الدين، فمسؤولية ذلك تقع على عاتق الأبوين، ولم يتبين، خلال المائة عام الماضية على الأقل، وهو ما يعادل تاريخ التعليم المنتظم في الكويت، أن تقاعس اليابان عن تدريس الدين قد نتج عنه شعب همجي كاذب، يتّصف بسوء الخلق ونقص التربية! وبالتالي، استعاضتهم بمادة «الطريق إلى الأخلاق» هي التي خلقت الإنسان الياباني الحديث، المجدّ والدقيق والصادق في تعامله، على الأقل أكثر منا!
ما وعته اليابان لم يكن مصادفة، فقد وعته قبلها شعوب أوروبا المتقدمة، بعد أن تبين لها أن جميع ما مرت به من تجارب مأساوية رهيبة وحروب طاحنة قتلت الملايين على مدى مئات السنين كان سببها زج الدين في التعليم، ومن بعدها في السياسة. ولم تهدأ أمورهم وتستقر أحوالهم وتزدهر اقتصاداتهم إلا بعد التخلّص من ذلك الضغط. كما لم يحدث ذلك التطور نحو «الأنسنة» سهلاً، فقد كان أن مهّدت له تجارب عصر النهضة في القرنين 15 و16 وما تبعهما من تطورات في القرن الـ18، والتي كانت نتيجتها سيادة العلم على الحياة، وهذا ما نتج عنه تقدّم الدول الغربية في كل مجال. ونجد بالتالي أن تجارب هذه الدول الكبيرة ماثلة أمامنا ولسنا بحاجة إلى أن نمر بكل ما مرت به من مآسٍ، وما علينا سوى الأخذ بها، وسنرى العجب. ولكن، المؤسف أن نلاحظ أن ما يحدث عندنا هو العكس تماماً، أكرر العكس تماماً! فبدلاً من أن تتطور مفاهمينا، على ضوء ما حدث في مصر أخيراً، والفساد والخراب اللذين تسبب فيهما الحكم الديني فيها، وما تسبب فيه ملالي إيران والسودان وسيتسبب به إخوان تونس وليبيا، في وقف تطور أوطانهم، لا يزال هناك من يعتقد بأن زيادة الجرعة الدينية في مناهجنا هي الحل لأطنان مشاكلنا وتخلّفنا الشامل. فقد قامت مريم الوتيد، التي لم يجد الوزير نايف الحجرف أفضل منها في الكويت كلها وكيلة لوزارة التربية، بالطلب من اللجنة المشكّلة لتحديث مناهج التعليم، وهي اللجنة التي وضعنا كل آمالنا فيها للتخلّص من إرث الإخوان والسلف، الذين عاثوا في مناهج التربية فساداً على مدى أكثر من ثلاثة عقود، طلبت منهم إدخال آيات وأحاديث دينية في منهج علوم الرياضيات! وهذا يعني، بمفهومها، أن دمج جدول الضرب بالدين سينتج عنه تلميذ أكثر فهماً!
لا ألوم السيدة الوكيلة على قرارها، بقدر ما ألوم الوزير الساكت، والحكومة التي لم تبين يوماً «فلسفتها في الحياة»! فهل وجودنا في هذه الدنيا مؤقت، لكي نتعبّد فقط، وبالتالي يمكن اعتبار قرار الوكيلة صائباً، أم أننا وُجدنا على هذه الأرض لنعمرها ونصلحها وننشر الحياة والخير فيها؟ وفي هذه الحالة على الوكيلة أن تستقيل أو تقال لتذهب إلى بيتها.
سؤال قد لا نسمع أو نقرأ إجابة عنه، وبالتالي ستبقى الوكيلة في منصبها لتزيد تخلفنا تخلفاً!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com