احمد الصراف

العقل والمنطق الداعش

تحلم جهات عدة منذ عقود في أن ترى دولة إسلامية واحدة تجمع كل المسلمين تحت «راية» الدين. واصبح حلم البعض أكبر، وخاصة من الحركات الدينية الأكثر راديكالية وتسليحا، في أن ترى هذه الدولة تشمل العالم اجمع بملياراته السبعة وبعشرات آلاف لغاته ودياناته واختلافاته! وتستمد هذه الحركات الراديكالية غالبية أفكارها الساذجة في السياسة والحكم من أوهام قال بها مجموعة من رجال الدين على مر العقود القليلة الماضية، حاولوا فيها خلق وهم سياسي «متكامل» صالح للتطبيق على البشر أجمعين، وهذا لا شك سراب لا يخلو من الشطط، ويستحيل تطبيقه لا اليوم ولا بعد مليون يوم، وبالتالي ما سينتج عن كل هذه المحاولات البائسة في فرض منهج ديني محدد على الجميع، بالقوة غالبا، هو إراقة المزيد من الدماء والمزيد من الخسائر والمزيد من التخلف، وحركتا داعش والنصرة وتنظيمات الإخوان والقاعدة وذيولها ما هي إلا عناوين لمجموعات متخلفة تنطلق من أوهام العظمة والأفضلية على الغير، وشعور طاغ بأنهم على حق وغيرهم، كائنا من كانوا، على باطل، ويجب «سوقهم» للرشاد، فإن امتنعوا فالقول الفصل للسيف، غير مدركين انه، عبر التاريخ، لم تتمكن أي قوة عظمى من فرض رؤاها وأفكارها على الغير، إلا في أضيق الحدود.
فقد فشلت الإمبراطوريات الفارسية واليونانية والرومانية والعثمانية، والدول الاستعمارية الحديثة كفرنسا وبريطانيا، وتاليا الإمبرياليتان السوفيتية والأميركية، فشلت جميعها، بكل ما توافر لها، ولا يزال يتوافر للبعض منها، من أساليب القوة والبطش من فرض رؤاها ومعتقداتها، أو حتى لغاتها إلا على مساحات وأقليات محدودة، مقارنة بحجم الأرض وسكانها، وكل ما حققته لم يساو يوما ما بذل في سبيله من أرواح وأموال!
فإذا كان هذا كل ما استطاعت مختلف الامبراطوريات العظيمة أن تحققه، فما الذي بإمكان مجموعات مسلحة شديدة التخلف والسذاجة، لا يزيد عدد أي فصيل فيها على بضعة آلاف، أن تفعله أمام كل هذا التقدم التكنولوجي والتعقيد العسكري الذي بحوزة أعدائها، الذين بإمكانهم إفناء أمم، من خلال الضغط على بضعة أزرار في جهاز تحكم عن بعد من غرفة تقع في سرداب مجهول من قاعدة عسكرية صحراوية لا يعلم أحد خارجها أين تقع.
إن القوة والعزة ليستا في فرض مفاهيمنا الدينية على الغير، عنوة أو بغير ذلك، بل بما يمكننا تحقيقه من تقدم اقتصادي وصحي واجتماعي واخلاقي لأنفسنا ولمئات الملايين من الشعوب الإسلامية، التي تشكو من كل مرض وكل ما يجلبه الفقر والتخلف من تبعات. فأميركا لم تحتل يوما أي دولة، وتبقى فيها كقوة مستعمرة لعقود وعقود، كما فعلت فرنسا وبريطانيا مثلا، ولكنها استطاعت بازدهارها الاقتصادي وتقدمها العلمي وحرياتها السياسية ومثلها العليا أن تنجح في ما فشلت في تحقيقه جيوش أقوى الدول المستعمرة، وفرضت ثقافتها وأسلوب حياتها على العالم من دون أن ترسل جنديا واحدا، أو تطلق رصاصة. فحكم العالم اليوم لا يتم عنوة، بل بالعلم والتقدم، فهل تعرف هذه الحركات شيئا عن العلم؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

مطالبات رجب

يتبين من واقع تقارير المنظمات وهيئات المراقبة العالمية أن الأوضاع في البحرين لا تزال مضطربة، ولن تعود قريبا لسابق عهدها من الهدوء والمحبة والتآلف، وبالتالي فإن السلطات فيها مطالبة بعمل الكثير من أجل تحقيق الحد الأدنى، على الأقل، من العدالة الاجتماعية والسياسية، ومحاسبة كل من تسبب في هذا الخراب والقتل والدمار.
ولا شك أن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصياتها لا تزال تشكو من عدم التنفيذ والتفعيل، وربما جاء خبر إطلاق سراح المناضل البحريني، وداعية حقوق الإنسان نبيل رجب من سجنه، نقطة صغيرة في بحر من القرارات المعطلة التي تتطلب التنفيذ السريع. ومن المؤسف ألا تجد مطالبات كل الجهات الصديقة والمحبة للبحرين للسلطة فيها بالتخفيف من الأحكام القضائية وإطلاق سراح المعتقلين، لا تجد حتى الآن آذانا صاغية.
وفي هذا السياق، طالب الناشط رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ونائب الأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، طالب حكومة بلاده، عقب إطلاق سراحه، بالحوار الجاد مع المعارضة لانهاء الأزمة السياسية في البلاد. وهذا مؤشر على أن إطلاق سراحه بعد قضائه حكما بالسجن عامين، لم يفت من عضده وتصميمه على مواصلة النضال.
وقال رجب ان أغلب السلطات لم تكن جادة في اجراء اصلاحات أو اجراء حوار ذي معنى مع المعارضة. وانها تحاول فقط كسب الوقت، مع إصرارها على الاحتفاظ بكل مقاليد الأمور في يدها من دون محاولة للوصول لحل للأزمة السياسية المتفاقمة، التي طال أمدها، خاصة بعد تعليق المحادثات بينها وبين المعارضة.
وقال ان الاوضاع أصبحت أسوأ مما كانت عليه عندما دخل إلى السجن، مشيرا إلى القانون الجديد الذي يجرم استخدام الانترنت في انتقاد الحكومة وارتفاع وتيرة العنف في البلاد. وأن القوانين التي صدرت اثناء وجوده في السجن ابرمت لتعطي حصانة أكبر للحكومة، وحصانة أكثر للجيش والشرطة من الانتقاد. وتعهد رجب بمواصلة الدفاع عن حقوق الانسان البحريني رغم كل القيود التي تفرضها السلطات على مثل هذه الأنشطة، وأشار إلى أن الحل لوقف العنف يتمثل في عدم منع التظاهرات السلمية ووقف كل الاجراءات التي من شأنها أن تقيد الحريات.
ومن واقع محبتنا للبحرين وشعبها نضم صوتنا لصوت كل الأحرار، ونطالب الحكومة بفعل شيء لحلحلة الوضع.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الوظيفة الأسهل في العالم..!

لطالما اعتقدت بأن اغلبية رجال الدين، ولأي دين انتموا، لم يختاروا هذا المجال، أو هذه الوظيفة، للأجر والثواب، بل لأن البعض اكتشف أن بإمكانه من خلالها تحقيق ما لا يمكن تحقيقه من العمل في أي مجال آخر، خاصة أن اغلبية الدراسات الأخرى يتطلب الانتهاء منها سنوات طويلة من الجهد والسهر، غير التحليل والتنظير، والتي لا تتطلبها الدراسة الدينية بالضرورة بسبب اعتمادها أساسا على حفظ مواد محددة، سبق أن تشرب بها منذ الطفولة، وما عليه غير حفظها وتكرارها لاحقا، بعكس العلوم الحديثة، كالطب والهندسة والفيزياء مثلا، والتي يبدأ الطالب بالتعرف عليها غالبا في ساعة اتخاذ قرار دراستها.
كما أن الحصول على «شهادة» رجل دين، إن تطلب الأمر شهادة، تعطي حاملها احتراما وتوقيرا في المجتمع، لا يلقاه عالم فضاء ولا جراح شهير. وتزداد درجة الاحترام مع زيادة تخلف المجتمع، ونجد هذه الظاهرة متجذرة حتى في مجتمع فيه نسبة عالية من المتعلمين كالكويت!
وأتذكر كيف هرع المئات لوداع رجل الدين (العراقي/الإيراني) محمد الفالي، عندما تم ترحيله، وكيف تنافس الكثير من مودعيه على تقبيل يده في المطار، على الرغم من كل ما نشره بينهم، وهم الذين لم يفكروا يوما في تقبيل يد طبيب خفف يوما آلامهم وآلام احبتهم، أو يد مخترع أو مكتشف.
كما تدر مهنة رجل الدين دخلا سهلا على شاغلها، وغالبا ما لا يخضع هذا الدخل، في دول كثيرة، للضريبة. كما لا تسأله أي جهة عن موارده ولا عن كيفية التصرف بها، ونجد ذلك واضحا في الأموال التي تجمع من تبرعات خيرية امام أغلب المساجد لأغراض الجهاد، أو ما تجمعه جمعيات معينة لطباعة كتب دينية أو الصرف على داعية، أو الادعاء بمساعدة المرضى، والعمل بدلا من ذلك في تجارة بيع الزهور وإدارة اجهزة بيع القهوة في المستشفيات. ويعتبر رجل الدين الأردني، البريطاني السابق أبو حمزة مثالا على ذلك، ولا ننسى في هذه العجالة رجل الدين السعودي الشهير الذي دين بسرقة مؤلفات غيره. فأبو حمزة، الذي بدأ حياته في بريطانيا كحارس ملهى ليلي Nightclub bouncer وتزوج بريطانية وحصل على الإقامة من خلالها. وقد سلمته بريطانيا قبل بضعة أشهر لأميركا، التي طالبت به لدوره في تشجيع الإرهاب وبث الكراهية، فلكي يتجنّب الحكم عليه باحكام قاسية أخبر القاضي الأميركي (2014/6/7) أنه كان دائم التعاون مع الشرطة والمخابرات البريطانية، وأنه ساعدها في حفظ شوارع لندن آمنة! فإن كان ادعاؤه صحيحا، فإنه سيشكل صدمة لكل الذين غرر بهم، وتسبب في موت اصدقائهم وأقربائهم في حروب عبثية. كما أن اعترافه دليل وصوليته. وإن كان ما ذكره غير صحيح، فهو كذاب آثم! علما بأن ادعاءه يتناقض مع ما تضمنه ملف الاتهام الذي سلمته بريطانيا لأميركا. فهذا الرجل البالغ من العمر 56 عاما، الذي نصّب نفسه إماما، متهم بالفعل بنشر الكراهية ضد الغرب والغربيين، وسبق أن برر وجوده في بريطانيا، كلاجئ سياسي.
الخلاصة في الموضوع أن من الأفضل إزالة الهالة عن رجال الدين، فهم أولا وأخيرا بشر مثلنا، ونزع الهالة سيخرج الدخلاء من المهنة، ويثبت المخلصين!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الضحك في عاداتنا وتقاليدنا

بدأ الاهتمام الجدي بأهمية الضحك، كعامل مساعد في التخفيف من الأوجاع وعلاج الأمراض النفسية، في عام 1980، عندما نشر الدكتور نورمان كسنز كتابه «تشريح المرض»، وبين فيه كيف أن مشاهدة أفلام فكاهية، وقراءة مواد وكتب مسلية ساعدتاه في الشفاء من مرض كان يهدد حياته. وقال إنه جعل من الضحك عدة مرات يومياً أمراً مفروغاً منه في حياته. واضاف أن الضحك في ساعات مرضه الخطير كان يخفف من آلامه ويعطيه ساعات نوم عميقة. ونتيجة لتجربته الموثقة قامت مراكز علاجية متخصصة باستخدام الضحك لتخفيف آلام الأمراض، أو للمساعدة في الشفاء منها والتقليل من تناول الأدوية. ولاحظ الأطباء أن العلاج بالفكاهة ساهم بشكل كبير في صرف نظر المرضى عن آلامهم أو أمراضهم، وبالتالي شكاواهم. كما بينت دراسة جادة أخرى أن المرضى الذين اعطوا «جرعة» ضحك، بعد الجراحة أو قبل أخذ علاج مؤلم، كانت آلامهم اقل بكثير مقارنة بأولئك الذين لم يتلقوا جرعة مماثلة. كما بينت دراسة ثالثة أن الفتيات المصابات بدرجة متقدمة من الحروق، واللواتي كن يشاهدن أفلام الكرتون، أثناء تلقي العلاج المؤلم، كانت آلامهم أقل بكثير من مثيلاتهن ممن لم يشاهدن اي أفلام كرتون. وتقول نظرية طبية إن الضحك يخفف الآلام، لأنه يحفز على إفراز مادة الـ endorphin في المخ، والتي تساعدنا في الشعور بالراحة والسرور. وبينت دراسة أخرى نشرت في New England Journal of Medicine المجلة الطبية الرصينة أن %85 من الأمراض البشرية يمكن التخلص منها بما لدى الجسم البشري من طاقة على العلاج، وذلك من خلال بناء موقف إيجابي من الحياة، وهذا يتضمن جرعة منتظمة من الضحك، والذي سيكون له دور فعال في أن يقوم الجسم بما هو مطلوب منه. كما أن الضحك يبعد عنا الأفكار السوداء والقلق والكآبة. وبناء على قول د. وليم فري، من جامعة ستانفورد، فإن دقيقة من الضحك تساوي عشر دقائق في قارب تجديف، وأنه يشبه «الركض من الداخل». كما أن دموع الضحك تقوم بإزالة المخلفات السامة التي عادة ما تتراكم في الجسم نتيجة ما نتعرض له من ضغوط نفسية.
ولو عدنا الى عالمنا المغم لاكتشفنا أن الضحك، خصوصا بصوت عال، غير مستساغ في مجتمعاتنا، وتصرف معيب ويتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا، وهو عكس الوقار، الذي يفضل الكثيرون ان يوصفوا به. والغريب أننا كثيراً ما نتبع الضحك الكثير بالدعاء بأن تنتهي الأمور على خير، فهو في عرف البعض شؤم، وقد يجلب النحس لمن يضحك كثيراً. كما أننا عندما نود وصف شخص ما بالفكه نقول إنه «خفيف طينة»، وربما المقصود أنه «خفيف عقل»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

دعونا نبتسم

1 – يعتبر مبدأ الغفران والتسامح من أعمدة العقيدة المسيحية. وفي يوم أحد كان القس يلقي عظته، وفي نهايتها وجه سؤالا مباشرا الى رعيته قائلا: من فيكم غفر لأعدائه؟ وهنا ارتفعت أيدي %80 من الحضور، فأعاد القس السؤال ثانية، وبصوت أعلى: من فيكم غفر لأعدائه وسامحهم؟ وهنا أجاب الجميع بالإيجاب، إلا السيد والتر بارنز، فقد بقي صامتا، فوجه القس السؤال له: وأنت يا سيد بارنز ألست على استعداد لأن تغفر لأعدائك ما اقترفوه في حقك؟ فرد الرجل بخشونة واضحة، وسط دهشة الجميع، بأن ليس له أعداء! فتهللت أسارير القس، وقال لبارنز: إن هذا أمر رائع وغير عادي، ما عمرك يا سيدي؟ فقال بارنز: 98 عاما! وهنا وقف الحضور احتراما وتقديرا، وهم يصفقون لهذا الرجل الذي قارب المئة، وليس له أعداء. شجع ذلك القس ليطلب منه التقدم للمنصة ليخبر رعيته كيف استطاع العيش كل هذا العمر من دون أعداء. فقام الرجل العجوز من مكانه بتثاقل، وسار حتى أصبح أمام الجميع وقال بصوت أجش: عليهم اللعنة، لقد ماتوا جميعا، وعشت أطول منهم! وعاد بتثاقل الى مقعده.
2 – دخلت السيدة الستينية الى عيادة صديق وطبيب نفسي واشتكت له من أن زوجها أصبح يمارس العنف ضدها كلما عاد ليلا من الحانة. فقال لها الطبيب بأن هناك طرقا عدة لعلاج زوجها، وأسهلها المضمضة بالماء! فسألته السيدة باستغراب عما يقصد. فقال لها إن عليها، فور سماعها صوت اقدام زوجها، وهو يقترب من باب البيت، عائدا من سهرته، أن تقوم من فورها بتناول جرعة من الماء، وتبدأ بالمضمضة لأطول فترة ممكنة! شكرته السيدة، وخرجت وعلامات عدم الاقتناع بادية عليها.
عادت اليه بعد اسبوع شاكرة نصيحته لأن زوجها توقف بالفعل عن ضربها، وسألته عن سر جرعة الماء، فقال لها الطبيب بأن الماء في فمها يمنعها من الكلام، وكلامها كان هو الذي يدفع زوجها للاعتداء عليها.
3 – أوقف الشرطي سيارة تجاوزت حد السرعة، وعندما اقترب من سائقها وجده رجلا وقورا وكبيرا في السن، وليس شابا أرعن، فسأله عن سبب قيادته سيارته بتلك السرعة، في تلك الساعة المتأخرة من الليل؟ فرد هذا قائلا: إنه في طريقه لسماع محاضرة، ويريد أن يصل بأسرع وقت! فتساءل الشرطي باستغراب واضح: ومن الذي سيلقي محاضرة في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ فرد الرجل بهدوء: زوجتي في البيت!

أحمد الصراف

احمد الصراف

النسيان أو الخرف

“>النسيان، او الدمنشيا dementia، موضوع مقلق للكثيرين، وخاصة في البداية، ولكن مع مرور الوقت ينسينا النسيان ما اصبنا به، ولكن تزداد في المقابل معاناة الأهل، مع تزايد مرضنا. ومرض النسيان، كغالبية الأمراض، يمكن الوقاية منه، وتأخير قدومه قدر الإمكان، وهذا الاهتمام يجب أن يبدأ في الأربعينات من العمر، او حتى قبلها بقليل، ولا يعني ذلك أن على من هم في سني اعتبار الوقاية متأخرة، فهناك دائما متسع من الوقت لتلافي السلبيات، قدر الإمكان. وهنا ينصح الاطباء باتباع الأمور التالية، إن كنا نود تجنب الإصابة بالخرف، أو على الأقل تأخير قدومه:
1 – أن نكون جزءا من اي تجمع او فريق أو ناد اجتماعي أو صحي، وعدم الجلوس منفردين في البيت. فالوحدة تضعف الذهن بشكل قوي. ويفضل التطوع للقيام بأي عمل إنساني، كالعمل في «بيت عبدالله» مثلا، فنحن بحاجة لأن نشعر بأن وجودنا له أهمية.
2 – كما يجب أن نطور هواية محببة ونتعلق بها، كالقراءة، الاهتمام بتنسيق الزهور، لعب الورق، أو حتى مرافقة كلب في نزهته اليومية.
3 – محاولة استخدام اليد التي لا تستخدمها، اليسرى عادة، ولو لدقائق يوميا وخاصة في الكتابة، وهذا سيكون له تأثير إيجابي على الجانب المعاكس من المخ، ويحفز الخلايا العصبية.
4 – ممارسة رياضة المشي، ولو 2.5 كلم يوميا، فالاحتفاظ باللياقة الجسدية يساعد الدورة الدموية، وهذا ينشط المخ.
5 – ممارسة القراءة يوميا، ومحاولة تلخيص ما قرأنا، أو كتابة شيء ما، ولو كانت ذكريات شخصية.
6 – ممارسة الحياكة، أو اية هوية تتطلب استخدام اليدين بالمهارة نفسها، كالطبخ. فهذه الممارسات السهلة تقلل من الضغوط النفسية.
7 – تعلم لغة جديدة، سواء لغة محكية او لغة إشارات. فالانتقال بين اللغة الأصلية واللغة الجديدة يؤخر كثيرا ظهور أعراض الخرف.
8 – ممارسة ألعاب طريفة كالمونوبولي. فالألعاب الجماعية أفضل لتنشيط المخ وتحفيز الذاكرة من الألعاب الفردية.
9 – نحاول أن نتعلم كل يوم شيئا جديدا، وهناك عشرات المعاهد التي توفر مثل هذه الخدمة كتعلم استخدام الكمبيوتر أو ألعاب الهاتف.
10 – الاستماع للموسيقى الكلاسيكية، فهي، اكثر من غيرها، تجعل جانبي المخ يعملان بصورة متناغمة.
11 – تعلم العزف على أية آلة موسيقية، كالعود مثلا.
12 – السفر، وخاصة لأماكن جديدة وغريبة، فهذا يحفز الذاكرة ويجعل العقل يعمل بقوة.
13 – ممارسة اليوغا، او التأمل، او حتى العبادة بصورة جماعية، فهذه كلها تساعد على استقرار النفس والشعور بالراحة.
14 – أن نأخذ قسطا وافرا من النوم يوميا.
15 – أن نتناول الأغذية التي تحتوي على أوميغا 3، كاسماك السردين والسلمون والتونة والتراوت والماكريل، ومكسرات الجوز، وبذر الكتان، وزيت كبد سمك الكود.
16 – أن نكثر من تناول الخضار والفواكه.
17 – تناول وجبة واحدة على الأقل في اليوم مع الأهل والاصدقاء
وكل عام وأنتم بصحة جيدة.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

جنون الشعر وفنونه

يبدو أنني لن أكف عن التعرض للشعر وأربابه وأنواعه، حتى لو أوقعني ذلك في «شر كتاباتي»! منذ صغري وانا مغرم بأغاني عبدالوهاب، ولا أذكر عدد المرات التي استمعت واستمتعت فيها بأغنية «مضناك جفاه»، ومع هذا لم افهم يوما كامل معناها، أو أنها من نظم أحمد شوقي. وعرفت اليوم السبب والمعنى، فهي قصيدة جميلة، وأن شوقي استلهمها من قصيدة للشاعر الأندلسي الحصري القيرواني (1059-1029م) التي يقول فيها:

يا ليل الصب متى غده **** اقيام الساعة موعده
رقد السمار فارقه **** أسف للبين يردده

ويقول شوقي في قصيدته التي يخاطب فيها محب حبيبته ان النوم قد جافاه، وأصبح سقيما، ويئس زواره من شفائه، وترحموا عليه، وهو مشرف على الهلاك إلا أنه لا يريد الحياة من دونها:

مُضْنــــاك جفـــاهُ مَرْقَـــدُه **** وبَكــــاه ورَحَّــــمَ عُـــوَّدُهُ
حــــيرانُ القلــــب. مُعَذَّبُـــهُ **** مَقْــــروحُ الجَـــفْن. مُســـهَّدُهُ
أَودَى حَرَقًـــــا إ.لا رَمَقًـــــا **** يُبقيــــه عليــــك وتُنْف.ــــدُهُ
يســــتهوي الـــوُرْقَ تأَوُّهـــه **** ويُــــذيب الصَّخْـــرَ تَنهُّـــدُهُ
ويُنــــاجي النجـــمَ ويُتعبُـــه **** ويُقيــــم الليــــلَ ويُقْع.ـــدهُ
ويُعلّــــم كــــلَّ مُطَوَّقَــــةٍ **** شَـــجَنًا فــي الــدَّوح. تُــرَدّ.دهُ
كــم مــدّ ل.طَيْف.ــكَ مــن شَـرَكٍ **** وتــــــأَدَّب لا يتصيَّــــــدهُ
فعســـاك بغُمْـــضٍ مُســـع.فهُ **** ولعــــلّ خيــــالَك مُســـع.دهُ
الحســـنُ، حَـــلَفْتُ بيُوسُـــف.ه. **** (والسُّورَة.) إ.نـــــك مُفـــــرَدهُ
قــــد وَدَّ جمـــالَك أَو قَبَسًـــا **** حــــوراءُ الخُـــلْد. وأَمْـــرَدُهُ
جَحَــدَتْ عَيْنَــاك زَك.ــيَّ دَم.ــي **** أَكــــذلك خـــدُّك يَجْحَـــدُهُ؟
بينــي فــي الحــبّ. وبينـكَ مـا **** لا يقــــــدرُ واشٍ يُفس.ـــــدُه

إلى آخر القصيدة الرائعة المعنى والصياغة. ويذكر أن شوقي، الذي ولد في أكتوبر 1868 لأب کردي وأم من أصول تركية، كانت جدته لأمه الغنية تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، فتكفلت بتربيته، فأظهر منذ صغره نبوغا أدبيا، وانكب على دواوين كبار الشعراء فمدح الخديوي، ولكن الإنكليز لم يكونوا راضين عنه، فنفوه الى أسبانيا، وعاش هناك تاريخها وتأثر به، فوق تأثره بالأدب الفرنسي، وزادته الغربة تعلقا بوطنه، فاهتم بقضاياه، وعندما عاد الى مصر أخيرا بويع أميراً للشعر، ولا يزال عرش إمارته، بعد 82 عاما، خاليا حتى اليوم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

دارون ومولر والإنسان القرد

يعتبر العالم الإنكليزي شارلز دارون، أحد أهم الشخصيات في التاريخ البشري. وأحدث كتابه في «اصل الأنواع» ثورة في عالم الأحياء، وهزة عقائدية عميقة في الكنيسة. وكانت أكبر التحديات التي واجهت نظريته بعدها بسنوات طويلة ما توصل اليه العلم في اواخر القرن الماضي عن دور الحمض النووي في الوراثة genetics حيث أصبح بالإمكان إخضاع النظرية المثيرة للجدل لاختبار حاسم يثبت صحتها أو فسادها.
فمن المعروف أن كل خلايا الكائنات الحية تحتوي على كروموسومات، وهذه عبارة عن قطع كثيفة من الحمض النووي DNA، وهي الوعاء الذي يحتوي على صفات الكائن الحي. فخلال عملية التكاثر البشري وغير البشري، تتضاعف كروموسومات كل واحد من الوالدين، لدى الجنين، وتختلط أجزاؤها وتتكون كروموسومات جديدة لديه. ومن أكثر المواضيع حساسية في نظرية أصل الأنواع ذلك الشق المتعلق بموضوع السلف المشترك بين القرد والإنسان، خاصة بعد أن أثبت العلم اختلافا بين عدد كروموسومات القرود العليا، كالشمبانزي والغوريلا، التي لديها 24 زوجا والإنسان الذي لديه 23 زوجا فقط. ولو كان الإنسان والقرد من أصل مشترك، كما يقول معارضو نظريات دارون، لكان من المفترض ان تتساوى أعداد كروموسومات الطرفين.
وفي شهادة شهيرة أدلى بها العالم مولر Muller أمام إحدى المحاكم التي شكلت للبت في هذا الموضوع الجدلي، وإيجاد تفسير علمي للتناقض في عدد الكروموسومات لدى الإنسان والقرد، قال ان العلماء اكتشفوا من واقع ماضي الإنسان التطوري المدفون في الكروموسومات التي يحملها كل البشر بأن في طرفي كل كروموسوم علامات وراثية خاصة، أو قطعا من الحمض النووي تسمى تيلوميرز Telomeres، وفي الوسط نجد علامات وراثية أخرى تسمى قسيما مركزيا Centromeres، ولو أن طفرات حدثت أثناء التطور البشري وتسببت في انصهار كرموسومين مع بعضهما فإننا يجب أن نجد أدلة في تلك العلامات الوراثية بحيث أن التيلومرز لا توجد فقط في أطراف الكروموسوم بل وفي الوسط ايضا، وأن نجد في الوسط أيضا قسيمين مركزيين بدلا من واحد. وبعد التجربة العلمية، التي حبس مؤيدو نظرية دارون أنفاسهم خلالها، تبين أن الكروموسوم رقم 2 يحمل جميع علامات انصهار الكروموسومين، التي تنبأ بها العلماء، بفضل فكرة السلف المشترك، وكلها موجودة في الكروموسوم 2. وهكذا قام علم الوراثة الحديث، وعلوم البيولوجيا الدقيقة، بتأييد نظرية دارون في التطور، وفي أعظم وأدق التفاصيل. كما تبين أنه كلما اقتربت الملاحظة من تفاصيل الجينوم البشري أكثر كانت الأدلة أقوى.
* * *
• ملاحظة:
عندما كتبت مطالباً من لاكت الألسن في سمعتهم المالية، ومصادر ثرواتهم، حذرني البعض من أن محاولتي مع هؤلاء الذين نجحوا في تحقيق كل ما حققوه بسبب وقوف أحزاب ومنظمات دولية معهم، سيستعينون بها وبالوسائل المشبوهة نفسها للرد عليّ، ولكني سأسير في الطريق وحيداً، عند عودتي من الخارج.

أحمد الصراف

احمد الصراف

نعمة الحرية الإسرائيلية

ورد في موقع جريدة هآرتس الإسرائيلية، وعلى لسان جدعون ليفي بتاريخ 20 مارس 2014، وبعد أن ألحقت روسيا القرم بها، النص التالي: يبدو أن ضم القرم لروسيا مشكلة، ولكنها اخف وطأة من احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية!
هذه القدرة على قول أي شيء، من دون خوف، وهذه المساحة من حرية النشر والمعرفة، هي التي تفصلنا حضاريا عن إسرائيل.

***
تضرب الجذور التاريخية لغالبية الدول العربية عميقا، وبشكل مثير. كما تمتلك غالبيتها بترولا ومعادن ثمينة ومواقع سياحية مهمة وشواطئ جميلة وآثارا وكل ما يغري بالسياحة والاستثمار والتقدم والازدهار، ولكن جميعها فشلت في تحقيق شيء ملموس على أرض الواقع، لا في الصناعة ولا في التجارة ولا حتى في مجال الحلويات، باستثناء شركة واحدة! كما لا توجد، مثلا، شركات عربية مدرجة في بورصة نيويورك، فكل ما كسبه العرب من تريليونات سهلة وشبه مجانية من بيع البترول لم تساهم في خلق ورشة عمل واحدة، أو مختبر عالمي أو شيء ملموس، غير «الأرب أيديل» مثلا! في الوقت الذي توجد فيه شركات إسرائيلية عدة مدرجة في البورصات العالمية، وهو أمر فشلت في تحقيقه 22 دولة يزيد عدد سكانها على 300 مليون بكثير، ومجموع سنوات «حضاراتهم» يتجاوز 20 ألف سنة.
قامت شركة «إنتل» الأميركية العملاقة للكمبيوتر، كما تردد اعلاميا، بشراء كامل تقنيات شركة «جنجر سوفتوير» الإسرائيلية مؤخرا بمبلغ كبير، علما بان الشركة الإسرائيلية ليس لديها مال ولا جمال ولا عمارات ولا أصول، بل مجرد حسب ونسب في تقنيات ونظم الاتصال الهاتفي.
إن التقدم والازدهار لا يمكن أن يحدثا هكذا، فمناخ الحرية هو الذي يشجع عليها، ولكن طالما أن غالبية الحكومات العربية معنية أولا وأخيرا بالمحافظة على «استقرارها» وبقائها في الحكم، وليس من بين اولويتها، إن وجدت اصلا، تطوير أوطانها، فإن فجر الحضارة والتقدم في بلادنا لن يأتي أبدا!
ملاحظة: حكم على رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (ايهود أولمرت) بالسجن وتم تنفيذ الحكم به، فكم رئيس وزراء في دولنا العربية سيسجن لو طبقت عليهم المعايير الأخلاقية نفسها؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

من أين لك هذا؟ هو القول الفصل

اتهمت من قبل كثيرين، ومن أحد الكتاب بالذات، بمختلف التهم، منها الكذب، وانني مدعي ثقافة وليبرالي وتوجهي علماني ومصداقيتي محل تساؤل، وأن فكري متخلف ولا أؤمن بالديموقراطية ولا بـ«مستلزمات» الحريات العامة(!) وأنني اسكت عن جرائم القتل الجماعي وإحراق جثث المدنيين العزل، وأن من السهل علي التخلي عن جميع مبادئي، وأن ليبراليتي هي من أجل القضاء على خصومي من التيار الإسلامي، وأنني أطبق مبدأ الغاية تبرر التنازل عن المبادئ! وأن كتاباتي تمتلئ بالمغالطات والأكاذيب، من أجل تشويه «سمعة» خصومي السياسيين!
وردي الأولي على كل هذه الاتهامات بسيط وواضح، فلست بالسياسي، ولم أكن يوما عضوا في أي تجمع سياسي، بخلاف وجودي لفترة قصيرة في تجمع نخبوي لم يدم طويلا، وبالتالي ليس لي خصوم سياسيون، ولا اشعر بالضيق من موقفي هذا، ولا أسعى للقضاء على أحد، ولا مانع لدي في أن يعتبر البعض نفسه من «خصومي السياسيين»، ولكن لاشك أنهم واهمون. ولكن هذا ليس بالرد الكافي، فمن الواضح أن من وجه لي مختلف التهم أعلاه يعتقد انه أفضل مني، او يكون على الأقل ندا لي، وأفضليته تكمن، حسب اعتقاده، في أنه متدين ويربي لحيته وكافر بالليبرالية وكاره للعلمانية وصادق في أقواله، ومصداقيته ليست محل تساؤل، وفكره لا يتسم بأي تخلف، ولم يسكت يوما عن جرائم القتل الجماعي، ولا يهدف للقضاء على خصومه السياسيين.
ولكن، كيف يمكن، في مثل هذا النوع من الجدال، معرفة من يقف مع الحق والحقيقة، ومن يقف ضدهما؟ والجواب ليس بالسهل، وبالتالي يتطلب الأمر اللجوء إلى طريقة غير تقليدية لحسم الأمر، وليعرف صاحب الشأن حقيقة كل طرف، وليس هناك مقياس أكثر دقة من «المال»، الذي يحبونه حبا جما. وبالتالي أعلن هنا أنني على استعداد لوضع كامل سجلات حساباتي، التي تبين كل ما لدي من نقد وحسابات بنوك واسهم وسندات وعقارات واستثمارات عينية ونقدية وغيرها، تحت تصرف «مكتب الشال للاستشارات المالية، جاسم السعدون»، ليدقق فيها ويعرف من اين جئت بكل دينار أملكه، وعلى مدى نصف القرن الماضي، على ان يقوم من اتهمنا بالكذب والتحايل بوضع كامل ثروته الشخصية ومكتبه تحت تصرف المكتب الاستشاري نفسه ليجيب عن السؤال نفسه: «من اين له هذا»؟ فهذا هو المحك وطريقة الاختبار الحقيقية، وليس إرجاع الأمور إلى خصومات سياسية وغير ذلك من فارغ الكلام. فمصداقية الفرد، في اي مجتمع كان، ليست في قيام هذا الفرد بتنزيه نفسه عن الشكوك قولا فقط، ولا في ما يخلقه من هالة «دينية» حول نفسه، ولا بما يكيله من اتهامات للغير، بل في الطريقة التي كون بها ثروته ووصل فيها إلى منصبه أو مناصبه!
نحن لدينا الشجاعة والاستعداد لكشف أوراقنا جميعها، فهل لدى الطرف الآخر هذا الاستعداد؟ نتمنى ذلك.

أحمد الصراف