احمد الصراف

الفارس والجنة

“>كان رجل يمتطي حصانه في وسط طريق غير مألوفة، وكلبه الوفي يجري بجانبه. كانت مناظر الطريق خلابة، وفجأة شعر بأنه غادر الحياة، وان كلبه وحصانه ميتان بجانبه، فاصيب بحيرة شديدة فيما يحدث من حوله وإلى اين يقوده القدر، وفجأة وجد نفسه أمام حائط من الرخام، وعليه لوحة مدون عليها حرف «ن»، مضاءة بفعل اشعة الشمس، وفي الوسط بوابة ضخمة أمامها ساحة مكسوة بماء الذهب. وعندما اقترب اكثر وجد رجلا يقف أمام البوابة، وبصوت منهك سأله: أين هو؟ فقال له الرجل انه يقف أمام مدخل الجنة، فقال الفارس: هذا رائع، ولكن هل لي ببعض الماء؟ فرد هذا قائلا: ادخل وسأوفر لك ماء باردا، وما ان بدأت البوابة بالانفراج حتى سأل الفارس الرجل: هل بإمكاني اصطحاب رفيقي معي؟ فقال الرجل، معذرة يا سيدي فالحيوانات الأليفة غير مسموح لها بالدخول، فسكت الفارس لحظة ثم استدار على عقبيه، قائلا انه لا يود ترك رفيقيه، فهو عطش كما هما. حاول الرجل ثنيه عن ذلك، واصفا له ما سيجده في الداخل من طعام وفير وشهي وماء بارد وكل ما تشتهيه نفسه، إلا أن الفارس أصر على مواصلة سيره. وبعد مسيرة غير طويلة شاهد رجلا يتكئ على شجرة، وهو يطالع في كتاب، فسأله إن كان بإمكانه الحصول على بعض الماء، فرد هذا قائلا: طبعا، اذهب إلى ما بعد البوابة وستجد كفايتك مما تريد، فقال الفارس وماذا عن رفيقي، مشيرا إلى كلبه وحصانه، فقال الرجل بإمكانك اصطحابهما معك، فالعطش باد عليهما. وهكذا دخل الرجل ووجد الماء وسطلا وكوبا، فسقى رفيقي طريقه وشرب حتى ارتوى الجميع. عاد الفارس إلى الرجل وسأله عن المكان، فرد هذا قائلا بأنه في الجنة، فاصيب الفارس بالحيرة، وقال له إن من كان يقف أمام البوابة الأولى ادعى أنه يحرس باب الجنة! فرد الرجل قائلا، آه، أنت تقصد البوابة الرخام والساحة الذهبية، لا لا، هناك النار! فقال الفارس ألا تشعر بالضيق لما يدعيه؟ فقال الرجل: لا مطلقا، فأنا ممتن له، فهو يقوم بمساعدتي في التخلص ممن لا أريد، خاصة أولئك الذين يتخلون عن أفضل اصدقائهم، مقابل قليل من الماء!
رمزية القصة واضحة، وتأثيرها هائل، خاصة في عقول الناشئة، ويمكن استخلاص كثير من العبر منها في محبة الأصدقاء، وعدم التخلي عنهم والرفق بالحيوان، والرحمة، والانسجام مع البيئة، ولا أدري حقا لماذا لا تدرس في مدارسنا مثل هذه القصص، بدلا من الروايات التي تمتلئ بحوادث مرعبة وسفك دماء وتعذيب وقتل، والنتيجة نراها فيما يحدث من حولنا من طالبان وداعش وإخوان.
ملاحظة: بين تقرير الشفافية العالمي لعام 2014 في مدى كفاءة الحكومة في إنفاق الموارد العامة أن الكويت تأتي في المرتبة الأخيرة «جدا» بين دول مجلس التعاون، وفي المرتبة 92 عالميا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

مؤامرة إفناء الدجاج

ght> واضح جدا أن أميركا تقف وراء داعش، وهي التي زودتها بالعتاد، وطلبت منها تاليا أن تحز رقاب مواطنيها! واتفقت معها تاليا على إرسال طائراتها لتقصف معسكراتهم، وتصطاد «مجاهديهم» كالفئران الهاربة. ولكن من الواضح أكثر أن إيران، عدوة أميركا اللدود، هي التي مولت داعش وسلحتها، بالتعاون مع المالكي في العراق، والأسد في سوريا، لكي تثير الرعب في قلوب شيعة العراق من المد السني، وليرتموا في أحضانها، ولكي تستعين بهم في القضاء على التنظيمات المسلحة الأخرى في سوريا. ولكن المعطيات الأخرى، ربما تبين أن دولا أخرى في المنطقة تقف وراء تسليح داعش وتقويتها لأغراض خاصة بها. ولكن المنطق أيضا يقول إن المستفيد الأكبر من جرائم داعش هي إسرائيل، وهي التي تقف وراء تسليحهم. وهناك «حقائق» اخرى تقول بوجود حلف خفي «غير مقدس» بين أميركا وقطر وإيران واسرائيل وسوريا ودول أخرى، بإلهام من كتابات ونظريات زبيغنيو بريجنسكي وكونداليسا رايس، بهدف إعادة تشكيل خريطة المنطقة لمصلحة أطراف الحلف، وبالتالي خلقوا داعش وزودوها بالأموال والسلاح لتنفيذ مخططهم الجهنمي. وهناك طبعا سيناريوهات ومؤامرات أخرى، ولكن أصحابها تناسوا أن هذه الدول، منفردة او مجتمعة، لا تستطيع أن «تتآمر»، وتقنع غير بضعة نفر من داعش بمؤامرتها، لأنه يستحيل عليها، مهما بذلت من مال وجهد، أن تقنع عشرات آلاف المقاتلين، ومن مختلف الدول العربية والأوروبية، على ترك أوطانهم واسرهم وأعمالهم والالتحاق بابو بكر البغدادي، ليقاتلوا بوحشية قل نظيرها، ويقتلوا بعدها، لولا وجود ذلك الإرث الديني الذي تجذر في نفوسهم ونخر عقولهم وأقنعهم بأنهم على حق وأنهم الأفضل على العالمين، وعلى فكرهم أن يسود العالم أجمع. ولو افترضنا جدلا، بأن قوى العالم العظمى اجتمعت ووضعت خطة سرية أو مؤامرة للقضاء على الدجاج، ومحو وجوده من على ظهر الأرض، فكم سيكون عدد من سيتطوع للقتال في سبيل تحقيق هذا الهدف؟ لا أحد تقريبا! فالتطوع للقتال ضد المدافعين عن وجود الدجاج، من اصحاب مزارع وغيرهم من تجار لن يكون نزهة سهلة، وقد يتعرضون لموت محقق، وبالتالي فالموت في سبيل القضاء على الدجاج، أو الموت في سبيل الدفاع عن وجوده، فكرة سخيفة مهما كانت دقة حبكة خيوط المؤامرة! فلا يمكن أن يترك عشرات آلاف المتطوعين اسرهم وأعمالهم ليقاتلوا و«يستشهدوا» في سبيل ذبح الدجاج او المحافظة عليه، وهذا يبين أن الخطورة ليست في تآمر الآخرين علينا، بل الخطورة فيما نهيئه لهم من أسباب ووسائل للتآمر علينا! فلو لم يتم حشو رؤوس تلاميذ مدارسنا، في العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل، بكل ما يؤخر ولا يقدم، لما كان هناك إخوان ولا قاعدة ولا داعش، وبالتالي الخطورة تكمن في مناهجنا المدرسية، وليس في تآمر الآخرين علينا. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

نصر الميكروفونات

“>”>ألقى طارق سويدان، الذي يعرّف بالداعية، وهو رجل أعمال علاقاته قوية بالإخوان المسلمين، كلمة في جمعية المعلمين الإخوانية الكويتية، في أوج الحرب الأخيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، قال فيها، وهو يرتدي ملابس أنيقة، ويتمتع بالأمن والشبع، وغترته تتطاير على هواء المكيف، بعيداً عن دوي المدافع وهدير القنابل وأشلاء القتلى في القطاع، وصياح الأيتام في شوارعها، ونواح الثكالى على ابن وأب وأم وزوج مفقودين، يقول: نحن في صراع وجود مع بني صهيون، و«دولة» إسرائيل «دولة» نشاز، والمعادلة بيننا وبينها انتهت، وكنت في لقاء مع أخي خالد مشعل (في فندق 5 نجوم في الدوحة)، وقال لي إننا لن نقبل بوقف إطلاق النار، فقد انتهى ذلك العهد، انتهى عهد المطالبة به، فالنار ستستمر وإطلاق الصواريخ سيستمر. واستطرد سويدان: إنهم (أي الإسرائيليين) يألمون، كما تألمون (يقصد يتألمون)، وأن صواريخ غزة عطلت إسرائيل تماماً، وتجمد العمل فيها، ودخل الإسرائيليون حجورهم (يقصد جحورهم)، وهم يرتجفون، فقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، ونحن ليس لدينا مشكلة مع الموت، بل نتمناه. ونحن نطالب باستمرار إطلاق الصواريخ حتى يركع الإسرائيليون أمامنا! (تصفيق حاد من الحضور)!
انتهى الاقتباس من الخطبة الموجودة على اليوتيوب.
لا أدري حقيقة، ل.مَ لا يذهب السيد السويدان، وجماعته من الإخوان، وأبناؤهم لمحاربة إسرائيل، إذا كانوا حقاً يتمنون الموت، بدلاً من الجهاد من وراء الميكروفونات؟ خصوصاً أن قتلانا في الجنة، فإن نجحوا في مسعاهم استعدنا فلسطين من اليهود، وذهب قتلاهم للنار، وإن فشلوا فسيربحون الجنة، وسنربح نحن «فرقاهم»، وبالتالي مشاركتهم في الحرب الفعلية ستكون «مربحة» لنا جميعاً!
المهم أن كلام السويدان، وتعهدات مشعل كانت كلها «كلام في كلام»، فإطلاق النار والصواريخ لم يتوقف بين إسرائيل وحماس الإخوانية فقط، بل وأجبرتها بنود الاتفاقية على أن تصف مقاومتها بـ«أعمال عدوانية»، كما بيّنت بنود الاتفاقية! والتي لم تحصد منها، حتى الآن، غير زيادة بضعة أميال صيد سمك عما كان مسموحاً به في السابق، فمن الذي فاز في تلك الحرب إذاً؟ وهل كسب بضعة أميال صيد بحرية كان يستحق كل هذه التضحيات في الأرواح، والخسائر المادية الهائلة في الجانب الفلسطيني المغلوب على أمره، والمجبر على قبول دكتاتورية الإخوان، إلى الأبد؟ وهل أصيبت إسرائيل حقاً بالشلل، أم أن غزة، وحكومتها، هي التي أصيبت بالشلل؟
إن المعركة مع إسرائيل، التي جف ريقنا ونحن نكررها، حضارية، وليست صاروخية، خصوصاً إن كانت من النوع البدائي. إن قلوبنا وعقولنا ومصيرنا مع الشعب الفلسطيني، ولكن ما تفعله حماس في القطاع هو نوع من الانتحار بحق كل الفلسطينيين، فالذي يحدث، في كل حرب، هو زيادة قتلانا وجرحانا وخسائرنا المادية الهائلة، وبالتالي زيادة تخلفنا مع ازدياد الأيتام والعاطلين عن العمل بيننا، ثم تأتي حماس لا لتعتذر وتبني وتعلم، بل لتصر على النصر وتتعهد بزوال إسرائيل، وانتصار حماس الوحيد هو في بقائها في السلطة، ولو كانت لدى قيادتها شعور بالمسؤولية، لاستقالت بدلاً من أن تدعي نصراً لم يتحقق، وربما لن يتحقق.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

رسالة لعقلاء الشِّيعة والسُّنة

لا يأتي شيء من فراغ، وبالتالي ما نجده من عنف ديني أو طائفي اليوم له جذور مهّدت وتمهد لاستمرار ظهوره. فقد عاش مسلمو الهند في سلام نسبي طوال قرون، بخلاف معارك هنا وهناك، ثم جاءت النكبة وانفصل جزء منهم في دولة مستقلة، ولكن الأغلبية بقيت في الهند، وطوال 1200 عام لم يعكر صفو العلاقة الكثير. ولكن، ولأول مرة في تاريخ الهند السياسي، بدأت تعرف أحزابا هندوسية مسلحة، ردا على زيادة التطرف الديني لدى الأقلية المسلمة، التي خربتها دعوات بعض «الدعاة» وما حملوه من «بترودولار». كما لم تعرف دول جنوب شرق آسيا، كالفلبين وبورما وتايلند، وحتى الصين، معارك ومذابح بين الأغلبيات غير المسلمة، التي كانت تميل تاريخيا للسلم، وبين الأقليات المسلمة، ثم وصل الدعاة و«الدولار الخليجي» فبدأت المذابح! ويعتقد البعض ــ وقد يكونون على حق ــ أن التطرف الحالي ما كان يمكن ان يكون بكل هذا الزخم والعنف لو لم يسبقه تطرف مضاد. ففور نجاح الخميني في ثورته وبدئه تصدير أفكار ثورته، ونشر التشيع بين دول المنطقة، وكان لبنان والعراق هدفاً، ثم وصلت الشرارة تالياً الى اليمن ثم غزة ومصر وبعض دول الخليج، ولا ننسى ــ بالطبع ــ سوريا. وبسبب ذلك يمكن القول إنه مهما قيل وكتب في وسائل الإعلام العربية عن «داعش» وتصرفات رجاله الإجرامية والخرقاء، فإن بعض السنة لا يعتبرونه خطرا حقيقيا، بل ربما عوناً امام «المد» الشيعي، إن صح التعبير. ولو كان «داعش» يمثل خطرا على الإسلام أو يسيء الى صورته، كما قال الكثيرون لاجتاحت التظاهرات شوارع المدن العربية منددة به، فقد قامت التظاهرات لأسباب وقضايا اقل خطورة على الدين وإساءة الى رموزه من أعمال «داعش» الحالية. وعليه، فإن أي تطرف ديني او مذهبي من اي طرف كان سيقابل بتطرف مضاد أقوى وأشد من الطرف الآخر، ولا ينقص الطرفين من يثيرهما ويمولهما ويسلحهما. وحين يرى العالم كيف يقتل العرب العرب، وكيف يذبح «المسلمون» أبناء وطنهم الذين ليسوا على دينهم أو مذهبهم، وكيف تستغل الصهيونية العالمية حروب القبائل العربية، فلا نستغرب ــ بعدئذٍ ــ إذا لم يكن للدم الفلسطيني الثمن الذي يعطيه العالم لدم اليهود! لا فائدة ترتجى على المدى الطويل، من مجابهة الصهيونية بعصبية طائفية، لأن عصبية اليهود تجمعهم وتوحّدهم، في حين إن عصبيات «المسلمين» تفرّقهم قبائل وشيعاً، وتجعل الحروب بينهم أشد فتكاً من حرب إسرائيل عليهم. وكما قيل: «العصبيات تولّد العصبيات وتأكل الروح». والآن، كيف يمكن أن نتعظ من تجارب الآخرين، ويبتعد «عقلاؤنا»، أو ما تبقى منهم، عن العصبية، وأن نترك الطائفية خلفنا، ونسمو عليها؟ وهل بمقدور حكومتنا السير في طريق الدولة المدنية، وليس الطائفية؟ وهل لدينا القدرة على التعلم من مصائب الآخرين، فلا نقع في المطبات والمشاكل نفسها؟! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

السارق والمزور الغائب

الظواهر التي سأتكلم عنها ليست مقتصرة على دولة بحد ذاتها، بل تشمل غالبية الدول العربية والإسلامية، ولكنها تبدو أكثر حدة في الدول النفطية الثرية، وأكثر مدعاة للاستغراب. فظاهرة الغش في الامتحانات الدراسية متفشية لدينا، والغش في الأغذية وتقديم وجبات مطاعم فاسدة أمر منتشر أيضا، ولا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع بضبطية هنا أو «كبسة» هناك. والغش في شهادات خلو عمال المطاعم وشركات التغذية من الأمراض المعدية أمر عادي، بالرغم من تأكد إصابة الكثيرين منهم بأمراض خطيرة معدية، ونشوب الحرائق في المخازن الحكومية ومشاريعها الإنشائية اصبح موسمياً، والغش في منح إجازات قيادة المركبات، حتى الثقيلة والخطيرة منها، ليس بالامر المستغرب، وتزوير أذون الزيارة والعمل للعمالة الوافدة أصبح «روتينيا» أكثر كشرب الماء البارد، ومخالفة قوانين المرور أصبح القاعدة وليس الاستثناء. وشراء الحكومات الولاء من أموال الشعب، إما من خلال توزيع حيازات زراعية أو أموال نقدية أو رخص تجارية أو إرسال ناخبي النواب لتلقي علاج الزكام في دول أوروبا، هو السائد، واصبح الغش والتلاعب في الجمعيات التعاونية أمرا شبه مقبول، وكذلك الامر في الجمعيات والمبرات المسماة بالخيرية لنهب أموال التبرعات أو التساهل مع سارقيها. كما لا يتورع الكثير من المواطنين «الطيبين» المصلين الصائمين عن مخالفة كل قانون، والاستيلاء على أملاك الدولة أمام بيوتهم، وتأجير سراديبها للتخزين، وتكليف نواب مناطقهم للتوسط لهم في إتمام كل معاملة مخالفة للقانون. هذا غير عشرات آلاف مخالفات البناء السنوية، وبيع المواد الغذائية المدعومة والأعلاف المدعومة في السوق السوداء، وسرقة وقت الدولة بالحضور للعمل متأخرين، والمغادرة قبل انتهاء العمل بساعات من دون الشعور بأي تأنيب ضمير! ولكن، وآه من ولكن، قد يقول قائل ان هذه الظواهر لا تقتصر على الدول العربية والمسلمة فقط، بل تشمل غالبية دول العالم الكافرة والوثنية والمشركة، كالهند وتايلند والفلبين وغيرها. ولكن، مرة أخرى، هذه الدول لم تدع. يوما أن مواطنيها أفضل البشر، ولا يتكالب شعبها على بناء أفخم دور العبادة في كل متر وشبر، ولا تكتظ «تنابلهم»، جمع Temple، بالمصلين طوال العام، ولا تخلو أحياؤهم السكنية من البشر اثناء فترات إفطار رمضان والصلوات، كما يحدث في الدول الخليجية، ولا يتصارعون للحصول على كرسي فارغ على طائرة حجاج! وبالتالي من المستغرب جدا، أو العكس، أن نجد مساجدنا مكتظة، وخاصة في المناسبات الدينية، بملايين المصلين الخاشعين؟ والسؤال هو من الذي يرتكب كل هذه المخالفات والموبقات والسرقات؟ هذا سؤال نتركه لكم! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

بداية الانهيار التركي

كانت تصرفات تركيا تجاه منطقة الشرق الأوسط بالذات، في السنوات العشر الأخيرة، مصدر تساؤل لدي، خاصة بعد ان رفض الاتحاد الأوروبي فكرة انضمامها إليه، ويا ليته قبل بذلك، لكان توجه تركيا اليوم مختلفا عما هو عليه الآن. حيرتي بددها مقال نشر في النيويورك تايمز، 28/ 8 بقلم بهلول اوزكان BEHLUL OZKAN، ذكر فيه أنه كان في أواخر عام 1990 يدرس لنيل شهادة في العلاقات الدولية من جامعة مرمرا، وأن واحدا فقط من بين كل اساتذته كان معارضا قويا لفكرة انضمام وانصهار تركيا في الاتحاد الأوروبي. وكان البروفيسور مميزا في مادته في الفلسفة الإسلامية والغربية. وكان يستمتع بقضاء ساعات في مناقشة اهتماماته مع طلبته. وكان يعتقد أن تركيا سوف تبرز كقائد للعالم الإسلامي، مستفيدة من موقعها الجغرافي، ومن فخرها بتراثها التاريخي. والآن، وبعد 14 عاما يصبح ذلك البروفيسور أحمت أوغلو Ahmet Davutoglu رئيسا لوزراء تركيا الجديد. والغريب، يقول بهلول، انهم عندما كانوا يستمعون للبروفيسور أوغلو كانوا يتخيلونه يتكلم عن قصص خيالية، وليس تحليلات سياسية، مستشهدا ببريطانيا التي خلقت امبراطورية، بعد خروجها من حروبها الأهلية في القرن 17، وألمانيا التي أصبحت قوة متحدة يحسب حسابها، بعد أن كانت متشرذمة، وبالتالي كان أوغلو يعتقد أن بوسع تركيا، التي كانت حينها تعاني من التضخم والنزاعات الداخلية والحرب مع الأكراد الانفصاليين، أن تصبح دولة قوية ومهابة. وقد وضع أوغلو أفكاره تلك في كتاب صدر عام 2000 بعنوان «استراتيجية العمق» وضح فيه ان تركيا لا تدرس التاريخ بل تقوم بكتابته، وهي دولة لا تقع ضمن المحيط الغربي، بل في قلب «الحضارة» الإسلامية! وهذا ما تنبأ به أوغلو، وسعى لأن تكون تركيا لاعبة رئيسية، تدير الآخرين، بدلا من أن تكون مخلبا. واليوم، وبعد ان اصبح الرجل الأقوى في وطنه، ينظر إليه الكثيرون، وربما ينظر هو لنفسه، كسلطان عثماني جديد، ووريث للسلطان عبد الحميد الثاني. ما يهمنا ذكره في مقالنا هنا، أن رئيس وزراء تركيا السابق، رجب طيب اردوغان، تأثر بنظرية «أحمت أوغلو»، وعمل بها، وعلى أساسها عين أوغلو وزيرا للخارجية، قبل أن يختاره رئيسا للوزراء، وإيمان اردوغان وأوغلو بدور تركيا الجديد، كزعيمة للعالم الإسلامي، سيجلب الخراب لمنطقتنا ولها، برأيي، فانغماسها الواضح في قضايا المنطقة المتشابكة وحروبها الدينية والطائفية، بعد أن أصبحت طرفا في كل نزاع، سيعجل حتما بخرابها، فهي ليست افضل من غيرها، ولا أقوى ممن حاولوا أن يكون لهم دور ففشلوا، يجرون أذيال الخيبة، تاركين وراءهم شعوبا مقهورة قبل وجودهم وبعد مغادرتهم. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

أنا ولبنان وطوائفه

تقول الكاتبة اللبنانية منى فياض «.. اللبناني، ولأية طائفة انتمى، يشعر بالتميز كونه لبنانياً، حتى لابسات الشادور لديهن هذا الشعور، وعرفته منهن»! وكلام الزميلة جميل، ولكني سبقتها لهذا الاكتشاف الطريف بستين عاما تقريبا، يوم وقعت في حب لبنان، واللبنانيين في صيفية عام 1956، يوم سكنت في بيت «البدر» في ضيعة بحمدون، ومن يومها صار «القمر» أحلى. وتضيف منى قائلة: يعرف اللبناني أنه ينتمي إلى وطن مختلف عن محيطه، إن كان باسلوب معيشته، بصحافته ودور نشره وإعلامه ومطاعمه ومقاهيه وملاهيه الليلية. وعندما ينظر إلى الصبايا والشباب، يلمس شعورا بالانطلاق والانفتاح والتكيف والحرية في اختيار الأسلوب الذي يعيشونه. وهذا ما خبرته شخصيا على مدى العقود الستة الأخيرة، عندما التقيت وتعرفت وعاشرت وصاحبت المسيحي والشيعي والسني والدرزي، تجارا وكتبة ومفلسين، واصحاب مطاعم، و«شوفيرية تكسي» وكان من الصعب في غالبية الحالات التفريق بين تصرف المليونير وتصرف المديونير، فالكرم والنخوة هما اللذان كانا يجمعان صبي البقال بمدير البنك، بصاحب البنسيون بمدير الكافيه.. ولكن يجب الاعتراف أن كل ذلك، كان في طريقه للزوال، بحكم الزمن والحرب الأهلية وتزايد السكان وغيرها من أسباب لا تعد ولا تحصى، ففيروز اصبحت لا تعني الكثير ودوالي العنب لا يطرب الغناء تحتها وجرود بعلبك أصبحت جرداء أكثر ومأوى للمجرمين، وصنين الجبل أصبح منطقة عسكرية، وقمر مشغرة اصبح مغبرا من التلوث، ولكن مع كل ذلك يبقى وجه لبنان العتيق، لبنان المحبة والتسامح والجمال، طالما بقي مسيحيه فيه، فإن هم ذهبوا فسيذهب الأكثر معهم، وسيمحى كل ما كتبت منى فياض وغيرها عنه، وستغيب كل معاني كلمات فيروز وستتخشب قامات أو «كسم» الصبايا، وسينشف الماء من الدوالي، وستخلو الضيعة من أهلها ومن «قهوة الصبحية». هذه، بنظري الشخصي، حقيقة لا استطيع نكرانها، فإن كان أجمل ما في لبنان تنوعه الثقافي والمذهبي والديني والاثني، فإن مسيحييه يبقون زهرة ذلك التنوع، والحضن القادر أكثر من غيره على العطاء الفني والثقافي، والأكثر ترحيبا بالسائح والزائر والمريض والباحث عن الترفيه والتعليم والخبرة بالحياة. فكلما ضاقت بنا السبل في اوطاننا، كما تقول منى، فليس لنا غير لبنان الغني المتنوع والوجه المسيحي المشرق والمضيء، فهو بلد المسيحيين العرب الأول.. بلد الأقليات المتعددة المتعايشة جنباً إلى جنب.. المتقاسمين معا اللقمة والسلطة، في أصغر دولة عربية وأقلها موارد وأكثرها هشاشة.. وعطاء! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

شجاعة محمد الخالد

ورد في القبس، 8/29، على لسان مصدر رفيع، أن الفساد يتحكم بمفاصل وزارة الأوقاف، وأنه منتشر فيها على نحو لا يقل عن وضع البلدية، رغم خصوصية الوزارة، وطابعها التوعوي والديني! لا أعرف كم عدد المرات التي كتبت فيها عن فساد هذه الوزارة، ولكنه لم يقلّ عن 10 مقالات. كما سبق أن حذّرت من خطورة اعتبار أي جهة دينية محصَّنة من النقد والرقابة، ولأي مذهب انتمت، فقد سبق أن كتبت عن شكوكي في ما يتعلق بالتلاعب بأموال الخمس، ولكن لا أحد التفت إلى ما كتبت، بحجة أن ما ذكرته هو «افتراء»، وأن القائمين على هذه الجهات «رجال أفاضل»، وقد يكون هذا صحيحاً، ولكن لا يعني أنهم «ملائكة»، فالمال السايب، كما يقول المثل، يشجع على السرقة، ومع الأسف الشديد، فقد كانت أموال هذه الوزارة في غالبيتها سائبة واعتبارها لا تخطئ تسبب في كارثة أخلاقية، ومؤسف أكثر عدم قيام أي وزير أوقاف، منذ التحرير وحتى ما قبل أسبوع، بفعل شيء لإصلاح الوضع الخرب فيها، وغريب أن يتطلب الأمر في النهاية تدخل وزير داخلية ليقوم بإصلاح الأوقاف! لقد كانت هذه الوزارة، وإن بطريقة غير مباشرة، جزءا من عملية التخريب التي تعرّضت لها عقول عشرات آلاف الشباب، ودفعهم إلى التطرف الشديد. وقد استفاد بعض مسؤولي الوزارة من ذلك التطرف، ومن بث سموم الفرقة، ولكن عندما فاض الكيل، وصدرت «الأوامر» بالاعتدال، تم تفويض الجهة نفسها التي كانت وراء نشر التطرف لتتولى مسؤولية نشر الاعتدال والدعوة إلى الوسطية، وكانت هذه مناسبة أخرى لبعض مسؤولي الوزارة للاستفادة من عملية نقل البندقية من كتف إلى كتف، فعندما تصدر الأوامر لا أحد يعبأ بما سيتكلفه الأمر. وهكذا تم استقدم متطرف سوداني من عظام رقبة الإخوان، وأسكن في فندق 5 نجوم، ومنح مكافأة شهرية لا تقل عن 20 ألف دولار ليقوم بعملية نشر الوسطية. ولم يكتف بعض مسؤولي الوزارة بذلك، بل أسسوا لجاناً ومراكز وسطية، وعينوا أنفسهم فيها، وهات يا لهف أتعاب ومكافآت، وكل ذلك في معمعة لا أول لها ولا أصل، ولا أحد يعرف لماذا تأسست، وما أهدافها، وإلى ماذا تسعى! ويا ليت بقي الوضع دون أي تقدم، فالعكس هو الذي حدث، حيث ازدادت حمى التطرف بين الشباب، منذ تأسيس مراكز الوسطية، لتصل إلى ذروتها مع ورود أنباء عن انخراط مئات الكويتيين في جيش «داعش»، حسب بعض المصادر. إن وزارة الأوقاف بحاجة، كما ورد في القبس، إلى نسف أوضاعها وإصلاح ما نخر فيها من فساد وخراب على مدى سنوات، والمسؤولون عنه معروفون، وسبق أن ذكرنا أسماءهم في أكثر من مقال. وورد في القبس كذلك أن وزير الداخلية سيتجنب تجربة من سبقه من الوزراء، فهؤلاء ربما كانوا يدركون مواقع الفساد، ولكن كانوا يتوقفون فجأة عن المعالجة. ومعروف أن هناك صراعاً شبه دائم بين الإخوان والسلف في الوزارة، ليس على الإنجاز بل على التكالب على المناصب المربحة، فأغلب قيادات الوزارة مختلفة سياسياً، حسب قول القبس، ولكن يجمعها ربما التطاول على المال العام! فهل هناك ما هو مخجل أكثر من هذا؟ شكراً لمحمد الخالد، الوزير والشيخ الشجاع، الذي قام بما عجز غيره من وزراء ومسؤولين كبار عن القيام به. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

أوهام السلام

يقول أحد الدعاة، والذي لا يستحق حتى ذكر اسمه، بعد كل ما أحدثه وأمثاله من خراب في عقول الشباب ودفعهم الى الموت في معارك عبثية، يقول إن تعلق النفس بالجهاد ورغبتها في سفك الدم وسحق الجماجم وتقطيع الأجزاء هو جهاد في سبيل الله وشرف للمؤمن. ويكرر الكلام ذاته دعاة آخرون، في الكويت وغيرها، مؤكدين – بقوة – على قضية إزهاق روح الآخر المختلف، ضرباً بالسيف، وتقطيع أوصاله، خصوصاً إن كان يهوديا. وعليه، فإن أي تصور بإمكانية تحقيق صلح أو سلام يوما ما بين العرب (المسلمين بالذات)، وبين الإسرائيليين (اليهود الصهاينة بالذات)، هو أمر أكثر من خيالي في ظل المعطيات أعلاه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يبين الواقع العسكري والميداني والتقني، أن بإمكان إسرائيل القضاء على كامل الشعب الفلسطيني، في غزة على الأقل، خلال ايام قليلة. ولا يمنعها من ذلك غير خوفها من إثارة المجتمع الدولي وفقد احترامه، وخسارة أصدقائها. وبالتالي فدوافعها وراء أي عمل عسكري تقوم به هو أمني بحت، فليس هناك نص تلمودي أو توراتي يطالب بــ «ضرورة» القضاء على المسلمين وإفنائهم. ولكن في الجانب الآخر هناك عجز عسكري وتقني ومعيشي وتعليمي تام لدى الجانب الفلسطيني، وفي غزة بالذات، في إحداث أي تغيير في عقلية أو موقف القيادة الإسرائيلية من السلام أو القضاء على إسرائيل، وهذه الصواريخ التي تطلقها «حماس» تعتبر مزعجة جدا لإسرائيل، ولكن ليس بإمكانها، حتى الآن، إحداث التغيير المطلوب، وضرر ما ترد به إسرائيل على إطلاقها اكبر بكثير مما تحدثه من أذى، وكأننا نشبعها يوميا شتائم مقذعة فتشبعنا ضربا مبرحا وتزيد من الأيتام بيننا! المهم من كل ذلك أن معضلة السلام بين الشعبين غير قابلة للتحقيق، فهناك عقلية ترسّخت على مدى قرون، وبحكم التاريخ والجغرافيا، فكرة القضاء على، ليس فقط الكيان الصهيوني، بل ربما الجنس اليهودي برمته. وبالتالي كيف يمكن توقع سلام بين طرف يعرف جيدا أنه الأقوى ولديه القدرة والإرادة لأن يبقى قويا، في الوقت الذي يعتقد فيه ذلك الطرف، أي نحن، بأن من واجبنا القضاء على الآخر وإنهاء وجوده، فهل هناك سلام متوقع، في ظل مثل هذه المفاهيم؟ لا أعتقد ذلك، ولن أراه في أحلامي، ولا في ما تبقى لي من عمر، وانتو كيفكم! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

احمد الصراف

رجل الألفية

في أوائل رحلات «القطرية» من الكويت إلى الدوحة، قدّمت لي المضيفة الفلبينية صينية عليها عدد من كاسات العصير، فاعتذرت عن قبولها بحجة أنها تتعارض وديانتي، فتراجعت المضيفة مرتبكة وخجلة، وانسحبت من دون أن تنطق بكلمة! ويبدو أنها حكت لزميلتها الإنكليزية الموقف الغريب الذي تعرّضت له، فقامت هذه وأخذت الصينية منها، وتقدّمت نحوي عارضة عليّ أنواع العصير، فرفعت رأسي واعتذرت لها بكل لطف، قائلا إن ما تقدّمه يتعارض وعقيدتي الدينية، وهنا أصيبت المضيفة بالقدر نفسه من الدهشة، وتراجعت متلعثمة! لم تنته. القصة هنا، ولكن تكملتها ليست مهمة. بعدها بأسابيع كنت في رحلة داخلية في الهند، وكان معي صديق، فرويت له ما جرى معي على «القطرية»، وقلت له إنني سأجرب الأمر ذاته مع المضيفة الهندية، وراهنته بأنها ستتصرف بطريقة طبيعية، ولن تدهش لردي أو تتحرك عضلة استغراب في وجهها، وهذا ما حدث بالفعل، فلم تستنكر أو حتى تبتسم لقولي بأن تناول العصير يخالف عقيدتي، والسبب أن عقائد وديانات شعوب جنوب شرق آسيا عموماً والهند بالذات، تحرم الغريب من الأمور والطريف من التصرفات، وبالتالي لم يكن هناك ما يدهش أو يثير استنكار المضيفة الهندية في إجابتي، فغالبية سكان الهند وتايلند واليابان وغيرها يؤمنون بمئات أو بآلاف الآلهة، فلا إله يتميز عن غيره، أو على الأقل يستحق الموت في سبيله، بل هو مصدر سعادة وراحة نفسية، وخاصة في الخطوب والملمات! اعتدنا، وفي المجتمعات النفطية، والمتخمة بالأموال، التي لا يعرف أصحابها كيفية التصرف بها أو إنفاقها في المفيد من المشاريع، اعتدنا على اعتبار أنفسنا «كرماء»، والحقيقة ليست كذلك بصورة دقيقة، فالغالبية تنفق على المشاريع والأعمال الخيرية بغية اكتساب الأجر والثواب الأخروي، والأمر ليس كذلك في المجتمعات الأخرى، فلا أعتقد أن بيل غيتس أو وارن بافيت مثلا، واللذين وهبا مليارات الدولارات للأعمال الخيرية والأبحاث الطبية يسعيان للحصول على أجر. وورد في الأنباء مؤخرا أن مواطنا هنديا يدعى كالاياناسوندرام Mr.Kalayanasundaram يعمل بوظيفة بسيطة في مكتبة منذ 30 عاماً، كان يتبرع بكامل راتبه، طوال فترة عمله، للمحتاجين. وكان يعيش على ما كان يكسبه من العمل مساء كخادم في فندق صغير. وعند تقاعده قام بتوزيع نهاية خدمته على الفقراء. واعتبرته الحكومة الأميركية شخصاً فريداً من نوعه، وتقديراً لمواقفه قامت بمنحه لقب «رجل الألفية»، ومبلغاً كبيراً من المال، والذي لم يتردد في توزيع كل روبية منه على المعوزين! وقام ممثل هندي شهير «بتبنيه»، كوالد له، حيث إن كالاياناسودرام لم يسبق له أن تزوج، ولم يكن بالتالي لديه أبناء! فهل لدينا مثل كرمه؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com