احمد الصراف

هل دقت ساعة الرحيل؟

“>كتب الزميل والنائب نبيل الفضل في «الوطن»: «نحن رغم كرهنا الشديد وتخوّفنا الأشد من كل ما يمتّ لـ«الإخوان المسلمين»، فإننا نعترف بأننا لا نخرج من معروف أحدهم الذي أضرّ بالإخوان أضعاف ما يمكن لنا أو لغيرنا أن يفعل. فقد تميّز هذا الرجل بشخصية مقززة على الساحة المحلية، نفّرت الناس من الإخوان، وأقنعت الأغلبية بكذبهم وافترائهم والبحث عن مصالحهم الشخصية، على حساب الدين والدعوة! فشكراً له على ما أحدث في تنظيماتهم من دمار نيران صديقة».. انتهى.
والحقيقة أننا لو نظرنا إلى ما يتعرّض له الإخوان من حرب ومضايقة في أكثر من دولة عربية، إلا أننا لا نرى أي تحرك ضدهم في الكويت، أكبر معاقلهم المالية على الأرجح، ولعلها الثانية في الأهمية بعد مصر. وربما هناك بوادر «حصار حكومي» باتجاههم، ولكنه حصار مخملي، يتّسم بالخجل. وربما تكون محاولة الحكومة، أو من يمون عليها، السيطرة على مقدّرات واحدة من أكبر معاقلهم المالية، الخطوة الأكثر قوة، إن صحّ ما يُشاع! ومع كل هذا نقول إن تردد الحكومة في اتخاذ موقف من الإخوان، سواء ما تعلق بكونهم العمود الفقري والمالي للمعارضة الداخلية لها، أو فيما يقومون به من تمويل لأنشطة مخالفة في الخارج. كما أن تصرف الكويت حتى الآن مع الإخوان يتناقض تماما مع تصرف الحكومة المصرية تجاه الحركة نفسها، فكيف تقوم السلطة من جهة بصرف مليارات الدولارات لدعم النظام المصري في وجه آلة الإخوان الإرهابية، ولا تقوم بفعل شيء للجم أنشطتهم داخل الكويت؟
وما ذكرناه، من كلام للزميل الفضل، بخصوص ما يتسبب فيه من أصبحوا من زعماء الإخوان الجدد، لحركتهم، كلما فتحوا أفواههم بالحديث، أو أمسكوا بالقلم لمهاجمة خصومهم وتبرير المتناقض من أقوالهم وتصرفاتهم، هو كلام دقيق وصحيح، ولكن لا يمكن التعويل عليه في القضاء على الحركة وأذنابها مرة وللأبد. فلايزال هناك مجال لاتخاذ موقف حازم منهم، ولكنه مجال ضيق، وليس في مصلحة الحكومة! علما بأن القضاء عليهم ليس بالصعب، فمعروف عنهم «حبهم للمال حباً جماً»، ومن هذا المدخل بالذات يمكن تحجيم الحركة والسيطرة على أعضائها، وبالتالي أمورها، من دون جهد كبير، خاصة أن الحركة تفتقر الآن للقيادة التاريخية، ومن يدير أمورها لا وزن لهم في الغالب، تجمعهم مصالحهم أكثر من عقائدهم، وهذه من سمات الحركات السياسية الشديدة المركزية. ولو كنت مكان قيادة الإخوان لقمت بالتخلّص ممن أساؤوا إلى الحركة، وكدّسوا الثروات من انتمائهم لها، من عقود حكومية كبيرة، وكل ذلك برضا الحكومات، ولكن هذه «القيادة» تعلم جيدا أنها إن فعلت ذلك، فلن يبقى على الساحة من يكتب ويصرح!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

سجون الدنيا ونارها

بالرغم مما تدعيه وسائل الإعلام اللبنانية والمصرية والكويتية والتونسية والمغربية وغيرها من ارتفاع سقف الحريات فيها مقارنة بالبقية، وهذا صحيح إلى حد ما، فإن هذه الحرية النسبية لم تجعل تلك الدول أفضل من غيرها في عدد المفكرين البارزين، واعتقد، وقد اكون على خطأ، بأن عدد هؤلاء في السعودية، آخذين في الاعتبار نسبية الأمور وظروف المملكة الثقافية والعلمية، أكبر مما هو معلوم بكثير، فهذا ما يمكن تحسسه، وقد سعدت بمعرفة عدد من هؤلاء، وعلى اتصال مباشر بغيرهم.
وبالتالي ما نراه على الساحة السعودية حاليا، وتحرك بطيء باتجاه الدعوة للانفتاح، بدأ يؤتي أكله. وربما ما ذكره أخيرا داود الشريان، مقدم البرامج الناجح، على قناة mbc، عن «شيوخ الفتنة» يصب في هذا الاتجاه. نقول هذا بالرغم من امتعاضنا من سكوته وغيره الذي طال، على تصرفات «شيوخ الفتنة»، والذي حذرنا من خطرهم على مدى عشرين عاما، وبدأت جهودنا وجهود غيرنا تؤتي أكلها. فقد قام الشريان، وللمرة الأولى من خلال مؤسسة قريبة من السلطة، بتسليط الضوء على الضحايا الذين غرّر بهم رجال دين الفتنة، وجعلوهم وقودا في عدة حروب أهليّة شرسة، وقام في برنامجه بتوجيه اتهام صريح لمجموعة من رجال الدين حددهم بالأسماء، بالتغرير بالشباب السعودي وإرسالهم إلى حروب سخيفة وشرسة، وطالبهم بان يذهبوا بأنفسهم إلى الجنة، وان فعلوا فسيلحقهم! واضاف: إن «المجتمع (السعودي» لازم يحاسبكم، المجتمع لازم يسائلكم، أنتم من غررتم بأولادنا.. وأفلتّم من العقاب في أفغانستان، وأفلتّم في العراق، وفي سوريا المفروض ألا تفلتوا»!
إن هذا التحول في «الفكر الإعلامي» السعودي إشارة مهمة لإيصال رسالة للرأي العام السعودي، والمجموعات التي تقوم بالدور الأكبر في تمويل الحركات الإرهابية، أو هكذا يقال، هذا غير دور مخابرات هذه الدول!
لطالما حذرنا من أحاديث هؤلاء الذين لم نتوقف يوما عن وصفنا لهم بالعلماء، تاركين الألقاب الأكثر تواضعا للعلماء الحقيقيين، على قلتهم في مجتمعاتنا!
نتمنى أن تشمل «ظاهرة الشريان» بقية إعلاميي السعودية، وان تمتد الظاهرة لتشمل الكويت، لنجابه المدعّين بالعلم الذين حققوا الملايين لأنفسهم من خلال إرسال فلذات أكباد عشرات آلاف الأمهات إلى حتفهم، من دون نتيجة تذكر، فمآل كل هؤلاء، وحركاتهم المتشددة، نار الدنيا وغياهب سجونها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

جائزة «خرداد» الجديدة!

“>أعلنت مؤسسة «15 خرداد»، الدينية الإيرانية، قبل عامين عن رفع قيمة جائزتها لمن يقوم بقتل الكاتب البريطاني سلمان رشدي، لتصبح 3.3 ملايين دولار أميركي! وسبق لهذه المؤسسة أن أعلنت عن جائزتها، بعد أن أصدر الخميني في 1989، فتوى بإهدار دم الكاتب. ودعت المؤسسة المسلمين حينها الى قتل رشدي بسبب كتابه «آيات شيطانية». ونقل عن رئيسها قوله: طالما لم تُنفذ فتوى الخميني بهدر دم رشدي، فإن الهجمات ضد الإسلام ستتواصل، ومن المناسب جداً تنفيذ فتوى الإمام بأقرب فرصة! ويذكر أن الفتوى أدت في حينه الى تواري رشدي عن الانظار، وقد تخللت فترة اختفائه سنوات قليلة هادئة، وذلك عندما أعلنت حكومة الرئيس محمد خاتمي عام 1998 عن وقف تنفيذ الفتوى، لكن المرشد، علي خامنئي، جدد تأكيدها عام 2005!
وعلى الرغم من أن الفتوى دفعت رشدي الى العيش في سرية تامة، فإنها جلبت له شهرة لم يكن يحلم بها، إضافة الى توفير حماية مستمرة له، حتى من اللصوص والفضوليين، ووفرت له ثراء كبيرا، مع انتشار واسع لكتبه، الممنوعة في كل الدول الإسلامية، وغير الممنوعة. ولكن ما تبع ذلك من إساءات الى الرسول وبقية الإساءات الأخرى الى الرموز الإسلامية، بينت أن فورات الغضب العارم التي اجتاحت كثيراً من العواصم العربية أثناء وبعد الإساءات الى الرموز الإسلامية، وما تخللها من حرق للسفارات الأجنبية والمصالح التجارية وتحطيم الأملاك العامة في أكثر من عاصمة ومدينة عربية وإسلامية، لم تدم طويلا، ولم تدفع أحداً تقريبا الى تغيير رأيه فينا، وبقينا نحن كما كنا، من دون تقدم ولا تنمية ولا اقتصاد ولا شفافية، بل زاد وضعنا تخلُّفا عما كان عليه قبل 5 سنوات، بعد أن زاد المهجرون بيننا وزادت الأمية بين اطفالنا، واكتشفنا – أو ربما لم نكتشف – أن العقيدة لا يتم الدفاع عنها بالصراخ وحرق الأعلام وقتل الغير، بسبب ومن دون سبب، أو من خلال الإرهاب العشوائي والشامل، بل من خلال السعي الى تحسين مستوى معيشة المؤمنين، ورفع مستواهم الأخلاقي والأدبي والتعليمي، فهكذا تتقدم الشعوب، وليس بالتظاهر والرفس واللكم!
ولو أراد اليوم رئيس مؤسسة خرداد وغيره وضع جائزة اكبر لمن أساء الى الإسلام ورموزه، ونظر الى ما يجري في العراق وسوريا ولبنان وليبيا، لكي لا نعدد الكل، من قتل الأخ أخاه، وتفجير كل مبنى صالح للسكن، وتخريب شامل للطرق والآثار ودور العبادة الإسلامية والمسيحية، وكل معالم التحضر، هذا غير مئات آلاف القتلى وملايين المهجرين، فدم من سيُهدَر؟ وكم ستكون قيمة جائزته؟!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الرد على الإخونجي المفتري

“>كتبنا مقالا قبل أيام شكرنا فيه، ساخرين، السيد «عجيل النشمي»، رئيس رابطة رجال دين دول الخليج، لأنه بفتواه التي طالب فيها بجز عنق الفريق المصري السيسي، الذي تجرأ وانقلب على حكم جماعته من إخوان مصر، كشف حقيقة الفكر الديني وعدم إيمان أتباعه بغير أسلوب «خذوه فغلوه، وفي الحديد صلوه»، من دون سؤال ولا استتابة ولا محاكمة! علما بأن المفتي نفسه، كما أذكر، سبق أن رفض حتى لعن صدام، معللاً ذلك بالقول انه ربما سيموت على دين الإسلام، وبهذا أحرز الحصانة! علما بأن صدام احتل وطنه وعاث فيه فسادا، واغتصابا وقتلا وحرقا للممتلكات! وقد قام أحدهم بالتصدي لما كتبنا، مدافعا عن زميله الإخونجي، واصفا إيانا بالجاهل والتافه، وبأننا من ضيع نفسه (ولا أدري كيف سمحت القبس بنشره، فالحق هنا عليها وليس عليه!). وسقطة الأخ، الذي يصف نفسه، بطريقة غير مباشرة، بالعالم والمهم، الرد على جاهل وتافه، فقد كان حريا به، لو كان مستقيما في تعامله، عدم الرد على «جاهل تافه»، فمن يرد عليه أكثر جهلا وتفاهة منه!
وقد استشهد الأخ في رده بآية قرآنية توجب قتل من يقتل نفسا، ونسي أنه، وحزبه، وكل إخوان الكويت وقفوا مع صدام عندما غزا وطنهم، ولم يصدر عن احد منهم، كائنا من كان، فتوى تجيز جز رأس صدام، الذي تجاوزت جرائمه بحق شعبه وبحقنا وبحق غيرنا اضعاف أضعاف ما ادعى أن الفريق السيسي قام باقترافه!
ولم يتوقف من رد علينا، صاحب السيرة المعروفة مع العقود الحكومية، بل شوه الحقيقة في مقاله عندما ذكر حرفيا: «الشيخ عجيل سُئل عن هذا الذي يفعله (أي السيسي) فأفتى بما نص عليه القران وأكدته السنة النبوية المطهرة بأن من قتل يُقتل..!» والصحيح أن النشمي لم يطلب أحد رأيه، بل تطوع (شاكرا) بنشر فتواه قائلا فيها ان السيسي وأمثاله يجب شرعا العمل على عدم وصوله وتمكنه من السلطة. وما يجري اليوم في مصر من مدافعة ورفض لترشيح السيسي ومن على شاكلته من قادة العسكر وغيرهم، والمطالبة بعودة الشرعية، هو المطلوب الواجب شرعا حتى لا يتمكن من السلطة وتستقر له الأمور، فتعود سلطة العسكر الظالمة إلى حكم مصر. فاذا وصل بأي طريق ولو بالتزوير المعهود أو بغيره ولم توجد القدرة على خلعه فمصيبة نزلت فلا يعان على الظلم وينصح ويغلظ له في القول حسب الظرف، ويصبر عليه حتى تسنح فرصة القدرة على قلعه! وأضاف أن هناك سبعة شروط يجب تحققها في المتغلب الذي يجب الدخول في طاعته ليس منها ما يتحقق للفريق السيسي، الذي اكد النشمي انه يجب بدلا من طاعته ضرب عنقه، كونه ينطبق عليه ما ينطبق على الخوارج الذين يخرجون على حاكم يحكم بشرع الله! انتهت الفتوى وانتهى تعليقنا على ذلك المفتري.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

أجرة وعداد للمرة الثالثة

يقول القارئ جعفر: أخذت تاكسي المطار، وفوجئت بأنه لا مكان لحقيبتي في صندوق السيارة، لوجود فراش نوم السائق بداخله، فوضعت الحقيبة على المقعد بيني وبين زوجتي! وبالرغم من أن الجو كان مغبراً، فإن الأخ رفض تشغيل المكيف! ويقول قارئ آخر: كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة صباحاً عندما أوصلني سائق أجرة المطار إلى بيتي، وهناك طلب مني 20 ديناراً، وعندما رفضت، نزل من سيارته مهدداً، فاضطررت مكرهاً لدفع المبلغ، فقد كان شكله «يخرع». وقال ثالث: في دبي، وجد الشيخ محمد بن راشد حلاً لمشكله المواطنين أصحاب سيارات الأجرة المتهالكة، فقد عوّض كثيرين منهم، ومن رفض تركه يعمل، وقام بتكوين شركة تاكسي زوّدها بسيارات جديدة، وبسائقين يتكلمون الإنكليزية، وبرداء خاص، وزوّد السيارات بعدادات، وجعلها موجودة في كل مكان، فما كان من السيارات القديمة والمتهالكة إلا الانسحاب طوعاً من السوق، لأن لا أحد رغب في استخدامها، لحالتها السيئة. وما لا يعرفه كثيرون عن مهنة سيارة التاكسي في لندن بالذات، ومدنها الكبرى، أنها مهنة مربحة، ولكن الحصول على ترخيص قيادة سيارة أجرة دونه الأهوال. فقد ورد في كتاب ممتع بعنوان Moonwalking with Einstein لجوشوا فوير أن على من يريد الحصول على ترخيص تاكسي لندن قضاء فترة لا تقل عن سنتين في دراسة وحفظ أسماء شوارع المدينة التي يتجاوز عددها 25 ألف سكة وشارع وطريق وجادة وساحة وإسطبل، ومعرفة أين يقع كل منها، هذا غير معرفة مواقع 1400 من المعالم العامة والدوائر الحكومية والمتاحف وغيرها. ويخضع المتقدّمون لامتحان صعب لا تقتصر أسئلته على معرفة موقع الشارع، بل وتحديد أقصر طريق بينه وبين شارع وآخر، وما يقع من معالم مهمة في الطريق بين الشارعين! وبالرغم من طول مدة التحضير للاختبار العملي والشفوي، فإن 30% فقط يجتازون الامتحان سنوياً! ولو طبّق الامتحان نفسه في مدينة الكويت، والتي تبلغ 1% من مساحة لندن، لكانت نسبة النجاح صفراً على الأرجح!
ولكي ندلل على عجز الحكومة عن اتخاذ القرارات، فإننا لن نضرب مثلاً بعجزها عن إنهاء مشاريع صار تكرراها مملاً، بل في عجزها وترددها الواضح في «إلزام» سيارات الأجرة بتركيب عداد! فهل هناك أمر أكثر بساطة من هذا القرار؟ وإن كان مجلس الوزراء، المهيمن على كل شؤون الدولة، عاجزاً عن تطبيق مثل هذا القرار، بكل ما يعنيه من أهمية وسهولة في التطبيق، فما الذي نرجوه منه في الملمات الكبرى؟
لا أدعو هنا إلى حرمان المواطن الكويتي الذي يعمل سائق تاكسي من «الاسترزاق»، ولكن الأمر يتطلب فرض ضوابط تنظم عملهم، وتحمي زبائنهم من جشع البعض منهم، وذلك بوضع لوحات في المطار، بأكثر من لغة، تبين أجرة النقل لأي منطقة في الكويت! فهل هذا صعب أيضاً؟ ننهي مقالنا بما ذكره قارئ رابع من أن «تاكسي لندن»، كان من الممكن أن يكون سيئاً لولا وجود قوانين تطبق، تحمي السائق والراكب!

أحمد الصراف

احمد الصراف

لون العشب على الجانب الآخر

تقول النكتة، او الحكمة، أن معرضا لبيع الأزواج تم افتتاحه في أحد شوارع لندن. وهناك يمكن للمرأة أن «تشتري زوجها»، ولكن عليها قراءة التعليمات على مدخل المتجر بعناية والتقيد بها: أولا: لكل امرأة حق زيارة المعرض مرة واحدة. ثانيا: المحل مكون من 6 طوابق، وثمن «زوج للبيع» يرتفع مع ارتفاع الطوابق. ثالثا: للمتسوقة أن تختار أي زوج من اي طابق، أو أن تختار شيئا آخر، اكثر كلفة، من الطابق التالي، الأعلى والأغلى. رابعا: لا يحق للمتسوقة العودة إلى الطابق الأدنى، بل يحق لها الخروج فقط، خالية الوفاض، أو بما قامت بشرائه!
وهنا ذهبت امرأة إلى معرض بيع الأزواج، وقرأت اللافتة التالية على مدخل الطابق الأول: الأزواج في هذا الطابق لديهم وظيفة ثابتة. ولكنها شعرت بالإغراء لأن تذهب إلى الطابق الثاني. وهناك على الباب قرأت الإعلان التالي: الأزواج في هذا الطابق لديهم وظائف دائمة، ومن محبي الأطفال!
ولكن المرأة قالت لنفسها إن هذا جميل، ولكن بما أن بإمكاني شراء ما أريد، فلم لا أذهب لشراء زوج أفضل. وبالفعل صعدت إلى الطابق الثالث، وهناك قرأت اللافتة على مدخل الطابق والتي دون عليها: الأزواج هنا لديهم وظائف ثابتة، ويحبون الأطفال، وهم شديدو الوسامة.
زاد فضول المرأة أكثر، على الرغم من إعجابها بما قرأت، وقررت الصعود إلى الطابق التالي، وهناك قرأت: الأزواج هنا لديهم وظيفة، ويحبون الأطفال، وشديدو الوسامة، ويحبون المساعدة في أعمال المنزل! وهنا اصيبت المرأة بالدهشة لوجود زوج بهذه المواصفات الخيالية، ولكن بعد تردد لم يطل كثيرا، قررت أن تبحث عن شيء أفضل، والصعود إلى الطابق التالي. وهناك تعجبت كثيرا مما قرأت، فقد فوجئت بما دون على لوحة الطابق الخامس: الأزواج هنا لديهم وظائف ثابتة، ويحبون الأطفال، وشديدو الوسامة، ويحبون المساعدة في أعمال البيت، ولديهم ميول رومانسية قوية!
وهنا قالت المرأة لنفسها: هذا ما كنت ابحث عنه طوال حياتي! ولكن ماذا لو كان هناك شيء أفضل في الطابق التالي. وبعد تردد طال قليلا، صعدت إلى الطابق السادس والأخير، لتجد هناك لوحة إلكترونية مدون عليها، بكلمات مضيئة ومتحركة التالي:
أنت الزائرة رقم 21 مليونا و 625 ألفا و440 لهذا الطابق. لا يوجد أزواج في هذا الطابق، وليس أمامكم غير باب واحد الذي يؤدي إلى خارج المعرض.
والحكمة، أن ليس هناك من هو راض تماما بنصيبه في هذه الدنيا! والأمر هنا، بطبيعة الحال، لا ينطبق أو يقتصر على النساء، بل يشمل الرجال بالدرجة نفسها أيضا. واعتقد أن الكثيرات، أو الكثيرين منا، مروا بتجربة معينة في مطعم جديد وغريب، فإننا غالبا ما نقوم بمقارنة ما في أطباقنا، بما في أطباق غيرنا من طعام، وغالبا ما نقول إن ما طلبه الآخرون، أو حصلوا عليه، أفضل مما طلبنا. وهنا يقول المثل الإنكليزي، او الأميركي البليغ:
The grass is always greener on the other side of the fence.

أحمد الصراف

احمد الصراف

عندما لا نقرأ بعضنا لبعض

“>لا شك في أن نسبة من يتفق من القراء مع آرائي، على قلتهم، أكبر من نسبة المخالفين لآرائي، وسبب ذلك لا يعود لجودة ما أكتب، بل لأن من لا يتفق معي لا يشغل نفسه بقراءة ما أكتب. فقلة تقرأ ما لا يتفق مع أفكارها. ولكن هذا الصد عن معرفة طريقة تفكير الآخر يخلق فجوة وجفوة في المجتمع، وهذا جزء من مشاكلنا. وقد قمت لفترة بمتابعة ما ينشر ويبث على آلة الأحزاب الدينية الإعلامية، وما أكثرها، في محاولة لفهم طريقة تفكيرهم! وكنت في جميع الأحوال أشعر بأنني أقرأ أو استمع لبشر ينتمون لعالم غير الذي ينتمي اليه الآخرون. فبرامجهم وحواراتهم لا تخرج عن قضايا الزواج والطلاق والحلال والحرام، والنكاح والإرث والجهاد والقتال والجنة والنار والعبادات، وكل ما يتعلق بالجنس، والعلاقة بالمرأة، وغيرها من المواضيع التي قتلت بحثا، وهي، في عمومها، لا تختلف عما سبق أن سمعته في مدرسة الصباح الابتدائية، وإن بكثافة أقل، وما أعدت سماعه، وبتركيز أعلى، في الصديق المتوسطة، وما تكرر سماعي له، وإن بتوسع، في كيفان الثانوية، نفس المواضيع ونفس القضايا ونفس المشاكل ونفس الحلول تتكرر من شيخ لآخر ومن رجل دين لملا! وبالتالي نجد أن قضايا البيئة والمجاعة والحروب الأهلية وانتشار الأسلحة والأوبئة والأمراض المعدية ونقص الأدوية، وكيفية توقع الكوارث قبل وقوعها، والاحتباس الحراري، وحرق الغابات، وشح مياه الشفة، وغياب الديموقراطية وكيفية التخلص من الانظمة التسلطية، وحتى من جبال القمامة وغيرها من القضايا المصيرية،
لا تعني شيئا لقنوات هؤلاء وصحفهم، وليست بأهمية كيفية توزيع الإرث وصحة ختان الإناث من عدمه! وبالتالي تكمن مشكلتي، عبر هذه الزاوية، في عجزي عن توصيل أفكاري لمن أريد، فغالبية من يقرأ ما أكتب متفق معي تقريبا، ولكن من أريد الوصول اليه لا يقرأ لي، ولا يريد أن يسمع أن زمن الجهاد بالسيف قد ولى، وقتل الآخر لأنه كافر قد مضى، وأن الجهاد هو في المعمل والحقل والمصنع والمختبر، وهي أماكن لا وجود لها في فكرهم الديني. كما أن هؤلاء لايودون معرفة حقيقة أن من يحثونهم على الجهاد لا يرغبون فيه، ولا يترددون في ارتياد أفضل المشافي إن مرضوا! وان من يطلبونهم بإرسال أبنائهم الى الجهاد يقومون بإلحاق أبنائهم بأفضل الجامعات الغربية، فهناك الحوريات، وليس في ازقة حلب وحواري الفلوجة!
ألم نر العريفي كيف امتطى ظهر جواده على الحدود التركية، مطالبا بقتال نظام الأسد، وما ان ترجل عنه حتى ركب الطائرة إلى لندن؟ وما ينطبق على هذا ينطبق على ابناء كبار الإخوان المسلمين، وأماكن عيش ابناء وأحفاد أمثال القرضاوي. وقد رأيت قصور الكثير من هؤلاء الدعاة في الرياض وجدة والكويت، ولا أعتقد أنهم سيتركون رغد العيش فيها ليذهبوا، أو أبناؤهم، للجهاد في جحور الأنبار او حواري حمص.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

حكوماتنا وتقنية النانو

“>1 – مقياس النانو هو واحد من المليار من المتر الطولي، أي لو قسّمنا المتر إلى ألف قسم لحصلنا على المليمتر، ولو قسّمنا المليمتر إلى ألف جزء لحصلنا على المايكرومتر. ولو قسّمنا المايكرومتر إلى ألف جزء، فسنحصل على النانومتر، وهذا يشبه قيام إنسان بأخذ شعرة من رأسه والنظر إليها وتخيل أنه بإمكانه تقليص قطرها ثمانين ألف مرة، فهذا هو مقياس النانومتر! ولو نظر العالم إلينا، وإلى ما نفعله بأنفسنا من قتل وتشريد وتخريب للممتلكات وتدمير للآثار وسحل للجثث وتقطيع للوطن وتبديد لثرواته، وإعادة طريقة حياته إلى ما كانت عليه قبل مائة عام، وإصرارنا على أن نبقى متخلفين في عالم يموج بالتقدم والحركة إلى الأمام، لعلم أن معرفة حجم عقولنا تتطلب استخدام تقنية النانو.
2 – تقاعد الفريق غازي العمر من الحياة العسكرية، وكانت آخر مناصبه وكيلاً للداخلية. لم نثن على مناقب الرجل المهنية، وخصاله الطيبة عندما كان على رأس عمله، لكي لا نتهم بمحاباته لغرض ما، ولكن اليوم يستحق منا كلمة شكر، فقد كان مثال العسكري النظيف اليد، الكريم الخلق، ولم تشب سيرته العسكرية الطويلة شائبة واحدة. تحية لأمثاله من رجال ونساء، الذين أصبح وجودهم نادراً، وسيتطلب الأمر قريباً جداً استخدام تقنية النانو من خلال منظار مكبر، أو «دربيل»، مطور للبحث عنهم واكتشافهم وتحديد مواقعهم.
3 – توصل علماء روس إلى اختراع مواد تفوق متانة الفولاذ مرتين في الوقت الذي تقل عن وزنه أربع مرات، وذلك باستخدام تقنية النانو. وتمكن باحثون في جامعة كورية في سيئول العاصمة من إدخال نانو الفضة للمضادات الحيوية. ومن المعروف أن الفضة قادرة على قتل نحو 650 جرثومة دون أن تؤذي الجسم البشري. ولكن عندنا يكفي وجود نائب «طائفي، أو قبلي» سيئ في مجلس الأمة، للقضاء على وطنية 650 «مواطناً» في وقت واحد، وتخريبهم في لحظات، من خلال ما يقوم به من تأجيج طائفي وقبلي، أو لما يبذله من وعود مالية يسيل لها لعاب المؤمنين بالدولة المؤقتة.
4 – كما ورد في مجلة الايكونوميست البريطانية، ان مختبرات الأبحاث بصدد صنع مادة جديدة مصنوعة من نانو جزيئات تدعى Quasam تضاف إلى البلاستيك والسيراميك والمعادن فتجعلها قوية كالفولاذ خفيفة كالعظام وستكون لها استعمالات كثيرة، خصوصاً في صناعة هياكل الطائرات وأجنحتها، فهي مضادة للجليد ومقاومة للحرارة حتى 900 درجة مئوية. ونقترح أن تقوم معظم حكومات الدول العربية بجلب هذه المادة ودهن سياسيها بها لكي تصبح لديهم مناعة ضد سيل الاتهامات، الصحيحة والملفقة، والاستجوابات، والأهم من ذلك الانتقادات والانقلابات!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

شكراً عجيل النشمي

“>أفتى السيد عجيل النشمي، وهو عميد شريعة سابق، ويعمل رئيساً لرابطة علماء دين دول الخليج، بـ«ضرب عنق» الفريق عبدالفتاح السيسي وزير دفاع مصر، لكونه طاغية! وسبب المطالبة يكمن في انتماء العجيل إلى فكر الإخوان المسلمين في الكويت، التابع للتنظيم العالمي، والحرقة على خسارة الإخوان لـ«عرش مصر»، الذي أضاعوه، كما أضاع حكام جهلة آخرون كراسيهم. ولكن هذا لا يعنينا، على الرغم من تأييدنا الكامل لما قام به السيسي، الذي أنقذ مصر وغيرها من شر الإخوان، أخطر حركة سياسية دينية في التاريخ الحديث. فما نود الكتابة عنه هنا يتعلق بطبيعة فتوى السيد العجيل – إن ثبتت صحتها – كدأب من سبقه من أصحاب الفكر الآحادي الكافر بحرية الرأي وبأبسط قواعد العدالة. فهو، من منطلق «علمه» لم يجد طريقة للاقتصاص ممن أوقع بجماعته الخسارة غير المطالبة بقطع رأسه! ونراه هنا يفضل استخدام السيف، بدلاً من الرصاصة أو الشنق! ويؤيد قطع الرأس، طريقة للقصاص، بدلاً من الطعن في الصدر، هكذا دون تفكير ولا مقدمات ولا حتى من خلال محاكمة شكلية! وبهذه الفتوى وغيرها يتبين مدى ظلامية وتخلف الفكر الذي لا علاقة له بالعصر ولا بمجرياته وأدواته! فمثلاً، أدولف هتلر، الذي تسبب في قتل أكثر من 60 مليون من البشر على مدى سنوات، في حرب عبثية طحنت العالم أجمع، لو تم القبض عليه حياً، للقي منه معاملة أفضل مما لقي السيسي من النشمي! على الرغم من الفارق الهائل بين ما أقدم عليه الأخير بنظر النشمي، وجرائم الأول، بنظر العالم أجمع! فحتماً لم يكن أحد سيطالب بجز رأس هتلر بالسيف، لجرائمه المخيفة في حق البشرية، بل لطالب العالم بتقديمه إلى المحاكمة لمعرفة دوافعه ومن وقف وراءه وتعاون معه، وطبيعة تفكيره، وسبب شنّه الحرب على غيره، وسبب كراهيته للأجناس البشرية، عدا الآريين. وهذا ما حصل بالفعل مع أكبر معاونيه الذين ألقي القبض عليهم، أثناء وبعد الحرب، والذين وفر لهم الحلفاء أقصى درجات الحماية القضائية. ومن هنا نجد صعوبة اقتناع معظم أتباع الفكر الديني، من إخوان وسلف، بحقيقة مضامين الحرية والعدالة في العصر الحديث، فهؤلاء ما زالوا يعيشون في القرون الوسطى، أو ما قبلها، ففكرهم الديني خلا تماماً من أدبيات المحاكمة والمقاضاة والشهود والأدلة، بل كان للحاكم، أو من يمثله من ولاة وقضاة، السلطة الكاملة لتوقيع حد القتل أو الجلد بأي كان ولأتفه الأسباب، طالما كان مقتنعاً بذلك، وهذا ما سيحدث لنا جميعاً إن وصل هؤلاء إلى الحكم، وما يحدث الآن في «الجزر الإسلامية المحررة» من العراق وأفغانستان وسوريا خير دليل!
الأمر الغريب الآخر ما كشفه الخلاف المستعر بين قوى السلف، التي تؤيد السيسي، وقوى الإخوان، التي تعارضه، والتي بيّنت أن الأمر يتعلق بمصالح الطرفين الدنيوية! فلو قام السيسي اليوم بالإفراج عن الإخوان وأعادهم إلى الحكم، ووضع السلف مكانهم، لتغيرت «قناعات» الطرفين بنسبة %100! وبالتالي، فإن اختلاف الطرفين لا يعني أن أحدهما على حق، بل على أن الطرفين على خطأ.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

لا تكن خاضعاً

“>”>بالرغم من أن العبودية، بمعناها الديني، قد اختفت من حياتنا، فإنها تمارس بطريقة أو بأخرى في الدول الفقيرة أو التي طحنتها أو ما زالت تطحنها حروب عرقية! ولكننا كأفراد نمارس جميعاً نوعاً أو آخر من العبودية مع أنفسنا، وذلك عندما ندخل الرتابة الصارمة على حياتنا، أو ندمن على فعل أمور سيئة أو حتى جيدة. فالإدمان على التدخين، أو تعاطي المخدّرات، هو نوع من الخضوع لطبع أو عادة وهي عبودية، كالشراهة في الأكل. وهناك، أيضاً، عادات نصف سيئة كالجلوس ساعات أمام التلفزيون، أو قضاء ما يماثل ذلك في اللعب على الإنترنت، ومشاهدة التافه من البرامج. وبالتالي، من الحصافة التخلص من العبودية لأي عادة كانت.
ولكن ماذا عن العادات الجيدة؟ هنا الأمر يختلف في درجة العبودية، فالإدمان على عادة جيدة قد تكون له مضاره، أو جوانبه السيئة. فالتعود على الخلود إلى النوم في ساعة مبكرة، هو بسوء التعود على السهر نفسه، فكلاهما نوع من العبودية التي يجب أن نتدرب على التخلص منها! فقد تضطرنا ظروف الحياة إلى أن نسهر، ولكن عبوديتنا للنوم المبكر تمنعنا من ذلك، أو العكس! وهناك من لا يستطيع النوم دون سماع صوت راديو أو تلفزيون! وآخرون لا يستطيعون النوم إلا في غرف هادئة! ولكن ما الذي سيفعلونه لو تغيرت الظروف؟ هنا سيعانون كثيراً قبل التعود على الوضع الجديد. كما أن هناك عبيداً للقهوة، من الذين ليس بإمكانهم التحدث مع أحد أو القيام بشيء صباحاً قبل تناول رشفة منها، وغالباً مع سيجارة.
وقد درّبت نفسي، على مدى السنوات القليلة الماضية، على التخلص، ما استطعت، من عبوديتي لأي عادة سيئة كانت أو جيدة. فقد اعتدت مثلاً منذ صباي على القراءة قبل النوم. وكانت فكرة الذهاب في «رحلة» إلى الصحراء، بالرغم من جاذبيتها، تقلقني كثيراً، لأن معناها أنني سأحرم من النوم السهل بسبب صعوبة القراءة في خيمة غير مجهزة لمطالعة كتاب. وقد بقيت هذه العبودية معي طويلاً إلى أن وجدت نفسي يوماً في غرفة فندق في لندن، وفي يوم أحد، والوقت متأخر، وتبين لي أنني نسيت أن أحضر معي كتاباً، كما هي العادة، ولم أجد شيئاً يساعدني على الخلود إلى النوم غير استعراض أسماء سكان لندن من خلال دليل الهاتف بصفحاته الألف!
ما ينطبق على الاعتياد على القراءة قبل النوم ينطبق على عادة النوم في غرف معتمة، أو مضاءة، هادئة أو صاخبة. وعليه من الأفضل أن نكسر أو نغير روتين حياتنا، بقيام المدمن على قهوة الصباح، مع قراءة هذا المقال، بتخصيص يومين أسبوعياً مثلاً دون قهوة ولا مقال لنا، أو لغيرنا. وهكذا مع عادة الخروج من البيت في ساعة أو دقيقة محددة، أو ضرورة ممارسة الرياضة كل يوم، أو تحديد وقت لا يتغير لتناول وجبات الطعام، وغير ذلك، فهذه كلها تجعلنا عبيداً لعادات، بصرف النظر عن طبيعتها، ومن الأفضل الاحتفاظ بالجيد منها، ولكن بعدم الإذعان لها، لتصبح الحياة أكثر تنوعاً، وأقل رتابة ومللاً!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com