احمد الصراف

الليبرالية القبيحة ويوسف الجاسم

سرني رد الصديق «يوسف الجاسم» على مقالتي «التيار الليبرالي القبيح»، ومبعث سروري يعود إلى أنه أتاح لي فرصة لأقول ما لم أقله!! ولكن ألا يعتقد أن رده ما كان سيكون، أو قد يكون مختلفا لو لم تنجح أي من المرشحات في الانتخابات الماضية؟ ماذا سيكون عليه موقفه وردة فعله عندما يكتشف أن تقاعسنا «النسبي» كان السبب في عدم إيصال سيدة لقاعة البرلمان، أو حتى تأخير وصول مرشح ظلامي منافس؟ نعم يحق الآن أن نعتب ونلوم ولكن الفشل لم يكن بعيدا، فمبلغ 35 ألفا التي جمعتها في يومين لاشك ساهم في خلق شيء ما وكان من الممكن أن يكون ذلك الشيء أكبر بكثير، ونعيد ونكرر بأننا لا نورد ذلك من منطلق المنة، بل توضيحا لموقف.
المهم في الموضوع ليس الدفع أو عدم الدفع، فهذه تبقى أمور نسبية لا يمكن الحكم من خلالها على مواقف الأفراد بشكل قاطع، ولكن المؤلم أن نلاحظ المرة تلو الأخرى أن كل ذلك التشنج «الليبرالي» وكل ذلك الحماس وكل ذلك التأييد وكل تلك المواقف والمقالات، طوال ربع قرن، لم تكن إلا كومة من الهباب والسخام والكلام «الخرطي»!
المسألة يا صديقي «أبا خالد» لا تعود ليوم أو يومين أو حادثة بعينها فأنا، بحكم سني وكتاباتي، أعرف ما يكفي لتعرية الكثير من مدعي الليبرالية هؤلاء سواء من خلال مواقفهم من الآخر مذهبيا، دينيا، ماليا، عائليا، أو حتى جنسيا، ولكن كنا دائمي «التطنيش» حريصين على إيجاد الأرضية المشتركة وتلمس الأعذار لهذا وذلك، ولكن الكيل طفح، وكان يجب أن يقال شيء ما. إن 26 ليبراليا (!!) من أصل 30 ليس بالأمر الهين، خاصة عندما نعلم أنهم، من وجهة نظر بعضهم، ليسوا بشرذمة أو شتات، بل قادة رأي وأصحاب «مواقف» ومسؤولون كبار حاليون وسابقون!
إن الحقيقة يا يوسف تتطلب منا الصراحة والصراحة تقول ان التيار الليبرالي غير موجود، وما هو موجود منه قبيح إلى درجة كبيرة، وأنت خير من خبر الكثير من هذا القبح والتشرذم، ولكن أسلوبك في معالجة الأمور والتصدي لها يختلف عن أسلوبي الصدامي المباشر. وهذا الموقف المتقاعس والرديء يتطلب تعريته والكتابة عنه المرة تلو الأخرى لكي نتعلم ونتضامن ونتحد ونبعد عنا أدران التخلف والبؤس.
شكرا لك يا صديقي، ومرة أخرى عتبك مقبول، ولكني لا أزال على موقفي، وستثبت الأيام صحة هذا الموقف، ولو أنني أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

النفير تلو الآخر

دعت وزارة الداخلية (القبس 22/2/2009) في دراسة قدمتها لمجلس الوزراء، الى إنشاء مركز تأهيل ذوي الافكار المتطرفة، سواء العائدون من معتقل «غوانتانامو» أو الموقوفون في قضايا ارهابية في امن الدولة، اضافة الى الذين يتطوعون لدخول المركز بشكل ذاتي بواسطة أولياء أمورهم. واستطردت الدراسة في القول ان قضايا أمن الدولة والتحقيقات التي تمت مع العناصر الكويتية المتطرفة كشفت عن ان غالبيتهم اكتسبت الافكار والمعتقدات التكفيرية من مشايخ متطرفين يحملون الفكر التكفيري واصدقاء يعتنقون هذا الفكر، كما تم استغلال المساجد من قبل هذه العناصر المتطرفة لنشر أفكارهم بين الشباب الكويتيين، والمواقع الأصولية على صفحات الإنترنت، والصحافة المحلية التي تبالغ في إظهار معاناة المسلمين في دول عدة.
وبإمكاني القول الآن – وبعد مرور قرابة ثلاثة أشهر على ذلك التقرير الخطير – ان شيئا لم يستجد بخصوصه، ولم تتخذ أي احتياطات، ولم يفكر احد في امر بناء او انشاء مركز التأهيل، ولا تزال العناصر الاصولية ومن الفرق الدينية المختلفة والمتضادة، ولأي مذهب انتمت، تتزايد أنشطتها ويزيد تأثيرها في الساحة المحلية، وسيكون لها دور مدمر في اي انتخابات مقبلة، سواء كانت سياسية أو جمعيات نفع عام.
على الحكومة الانتباه لخطورة تقرير وزارة الداخلية وعدم تجاهله، وأن تعمل على منع قدوم أو جلب، رجال دين أجانب للكويت، ولأي مذهب انتموا، ففي الكويت ما يكفي من هؤلاء وغالبيتهم على كفاءة عالية، ومهمة إلقاء المحاضرات الدينية ليست بتلك الصعوبة لكي يجلب لها «خبراء» عرب او غير ذلك، خاصة ان المواضيع يتكرر الحديث فيها منذ سنوات طوال، كما ان رزق رجال الدين هؤلاء يكمن في تزيين الفرقة وتسليط الضوء عليها، وتسفيه آراء وأفكار أصحاب المذاهب الأخرى، ولا شك أننا في غنى عن سماع محاضرات تأجيج النفوس والصدور، فما لدينا من هموم تكفينا، ودورنا هنا لا يتعدى التمني واطلاق النفير وإرسال التحذير الواحد تلو الآخر من اجل المصلحة العامة، ولا شيء غير ذلك، وليقل الجهلاء والسفهاء ما شاءوا، فلا حرج عليهم ولا هم يحزنون.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

التيار الليبرالي القبيح (2-2)

يقول جيمس ديوار «إن العقل كالمظلة، تقوم بعملها عندما تفتح».

***
أرتاد منذ ربع قرن تقريبا ديوانا مميزا يعود الى صديق عزيز. وكنت أعتقد حتى وقت قريب، ان ذلك المكان، بخليطه العرقي والقبلي والطائفي المتنوع، يمثل نموذج الليبرالية الوطنية التي ننشدها، خصوصا ان بينهم عددا من كتاب الزوايا الصحفية، الذين «دوش» الكثير منهم رؤوسنا، على مدى سنوات بطروحاتهم ونظرياتهم الليبرالية ووصفهم الآخرين بالتخلف والرجعية والعصبية. كما يوجد بين الرواد وزراء ونواب سابقون ومجموعة من الاكاديميين والفنانين والاعلاميين ورجال الاعمال، وجميعهم تقريبا من اصحاب «الأصوات المرتفعة» في الدفاع عن الليبرالية ومبادئها، ومن مهاجمي التيار الديني والشكوى من تسلطه على الحكومة وضرورة الاقتداء بأسلوبه في دعم المنتمين اليه(!!).
ولكن ما ان تعرض مدعو «الليبرالية» هؤلاء لامتحان بسيط خلال الانتخابات الاخيرة يتعلق بمشروع دعم مالي ومعنوي بسيط لعدد من المرشحات حتى ظهر جليا ان غالبية مدعي الليبرالية هؤلاء لا علاقة لهم بها، فليس هناك اهم من ايصال سيدة متعلمة ذات افق وفكر منفتح للبرلمان، ومع هذا لم تستجب الا قلة منهم. وقد ادى فشل غالبيتهم في الوقوف، ولو لمرة واحدة، مع مشروع ايصال ولو مرشحة واحدة الى البرلمان، وهو الفشل الذي سبقته محاولات فاشلة اخرى شبيهة به، اثره الكبير في مواقفي من الديوانية وروادها، فقد كانت الصدمة كبيرة في اليوم التالي بعد كل الدعم المعنوي والكلام الارتجالي الذي سمعته في الليلة السابقة عندما غادرت الديوانية عند انفضاضها، وكلي امل في أن هؤلاء الذين طوشونا على مدى ربع قرن بحديثهم عن الليبرالية سيقفون اخيرا مع التاريخ، ويقفوا، ولو لمرة واحدة ضد التيار الآخر المعادي لأسلوب حياتهم وتفكيرهم، او هذا ما اعتقدته في حينه! ولكني فوجئت ان ستة فقط، من اصل 30 استجابوا للفزعة، اما البقية فقد «حرصوا» على تجاهل مكالماتي ورسائلي الهاتفية!! أكتب ذلك متمنياً ألا يشمت «المحامي» بما حصل بيننا، ولو ان موقفه هو الآخر لم يقل سوءا، ان لم يزد!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

التيار الليبرالي القبيح (1ـ 2)

«…الليبرالية موقف وفعل، قبل أن تكون كلاما..»!!!

***
يحلو للكثيرين إطلاق صفة «التيار الليبرالي» على كل المجاميع والقوى المناهضة للتيارات الدينية أو القبلية أو الطائفية أو التي لا تتعاطف معها. وبما ان غالبية هؤلاء من المستقلين وليسوا ليبراليين بالمعنى الدقيق، فإن تعميم ذلك الوصف الرفيع في إنسانيته على الجميع يعتبر أمرا مخلا بشكل واضح، فليس في الكويت تيار ليبرالي بالمعنى المفهوم، ولا يوجد بين النشطاء السياسيين المعروفين بثقلهم المعنوي من بإمكانه إدعاء تمثيل التيار الليبرالي، بل هناك مجموعة أفراد، ربما أكون أحدهم، ممن يعتقدون انهم أقرب الى الليبرالية الحقيقية…..من غيرهم!!
ولو افترضنا أن الليبرالي هو الذي لا يعادي أي دين أو أي اتجاه سياسي أو فكري، ويدعو الى الحرية والإخاء والمساواة بين البشر، ولا يفرق بينهم على أسس الدين أو العرق أو الجنس، ويؤمن بحق الجميع في الاعتقاد والتصرف والكلام والتنقل والعمل من دون معوقات، فإننا نجد ان الدائرة تصغر وتضيق كثيرا مع كل إضافة «حرة» لهذا التعريف وعلى من تنطبق عليه صفة الليبرالي. و«ندرة» وجود الليبرالي في مجتمعاتنا تعود الى عوامل اجتماعية وعقائدية عدة تمنع الكثيرين من تقبل المفاهيم والمبادئ الليبرالية بسهولة بسبب الضغوط القبلية والمذهبية والاجتماعية، وحتى المالية والعائلية. وحتى عند الإقرار بالانتماء، بشكل أو بآخر، فإن ذلك يتم باستحياء وتردد، والأمثلة الحية كثيرة هنا!!!
ولو نظرنا الى تاريخ ما يسمى، تجاوزا، بقادة الحركة الليبرالية في الكويت لوجدنا انها تنقلت وتقلبت بين الشيوعية والاشتراكية والقومية، قبل أن تأتي كارثة الغزو والاحتلال لتعيد الجميع الى حضن الوطن بصورة مؤقتة، ومن ثم ليعود الصراع والتشرذم بينها مع أول انتخابات تجري بعد التحرير، حتى وصل الوضع الى درجة من السوء بحيث أصبح «الليبرالي» أقرب الى المشتت والضائع منه الى أي شيء آخر، وهذا الذي ربما دفع أعدادا من المرشحين في الانتخابات الثلاثة الماضية على الأقل، الى النأي بأنفسهم عن التجمعات والأحزاب المفترض انها ليبرالية، وخوض الانتخابات كمستقلين، وعلى هذا الأساس فاز البعض منهم، ليس لكونهم ليبراليين. وبالتالي من غير الصحيح القول ان الليبرالية هي التي أنجحت نائبات المجلس الأربع، وانها هي التي أسقطت المنتمين الى التيار الديني المتشدد، فمن قام بذلك هم خليط من الناخبين، ومن مشارب واتجاهات مختلفة.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

سلوى تونس ومعصومة تركيا

قمنا بكل ما نملك من جهد وحجة، وما استطعنا المساهمة بجمعه من مال، قمنا بما هو مطلوب منا لإيصال نائبات للبرلمان، ولا نقول ذلك من باب المنة، بل لتشجيع غيرنا مستقبلا للقيام بالشيء نفسه، وغني عن القول أن عملنا هذا تم من غير غاية أو مطلب شخصي، بل لما أملاه الواجب علينا. ومن هذا المنطلق نشعر بأن من واجبنا كذلك أن نطلب منهن جميعا التحلي بروح الفريق الواحد، والعمل على إثراء تجربتهن وإنجاح دورهن في البرلمان القادم، فغالبية «زملائهن» الجدد، وغيرهم من قوى التخلف في المجتمع، لن يكتفوا بتمني الفشل لهن، بل سيسعون لتحقيق ذلك بشتى الطرق.
إن من أولى أولويات النائبات الجديدات إعادة النظر بصورة جذرية في النظرة الذكورية المتدنية لمكانة المرأة في المجتمع. وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير إعادة النظر في الأنظمة والقوانين البالية التي نزعت الروح من مكتسبات المرأة المدنية. فنظام التقاعد المبكر وإطالة أمد إجازات الولادة والرضاعة لم يهدف مشرعوها من ورائها تحقيق الرخاء والسعادة للأم بقدر رغبتهم في إبعادها عن ميدان العمل، وتفريغ دورها من معانيه السامية، ومنعها من أن تكون مستقلة ماديا وقوامة على أسرتها، بعيدا عن سلطة الزوج أو الأب! كما أن منع الموظفة من العمل بعد ساعات محددة لم يهدف لرخائها بقدر ما هدف لإعادتها إلى بيتها ومطبخها ول‍‍«بمبر» أولادها، وحالة الخنوع والذلة التي كانت عليها، ومنعها من منافسة الرجل ومجاراته في عمله من خلال إشعارها بالضعف والهوان وقلة الحيلة.
إن سلوى ومعصومة ورولا وأسيل غير ملزمات بالاستعانة بالخبراء القانونيين لوضع القوانين التي تصب في مصلحة المرأة والأسرة، في ما يتعلق بالمسكن والجنسية للأبناء، والطلاق والنفقة والزواج، وحق الحضانة، فقد سبقتنا دول عربية وإسلامية عديدة في إصدار القوانين المنصفة لحق المرأة، والتي يمكن الاستعانة بها، وربما تكون قوانين تونس وماليزيا وتركيا الأفضل في هذا المجال!
هذا هو الدور الأسمى للنائبات الجديدات، فعن طريق رفع شأن المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع، وإزالة الضيم الذي أنزله المشرعون بها، طوال نصف قرن من الزمن، يمكن أن نضمن خلق أجيال جديدة من النساء باستطاعتها محاربة كل آفات التخلف. فالمرأة أمّاً، ابنة، أختاً أو زوجة، إن أعددتها أعددت جيلا طيب الأعراق، ولا يمكن أن يتم هذا الإعداد دون إعادة حقوقها كاملة لها، ومعاملتها بكرامة من خلال قوانين عادلة تساويها بالرجل، وتمكنها من أخذ حقوقها كاملة بأسهل الطرق وأسرعها.
كما أن نجاح المرأة في عملها البرلماني سيشجع ليس فقط ذكرى الرشيدي لتعيد التجربة، بل والعشرات من محيطها لدخول المعترك السياسي، كما سيشجع نجاحهن رجال القبائل لأن يقفوا مع نسائهم ويشدوا من أزرهن ليكسروا حلقة الانتخابات الفرعية الجهنمية! فالمرأة المنتمية إلى قبيلة ما ليست أقل تربية وتعليما من غيرها، ولا يمكن الاستمرار في حبس كل هذه الكفاءات الكبيرة من سيدات هذه المجتمعات بين جدران أربعة بحجة العادات والتقاليد، فقد عرفت هؤلاء دورهن وقوتهن الانتخابية الرهيبة، ولا يمكن إعادة المارد إلى قمقمه بعد لفه بعباءة سوداء كئيبة!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

مشكلة المثليين بيننا

بعيداً عن كلام السفهاء والمتعصبين من قليلي الفهم والذوق، فإن مشكلة المثليين، أو أي تسمية لائقة أخرى تطلق عليهم، لا تقتصر على أسرة دون غيرها، بل تتفاوت مظاهرها وتندرج حدتها وظهورها العلني من مجتمع الى آخر. فكما ان عدد مرضى أي منطقة سكنية جديدة مثلا يزداد فور انشاء مستشفى جديد فيها، بسبب سهولة الحصول على العناية الطبية، التي ما كانت لتطلب لو كان المستشفى يقع في منطقة بعيدة، لتوفر العلاج بدلا من الانتظار لليوم التالي الذي قد تختفي فيه الآلام أو تتم معالجة المرض من دون الذهاب الى المستشفى، فإن الأمر ذاته ينطبق على نسب أو عدد الشواذ أو المثليين في أي مجتمع، فعدم ظهورهم علنا في الشوارع والأسواق لا يعني عدم وجودهم بيننا، لا، فعادات وتقاليد معينة تمنع علانية وجودهم أو ملاحظتهم، ولكنهم يعيشون بيننا كبشر عاديين ويستحقون مثلهم مثل غيرهم كل اهتمام ورعاية، أقول ذلك، وأنا شخصيا لا أعرف حقيقة أي من هؤلاء، ذكورا كانوا أو اناثاً، ولا أرى سببا لتضخيم المشكلة، والرغبة في القضاء عليها تماماً، وهو ما يستحيل القيام به لكونه جزءا من التوالد والتكاثر البشري!
وقد قامت جريدة «الرأي» قبل فترة باجراء مقابلة جريئة مع د. واسم وصفي، المختص بمعالجة الشواذ جنسيا، أو المثليين، حيث ذكر انهم موجودون في كل ثقافة ومجتمع، لأنهم نتاج اضطراب تطوري، بمعنى أنه توقف في التطور الجنسي النفسي عند مرحلة الطفولة. وأن صمتنا عنهم وتجاهلنا لهم لا يعنيان أن نسبتهم بيننا أقل أو أكثر من غيرنا. وعلاج هذه الحالات ممكن، ولكنه يستغرق وقتا طويلا، كما أن هناك حالات أصعب من غيرها. ويقول الدكتور واسم ان المثليين ضحايا التأثيرات التي وقعت عليهم وأدت الى نمو المثلية لديهم.
نكتب ذلك من واقع ما أصبح يلقاه الكثير من المثليين من تعسف وظلم في الكثير من الدول الاسلامية، وبالذات في مناطق التشدد الديني في أفغانستان ومقاطعة سوات في باكستان وايران واخيراً في العراق، حيث يتعرضون هناك للضرب والتحقير وأحيانا للتصفية الجسدية بطرق بشعة وعنيفة من دون التفات الى حقيقة أن غالبية هؤلاء مرضى ولا ذنب حقيقيا لهم فيما هم عليه، وأن كثيرا منهم ولدوا في هيئة مخالفة لنفسيات مجتمعاتهم، وما يشكون منه لا يعطي سببا لأحد للتخلص منهم بالقتل. كما أن مطالبات هيئات حقوق الانسان بوقف عمليات القتل هذه يجب أن تلقى الاستجابة الجيدة لدينا، وألا نعتبرها تدخلا في شؤوننا، فعندما ضرب صدام قرى الأكراد بالغازات السامة وغزا الكويت واحتلها لسبعة أشهر، وتدخلت أميركا لردعه، فان احدا من الأكراد او الكويتيين لم يطالب أميركا بوقف تدخلها في شؤوننا الداخلية، بل رحبنا بها وبالقوى الغربية لتزيح الهم والاحتلال عن صدورنا!! فهل نتعلم ونتعظ؟ لا أعتقد ذلك!!
أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

فيل ملك سيام الأبيض

عندما يتعلق الامر باقتناء شيء ضخم ومهم، ولكن من دون جدوى او فائدة تذكر، فإنه يوصف بالفيل الابيض. اصل هذا القول يعود الى ان التقاليد الصارمة في «مملكة سيام»، تايلند حاليا، كانت تمنع غير الملك من اقتناء الفيل الابيض المقدس، الذي يسمى «البينو»! وعندما يرغب الملك في معاقبة أي فرد من حاشيته بطريقة فعالة يقوم بإهدائه فيلا ابيض، وهذا شرف كبير بحد ذاته، لكن المشكلة تكمن في تكلفة الاحتفاظ والعناية بحيوان ضخم عظيم الشهية كالفيل! ولقدسية الابيض منه، فإنه يحرم استخدامه في أي عمل، وهنا يصبح وجوده عبئا كبيرا لا يطاق، وقد يتسبب في إفلاس من أهدي إليه، وتدمير حياته.
ولو نظرنا حولنا في الكويت لوجدنا عددا لا بأس به من الفيلة البيض التي تقف شامخة يزعج منظرها عيوننا صباح كل يوم، والتي صرفت الدولة الكثير على انشائها او تركيبها، ولكن من دون جدوى، أو فائدة تساوي ما صرف عليها، ولكنها تبقى علما على مدى سوء تخطيطنا وقلة ادراكنا، وغياب مبدأ المحاسبة من حياتنا.
فبرج التحرير الابيض اللون، الذي قمنا، على استحياء، بالاستفادة منه كفرع لمجمع الوزارات، وليس هذا هو الغرض الذي بني من أجله، يقف شامخا ليدل على سوء التصرف والتخطيط والتدبير، علما بأن تكلفته النهائية قاربت مائتي مليون دولار، دولار يقبل دولاراً!
أما جسور المرور الحديدية البيضاء، فحدث ولا حرج. فهي تخبرنا صباح كل يوم عن مدى سذاجة تفكيرنا، وفساد ذمم الكثيرين منا، وعجزنا حتى عن سؤال رئيس قسم المشتريات في الداخلية عن سبب شرائها. اما الفيل الثالث، فهو مبنى اللجنة الاستشارية العليا بجانب أرض المعارض الذي أنفقت الدولة عليه وعلى إدارته، طوال 15 عاما او يزيد، عشرات ملايين الدنانير من دون جدوى أو فائدة تذكر.
اما الفيل الرابع، فهو مبنى الصندوق العربي للتنمية الذي قاربت تكلفته مائتي مليون دولار، وقد يكون المبنى الأجمل في الكويت، ولكنه كاسمه، لا يعدو كونه صندوقا خاويا من الداخل، ولا تبرر تكلفة انشائه ما يستغل من أجله كمكاتب، او كمعْلم سياحي يراه عشرة زوار كل يوم!
وربما يكون مبنى مؤسسة البترول مبنى مرشحا لان يصبح فيلا ابيض في القريب العاجل، كما حدث مع مبنى ديوان المحاسبة القديم الذي هجرته بعد سنوات قليلة الاستخدام، إلى مبنى أكبر بكثير منه، ولم يحاسب احد ديوان المحاسبة على خطأ حساباته!
انظروا حولكم وستجدون كثيرا من الفيلة البيضاء من حولنا لا يتسع المجال لذكرها جميعا!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

معذرة يا ذكرى

كتب محمد عبدالقادر الجاسم في موقعه الالكتروني، مبررا هزيمته في الانتخابات: «…أتدرون لماذا خسرت الانتخابات؟ خسرتها لانني لم استغفل الجمهور ولم أخدعهم»..! وهذا يعني، برأي الجاسم، ان كل من فاز في الانتخابات الاخيرة قد استغل الجمهور وخدعه بالوعود! وإن صح ما ذكر عن البعض، فان الصواب جانبه في التعميم، فلم يكن من المفترض ان يسمح لحقده وغضبه من الفشل بقول ما قال.
وفي قراءة لبعض نتائج الانتخابات، نجد ان معصومة المبارك حصلت على 21% من اصوات الدائرة الاولى، وكانت نسبتها اعلى من نسبة «شيخ دين معمم» وبعض غلاة المتدينين، وضعف تلك التي حصل عليها نائب مخضرم كالرومي، واكثر من ذلك بالنسبة لعدنان عبدالصمد، الذي تخلت اصواته عن شريك دربه أحمد لاري!
اما في الدائرة الثانية، فقد أبدعت أسيل العوضي بحصولها على 20% من اصوات ناخبي الدائرة، لتتجاوز بأصواتها ما حصل عليه زعيم شعبي، في نظر الكثيرين، ورئيس سابق لمجلس الامة. كما انها حصلت، وهي المستقلة مالا وفكراً، على اصوات اكثر مما حصل عليه ممثلو احزاب دينية عتيدة تقع تحت تصرفهم اموال «خيرية» طائلة، وتساندهم كوادر وخبرات حزبية، وآلة انتخابية جبارة.
اما زميلتها الاخرى رولا دشتي، فيكفيها فخرا انها بزت بنتائجها الانتخابية عادل الصرعاوي وعلي العمير ووليد الطبطبائي، والكثير من امثالهم من المعادين لحقوق المرأة والكارهين للحرية والفرح.
واخيرا، أعترف بأنني لم اكن أتوقع النتائج العجيبة والمفرحة التي اسفرت عنها الانتخابات الاخيرة، وكانت الفرحة ستكون مضاعفة لو نجحت المرشحة ذكرى الرشيدي.. فأن تتمكن سيدة مثلها من حصد 7% من اصوات ناخبي منطقة قبلية شديدة الانغلاق على نفسها، والتمسك بأعرافها وتقاليدها التي تعارض وجود المرأة في اي نشاط، دعك عن السياسي منه، وان تحصل على 6635 صوتاً، فهذا يعني ان العصبية والقبلية الذكورية قابلتان للاختراق، وان الامل كبير في تغيير شامل في المقبل من الايام متى ما عزمت «السلطة» على اعادة الامور الى نصابها، والتخلي عن مخاوفها، وعرفت من هو عدوها الاول، وانه الجهل وليس اي شيء آخر، فبالوعي والتعليم السليم يمكن ان تصل اكثر من ذكرى الى مجلس الامة المقبل.
واخيرا يا ذكرى، من حقك علينا ان نعترف بتقصيرنا في تقدير قوتك وهشاشة معارضيك، وربما لو كنا وقفنا معك كما وقفنا مع غيرك لكانت النتائج غير ذلك!
فمعذرة يا سيدتي وعهد علينا بأن نقف معك مستقبلا، قلماً وفكراً ومالاً!
ملاحظة: بقدر سعادتنا بخسارة التيارات الدينية من اخوان وسلف وتلف، فاننا متخوفون من أن يقوم البعض باستغلال نتائج الشيعة، المضخمة، في تأجيج المشاعر بالحديث عن المظالم! وهنا نتمنى على عقلاء الجماعة عدم اعطاء النتائج اكثر مما تستحق، فجميعنا في قارب واحد، فمقابل الشيعية فاطمة المؤيدة للملا والروضان، هناك إقبال السنية المؤيدة للزلزلة والقلاف.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

سأخرج من بيتي

سأخرج من بيتي صباح اليوم وسأتوجه الى مركز اقتراع منطقتي لأؤيد وأصوّت لانتخاب:
رولا دشتي وأسيل العوضي.
وسأذهب بعدها الى المناطق الانتخابية الأخرى، حاملاً باجات وصور لطيفة الرزيحان ومعصومة المبارك وفاطمة العبدلي وسلوى الجسار وذكرى الرشيدي.
وأدعو الى انتخابهن للمجلس المقبل. وسأعود الى البيت مرهقا، متمنيا من كل قلبي وصولهن الى المجلس المقبل، لكي نتباهى أمام العالم أجمع برقينا وتحضرنا الإنساني!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

متى يحين يوم الرحيل؟

يقول أدريان روجرز (1931 ـ 2005)، وهو مفكر كنسي أميركي معروف، إننا لا نستطيع ان نشرع حرية الفقير من خلال تشريع آخر يسلب الغني حريته، فعندما يحصل فرد على دخل من غير عمل، فإن هذا يعني ان فردا آخر يجب ان يعمل من دون ان يحصل على شيء. فالحكومات لا تستطيع ان تعطي أحدا شيئا ما لم تأخذ قبلها ذلك الشيء من شخص أو طرف آخر، وعندما يصبح لدى نصف الشعب اعتقاد، أو فكرة، ان بإمكانهم عدم القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر يقوم بأداء العمل نيابة عنهم، وعندما يترسخ الاعتقاد لدى نصف الأمة ان ليس من المجدي القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر سيحصل على نتيجة جهده في نهاية الأمر، هنا، تبدأ نهاية أي أمة، فليس بالإمكان مضاعفة الثروة بتقسيمها!
***
ولو قمنا بتطبيق الأمثلة الحية اعلاه على أوضاعنا في الكويت، لرأينا ان كل نصف فيه، وما أكثر «أنصاف» مجتمعنا الصغير، يدعي بأنه صاحب الفضل الأكبر على الآخرين، وما الآخر إلا متطفل أو طارئ! أو انه النصف أو المجموعة الوحيدة التي تعمل، اما الآخرون فلا يفعلون شيئا. أو ان هذا النصف منتج، والآخر مستهلك فقط! أو انه يقوم بأشق الأعمال، ولا يحصل إلا على الفتات، والنصف الآخر بالكاد يعمل ويحصل على كل شيء تقريبا.. وهكذا الكثير، وهذا ناتج بطبيعة الحال من الخلل في تركيبة المجتمع من جهة، وفي سوء المناهج الدراسية من جهة أخرى، إضافة إلى غياب نظام ضرائب حديث وعادل، وايضاً لما للبيئة الصحراوية من تأثير سلبي على تصرفاتنا. فالماء والكلأ لا ينتظران، ومقولة «خذ ما أتخذ» السائدة في المجتمع حاليا لم تأت من فراغ، بل هناك ما تسبب في ظهورها وتجذرها، فالماء في الصحراء ان لم يشرب ويستفد منه في اليوم نفسه سيتبخر سريعا، ولا مجال لادخاره للأجيال القادمة، وكذا الأمر مع الكلأ، أو العشب الأخضر، فإن لم يؤكل، أو يستفد منه فورا، فستأتي شمس اليوم التالي وتجعله أثرا بعد عين، وهذا يعني أننا لم نعتد، ولاسباب كثيرة على فضيلة الادخار وحساب رفاهية الاجيال القادمة، فنحن، وبالرغم من ثرائنا المادي، فإننا نفتقد للثراء البشري، ولانزال نعيش على مبدأ «من اليد إلى الفم أو From hand to mouth!»، ولو استمرت مطالبات نواب مجلس الأمة المقبل كمطالب نواب المجلس السابق، والتي لم تكن تخرج، طوال سنة تقريباً، عن فكرة خذ ما اتخذ، بتوزيع المال على الجميع، واسقاط القروض عن الجميع، واعطاء بيوت السكن للجميع وإلغاء قوائم الكهرباء عن الجميع، فإن نهاية المجتمع المدني سوف لن تكون بعيدة كثيرا! ومن هنا تأتي ضرورة اعطاء الصوت الانتخابي لمن يؤمن بالغد بقدر ما يؤمن باليوم، وليس هناك من هو أكثر حرصا من المرأة في التفكير والاحتياط لمستقبل الوطن، فمن خلال هذا الحرص يمكن تأمين مستقبل الأبناء والازواج والآباء والأمهات والاخوة والاخوات، وان فشلنا في ايصال امرأة إلى البرلمان المقبل، فإن هذا سيعجل في قدوم يوم الرحيل.

أحمد الصراف
habibi [email protected]