احمد الصراف

عندما نكون أعداء أنفسنا

ما ان وقعت أحداث مسجد الصادق حتى اتصل بي البعض، طالبا الكتابة عن الموضوع، وكأنني بحاجة الى من يحثني على أمر كرست له الكثير . وبالتالي لم يكن مستغربا استهجانهم، عندما لم يجد شيئا في اليوم التالي. والحقيقة انني كتبت، ولكن محرر القبس وجد لغة المقال غير ملائمة، فمنع نشره، وهذا حق لا نجادله فيه.
ولكني تساءلت، بعد المنع عن جدوى الكتابة في هذا الموضوع بالذات؟ فقد كتبت، كما كتب غيري الكثير عنه، ولكن أحدا، كما يبدو ، لم يقرأ ما كتبنا. كما سبق أن حذرنا وتوقعنا وقوع مثل هذه الكارثة الضخمة والدموية المؤلمة، ولكن لا من سمع ولا من أجاب، فطابع حكوماتنا العام هو إما عدم الاكتراث بما يكتب وينشر ، ربما بسبب تواضع قدراتها، واما لتفضيلها اتباع سياسة «الهون أبرك ما يكون»، وأن عين الأمن ساهرة، وأن الإرهابيين عندما يتحركون سنلقي القبض عليهم، وهم تحت المراقبة، وأننا نعرف عنهم كل شيء. متابعة قراءة عندما نكون أعداء أنفسنا

احمد الصراف

الحاوي وصناعة الجهل

يقول جورج اورويل: كلما ازداد ابتعاد المجتمع عن الحقيقة، زادت كراهيته لكل من يتحدث عنها!
نشر موقع ويكيليكس برقية مسربة تحوي خطابا نسب الى داعية مصري «ع.خ» موجها الى سفارة خليجية في القاهرة، يطلب فيها مساعدة بمبلغ 75 مليون ريال لتنفيذ مشروع محو أمية 500 ألف مواطن مصري. وجاء في نص البرقية أن «ع. خ»، وبدعم من شركة فودافون البريطانية، سبق ان نجح في محو أمية 120 ألف مصري، وتعليمهم القراءة والكتابة، وهو خبر لم يسمع به أحد طبعا!
ولو قمنا بإجراء حسبة بسيطة، لوجدنا أن محو أمية نصف مليون إنسان، بمبلغ 75 مليون ريال، على مدى أربعة أشهر، تعني أن تكلفة تعليم كل فرد لن تزيد على عشرة دولارات شهريا، وهذا، إن صح، سيكون بحكم المعجزة. ولو أثبت السيد الداعية لنا أن بإمكانه القيام بهذه المهمة بهذه التكلفة البسيطة جدا، فإننا سنتبرع لمشروعه بعشرين الف دولار، وسنسعى للحصول على أضعاف هذا المبلغ بكثير من مصادر أخرى. كما أن اليونيسكو ستستعين حتما بقدراته «الخارقة» في مجال محو الأمية في عشرات الدول الأخرى. متابعة قراءة الحاوي وصناعة الجهل

احمد الصراف

الرد الجميل والبديهة السريعة

يمتاز الكثيرون بسرعة البديهة في الرد على من يتعمد السخرية منهم، فيقلبوا الوضع لمصلحتهم. وكان السياسي البريطاني ونستون تشرشل من أشهر هؤلاء. فخلال عضويته في البرلمان، كان معارضاً شرساً لدخول المرأة إلى عالم السياسة، ولكنه خسر معركته وأصبحت ليدي أستور أول عضوة في البرلمان. لم يستسغ تشرشل يوماً وجودها، خصوصاً أنها كانت من الحزب المعارض، ولم تتسم بأي مسحة جمال. وفي يوم سئمت الليدي أستور من تعليقاته الساخرة، فقالت له: لو كنت زوجي لما ترددت في وضع السم في قهوتك. فرد عليها مبتسماً: يا سيدتي، لو كنت زوجك لما ترددت في تناولها!
متابعة قراءة الرد الجميل والبديهة السريعة

احمد الصراف

تونس الحبيب.. غير!

كما أن عمان في المشرق غير، فإن تونس في المغرب غير! فتونس كانت دائماً متميزة عن بقية الدول العربية، إنسانياً على الأقل، والفضل في ذلك يعود إلى مؤسس تونس الحديثة ورئيسها الراحل الحبيب بورقيبة.
ولد ابن المنستير عام 1903، وعزله زين العابدين ووضعه في الإقامة الجبرية عام 1987، ليموت بعدها بـ13 عاماً، دون ضجة.
تخرج الحبيب في كلية الحقوق بفرنسا، وعمل محامياً، ولكن سرعان ما انخرط في العمل السياسي، مطالبا فرنساً بالاستقلال. اعتقل ونقل من سجن إلى آخر ومن منفى إلى غيره، إلى أن غزت ألمانيا فرنسا فأعادته إلى وطنه، ومن هناك نفى نفسه إلى القاهرة، ليعود لتونس ويشارك في حرب الاستقلال، وليؤلف أول حكومة في عهد الاستقلال، ولكنه ألغى الملكية وعيّن نفسه رئيساً للجمهورية.
متابعة قراءة تونس الحبيب.. غير!

احمد الصراف

عرب وعروبة ووفاء سلطان

قالت د. وفاء سلطان في مقابلة مع قناة عراقية: أنا لست عربية، فعندما اتكلم بها لا يعني بالضرورة أنني عربية. أنا أجيد العربية واعشقها، ولكني سورية وأعتز بسوريتي. انا من اصول سريانية وآشورية، انا من الساحل السوري، انا من اصول فينيقية، واريد استعادة تاريخي المسلوب واستعادة لغتي المدمرة، واستعادة ثقافتي. علينا ان نخلع تلك الجبة التي حشرونا فيها.. إلخ.
والحقيقة أن في كلامها نوعا من التجني، لأنه كلام صادم وقاس، وقسوته تنبع من حقيقته التي يصعب انكارها. فقد أثبتت الأيام والوقائع اننا مجموعة اصفار، فلا عامل «حضاري» مشترك واحد، غير اللغة، يجمعنا، وهذا لا يكفي. فالمتحدثون بالأسبانية، الإنكليزية أو الصينية لا يدعون انتماءهم لأمة واحدة. متابعة قراءة عرب وعروبة ووفاء سلطان

احمد الصراف

العروبة المتعبة المتعبة

بعيدا عن الأدعية والتمنيات، إلى متى ستبقى الدول الخليجية القليلة السكان الثرية نقديا، والفقيرة حضاريا والضعيفة عسكريا، بمنأى أو في مأمن من احداث المنطقة ونيرانها الصديقة والعدوة، وتوحش جماعاتها الإرهابية، وصراعاتها الطائفية؟
لقد كانت الجبهة العربية ـ الإسرائيلية لسبعين عاما الجبهة الوحيدة الساخنة في المنطقة، ولكنها أصبحت اليوم الأكثر برودة، بعد ان أخذت منها الجبهات العربية – العربية الحرارة!
متابعة قراءة العروبة المتعبة المتعبة

احمد الصراف

لقد تعب أعداؤنا من تخلفنا

يعتبر السيد أحمد القطان، العضو السابق، أو الحالي، في جماعة الإخوان المسلمين، من كبار الدعاة في الكويت، وله رأي مسموع وفكر مقروء لدى الكثيرين. وفي مقابلة له مع إحدى القنوات، ولدينا رابطها، ورداً على سؤال في موضوع السحر، قال إن الساحر يستخدم الخرز في سحره، فيضع حجراً منه على خاتم ومن يرتديه يصاب بالسحر، وان في الكويت 500 ساحر وساحرة (لا أدري كيف عرف عددهم!) وجزم القطان بأن السحر لا ينفك أو يزول أثره إلا بموت الساحر، وأن الدليل على ذلك أنه عندما وقعت حادثة «التسونامي»، التي ضربت أندونيسيا، ومات مئات الآلاف جراءها، قام كثير من مرضى مستشفيات جدة (جدة بالذات؟) من على أسرتهم، وذهبوا إلى بيوتهم، فتعجب الأطباء، وتساءلوا: ما الذي حدث؟ والذي حدث أن التسونامي أغرق الكثير من السحرة الموجودين في أندونيسيا، فانفك السحر بالتالي عمن كانوا مسحورين به في جدة!
من حديث هذا الداعية الكبير والمحاضر المفوه والذي اعتبر وربما لا يزال يعتبر من كبار دعاة الإخوان المسلمين، أن السحرة غالباً مسلمون، وموجودون في أندونيسيا، فهي بلاد السحر. ونستنتج كذلك أن السحر الواقع على أهل جدة سحر أندونيسي. وبما أن حادثة تسونامي قد مر عليها عشر سنوات تقريباً، فلا شك أن جدة وغيرها من المدن الخليجية قد أصيبت بسحر جديد من غيرهم. وبالتالي، قد يتطلب الأمر حدوث تسونامي آخر في أندونيسيا لكي يقوم مرضى مستشفيات جدة من على أسرتهم، وهذا يتطلب موت مئات آلاف الأندونيسيين لكي يتخلص بضع عشرات من المرضى السعوديين من السحر.
كما نستنتج من المعلومة الخطيرة التي أدلى بها الشيخ القطان أن السحر الأندونيسي غير فعّال كثيراً في الكويت، فحسب الظاهر لم يقم أحد من على سريره فيها، ومشي لبيته بعد وقوع التسونامي. كما أن معنى كلامه أن على مسلمي جدة، وربما غيرها من المدن الخليجية، التوقف عن الاستعانة بالعمالة الأندونيسيين، لأنها فيها بالذات من يقوم بمزاولة السحر، وأنه من الأفضل الاستعانة بالعمالة من الدول المشركة والكافرة، كنيبال والهند والفلبين. متابعة قراءة لقد تعب أعداؤنا من تخلفنا

احمد الصراف

رأي الصديق والزميل السابق

التقى، قبل ايام، منتخبا لبنان والكويت في بيروت في مباراة دولية في كرة القدم، وكانت النتيجة 1 – صفر لمصلحة الكويت. ما ان انتهت المباراة حتى اشتبك مشجعو الفريقين، وكانت الغلبة للبناني، ربما لأن المعركة دارت على أرضه. وكعادتنا في الغضب بسرعة والرضا بسرعة أكبر، طالب بعض المغردين وغيرهم، ومنهم المحامي صلاح الهاشم، بضرورة اتخاذ «الشعب الكويتي» موقفا من هذا الاعتداء، ومقاطعة لبنان، والامتناع عن زيارته! وبرر الصديق السابق والزميل الأسبق طلبه بأن الكويت سبق لها أن تبرعت بالكثير لإقامة مشاريع إنمائية وحيوية في لبنان، فكيف يقوم جمهورها بالاعتداء على شعب الدولة التي «تكرمت عليه»؟ متابعة قراءة رأي الصديق والزميل السابق

احمد الصراف

البترودولار .. بداية الخير والشر

اتفقت الدول التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية على أن يتم تقييم اسعار البترول عالميا بالدولار الأميركي، ولم يحدد الاتفاق طريقة أو عملة دفع ثمن شراء البترول من الدول المنتجة. وبقي الأمر كذلك حتى عشية حرب 1973 بين الدول العربية وإسرائيل، ودخول أميركا بكل ثقلها إلى جانب الأخيرة. هنا أعلنت السعودية، وتبعتها شقيقاتها، عن حظر تصدير النفط لأميركا، والذي كان يمثل %70 من احتياجاتها، بسبب موقفها من حرب «يوم كيبور»، ونتج عن ذلك زيادة هائلة في الأسعار العالمية للبترول، وأحرج اميركا وعرض وضعها الأمني الداخلي لموقف مذل. هذا الشعور بالضعف، واحتمال تخلي العالم عن الدولار، وتداعياته الخطيرة، دفع حكومة الرئيس نيكسون للقيام بالتحرك سريعا، حيث قامت بإرسال وزير خارجية أميركا، ورئيس مجلس أمنها القومي، الداهية هنري كيسنجر، الى السعودية للتفاوض مع قيادتها على ترتيبات جديدة تمنع وقوع أميركا ثانية تحت تهديد مماثل. وهكذا تم التوصل الى اتفاقية مهمة، أثرت ولا تزال في الاقتصاد العالمي، تقوم على التزام السعودية، كأكبر منتج للبترول في العالم، بالتعهد ببيع بترولها بالدولار فقط، على أن تتعهد أميركا بضمان أمن السعودية ضد اي أخطار خارجية. وحذت وقتها دول أوبك الأخرى حذو السعودية، وعرف العالم «البترودولار»، وتبع ذلك خلق طلب قوي ومستمر على الدولار الأميركي لحاجة جميع دول العالم تقريبا له لشراء احتياجاتها من هذا المادة الحيوية، وبالتالي اصبح حجم الدولارات المتداولة في العالم أكثر مما يوجد في أميركا نفسها، ففي روسيا وحدها دولارات تزيد على ما لدى أميركا، التي بها فقط %30 من الدولار المصدر. متابعة قراءة البترودولار .. بداية الخير والشر

احمد الصراف

الرق في أوطاننا

لو قلنا إن التطور والتحضر يقاسان بمدى قابلية أي شعب للتعايش مع الشعوب الأخرى، وقدرته على وضع اختلافاته الدينية والسياسية جانباً، لوجدنا أن المسلمين، بشكل عام، هم الأقل تطوراً وتحضراً بسبب عدم رغبتهم، أو ربما قدرتهم، في التعايش مع الآخر والتسامح معه. ولو نظرنا الى أهم وثيقة صدرت في التاريخ الحديث، وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقّعت جميع دول العالم عليه، من دون تحفظ، لوجدنا أن الدول الإسلامية هي الوحيدة تقريبا التي تحفّظت على بنود منه، وتلك التي لم تتحفظ لم تلتزم يوماً ببنوده أصلاً. وقد قامت الحكومة الجديدة في موريتانيا، العربية الإسلامية، بالتعهّد، في برنامجها الوزاري، بالقضاء على جميع أشكال العبودية في الدولة، بعد أن أصبح الأمر يشكل حرجاً لها. ومن أجل ذلك، أقيمت في نواكشوط، العاصمة، ورشة لوضع خريطة طريق للقضاء على جميع أشكال الاسترقاق العميقة، ولكن في اليوم الأول منه حدثت ملاسنة حادة بين وزير الإسكان، وزير العدل السابق، وبين رئيس «منظمة نجدة العبيد»، والمدافعين عن حقوق الإنسان، متهمين الحكومة بعدم الجدية في معالجة هذا الموضوع الشائك، الضارب في عمق التقاليد الموريتانية، الدينية والقبلية. فعلى الرغم من أن موريتانيا كانت آخر دولة وقّعت عام 1981 على اتفاقية تحريم الرق، فإنها عجزت عن التخلص من هذا العار، فحتى قانون منع الرق لم يتضمن عقوبات على مخالفيه. وقد دفعت الضغوط الدولية الحكومة عام 2007 إلى تقديم المخالفين للمحاكمة، ولكن لا يزال هناك، بنظر المراقبين، أكثر من 600 ألف من الأرقاء، أو %20 من السكان. ولكن الكثيرين لا يتفقون مع هذه النسبة، ففي تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة UNHRC ورد أنه على الرغم من العقوبات، فإن موريتانيا لا تزال تعاني بعمق من مشكلة الرق، وهو أمر واقع لا يمكن إنكاره. وما يمنع القضاء كلياً عليه، على الرغم من الجهود الحكومية، هو عدم معرفة الأرقاء بحقوقهم، وتفضيلهم البقاء في كنف سادتهم بسبب فقرهم وانتشار الأمية بينهم، وضرورة حضورهم للشهادة على أنهم أرقاء، حيث لا يسمح القانون لغيرهم بالشكوى من وضعهم، إضافة إلى أن أماكن انتشارهم يصعب الوصول إليها، وغير ذلك من أسباب. متابعة قراءة الرق في أوطاننا