احمد الصراف

هل تغيرت أحوالنا كثيرا؟*

عينت الحكومة العراقية في عام 1946 الدكتور فائق شاكر امينا جديدا للعاصمة. وفي يومه الاول شاهد على مكتبه رسالة من الطبيب البيطري بالامانة هذا نصها: «سعادة الامين المحترم، الموضوع التقرير اليومي للحيوانات التابعة لامانة العاصمة التي تستخدم لنقل الازبال والاوساخ:
مساء البارحة قام البغل الاسود رقم 73 بممازحة رفيقه الحمار الابيض رقم 201 المربوط بجانبه في الاسطبل الواقع في النزيزة مال الشيخ عمر، وقد ادى هذا المزاح، على غير عادتهما، الى الصراع امام زملائهما واسفر، مع الاسف، عن فشخ الحمار بكوكة رأسه نتيجة ضربة زوج ارداف قوية ومتعاقبة من البغل، مما دفع زميله الحمار ان يخرج عن جادة الصواب ويملخ البغل بعضة قوية شلعت وصلة من كتفه اليمنى، وعند قيام النوبتجي رقم 11، السايس جبار الاعور، بمفازعتها امام طولة الحيوانات أتته ضربة اتياه غير مقصودة في بطنه وانطرح على الفشقي يتلوى من شدة الالم، وقد ادخل المصابان الىالمستشفى البيطري بموجب ورقة الفحص الطبي رقم 93 في 25/9/1946، اما السايس فقد قام بعدها بسلامات.
تقدم بالتفضل بالاطلاع والامر مما يتم واعلامنا منوط بسعادتكم. التوقيع».
وهنا قام امين العاصمة بكتابة الرد التالي: «1 – الحمدلله على سلامة السايس جبار الاعور. 2 – يغرم البغل والزمال بقطع العليج عنهما 3 ايام، حتى يتأدبا من الآن وصاعدا ويكونا عبرة لغيرهما من الحيوانات، وليفهم كل من تسول له نفسه بالخربطة ان الحكومة ساهرة وفاكة عينها على الصغيرة والجبيرة ولا يتصورون ان الدنيا كلمن بكيفه. 3 – يمنع الشقة بين الحيوانات بالشغل واثناء الراحة منعا باتا بأمري، وتعلق قطعة بذلك في الاسطبل. 4 – يربط الطبيب البيطري بين الزمال والبغل حتى اشعار آخر حتى يتأكد، وهو الاب المسؤول عن ابنائه، ان البغل والحمار قد صفت قلوبهما وما بقي بينهما عداوة قد تؤدي للكتل والمكتول.
خامسا: على مدير الادارة بامانة العاصمة ان يبرق لمعالي وزير الداخلية ان يفاتح الجهات المسؤولة لنقلي فورا لاي وظيفة ما عدا امانة العاصمة، لان ما عندي خلق الزمايل والبغال، احنه ويا الاوادم هله هله عاد ويه الحواوين. ولكم جزيل الشكر.».

***
* منقول نصا من رسالة انترنت.
أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

مارامين سلامات

لا يوجد بيت أو شقة في الكويت من دون خادم من جنسية ما، وقد كان تاريخ عمل الخدم في أية دولة، مؤشراً على الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية في البلد الذي تستقدم منه العمالة المنزلية أو ما دونها، حيث إن العمالة المنزلية عادة ما تكون أكثر تعلما وفهما من العمالة الذكورية بالذات، البسيطة الإمكانيات!
ولو أخذنا الهند كمؤشر لوجدنا مدى التغير التعليمي والاقتصادي الذي طرأ على أوضاعها في الخمسين سنة الأخيرة، حيث أصبحت أقل تصديرا للعمالة المنزلية وأكثر تصديرا للخبرات النادرة!! وهنا بعض الملاحظات البسيطة التي يمكن باتباعها جعل حياة من يعملون لديك من الجنسية الفلبينية أكثر سعادة:
أولاً: يهتم الفلبيني كثيرا بعيد ميلاده، ولا يمكن تصور ما تعني مفاجأته بهدية بسيطة في ذلك اليوم، أو حتى تمني السعادة له. جرب ذلك وستجد مدى التأثير الايجابي لذلك عليهم.
ثانياً: يعشق الفلبيني الأول من مايو، يوم عيد العمال، أي يوم غد الجمعة، حاول ان تأخذه لشاطئ البحر وأن تدعوه لملامسة مياهه!!
ثالثا: لا يمانع الفلبيني في ان تكون قاسيا معه، مجادلا او حتى نابيا، ولكن تجنب رفع صوتك عليه، حيث يشعره ذلك بالهوان.
رابعا: ان تقول لهم شكرا بلغتهم يعني الكثير، وشكرا بالفلبيني، كما سبق وان ذكرنا في مقال سابق، كلمة عربية هي «سلامات» ويفضل ان تضاف قبلها كلمة «مارامين»، وتعني جزيلا او كثيرا.
خامسا: الفلبيني كثير الاحترام لغيره من كبار السن او المقام، ولكن لا يعني ذلك الطلب منهم الجلوس في المقعد الخلفي عند اخذهم لمكان ما، كما يفعل الكثيرون من المواطنين مع خدمهم!! فقيام المعزب بقيادة السيارة وجلوس الخادم في المقعد الخلفي منظر مضحك حقا، فالسيد هو الذي يجلس في الخلف، او على الاقل بجانب السائق، وكم هو جميل لو ساويناهم بانفسنا بين فترة واخرى، أليسوا هم الذين كثيرا ما يعدون الطعام لنا ويهتمون بصحة أبنائنا؟!
و«مارامين سلامات» لكم جميعا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

سيناريو الخمسة ملايين مرة

يقف المواطن المسلم، والعربي بالذات، امام قنصلية، او سفارة دولة غربية، ضمن طابور طويل لأيام وأيام، احيانا تحت البرد واخرى تحت الحر والرطوبة والغبار، وتحفى قدمه وتتعطل اعماله ويعطش ويجوع وتبلى احذيته من الذهاب والاياب، وبعد انتظار قد يطول احيانا لسنوات، ان كان سعيد الحظ، يحظى بتأشيرة سفر إلى دولة غربية لا يعود بعدها إلى وطنه! وان لم يحصل على التأشيرة، فإنه غالبا ما سيمتطي ظهر باخرة غير صالحة حتى لنقل الدواب لتمخر به عباب البحر، وغالبا المتوسط، ليلقي به قبطانها على احد شواطئ اوروبا، او يودع داخل حاوية حديدية و«يشحن» إلى مدينة غربية وكأنه كومة قش او شحنة بصل ليصل منهك القوى، بلا حول ولا قوة، هذا ان لم يقض حتفه جوعا وارهاقا داخل صندوق حديدي مقفل على رصيف ميناء مهجور!
الذنب، حتى الآن، ليس ذنب هؤلاء المهاجرين التعساء الباحثين عن لقمة عيش كريمة، او الهاربين من سطوة حاكم جائر او الباحثين عن امل في ثراء سريع، فلا احد يود هجرة اهله وصحبه وخلانه ومسقط رأسه، ان لم يكن مجبرا على ذلك! فالذنب يقع على حكومات أغلبية دولنا التي لم تستطع تأمين العيش الكريم لمجاميع هائلة من مخرجات مختلف مستويات التعليم فيها التي لا تجد عملا، ولا سكنا ولا مستقبلا ولا املا في تكوين اسرة او البقاء على قيد الحياة!
موضوع هذا المقال لا يتعلق بالحكومات، على الرغم من عظم مسؤوليتها، بل بما يتحول إليه ذلك المهاجر، او طالب التأشيرة او المتسلل المسلم إلى أوروبا بعد دخولها واستقراره فيها، والزواج من احدى بناتها وتغطية رأسها بحجاب كثيف، حيث نجده يتحول من ذلك الشخص المسالم والهادئ والذي ربما كان على استعداد لتوقيع تعهد بتنصره او تهوده ان اتيحت له فرصة العيش في دولة اوروبية، نجده يتحول إلى انسان شرس في تعامله مع حكومة وطنه الجديد، كثير المطالب دائم الازعاج، ومشاكس إلى اقصى الحدود متى ما تعلق الامر بمعتقده، وكأن احدا سيسلبه منه ويحرمه من ممارسة طقوسه، وبالتالي نجده يسعى بشراسة إلى المطالبة ببناء دار عبادة او تخصيص مساحة لمقبرة، وغير ذلك من جل اهتمامات المهاجرين الجدد، الذين اصبحوا جزءا من الامراض التي اصبحت المجتمعات الغربية تعاني منها في السنوات الاخيرة، والذين اصبح تواجدهم في التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية اكثر منه في فصول دراسة لغة البلاد التي اختاروها وطنا، بعد ان لفظتهم اوطانهم!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

وعّاظ سلاطين المال

بيّن الانهيار المالي والافلاس الأخلاقي الذي طال كثير من المؤسسات المالية التي تتلحف برداء الدين، مدى هشاشة وضعف كياناتها وأجهزتها الرقابية، وانها، على الأقل، لا تقل ضعفا عن غيرها من المؤسسات الأخرى، على الرغم من الهالة والقدسية اللتين طالما حاولت اسباغهما على أعمالها، والوقار الذي كثيرا ما تمسحت به بإعلانها الدائم عن وجود هيئات شرعية تشارك في مراقبة أعمالها، وادعائها بالتسابق على «توظيف أكبر العقول» الفقهية لعضوية لجانها الدينية! وقد بيّن تحقيق مميز نشرته «القبس» في 23/3/2008 (من إعداد رزان عدنان)، الفوضى العارمة التي تعيشها الهيئات الشرعية في عملها بسبب عدم وضوح حدود سلطاتها، وغياب التشريعات التي تحدد أطر عملها، وتحدد مسؤولياتها، فعمل أعضاء هذه اللجان في المصارف والمؤسسات المالية بنظام المكافأة يجعل ولاء هؤلاء أمرا مشكوكا فيه، ولا يدفعهم إلى أي ابتكار بسبب عدم التفرغ.
كما أظهر التحقيق المميز أن هناك تفاوتاً كبيراً بين مكافآت أعضاء هذه اللجان، التي لا يخضع عملها لأي معايير، والتي غالبا ما يتم تحديد مكافآت أعضائها من خلال اسم العضو وشهرته، فظهوره الدائم على التلفزيون مثلا، مع قلة الفهم، تزيد من أجره مقارنة بمن هو أكثر علما واطلاعا منه، ولكنه قليل الشهرة والظهور.
كما أوضح التحقيق، وعززت ذلك تصريحات صحفية لأعضاء سابقين في «لجان شرعية»، أن بعض أعضاء هذه اللجان يصدرون فتاوى بحجم المكافأة الموعودة، فأي إيمان وتقوى هذا الذي يجعل هؤلاء يربطون فتاواهم بقدر ما يدفع لهم؟ كما وجد التحقيق أن نسبة من أعضاء هذه اللجان يمارسون عملهم من دون شهادات معترف بها! وهنا نختلف مع التقرير في ذلك، ففي ظل غياب قانون ينظم ويحدد مؤهلات عضو الهيئة الشرعية، فإن لهذه المؤسسات المالية تعيين من تشاء في لجانها، ولو كان مدرس جغرافيا، أو ضابط شرطة! كما أن هؤلاء الأعضاء غير ملزمين أصلا بالحضور والعمل لساعات محددة، وما عليهم سوى البصم على ما يقره البعض منهم وإعطاء الموافقات على الهاتف!
في ضوء هذه الحقائق الدامغة، التي تبين مدى هشاشة هذه الهيئات، والمصير المخيف الذي ينتظر كثيرا من الشركات المالية والعقارية والتأمينية التكافلية التي تعمل بالنظم المسماة بالإسلامية، فإن الحكومة ملزمة بإصدار تشريع ينظم عملها، أو يلغيها بصورة كاملة، فليس في الفكر الديني شيء يسمى بهيئة رقابة شرعية، ووجودها المكثف في جميع الشركات والمؤسسات المالية لم يمنعها من الوقوع في الخطيئة والخطأ، وخلقها من العدم كان بغرض تنفيع البعض من جهة، وإزالة المسؤولية عن عاتق مجالس إدارات هذه المؤسسات المالية، ووضعها على عاتق من لا مسؤولية عليه!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

طائفية وقبلية جمعياتنا

وزارة الشؤون الاجتماعية، على الرغم من كل مثالبها، تعمل جاهدة للالتزام بالقانون في ما يتعلق بأنشطة الجمعيات التعاونية، وربما لو كان القرار بيدها لما ترددت في الغاء نظام الجمعيات التعاونية، وتحويل هياكلها الىشركات مساهمة تقتصر ملكيتها على ابناء المنطقة السكنية، ويكون للملكية فيها حدود قصوى! نقول ذلك بسبب الوقت والجهد الكبيرين اللذين تبذلهما الوزارة في مراقبة هذه الجمعيات والاشراف على انشطتها وحل مجالس اداراتها وتعيين مجالس مؤقتة، بحيث يمكن القول ان لا جمعية تقريبا سلمت من تدخل الوزارة في كل شؤونها، في الوقت الذي يفترض فيه عكس ذلك تماما!
يجب ان نعترف بان الجمعيات التعاونية، على الرغم مما تقدمه من فوائد لاهالي كل منطقة سكنية، فإن الفساد المالي والاداري يعشش في غالبيتها، وربما يكون ثلث مجالس ادارات الجمعيات الحالية معينا من وزارة الشؤون!! كما من الواضح والمعروف ان انتخابات مجالس ادارات هذه الجمعيات يطغى عليها الحس الطائفي والقبلي وحتى الحزبي الديني الممقوت، ومع هذا لم تتحرك الحكومة لوضع حد لما تسببت به هذه الانتخابات من خراب سياسي، فجزء كبير من مفاسد الحياة البرلمانية كان سببه انتخابات الجمعيات التعاونية التي لا يسمح لغير المنتمين الى طوائف او قبائل او احزاب دينية معينة بالوصول الى مجالس اداراتها، ولو كان الاكثر كفاءة في المنطقة وحاملا لأعلى الشهادات الدراسية والخبرة العريضة في انشطة التعاونيات، ويفضل عليه جاهل طائفي قبلي حزبي، ولو كان زعيما في التفاهة والغباء، والامثلة من حولنا اكثر من أن تحصى!
والمؤسف ان عددا كبيرا من هذه الجمعيات لا يكتفي بممارسة الفساد الاداري والمالي، بل يساهم كذلك في زعزعة الامن الاجتماعي بمتاجرة بعض مسؤوليها في العمالة غير المشروعة. والمؤسف اكثر ان مئات ملايين الدنانير سرقت من صناديق هذه الجمعيات، على مدى نصف القرن الماضي، كما ارتكب فيها العديد من الجنح والجرائم ولكن لا احد من مرتكبيها سعدت حوائط حتى نظارة مخفر باستضافته.
اما اتحاد الجمعيات التعاونية المناطة به مهمة تنظيم عمل الجمعيات، فيكفي ان نقول ان وزارة الشؤون قامت بحل مجلس ادارته اكثر من مرة وللاسباب نفسها، فمتى يعاد النظر في قانون الجمعيات التعاونية؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

الغربيون البائسون حقا

يتم على نطاق واسع تداول تقرير بيئي يتعلق باحتمال تعرض العالم لعاصفة شمسية مدمرة عام 2012، يمكن أن تعيد الكرة الأرضية الىعصر القرون الوسطى. ويقول الخبر الذي نشرت أجزاء منه، كتنبؤات، بعض المصادر العلمية الجادة، انه في أحد الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2012، وربما في 2023(!!!) ستكون البشرية على موعد مع حدث كوني لم يسبق له مثيل، سيبدل الأمور ويقلبها رأسا على عقب، وسيكون سكان لندن، ولماذا ليس نواكشوط أو مقديشو، أو حتى «واكادوغو»، الأسرع تعرضا للكارثة حيث ستبدأ الأضواء، بعد 90 ثانية من بدء الكارثة، بالزوال، وفي خلال ساعة ستغيب الطاقة الكهربائية عن أجزاء كبرى من بريطانيا، وتصاب جميع شبكات الهاتف المحمول بالعطل، والإنترنت بالشلل (هذه هي الكارثة الحقيقية بالنسبة للكثيرين)، وستشوش القنوات التلفزيونية (ولماذا تشوش إن لم يكن هناك كهرباء؟) كما ستصمت محطات الإذاعة الى الأبد (وهذا أمر جميل بالنسبة لاذاعاتنا وتلفزيوناتنا)!!
وقبل حلول اليوم التالي سوف يكتشف العالم المتحضر (وهنا بيت القصيد) أنه قد انساق الى حالة فوضى عارمة، وسيموت 100 ألف شخص أوروبي (يعني ما ينفع 90 ألفاً؟ وماذا عن الآخرين، طُز فيهم؟)، ولن يتم دفن الموتى، وستصاب صنابير المياه بالجفاف. وفي غضون أسبوع سيفقد سكان الأرض كل ما بحوزتهم من حرارة وضوء نتيجة غياب المخزون. وسوف تنفد البضائع من الأسواق (لم يتطرق التقرير عن كيفية النفاد، بالشراء أم بالسرقة)، وستنهار المجتمعات، فلا أدوية ولا صناعة ولا زراعة ولا غذاء، كما ستنهار نظم الاتصال والسفر (السفر إلى أين؟)، وان أوروبا والغرب سيعودان مرة أخرى الى حياة القرون الوسطى(!!).
لا أعتقد أن هذا الخبر، وان كان صحيحا، يعني شيئا لنا، نحن دول منظومة مجلس التعاون بالتحديد، الأغنى والأكثر فهما في العالم!! فلو قمنا بفتح عقول غالبيتنا، وفهمنا طريقة تفكير معظمنا، وقمنا بإزالة كل ما جلبته التقنية الغربية لنا من سيارات ومعدات وأجهزة، لوجدنا أننا لا نزال نعيش حقيقة بعقلية وفهم وتفكير وتصرف بشر القرون الوسطى!!
وبالتالي، فإنني، ونيابة عن إخوتي وأخواتي من مواطني منظومة دول مجلس التعاون، والوافدين، نقول لواضع هذا التقرير البيئي: بلله واشرب ماءه، فليس لدينا ما نفقده!! ومزاين الإبل لدينا، التي لا تمتلكون ما يماثلها، ستكون عونا لنا بحليبها كغذاء وبأبوالها كدواء، فما حاجتنا اليكم أيها الغربيون البائسون؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

سوزان بويل وشاهين جعفر

نشرت «القبس» في عدد 23/4 خبرا عن سوزان بويل القروية الاسكتلندية التي أسرت قلوب الملايين بصوتها العذب، خلال مشاركتها في برنامج British got talent، وتجاوز عدد مشاهديها من خلال «اليوتيوب» حتى امس، الجمعة، أكثر من 45 مليون مشاهد، وهو الأعلى في تاريخ هذا الموقع، وغيره من المواقع بالطبع!!!
يقول روبرت كانفيلر، أستاذ علم الإنسان في جامعة واشنطن الاميركية، إن سوزان بويل أبرزت معنى الفضيلة والإنسانية لدى البشر، وأعادت صوغ معايير الجمال والنجاح في آن واحد!!
سوزان بويل، لمن لم يقرأ عنها، امرأة في السابعة والأربعين، ذات ملامح ريفية بسيطة، ووزن فوق المعدل بكثير، ولا تتمتع بأي مسحة جمال وذات شعر منفوش لم يعرف المشط طريقه له، ومع هذا تجرأت ووقفت أمام أكثر لجان اختيار الهواة من المطربين الشباب شراسة، لتثبت لهم ان الجمال والعمر ليسا بمقياس أمام الفن العظيم والموهبة الصادقة، ولتفوز فوزا عظيما!
وفي السياق نفسه قام هذا البرنامج الجماهيري باستضافة الطفل البريطاني Shaheen Jafargholi الذي يعيش في سوانزي بوليز، حيث أبهر الحضور ولجنة التحكيم بصوته العذب القوي الذي دفع كامل أعضاء اللجنة، بمن فيهم سايمون اللعين والجمهور، وربما لأول مرة في تاريخ البرنامج، للوقوف تحية واحتراما لشاهين الذي نال تصفيقا لم ينله أحد في تلك القاعة الكبيرة!!
شاهين جافركولي، كما تشي ملامحه الشرقية الواضحة ولكنته المميزة، ربما يكون من أصول إيرانية أو تركية، وربما يكون اسم والده جعفر غولي، ولكنه لم يتطرق له، بل قال إنه يعيش مع والدته و«قطته»، وان والدته هي التي ربته منفردة وجعلت منه ما هو عليه!
ولكن اللجنة المحكمة لم تلتفت لكل تلك التفاهات والصغائر عن الأصل والفصل والدين والملامح واللكنة، التي عادة ما تملأ رؤوس الكثيرين منا، فما رأته وركزت عليه هو أداء ذلك الطفل الذي لم يتجاوز عمره 12 عاما وموهبته الكبيرة، ولا شيء غير ذلك!
يمكن مشاهدة شاهين على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=yVU4IkzMNIo
آه ما أحوجنا الى مثل هذه الإنسانية والتسامح ورؤية الجانب الجميل في البشر، بدلا من كل ذلك الحقد الذي يملأ النفوس والقلوب ويدفعها الى ان تغادر الحياة مفتتة الأجساد جارّة أرواح مئات الأبرياء معها، لا لشيء إلا لاستعجالها في دخول الجنة!

أحمد الصراف

احمد الصراف

تسامح نجاد وتواضع القلاف

أحمد الصراف
habibi [email protected]

ألقى الرئيس الايراني أحمدي نجاد كلمة في مؤتمر «ديربان 2» الذي عقد في جنيف لمناقشة مكافحة العنصرية. وقد انسحبت جميع وفود الدول الأوروبية من المؤتمر فور قيام الرئيس نجاد بإلقاء كلمته، كما امتنعت وفود أميركا وكندا وغيرها عن الحضور لشعورهم بأن نجاد سيتطرق لاسرائيل ويصفها بالنظام العنصري، ولم يخيب الرئيس الايراني توقعاتهم.
قد يكون النظام الاسرائيلي عنصريا، وقد بدر عنه خلال السنوات الستين الماضية الكثير الذي يشي بذلك، ولكن ربما، اكرر ربما، تكون الحقيقة غير ذلك الى حد ما. ولكن هل ايران دولة خالية من العنصرية اصلاً لكي تتصدى هي بالذات لمهمة نقد عنصرية اسرائيل؟ وهنا نركز على ايران، لكي لا نتوسع في السؤال عن اوضاع بقية الدول الاسلامية والعربية الاخرى، فالحقيقة ان هناك الكثير من الدلائل التي تبين ان نظام الملالي في ايران يمارس نوعا من العنصرية ضد الكثير من مواطنيه من اتباع الاقليات غير الفارسية الأصل او الشيعية، سواء من الاكراد او العرب وغيرهم. كما يمارس النظام الكثير من التفرقة ضد مواطنيه من اليهود والبهائيين والمجوس من خلال تحديد تنقلاتهم ومراقبة افعالهم ومضايقتهم دينيا، كما يطالب اصحاب المحال التجارية من اليهود والمسيحيين بوضع ملصقات «عنصرية» على ابواب محالهم التجارية تبين اصول اصحابها، كنوع من التحذير من التعامل معهم. كما لا يمكن انكار المحاباة التي ينالها الفارسي الاصل الشيعي المذهب، الذي يشكل 80% من الشعب الايراني، مقارنة بالبقية، علما بأن الدستور الايراني الذي وضعه آية الله الخميني في منتصف الثمانينات، لا يزال يحظر على غير المنتمين الى المذهب الشيعي الاثني عشري تقلد منصب رئاسة الجمهورية، رغم هامشية المنصب في ظل هيمنة المرشد الاعلى للجمهورية عليه. فقصر تقلد المنصب على اتباع مذهب محدد يتضمن تفرقة واضحة لا تسمح لمن يمارسها بتوجيه الانتقاد الى الدول الاخرى. ومعروف ايضا ان النظام الاصولي في ايران يتخذ موقفا شديد العدائية من المثليين، ولقي الكثير من سيئي الحظ هؤلاء حتفهم في ظروف غامضة، ولم تحرك السلطات اصبعا للدفاع او حتى السؤال عنهم!
قد تكون اسرائيل عنصرية، ولكن هل ايران هي الاكثر احقية وجدارة بالتصدي لعنصريتها؟ نقول ذلك ونؤكد أننا لسنا هنا في معرض الدفاع عن اسرائيل، التي تعاملت، ومنذ 1948، مع «مواطنيها» العرب من مسلمين ومسيحيين، بطريقة يفتقدها ربما المصري في مصر والمغربي في المغرب والتونسي في تونس وحتى الكويتي في الكويت. فكيف تكون اسرائيل عنصرية ولا نكون نحن عنصريين؟ هل تنظر شعوب غالبية الدول الاسلامية مثلا، وعلى رأسها ايران وغلاة متديني دول الخليج، الى شعوب العالم نظرة متسامحة؟ وهل نعتبر، نحن العرب المسلمون، الهندوس والبوذيين والمجوس مثلا مساوين لنا انسانيا؟وهل نعتقد جميعا بحق هؤلاء في ممارسة معتقداتهم كيفما شاؤوا؟
الا نستحي من وصف الآخرين بالعنصرية ونحن الأكثر سوءا في هذا المجال؟!
***
• ملاحظة: السيد حسين القلاف النائب السابق، ربما يكون النائب الوحيد في تاريخ الديموقراطيات الذي طالب، وهو نائب، بحل البرلمان بطريقة «غير دستورية»، وكان بإمكانه الاستقالة، ولكنه لم يفعل، بل عاد ورشح نفسه لانتخابات البرلمان نفسه الذي طالب بحله نهائيا!! كما لم تمنعه مكانته الدينية وما يتوقع منه كرجل دين من تواضع، من مطالبة جماعته باستقباله في قاعة التشريفات لدى عودته من الخارج، كدعاية انتخابية(!!)

احمد الصراف

دموع المرشحين!

كل من يعتقد، فردا كان او جمعية أو حكومة، أن الجمعيات الدينية المسيسة لن تتدخل في الانتخابات ماديا ودعم مرشحين معينين، لا شك واهم. وكل من يعتقد أن من الممكن مراقبة أموال الجمعيات الخيرية ومنعها من الصرف على الحملات الانتخابية للمنتمين اليها واهم ايضا، وكل من يعتقد أن من الممكن السيطرة على هذه الجمعيات ومراقبة أعمالها ووضع سجلاتها قيد المراقبة ومصروفاتها قيد التدقيق، واهم ايضا وايضا، فلا حل بغير الغاء كيانات وتراخيص جميع هذه الجمعيات الدينية ومصادرة أرصدتها وتحويلها الى بيت الزكاة، فوجودها طيلة العقود الأربعة الماضية كان أحد أهم اسباب الاحتقان السياسي الذي طالما عانينا منه الكثير، وهي السبب وراء التطرف الطائفي الذي اصاب شرائح كبيرة من المجتمع وقسمها الىفئات متناحرة، ولا ننسى ما أثير عن دور هذه الجمعيات في تمويل الإرهاب في الداخل والخارج، وما سرق من أموالها وقضايا الفساد العديدة التي تورطت بها طوال عقود، اما ما ورد على لسان السيد أحمد الصانع، المراقب في وزارة الشؤون الاجتماعية، من أن الوزارة بالمرصاد لأي محاولة لاستغلال المال الخيري سياسيا، فلا يعدو ان يكون نوعا من الإلهاء والتهدئة، ولكنه بعيد عن الواقع، فالوزارة بكل مستوياتها على علم تام وأكيد أنها اعجز من ان تراقب هذه الجمعيات الممتدة أخطبوطيا، خاصة ان مائة منها على الأقل غير مرخصة ولا تتبع أي جهة، والحكومة لا تزال تغض النظر عن قيامها علنا بجمع التبرعات، فكيف يمكن أن تكون الوزارة بـ«المرصاد» لجهة لا تعترف حتى بوجودها؟ ولو افترضنا أن الحكومة نجحت في الأيام المقبلة في كشف عمليات تم فيها استخدام أموال الجمعيات والمبرات في دعم مرشحين معينين، فإنها أعجز من أن تتخذ أي إجراء بحقها، فقد سبق أن حذرت وزارة الشؤون وهددت بالويل والثبور أي جمعية تخالف تعليماتها في ما يتعلق بطرق جمع الأموال، وقد خالفت الكثير منها في عيد الأضحى الماضي وتصرفت بأموالها على هواها، ورصدت الوزارة المخالفات ودونتها في محاضر وأدرجتها ضمن كشوف ولكن سرعان ما وجدت تلك التقارير الدامغة طريقها للحفظ، وربما لسلال القمامة!!
إن الكويت مقبلة على انتخابات نيابية جديدة، وقد تكون بالنسبة للكثيرين الأخيرة التي يؤمَل منها أي خير، وبالتالي من المهم أخذ الحذر فيها، وبذل ما أمكن من جهد، حكومي وشعبي، لمراقبة هذه الجمعيات والمبرات الدينية المسيسة والمتطرفة، والى أي جهة أو مذهب انتمت، ومنعها من استخدام أموالها سياسيا، كما من المهم الاستفادة من التشرذم الحالي الذي تعانيه الأحزاب الدينية ومحاولة الدفع بأكبر عدد من المرشحين الوطنيين للوصول الى البرلمان، وهذا ما نسعى اليه وعدد من المهتمين بالشأن العام، ولا هدف ولا مأرب لنا غير خدمة الوطن وجعله جميلا مع الجميع ومتسامحا مع الآخر، ومحبا للعالم.
•••
• ملاحظة: وردتنا رسالة هاتف صريحة من «زكاة سلوى» هاتف 65122422 هذا نصها: ساهم بمسح دمعة اليتيم وكن رفيق النبي في الجنة، اكفل يتيما بعشرة دنانير سنويا (‍‍‍‍!!) ونترك التعليق لكم، والقرار للسيد أحمد الصانع، لكي لا تذهب تلك الأموال لمسح دمعة «مرشح»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

نظرات قصيرة.. ولحى طويلة

على الرغم من النفس الاصلاحي والتقدمي الذي بدأ به ناصر المحمد عهده رئيسا لمجلس الوزراء، فانه سرعان ما أجبر، او اختار، التراجع عن مواجهة قوى الردة والظلام، فتمكنت هذه في نهاية الامر من اسقاط حكومته الاخيرة، بل اثخنتها بالبليغ من الجراح على مدى سنوات.
من مظاهر التراجع امام قوى التخلف ما نشاهده من تغلغل للمحسوبين عليها في مختلف الوزارات والمولات والنوادي والجمعيات وحتى المؤسسات التعليمية. وقد فتح مدير جامعة الكويت ابواب مختلف الكليات امام هذه الجهات المختلفة لتعيث بها فسادا كيفما شاءت، وكان آخر تلك المحاولات «الحفلة»، التي اقيمت في «جمعية مهندسي الغد» الجامعية بعنوان «شارينها»، والتي لم يمتّ موضوعها للهندسة او العلم بصلة، بل كانت احتفالية دينية لجمعية سياسية معينة!! وقد ورد في احدى نشرات الحفلة الدينية النص التالي: «يداً بيد.. نسير نحوها مترقبين الى ما خلف ذاك الباب، متنعمين بظل اظله رب السماء علينا.. نحن المتحابين في الله.. نحتسب الخطوات كما كنا نحتسبها لوجه الله في الدنيا، خطوة.. خطوة.. نحو باب قد اشترينا مفاتيحه بدنيانا واهوائنا.. ضرابا القلوب تتسارع.. والجسد يرتعش.. عهدنا الطريق نحوها.. فكانت نصب اعيننا.. حتى قربنا الوصول.. مقبض من ذهب.. ونور على نور.. روح وريحان.. ومقلتاي تفيضان بالدمع.. تسكب العبرات وذكر الله لا يفارقني.. ارى احبتي في الله.. وكل ما قد اشتهته النفس قط، سأفتح الباب وفي قلبي حب وشوق اليها» (‍!!).
اين الهندسة من هذا الكلام؟ اين العلم؟ اين التطور؟ ولماذا يفترض من طبع هذه البوسترات انه يخاطب مجموعة من التائهين الكفرة، او انه يدعو الى جمعية دينية سرية او مجمع ماسوني غريب الهدف والغرض؟ كيف تسمح جامعة الكويت، قلعة الفكر والتقدم المفترضة، لاصحاب العقد النفسية، والانتماءات الحزبية الدينية المعروفة، باقتحام عقول وقلوب من وضعت الامة املها في التقدم بين ايديهم؟ وكيف قبلت حكوماتنا التائهة تعريض طلبة واحدة من اهم كليات اي جامعة في العالم لعملية غسل مخ سياسية واضحة عن طريق يعود الى قرون ضاربة في القدم، كنا نعتقد انها ولت من غير رجعة؟
اسئلة عديدة تبقى من غير جواب، ونجبر على طرحها بعد ان سدت جامعة الكويت ابوابها امام كل اصحاب العقول والافكار النيرة، وفتحتها لمدعي حملة مفاتيح الجنة العارفين بالطريق اليها، ويتوافق ذلك مع سيطرة اصحاب النظرات القصيرة واللحى الطويلة على العديد من الجمعيات المهنية العلمية والنظرية كالهندسة وغيرها؟

أحمد الصراف