احمد الصراف

سرقات الليل والنهار

بالرغم من قصر تاريخ الدولة النسبي، فإنه من الصعب جداً حصر حالات الفساد، أو السرقات الكبرى، حتى لنصف القرن الماضي، ولكن يمكن الإشارة مثلاً إلى «توزيعات قسائم الليل» في الشامية، وسرقة أراضي الدولة، وتحديدها بالبراميل، الأمر الذي دفع الأمير الكبير عبدالله السالم إلى الإسراع في وضع خط التنظيم العام، الذي أوقف مثل هذه السرقات وغيرها، ولكن هناك سرقات من نوع آخر، لم تولها الحكومة الاهتمام الكافي، أو ربما تعمدت تجاهلها تماماً، إما لعدم رغبتها في «عوار الراس»، أو ربما لوجود من تخشى الإضرار بمصالحهم، أو لوجود مصلحة سياسية ما في التغاضي عن مرتكبيها أو المشاركين فيها، وهي سرقات مليونية تتعلّق بمصالح عشرات آلاف المساهمين الصغار، الذين ضاعت أموالهم ومدخرات حياتهم في رؤوس أموال الكثير من الشركات المساهمة الضخمة، وكان آخرها ما تم تبادله من اتهامات واتهامات مضادة في الجمعية العمومية لإحدى الشركات القابضة، التي كانت يوماً من أفضل شركات الاستثمار، لتنتهي إلى شركة مفلسة، تسببت خسائرها في وقوع المحظور، من ضرب وتكسير، بين كبار ملاكها من أخوة وأبناء عمومة!
أظهرت البيانات المالية المجمّعة لهذه الشركة، ومثلها العشرات، للسنوات الثلاث أو الأربع الماضية، اختفاء الكثير من أصولها بطرق غير واضحة، الأمر الذي هز كيان الشركة، ودفع دائنيها إلى الحجز على ما تبقى من أصولها، والدعوة إلى تصفيتها، وسط اتهامات بسوء الإدارة والتخبط وخيانة الأمانة، والفساد، وتجاوز المطلوبات المتداولة لموجوداتها المتداولة بكثير. متابعة قراءة سرقات الليل والنهار

احمد الصراف

ماذا لو تركونا.. وراحوا؟!

كتب الأديب علاء الأسواني: «.. ذبح أنصار الإخوان المسلمين في مصر اسكندر طوس، وتعمّدوا ألا يفصلوا رأسه تماما. واتفقوا مع صاحب جرار على سحله من قدميه، وهكذا رأى أهل القرية «اسكندر» للمرة الأخيرة مذبوحا مسحولا خلف جرار، بينما رأسه يتأرجح والدم يسيل منه غزيرا، فيصنع خطوطا على الأرض، وبعدها ألقوا بجثته في الشارع! هذا المشهد لا يقوم به حتى وحوش ضارية، بل من ضمائرهم من الإنسانية وتحجرت قلوبهم وتجردوا من الأخلاق. كيف يذبح هؤلاء الذئاب إنساناً خلقه الله مثلهم؟! هل هذا من الدين، أو من الشريعة التي يجرمون بمجرد المساس بها، واعتبروها خطا أحمر وفوق مواد الدستور؟» انتهى.
متابعة قراءة ماذا لو تركونا.. وراحوا؟!

احمد الصراف

الظالم والمظلوم

يطلق على أي فكرة شائعة عن شعب أو مجموعة وصف الـStereotype، أو الفكرة النمطية، كأن نقول ان الإيطاليين ثرثارون، أو إن الفرنسيين مهووسون بالعطور! وبالرغم من أن مثل هذه التعميمات لا تأتي عادة من فراغ، فانها غالبا ما تكون ساذجة، وهي حتما لا تنطبق على الجميع. وفي الكويت نقول: الشر يعم، والخير يخص! أي ان قام أحمد بفعل طيب، فأحمد إنسان طيب، وإن فعل سيئا فالكويتيون سيئون! وبالتالي من السهل مثلا القول ان البنغال في الكويت هم سبب الكثير من الشرور. فبالرغم من حقيقة أن بينهم نسبة غير بسيطة من محترفي الاحتيال، فان الغالبية ليست كذلك. وقد نشرت القبس قبل ايام تقريرا عن العمالة الآسيوية، بينت فيه وجود أكثر من 330 ألفا منهم يعملون من خلال مئات العقود الحكومية. وأن البنغال أكثر احترافا من غيرهم في الاستفادة من وضعهم كعمال، خاصة في الجهات الأكثر علاقة بالجمهور.
متابعة قراءة الظالم والمظلوم

احمد الصراف

تاريخ الفساد في الكويت

لم يخل تاريخ الكويت، كغيرها من الدول المتخلفة، من الفساد السياسي، والمالي بالذات، حتى عندما كانت أوضاعها المالية متواضعة. فهناك قصة «حمال باشا» أو عقد مناولة اعمال التحميل والتنزيل في ميناء الكويت، وقبل ظهور النفط بعقود. وفضيحة قيام عدد من المتنفذين باستقطاع مساحات كبيرة من أراضي الدولة لحسابهم الخاص. كما يروى أن البعض خاطب الحاكم في فترة ما لعزل المسؤول عن «برجة الماي»، أو خزان المياه العذبة، لفساده! وكيف أن الشيخ قال لهم إنه يعرف عن سرقاته، ولكنه متمسك به لأنه توقف عن السرقة، بعد ان شبع. وأن تعيين شخص «جائع» جديد مكانه، يعني قيام هذا الأخير بالبدء في السرقة!

متابعة قراءة تاريخ الفساد في الكويت

احمد الصراف

أخلاقيات الطبيب والصحافة

سنت جريدة «الجريدة» الكويتية سنة حسنة، بوضعها الكثير من المواد الصحافية، التي تبدو في ظاهرها وكأنها أخبار صحافية، ضمن إطار محدد، والاشارة الى أن مادتها إعلانية تسويقية، وليست خبراً حقيقياً. وهنا نطالب كل الصحف الأخرى باتباع أسلوب جريدة «الجريدة» نفسه، من منطلق حماية القارئ من الإعلانات المضللة، علما بان غالبية الصحف والمجلات الغربية المحترمة تتبع هذا الأسلوب من عقود طويلة، وسبق أن كتبنا عن هذا الموضوع. وليس غريبا أن تمنع محطات التلفزيون الوقورة مذيعي نشرات الأخبار فيها من المشاركة في أي برامج أخرى، لكي لا يختلط الأمر على المشاهد في ما يسمعه من المذيع في أي برنامج آخر، ويعتقد أن ما يقوله هو خبر قابل للتصديق، في الوقت الذي يكون فيه إعلانا تجاريا مدفوع الثمن. متابعة قراءة أخلاقيات الطبيب والصحافة

احمد الصراف

أيَّار ومايو

تتميز أشهر السنة الميلادية، او الغريغورية، والتي تماثلها عددا وترتيبا الأشهر السريانية، كتشرين وأيار ونيسان، عن الأشهر العربية أو الإسلامية، بكون كل شهر منها له طعم ولون ورائحة، بعكس الاشهر العربية، باستثناء شهر رمضان، التي تأتي في فصول تختلف من سنة لأخرى.. وبالتالي يصعب أن تكتسب هذه الأشهر سمة محددة تتعلق بقدوم فاكهة ما أو حلول طقس بارد او حار، لأنها اشهر تتبع القمر، وليست شمسية، وبالتالي يأتي محرم مثلا في سنة شديد البرودة، وبعد عقود قليلة يعود بحرارة شديدة. وعلى الرغم من أننا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لكنها غير معروفة، فإننا نتبع ثلاث تسميات أو أكثر لأشهر السنة. فالسعودية مثلا تتبع التقويم الهجري، وتورده على مستنداتها، وأحيانا تذكر الشهر الميلادي معه. أما دول الخليج الأخرى فغالبا ما تستخدم الميلادي فقط، وفي أحيان قليلة تورد المصادف الهجري. أما لبنان وسوريا والعراق فإن اشهرها سريانية التسمية، أما المغرب والجزائر وتونس فتتبع التسمية الميلادية، ولكن بلفظ فرنسي غالبا. وهناك حالات أخرى ولكن غير مهمة.
متابعة قراءة أيَّار ومايو

احمد الصراف

محمد الذي حاول أن يُرضي عبدالله وعواد

ولد محمد ناصر السنعوسي، الشخصية المعروفة، عميد الإعلاميين، وزير الاعلام السابق، في الكويت قبل 77 عاما، وهو الثاني بين 13 أخاً وأخت.
درس الإعلام في جامعة «يو إس سي»، بجنوب كاليفورنيا، بعد فترة تدريب مكثّفة مع الــ «بي بي سي البريطانية». ويمكن القول إن معاصرته لتلفزيون الكويت كانت نقطة التحول في حياته، ففي اروقة ذلك الجهاز، وبسببه، تعرف على أهم شخصيات حياته، ومنه انطلق للمحلية والإقليمية ثم العالمية.
بدأ التلفزيون بثه في الكويت عام 1957من خلال محطة «شرين»، التي كان يمتلكها المرحوم مراد بهبهاني، ولكن بعد سنوات اشترتها الحكومة، ليبدأ البث الرسمي عام 1961.
متابعة قراءة محمد الذي حاول أن يُرضي عبدالله وعواد

احمد الصراف

زاهد وناجح

بدأت الحرب الإيرانية ـ العراقية عام 1980 وانتهت عام 1988، بعد أن خلفت خسائر هائلة، واكثر من مليون ونصف المليون ضحية، والنتيجة.. لا شيء!
هذه قصة أغرب من الخيال بينت بوضوح ما يمكن أن تجره الأنظمة الدكتاتورية من دمار على شعوبها والغير. وقامت المخرجة الكندية آن شين بتحويل القصة لفيلم وثائقي قصير وحزين.
يقول «زاهد» في الفيلم انه كان في الـ 13 من عمره عندما وقعت الحرب بين وطنه والعراق، وأنه قرر الهرب من والده، الذي كان يعتدي عليه، ليلتحق بالجيش كغيره من الصبية المراهقين. أثرت أهوال عليه كثيرا، وفكر في الهرب، ولكن دون جدوى. ويقول انه في يوم استعادة «خرمشهر» من العراقيين، ذهب لتفقد القتلى في خندق، وهناك رأى جثث الجنود مكدسة فوق بعضها البعض. سمع أنين احدهم فمد يده لجيبه يريد سلبه، واخرجها تحمل مصحفا وبداخله صورة امرأة وطفل، وأخذ الرجل يتوسل إليه أن يبقيه حيا، وقال له ان الصورة لصديقته وابنهما. يستطرد زاهد قائلا: انه أشفق على الرجل وأعطاه مسكنا للألم، وأخفاه لأيام خلف جثث رفاقه، ثم سلمه كأسير، ولم يره بعدها. متابعة قراءة زاهد وناجح

احمد الصراف

جلد وحرق العلماء!

تزايد مؤخراً احتمال وصول إرهابيي «داعش» إلى مدينة تدمر السورية التاريخية، وتفجير آثارها، مثلما فعلوا بآثار العراق، وقبلها بآثار معلولا، ووادي النصارى، وهي آثار لا يمكن تعويضها.
يمكن أن نصف «داعش» بما نشاء، ولكن التنظيم لم يخرج، وبشكل يدعو إلى الدهشة، قيد أنملة عما ورد في الكتب، بل يبدو واضحا حرص قادته على الالتزام حرفيا بالنصوص. وبالتالي يمكن القول إن هذه الشراسة في التعامل مع العلم والثقافة ليس بالأمر الجديد، فقد تكرر ما يماثله طوال التاريخ. ولو استعرضنا أمثلة قليلة لما تعرض له بعض كبار مثقفي العرب والمسلمين على يد الخلفاء المسلمين لوجدنا تفسيراً لما نراه الآن من غلو وتشدّد من هذه الجماعة أو تلك. متابعة قراءة جلد وحرق العلماء!

احمد الصراف

وجهة نظر الشيخ محمد

ورد في أواخر ابريل في القبس، على لسان الشيخ محمد سالم الصباح، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق، الذي أكنّ له تقديرا خاصا، ان الخلافات بين دول مجلس التعاون، في ظل وجود ملفات خطيرة مثل خلل التركيبة السكانية، تمثل تهديدا لوجودها. وأن لا حل أمامها بغير التضامن. وقال في مؤتمر «الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون» إن هذه الدول تواجه «رغبات» قوى إقليمية في أن تكون راعية وحامية لطائفة معينة، واعتبارها من رعاياها، بغض النظر عن انتماءاتها الوطنية! وهو هنا يشير الى إيران ورغبتها في بسط «حمايتها» على شيعة دول المجلس. وحذر الشيخ في كلمته من أن ثمة درسا يجب ان نستخلصه (أو يستخلصه شيعة الخليج) من الحرب العالمية الثانية، وهو أن الاحتماء بالأجنبي والاستقواء به، والبحث عن قوى خارجية لدعم موقف محلي هو خطر ونتائجه كارثية، ويشكل تحديا!

كلام الأكاديمي المعروف الشيخ محمد الصباح واقعي ومنطقي، وهو موجه لكل الأطراف داخل منظومة دول مجلس التعاون، وبالذات لأقلياتها! ولكن السؤال: ما الذي يدفع مواطني اي دولة لأن يستقووا بقوى خارجية، أو يطلبوا حمايتها؟ والجواب: جهتان، جهة ترغب في كسب سياسي أو انتخابي، من خلال الاستقواء بالقوى الكبرى، وهذا ما نجده متبعا في أكثر من دولة صغيرة تعتمد في وجودها على قوى خارجية أقوى منها ولها تأثيرها السياسي أو الاقتصادي عليها، كوضع لبنان وغيره. والجهة الأخرى الباحثة عن حماية خارجية لها لشعورها بالغبن في أوطانها، وأن حقوقها منقوصة، ولا تعامل بعدالة، وبالتالي تكون أكثر ميلا من غيرها الى الانحراف، او حتى لخيانة أوطانها التي لم تعاملها كالآخرين. وبالتالي لكي تضمن اية دولة ولاء مواطنيها لها، وعدم لجوئهم للاحتماء أو الاستقواء بالقوى الخارجية، فإن عليها معاملة الجميع على القدر نفسه من المساواة، وأن تعطي الجميع الحقوق نفسها وتفرض عليهم الالتزامات نفسها، وسؤالنا، الذي يتطلب قدرا من الشجاعة من السيد النائب السابق لرئيس الوزراء، الشيخ محمد الصباح، والذي لا نعتقد أنها تنقصه ابدا: هل يعامل جميع مواطني دول مجلس التعاون، والكويت بالذات، بالقدر نفسه من المساواة والعدالة؟

يقول المثل الإنكليزي:

It takes two to Tango

أي أن رقصة التانغو يتطلب أداؤها وجود اثنين، أو بمعنى آخر فإن الخيانة تتطلب جهتين، الدولة الراغبة في بسط الحماية، والمواطن الذي يشعر بالغبن! وفهمكم كاف!.