احمد الصراف

نهاية مرحلة القرضاوي

أعترف بانني قضيت أوقاتا طويلة، ومملة غالبا، في محاولة معرفة فكر الداعية يوسف القرضاوي، وتطلب ذلك مراجعة بعض كتبه، ومشاهدة بعض مقابلاته الصحفية والتلفزيونية، وسماع ردوده على الاسئلة، وتتبع المضجر من محاضراته، وقد وجدته شخصا تقليديا جدا في فهمه وتواصله، ويفتقد القدرة على الاسترسال بطريقة منطقية، ربما بسبب كبر سنه، حتى مخارج الألفاظ لديه ترهق من يحاول تتبع ما يقول. وقد عجبت، لوهلة، للكيفية التي استطاع فيها بلوغ «مكانته»، ونجاحه في خلق تلك الهالة شبه «المقدسة» حول نفسه، ولكني تذكرت القول المحلي «قالوا والنعم بفلان، قلنا من ردى ربعه»! فالقرضاوي الذي يعتبر الأب الروحي لتنظيم الإخوان المسلمين، ورئيسا «لعلماء» المسلمين، وغير ذلك من مناصب، لم يكن ليصل إلى تلك المكانة، حسب اعتقادي، لولا وقوف الآلة الإعلامية للإخوان وأموالهم وراءه. ولا ننسى دور أجهزة إعلام قطر وترويجها لأفكاره. كما أن انبهار البعض بشخصه ربما يعود للمؤلفات العديدة التي وضعها خلال مسيرته الدعوية، والتي كانت سياسية اكثر منها دينية، وكانت في غالبيتها كلاما مكررا أو اجتهادا فيما لا اجتهاد فيه، فكيف نقر بكمال الدين، ثم يسمح لكل من هب ودب، أو من لم يهب ولم يدب للزيادة فيه، وتأويل ما يشاء وتفسير ما يشتهي؟ كما أن مؤلفاته في غالبيتها مملة وتخوض فيما لا يلزم، ولا تختلف في خطها العام عن الفكر العام للإخوان الذين غطوا ضحالتهم الفكرية بإعلامهم القوي وأموالهم الطائلة التي جمعوها في غفلة من الزمن من السذج، ومن طالبي الأجر والثواب، وهي الثروات التي سخرت في النهاية لراحتهم الشخصية وتطلعاتهم السياسية، وأفضل مثال على ذلك تجربة وصولهم إلى الحكم في مصر، واصرار قيادتهم على «تنصيب» مرسي رئيسا، وهذا كشف سذاجتهم السياسية! وبالتالي نعتقد بأن مرحلة القرضاوي -الذي طالبت مصر قطر بتسليمه لها، لأنه مطلوب للعدالة فيها- قد قربت، وسينكشف سريعا.
ملاحظة: كلما شاهدت مقطعا للأحاديث والقصص التي كان يلقيها بعض رجال الدين المصريين، في حقبة حكم الإخوان القصيرة لمصر، من أمثال محمد حسان، وابو إسلام، والحويني، وغيرهم، شعرت بالفزع لذلك الخطر الرهيب الذي كانت ستتعرض له عقلية 80 مليون مصري، لو استمر حكم أولئك الجهلة أكثر من ذلك.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

لماذا لم يكرّم أبو عدنان؟

لا أعتقد أن ممثلا خليجيا، أو عربيا، أضحكني، وأغرقني بدموع الفرح، مرات ومرات على مدى نصف قرن من دون توقف، كما فعل الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا. ولا أعتقد أنني حالة استثنائية. فقد ذاع صيت هذا الفنان وأصبح ملازما لاسم الكويت. ولا أنسى صديقي جاك ماكسيان، المليونير الأرمني السوري، الذي يعيش منذ سنوات طويلة في هونغ كونغ، وإلحاحه، كلما قررت زيارته، على أن أجلب له آخر أعمال عبدالحسين، فقد عاش جاك في الكويت، ولا يزال يحن اليها، ولحلوياتها، وخاصة الرهش ومسرحيات عبدالحسين بالذات. ولا أذكر أنني سافرت لدولة والتقيت بمن عرف الكويت أو سمع بها، من لم يستمتع يوما بأعمال هذا الفنان الكبير الذي أمتع أجيالا واجيالا بفنه الرفيع، وبقدرته الفائقة على ارتجال المواقف على المسرح. وبالرغم من كل ما تعرض له من ضغوط وإرهاب وسوء تقدير، بقي عبدالحسين وفيا لفنه، فقد أُرهب فكريا وحورب ماديا، وهددوا حياته وخربوا ممتلكاته، في أكثر من حادثة شهيرة، ولكنه رفض تغيير نهجه وطريقته، لا تزال مسرحياته ومسلسلاته الأشهر في الخليج مثل: درب الزلق، وباي باي لندن، وعزوبي السالمية، وسيف العرب، وفرسان المناخ، وعلى هامان يا فرعون، وعشرات الأعمال الفنية الأخرى، لا تزال رائجة بالرغم من مرور عشرات السنين عليها. كما قام بكتابة عدد من المسلسلات ولحن وألف وغنى للمسرح والتلفزيون. ولكن المؤسف، بعد كل هذه السيرة الطيبة والطويلة التي بدأت، كما أذكر منذ منتصف الستينات، والتي أعطى فيها الكثير، بعمره المديد الذي بلغ الـ75، بقي من دون تكريم حقيقي في وطنه، وبالذات من أولئك الذين طالما «قطع خواصرهم» ضحكا، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ وكيف ينسى الوطن تكريم شخص مثله؟ وهل علينا أن ننتظر إلى أن يفوت الأوان لنكرمه بعدها بإطلاق اسمه على سكة سد؟.

أحمد الصراف

احمد الصراف

مشتهي شهوة.. مرة بس

مشكلة الكويت تكمن في أن كل أمورها منوطة بالحكومة المصغرة! وهذه إما عاجزة، وإما لا وقت لديها لبت كل شيء!
بعد مليارات السنين من وجود شمس الكويت، اكتشفت جهة حكومية أنه يمكن الاستعانة بها لسد حاجة المدارس من الطاقة! وهذا أمر جميل، ولكنه سيموت حتماً في مرحلة تالية، بالرغم من أنه ليس هناك من طريقة أرخص وأفضل من خفض الاستهلاك الكبير من الكهرباء بغير تركيب خلايا كهروضوئية لإنتاج طاقة متجددة ونظيفة. وأعلن معهد الأبحاث، بعد سبات، عن مشروع الشقايا للطاقة المتجددة، وقال مديره إنه صمم ليكون «أول محطة في العالم» تضخ تقنيات تتيح الحصول على أقصى كفاءة ممكنة من إنتاج الكهرباء لكل متر، وأن المشروع سيزود 150 ألف منزل بالكهرباء على مدار العام (!) وهذا إن حصل، فإنني سأربي شواربي.
وزاد تصريح مدير المعهد الطين بللاً بقوله إن هذا المشروع سيوفر 12 مليون برميل نفط سنوياً و10 آلاف فرصة عمل أثناء تنفيذه، و2200 فرصة عمل أثناء التشغيل والصيانة، وأنه سيحد من انبعاث 5 ملايين طن سنوياً من غاز ثاني أوكسيد الكربون. طبعاً، نحن لا نزال في مرحلة تزويد مدرسة واحدة بـ%80 من حاجتها من الطاقة.
وبهذه المناسبة، افتتحت في أميركا أكبر محطّة في العالم لإنتاج الطاقة الكهربائية من الشّمس بكلفة أكثر من مليارين. وتعتمد المحطة في عملها على أكثر من 300 ألف مرآة توجه آلياً بواسطة الكومبيوتر. وتقوم المحطة بتسخين المياه وتوجيهها لتشغيل مولدات الكهرباء التي ستكفي لتزويد 140 ألف منزل بالكهرباء، يعني أقل بـ10 آلاف منزل مقارنة بمشروع مدير المعهد لدينا! فهل هذا خيال؟
وفي دبي، أسوة بما سبق أن اتبع في أبوظبي، سيقام مركز أمني وجمركي يمكن للمسافر للولايات المتحدة من خلاله إنهاء جميع إجراءات الأمن والجمارك الأميركية، وتوفير وقت وجهد كبيرين، وسيكون لهذا الإجراء رد فعل إيجابي على سمعة الإمارات وشركات طيرانها. وفي الكويت بدأت الخطوط الكويتية بتسلم عينات من كراسي الطائرات التي «تزمع» شراءها!
«مشتهي» حقاً أن نكون مميزين في شيء واحد فقط، مجرد شهوة!

أحمد الصراف

احمد الصراف

خراب البوسنة ليس البصرة

“>يقول المثل الصيني، أو العالمي، لا تطعمني سمكة، بل علمني كيف أصطادها!
مرت ثلاثة عقود أو أكثر على بدء الجمعيات، المسماة بالخيرية، وبالذات السعودية والكويتية، بنقل أنشطتها «الخيرية» إلى الخارج. وتزامن هذا النقل مع زيادة أموال شراء الأجر، وتنامي عدد هذه الجمعيات التي نمت كالفطر البري. وقد اختار غالبية مجالس إداراتها العمل الدعوي والخيري في الخارج بحجة قلة من هم بحاجة لمساعداتها داخليا، ووجود حاجة أكبر في الخارج، وبالذات في الدول الإسلامية الفقيرة. ولكن، كما هو معروف، فإن ضعف الرقابة على هذه الأنشطة، أو انعدامها، شجع نفوسا مريضة كثيرة على التلاعب بأموال تلك الجمعيات وتحقيق الملايين لأنفسهم، وسبق أن فضحنا الكثيرين منهم على مدى عشرين عاما. وبالتالي يمكن القول ان السبب الأهم وراء نقل الأنشطة للخارج هو صعوبة المتابعة والتحقق مما تدعي معظم تلك الجمعيات إنجازه، فلا مجال لمعرفة كم بئرا حفرت او كتابا طبعت أو مسجدا بنت! علما بأن غالبية هذه الأنشطة لا معنى ولا مردود حقيقيا فعالا لها على من قدمت لهم، فالمسألة لا تتعلق بحفر بئر، بل بتعليمه بكيفية حفرها وتوزيع مياهها، وتشغيل الآخرين بمشاريعها، ولكن الجماعة لم يهتموا يوما لا ببناء المصانع ولا بتوفير الوظائف والأعمال لملايين العاطلين عن العمل! وبالتالي فإن ما نراه اليوم من اضطراب امني وهيجان شعبي في البوسنة مثلا، هذا غير بقية بؤر الاضطراب الإسلامية الأخرى، سببه فشل هذه الجمعيات المسماة بالخيرية، وضياع ما انفقته وحكوماتها من مئات الملايين في خلق فرص عمل حقيقية، فقد ضاع ما لم يسرق من تلك الأموال!
وبعد وقوع الاضطرابات الأمنية الأخيرة في مدن البوسنة، والتي من المنتظر أن تتسع وتشتعل أكثر، قام دبلوماسي كويتي، سابق، بالاتصال بي ليخبرني أنه قام اثناء عمله بإرسال عشرات التقارير لحكومته يحذرها من زيادة وتيرة قدوم بعض «رجال الجمعيات الدينية» المؤدلجين لدول البلقان، وخطورة أنشطتهم الدعوية، وصرفهم أموالا طائلة على الدعوة لأفكارهم الدينية، بدل مساعدة المسلمين وبناء المشاريع لهم. وقال انه اكتشف أن غالبية من قدم لتلك المنطقة من الخليجيين، كانوا غير مخلصين في عملهم، واستثمر البعض أموال جمعياتهم لمصالحهم الخاصة، ومنها مشروع إسكاني تعرض مؤخرا لانزلاقات ارضية خطيرة. وقال ان تبرعات بناء دور العبادة لن تجدي نفعا، فهي هدر للأموال هناك، ولا تصب في مصلحة غير من قام ببنائها، وان من الأجدى التركيز على المشاريع الصغيرة وخلق فرص عمل لأبناء المسلمين!
ولكن، كالعادة، لا حياة لمن تنادي، فلا الجمعيات تود سماع مثل هذا الكلام المنطقي والتحذير الخطير، ولا الخارجية بقادرة على فرض آرائها على الجمعيات، وبالتالي ستتعرض تلك المنطقة لأخطار جديدة، وستعود الأوضاع فيها لنقطة الصفر، لتبدأ مرحلة نصب واحتيال أخرى.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

شفافية الحرس

“>”>ورد في الصحف قبل ايام خبر نتمنى أن يتكرر ما يماثله مع الجهات المدنية والعسكرية الأخرى. فقد أعلن الحرس الوطني عن إنشاء لجنة تهدف لتعزيز قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة والعدالة، في الحرس الوطني، وتكريس الإدارة النزيهة ومكافحة الفساد. وأن اللجنة ستعمل على حماية (أو بالأحرى منع) منتسبي الحرس من استغلال المنصب، أو تحقيق منافع شخصية لأنفسهم، ومنع الوساطة والمحسوبية، وأن هذا القرار جاء تتويجا لحصول الحرس الوطني على جائزة الشفافية لعام 2013، ويتماشى مع الرغبة في مواصلة مسيرة الإصلاح المنشودة في الحرس. وأن اللجنة سيرأسها، بموجب القرار، وكيل الحرس الوطني الفريق ناصر الدعي، وعضوية ضباط كبار آخرين. وحدد القرار اختصاصات اللجنة، وصلاحياتها ومن بينها فسخ أي عقد أو ارتباط يكون الحرس طرفا فيه، إذا تبين أن هذا العقد أو الارتباط قد أبرم بمخالفة للأنظمة والقرارات المعمول بها في الحرس. كما تختص اللجنة بالمراجعة الدورية لمؤشر مدركات الإصلاح وتطويرها والإشراف على تنفيذها، وتلقي التقارير والشكاوى والمعلومات بخصوص حالات الفساد المقدمة إليها ودراستها، واستطلاع رأي منتسبي الحرس الوطني وآراء المراجعين له بشأن مؤشر مدركات الإصلاح، كما حدد القرار التزامات اللجنة وضوابط الاستدعاء والإبلاغ وجمع المعلومات.
كل هذا كلام إنشائي، في غالبه، ولكن نتمنى أن نكون مخطئين في وصفنا، ونتمنى كذلك أن تقتدي الجهات الحكومية الأخرى بهذه الخطوة، ولا شيء يمنعها طبعا من الحصول على شهادة الشفافية، لنصبح، ولو قليلا، قريبين من الدول الإسكندنافية، والعبرة هنا ليست بالكلام، بل بالتنفيذ. فمن السهل تشكيل لجان وتحديد مهامها ووضع الضوابط لها وإعطاؤها الصلاحيات، ولكن ما يأتي بعد ذلك هو المهم!
لقد قمت شخصيا بدوري، كمواطن، بالاتصال مرتين بالحرس الوطني، وكتبت مقالا في الموضوع نفسه، للفت نظرهم لحقيقة أن من الصعب أن نطلب من المنتسب للحرس أن يكون منضبطا في عمله، دع عنك شفافا، طالما أنه يجبر يوميا على مخالفة القانون، باضطراره للوقوف في الأماكن الخطأ، أمام غالبية منشآت ومكاتب الحرس، وإغلاق فتحات المواقف والممرات وتخريب الأرصفة، والوقوف حتى في منتصف الشارع، من دون مبالغة! ويحدث ذلك يوما بعد يوم بحيث أصبحت المخالفة أمرا مقبولا. وبالتالي على مسؤولي هذه اللجنة الاهتمام أولا بالمخالفات الصغيرة، ومحاولة حلها، قبل الاهتمام بما هو أخطر، فمرتكبو المخالفات الصغيرة اليوم هم مجرمو المستقبل، هكذا يقول علم النفس وتقول سجلات وزارة الداخلية وتجاربها، وفهمكم كاف.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

كويتي وما أشتغل

“>خدعت أخبار استعدادات الكويت للاحتفال بأعياد فبراير زوجتي، فقررت أن يشاركنا ابن أختها، المهندس في قطر، الفرحة في شهر التحرير والتسوّق. وهنا تقدّمت، بكل براءة، بطلب لإدارة هجرة حولي للموافقة على طلب الزيارة العائلية، فطلبوا مني طباعة نماذج وتقديم مستندات، ودفع ما علي من مخالفات، إن وجدت! وفي اليوم الثاني، وبعد «التدقيق»، طلبوا مني تقديم صورة عن وثيقة زواجي، مع صورة عن بطاقة الزوجة المدنية، هذا غير صورة بطاقتي المدنية. كما طلبوا صورة شهادة الهندسة الخاصة بالقريب المطلوب زيارته، وصورة صفحة الجواز التي تحمل ختم الإقامة في قطر. ثم طلبوا شهادة ميلاد القريب، للتأكد من أنه ابن أخت الزوجة، وليس مهندساً مشرداً في قطر، لا صلة لنا به!
وهكذا، قمنا بإجراء الاتصالات، بعد جهد، وروح وتعال وشد وجذب وكر وفر وإقبال وإدبار وإرخاء، حصلنا على توقيع رئيس القسم وبعده نائب المدير، وأختامهما، ولكن الموظفة «الكويتية» المصونة رفضت الطلب، لأن شهادة الميلاد لم يرد بها اسم الشخص المطلوب دعوته، فبينا لها أنها مؤقتة، كما هو مدون عليها، وتعطى للوالدين اللذين لم يختارا، عند إصدارها، اسم المولود، وان اسم الوالدة والوالد وتاريخ ميلاد الطفل مطابقان تماما لما ورد في جواز السفر، وأن القريب يحمل شهادة هندسة ولديه إقامة صالحة في قطر، ولكن الموظفة أصرت على رأيها! قمت هنا بتمزيق أوراق الطلب أمامها ورميها في سلة الزبالة، وقلت لها بكل هدوء: «الشرهة مو عليك، ولكن علي أنا الذي قبلت أن أضع نفسي في هذا الموقف، وأضيع ثلاثة أيام في مراجعات عقيمة»!
عدت لمكتبي، وأخبرت صديقا، يعمل في أحد الفنادق، بالقضية فطلب مني إرسال خمسين دينارا، رسم غرفة في فندق، وصورة الجواز، وبعد 6 ساعات كانت فيزا الزيارة على مكتبي! وعلمت بعدها من ضابط كبير بأن المقيم في دولة خليجية ويحمل شهادة عالية، لا يحتاج إلى فيزا أصلا، فهو معفى منها! وهنا تذكرت، وأنا أسترجع كل ما عانيته خلال الأيام الماضية من الإرهاق على باب رئيس القسم، وبعدها مساعد المدير، ومراجعة هنا وشرح هناك وطباعة مستندات وتصوير جوازات، والقيام بعشرات الاتصالات الخارجية، والوقوف في طابور، تذكرت أغنية أو شعار «كويتي وأفتخر»، وبدأت بالتساؤل عما يستحق أن نفتخر به ونحن بمثل هذه الخيبة، التي لم نكن عليها قبل سنوات قليلة، ولماذا كويتي وأفتخر وإنتاجية الموظف بهذا التدني؟ وهل نفتخر بتزايد وتيرة السرقات، التي أصبحت خبرا يوميا، أم بقدرتنا على تعطيل مصالح المواطنين، أم بكل هذا الإهمال الإداري والفساد الحكومي؟

ملاحظة: تتبع الكثير من الديموقراطيات العريقة أسلوب الاستفتاء لتقرير مصير أي قرار يمس الأمة أجمعها، ولا تكتفي برأي نواب الشعب. وبالتالي لماذا لا تلجأ الحكومة والمجلس إلى طرح موضوع الاتفاقية على الاستفتاء العام للتصويت عليها بنعم أو لا؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

البنا والبناء

أنا الآن في مصر، وسعيد حقا أن أكون هنا.
عرفت مصر لأول مرة قبل نصف قرن تقريبا، ومن يومها وأحوالها في ترد، مع طفرات تحسن بسيطة هنا وهناك، ثم يتبعه انحدار، ووصل القهر والتخلف مداهما، ونتيجة لسنوات طويلة من الدكتاتورية، تمكن الإخوان من الوصول الى الحكم، وتنصيبهم محمد مرسي العياط رئيسا للجمهورية، ليستمر مشوار السخرية والتجهيل، ولكن وصوله كان أيضا هدية القدر لمصر! فمصر، التي أعطى حسن البنا العالم من خلالها آفة الإخوان، كان لا بد، بحكم الواقع، أن تنتهي اسطورتهم فيها على يد «بناء» آخر. وكانت بداية الزوال تعيين محمد العياط رئيسا، ولو كان أحد غيره، اكثر حنكة ودهاء، لربما اختلفت الحال، ولكن ماذا تتوقع أن تكون خيارات أصحاب الفكر المتخلف؟ ويكفي أن ننظر للفاسدين من أغلب مؤيديهم، من اصحاب المقالات والحناجر وضاربي الطناجر، لنعرف مدى بؤس حكم الإخوان، ذلك الحكم الذي تطلب خروج ملايين المصريين إلى الشارع، في أكبر تظاهرة عرفها العالم، للتخلص منهم، ربما إلى الأبد.
ولكن لماذا كل هذا العداء للإخوان؟
الجواب بسيط، لأنهم سرطان، والسرطان يجب أن يزال، فوصولهم الى الحكم يعني بقاءهم فيه إلى الأبد، وهذا ما كانوا يخططون له، وهذا ما كان متوقعا من حزب يؤمن بأنه الخليفة في الأرض، وزعامتهم هي الناطقة باسم الله والمفسرة لكلامه، والممثلة لإرادته، وبالتالي كان من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، مقارعتهم الحجة بالحجة، ومنافستهم ديموقراطيا، أو الدخول معهم في نقاش، وهم الذين يصفون كل من لا يتفق مع منطقهم، الديني أو السياسي، بالكافر والضال! وبالتالي كان من الطبيعي أن يفزع الإنسان السوي من مدعي احتكار الصلة بالله، ومعرفة ما يريد، وما يقبل به ولا يرضى عنه! فإن قالوا لا للكنائس في مصر، فمن الذي سيقول لهم «لا»؟ وإن طالبوا المسيحيين بدفع الجزية، المختلف اصلا على مقدارها، فمن الذي سيوقفهم؟ وإن قالوا إن الحجاب أو النقاب من الدين، ولا تخرج امرأة بغيره، فمن الذي سيعارضهم؟ وإن ألغوا النظام الديموقراطي واستبدلوه بالشورى فمن الذي سيقول إن ذلك ليس من الدين في شيء، وهم الذين يفسرون نصوصه؟ وما ينطبق على الإخوان ينطبق على أي نظام ديني سواء كان في إيران أو أفغانستان طالبان!
نعم، لو لم يكن العياط في الحكم لما تحرك «البناء» ليزيل حكم البنا، ويقوم بذلك باسم الشعب الذي فوضه، في سابقة فريدة في التاريخ، ويتخلص من حكم طغمة فاشلة، وهم كذلك، فبعد ثمانين عاما من العمل السياسي، فشلوا، ليس في حكم مصر فحسب، بل وحتى في اختيار رئيس جمهورية رصين، وبالتالي كان اختيار العياط بداية «عياط الإخوان»، وعودة الابتسامة للوجه المصري الطيب.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

ضبابية الشفافية!

من الطبيعي أن نتوقع ألا يكون سهلاً على وزارة الصحة مثلا الإقرار بنقص كفاءة جهازها الطبي، أو أن تخفي الدفاع سوء تدريب جنودها، أو ألا تعترف وزارة العدل بقلة إلمام بعض موظفيها بالقانون، فهذه جهات بيروقراطية، وليس سهلا عليها الإقرار بأي نقاط ضعف أو قلة معرفة. ولكن ما هو عذر جمعية نفع عام كجمعية الشفافية، لأن تعمل في الظلام؟ فقد انتشرت إشاعات كثيرة تتعلق بخراب بيتها من الداخل وتضارب مصالح أغلب القائمين عليها، أو انتماءاتهم السياسية، تضاربها مع أهداف الجمعية، ووقوعها في أخطاء رقابية فادحة، الأمر الذي دفع بعض أعضاء مجلس الإدارة، ممن لهم ثقلهم القانوني والاجتماعي، للاستقالة من مجلس الإدارة مع إبداء الأسباب، ليس أقلها تفرد رئيس الجمعية باتخاذ القرارات المهمة من دون الرجوع الى المجلس.
إن صح ذلك، فمؤسف أن يبقى بقية أعضاء مجلس الإدارة من دون موقف واضح، ومؤسف أكثر عدم إقدام رئيس الجمعية على الاستقالة، أو حتى الإقدام على نشر تصريح، يتسم بالشفافية الكاملة، يوضح فيه حقيقة ما يثار من كلام عن تصرفاته وانتماءاته السياسية، التي أملت عليه، ربما اتخاذ قرارات أو مواقف لا تتسم بالشفافية. ونتمنى على وزارة الشؤون توجيه سؤال للجمعية عن أسباب هذه الاستقالات الجماعية من المجلس. ونعيد المطالبة بضرورة تحلي الجمعية بالشفافية، وأن تبدأ بنفسها قبل مطالبة الغير بذلك، فما حصل فيها أمر لا يجوز التستر عليه. كما أن محاولات البحث عمن يحل محل من استقال من أعضاء مجلس الإدارة، أمر يتسم بكثير من الضبابية والتلاعب غير المستحب.
ملاحظة: زاد وزير نفط سابق رواتب موظفي النفط بشكل مخيف، وخلق أكبر مشكلة مالية. وأحال وزير صحة سابق طبيبين مخلصين للتقاعد، لأنه لا يستسيغهما! والآن صدر حكم التمييز بإعادة الطبيبين الى عملهما. الطريف أن الوزير الذي طرد هو الآن وزير الصحة، وبالتالي عليه لحس قراره السابق الآن! فهل سيحاسب على قرار أخطأ فيه، كلف الدولة الكثير وشغل القضاء لسنوات؟! نعم، عندما تحج البقر على قرونها، وعندما يحاسب وزير النفط السابق!

أحمد الصراف

احمد الصراف

لا تمرِّروا المر!

“>أحمد الصراف
عندما نريد أن نقارن بين شيئين أو كتلتين، بطريقة صحيحة، فيجب أن يتساوى كثير من العوامل بين طرفي المقارنة، فالتفاحة الحمراء تقارن عادة، من ناحية الطعم أو الفائدة الغذائية، بالتفاحة الصفراء مثلاً! ولو قارنا مواقف الدول الخليجية ومصالح كل منها وسياساتها الخارجية وما تواجهه من أخطار داخلية وما تعتمد عليه في مواردها، ومكونات شعوبها، وممارساتها السياسية وخبراتها في التعامل مع المنظمات غير الحكومية وأنشطة شعوبها السياسية، لوجدنا اختلافا شديدا بينها، يقارب النفور أحيانا، واختلافها جميعها والكويت، نقول ذلك على الرغم من ان ما تقوله الوجوه وتبرزه الابتسامات، من ود ومحبة، في الحفلات والمناسبات، من أننا شعوب واحدة متحدة، فنحن حقيقة مختلفون حتى في أزيائنا الوطنية، على الرغم من شديد بساطتها.
وبالتالي، فإن الاتفاقية الأمنية المقترحة، التي تنتظر بعض دول الخليج رفض الكويت لها لترفضها بدورها، والتي تدفع بعض الأطراف الى إقرارها فورا، لا يمكن أن تمر ويُوافق عليها إن لم تكن في جانب أو آخر منها في مصلحة من وافق عليها! وبالتالي فإن مصالح الموقعين عليها، وأهواء الذين سيمررونها، هي التي ستملي عليهم القرار النهائي، وليس مصلحة الوطن. وبما أن مصالح أغلب من يديرون هذه الدول ليس بالضرورة متطابقة على الدوام، والأوضاع فيها غير متقاربة، ولكل دولة خليجية برامجها وتخوفاتها وطموحاتها، فإن الاتفاقية لن يكتب لها النجاح يوماً، لو ووفق عليها، بل ستظل حبرا على ورق، والجانب الوحيد الذي ربما سيرى تطبيقا جزئيا هو ذلك المتعلق بأمن بعض الأنظمة، وليس بأمن شعوب أو «رعايا» تلك الأنظمة. علما بأن حفظ الأنظمة، وسلامتها وديمومتها، كما علمنا التاريخ، لا يمكن أن يتحقق من خلال اتفاقيات أمنية غير واضحة، أو تحتمل أكثر من تفسير، بل بدرجة ما تتمتع به شعوب هذه الدول من حرية واحترام، ومن دور حيوي في إدارة شؤونها!
وعليه، أسجّل تحفظي الشخصي، مع قلة أهمية هذا التحفّظ، على هذه الاتفاقية الأمنية. فنحن لدينا دستور واضح ولم تمر فترة طويلة نسبيا على إقراره، ويمكن الاحتماء به من أي أخطار قد تحيق بنا، ولم تتعرض الكويت، ولا مصالح شعبها، طوال الأعوام الستين الأخيرة للضرر والاستباحة، إلا في الفترات التي وضعنا فيها الدستور جانباً، بطريقة مباشرة او غير مباشرة!

• ملاحظة: أدانته محاكم بلاده لسرقته محتويات كتاب من مؤلفته، وسيُدان لسرقة أدبية أخرى. كما اتهم بإرسال ابناء الغير للجهاد، وليلقوا حتفهم، وكافأه وزير الإعلام بدعوته لإلقاء محاضرات، وإعلام المواطنين بمتابعة أمسياته من خلال تلفزيون الدولة الرسمي، فيا لها من سخرية!

[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

ثلاثية «إخوانية»

“>1 – ذكرت وسائل الإعلام قبل شهر تقريباً أن النظام المصري وضع تنظيم «الإخوان المسلمين» ضمن لائحة الإرهاب! ولكن الصحيح أن من وضعها، كما يقول ثروت الخرباوي «الإخوانجي» المنشق والخبير في شؤونهم، هو مؤسس التنظيم حسن البنا، وهو الذي وصمه به. وجاء من بعده سيد قطب وأكده ونفّذه، ثم جاء بعدهم محمد بديع ومحمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمود عزت، وتوسعوا في استخدامه بشكل غير مسبوق. وبالتالي، فإن دماء آلاف الضحايا الذين سقطوا برصاص «الإخوان»، أو برصاص الجيش، هي برقبة الإخوان، وكل العنف الذي بدر – ولا يزال يبدر – منهم في فترة الأشهر الستة الأخيرة – على الأقل – لا يمكن أن يصنّفهم بغير الإرهاب. ويكفي النظر إلى شعار التنظيم، المتمثل بالمصحف والسيفين، مع كلمة «وأعدوا»، وهي بداية: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل «ترهبون» به… عدوكم، لنعرف أهداف مؤسس التنظيم ومن جاء بعده، فالرسم والنص يدعوان إلى ذلك، وهذا من صلب الدعوة ووفقاً لفكر الجماعة، وليس فيه ما يمكن إخفاؤه أو التنكر له. فحسن البنا، وكل من جاء قبله ومن بعده، آمنوا بأن الإسلام لا ينتشر إلا بالسيف، ولا يواجه خصومه إلا بالسيف، والأنكى أنهم اعتبروا أن الإخوان هم الممثلون الحقيقيون للإسلام، كما هو منطق بقية الجماعات الإسلامية، أو الدينية الأخرى.
2 – يقول صاحبهم، الذي طالما أصابنا بالغثيان وهو يكرر تبرئته وحزبه من «الإخوان المسلمين»، والعودة وتكرار دفاعه المستميت عنهم، والذي اعتقد أن ذاكرة البشر ضعيفة، وأنهم سريعاً ما سينسون ما قام به وشريكه المصري في الإيقاع بمجموعة كبيرة من المستثمرين ودفعهم للاستثمار في مشروع عقاري، تبين لاحقاً أنه زراعي ولا فائدة ترجى منه، يقول إنه يتحدى البشر والحجر في أن يثبتوا أنه أثرى يوماً أو «تربح» من المناقصات الحكومية! ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى كل هذا الغضب والتحدي، فالأمور أكثر من واضحة، ولو كان هناك قانون يتعلق بــ«من أين لك هذا؟»، لعرفنا دربنا له!
3 – زيّنت جمعية الإصلاح، الفرع المحلي للإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، مقرها في الروضة بطريقة تختلف كثيراً عن السنوات السابقة، وبشكل مثير للانتباه، وسبب هذا «العجاف» والتملك معروف طبعاً. الغريب أن الجمعية تخلت هذا العام – ولأول مرة – عن المناداة بــ«دولية» الحركة، وأصبح «الوطن» لديها، وفجأة، أكثر أهمية!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com