احمد الصراف

نداء لوزير الديوان ونائبه

الجهلة فقط سيعارضون قولي إن الحياة في الكويت جافة غالبا، بسبب افتقاد المواطنين والمقيمين لما يكفي من وسائل المرح البسيط والترفيه الراقي، وأن هناك شحا واضحا في المتع الفنية من معارض وأوبريتات وحفلات موسيقية ومحاضرات قيمة مستمرة، واستضافة كبار أصحاب المواهب والآراء الثقافية للاستفادة من معارفهم. وربما تكون «دار الآثار الإسلامية» الجهة الوحيدة المنظمة التي لا تنقطع أعمالها الثقافية والفنية طوال العام تقريبا، ولا يمكن وصف مقدار التأثير الإيجابي لأنشطة هذه الدار على مجمل الحياة في الكويت، ويعتبرها كثيرون الرئة الثقافية والفنية الراقية الوحيدة، ولا نود هنا أن نبخس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حقه، ولكن أين إمكانات الأخير الهائلة من تواضع قدرات الدار؟
نكتب ذلك بمناسبة ما أخبرنا به صديق محب للفن والأدب والشعر والموسيقى من أن جهة رسمية قامت بالطلب من المجلس الوطني للثقافة بمخاطبة دار الآثار الإسلامية لإخلاء مسرح الميدان بأسرع وقت ممكن، وذلك لفسح المجال لبناء مجمع ثقافي في موقع ثانوية عبد الله السالم الذي يقع فيه «مسرح الميدان»، مركز انشطة دار الآثار.
وبالاتصال والسؤال تبين لنا أن مخططات المتاحف الستة المنوي إقامتها على موقع المدرسة لا تتعارض إلا قليلا، مع مبنى مسرح الميدان، وكان من الممكن تجنب إزالته. وبالتالي كان غريبا ذلك الإصرار على هدم مبنى مسرح قائم، بأسرع وقت، بالرغم مما صرف عليه ليكون بمستواه الراقي والحديث. كما أن طلب المشرفين على الدار لا يزيد على إبقاء المبنى على وضعه، أو على الأقل إعطائهم وقتا مناسبا لإيجاد مقر بديل لأنشطتهم التي يتجاوز عددها المائة سنويا بكثير. كما أن أنشطة الدار الحالية مستمرة حتى الشهر الخامس، ومن المؤسف هدم المبنى الذي لا يضر وجوده أحدا غير من لا يحب الكويت ولا وجهها المشرق، فالهدم سهل والبناء صعب.
وعليه نتوجه باسم كل محبي الدار بنداء لوزير الديوان الأميري ونائبه للنظر بقرار هدم مبنى مسرح الميدان، قبل إيجاد بديل له، لما له من أهمية فنية وثقافية لدى مئات الآلاف من مرتاديه.
• ملاحظة:
نتمنى أن تنهي انتخابات اليوم سيطرة الإخوان المسلمين على جمعية الروضة التعاونية، وان تدخل المجلس دماء وطنية حقيقة، وتكون تلك بداية عودة الكويت لأهلها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

المياه.. والهندية!

“>”>فاز فيلم هندي قصير تحت عنوان «المومس والبكر» بعدة جوائز عالمية، وقصته تتعلق بأمر حيوي، طالما لقي الإهمال التام من شعوب وأنظمة نائمة. يبدأ الفيلم القصير بدخول شاب خجول الى منزل فتاة، طالبا خدمة جنسية بناء على اتفاق مسبق. يفاوض الرجل المرأة على ثمن الخدمة، ولكنها ترفض منحه حتى %1 خصما، فيقبل الشاب الأمر على مضض، وعندما يحين موعد دفع الثمن تبدو على وجه الرجل الغر، وهو يفتح سحاب حقيبة يده، علامات الحذر والحسرة، ويلتفت يميناً ويساراً قبل ان يخرج يده من الحقيبة، وهي تحمل قنينة ماء بلاستيكية ويسلمها للمرأة، فتضمها هذه الى صدرها وكأنها حصلت على شيء ثمين!
رمزية قصة الفيلم تكمن في أن الوقت سيأتي عاجلا أو آجلا، بحيث تصبح مسألة حصول مئات الملايين من البشر على قطرة ماء صالحة للشرب أمراً صعباً جدّاً، وأن خدمات «حيوية» كثيرة ستؤدى مقابل «شربة» ماء. ولو نظرنا إلى بلد مثل لبنان، الذي طالما اشتهر بقمم جباله المكسوة بالثلج، وبتعدد أنهاره، لوجدنا، بسبب سياساته الخرقاء، أن ثمن ليتر الماء فيه أغلى من ليتر البترول، على الرغم من أنه ليس بلدا بتروليا، والأمر ذاته في الكويت على الرغم من أنه بلد بترولي!
ولو نظرنا الى وضع المياه في الكويت لأصبنا بالهلع حقا، فنحن دولة صحراوية، وما لدينا من مياه جوفية عذبة لا تعني كثيراً، مقارنة باحتياجاتنا. كما أن ما يعلن عنه، بين الفترة والأخرى، عن كفاية احتياطيات المياه لكذا شهر لا يمكن – كالعادة – الوثوق بها في ظل إدارة حكومية مترهلة، خاصة أن اعتماد كل سكان الكويت، الذين سيتزايد عددهم في السنوات القليلة المقبلة، على ما تتم معالجته من مياه البحر لا يعتبر مصدرا يمكن الاعتماد عليه دائما. فمياه الخليج تتزايد ملوحتها وتلوثها بشكل مستمر. كما أن كلفة التقطير بارتفاع أيضا. وعليه من الضروري على الجهات المختصة، هذا على فرض أن هناك ما يسمى المختصة في أي شأن، البحث عن مصادر ماء بديلة، وعدم الاعتماد على محطات التكرير أو التقطير، التي قد يؤثر في فعاليتها بشكل حاسم أي تلوث بيئي كبير نتيجة حرب محلية أو حادث نووي في إيران وغيرها.
والحلول الاستراتيجية موجودة ومعروفة وتعمل بها دول كثيرة، خاصة تلك التي لديها نقص في المياه. وربما الحل سهل اليوم، بوجود المادة والقدرة على توفير البدائل، ولكن ستصبح المسألة خطرة عندما يتناقص الدخل من البترول أو تقع كارثة، ولا يسمح الوقت للجوء الى البدائل المتاحة. ندق ناقوس – لا بل نواقيس – الخطر منذ فترة، متمنين أن يسمع صوتها من يفهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

حقيبة الحياة

شعر الرجل، وهو مستلقٍ على فراش المرض، بأن الحياة بدأت تنسلّ من جسده ببطء، وأن ليس بإمكانه فعل شيء، ثم رأى القدَر يقترب، وهو يحمل حقيبة في يده، ويخاطبه، قائلاً: لقد حان وقت رحيلك عن هذه الدنيا، دعنا نذهب. فأجاب الرجل، والدهشة بادية عليه: الآن؟ إن لدي أموراً كثيرة أود الانتهاء منها! فقاطعه القدر: معذرة، ولكن علينا أن نذهب! فسأل الرجل، بصوت يبدو عليه اليأس: وماذا في تلك الحقيبة؟ فقال له: متعلقاتك! فرد هذا، قائلاً: متعلقاتي؟! هل تقصد ملابسي، أموالي؟! فقال القدر: لا، تلك لم تكن متعلقاتك أصلاً، فقد كانت ملك الأرض. فسأل الرجل: إذاً ماذا في الحقيبة؟ ذكرياتي؟ فقال: لا، فهذه تنتمي إلى الزمن. فسأل الرجل: مواهبي؟ فرد هذا، قائلاً: لا، فهذه تنتمي إلى الظروف. فسأل هذا: هل فيها أصدقائي وعائلتي؟ آسف، فهؤلاء لم يكونوا يوماً من متعلقاتك، فهم للحياة. فسأل الرجل: هل بها زوجتي وابني؟ فرد هذا: لا، أنت لم تمتلكهما يوماً، بل انتميا إلى قلبك. فسأل: هل فيها جسدي؟ فرد: هذا لا ليس جسدك، فهو للتراب! فسأل الرجل سؤاله الأخير: هل بها روحي؟ فرد القدر، قائلاً: لا، فهي ملكي. وهنا تناول الرجل الحقيبة من القدر وفتحها فوجدها فارغة تماماً، فقال والدموع تملأ مآقيه: هل تريد أن تقول إنني لم أملك يوماً شيئاً. فقال القدر: هذا صحيح، فاللحظات فقط هي ملكك، وعليك التمتع بها طالما امتلكتها، فالحياة ومضة، ولا تدع أي شيء «تمتلكه» يمنعك من التمتع بتلك اللحظة، وعليك أن تعيش يومك، فلا تنس أن تتمتع بالسعادة، فهي التي تعني كل شيء، فالأشياء المادية ستتركها عاجلاً أو آجلاً وراءك، ولن تبقى لك غير الذكريات. وإن كنت سعيداً في حياتك، فستنهي حياتك بسعادة. وإن كنت تعيساً وملكت كل ماديات العالم، فستموت تعيساً!
وهنا قفز الرجل من فراشه فزعاً، والعرق يتصبب منه، وأخذ يلتفت حوله فوجد ولده الوحيد نائماً في سريره، وزوجته مستلقية تغط في النوم، فتنهد، وقام من فراشه، وذهب الى عمله، وهو يشعر بسعادة طاغية، ويقول لنفسه: كل إنسان تقريباً محكوم عليه أن يصبح يوماً، بدرجة أو بأخرى، «فيلسوفاً»! سعداء الحظ أولئك الذين يكتشفون أسرار الحياة قبل فوات الأوان.
ويجب ألا ننسى أن الثروة التي نملكها هي الثروة التي نصرفها، وليس تلك الموجودة في البنك، فهي ملك الآخرين، ما لم ننفقها!

***
ورد في القبس أن رفع علم ما قبل الاستقلال أصبح يشكل ظاهرة، وعلى السلطات التصدي لها! ونحن نتفق مع مطالبة القبس، إلا أن إصرار البعض على الاعتزاز بعلم ما قبل الاستقلال ما هو إلا رفض مبطن لوضعنا الحالي، وحالة الفساد العام التي تعيشها الدولة برمتها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الفرق بين اللبناني والكويتي

“>أنهكت الحرب الأهلية لبنان على مدى 15 عاما، وأكملت الاضطرابات والتفجيرات والأوضاع الخطرة الأخيرة ما تبقى من أمان فيه. ويبدو أن أوضاعه لن تهدأ طالما بقيت نيران الحرب الأهلية في سوريا مشتعلة. ولكن على الرغم من كل ذلك فقد تمكن اللبنانيون من مسايرة الأوضاع الخطرة والتعايش معها وحتى الإبداع فيها، فحب الحياة لديهم اقوى من الرغبة في الاستسلام. فقد نجحوا مثلا، من بين أمور كثيرة، في تركيب عدادات وقوف عصرية وسهلة الاستخدام في مواقف السيارات، ومهمة هذه العدادات ليس في رفد ميزانية الدولة بالقليل من الموارد، بل المساهمة في إعادة اللبناني الى النظام والى دولة القانون من خلال ترشيد تصرفاته عن طريق محفظته، وهذا بالذات ما نحن بأمس الحاجة اليه في الكويت، فبغير فرض رسوم وضرائب ذكية ومدروسة لا يمكن تعويد المواطن على التصرف بطريقة سليمة، والتعود عليها.
اضطررت، خلال زيارتي الأخيرة الى بيروت، لمراجعة طبيب اسنان. أوقفت سيارتي في موقف بأجر، ووضعت ألف ليرة في عداد الوقوف مقابل ساعة. بسبب ضيق الوقت لم أرتب لأي موعد، بل دلفت لأول عيادة فاعتذر الطبيب بأنه مشغول، وفي الثانية قالت السكرتيرة إن البروفيسور «منو فاضي»، وفي الثالثة لم يكن هناك أحد، وفي الرابعة كان الطبيب يغسل يديه مغادرا، وما ان رأى إمارات الخيبة بادية علي وجهي حتى دعاني للدخول، فشرحت له أنني مسافر في اليوم نفسه، وبحاجة لتثبيت تاج لضرس مؤقت، وقع من مكانه! أجلسني على كرسي الفحص، وأدخل اصابع يديه في قفازين جديدين، وتفحص تاج الضرس، وقام بتنظيفه بأكثر من أداة ومبرد كهربائي، ثم عمل خلطة اسمنت، او صمغ، لغرض تثبيت التاج، وقال انها ستكون قوية. بعد انتظار قصير، وضع التاج في مكانه وطلب مني الضغط عليه لكي يلصق تماما، وبعد ثلاث دقائق نظف ما علق حول الضرس من شوائب، ونظف حوله بمبرد كهربائي، وتمنى لي الصحة والعافية. وقفت شاكرا وسألته عن الأجر، وانا الذي أطلت يومه، فقال إنه لم يقم بشيء يذكر ورفض بإصرار أن يتقاضى شيئا! شكرته بحرارة، وتركت العيادة وذهبت الى مكان إيقاف السيارة ففوجئت بأنني وضعت مبلغا يزيد على الضعف عما كان يجب، فقد انتهت عملية تثبيت الضرس خلال 20 دقيقة، ولا يزال بإمكاني الوقوف لأربعين دقيقة أخرى! نعم، سررت لعدم دفع شيء مقابل تركيب الضرس، ولكني انزعجت لوضع مبلغ زاد على المطلوب في العداد! وهذا هو الفرق بين اللبناني والكويتي!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

فريق «سما» الإنساني

أن تكون متدينا فالأغلب أنك ستكون طيبا ورحيما مع من ينتمي لدينك، أو بصورة أدق لمذهبك وطائفتك، وبصورة أكثر تحديدا، لمن ينتمي لعرقك نفسه أو وطنك ذاته، وليس ذلك بغريب، فهذا ما ارتاح له المتدينون! ولكن أن تكون إنسانيا فهذا يعني أنك ستكون طيبا ورحيما مع شريحة اكبر بكثير، بصرف النظر عن عرقها، دينها أو لون بشرتها! وبالتالي نحن بحاجة لأن نكون إنسانيين أكثر، ومتشددين دينيا أقل.

***
اعتاد ابناؤنا منذ سنوات القيام بعدة نشاطات خيرية لمساعدة هذه الجهة أو تلك، ومن ضمن أنشطتهم المشاركة، مع منتمين لجنسيات وديانات مختلفة أخرى، في بناء أو ترميم بيوت الفقراء في مناطق منكوبة أو فقيرة في أفريقيا وآسيا. وقد سألتهم مؤخرا، مع ازدياد مشاركاتهم في تلك الأعمال الخيرية «الحقيقية» عما يدفعهم للسفر بالطائرة لعدة ساعات، والغياب لأيام طويلة، والانتقال من مطار لآخر ومن سيارة لحافلة للوصول لأهدافهم، وهنا في الكويت من هم بحاجة، ربما اكثر، لجهودهم؟ فقالوا بأن الأمر ليس بتلك البساطة، فما يقومون به لا يتعلق فقط بالجانب الخيري، بل بجوانب إنسانية عميقة تتعلق بالتواصل مع المشاركين الآخرين، الذين يأتون من عدة دول وينتمون لعشرات الجنسيات، ويمتلكون مختلف المهارات المطلوبة والذين لا نوازع جنسية او عرقية أو دينية تدفعهم لتجشم كل ذلك العناء غير محبتهم لإخوتهم البشر، واستعدادهم للتطوع من دون منة ولا ابتغاء أجر! وتقول سما الوسمي، زوجة ابننا محمد، وهي إحدى المشاركات في مثل هذه الأنشطة، بأن وجودها وزوجها ورفاقها في تلك المناطق المحرومة، لا يعني مد يد العون لبناء بضعة منازل، أو ترتيب قروض صغيرة، بغير فوائد لتجهيزها، بل يهدفون أيضا لخلق روح التعاون بين ابناء القرية نفسها، فعندما يرى هؤلاء من جاء من بعد آلاف الأميال لمساعدتهم في الحصول على بيت، لا يكلف بناؤه عادة 3000 دولار، فإن هذا يخلق فيهم حب الخير والعمل الجماعي والتطوع من دون مقابل. وتقول انها ورفاقها على استعداد للقيام بمثل هذه المشاريع في الكويت وغيرها من الدول العربية، متى ما توافرت لهم البرامج اللائقة وتسهيلات الدخول والإقامة، وتحديد الأماكن المطلوب العناية بها، وكل هذه الأمور تحتاج لجهود كبيرة من مؤسسات غير حكومية، ومتطوعين «إنسانيين»، وهذا ما تفتقده مجمعاتنا بشكل صارخ!
وتستطرد سما قائلة بأن فريقها مكون من 24 فردا، غالبيتهم غربيون، وأنها اختارت هذه المرة التطوع لبناء بيوت في الهند لرد الجميل لمئات الآلاف منهم الذين سبق أن ساهموا، ولا يزالون، في بناء الكويت!

أحمد الصراف

احمد الصراف

مرحلة النصب القادمة

“>”>يقول المثل الصيني لا تطعمني سمكة، بل علمني كيف أصطادها!
مرت ثلاثة عقود أو أكثر على بدء الجمعيات، المسماة بالخيرية، بنقل أنشطتها خارج بلدانها، وبالذات جمعيات السعودية والكويت. وتزامن هذا النقل مع زيادة عددها وما بين ايديها من أموال. وقد اختارت غالبيتها «نشر الخير» في الخارج! وكما هو معروف، فإن ضعف الرقابة على مثل هذه الأنشطة، أو انعدامها، شجع نفوسا مريضة كثيرة على التلاعب بأموال الجمعيات وتحقيق الملايين لأنفسها، وسبق أن فضحنا الكثيرين منهم على مدى سنوات. وبالتالي فان السبب الأهم وراء نقل الأنشطة للخارج هو صعوبة متابعة ما تدعي تلك الجمعيات تحقيقه هناك. فمن الذي يمكن أن يؤكد أن عشرات آلاف آبار المياه قد حفرت، أو أن مئات المساجد قد بنيت أو أن عشرات آلاف الدعاة قد جيشوا، أو أن مئات آلاف الكتب الدينية قد طبعت ووزعت؟ لا أحد طبعا! علما بأن هذه الأنشطة في غالبيتها لا معنى ولا مردود حقيقيا لها على أرض الواقع، فلا خلق لوظائف، ولا بناء مصانع. وبالتالي فان ما نراه اليوم من اضطراب امني وهيجان شعبي في مناطق كثيرة، كالبوسنة، التي كانت ولا تزال مقصدا للكثير من «رجال» الجمعيات «الخيرية» يصب في هذا الاتجاه، فقد أرسلت لها مئات الملايين، أو هكذا تدعي أغلب تلك الجمعيات، بحجة مساعدة مسلميها وتقوية موقفهم تجاه الأقلية الصربية، ولكن كما هو متوقع ضاع ما لم يسرق وما لم يصرف على الزواج بفتياتها، على مشاريع لا علاقة لها لا بالتنمية ولا بالتعليم!
وفي هذا الصدد، يقول دبلوماسي كويتي سابق انه قام اثناء عمله بإبلاغ حكومته بخطورة زيادة وتيرة قدوم «رجال» الجمعيات الدينية المؤدلجين لدول البلقان، وخطورة أنشطتهم الدعوية، وصرفهم أموالا طائلة للدعوة لأفكارهم الدينية، بدلا من مساعدة أهاليها وبناء المشاريع لهم. وقال ان غالبية من ذهب لتلك المنطقة من الخليجيين، كانوا غير مخلصين في عملهم، واستثمر بعضهم أموال الجمعيات في مشاريع خاصة كالمشروع الإسكاني الذي تعرض لانزلاقات ارضية خطرة. وقال ان تبرعات بناء المساجد لن تجدي نفعا، فهي هدر للأموال، ولا تصب في مصلحة غير من قام ببنائها، وأن من الأجدى التركيز على المشاريع الصغيرة لخلق فرص عمل!
ولكن، كالعادة، لا حياة لمن تنادي، فلا الجمعيات تود سماع مثل هذا الكلام المنطقي والتحذير الخطر، ولا الخارجية بقادرة على فرض آرائها على الجمعيات، وبالتالي ستتعرض تلك المنطقة لأخطار جديدة وستعود الأوضاع فيها لنقطة الصفر، لتبدأ مرحلة نصب واحتيال جديدة أخرى.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

توضيح ورد واعتذار ورجاء

“>الكتابة اليومية، بقدر ما هي متعبة، فإنها ممتعة، وتبقي الكاتب على تواصل مع قرائه، يرافق خواطرهم وردود أفعالهم على الأحداث، ويشاركهم فنجان قهوة الصباح ويودعهم بحروف كلماته في نهاية اليوم، وبالتالي لم يكن غريباً افتقاد البعض، وتساؤلهم، كتابة أو اتصالاً، عن سبب توقف نشر مقال السبت. وردا على هؤلاء أود التوضيح أن ذلك لا يتعلق بي شخصياً، بقدر ما يتعلق بترتيبات داخلية ضمن القبس ليس لي خيار فيها، فأنا شخصيا افضل الكتابة سبعة ايام في الأسبوع، بدلا من خمسة كما هو الحال الآن، ولا مشكلة لدي هنا، فالمادة متوافرة دائماً. وقد يستمر قرار عدم تجاوز عدد مقالاتي الخمس أسبوعياً، وقد يتغير، مع الوقت.
كما أود ان أبين لمن يعاتبونني، كلما التقوا بي، أو اتصلوا هاتفياً، عدم تجشمي عناء الرد على ما ينشرونه من تعليقات على صفحة القبس الإلكترونية، ولهؤلاء أقول بأنني، ولأسباب فنية ونفسية، أتجنب قراءة تلك التعليقات، ويؤسفني بالتالي عدم الرد عليها! وبالتالي اتمنى على من يريد التواصل معي استخدام البريد الإلكتروني، وهنا سيكون ردي أو تعقيبي أكثر سهولة وخصوصية.
كما تردني في أحيان كثيرة، وبصورة شبه يومية مكالمات هاتفية من معارف واصدقاء وكذلك بالطبع ممن لا أعرف، وغالبيتها ربما لها علاقة بما أكتب. وحيث انني اصبحت اقضي غالبية وقتي خارج الكويت، فإن بعض تلك المكالمات «الدولية» تأتي في أوقات غير مناسبة، بسبب فارق الوقت، هذا غير أنها مكلفة أحياناً، ومقلقة في أحيان أكثر. وبالتالي أتمنى على من يود الاتصال بي إرسال رسالة نصية sms أو whats app او فايبر Vibre لكي اقوم بالاتصال به في الوقت المناسب! وطبعا يبقى التواصل الإلكتروني، الإيميل، الطريقة الأفضل والأكثر دقة!
ملاحظة: ورد في مقال للزميل علي البغلي أنه لم يسمع كلمة احتجاج من الجمعية الكويتية لحقوق الانسان، على موقف محدد، وأن هذه الجمعية لم يهاجمها احد، بعد استيلاء ابطال الحراك الشوارعي على مقدراتها! وهذا غير صحيح فقد انتقدناها في 3 مقالات، على الأقل، ولولا رداءة تعامل الأخ الزميل، وتعاملنا مع الجمعية عندما كانت بأيدينا، لما نجح هؤلاء في الاستيلاء عليها.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الاختلاس والجمعيات الدينية

“>أصدرت وزيرة الشؤون هند الصبيح قراراً قبل أيام، حلت فيه مجلس إدارة جمعية العمرية والرابية، وفصلتهما عن بعض، وعينت مجلس إدارة جديدا للثانية. وجاء القرار على خلفية تقدم ممثلي مساهمي جمعية العمرية التعاونية بمذكرة في هذا الشأن الى الوزيرة. ومنذ خمسين عاماً تقريباً لم يخل عهد وزير أو وزيرة للشؤون من قرار أو أكثر بحل مجلس إدارة جمعية تعاونية، وغالبا لأسباب تتعلق بسوء الإدارة، أو سوء الأمانة، والإثراء غير المشروع من قبل بعض أعضاء مجلس الإدارة. وبالرغم من كبر عدد الجمعيات التي تلاعب فيها أعضاء مجالس إداراتها، وسرقوا أموالها، والتي تدار في غالبيتها، منذ ثلاثين عاما تقريباً، من مجالس إدارة محسوبة على جمعية الإصلاح، الفرع المحلي لحزب الإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، فإنه لا أحد تقريباً، من مئات الأعضاء المقالين، أحيل يوماً الى النيابة. والغريب أن يتكرر تدخل الوزارة سنة بعد أخرى، وتعيين مجالس إدارة مؤقتة، يختار وزير الشؤون أفرادها، ليعود وضع السرقات من البعض الى سابق عهده، ولتتكرر الإقالة والتعيين، ويتكرر الفساد من دون ان يسأل أحد من هؤلاء الوزراء نفسه عن سبب استمرار هذه الحلقة الجهنمية، وكيف يمكن وضع حد لهذا الوضع المزري، أو على الأقل التقليل منه، ومن كم مخالفات الجمعيات؟
إن فكرة الجمعية التعاونية تجاوزها الزمن، وأصبحت مجالس إداراتها في اغلبيتها وسيلة للوصول الى كرسي مجلس الأمة. كما أن اغلبيتها الساحقة تدار بشكل طائفي وقبلي نتن وبغيض، وقد حاد الكثير منها عن اهدافها النبيلة وأصبحت عامل تفريق وتقطيع في مفاصل المجتمع بدلا من تعاونه، وبالتالي على وزيرة الشؤون، الجديدة والصلبة، وضع قطار التغيير على السكة، ومحاولة تجديد فكرة الجمعيات التعاونية لتصبح اكثر استقامة وقدرة على العمل الاجتماعي الحقيقي.
وبهذه المناسبة نعيد التذكير بقضية «جمعية صندوق إعانة المرضى»، المحسوبة على حزب ديني، والتي قام محاسبها المصري، وعلى مدى أربع سنوات، باختلاس ما يقارب 4 ملايين دينار منها، من دون ان «ينتبه لسرقاته أي من أعضاء مجلس إدارة الجمعية»! وما ان انكشفت الفضيحة حتى «هُرّ.ب» الرجل الى الخارج، وصدر حكم بسجنه واسترداد أموال الجمعية منه. وما ان زار قطر حتى ألقت السلطات فيها القبض عليه! وقد كتبنا في حينه أن «أعضاء» لهم مصلحة في بقاء الرجل في الخارج، سيبذلون قصارى جهدهم لكي لا يجلب الى الكويت، وها قد مرت ثمانية اشهر على وجوده في قطر، ولا خبر عنه، فهل هناك ما هو أوضح من ذلك على وجود شبهة تواطؤ من البعض داخل الجمعية مع ذلك المختلس؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

عزيزي أبو عدنان

“>لم ألتق بك إلا مرات قليلة، لا تعادل حتما عدد مرات مشاهدتي لك على المسرح أو التلفزيون، وبالتالي ما اكتبه ليس مجاملة، ولا لمصلحة، وربما لا يجمعنا غير حبنا لهذا الوطن الذي كان يوما أكثر جمالا بكثير، وربما تعلم أنني كتبت عنك مقالا أعاتب فيه مسؤولي وطني عدم تكريمهم لك، ولم تتأخر أمانة المجلس الوطني للثقافة والفنون في الرد، ووصفك بأنك، بلا جدال، أحد أهم منارات المسرح، وصاحب دور بارز في إعلاء شأنه، ورائد في حركة التنوير وتعزيز دور الكويت الثقافي، وأنك حصلت عام 2005 على جائزة الدولة، وهي أرفع ما يقدم لأمثالك! كما ذكرتني بأنك حصلت قبل 37 عاما (فقط) على جائزة نجم المسرح الأول في الكويت، وتم تكريمك بعدها بثلاثين عاما في مهرجان «فهد الأحمد» للدراما. وفي عام 2008 كرمك المعهد العالي للفنون المسرحية، وبعدها بسنتين كرمتك الأكاديمية الدولية للإعلام، وكرمت في مهرجان ليالي فبراير(!)
وكل هذا جميل، ولكن لماذا تفتخر جهة رسمية بما قدمته جهات أهلية؟ هذا بخلاف أن جائزة الدولة، بالرغم من أهميتها المعنوية، لا تساهم كثيرا في تخليد عمل أي فنان، الأحياء أو الذين غادروا دنيانا. فعندما نتجول في شوارع الكويت، وتقع انظارنا على لوحات أسمائها لا نرى بينها شارعا مهماً باسم خالد النفيسي، أو غانم الصالح مثلا ! ونتساءل عن سبب عدم وجود اسم عبدالحسين على أحد مسارح الدولة، أو حتى استديو في الإعلام، ليشعر هو وأهله ومحبوه أن هناك من يهتم بتخليد ذكراه وهو بيننا، وليس تكريمه بـ«سكات»؟ فهل اصبحت اسماء الشوارع والطرق السريعة حكرا على الفئة التي لها دالة على الحكومة؟ علما بأن غالبية اصحاب الأسماء ليس لهم فضل أو أثر او فعل صالح، إن لم يكن العكس هو السائد، وكأن الكويت ليست غير والد نائب، أو صديق متنفذ! كما ساهم الكثيرون ممن أطلقت اسماؤهم على شوارع مهمة في إفساد الحياة المالية والسياسية، واشتهر بعضهم بسوء الخصال وقلة الكفاءة، وفي الوقت نفسه تجاهلنا أسماء فنانين كبار طالما أمتعونا برائع أعمالهم الهادفة، التي ستسعد وتثقف عدة أجيال قادمة! نعم لقد تناسينا عمدا وقصدا خالد النفيسي وغانم الصالح، وتجاهلنا عبدالحسين، وسعد الفرج، هذا غير سعاد وأخواتها، ربما لأن نفوذ الإخوان المسلمين لا يزال مستشريا في أعلى مراكز اتخاذ القرار في الحكومة. ولكي نتعلم كيف نكرم هؤلاء بطريقة لائقة علينا فقط مشاهدة كيف كرمتهم عدة جهات رسمية خارج وطنهم!

• ملاحظة: نشكر للمجلس الوطني سرعة رده علينا في يوم نشر مقالنا عن عبدالحسين. كما نشكر لقيادة الحرس الوطني ردها علينا في يوم نشر مقالنا عنها، وهذا، حسب علمي، ما لم يحدث من قبل، من جهة حكومية، في تاريخ الكويت!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

اليوم العالمي للمُضطهَدات!

“>يحتفل العالم منذ 8 مارس 1908 باليوم العالمي للمرأة، حيث تتوقف النساء عن العمل فيه، ويخرجن من بيوتهن للاحتفال بهذه المناسبة، وليظهرن للعالم مدى أهمية دورهن المتعاظم في أهميته، في حياتنا جميعا. وقد اعترفت الأمم المتحدة بهذا اليوم وحثت دول العالم للاحتفال به في 8 مارس، وتعطيل المصالح والمؤسسات الرسمية والتجارية. ولكن لسبب معروف لم يلق هذا اليوم أي اهمية في الدول العربية والإسلامية، لأنها اعتبرته، وبكل بساطة منافيا لــ «تقاليدنا وعاداتنا وأعرافنا!»، وفضلت قلة منها «تمييع» المناسبة وجعلها عيداً للأم بدلاً من المرأة، والفرق كبير جدا، ففي الحالة الأولى تختفي حقوق المرأة المسلوبة خلف غطاء الرحمة بالأم، وبذلك تضيع قضية ما تلقاه المرأة من معاملة غير عادلة، لأنه في نظر هؤلاء لا يجوز إعطاؤها الحق في الاحتفال بيومها، فهذا سيشجعها على المطالبة ببقية حقوقها، التي أُنكرت عليها طويلا، إنْ لأسباب دينية أو ذكورية.
إن أهمية الاحتفال بهذا اليوم تتضمن تذكيرا بما عانته المرأة عبر التاريخ من تهميش وظلم شمل مجتمعات العالم أجمع. كما أن الاحتفال بالمناسبة سنويا يمثل جرس انذار لمن يفكر في إعادتها الى القفص الذي اختاروه لها. ولو نظرنا الى أحوال المرأة في مدن عربية كثيرة وفي إيران وأفغانستان بالذات، لرأينا أن وضعها الاجتماعي قد تردى عما كانت عليه حتى قبل ثلاثين عاما فقط! فالصور التي تبين المناسبات الاجتماعية خير شاهد على درجة تحرر المرأة ومكانتها الرفيعة في المجتمع. ونجد ذلك بصورة أكثر وضوحا في الصور التي تبين تلك المناسبات في مصر وإيران وأفغانستان، والعراق. حيث نجد ذلك الفارق الكبير بين وضعها البائس الحالي وما كانت عليه أيامها. كما نرى مدى ما طرأ على أزيائها من تغير، فهل كانت نساء ذلك العصر فاجرات مثلا، أم هي السياسة الدينية التي أصبحت تختصر أخلاق المجتمع ما بما ترتديه نساؤه من ملابس؟! واعتقد أنه لو كانت لدينا مؤسسات مدنية تذكر باستمرار بالحقوق المهضومة للمرأة، لما تراجعت مكانتها لهذا الدرك المحزن، وخير دليل على ذلك، الفارق الكبير في مكانة المرأة بين المجتمعات المتقدمة التي توجد فيها مؤسسات نسائية قوية وفعالة وبين غيرها، ولو كانت في إيران جمعيات نسائية قوية لما أقدمت السلطات الدينية فيها مثلا على حرمان طالبات الجامعة من دراسة تخصصات كثيرة، بحجة أنها للذكور فقط! وبهذه المناسبة نتمنى على الجمعية الثقافية النسائية، رائدة العمل النسائي في الكويت، والمؤهلة لفعل شيء لاسترجاع حقوق المرأة، إقامة احتفالية سنوية بهذا اليوم، لتعيد اليها حقوقها المغتصبة، فلا تزال المرأة في مجتمعاتنا تعاني الكثير، كما أن قضاياها ومشاكلها لم تنته مع نيلها لحقوقها السياسية، بل تلك كانت البداية فقط!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com