احمد الصراف

العربي والنفسي

يقول زميل إن العرب يمقتون مراجعة أطباء النفس، ويشعرون بالإهانة لو طلب منهم مراجعة هؤلاء! كما يشكون في عقل من يراجعهم، ويعتبرونه مصابا بجنون ما، يحدث ذلك على الرغم من الحقيقة، التي تقول ان مريض العقل عادة لا يرى نفسه، أو جنونه، ولا الناس يرونه، الا اذا تطور مرضه الى سلوك عنيف!
وقال الزميل انه لاحظ أن الغرب عموما، والدول الإسكندنافية خصوصا، منسجمون مع أنفسهم، وأن نفسيتهم كشوارعهم، مستقيمة سهلة، تكاد تنعدم فيها المطبات والمنعطفات الوعرة، كحياتهم الخالية من العقد، وهذا عائد حقيقة إلى أنهم لا يترددون في مراجعة الطبيب النفسي، بعكس معظم العرب الذين أخفوا امراضهم العقلية وكأنها فيروسات ضارة، وبالتالي أخفوا جنونهم، الذي يتسبب يوميا في قتل بعضهم البعض بكل وحشية، والدخول في معارك كلام وشتائم، وحتى تشابك بالأيدي واستخدام الأحذية لأتفه الأسباب. وليس بعيدا عنا ما تكرر وقوعه في مجمعات الكويت من شجار بين مجاميع شباب النظر، مجرد النظر شذرا للآخر، وهي نظرات ذهب ضحيتها أكثر من بريء! ولا ننسى طبعا قصة المواطن البحريني الذي «ضبط متلبسا» يصلي في مسجد اكتشف انه لا يعود لطائفته، فأوسعه أهالي المنطقة ضربا وسلموه للمخفر الذي تولى «شحنه» الى بلده، بدلا من الاقتصاص له ممن اعتدوا عليه!
وفي عالمنا لا يهم أن نقول الصدق، ونأخذ جانب الحق وندافع عنه، بل المهم أن نؤدي الفرائض جهرا، ولا نشرب الخمرة، والباقي سهل!
ويتساءل الزميل: كم رئيساً عربياً قتلنا؟ وكم حرباً اهلية أشعلنا؟ وكم حرباً دخلنا، داخليا وخارجيا، وبين بعضنا البعض؟ وكم ملكاً خلعنا؟ وكم رئيساً شنقنا وسحلنا؟
ويقول انه سافر وشاهد مصلين ومصليات، صائمين وصائمات، مسلمين ومسلمات، عرباً وعربيات، ممن سبق أن عاثوا فسادا في أكثر من أرض وأكثر من حرب هنا وهناك، وفجأة اصبحوا، بعد فترة قصيرة، حجاجا بأردية بيضاء ولحى مسجاة، بعد ان تخلصوا مما علق بايديهم من جرائم، بالمسح على الحجر الاسود.
سرقوا بلدا بالكامل ومسحوا ايديهم بالحجر الاسود، وقتلوا الآلاف، وفعلوا الشيء ذاته، ويستمر اقتتالهم، الحقيقي، على من يذهب للحج قبل غيره. العراقيون قتلوا بعضهم البعض، واللبنانيون فعلوا الأمر ذاته، وزايد عليهم الفلسطينيون، ونافسهم الجزائريون في عدد القتلى، والشيء ذاته قام به المصريون، لاحقين بالسوريين، والسودانيون، الذين لحقوا بهم، وشاركهم، في عزف ملحمة الذبح البائس، الليبيون والتونسيون! وقائمة المرضى طويلة، ولكن مع هذا لا أحد يود مراجعة الطبيب النفسي!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ذكريات الجابرية ورماد الروضة

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

ليس من السهل على أي كويتي عاش مرحلة «غزو صدام»(*) للكويت أن ينسى مجريات 220 يوماً من الرعب والقتل والتشريد. فقد كانت تجربة رهيبة، فخلال ساعات أصبح ما «يساويه» المواطن أو المقيم ماديا لا يزيد على ما بجيبه من مال! فلا عقارات ولا أسهم ولا أرصدة مصرفية، فمن امتلك ألف دينار نقدا، كان أكثر غنى من صاحب الأسهم والعمارات. كما أصبحت حياة الإنسان لا تساوي «قندرة» عند الغازي، بعد أن محيت مقومات الدولة من الوجود، وألغي كيانها، فلا حكومة ولا جيش، ولا وجود فعال لأي مؤسسة، غير تلك التي اختار بعض المواطنين، وبمساعدة فعالة من مقيمين أوفياء، الاستمرار في إدارتها، كالكهرباء والماء! وقد استعدتُ ذكريات تلك الأيام، التي سأكتب عنها الكثير، وأنا أقرأ مذكرات الأخت إقبال العثيمين، في كتابها «رماد الروضة»، الذي أتمنى عليها أن تعيد كتابته وتضيف إليه الأكثر، ومع هذا فهو يستحق القراءة لمن عاش أو لم يعش أحداث تلك الفترة، التي كنت وأسرتي في الكويت عندما وقعت، وكان قراري البقاء وعدم المغادرة. وكنا قد انتقلنا قبلها بيوم للعيش في بيتنا الجديد، الذي لم يكن يحتوي إلا على الضروري من الأثاث، فغالبيته كانت لا تزال بحاوياتها. وأخبرني جاري بعدها بسنوات أنه أعجب بمثابرتي أثناء الاحتلال عندما رآني أقوم بمساعدة سائقي، بإجراء تشطيبات خارجية على البيت، وبناء ممر لدخول السيارات للداخل. ولكني اضطررت، وبعد صمود لم يطل كثيرا، للخروج من الكويت لسببين، أولهما ما سمعته من الـ«بي بي سي» عن قيام صدام بإرسال عمر غني، وهو سفير سابق في الكويت، لمصادرة كل وثائق وزارة الخارجية الكويتية، وغيرها! وحيث إنني سبق أن اختلفت مع هذا الأفاق في أكثر من حفل دبلوماسي، عن مسؤولية صدام الشخصية عن بدء الحرب العراقية – الإيرانية، وما وردني من تحذيرات من أكثر من صديق سفير من قدرة ذلك الشخص على الإضرار بي وقتها، إلا أنني لم أعبأ بذلك، ولكن عودته للكويت جعلتني أشعر بالخوف من أن يقوم بمصادرة حياتي، مع وثائق الحكومة الكويتية. كما كان السبب الثاني للمغادرة ما قام به جنود الاحتلال من مصادرة للأدوية المهمة من كل المستشفيات، التي كان ابننا طارق، بأمسّ الحاجة إلى البعض منها! وهناك قصص أخرى عن الغزو والاحتلال سنتطرق إليها بين الفترة والأخرى قبل أن تضمها دفتا كتاب قيد الإنجاز!
(*) الوصف الصحيح لغزو القوات العراقية للكويت في 1990/8/2، هو الغزو الصدامي وليس العراقي، كما جرت العادة، لأن من أمر بالغزو وقام به هو شخص واحد، وليس شعبا! ولهذا يوصف ما قامت به أميركا في العراق بالغزو الأميركي، لأن المؤسسة الأميركية المنتخبة والممثلة لشعب الولايات المتحدة هي التي قامت به، وليس فردا دكتاتورا!

احمد الصراف

تعالوا نغنِّ مع سنغر

تعتبر مكائن سنغر Singer، التي سميت كذلك على اسم مخترعها الأميركي ايساك سنغر، وليس لأن صوتها وهي تعمل يشبه الغناء، كما كنت أعتقد، تعتبر من أقدم مكائن الخياطة وأكثرها شهرة وانتاجا في العالم، فقد صنعت أول ماكينة منها عام 1851، ووصل انتاج مصانعها عام 1873، أي قبل 140 عاما، لأكثر من 250 ألف ماكينة. وقد توقفت الشركة عن انتاج هذه المكائن وتحولت لانتاج الأسلحة أثناء فترة الحرب العالمية الثانية. واليوم يبلغ ثمن المسدس الأثري، أو ما تبقى منه، والذي كانت تنتجه الشركة في تلك الفترة، والذي امتاز بجماله ودقته، أكثر من 80 ألف دولار. وبالرغم من ان الشركة عادت لانتاج آلات الخياطة بعد الحرب، وحققت أرباحا طائلة، وظفتها في شراء وبناء عدة ناطحات سحاب في نيويورك في بداية القرن الماضي، والتي لا تزال حتى اليوم شامخة ومميزة بتصاميمها، فانها قامت عام 1960 بتنويع استثماراتها وشراء مصانع حاسبات والكترونيات، وأنظمة الجي بي اس GPS، الخاصة بتحديد المواقع، ومصانع لانتاج قطع غيار المحطات النووية، ولكن الشركة سرعان ما واجهت عام 1987 مصاعب مالية وادارية، نتيجة تقديم منافساتها لمنتجات أفضل وأقل كلفة، وبالتالي اضطر اصحابها لبيعها بالكامل، وقام الملاك الجدد بتفتيت وحداتها وبيعها لآخرين، ولم تتعاف الشركة كليا منذ يومها، بعد أن زادت شراسة منافسيها من منتجي مكائن الخياطة الكهربائية من الآسيويين وحتى الأوروبيين.
عرفت الكويت مكائن سنغر عام 1907، كما ذكر السيد محمد جمال، المؤرخ والمعني بتوثيق التراث الكويتي القديم، وأول من أحضرها للكويت واستخدمها كان مبارك العصفور. وأول من جلب مكائن خياطة سنغر للكويت كان فخري السيد عام 1930 ثم أصبح محمد أمين، والذي اشتهر بـ «أمين سنغر»، وكيلا لها، وحقق من وراء ذلك ثروة. وكان له بيت كبير ومميز في موقعه ولا يزال ربما حتى اليوم في مكانه على دوار قصر دسمان، وعلى 3 شوارع، وان كان مهجورا منذ عقود! وقال السيد جمال ان أول من عمل في اصلاح آلات الخياطة كان عمر عاصم، الذي اشتهر بعدة مهارات، اضافة لمعرفته الدينية والتدريسية!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

حزب أفَّاق وقيادة وصولية

قامت الإذاعة، بعد تحرير الكويت من حكم صدام بفترة، بإجراء مقابلة مع رجل الدين عجيل النشمي، الذي له انتماءات مع الإخوان المسلمين، وقد استمعت له بنفسي، وهو يرد على سؤال يتعلق بمدى حرمة خروج المرأة من بيتها لكي تقاوم الاحتلال، فقال بكل وضوح، انه يحرم على المرأة الخروج للقتال وحمل السلاح ومقاومة المحتل، فمكانها بيتها، مع زوجها واطفالها! وهنا يجب الاعتراف بأن إجابته كانت منسجمة مع فهمه الأقرب للصحة لما يقوله الشرع في هذه المسألة! والمشكلة بالتالي ليست معه، بل مع جماعته الآخرين، من إخوان مصر وغيرهم، الذين طالما شاركوه في المناداة بـ «احترام كرامة» بسترها، وتغطية شعرها خوفا من الفتنة، وإبقائها في البيت، والذود عن كرامتها بمنعها من الاختلاء بالغير، وتحريم اختلاطها، أو العمل مع المحرمين عليها في مكاتب مغلقة أو حتى مفتوحة، وتعريض سمعتها، وسمعة أهلها للسوء، فهي «عورة»، صوتا وشكلا ومظهرا وتصرفا، ويجب أن تبقى كذلك!
كل هذا كان مقبولا من البعض لانسجامه مع نصوص دينية محددة! ولكن فجأة ظهر فهم جديد للموقف من المرأة، ومن مسألة مشاركتها في القتال والكفاح والتظاهر والغناء والكذب والتهريب، بعد أن وجد «إخوان مصر» أن الموقف الجديد من المرأة، ولو مرحليا، سينفعهم سياسيا ويغنيهم تجاريا، فخروج المرأة من البيت أصبح فجأة مباحا، ومشاركتها في التظاهرات، دفاعا عن «شرعية مرسي» حلالا وواجبا مستحقا عليها أداءه، ويأتي حتى قبل واجبها نحو الزوج والعناية بالأبناء و إكمال الدراسة أو حتى عملها الذي تتقاضى راتبا عنه! وتوقف حكم صوت المرأة عورة، فالحاجة لصوتها في التظاهرات أصبح واجبا، ولو لعلعت نبراته في السموات السبع! كما اصبح وجهها السافر، وهي تتقدم الصفوف، حاملة راية الإخوان، امرا مرحبا به، وحملها السلاح زينة لها وواجب مقدس، وتعرضها للضرب بهراوات رجال الأمن مقبولا، لأنها تخدم قضية حزبها ولعودة رجاله لكرسي الحكم ليعيدوها بعدها الى بيتها صاغرة ذليلة!
كل هذا التغيير الجذري حدث لأن الحزب الخائب فشل في الاحتفاظ بكرسي حكم مصر، ويريد العودة له بأي ثمن، ولو كان على حساب كل «المبادئ» التي سبق أن طوشوا آذاننا بها! آه، يا له من حزب أفاق وقيادة وصولية فاشلة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الغباء النافع

«.. الغباء ليس ضارا دائما، فله منافعه»! حكيم
• • •
لا أؤمن بالحظ، ولكني سأكتب عنه هنا وكأنه حقيقة!
في الثاني من أغسطس مظلم من عام 1990، أرسل صدام كتائب حرسه الجمهوري لتحتل الكويت، وأمعن في عروس الخليج اغتصاباً، بعد إلحاقها بأمها، العراق! ولا أدري لم القتل والاغتصاب إن كان الفرع قد عاد للأصل، أو للأم، كما ادعى في حينه؟ وقد تحولت الكويت خلال ايام قليلة من الاحتلال لتصبح بالفعل المحافظة رقم 19، بعد أن غاب عنها وهجها وأصبحت كئيبة كأي مدينة عراقية مظلمة تفتقد الأمن والرفاهية ورغد العيش!
لم يستمر الاحتلال أكثر من سبعة أشهر وبضعة ايام قبل أن تشن قوات 34 بلدا، بقيادة أميركا، حربا سريعة أنهت حكم صدام للكويت، وكان خروجه، او هروبه المذل، بداية سقوط حكمه وحكم أسرته الفاسدة والمجرمة.
خلال تلك الفترة اختفت صحافة الكويت، الأقرب للصحافة الحرة، وتوقف صدورها وسرقت مطابعها، وزال الرخاء الذي كان ينعم به الكويتي والمقيم، بمن فيهم عراقيون اخوة وشرفاء، وعمت السرقات، وتبعتها محاكمات صورية لأفراد المقاومة وإعدامات ميدانية لهم، والتمثيل بجثثهم، والإصرار على رميها أمام بيوت أهاليهم ومنعهم من دفنها لأيام، إمعانا في تعذيبهم! وكان بإمكان صدام الاستفادة لأقصى ما يمكن، سياسيا وعسكريا وماديا من احتلال الكويت، والانسحاب منها في الوقت المناسب، وكسب احترام الدول، غير مليارات الدولارات التي كانت ستصب في حساباته وأهله ورفاقه. كما كان بإمكانه الانسحاب، ومن بعدها ابتزاز الكويت بعدها المرة تلو الأخرى، لولا أن….!
في مصر وصل حزب الإخوان المسلمين، بعد انتظار طال لــ83 عاما، وصل لتحقيق حلمه، وكان بإمكان الحزب البقاء للأبد على كرسي الحكم، وكتم انفاس الشعب المصري، وجعل مصر قاعدة لانطلاق حكم الحزب لدول أخرى، وتحويل مصر تدريجيا الى دولة ملتحية ومحجبة ومنتقبة، بعد إغلاق مصانعها، واستبدالها بدور عبادة لفئة واحدة فقط، وتفريغها من «كفارها»، لولا أن…!
لولا أن ما انقذ الكويت من بلوى «بعث صدام»، وانقذ مصر من شر «مرسي الإخوان» هو غباء الاثنين! فغباء صدام، على الرغم من كل ما أشيع عن دهائه. وغباء مرسي علىالرغم من كل ما قيل عن «منجزاته العلمية»، التي لم تكن إلا ادعاءات فارغة، فالرجل كان بالكاد يتكلم الإنكليزية بطلاقة، إلا أن طبعهما غلب تطبعهما، وهذا أنقذ الكويت ومصر من شر الطرفين! وهكذا نرى أن للغباء، أحيانا، فوائد عظمى!

أحمد الصراف

احمد الصراف

السباق بين الجهل والمنطق

إن هوة الاختلافات التي أصبحت تفصل بين شيعة الإسلام وسنتهم، والتداعيات السلبية عليهم وعلى غيرهم، اصبحت، كما ذكر روبرت فيسك في احدى مقالاته، هاجسا مقلقا للكثير من الدول! فحرب سوريا الطائفية، وما يجري في العراق من تدمير مذهبي، وصراع إيران والسعودية في البحرين واليمن، وما يجري بين شيعة باكستان وافغانستان وبلوشستان وسنتها من صراع دام، كل هذه أثرت بعمق في أطراف الصراع وفي غيرهم، بحيث أصبح الأمر كالوباء الذي لا يمكن التخلص منه بغير حرق جثث المصابين به!
ولو أخذنا الحروب الدينية التي وقعت في فرنسا في الفترة من 1562 إلى 1598، بين البروتستانت والكاثوليك لوجدنا، وفي معركة «سانت بارثيليمي»، أن الكاثوليك قاموا بذبح وحرق أكثر من 30 ألف بروتستانتي في يوم واحد والتمثيل بجثثهم! وقد تورطت غالبية دول أوروبا، بما فيها إنكلترا، في تلك الحروب المذهبية، التي نتج عنها أيضا القضاء على آثار دينية مهمة، وجرى كل ذلك بمباركة صريحة من البابا، الذي طالب بقرع أجراس الكنائس إيذانا ببدء المذبحة وليس للصلاة، وأعلن بعدها عن انتصار الإيمان الصحيح على الزندقة. ما جرى في فرنسا جرى اكثر منه، في دول غربية عدة، قبل أن يعود الرشد للقارة العجوز وتختار الليبرالية اسلوب حياة والعلمانية عقيدة، وإصلاح الكنيسة بفصل الدين عن الدولة! والسؤال هو لماذا توقفت حروبهم الدينية، وفشلنا في ذلك؟ الجواب بسيط بقدر ما هو معقد! لأنهم آمنوا وعملوا بموجب كتب دينية مقدسة، ولكنهم لم يعتقدوا يوما بأنها منزلة من السماء، وبالتالي يمكن تعديل نصوصها، وتأويلها لما فيه خير المجتمع. وهذه المرونة أتاحت لمختلف الكنائس التطور مع الوقت، وبالتالي رأينا كيف قام بعضها بإفساح المجال للكاهن لأن يتزوج، أو لقيام المرأة بدور كنسي، بعد أن أصبح عدد الرجال الراغبين في العمل الكنسي قليلا! كما تم تعديل طقوس العمادة، بالاكتفاء برش الماء على المولود بدلا من تغطيسه كاملا في الماء، وهكذا! ولكن عندما يكون النص منزلا تصبح مثل هذه التعديلات المنطقية، والمتماشية مع التطور البشري، صعبة للغاية، فيحدث عندها الجمود!
ملاحظة: قبض على إرهابي أفغاني، قبل ان يفجر نفسه في سوق غالبية رواده نساء وأطفال. عند تفتيشه وجدوا أنه غطى عضوه التناسلي بمادة التيتانيوم المقاومة للانفجارات! وقال انه قام بذلك ليحفظه سليما، ولا تواجهه مشاكل جنسية جسيمة عندما يلتقي بالحور في الجنة!
ملاحظة:
نعلن تضامننا مع الزميل زيد الزيد، وندين قرار فصله من عمله!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

البطاركة الجدد

يقول القس الجنوب افريقي دزموند توتو: عندما جاء المبشرون إلى أفريقيا حملوا الأناجيل بأيديهم، وكانت الأراضي بأيدينا. ثم علمونا الصلاة، وطلبوا منا أن نؤديها بخشوع، ونحن مغمضو الأعين، وعندما فتحناها، وجدنا الأناجيل بأيدينا، والأراضي بأيديهم!
عندما تتزايد أعداد الدعاة ورجال الدين في أي مجتمع، وتصبح لهم الكلمة الأعلى وحق تصدر المجالس، فإن ذلك دليل على تخلف ذلك المجتمع، وإيذان بنهايته، خاصة أن تلك المكانة ما كان يجب أن تتحقق في مجتمع لا يؤمن أصلا بوجود وسطاء بين الفرد وخالقه! وتصبح المسألة مدعاة أكثر للاستغراب عندما نعرف أن أعداد رجال الدين لم تتزايد بهذا الشكل إلا مع الطفرة النفطية!
من الصعب على اي كان ملاحظة ما لرجل الدين من تأثير رهيب وخطورة في عقول العامة، والناشئة بالذات، من دون متابعة ما يجري على وسائل الاتصال الحديثة، فمن يتابعها يشعر بالهلع لما يرد فيها من غرائب، وما لرجل الدين من سيطرة على عقول «اتباعه»، وهذا دليل ليس فقط على سذاجة المجتمع، بل والمصير المظلم الذي ينتظره! والحقيقة المرة أكثر من العلقم أن اللوم لا يقع على هؤلاء الجهلة، ولا على رجال الدين، بل على معظم الحكومات الخليجية التي أتاحت لهؤلاء الظهور على شاشات قنواتها، وسلمتهم منابر المساجد، وقدمتهم على غيرهم من العلماء الحقيقيين، وصرفت لهم الكثير إما لشراء ولائهم، او لما يقومون به من دور في استمرار ولاء العامة لأوليائهم. والمؤلم حقا أن دور هؤلاء التخريبي لم يقتصر على التدخل في القضايا الاجتماعية والسياسية، وتوجيه العامة للاتجاه السياسي الذي يميلون له، قناعة أو مصلحة، بل وفي سعيهم للي عنق الحقيقة والخروج بتفسيرات سخيفة لقضايا جدلية، بحيث أصبح الأمر بعد التفسير أكثر مدعاة للجدل! ففي مقابلة مع قناة دينية معروفة يبرر رجل الدين السعودي محمد العريفي سبب اشتراط الشرع وجود شهادة رجل وامرأتين على كتابة أي دين، إن لم يكن هناك رجلان، إلى وجود غدة (نسي اسمها)! موجودة في رأس المرأة تمنعها من التذكر. وأن الرجل ليس لديه هذه «الغدة»، فبإمكانه التذكر والكلام، ولكن المرأة لا تستطيع القيام بالعمليتين في وقت واحد، وبالتالي إن نسيت موضوع دين مالي، فإن الأخرى تذكرها! ولا أدري كيف تتذكر الأولى وتنسى الثانية والاثنتان، وفق كلام العريفي اللاعلمي، لديهما الغدة نفسها التي تمنعهما من التذكر!
ولا ادري كذلك كيف استطاعت انديرا غاندي حكم دولة شديدة التعقيد كالهند، وهي بغدتها تلك التي لا تسمح لها بالتذكر والكلام في وقت واحد. أو ما ستقوله أنجيلا ميركل في كلام العريفي، وهي التي نجحت ثلاث مرات في كسب ثقة الشعب الألماني، وهو الشعب الأكبر والأقوى في القارة الأوروبية، على الرغم من عاهتها، أو غدتها اللئيمة التي تمنعها من التذكر والتحدث في وقت واحد؟
لمزيد من الجهل يمكن النقر على الرابط التالي:
http://al-mashhad.com/News/فيديو- العريفي- شهادة- المرأة- نصف- شهادة- الرجل- والسبب-/475973.aspx

أحمد الصراف

احمد الصراف

علامات تجارية

على الرغم من أن غالبية أسماء السيارات تعود الى أسماء أصحابها أو مخترعيها، كفورد وتويوتا وهوندا ورولزرويس، أو اسماء الشركات العملاقة المنتجة لها، كجنرال موتورز وجيب، أو لرموز دينية كمازدا، فإنه يشاع أن اسم «مرسيدس»، الأشهر في عالم السيارات، يعود لاسم ابنة المدير المالي لصاحب الشركة «كارل بنز»! ولكن يقال ان Mercedes تم اختياره، لأنه أحد ألقاب السيدة مريم، وهو «سيدة الرحمة»! ويقال ان كارل بنز كان أول من اخترع سيارة تسير بدفع وقود البنزين عام 1901.
أما العلامة الأشهر في عالم الكمبيوتر، التي تساوي مئات مليارات الدولارات، وهي «أبل» أو التفاحة، فقد كان الاختيار الأخير لـ ستيف جوبز ، بعد تأخره لعدة اشهر في تسجيل علامته التجارية.
أما علامة غوغل (أو جوجل أو كوكل)، فـ{القبس} لا تزال ترفض استخدام الحروف الجديدة التي يمكن بها لفظ Google أو Gulf أو Gary بطريقة سليمة، فقد أطلق عليها مؤسسوها اسما يدل على القدرة القصوى في البحث والتخزين، وبالتالي وقع الاختيار على كلمة Googol، وتعني رقما متبوعا بمائة صفر! ولكن خطأ حصل في كتابة اسم الشركة على أول شيك ورد الشريكين من أحد المساهمين، دفعهما الى اختيار الاسم الذي ورد عليه وهو Google بدلاً من إعادة الشيك لصاحبه لتغييره! وهذا الاسم يساوي اليوم مئات مليارات الدولارات!
أما مؤسسا شركة HP العملاقة، الشريكان الصديقان بيل وديف، فقد احتكما الى عملة معدنية لتقرر نيابة عنهما اسم عائلة من منهما يسبق الآخر في اسم الشركة.
أما اسم شركة أجهزة الكمبيوتر الضخمة الأخرى «إنتل»، فقد كان صاحباها يودان اطلاق اسميهما عليها، ولكن تبين أن الاسم مستخدم لشركة فنادق شهيرة، فقاما باختيار الأحرف الثلاثة الأولى من «الإلكترونيات المتكاملة».
أما «بيل غيت»، الذي أيضا لا تتيح لي طريقة طباعة القبس كتابة اسمه كما يجب أن ينطق، فقد اختار اسم شركة برمجيات الكمبيوتر، «مايكروسوفت»، من بضعة أحرف من كلمتي «مايكروكمبيوتر، وسوفتوير» Micro computer soft ware.
أما سيارات مازدا فقد اختار لها مؤسسو الشركة المنتجة اسم إله الزرادشتيين «أهورا مازدا» ليطلق على أول سيارة تقوم الشركة بإنتاجها! وكانت الشركة أساسا متخصصة في صناعة قطع غيار مدافع حربية.
شركة الصوتيات «سوني» مشتق اسمها من كلمة sonus، وتعني باللاتينية صوت!
أما شركة كمبيوترات «صن» sun، التي أسسها أربعة من خريجي جامعة «ستانفورد»، فقد اشتق اسمها من الحروف الثلاثة الأولى من شبكة جامعة ستانفورد.
وكان المؤلف جوناثان سويفت هو اول من اختلق تسمية ياهو، في قصته الشهيرة «رحلات جوليفر»، وتعني التسمية المخلوق البشع المنظر والتصرف الذي لا يشبه الإنسان، وقد اختار مؤسسو «ياهو» الاسم لشركتهم لاعتقادهم بأن منظرهم «ياهو»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الحموات والنسيان

في محاولة من مجموعة من الزوجات التقارب مع حمواتهن، قمن بتنظيم رحلة تضمهن جميعا الى أحد المنتجعات. وصلت حافلة الزوجات، ولكن حافلة الحموات تأخرت! بعد عدة اتصالات وانتظار «ممل» تبين انها انقلبت، ولقيت جميع راكابتها مصرعهن! وهنا تعالى بكاء الزوجات على حمواتهن، وذرفن ما باستطاعتهن من دموع، وعدن لسابق أحاديثهن. واحدة فقط اتخذت زاوية واستمرت في نحيبها، ثم ارتفع ليصبح ولولة، وهنا اقتربت منها صديقتها وقالت لها: لم اكن أعرف أنك كنت بكل ذلك الوفاق مع حماتك! فتمخضت هذه عاليا وقالت: ومن الذي قال لك انني أبكي على موتها، إنني ابكي لأنها أصيبت بعارض صحي وتخلفت عن اللحاق بالحافلة!
• • •
نظر الرجل العجوز لصديقه الذي يقاربه عمرا وقال له، بعد ان انتهيا وزوجتيهما من تناول العشاء، وانسحابهن للمطبخ: ما هو اسم ذلك المطعم الذي مدحت لي أسعاره وجودة طعامه؟ فرد عليه صديقه الكهل بأنه نسي اسمه! وهنا ألح عليه بتذكر الاسم، فلديه ضيوف يود أخذهم له يوم غد، فأصر الثاني بأنه لا يتذكر، فقال الأول سأساعدك في تذكره، هيا حاول! فقال هذا: ما هو اسم ذلك الشيء الذي تهديه لزوجتك في المناسبات؟ فقال أهديها شوكولاتة، هل اسم المطعم شوكولاتة؟ فقال الثاني: لا لا أقصد ذلك، بل شيء تهديه لها ويكون بعدة ألوان؟ فقال: هل هو بوكيه؟ وهل اسم المطعم بوكيه؟ فرد هذا قائلا: هو قريب من ذلك، ما الذي يحتويه البوكيه؟ فرد الآخر: زهور! هل اسم المطعم زهور؟ فقال الثاني: لا لا شيء قريب منه، ولكن باللغة الإنكليزية! فسأله الأول: هل تقصد روز؟ فرد الثاني مبتهجا، نعم نعم روز! فصاح الأول هل اسم المطعم روز؟ فقال الثاني، لا ولكنه اسم زوجتي، هنا التفت باتجاه المطبخ وصاح: روز، يا روز، ما هو اسم المطعم الذي ذهبنا له ليلة أمس؟
• • •
عاد الزوجان الكهلان من زيارتهما للطبيب الذي أخبرهما أن لا علاج للنسيان الذي أصبحا يشكوان منه، وأن عليهما تسجيل كل شيء لكي لا ينسياه. في المساء، ذهب الزوج للمطبخ لتحضير سندويتشة لنفسه، فطلبت منه زوجته أن يقوم بتحضير سندويتشة جبنة لها مع شرائح الطماطم، وطلبت منه كتابة طلبها، لأنه سينساه. اصر الزوج على قوة ذاكرته، واصرت هي، ولكنه عاند! عاد بعد نصف ساعة وهو يحمل صحنا به بيضتان مقليتان فنظرت له شذرا، وقالت: لقد طلبت منك أن تسجل ولكنك عاندت كالتيس، وها أنت نسيت الكاتشب والملح!

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

احمد الصراف

التنوع في الكتابة

قام قارئ صديق بمراجعة كل ما كتبت خلال الأشهر العشرة الأخيرة، وتبويب كل مقال ضمن جدول تنوعت تقسيماته بين السياسة والمحليات والدين والتسلية والمعلومات العامة، أو نوعين او أكثر منها في مقال واحد. وقد توصل لنتائج وجدتها طريفة ومفيدة، وأن من الممكن مشاركة القراء فيها، وربما استفيد منها، حسبما ذكر، في معرفة نقاط ضعفي، وما أكثرها، واي المواضيع يجب أن أكثر منها، وأيها التي يجب التخفيف منها. وقال في رسالته، التي ارفقها بدراسته، أنها ليست دراسة علمية بمعنى الكلمة ولا شاملة، بل اقتصرت على 10أشهر ولكنها كانت مليئة بالأحداث والتقلبات والتغيرات السياسية والاجتماعية، محليا ودوليا. وقال إن تحليله لم يكن سهلا بسبب تنوع المواضيع التي اكتب بها. واضاف إنه حاول ان يكون حياديا، قدر الإمكان، في حكمه، وشدد على أن عمله فردي ولم يكن مدعوما بفريق، وبالتالي فإن استنتاجاته أو تصنيفاته قد لا تكون دقيقة تماما. وقال إن الملاحظات التي كنت ولا ازال أوردها في نهاية بعض المقالات كانت تسبب له ارباكا، فمواضيعها كانت في الغالب تختلف عن موضوع المقال الأساسي. واضاف أن علي الإكثار من الكتابة للعامة، بدلا من التركيز على الكتابة للخاصة، وان هذا سيزيد من عدد قرائي. وأهم ما ذكره أنه كان يشعر أحيانا بالرتابة والضيق بسبب شعوره بأنني أركز كثيرا على القضايا الدينية! ولكن بحثه بين له أن غالبية مقالاتي لم تكن، كما كان يعتقد، تتعلق بالقضايا الدينية، بل كانت تتعلق بالقضايا المحلية والمواضيع الاجتماعية، وانه يرى أن هذا التنوع في الكتابة يجب أن يستمر.
شكرته كثيرا على ما بذله من جهد، وحاولت الاستفادة مما كتب، فقد كانت تلك نيتي عندما قرأت ملاحظاته القيمة ولكن وجدت نفسي بعد الانتهاء من كتابة أربع مقالات أنني لا اتبع نمطا معينا في الكتابة ولا خطا محددا، فأنا كنت، ولا أزال، مجرد هاو كتابة لا أكثر، وبالتالي أكتب ما يروق لي وما يطرأ على بالي، فلست صاحب رسالة، ولا بمنظر حزبي!

أحمد الصراف