احمد الصراف

غازاتنا وغازات اليابانيين

“>في عام 1993 وقعت 162 دولة على اتفاقية دولية ملزمة تمنع إنتاج، أو تخزين، غاز السارين Sarin القاتل، وغيره من الغازات السامة. كما نصت الاتفاقية على ضرورة قيام الموقعين عليها بالتخلص مما لديهم من مخزونهم مع نهاية عام 2007. ولم توقع بعض الدول، ومنها سوريا وكوريا، على الاتفاقية، ولم تلتزم أخرى بها.
يعتبر غاز السارين من الغازات القاتلة والسامة، وهو مخادع حيث لا لون له ولا رائحة، ويستخدم سائلا كسلاح كيماوي وتأثيره خطير على الأعصاب والجهاز التنفسي، وهو مصنف من أسلحة الدمار الشامل، التي طالب المجتمع الدولي مؤخرا سوريا، وبضغط أميركي، بالتخلص أو التخلي عن مخزونها الهائل منه، بعد أن راجت شكوك قوية بأنها استخدمته ضد المدنيين فيها!
اكتشف علماء ألمان غاز السارين عام 1938 بطريق الصدفة، وكان ذلك أثناء بحثهم عن مادة تستخدم كمبيد حشري قوي، ولكن ألمانيا النازية لم تتح لها فرصة استخدامه، قبل ان تهزم في الحرب العالمية الثانية. ولكنه استخدم أكثر من مرة في سوريا مؤخرا، كما سبق أن قام المجرم العراقي صدام حسين، باستخدامه في مارس 1988 ضد مواطنيه الأكراد العزل في قرية حلبجة، ولقي أكثر من خمسة آلاف بريء حتفهم من جراء ذلك، وعاد ذلك الحقير، بعدها بشهر، لاستخدام ذلك السلاح ضد القوات الإيرانية.
وفي مارس 1995 قامت مجموعة يابانية إرهابية، متشددة دينيا، بخمس هجمات متزامنة على مستخدمي قطارات الأنفاق في طوكيو، مستخدمة غاز السارين السام، ونتج عنها وفاة 13 شخصا وإصابة أكثر من ألف آخرين بإصابات خطيرة عدة. وقد استخدم الإرهابيون حاويات القمامة الصغيرة في محطات الأندركراوند لوضع قنابل الغاز قبل تفجيرها. وقد قامت السلطات اليابانية اثر ذلك، وكنوع من اجراءات الحيطة، بإزالة كل حاويات القمامة الصغيرة تلك من كل الأماكن العامة، وحتى من الشوارع الرئيسية والحمامات العمومية ودور المسرح والسينما، ودفعت الشعب الياباني، النظيف بطبيعته، للتأقلم مع الوضع والعيش من دونها. وهذا ما حصل بالفعل حيث أصبح الجميع تقريبا يحمل اية فضلات من علب البلاستيك أو الورق أو المحارم الورقية أو أية فضلات بسيطة أخرى، يحملها في جيبه أو في حقيبة اليد النسائية، والتخلص منها في البيت أو في اي مكان مناسب ومخصص لهذا الغرض. وعندما وجدت السلطات أن الملايين تأقلموا مع الوضع، وتعايشوا مع مدن لا وجود لسلال الزبالة فيها، قررت عدم إعادة استخدامها، وكان ذلك قبل 20 عاما، وبالتالي أصبحت اليابان الدولة الأكثر ندرة بحاويات القمامة، والأكثر نظافة. أما الوضع عندنا فإننا من الدول التي نجد لديها اكبر كم من الحاويات وسلال الزبالة ومع هذا تجدنا الأقل نظافة، فلا يخلو مكان، وخاصة الحمامات مثلا، من أوساخ وأوراق مرمية على الأرض، وسلال الزبالة قربها خالية، فاغرة فاها!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

جامعات وشهادات

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

أجرى تلفزيون الوطن قبل فترة مقابلة مع النائب عبدالحميد دشتي ونائب مبطل العضوية، وتبين أثناء النقاش أن النائب دشتي يحمل شهادة دكتوراه، وهنا سأله النائب المبطل عن مصدر شهادته، فرد بأنه حصل عليها من جامعة فرنسية، وبعد إصرار السائل على معرفة اسم الجامعة قال دشتي، بتردد واضح، إنها من جامعة «الإبداع»! وبالرغم من حرص وإصرار مقدم البرنامج والنائب المبطل على معرفة اسم الجامعة باللغة الفرنسية، أو حتى بالإنكليزية، فإن دشتي رفض البوح بالسر، أو الاستطراد أكثر في الموضوع! ونحن لا نود التشكيك في مقدرة النائب على فهم الإنكليزية، ولكن شكوكنا ربما تتعلّق بلغته الفرنسية، دع عنك حصوله على شهادة دكتوراه فيها، ولكن هذا أمر نتركه للتاريخ، وليس موضوعنا هنا، علماً بأنني سبق أن قضيت، وأنا طالب، 3 سنوات في دراسة اللغة الفرنسية، واليوم لم يتبق لدي من مفرداتها غير 50 كلمة، بالكثير.
موضوع مقالنا يتعلّق بكل هذا العدد الغريب والمزعج من حملة شهادات الدكتوراه لدينا، بحيث أصبح ظاهرة فريدة، وهذا ربما يكون نتاج تخلف أغلب مكونات الدولة، وتدني ثقافة أغلبية أفراد المجتمع، والسكوت عن الخطأ. فعندما «تخرّج» أول من يحمل شهادة دكتوراه «مضروبة»، وكانت في التدليك، لم يكلف أحد بسؤاله عن صحتها، وتم توظيفه على أساسها. هذا السكوت شجّع غيره، وهكذا أصبح لدينا حالياً خلال فترة قصيرة جيش من حملة شهادات جامعية وشهادات دكتوراه «غير المعترف بها». وبطالتهم دفعتهم إلى تكوين اتحاد أو رابطة تجمعهم للضغط على الجهات الحكومية لتشغيلهم، بعد الاعتراف بشهاداتهم التي لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ولا كلفة حبر أختامها! والغريب أنها بعد أن كانت هدف ضعيفي الحال والقدرة، أصبح الآن حتى «المشاهير»، من سياسيين وغيرهم، يسعون لشرائها، ومن بعدها بذل الجهد لمقابلة كبار المسؤولين بمناسبة حصولهم عليها، أو بالأحرى الانتهاء من شرائهم لها، وأخذ الصور التذكارية معهم، وهم يحملون شهاداتهم.. المضروبة في الغالب!
وحيث إن عدد حملة شهادات الدكتوراه أصبح على «قفا أو ظهر من يشيل»، فقد دفع ذلك بعض «الدكاترة» للنأي بأنفسهم عن حملتها، وذلك عن طريق إضافة حرف «أ» لحرف الـ«د» الذي يسبق أسماءهم، وليصبحوا بالتالي «الأستاذ الدكتور»، أو الدكتورة، هكذا دون أي مسوغ أكاديمي. وأعداد هؤلاء في تزايد مطرد، وتجد ألقابهم، غير الصحيحة غالباً، تسبق أسماءهم في الصحف والمجلات والمقابلات وبطاقات الزيارة، ولا أعتقد بأن بالإمكان التقليل من هذه الظاهرة بغير تسليط الضوء عليها، فربما يشعر هؤلاء بالحرج، وقد يدفع هذا بعضهم إلى التوقف عن انتحال ألقاب أكاديمية من دون وجه حق!
يقول الصديق «كمال يامولكي» إنه كان يشاهد يوماً برنامجاً تلفزيونياً يبث على الهواء، وإن المذيعة سألت «الأستاذ الدكتور» عن اسم مؤلف رواية «البؤساء» الشهير، فرد «أ.د» بأنه «هواري بومدين»!

احمد الصراف

الشفاف عندما يصبح معتماً

“>يصبح الأمر مضحكاً عندما يقوم مدير شركة حراسة بسرقة خزانة الشركة، ومبكياً عندما تنقطع المياه عن مكتب مدير مركز تحلية مياه البحر، ويصبح الأمر بحكم الكارثة عندما تختفي الشفافية والوضوح من تصرفات معظم المسؤولين عن جمعية الشفافية! فمنذ استقالة عدد من ابرز أعضاء مجلس إدارة الجمعية، ورفض وزارة الشؤون طلب رئيسها عقد جمعيتها العمومية، وتأجيل الأمر لأجل غير محدد، والغموض والصمت المريبان يلفان الجمعية، فلا تصريح يتحلى بالشفافية يبين سبب استقالة الأعضاء، ولا بيان واضح، او حتى نصف مبهم، يشرح أسباب رفض «الشؤون» عقد الجمعية، فكيف بعد كل ذلك يمكن أن نصدق، وفي خضم كل هذه الفوضى وعدم الشفافية، استحقاق رئيس الجمعية لوسام «فخري» من فرنسا؟ ولماذا لم يقم رئيسها بالرد على ما ورد في مقال للزميل نبيل الفضل، وهو نائب في مجلس الأمة وشخص يفترض أنه مطلع وقريب من مراكز اتخاذ القرار بحكم منصبه، من اتهامات خطرة طالت الجمعية وخفايا تأسيسها؟ أو ما ذكره من أن «حدس» (الذراع المحلية لحركة الإخوان المسلمين في الكويت) هي وراء تأسيس الجمعية، فيما يسمى بمرحلة «التمكين»، التي تتمثل في تغلغل الإخوان في نسيج المجتمع الكويتي، وكيف كان صلاح الغزالي وناصر الصانع، حسبما، ورد في مقال الزميل والنائب الفضل، على رأس هذه الحركة؟ وأين الجمعية مما ورد في المقال نفسه من «إخوانية» الجمعية؟ وأن تمويلها يأتي من بعض جهات رسمية في الدولة.
فإذا كانت الجمعية، أو رئاستها الدائمة، عاجزة عن الرد على كل هذا السيل من الاتهامات، فهل لا تزال لمجلس الإدارة شرعية ووجود؟ وما سبب سكوت بقية أعضاء المجلس عن الرد على هذه الاتهامات، على الرغم من خطورتها، وتأثيرها السلبي على كل أنشطة الجمعية وخططها المستقبلية وتقاريرها، وحتى ما سبق أن منحته من جوائز «شفافية» لعشرات الجهات الحكومية؟
وعليه، وفي ضوء كل هذا اللبس والخراب، فإننا نتعهد بعدم السكوت عن تجاوزات هذه الجمعية ولا عن طريقة إدارتها، ونتمنى على بقية أعضاء مجلس الإدارة المبادرة الى تقديم استقالاتهم لوزارة الشؤون، مع السعي لقطع كل صلاتهم المالية وغير المالية بجميع الجهات الرسمية، وبأي حركات أو أحزاب دينية، هذا إن كانت تود الاحتفاظ بمصداقية تقاريرها مستقبلا.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

بودرة الأذن

كنت أعتقد، قبل رحلتي الأخيرة إلى اليابان، أن البشر جميعاً يتساوون في شكل ونوع ما تفرزه أجسامهم من مواد، ومنها إفرازات الأذن. ولكن حقيقة طريفة دفعتني للبحث أكثر في الموضوع. ففي الفندق الذي أقمنا فيه في أوساكا، اليابان، وجدت، بين المواد التي عادة ما توفرها الفنادق لنزلائها، أن الأعواد البلاستيكية التي تستخدم لتنظيف الأذنين مختلفة عما اعتدنا عليه، ففي أحد طرفيها كرة قطن صغيرة، وفي الطرف الآخر ملعقة بلاستيكية صغيرة! واعتقدت أنها تستعمل لـ«هرش» الآذان، وعندما استخدمتها شعرت بالألم، وبالسؤال قيل لي إنها تستخدم لتنظيف الأذنين، وبالسؤال أكثر قيل لي إن اليابانيين يختلفون عن بقية شعوب الأرض في أن آذانهم لا تفرز المادة الشمعية الصفراء اللزجة التي تفرزها آذاننا، بل تتكون بداخلها مواد تشبه الكلس في صلابتها، وتتطلب إزالتها كشطها بملعقة صلبة صغيرة! استنكرت الجواب، وقمت بالبحث في الإنترنت، فتبين لي صحة ما ذُكر لي، وتبين لي أيضا أن الأمر يشمل شعوباً كثيرة أخرى، ولا يقتصر على اليابانيين. وقد شكلت تلك الظاهرة لغزا لفترة طويلة، إلى أن تمكن العلماء من تحديد الجين الذي يتسبب في اختلاف صلابة شمع الأذن الذي تفرزه آذان البعض عن غيرهم. وقد بينت الآثار في أوروبا أن الرومان سبق أن استخدموا أدوات حادة في تنظيف آذانهم.
المهم في موضوعنا هنا أن الغالبية تقوم، يوميا تقريبا، بإزالة المادة الشمعية من آذانها. ويفترض طبياً خطأ هذا التصرف، فالآذان تقوم بالعناية بنفسها، وتطرد الشمع الزائد للخارج، ليتبخر من تلقاء نفسه، واستخدام الرأس القطني، أو الملعقة الحادة في «التنظيف» تصرّف لا داعي له غالبا، فهو يُفقد الأذن الحماية اللازمة. فما تفرزه الأذن يبقي مجرى السمع محصناً، ويمنع دخول الشوائب، وبالتالي علينا التوقف عن عادة تنظيف الأذنين بصورة مستمرة، وحتى لو شعرنا بآلام بسيطة فيها، فإن من الخطأ الإسراف في تنظيفها، أو وضع سوائل كالشمع الحار أو زيت الزيتون الدافئ فيها، بل أن نبقيها كما هي، مع تنظيف الأذنين، إن لزم الأمر، من الخارج فقط.

***
هذه الملاحظة قد لا تعجب الكثيرين!
أؤيد استقالات النواب العدساني والكندري والقويعان. وأتمنى أن يحذو نواب آخرون حذوهم، فقد تدهور الوضع السياسي إلى درجة لا تُطاق!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الشق العميق في الوادي السحيق

“>لدينا، مقارنة بعدد السكان، أكبر نسبة من رجال الدين في العالم، ينتمون لكل عقيدة ومذهب. ولا ينافسهم في العدد غير كثرة دور العبادة، التي تنتشر في كل مكان، بحيث أصبح بعضها يزيد على حاجة أي منطقة سكنية أو تجارية.
كما لا تشكو المناهج المدرسية في التعليم العام أو الخاص من كثرة المواد الدينية، التي أصبح وقت التلميذ والطالب الدراسي متخما بها.
كما لا يمكن أن نخفي ارتفاع دخل الفرد في الكويت، والذي قد يكون الدخل الثالث او الرابع الأعلى في العالم. كما لا توجد في الكويت بطالة، لمن يود حقا العمل. كما توفر الحكومة خدمات عدة للمواطن، مع كل مآخذنا عليها، وتقوم فوق ذلك بدعم مواد كثيرة، حتى أعلاف الماشية.
ولكن، بالرغم من كل هذه المظاهر الدينية، والثراء النقدي والدخل الفردي المرتفع وتوافر الوظائف وفرص التجارة والعمل الحر للجميع تقريبا، مع غياب تام لأي نظام ضرائبي معيق، إلا أننا لا نجد للكويت مكانا، ولو قريبا من الخمسين دولة الأكثر أمانا في العالم! ففي مؤشر السلام والأمان العالمي، تأتي دول كالدانمرك ونيوزيلندا وفنلندا في المقدمة، «دافشة» الكويت لمستويات أدنى بكثير! فما السبب في ذلك ما دمنا نمتلك، حسب فهمنا، كل مقومات الأمن والأمان، خاصة أن الكويت كانت، قبل أن تغزوها المظاهر الدينية المخادعة، وحتى ستينات القرن الماضي، واحة أمان، عندما كان أصحاب محال الخضار أو المكسرات وغيرهم يكتفون بتغطية بضائعهم المعروضة بقطع قماش بسيطة، ويغيبون عنها لساعات، لتناول الغداء أو لأخذ قيلولة، من دون الخوف عليها من السرقة؟
الجواب هو أن كثرة دور العبادة أو الزيادة في عدد رجال الدين، أو ارتفاع دخل الفرد وتوافر الوظائف لا تكفي جميعها لخلق بيئة أمينة وآمنة، وأن المسألة تتعلق بالأخلاق، وهذه لا يمكن اكتسابها إلا من البيت، بوجود قدوة صالحة في الأبوين، ولو بحدودها الدنيا، ومن ثم تكريس تلك القدوة أو الأمانة من خلال مناهج دراسية تتعلق بالأخلاق! ولكن ما نلاحظه اليوم هو غياب القدوة في غالبية الأسر أو «العائلات» الكويتية، وغياب تام للمادة الأخلاقية من مناهج المدارس، والحكومية منها بالذات، وهذا ما أوصلنا لهذا الدرك الخلقي المتواضع الذي نحن فيه!
وفي السياق نفسه، نجد أن الدول الإسلامية هي غالبا الوحيدة في العالم التي لديها هوس عقد مؤتمرات قمة دينية بين الفترة والأخرى. وبالرغم من تعدد تلك المؤتمرات، فإن أيا منها لم يتمخض يوماً عن شيء حيوي، ولا أعتقد أن القائمين عليها سيفكرون يوماً بسؤال أنفسهم عن سبب تدهور الأخلاق في المجتمعات العربية والإسلامية، مع كل ما لدينا من «مظاهر دينية»، وربما الدعوة للعكس تكون أقرب للصحة.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

الشكر والشكوى

“>على الرغم من خيمة الفساد التي تغطي سماء الكويت، والتي أخفت الأدخنة السوداء المتصاعدة من حرائق جبال إطارات «إرحية» وغيرها، جزءا منها، وجعلت الجميع يشعر باليأس من أن الأمور في البلد ربما خرجت عن نطاق السيطرة، وان الوضع قد يكون في انحدار مستمر، فان هناك من يعملون في الدولة بصمت واخلاص ويجعلونك تشعر بأن العالم لا يزال بخير، وأن النخوة والمروءة لم تموتا تماما أو تمحيا من كل النفوس، بالرغم من كل الضغوط والاحباطات وسيل الإشاعات والأخبار الفاسدة والمفسدة التي تتآكل من سماعها وسقمها أكباد الكثيرين من عاشقي هذه الأرض، ومن اصحاب الضمائر الحية، الذين تتناقص أعدادهم كل يوم.
ومن هذه الأخبار الطيبة ما ذكره صديق مطلع في وزارة الشؤون بأن الوضع في دور أبناء الشؤون، أو مجهولي الأبوين، التابع للوزارة، قد تغير 180 درجة في الفترة الأخيرة، بحيث أصبحت هناك «قائمة انتظار» لتبني المواليد الرضع، وهو الموضوع الذي سبق ان كتبت عنه مرارا، بعد أن كانت طلبات تبني هؤلاء ترفض، وغالبا لأسباب غير منطقية. وأن وضع سيئي الحظ هؤلاء قد تغير للأفضل، وان الفضل في ذلك يعود لوكيل الوزارة المحامي عبدالمحسن المطيري.
كما ان الإدارة العامة للهجرة اصبحت مكانا أفضل بعد أن تولى إدارتها عدنان الكندري وطلال معرفي، اللذان نتمنى منهما بذل جهد اكبر لتحسين وضع مبنى الهجرة المتهالك والمتآكل، خصوصا في السراديب.
كما يستحق العميد محمد الفرحان، مدير التوجيه في الحرس الوطني، الشكر منا لقيامه، في وقت قياسي، بالاستجابة لما سبق ان كتبنا عن الوضع المؤسف للساحات المخصصة لإيقاف مركبات منتسبي الحرس، وكيف أنها كانت مثال الفوضى وعدم المسؤولية، وكيف أصبحت خلال أيام قليلة عكس ذلك تماما.
كما نتمنى من مدير المرور، اللواء عبدالفتاح العلي، الذي بالرغم من مآخذنا عليه، بذل جهد أكبر للسيطرة على المخالفات. وان عليه أن يعرف بأن المواطن والمقيم اصبحا لا يفهمان إلا اللغة التي تخاطبه من خلال جيبه.
كما يستحق الشكر منا كل من يعمل على رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، وطبعا قبلها علف الماشية وغير ذلك، وتوجيه ما يتم توفيره، وهو بمليارات الدولارات، نحو رفع مستوى الخدمة والمعيشة في الكويت لكل من عليها. فوضع المطار سيئ ووضع الحمامات العمومية مخجل، إن وجدت اصلا، ووضع مواقف الباصات (المكيفة في دبي) مؤسف.. وهكذا!.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

تشجيع الاغتصاب

“>أعتقد أن الاغتصاب الجنسي، وللنساء بالذات، يعتبر في مفهومي التعدي الأقصى على النفس البشرية، وغالبا ما يكون أقسى من الموت، فبالموت تنتهي الحياة وتنمحي التجربة، ولكن تبعات الاغتصاب البشعة تبقى مع الضحية إلى الأبد، ويلاحقها شبح المعتدي عليها، هذا غير تبعات الأمر النفسية والجسدية من حمل وإصابة بمرض معد. وبالرغم من كل ذلك فان المجتمعات الذكورية المتخلفة تتعامل غالبا مع الاغتصاب بخفة واضحة، وتتصرف بقسوة شديدة مع المعتدى عليها، وليس المعتدي، الذي عادة ما ينفذ بجلده، وبفخر!
تقول الكاتبة العراقية منى حسين ان موضوع التحرش الجنسي والاغتصاب قديم جدا وعنوان لصراع ديني وسياسي. وكل يوم هناك جريمة اغتصاب، والضحية دائما وابدا امرأة، فإن دافعت عن نفسها أو صمتت فهي مدانة. وتشير في مقالها في موقع «الحوار المتمدن»، لما تعرضت له مهندسة ديكور ايرانية بالغة من العمر 22 عاما، التي تعرضت لمحاولة اغتصاب، مع سبق الاصرار والتصميم، ولكنها دافعت عن نفسها ورفضت أن تكون مغتصبة، فقاومت وتمكنت من قتل من حاول اغتصابها، وكانت النتيجة أن «المحكمة الدينية» الذكورية في وطنها حكمت عليها بالإعدام، ربما لأنها رفضت تدنيس كرامتها وإنسانيتها ووجودها، وهي لو رضيت واستسلمت لمغتصبها لما كان مصيرها بأفضل من ذلك، فغالبا ما كان أخ أو اب سيقوم بالانتقام منها، لأنها دنست «شرف» الأسرة، ولا يغسل العار بغير قتلها، والأمثلة من حولنا، في الأردن والمغرب وباكستان وأفغانستان والخليج، أكثر من أن تعد أو تحصى.
وتتساءل الزميلة عن سبب هذا التمييز، ولماذا يسمح «قانون غسل العار»، غير المكتوب غالبا، في دولنا للرجل بقتل من يشك بشرفها، وإن دافعت وانتقمت من مغتصبها تدان فورا ويحكم عليها بالاعدام؟ وتستطرد، من دون الإجابة عن السؤال بطريقة مباشرة، بأن التحرش والاغتصاب بات امر بشعا ومؤلما، ويعبّر عن مدى همجية مجتمع الطبقات الذي يضع قوانينه من يمثلون الذكورية والتمييز والتعصب، مستندين الى تشريعات تبيح لهم الاعتداء على المرأة في كل وقت وزمان، واغتصاب طفولة الصغيرات والقاصرات عموما، ليس بعيدا عن ذلك، هذا غير التعدد والانتقاص، وكل ما له علاقة بإهانة انسانية المرأة واذلالها بحجج تفتقد أدنى متطلبات المنطق من خلال وصفها بالغاوية، وأن مكانها البيت، وإن خرجت فبغطاء يخفيها عن أعين الرجال، ويبعد ميل الاغتصاب عنها.
إن المجتمعات التي تعاقب المرأة ان اغتصبت وتعاقبها بالقدر نفسه إن دافعت عن شرفها وإنسانيتها، وصحتها، هي مجتمعات لا يمكن أن تتقدم، وما علينا غير النظر حولنا، وسنعرف حينها وضعنا، وشقيقاتنا، في هذا العالم الواسع!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

أخبار السفر جواً

اكتشفت أخيرا أنني مررت في السنوات الثلاث الأخيرة فقط بـ200 مطار تقريبا، وهذا دفعني للبحث في بعض أخبار السفر جوا، فتبين لي أن السفر جوا ليس فقط الأكثر راحة، بل والأكثر استخداما وأمانا وبـ180 مرة من السفر بالسيارة. فهناك يوميا ما يزيد على 100 ألف رحلة جوية منتظمة، وأضعاف ذلك من الرحلات الخاصة التي تنقل مئات الملايين. ينصح خبراء السفر بعدم إطالة الجلوس في مقعد الطائرة، أو على الأقل تحريك القدمين بطريقة محددة، أثناء الجلوس الطويل. كما ينصحون بشرب الماء باستمرار، ولكن إن كانت معبأة، فمياه حمامات الطائرة لا تصلح حتى لتنظيف الأسنان، أو المضمضة. وبالرغم من أن تعليمات الطيران تتطلب من المسافرين، عند انخفاض الضغط، وضع أقنعة الأوكسجين قبل مساعدة الغير في ارتدائها، وخاصة الأطفال، إلا أن قلة من الأمهات تؤمن بأن عليهن البدء بأنفسهن، وهذا يشكل خطرا عليهن وعلى أحبتهن. فعندما تتدلى أقنعة الأوكسجين هناك 20 ثانية فقط لوضع القناع قبل مساعدة من معنا، وحتى لو غاب الطفل عن الوعي لثوان بسبب نقص الأوكسجين، فإن هذا لن يؤثر فيه، علما أن هذه الفترة كافية للطيار ليهبط لمستوى أدنى، بحيث يصبح بإمكان الركاب التنفس بصورة طبيعية. وزيادة في الأمان من الأفضل وضع أقفال صغيرة على حقائب اليد، وخاصة في الرحلات الطويلة التي عادة ما يضطر المسافر فيها للنوم. كما أن من الأمور الطريفة أن لا أحد فكر يوما، حسب علمي، بإعطاء المضيف أو المضيفة إكرامية أو بقشيشاً، وسأحاول ذلك في رحلتي القادمة لأعرف ردة الفعل!
ومن إجراءات السلامة في أي طائرة أن كابتن الطائرة ومساعده لا يتناولان الطعام من المصدر نفسه، بل يحرصان على أن يكون من شركتين مختلفتين، خوفا من التسمم. أما التحذير من استخدام الهواتف النقالة، أثناء الإقلاع والهبوط، فلا تأثير له في اجهزة الطائرة، وقريبا ستقوم شركات طيران برفع هذا الحظر. وأساس التحذير يعود إلى أن الطيار لا يرغب في التقاط مئات إشارات استخدام الهواتف النقالة على جهازه، اثناء انشغاله بالإقلاع أو الهبوط. كما أن مجرد تخيّل قيام 100 مسافر أو أكثر، في اللحظة نفسها، بتشغيل هواتفهم أمر مثير للإزعاج.
كما تبين لي، أن الملصقات التي تضعها شركات الطيران على الحقائب، والمتعلقة بضرورة العناية بحملها بسبب قابليتها للكسر أو التلف، أو تلك التي تطالب عمال المطار بإعطاء الحقيبة الأولوية في الوصول لا معنى لها أبدا! فالحقائب تصل غالبا، وهي «مرضرضة» ومن دون أي ترتيب محدد.
كما أن سبب وجود «طفايات» في حمامات الطائرات، بالرغم من أن التدخين ممنوع، يعود إلى أنه حتى لو خالف أحد التعليمات، ودخّن، فيجب توفير طفاية لكي يضع بها عقب سيجارته، بدلا من رميها في الزبالة.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

كبد التي «بطّت» الكبد

تعتبر جواخير، أو زرائب كبد، من الأمثلة الواضحة على كيفية تطور الفساد الاجتماعي والسياسي وانتشاره، وهذا ربما يرتبط بالهدف والطريقة التي تم بها توزيع هذه الزرائب، من خلال شراء ولاء أغلب المستفيدين منها، وهم غالبا شخصيات قبلية وطائفية وسياسية، ومن بعدها غض الحكومات الرشيدة نظرها عن كل مخالفات المنطقة على مدى 40 عاما، والتي لو عولجت في لحظتها لما وصل الوضع الفاسد الى هذا الدرك، ففضائح الإيداعات والمدفوعات ما هي إلا نتيجة للسكوت عن مخالفات الجواخير، التي اصبح ما اقيم عليها، مع مرور الوقت، من استراحات فخمة وفلل سكنية ومخازن تأجير وحتى مساكن عمال، أمرا واقعا ومشروعا! وما تعرفه الحكومة وكل أجهزتها الأمنية أو المعنية بالزراعة، أن ليس هناك من هو معني بتوفير الأمن الغذائي، وهي ذريعة وراءها من حصل على الجواخير ومن وزعها. فاقتناء بضعة آلاف من رؤوس الماعز أو الإبل لا تعني شيئا لدولة نهمة، يكاد يقارب عدد سكانها أربعة ملايين. كما تعلم الحكومة جديا أن ليس في الأمر تربية ماشية أو ممارسة لهواية «الأجداد» في اقتناء «الحلال»، بل قد يكون التنفيع والتنفيع المستمر، فما يصرف من علف مدعوم لماشية، ربما غير موجودة، والذي يباع في السوق السوداء، يدر دخلا إضافيا على بعض مقتني تلك الحيازات. كما تعلم الحكومة أن هذه المنطقة، بسبب سوء خدماتها، وزيادة ما فيها من عمالة سائبة تمثل مصدر قلق أمني لأجهزة الداخلية التي لم تتوقف، بين فترة وأخرى، عن الإعلان عن شن حملات امنية فيها، وإلقاء القبض على محكومين بالسجن وفارين من وجه العدالة وغيرهم من المطلوبين، وكان آخر تلك الحملات في 28 مارس الماضي، وبحضور كبار مسؤولي الداخلية، وفريق إعلامي أمني. ولم تقم الداخلية يوما بالتحذير مما يشكله وجود منطقة جاذبة للجريمة ومشجعة عليها، ككبد وغيرها، والتي لو كانت حقا تستخدم كزرائب لكانت الأكثر أمانا في الدولة، فالحيوانات لا تخالف قوانين الإقامة ولا تصدر أحكام قضائية عليها!
إن اللوم لا يوجه فقط الى الجهات الأمنية وهيئة الزراعة، لفشلها في مراقبة حسن استخدام القسائم الرعوية أو الزراعية في الأغراض المخصصة لها فحسب، بل يوجه وبقدر أكبر الى «الجهات المعنية»، التي كلما رفع لها تقرير عن وضع تلك المناطق طالبت بتأجيل اتخاذ القرار أو تطبيقه على «ناس وناس»، أو نقل تبعية هيئة زراعية الى وزارة النفط!
ليس سرا أن العديدين حصلوا على قطع بملايين الأمتار في تلك المنطقة لقاء لا شيء، وبالتالي فإن ما ذكره النائب نبيل الفضل من أن منطقة كبد، بتخصيصها الحالي، هي منطقة ضائعة ولا فائدة منها، صحيح، ونؤيد اقتراحه بتفعيل حق الدولة في استعادتها، مقابل تعويضات لشاغليها غير المخالفين، وتحويلها الى منطقة سكنية، خاصة بعد أن تبين أن %70 من الإصابات بمرض «كورونا» مصدرها الإبل.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الإصرار على الجهل

“>ليس هناك ما يجمع الشعبين الياباني والكويتي، فالفارق بينهما كبير والهوة الفاصلة سحيقة، فشعب الدولة الأولى عالي التعليم في غالبه، مؤدب بشكل عام وقليل الكلام ويحترم الضيف ويقدس العمل الذي يؤديه وينفرد عالميا برفض «البقشيش»، وبالتالي هناك الكثير الذي يمكن تعلمه منه، هذا إن توافرت العزيمة لدى «مسؤولينا» للقيام بهذه المهمة غير السهلة، ومن هذه الأمور ما يمكن أن يغير التركيبة السكانية بشكل كبير، وبصورة إيجابية، وخلال فترة قصيرة نسبيا.
وربما يجمع الشعبين ثراؤهما، ولو أن ثراء الكويتي نقدي زائل، وهو دفعه ربما، لاختيار السهل والمدمر من الحلول لمشاكله، وبالتالي كلف غيره، لرخصه وفهمه، للقيام بالصعب والمتواضع من الأعمال، وكانت نتيجة ذلك ان أصبح ما يزيد على ثلاثة أرباع سكان الكويت من الوافدين، وهذا خلق مجتمعا اتكاليا كسولا، وتسبب في آلاف المشاكل الأمنية والسكانية والمعيشية. أما اليابان الثرية، والتي لا تختلف عن غيرها من الدول الصناعية في ارتفاع مستوى المعيشة فيها، وارتفاع معدل العمر، وقلة المواليد مع ارتفاع أعداد المتقاعدين، فإنها وجهت ثراءها للتنمية الحقيقية، ولم تلجأ، كغيرها من الدول العظمى، للاستعانة بالعمالة الخارجية، وهو واحد من اسهل الحلول، بلد قام بوضع حلول أكثر صعوبة وعملية لمشكلة نقص اليد العاملة لديه، وذلك باللجوء للإنسان الآلي، أو الروبوت، والاعتماد عليه في أداء كثير من الوظائف، وحتى إدارة مصانع كاملة، ووصلت أعداد الروبوتات في اليابان أخيرا إلى أكثر من 422 ألفا، وتلك لا تحتاج إلى رواتب شهرية، ولا إلى إجازات أسبوعية أو سنوية، ولا تضرب عن العمل، ولا تنشغل بالمكالمات الهاتفية، أو التأخر عن الحضور. كما قامت اليابان، في مجالات كثيرة اخرى، باعتماد الميكنة في مجالات كثيرة كمواقف السيارات، وجعلها آلية بالكامل، على مدى 24 ساعة، بحيث يمكن إدخال المركبة في الموقف، والخروج منه، بعد دفع الرسم، من دون الحاجة لوجود شخص واحد. كما تدار مئات محال بيع المواد الاستهلاكية بالطريقة نفسها. وتوجد فنادق صغيرة تدار بطريقة آلية كاملة. كما قامت الحكومة هناك، من خلال المناهج الدراسية والتوعية الاجتماعية المستمرة، بتشجيع العمل التطوعي، سواء في السجون، أو المدارس أو القصور الرسمية، وتكليف النزلاء والطلبة والمتقاعدين بأعمال التنظيف في مرافقهم. ولو قرر رئيس شركة المرافق العمومية في الكويت مثلا للاستعانة بالتقنية اليابانية لاستغنى عن مئات العمال لديه! ولكن هل هذا ما تريده الحكومة؟
الجواب معروف والأسباب، وعلى رأسها الجهل، معروفة!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com