احمد الصراف

أقوال صديقي

يقول صديقي «الحكيم» إنه تعلم من الحياة انه من المستحيل أن ترضي الجميع، ولكن من السهل أن تغضبهم جميعا، وأنه اختار السهل من الأمور! ويقول انه تعلم من الحياة أن ما يسمى بالكوندوم، أو الواقي الذكري، لا يعني الحصول على متعة جنسية «آمنة»، فقد كان صديقه يرتديه عندما ضبطه زوج المرأة متلبسا، فقتله. وقال انه تعلم أن أفضل طريقة لمعاقبة جار مزعج وكسول هو سرقة جهاز «التحكم عن بعد» الخاص بتلفزيونه، بدلاً من سرقة التلفزيون نفسه، والضغط عليه كلما عنّ له مضايقة وتغيير القناة التي يشاهدها.
ونقلا عن فيلسوف قال له اننا بالمال نستطيع شراء كلب من سلالة معروفة، ولكن المال لا يمكن أن نجعله يحرك ذيله فرحا كلما رآك، بل يحرك ذيله للطريقة التي تعامله بها، وهذا عكس الإنسان الذي غالبا ما يحركه المال. وأن الأطفال الذين يخافون من الظلام سرعان ما يكبرون قليلا، ويبحثون عن الظلام للاختلاء بمن يحبون. ويقول ان البعض يعتقد أن من أكثر الأمور إزعاجا تلقي مكالمة هاتفية خاطئة في الساعة الرابعة صباحا، ولكنهم لا يعلمون أن المزعج أكثر ألا تكون المكالمة خاطئة!
ويقول انه قرأ لكاتب ساخر أنه على استعداد لأن يقتل شخصاً ما للحصول على جائزة نوبل للسلام. وان من الأفضل دائما أن نقترض المال من الشخص المتشائم، لأنه سيؤمن دائما بانه لن يسترد ما أعطى. وأن الضمير هو ذلك الشيء الذي يبدأ بتأنيبك عندما تكون أعضاء جسدك الأخرى في قمة استمتاعها. وقال ان الجميع يهتم بسرعة الضوء، ولكن لا أحد يود أن يعرف سرعة الظلام. وأن الخبرة هي الشيء الذي لا يمكن أن تحصل عليه إلا في الفترة التالية لحاجتك لها. جميعنا نمتلك ذاكرة فوتوغرافية، ولكن الغالبية لا تمتلك الفيلم بداخلها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سوق المباركية واليابان

“>أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية، قام رئيس أحد الوفود بزيارة سوق المباركية القديم، وهناك تناول الغداء في أحد مطاعمه الشعبية!
تساءلت، عند قراءة الخبر، عن المكان الذي غسل فيه الضيف ومن كان معه أيديهم وقضوا حاجتهم في ذلك السوق، الذي يفتقد، وكل المنطقة المحيطة به، دورة مياه واحدة نصف لائقة.
لا أدري كيف سمحت البلدية بترك سوق اثري مهم يقع في قلب الوطن، وترك الكويت بأكملها، من دون حمامات عمومية لائقة، أو حتى إيجاد ما يكفي منها، علما بأن أكثر من جهة على استعداد لتبني إنشاء حمامات في مختلف المناطق، بمواصفات عالية ومجانا، مقابل استخدام جزء منها للإعلان، فهل في الأمر صعوبة، أم أن معظم من بيدهم أمر البلدية لا يفهمون، ولا تهمهم سمعة البلد ولا صحة وسلامة المواطنين والمقيمين والزوار الرسميين؟ وهل هناك من سيحاسب مسؤولي البلدية على هذا الإهمال؟ لا أعتقد ذلك، بل العكس هو الذي سيحدث!
من الروائع الجميلة في اليابان حماماتها المتعددة الأشكال والوظائف، فمنها ما يرتفع غطاء التواليت بمجرد دخول الحمام، ومنها ما يعمل بالاستشعار عن بعد، فبمجرد الجلوس على الكرسي، الدافئ دائما، تعمل مروحة الشفط تلقائيا، وتنساب المياه فيه تلقائيا، وما ان ينتهي المرء من قضاء حاجته ويقوم بضغط زر الغسل حتى تنطلق المياه الدافئة من الجهة المطلوبة، وبعدها يتم الضغط على زر التنشيف بالهواء الدافئ، وما ان يقوم من على الكرسي حتى تتدفق المياه ثانية بصورة اوتوماتيكية، وغير ذلك من المزايا، بحيث يمكن الانتهاء من «كل شيء» من دون أن تتبلل الايدي. حتى سلة القمامة يرتفع غطاؤها بمجرد اقتراب اليد من فتحتها من دون لمس. وتمتاز بعض انواع التواليت بخاصية إصدار صوت محدد، يجعل مستعملها غير مكترث إن اصدر صوتا منكرا، حيث لن يسمعه أحد، ويرفع الحرج عنه، وهو حرج لا يعرفه المتسبب بسوء مستوى ووضع حماماتنا العمومية!
وللعلم فإن اليابان، بلد الكفر والكفار، عرفت هذا النوع من المراحيض قبل أكثر من ثلاثين عاما، وغالبيتنا لم يسمع بها، دع عنك وجودها في سوق قديم.
إن رقي الشعوب لا يقاس بثروات أفرادها، بل بما تقدمه حكوماتها من خدمات، وقد اصبح قضاء الحاجة في اليابان متعة، أما عندنا فمعاناة، بسبب كل هذا الكم من المسؤولين الذين لا يدركون أهميتها. وطبعا لا ننسى هنا إعادة الكتابة عن المستوى المخجل لحمامات صالة الوصول في مطار الكويت، الذي نصر على وصفه بالدولي!.
* * *
نؤيد القبس في موقفها من إيقاف الزميلتين «الوطن» و«عالم اليوم» عن الصدور. ونعتبر الإيقاف محنة جديدة تتعرض لها البلاد، وإساءة لمحبي المعرفة والحرية.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

مسرح الميدان الحزين

يبدو أن ما سبق وأن تطرقنا اليه في هذه الزاوية قبل فترة عن نية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إخلاء وهدم مبنى مسرح الميدان، مركز أنشطة «دار الآثار الإسلامية»، ومسرحها الوحيد، يحتاج الى توضيح. فقد تبين أن دار الآثار هي من الجهات الخاضعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون، ومبناها الحالي يتعارض مع مشروع كبير مزمع إقامته في موقع مدرسة عبد الله السالم، حيث يقع مسرح الميدان. وباتصال بالمجلس الوطني وسؤالهم عن سبب عدم إعلامهم المشرفين على الدار بنية إزالة المبنى بوقت كاف، خاصة أن النية كانت منذ سنوات على هدم المبنى، كما تطلب إعداد مخططات المشاريع المزمع إقامتها في مكان مدرسة عبد الله السالم، سنوات أخرى، فأين كنتم وكانوا؟ الجواب كان بسيطا، وهو أنهم سبق وأن أعلموا المشرفين على الدار بنية الهدم، وانهم لم يقوموا بترتيب أمورهم بالسرعة المطلوبة. ولكن بسؤال المشرفين على الدار اصر هؤلاء على أن أمر إخلاء المبنى جاء مفاجأة لهم، ولم يكونوا يوما على علم بنية الهدم، أو على الأقل بتلك السرعة.
كل هذا الآن ليس مهما، فقد حدث الذي حدث، وقررت «دار الآثار الإسلامية» الانتقال فورا، وبصورة مؤقتة، الى مبنى المستشفى الأمريكاني، في منطقة القبلة، حتى انتهاء موسمها الحالي.
الغريب في الموضوع أن اي مكتب هندسي بارع يقوم عادة، عند تصميم اي مبنى جديد، بدراسة الموقع ومحاولة الاستفادة من اي مبان قائمة، وجعلها جزءا من المشروع الجديد، خاصة إن كانت المباني القائمة وتلك التي ستقام مخصصة للغرض والهدف ذاتهما. فالمشروع الذي سيقام على أرض مشروع مدرسة عبد الله السالم ذو طابع ثقافي ويتكون من عدة صالات ومتاحف، وبالتالي كان من السهولة «اندماج» أو جعل مبنى مسرح دار الآثار الإسلامية جزءا منه، بدلا من هدم مبنى قائم ومجهز بصورة رائعة، وبناء آخر محله ليقوم بالنشاط نفسه. ولكن حيث إننا في الكويت، فإن كل شيء يمكن وممكن وسيمكن!
ننتهز هذه الفرصة لنحيي جهود القائمين على أنشطة دار الآثار التي نتمنى استمرارها من مقرها المؤقت، وأن تحظى قريبا بمقر دائم جدير بما تقدمه من أنشطة ثقافية عالية القيمة، وتعتبر متنفسا صحيا على الأهمية للمواطن والمقيم.
كما نحيي، بالحرارة نفسها، جهود المهندس علي اليوحة، المسؤول عن الثقافة والفن والأدب في الكويت، على جهوده الكبيرة في جعل حياتنا أكثر طراوة. كما نعلم أنه في صراع مستمر مع «حيتان متخلفة» كثيرة تحاول أن تسحب ما تبقى من طراوة في حياتنا.. ونتمنى لجهوده التوفيق!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

عندما تغيب الإرادة

لا يمكن أن يكون مسؤولونا بهذا العجز وعدم القدرة على اتخاذ القرار، ليس في الحيوي والواضح من الأمور فحسب، بل وحتى في أصغرها، فلا بد أن هناك شيئا أو سببا آخر يمنعهم من التصرف، فهذا التراخي أو العجز غريب وغير مسبوق، وربما يعود السبب لشعور المسؤول بأنه غير مجبر على العمل أصلا، فإن أصاب فلا شكر وإن خاب فلا عقاب. وبالتالي انحصر العمل تقريبا في قلة من الموظفين الشرفاء، أما البقية فهي إما لا تعمل أصلا أو تعمل إن رأت في ذلك منفعة شخصية لها، وهذه الفئة هي التي يتزايد عددها يوما عن يوم!
تعاني الكويت منذ سنوات مشكلة تتعلق بكيفية التخلص من تراكم ملايين الإطارات المستهلكة لديها، وضياع مساحات شاسعة من الأراضي لتخزينها، هذا غير اضرارها البيئية والأمنية، خاصة عندما يقوم «أشباح»، المرة تلو الأخرى بإشعال النيران فيها، مسببين تلوثا رهيبا في دولة صغيرة المساحة.
إن الكويت لا تنفرد بهذه المشكلة بالطبع، إذ سبق ان واجهتها دول العالم أجمع، وجميعها تقريبا نجحت، بطريقة او بأخرى، ليس فقط في التخلص من المشكلة، بل والاستفادة منها وتحقيق أرباح من إعادة تدويرها في صناعة أو اخرى، إلا نحن الذين اكتفينا بتجميعها، وبناء جبال سوداء مقرفة منها، بانتظار من يشعل النار فيها!
المسألة لا تحتاج الى عبقرية ولا الى جهود ودراسات معمقة، بل الى قرار، فهناك جهات عدة على استعداد، فور حصولها على الدعم المعنوي والمادي اللازم، القيام بمهمة معالجة المشكلة بطرق فعالة عدة.
كما أن بإمكان الدولة نفسها، عن طريق البلدية، أو اي جهة أخرى معنية بالبيئة، صرف مبلغ لا يزيد كثيرا على المليون دينار، واستيراد آلات التقطيع العملاقة، والتخلص من كل كميات الإطارات خلال أقل من عام واستعادة ملايين الأمتار من الاراضي الضائعة في تخزينها، والقضاء على مشكلة الإطارات مرة واحدة وإلى الأبد!
وعليه، من المستغرب أن نرى كل هذا التقاعس والتأخير في التخلص من كل هذا الكم من الإطارات التي لن تختفي، أو تتبخر من نفسها، بل هي بازدياد مستمر، والمشكلة طبعا مرشحة لأن تكبر أكثر.
الغريب أن لا رئيس الحكومة، ولا وزير البلدية، ولا أي جهة أخرى كلجنة البيئة في مجلس الأمة، تود مساءلة مدير عام البلدية وسؤاله: ليش ساكت؟ ولماذا لا تتخذ قرارا بخصوص هذه الإطارات، والحلول أمامك معروفة ومتوافرة؟ وماذا تنتظر؟.

أحمد الصراف

احمد الصراف

قالوا وقلنا

يقول سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بالأزهر، إن كل من يزعم أن حزبه قائم على أساس ديني، فهو كاذب مخادع لنفسه ولغيره! وقلنا إنه لم تصل دولة متقدمة لما وصلت إليه بغير اتباعها العلمانية طريقا، أي فصل الدين عن الدولة، والأمثلة أكثر من أن تحصى. وأكثر الدول تقدما وشفافية في الحكم والمؤسسات هي الدول الاسكندنافية، وهي الأقل تدينا في العالم المسيحي. كما أن أكثر المجتمعات تدينا وارتيادا للمعابد هي الأكثر تخلفا وبؤسا، وليس للدين علاقة هنا بالأمر بقدر ما هو الإصرار على ربط الدنيا وطريقة الحكم وشؤون الناس اليومية بالدين. وبالتالي ليس غريبا الاعتقاد بأن الاستبداد الديني الذي يشمل غالبية الدول المتخلفة في العالم، ومنها أغلب دول العالم العربي والإسلامي، لا يمكن أن ينتج عنه غير أنظمة دكتاتورية متسلطة تسمح لها نصوص دينية معينة بالبقاء في الحكم عنوة وجبرا من دون سند غير النص.
وفي هذا السياق، يقول المفكر المصري سيد القمني: لم تقم دولة إسلامية واحدة يوما برعاية قيم الحرية والعدالة والمساواة، بسبب خضوع الناس للاستبداد الديني وغياب الديموقراطية. فهذه لم تكن يوما لفظاً معلوماً في مخزوننا الثقافي، فكيف نسعى لاسترداد ما لم نكن نعرف أصلاً؟ فتاريخنا منذ فجر الخلافة وحتى سقوطها، واستمرار الخلافة مستبطناً داخل أغلب الحكومات الإسلامية الحالية، هذا التاريخ لا يعرف معنى للمساواة، فالناس منازل ومراتب، وليس في معجمه شيء اسمه ديموقراطية. موضوعاتنا نعرفها جميعاً، فهي شعر الفخر بالقبيلة ولو كانت من أضغاث الناس، وشعر الهجاء ولو لكسرى أو لقيصر، شعر يتحدى شعراً فقط. لدينا الجن والملائكة والفقه، لدينا كل كلام ممكن أن يقال، وربما كان يصلح لزمنه، أما اليوم فإنه يظل مجرد كلام غير عملي، لأن المجتمع الذي كان يطبقه قد زال من التاريخ منذ أكثر من عشرة قرون. ويقول الكاتب العراقي عبد عطشان هاشم إن الدولة المدنية هي الدولة التي تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والفكرية. وهناك عدة مبادئ ينبغي توافرها في الدولة المدنية، التي إن نقصت فلا تتحقق شروط الدولة، وأهمها أن تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث تضمن حقوق الجميع. ومن أهم مبادئ الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد أو طرف آخر. وتخضع الدولة المدنية للدستور باعتباره عقدا اجتماعيا ينظم العلاقة بين الشعب والسلطة المنتخبة، حيث يتم تطبيق شروط هذا العقد وحمايته من الانتهاك والخرق من قبل الافراد والجماعات من خلال سلطات التشريع والتنفيذ والقضاء، المستقلة عن بعضها البعض. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة التي يلجأ إليها الأفراد، عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك. فالدولة هي التي تطبق القانون، وتمنع الأطراف المشار اليها من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم ضد الآخرين.

أحمد الصراف

احمد الصراف

إحم إحم

“>نقلاً عن كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني عشر، والذي يتعلّق بقوامة الرجل على المرأة، من تأليف عجيل النشمي، وكوكبة من «العلماء»، ورد فيه التالي في أسباب «تفضيل» الرجال على النساء، وفي وصف غير مباشر لوضع ونفسية رئيسة الوزراء الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة الهند الراحلة أنديرا غاندي، والرئيسة السريلانكية باندرانايكا، والرئيسة الراحلة مارغريت تاتشر، وفلورنس نايتنجيل، والمحاربة الوطنية جان دارك، والطيارة المغامرة إيميليا إيرهارت، والمهندسة العالمية زهى حديد، والأم تريزا، وروزا باركس، والملايين غيرهن، أن «بحوث العلم وتحقيقاته» أثبتت أنهن يختلفن عن الرجل في كثير من جوانب الصورة والسمة (!)، ومع بلوغهن سن الشباب يعروهن المحيض الذي تتأثر به أفعالهن ومشاعرهن وجوارحهن! وتدل براهين علمي الأحياء والتشريح أن المرأة تطرأ عليها تغيرات مدة حيضها بأن تقل في جسمها قوة إمساك الحرارة، فتنخفض، ويبطئ نبضها وينقص ضغط الدم، وتقل عدد خلاياه، وتصاب الغدد الصماء واللوزتان والغدد اللمفاوية بالتغير، ويختل الهضم، وتضعف قوة التنفس، ويتبلد الحس، وتتكاسل الأعضاء، وتتخلف الفطنة (!)، وتقل قوة تركيز الفكر (!) وأشد منها فترة الحمل، علماً أن خصائص الأنوثة نفسها هي التي تجعل لديها قدرا كبيرا من العاطفة والوجدان بينما لا تبلغ ذلك في أمور الفكر والنظر (!).
وتتساءل هنا الزميلة ابتهال الخطيب، في مقال لها، عن سبب تعشش فكرة دونية المرأة عند الرجل العربي، والخليجي تحديداً؟ وترد بأنها لا تدري، وأدري أنها تدري، ولكنها اختارت وضع كلمة «إحم» لمقالها!
إن سبب تعشش مثل هذه الأفكار معروف، وإن كان مطموراً في بطون الكتب الصفراء لقرون، وكنا في غنى عن معرفتها، ثم جاء البعض بكتب ومناهج فيها الشطب والإزالة والتخريب الكثير، وحوّلوا كل ما يدعون فيها للرحمة والمحبة والتعاون إلى كراهية الآخر، المختلف عنا ديناً ومذهباً، وحتى جنساً! وبالتالي، فإن ما نراه الآن من تطرف وغلو لا يعدو أن يكون نتاج فساد ما زرعناه في مناهجنا من حقد وكراهية، فمتى نغير هذا التراث الأسود، ونزيل كل هذا التطرف من مناهجنا، ونضع نهاية لمرحلة بائسة ومعتمة من تاريخ التعليم في الكويت؟ ويصبح الأمر مدعاة للحزن حقاً عندما نعلم أن النصوص أعلاه مقررة على الجنسين، ولنا تخيل تداعيات ذلك المؤلمة على نفسية الطالبات!
ملاحظة: يقولون إن العلمانية معادية للإسلام، ولكن لو نظرنا إلى حكومات الدول العلمانية، لوجدنا أن المرأة، والمسلمة بالذات، قد وصلت فيها إلى أعلى المراتب، فماذا قدّمت جميع حكوماتنا للمرأة، ولغير المسلمة بالذات؟ لا شيء! وإذا كان توزير المسلمة في الغرب يهدف إلى تخريبها، فلماذا لا نخرب غير المسلمة عندنا بتوزيرها؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الإخوان وجامايكا

يقول الإخواني السابق ثروت الخرباوي إن عقيدة الإخوان تنحصر في أن التفكير خطيئة، والاختلاف جريمة، والسمع والطاعة فريضة، والمرشد يعلم أكثر من الجميع، ويفهم ما لا يفهمون، ومخالفة أوامره خيانة. ويقول المثل الجامايكي «أن تأتي متأخراً، خير من ألا تأتي أبداً»، ونورده بمناسبة قرار السعودية الأخير، المنسجم مع القرار المصري، وما تبعه من قرار إماراتي، باعتبار حزب الإخوان المسلمين، وغيره من الحركات الدينية المتطرفة، إرهابياً. لذلك، نرى من الضروري الترحيب بإعلان السعودية ومصر، وستتبعهم ربما بريطانيا قريباً، وهي التي كانت وراء فكرة تأسيسهم أساساً، بعد أن اكتشفت هذه الأطراف أن الإخوان هم نواة كل تنظيم خرب وفاسد في المنطقة، وما أصبحنا نراه من إجرام بشع في سوريا، إن كان من الجهات الإرهابية المتطرفة، ورد فعل النظام الشرس عليها، هو نتاج ذلك الفكر، في الوقت الذي لم يعرف فيه يوماً أن أياً من الأحزاب الليبرالية أو العلمانية، إن وجدت في بلادنا، قد تسببت في خراب مجتمع أي دولة والتسبب في تفجيره ونشر الاغتيالات فيه، هذا علاوة على أن الأنظمة الليبرالية لا تفرق عادة بين مواطني الوطن الواحد على أساس العرق أو الدين أو الطائفة، بعكس الأنظمة الدينية الاستبدادية.
والطريف، وربما المحزن، أن جميع دعاة ورعاة وحلفاء الإخوان في دول مجلس التعاون قد طأطأوا رؤوسهم مع ازدياد موجة الهجوم عليهم. وهذا إن كان أمراً مقبولاً من تيارات سياسية محددة، فإنه غير مقبول بتاتاً من تيارات دينية طالما ادعى أصحابها أنهم لا يبتغون من عملهم غير الأجر والثواب، فكيف قبلوا بهذا الخنوع، وأزالوا أردية الدين عن أكتافهم واختاروا الانزواء؟ ألا يدل ذلك على وصوليتهم؟ وكيف يمكن أن نقبل منهم، إن كانوا بالفعل دعاة صادقين، أن يرضوا بالمذلة ويسكتوا؟ وأين ذهب صراخهم وتباكيهم على مرسي وغيره، وإشاراتهم الرمزية، أم أن مناقصات الحكومة خير وأبقى من العمل الصالح والجهاد في سبيل الدين؟
في منهج وزارة التربية ورد سؤال عن أفضل الطرق لتقديم المساعدة للمحتاجين: التطوع في الهلال الأحمر، التبرع لبنك الدم، السفر للخارج بحثاً عن المحتاجين، أو تقديم المال للجمعيات الخيرية! وكانت الإجابة في دفع المال للجمعيات الخيرية! فهل هناك شك في الجهة التي وضعت مناهج مدارسنا؟.

أحمد الصراف

احمد الصراف

مشروع وطن

وضعت قوى ما يسمى بالمعارضة مشروع إصلاح سياسي، وصفته بالشامل، واعتبرته خلاصة جهد وعقول عملت من أجل تحقيق الاصلاح «المنشود». وقد تضمن المشروع جملة تعديلات مقترحة على كثير من مواد الدستور. وخلص بيان قوى المعارضة إلى أن منصب رئيس الوزراء أصبح من اليوم طموحا للمواطنين. كما وصف مشروع الإصلاح السياسي بأنه الذي سيتصدى لأنواع الفساد والتعديات على الدستور، من خلال جعل كل تشريع وفق الشريعة الاسلامية، ونحو إقامة نظام ديموقراطي برلماني كامل.
ونحن هنا، بالرغم من اتفاقنا مع قوى المعارضة في غالبية ما ورد في بيانها ومشروعها الإصلاحي، فإننا نشك بأن القوى الراعية له، والتي يشكل حزب الإخوان عمودها الفقري والفكري، مؤهلة أصلا لعملية التصدي لإصلاح الوضع السياسي في البلاد، والتمسك بالدستور وكفالة حرية المواطن وممارسته لها بشكل حقيقي! كما أن منطوق بيانها يمتلئ بالتناقضات التي تجعله مشروعا غير صالح، بالرغم من كل ما تضمنه من نقاط جيدة وأهداف نبيلة، فالكويت في ديوانية سين، ليست الكويت من على كرسي رئيس الوزراء، وليس هناك ضمان بأن من «سيأتي»، سيكون بالضرورة افضل ممن «سيذهب». فقد رأينا سابق أعمالهم وتعديهم على الحريات، وحتى اللعب بمقدرات البلاد، وبالتالي علينا التمسك بمن نعرف، خوفا من أن يأتينا من لا نعرف، او بالأحرى نعرف عنه ما يكفي لأن يجعلنا نشك في نواياه، وخاصة من جماعة الإخوان، ومن لف لفهم من المتزمتين كارهي الحريات ومبغضي المساواة، ولا نريد أن نستجير من المقدور عليه، بالنار التي ستحرق الأخضر، او ما تبقى منه، واليابس الذي ذهب مع الريح.
• ملاحظة: أي دولة هذه التي يقر فيها نائب، وفي مقابلة تلفزيونية، بأنه قبض أموالا نقدية مرتين من رئيس الوزراء، ليقدمها مساعدات للجهات الدينية في منطقته الانتخابية! إن هذا لوضع «خرطي»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

علاج المثليين ليس في البرلمان!

دعا النائب «حمدان العازمي»، رئيس لجنة الظواهر السلبية، الحكومة إلى مداهمة الشقق التي تؤوي المثليين، والتي يمارسون فيها المحرمات، حسب قوله. وأن هؤلاء المتشبهين بالنساء إما أن يعودوا إلى «رشدهم» ويتركوا حياة الذل والمهانة، أو يطبق عليهم القانون بأقسى درجاته. ولكنه طالب الحكومة بضرورة معالجة من يعاني منهم أمورا فزيولوجية وسيكولوجية معالجة نفسية وطبية (واضح أنه أورد كلمات ربما لا يعرف معناها) حتى يعودوا أفرادا صالحين ويندمجوا في مجتمعهم. كما طالب بإبعاد الوافدين المنتمين إلى هذه الفئة فورا، خصوصا أن مجتمعنا «المجبول على الفضيلة»، حسب قوله، لا يقبل مثل هذه الأمور! ولكن النائب نسي أن هذا المجتمع «المجبول على الفضيلة» قامت عشرة آلاف أسرة منه بالكذب في محررات رسمية وتزوير شهادات طبية والادعاء بأن أحد أبنائهم معاق للحصول على معونة مادية كبيرة من الدولة لسنوات، هذا غير آلاف الهاربين منهم من وجه العدالة ومن يماثلهم في السجون.
الأمر المضحك في مطالبة النائب أنه ركز، أو حاول «تشيش»، الداخلية على المتشبهين بالنساء، ونسي أن هناك متشبهات بالرجال، واللاتي ربما لا يقل عددهن عن غيرهن، فهل في الأمر سهو أم قصد؟
ما لم يعرفه، ولن يعرفه هذا النائب، أن الطب قال كلمته في المثليين، وأن ليس هناك حل سهل وسريع لمعاناتهم، فهم بشر، وغالبيتهم يرغبون حقا في أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي كبقية البشر، ولكن الأمر ليس بيدهم. كما أن وجودهم في أي مجتمع ليس أمرا طارئا أو بالجديد، بل ارتبط منذ الأزل بوجود الكائن البشري على وجه الأرض، فهم نتاج طبيعي لاختلالات هرمونية تدفع الفرد، ذكرا كان أم أنثى، إلى النفور أو من جنسه نفسه الانجذاب إليه. كما أن الشذوذ عن القاعدة أنواع، ويتعلق ليس فقط بالميول الجنسية، بل ويمتد أيضا ليشمل من يمتلكون أعضاء جنسية مشتركة أو مزدوجة أو لا شيء، فهذه طبيعة أي عملية إنتاجية، ولا يمكن وقفها أو التحكم في درجاتها بسهولة! وبالتالي فإن على أي مجتمع تقبل وجود هؤلاء كأمر لا مناص منه، وتوفير أقصى العناية الطبية والنفسية لهم، وليس نفيهم في الأرض وحرقهم، كما تطالب الكثير من التفسيرات الفقهية، خاصة أن النص الديني لم يأخذ موقفا صريحا وواضحا من هؤلاء، وبالتالي فإن إنكار وجودهم أو حبس حريتهم، وضربهم و«تأديبهم» لن يجدي نفعا.

أحمد الصراف

احمد الصراف

جمعيات الضباب

توجد في الكويت عشرات الجمعيات التي لا تنفع، ربما غير المشرفين عليها، فلا أنشطة ولا صوت، ومع مجالس الإدارة نفسها، وإن حدث التغيير فلمرض أو عجز أو موت، ويبقى الرئيس خالدا، وربما توضع جمعيات مثل «السلامة على الطرق»، و«الصحافيين»، وغيرها بين هذه الجهات، والتي انضم لركبها «جمعية الشفافية»، بعد أن اختار رئيسها ركوب رأسه ورفض ترك الجمعية، حتى بعد استقالة ما يقرب من نصف أعضاء مجلسها، وهو الذي اختار عدم الرد على ما أكتب عنه منذ سنوات، بخلاف رد أسهب فيه، من دون أن يقول شيئا. وأذكر أنني رفضت طلبه ادراج اسمي في كتاب الجمعية السنوي، «كتاب ضد الفساد»، بسبب خلل في طريقة اختيار الكتاب، حيث قال انه سيتضمن مقالات كل من كتب شيئا عن الفساد، ولو كان أكبر فاسد!
لقد آمنت منذ سنوات عدة بأن جمعية الشفافية تابعة لفكر جمعية الإصلاح، الذراع المحلية للتنظيم العالمي للإخوان. وزيارات ومشاركة عدد من كبار جمعية الإصلاح وإدارييها لمقر الشفافية والعمل في لجانها وأنشطتها أمر لا يخفى، ولكن كتاباتي بخصوص هذا الارتباط لم تلق آذانا صاغية من معظم أعضاء مجلس الإدارة، قبل استقالاتهم الأخيرة، ولا حتى من كوادر الجمعية النشطة، وفجأة ظهرت الحقيقة وتبينت التبعية، واعلنها من سبق أن دافعوا عن استقلالية للجمعية. وكان سعي رئيس الجمعية الى كسب دعم سمو رئيس الوزراء لأنشطة الجمعية واستخدام لقبه وسلطته في إضفاء الجدية و«الشرعية» على أعمال الجمعية وجوائزها، أمرا مستغربا. فمثل هذا الدعم المعنوي عادة ما يصاحبه دعم مادي، فكيف لجمعية تراقب أداء الحكومة، أن تقبل بدعم رئيسها لأعمال الجمعية ورعاية جوائزها، ومنها جائزة الكويت للشفافية، والتي وضعت لقياس الإصلاح والفساد في الجهات الحكومية؟
لقد جاء قرار وزارة الشؤون الأخير بتأجيل عقد الجمعية العمومية للشفافية مؤشرا ربما على وجود خلل كبير، ولو كنت مكان رئيس الجمعية لقدمت استقالتي فورا! فقد كان غريبا منه، أو العكس، الدعوة لفتح باب الترشيح لمجلس جديد، قبل الدعوة لجمعية عمومية، وهو الأمر الذي تسبب ضمن أمور أخرى، لاستقالة رئيس مركز الشفافية للمعلومات، وأحد كبار مؤسسي الجمعية، هذا غير ما اثير في الصحافة وغيرها من تضارب مصالح بعض القائمين على مؤشر مدركات الاصلاح، ورفض قبول اشتراكات أعضاء مناوئين لتوجهات رئيس الجمعية، وانكشاف حصول بعض جهات حكومية على جائزة الجمعية، وهي مدانة من قبل ديوان المحاسبة. كما ظهر أن أغلب من يعملون في الجمعية كاستشاريين ومحكمين يعملون في الوقت نفسه في الجهات الحكومية نفسها أو غيرها.

أحمد الصراف