كتبت الزميلة ابتهال الخطيب مقالا بعنوان «أعتذر مسبقا» قالت فيه إن العامل الاقتصادي هو الذي يحدد جوانب حياتنا، وما نعتنقه من فكر وما نعيشه من سلام أو حرب. وأن كارل ماركس الذي لم يستطع أصحاب العقول الصغيرة أن يصلوا إلى عمق فكره، واكتفوا بالتمسك بعدائه للدين، متغاضين عن عمق نظرياته، سبق ان قال إن «الإنسان أثمن رأسمال في الوجود»، وهذه الفكرة بالذات هي ما يحتاج أغنياء بلدنا وتجاره أن يستوعبوها ويستثمروا فيها.
فبينما يقف «داعش» على أطراف دولتنا، ينمو الخطر الأكبر بيننا، يتنامى داخل نفوس صغارنا ويتعاظم في طريقة تكوينهم الفكري، وكان هذا ما شغل بال فارعة السقاف منذ سنوات، وكأنها تتنبأ بما لا يحب أحدنا أن يتخيله، فقد أرعبتها المقامرة بمستقبل الأجيال، وأثخن قلبها إيمانها بأن الخطر الداهم داخلي لا خارجي، فعملت على تكوين «لوياك» هذه المؤسسة الشبابية التي من أهدافها منع الشباب من الفراغ، وإبعادهم عمن قد يستغل حماسة أعمارهم لتأجيج العنف وترسيخ التطرف. وهكذا نجحت لوياك في خلق فرص عمل مستمرة للشباب، ورسخت فيهم فكرة الكسب الحقيقي والاعتماد على النفس والتواضع واحترام الوظيفة مهما صغر شأنها، وفتحت أبواب العمل والفن ومختلف الهوايات الرائعة أمامهم، واستقطبت طاقاتهم الكامنة ومواهبهم المنسية، ولربما الأهم والأجمل في «لوياك» أنها جمعت الشباب وخلطتهم، بشيعتهم وسنتهم، بمتدينيهم ومتحرريهم، بكويتييهم وبدونهم في تشكيلة لم يسبق لها مثيل، وكل ذلك تحت السقف ذاته. وهذا هو الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وهنا يجب أن يستثمر أغنياء الكويت وتجارها إذا ما أرادوا للبلد أن يستمر حقيقة، أي مستقبل للكويت خال من العنف والتطرف بصورتهما البشعة التي يجلبها «داعش» للمنطقة، فهؤلاء الأغنياء هم القادرون على فهم فكرة أن الاستثمار في الشباب بالإنفاق من أجل الحفاظ على عقولهم ليس هو الطريق إلى نجاح الدولة فقط، ولكن إلى نجاحهم هم كذلك. وإذا ما ترك الشباب للتطرف والعنصرية، وإذا ما أغلقت الأبواب، إلا من باب العنف والسلاح، في وجوههم، فإن المجتمع القادم سيخلو من البهجة، وسيرفض متع الحياة التي هي كل ما تقوم عليه تجارة الأغنياء، وسنتحول ببطء ولكن بثبات من دولة مدنية حديثة إلى أفغانستان أخرى، وليس ذلك ببعيد ولا حتى بطويل الأمد، الخطر قريب ويمكنه أن يقع في طرفة عين.
واستجابة لنداء الزميلة والصديقة ابتهال، وبالرغم من شعورنا بأن النداء لا يشملنا، فإننا سنقوم اليوم بتقديم ما بإمكاننا تقديمه للوياك، متمنين من الافراد والأسر الذين خاطبتهم الزميلة القيام فورا بدورهم المأمول.
أحمد الصراف