احمد الصراف

تذاكي الأحزاب الدينية

ذكرت في مقال نشر قبل سنوات ان معارضة الاحزاب الدينية لمنح المرأة حقوقها السياسية لم تنطلق اصلا من الصفاء الديني أو الانسجام مع النص، بل ان رفضهم كان ينبع من نوايا خبيثة، فبالرغم من علمهم التام وثقتهم الكبيرة بمقدرتهم على التحكم في اصوات المرأة وتجييرها لمصلحتهم في أي انتخابات برلمانية، بسبب المجاميع الكبيرة التي كانت تقف في صفوفهم في الانتخابات الطلابية وفي جمعيات النفع العام والمجتمع المدني، فإنهم كانوا أيضا على ثقة بأن هذا الولاء «النسائي» لن يطول كثيرا، وان المرأة متى ما خرجت من تحت عباءة فكرهم وتنسمت رياح الحرية، وعرفت ما يمثله صوتها وحقها السياسي من قوة، فإن ولاءها للفكر المتخلف لن يطول كثيرا. ولهذا استماتت القوى الدينية بكل اطيافها في منعها من حقوقها، ولكن لم يكن من الممكن وقف عجلة التاريخ من الدوران الى الابد! وما ان حصلت المرأة على حقوقها كاملة حتى رأى الجميع وصولية المنتمين للاحزاب الدينية، وكيف غيروا استراتيجياتهم بالكامل، واصبحوا يتذللون للمرأة ويحاولون كسب ودها لنيل صوتها بشتى الطرق. ولو قام احد بمراجعة سريعة لندوات مرشحي الاحزاب الدينية وما قالوه في المرأة ومكانتها وحقوقها لوجد الحجم الكبير لذلك الانقلاب في فكر هذه الاحزاب الوصولية ومواقفها التي لم تستطع وقف حتمية ما حدث!
ان وصول المرأة الى البرلمان بعد نيل حقوقها لا يعني انتهاء المعركة وقبول الطرف الآخر المتخلف بالهزيمة، فلا شك ان النائبات سيواجهن مصاعب كبيرة في وظائفهن الرقابية والتشريعية القادمة، وبالذات من زملائهن الرجال! فغالبية هؤلاء رضعوا كراهية المرأة والحط من قدرها منذ الطفولة، وكل ما يقولونه الآن ويدّعونه من مناصرة لها ولحقوقها لا ينم عن شعور صادق، فهم لم يولوها قط كثير اهتمام في حياتهم، ولكنها اصبحت فجأة محط انظارهم وملء سمعهم وبصرهم، سياسيا، بعد ان اصبحت صوتا انتخابيا مؤثرا، خصوصا مع زيادة اهمية دورها وتأثيرها وثقافتها السياسية.
ولو قامت «سكرتارية» نائبات المجلس بمراجعة وجرد الكم الكبير من التصريحات والوعود التي بذلها هؤلاء النواب بجزالة، عندما كانوا مرشحين، لوجدت فيها الكثير مما يصلح الاستعانة به واستخدامه كأداة في كسب هؤلاء النواب لمصلحة قضايا المرأة. هذا على افتراض صدق نواياهم، خصوصا ان العديد من هؤلاء سبق ان صرحوا بانهم سيسعون لتحسين معيشة المرأة ورفع مستواها وازالة ما لحق بها من ظلم جراء القوانين التي اقروها بأنفسهم، وأنهم سيعملون على انصافها بتعديل كافة التشريعات التي تعنى بشؤونها، والعمل على منح ابناء الكويتية المتزوجة بغير كويتي الحق في الحصول على الجنسية، وتسهيل قوانين الاسكان، ومساواة المرأة بالرجل في الاجر والعمل، ورفع نسبة مشاركتها في المناصب القيادية، وفتح كافة مجالات العمل لها! ولكن لو قمنا بمراجعة مشاريع القوانين التي تقدم بها اي من هؤلاء النواب «الكرام في وعودهم الشفوية» لما وجدنا أيا منهم اهتم بهذا الامر اكثر من غيره، ولو أننا نتوقع من البعض منهم الكثير الآن. وعلى النائبات في المجلس تذكير هؤلاء النواب بوعودهم الانتخابية التي قطعوها للناخبات في مخيماتهم الانتخابية.

أحمد الصراف

احمد الصراف

“الأمريكاني”

قلة فقط لا تزال تتذكر وتعرف ما كان يعنيه «مستشفى الارسالية الاميركية» American mission hospital او «الأميركاني»، في تاريخ الكويت الحديث، على الرغم من عظم تأثير عمل اطباء المستشفى الايجابي في غالبية الاسر التي كانت تعيش في الكويت، ومن اي طبقة اجتماعية او جنسية كانت، منذ بدايات القرن الماضي وحتى منتصف ستيناته!
وعلى الرغم من ان اطباء الارسالية الاميركية جاءوا الكويت قبل مائة عام، فان من غير المعروف، بشكل دقيق الكيفية، او الظروف التي قدموا على اساسها كأطباء وكمبشرين بالدين المسيحي من قبل The Reform Church of America، ولو ان الرواية الغالبة تقول ان الشيخ مبارك الصباح الذي استعان بهم اثناء وجودهم ووجوده في البصرة، في شفاء احد اخواته او بناته، قد دعاهم بعدها لزيارة الكويت. ولكن عدم ثقته بهم وبقدراتهم في الايام الاولى لقدومهم الكويت يضعف الرواية الى حد ما.
بعد ما يقارب الستين عاما من العمل المخلص والجاد، تخلت الارسالية الاميركية عن دورها العلاجي المميز الذي نجحت فيه بشكل كبير، ودورها التبشيري الذي لم توفق به كثيرا، وربما باعت مبناها الجميل الواقع على تلة مواجهة للبحر، وغير بعيد عن البرلمان، للحكومة الكويتية، وكان ذلك في عام 1967، بعد زيادة المستشفيات الحكومية والخاصة، وما واجهته الارسالية من ضائقة مالية، وربما مضايقات دينية وسياسية اخرى.
وقد قام سفير الولايات المتحدة السابق، وبمناسبة قرب حلول الذكرى المئوية الاولى للعلاقات التاريخية بين اميركا والكويت، برعاية تحويل مباني مستشفى الارسالية، التي بني اولها عام 1914، الى صرح تاريخي ومتحف ومركز ثقافي. وكان جميلا جدا اناطة امر رعاية المبنى والاهتمام به لــ «دار الآثار الاسلامية»، برعاية الشيخة حصة سالم الصباح التي ربما لولاها، ولمبادرة الامير الراحل جابر الاحمد، لكانت مباني المستشفى التاريخية الآن ساحة تملأها الفئران، او سكنا للعزاب يحصل على ايجاره متنفذ غير معروف.
شكرا لدار الآثار الاسلامية، والشيخة حصة على مشروعهما العظيم بتحويل مبنى الاميركاني الى مركز ثقافي ومتحف. والشكر موصول للشيخة ألطاف سالم العلي لرعايتها الكريمة لبيت السدو (البدر)، فجهود هاتين السيدتين بجهود مائة رجل خامل.

أحمد الصراف

احمد الصراف

السلف.. بين الحياء والاشتهاء

كشفت محاولة النائب خالد السلطان ونواب آخرين، تضمين نص القسم الدستوري كلمات محددة، في محاولة للتملص من معناه وتغييره، كشفت المعضلة النفسية والاخلاقية التي يعيشها البعض من هؤلاء السلف كل يوم بقبولهم المشاركة في الحياة السياسية من خلال البرلمان وسلطات الدولة الاخرى. فالفكر الديني، والسلفي بالذات، يحتم على هؤلاء «النفرات» الممثلين في البرلمان، الالتزام بما يمليه عليهم كبارهم وقادة فكرهم من «اساطين السلف»، الذين يعتقدون «بفساد» الانظمة الديموقراطية المقتبسة من الغرب، وان الاولى الالتزام بحاكمية الله وبالشورى وبنظام الخلافة، وان الشرع هو مصدر التشريع، وليس البرلمان، من خلال السلطات المفوضة لنواب الامة.
ولو توقفنا عند واقعة اضافة العضو خالد السلطان عبارة «في طاعة الله» بعد عبارة «احترام الدستور وقوانين الدولة» من القسم، لتبين لنا حقيقة موقف القوى الدينية والسلفية بالذات، من العمل السياسي البرلماني. فأعضاء هذه القوى يعلمون ان شكل الدولة الحديثة لا يشبه اي شكل من اشكال دولة السلف الصالح (!!)، ويرون في الامر شبهة وحكما بغير ما انزل الله!! وهذا يفسر سبب ابتعاد عدد من كبار قادتهم عن المشاركة في الحياة السياسية بصورتها الحالية، ولكن معاناتهم بدأت بعد ان رأوا ان عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات قد ترك الساحة لغرمائهم، سواء من القوى الدينية المعارضة لهم أو القوى الاخرى، وان هؤلاء حققوا مكاسب دنيوية وثروات ونفوذا هائلا لم يكونوا يحلمون به. وهنا ظهر اتجاه قوي بين قوى السلف يرى عدم جواز ترك الساحة خالية للغير، وان من الضروري المشاركة في «اللعبة» وهكذا كان، وكان مشروع «الوسيلة» العقاري الضخم الطُعم الذي وضع لغلاة معارضي المشاركة في اللعبة السياسية لجرهم للميدان واظهار منافع «الديموقراطية الكويتية»!!
ولكن بقي نص «قسم النيابة الدستوري» شوكة في حلق القوى السلفية، بنصه الديني الداعي لاحترام المؤسسة الدستورية، ومسند الإمارة، وبتناقضه الواضح مع من يقومون بترويجه من قيم ومفاهيم. ومن هنا جاءت محاولة النائب السلطان، وما سبقتها من محاولات بائسة اخرى لتغيير معنى النص، من اجل تبييض وجوههم امام اتباعهم وزعمائهم في خلواتهم، والقول بانهم بذلك التغيير والتحوير والاضافة، قد أرضوا الله وضمائرهم من خلال عدم الالتزام بنص «مشبوه ومكفر»، وهذا المخرج أملاه عليهم حبهم لجمع المال وملذات الحياة ومباهج السلطة وسطوة النيابة.
ان عقلاء المجلس والحكومة، مطالبون مستقبلا بمنع اي اضافة للقسم، سواء في اوله او نصفه او نهايته، وان يؤدى القسم كما هو من دون تغيير، وعلى الجميع الالتزام بذلك واحترام مشاعر الآخرين، ومن لا يعجبه القسم، بنصه الحالي، فبامكانه الجلوس في بيته.

أحمد الصراف

احمد الصراف

علمانية برنارد ستازي*

يقول برنارد ستازي ان العلمانية تعني التسامح أولا**، كما تعني الانفتاح على الآخر، وحرية الاعتقاد والتعددية، وتسمح العلمانية لنا بالعيش معا في احترام متبادل لاختلافاتنا، سواء كنا مؤمنين مسلمين، كاثوليكيين، يهودا، بروتستانت او بوذيين او من غير معتقد، ولا يعني ذلك ان العلمانية من غير محظورات او ضوابط.
وكما فتحت الكنيسة الكاثوليكية، وقبلها بكثير الكنائس الاخرى، قلبها وعقلها للعلمانية، فإن على المسلمين ان يفهموا، وبسرعة، ان هذه العلمانية تفتح لهم ذراعيها مرحبة.
ويعتقد ستازي بأن ارتداء الحجاب له عدة معان وتفسيرات، ولكنه، بشكل موضوعي، يدل على انصياع المرأة لقوانين الرجل، وان قانون حظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس الفرنسية الذي صدر قبل 5 سنوات يلاقي نجاحا كبيرا، ولكن البعض يعتقد انه فرض ضد المسلمين بالذات، وهذا يجعلهم يشعرون بأنهم مستهدفون، وهو امر قد يتيح الفرصة للمتطرفين لزيادة تعصبهم، كما يمكن ان يؤدي الى زيادة عدد المدارس الاسلامية في فرنسا، وسيكون ذلك امرا مؤسفا ومغايرا للنتائج المرجوة.
نورد ذلك في ضوء المعاملة السيئة، التي تزداد سوءا، والتي يلقاها غير المسلمين في مجتمعاتنا، خصوصا المسيحيين، واوضاع مصر ولبنان وسوريا وايران واخيراً غزة والعراق خير مثال!! فأتباع الديانات من غير المسلمين، حتى المسلمين من غير اتباع مذهب الاغلبية، هم في هجرة مستمرة منذ اكثر من 30 عاما، وبتشجيع واضح من الحركات والاحزاب الاسلامية المتطرفة، وقد خسر الكثير من الدول العربية والاسلامية كمًّا هائلاً من الكفاءات التي فضلت الهجرة لأوروبا واميركا واستراليا. هذا ويساهم، اضافة الى خطورته في تفريغ المجتمعات من الكفاءات النادرة، في زيادة تعصب وتطرف المجتمعات التي هاجروا منها لاعتقادها بعد ان أصبحت نسيجا واحدا من لون احادي منفر بأنها على حق والآخرون على ضــلال.
ان جمال اي مجتمع ورقيه يكمنان في الانسجام بين أعراقه وثقافاته، فهذا هو التحدي الحضاري، وليس التفرد والوحدانية والانزواء!
***
* هامش:
(*) شخصية سياسية فرنسية ورئيس اللجنة المستقلة لتطبيق مبدأ العلمانية في فرنسا.
(**) لا توجد ترجمة لـ Tolerance في «العربية» غير «تسامح»، والتي لا توفي المعنى حقه.

أحمد الصراف

احمد الصراف

قانون زكاة الشركات الغريب

أقر بتاريخ 9/12/2007 قانون فرض نسبة 1% زكاة على أرباح الشركات المساهمة. وقمت قبل أيام، مجبرا، بتوقيع عدد من الشيكات «الثقيلة» لمصلحة وزارة المالية عن هذه الضريبة، وخالجني شعور قريب من اليقين بأن مبالغها سوف لن تصرف في مصارفها الصحيحة، حسب فهمي، مع اعتقادي أن القانون ما كان ليصدر لو ان أحمد باقر لم يكن وزيرا للتجارة، كما أن قانون الزكاة هذا لم يكن له داع أصلا في ظل غياب قانون ضرائب عام ينظم حياة الأفراد ويوجه تصرفاتهم المالية ويشكل موردا أساسيا لموازنة الدولة.
وبالرجوع لنصوص هذا القانون نجد أن لائحته التنفيذية نصت على إنفاق المبالغ المحصلة كزكاة لمصلحة الخدمات العامة التالية:
1ــ الأمن والعدالة(!!) 2ــ الدفاع (!!) 3ــ الخدمات العامة (!!) 4ــ الخدمات الصحية، 5ــ التكافل الاجتماعي والشؤون الاجتماعية، 6ــ الخدمات الإعلانية (!!) 7ــ الخدمات الدينية، 8ــ الإسكان، 9ــ المرافق (!!) 10ــ الكهرباء والماء، وأخيرا الزراعة والثروة الحيوانية (!!)
وهنا نجد أن لا الفن ولا الترفيه ولا العلوم ولا المخترعات ولا البيئة قد حصلت على أي اهتمام من المشرع، ولم يرد لها ذكر أو اعتبار في مصارف الزكاة وهي الأهم والأولى بالرعاية. «فالدفاع والداخلية» مثلا تلقيتا دعما من الحكومة ربما يزيد على ما هو مطلوب، ولا حاجة الى توجيه أي أموال زكاة لهما، وهكذا الأمر مع الإعلان والمرافق والثروة الحيوانية، التي ربما تعني دعم علف مدعوم أصلا!!
وبالرغم من أن وزارة المالية قد تجمع لديها عشرات ملايين الدنانير من أموال الزكاة، نتيجة هذا القانون، فإن من غير المتوقع ملاحظة التأثير الإيجابي لهذه الأموال في القريب العاجل، ولا حتى البعيد. فعملية المواءمة بين كل مجالات الصرف هذه ليست بالسهلة، خصوصا ان القانون لم يحدد نسب صرف مئوية لكل جهة. كما أن من غير الممكن منع تدخل النواب والوزراء والجهات المتنفذة الأخرى في تحديد جهات الصرف والكيفية، ولن يكون أمام «الدائرة المختصة»، بافتراض قوتها وأمانتها، غير رفض الصرف لأي جهة، والاحتفاظ بمبالغ الزكاة إلى أن تأتي جهة ما بذمة أكثر اتساعا وتقضي على أخضر الزكاة ويابسها، ولهذا أصابني ألم حاد في أصابع يدي وأنا أوقع شيكات الزكاة المفروضة علينا فرضا دون مسوغ منطقي.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الراشد ضمير المجلس وقضايا أخرى

قلة فقط من القراء لم يسمعوا أو يقرأوا قصة النائب في المجلس السابق الذي اصر على «التشرف» بمقابلة رئيس مجلس الوزراء ليهديه نسخة من شهادته العليا، لكي ينكشف بعد ايام قليلة ان الشهادة صادرة عن جامعة اميركية غير معترف بها، وتتعامل بالنقد فقط. بعد تلك الحادثة «المؤسفة» انفجرت قضية آلاف الطلبة الذين ارسلوا من قبل اهاليهم، أو بمساعدة حكومية غير مباشرة، للدراسة في جامعات غير معترف بها في البحرين والاردن ومصر، وربما الهند والفلبين!! ثم تبعتها بأيام أخر أخبار القبض على مجموعة من ضباط الداخلية بتهمة بيع اجازات قيادة مركبات، من دون اختبارات قيادة، وايضا لمن دفع ورشا هؤلاء الضباط. وسبقتها قضية وقوع عصابة «موظفين كبار» أخرى في الشؤون تقوم بتزوير اقامات مقابل مبالغ كبيرة!! ثم انفجرت أخيرا قضية اخطر بكثير تتعلق بقيام موظف كبير في وزارة التربية بعمليات نصب واحتيال وتزييف شهادات دكتوراه وماجستير لمن يمتلك القدرة على الدفع نقدا، وما اكثر الساعين وراء حرف الدال اللذيذ!!
ثم لحقت كل ذلك قضية تزوير جديدة كشفتها مراسلات وزارة التجارة مع البنوك المحلية التي تعلقت بمدى جدية ما سبق ان صدر عن هذه البنوك من شهادات «رأس المال» عند تأسيس شركة جديدة، حيث تبين من رد بنكين فقط ان 130 شهادة منها مزورة وتعود لشركات وهمية من دون رؤوس اموال حقيقية، ولا تزال الوزارة بانتظار ردود البنوك الاخرى والرقم مرشح بالطبع للارتفاع اكثر!!
وفي خضم كل هذه الفوضى، والتلاعب بأرواح الناس ومقدراتهم ومستقبل الوطن وامنه وسلامته، فجر النائب علي الراشد، الذي يمثل بالنسبة لي «ضمير المجلس»، فجر قضية «مزدوجي الجنسية» من المواطنين، وهي القضية نفسها التي اثيرت اثناء الحملة الانتخابية، ولكن جهات رسمية لم تهتم بجدية الموضوع، وربما حاولت الطمطمة عليه، خاصة بعد اكتشاف الحجم الكبير لمزدوجي الجنسية والولاء هؤلاء!! ويقال ان نسبتهم تقارب ال‍20% من مواطني دولة الكويت.. وضواحيها!!
قد يقول البعض ان الازدواج معمول به في دول عدة، فلم لا نسمح به؟ وهذا صحيح ولكن غالبية هذه الدول لا تعارض قوانينها ذلك، مثل لبنان الذي يرى ان من مصلحته انتساب اهل المهجر اليه. كما ان الدول المتساهلة الاخرى تقوم بفرض ضرائب على مواطنيها، وهذا ما لا يمكن ان يحدث مع مزدوج جنسية كويتية وسعودية مثلا، حيث يتمتع بمزايا المساعدات الاجتماعية والسكن وغير ذلك من الدولتين من دون اضطراره لدفع اي ضريبة، هذا ان وضعنا مسألة الولاء جانبا!!
نتمنى ان تنجح جهود النائب علي الراشد في كشف هذا الطابور الخامس، أو أن يعدل القانون، لكي يصبح الوضع طبيعيا، بالنسبة للجميع!
***
• ملاحظة: سؤال النائب الوعلان لوزير الداخلية، والذي يبدو انه مضاد لسؤال النائب الراشد، وطالب فيه معرفة اسماء الكويتيين من حملة الجنسيات الاخرى، عدا السعودية، يتضمن تهديدا مبطنا بكشف «عورات» الآخرين ان حاول احد كشف عورات جماعته، فهل مثل هذا النائب صادق مع قسمه وتبشر افعاله بالخير؟!

أحمد الصراف

احمد الصراف

سوالف خالد سلطان (2/2)

قررت الحكومة العراقية حظر تقديم المشروبات في المقاهي والفنادق العراقية. وقد استنكر قادة رأي وسياسيون قرار حكومتهم لكونه معاكسا للانفتاح، وزيادة نفوذ الأحزاب الدينية وخطورتها التي تدّعي الحرية والديموقراطية، لكنها تنقلب عليها فور وصولها الى السلطة، وأن قرار الحظر يفتح الباب واسعا أمام انتشار المخدرات. وهذا يعني أن العراق سيلحق بالكويت في هذا الجانب وسترتفع فيه أعداد ضحايا هذا الخطر المدمر ليتجاوز عدد ضحايا العمليات الانتحارية.
وكما لم يساهم القرار في منع المشروبات الروحية في الكويت، بل في زيادة اسعارها فقط، وتربح مهربيها، فسيحدث الشيء ذاته في العراق!
كما أود التأكيد أن الحملة الظالمة التي تعرض لها النائب خالد سلطان بشأن ملكيته في شركة تتعامل في مواد يحظر تداولها في الكويت، كانت بمجملها حملة ظالمة وغير مبررة أبدا، فالكثيرون يعلمون أن الحكومة والعديد من الشركات المساهمة وغيرها، ومنها اسلامية مدرجة في «البورصة» لها مصالح كبيرة في هذه المواد المحظور تداولها أو تناولها في الكويت، وقطع العلاقة بالكامل غير عملي وبعيد عن المنطق، ويكاد يشبه الانتحار الاقتصادي لقطاعات كبيرة. وبالتالي كان التركيز على فرد وترك البقية أمرا غير مقبول!! ولسنا بحاجة هنا لنؤكد عدم اتفاقنا مع المادة 206 مكرر من قانون الجزاء، والتي أقرت أمام سمع وبصر القوى المسماة بـ «الليبرالية» من دون اعتراض، كما مر بعدها، وعلى القوى البائسة نفسها، قانون منع الاختلاط في الجامعة!
وعليه فإننا عندما نكتب عن ملكية خالد السلطان في أسهم شركة تتعامل بالمشروبات الروحية فمن منطلق مختلف تماما يتعلق بالتضارب بين مواقفه المفترضة وتصريحاته العلنية والصحفية، وليس استهجانا لملكية يوجد ما يماثلها لدى أطراف حكومية وإسلامية وغيرها.
فتصريحه الصحفي الشهير الذي ذكر فيه أنه ليس إلا مساهما صغيرا في الشركة، قول مضلل ولم يكن من المفترض صدوره ممن بمثل مكانته وخبرته! فـ 10% نسبة عالية جدا، خاصة إن كانت الأكبر في الشركة، وهي خطيرة أيضا، حيث لا تسمح قوانين دول مهمة بتملكها إلا ضمن شروط قاسية، لقدرة مالكها على التأثير في مجلس الإدارة!! وبالتالي كان تصريح السيد سلطان مخجلا وبعيدا عن الواقع، خصوصا على ضوء ما ورد على لسانه في ندوة عقدها التجمع السلفي (القبس 3 أبريل) بأنه عارض بعض المشاريع التي تقدم بها البعض لعدم توافقها مع الشريعة الإسلامية، فهل في حالته هذه يتفق فعله والشريعة؟
وفي معرض دفاع عن موقفه من قانون المعسرين، قال إن سبب ذلك يعود لتعلق أجزاء منه بالربا والربا بلاء.. ولكنه عاد وصرح في اللقاء نفسه بأنه «اضطر»، وهو المليونير الواسع الثراء، للتعامل مع البنوك الربوية، لأنها تسهل مشاركاته في المناقصات بطريقة لا تسمح بها البنوك الإسلامية (!!) فهل يصدق عاقل مثل هذا الكلام؟ وهل خالد السلطان، الثري وغير المحتاج، مضطر بالفعل الى التعامل مع البنوك الربوية؟ وإذا كانت البنوك الإسلامية ترفض التعامل معه حسب رغبته، فهل هذا لعيب فيها، أم لأن ما يوفره غيرها من تسهيلات مخالف للشرع؟ وأخيرا لماذا يقبل السيد خالد الاقتراض من بنوك تجارية وقبول دفع «فوائد ربوية» لها، والتهرب في الوقت نفسه من كفالة تلك القروض والتسهيلات المصرفية؟
أسئلة نتركها لذكاء القارئ وجميع المخدوعين بنصاعة صفحة المنتمين للتيارات الدينية، لنبين لهم أن اندفاعهم على المطامع الدنيوية كفيل بدفعهم للدوس على أعلى المبادئ وتجاهل أشرف النصوص.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سوالف خالد السلطان (1/2)

«.. آه، كم أسف محبوك لما وصلت إليه قلة حيلتك وهوان موقفك..!»
***
كان من المفترض نشر الجزء الثاني من هذا المقال قبل الانتخابات الأخيرة بيوم، ولكن وعدا ممن أحب واحترم، ووفاء لدين اجتماعي، فضلت تأجيل نشره حتى اليوم، بعد اجراء بعض التغيير عليه. ويبدو أن تأجيل نشره لم يذهب عبثا، فالوضع المحرج، أو المضحك، الذي وجد النائب خالد السلطان نفسه فيه أشد مرارة من سقوطه، فشتان بين نتائج السلف الأخيرة البائسة والمخزية، من وجهة نظرهم، ونتائج انتخابات 2008 التي دفعته وكتلته للانتفاض كذكر البط وحمل عباءاتهم، التي لا تمت أشكالها وأثمانها الغالية لـ «زهد السلف» بأي صلة، ومحاولة فرض أجندتهم وخياراتهم البائسة على المراجع العليا!
وفي هذا السياق أيضا تذكرت سعادة سعادته الطاغية وتصفيق جماعته المدوي في برلمان 2005 فور الاعلان عن سقوط قانون اعطاء المرأة حقوقها السياسية، وما قاله شريكه في حزب التخلف من أن المرأة لن تصل الى البرلمان قبل 50 عاما، وأن قانون منحها حقوقها لن يمر إلا على جثث السلف! كما استعدت كذلك كم الفتاوى والآراء الفقهية المعارضة المحرمة لمنح المرأة صوتا في الانتخابات الأخيرة، بعد فشلهم في منع ترشحها ونيابتها وتوزيرها، وصولا إلى اليوم الذي سقطت فيه كل اعتراضاتهم- لوجود المرأة في البرلمان، وزيرة ونائبة وفاعلة ومحركة ومشرعة- لتتواضع وتصل الى مجرد تحريم عدم السفر معها في الوفود البرلمانية!
آه، كم أسف محبوك، والمعجبون بمواقفك «الصلبة» لما وصلت إليه قلة حيلتك وهوان موقفك»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

التيس وقهوة نجمة الكتب

تجد المقالات التي أقتبسها أو أنقلها من الإنترنت قبول الكثيرين، ويقابل ذلك اعتراض البعض الآخر، بحجة انني اتجاهل ذكر المصدر أو المؤلف، ولا يلام هؤلاء على عدم المامهم بحقيقة ما تحتويه الشبكة العنكبوتية من كم هائل من القصص والحكم والأقوال والاحداث والمعلومات المفيدة، التي لا يعرف أحد حقيقة مصدرها، فهي كسمك البحر أو حبة الفاكهة التي لا تحمل اسم بلد الصنع، وهذه المواد بالتالي برسم الجميع ينهلون منها ما يشاؤون دون حساب. ويعتقد البعض الآخر كذلك انني ألجأ للنت عندما لا تتوافر لدي مادة كتابية أو موضوع مقال، وهذا ايضا غير دقيق، فلدى ادارة التحرير دائما مقالات جاهزة للنشر تغطي اسبوعا او اكثر احيانا، ومشكلتي ليست مع الكتابة، بل مع نشر ما أكتب، حيث ان «القبس» لا تحتمل اكثر من 5 او 6 مقالات في الاسبوع.
***
رابط الانترنت التالي يتعلق بخطبة يلقيها رجل دين سعودي على اطفال صغار. وجمال وروعة الخطبة يكمن في اسلوبها التعليمي الحديث الذي لم يسبق ان تطرق له احد من قبل، حيث يبدأ المتحدث خطبته او درسه بشرح معنى «التيس» وبأنه ابن الماعز، وانه افضل من الانسان لانه يشرب الماء والحليب، والانسان يدخن السيجارة ويشرب الخمرة، وبالتالي هو افضل من البشر. كما ان التيس يلعب في الزريبة، وبعض الناس يلعبون في دين الله، وان التيس يتحول يوم القيامة الى تراب وبعض الناس يذهبون الى جهنم، والكثير من البشر يتمنون التحول الىتراب بدلا من الذهاب الى جهنم.. وبالتالي التيس أفضل من الانسان!!
وتستمر ملحمة المقارنة بين الانسان والتيس وافضلية الأخير، دون اعتبار لمكانة الانسان وعمله واختراعاته وانجازاته واكتشافاته الجغرافية والطبية وما حققته القلة من توفير ملايين اطنان الاغذية للجياع في العالم، وبعد هذا يصبح التيس افضل منه لانه يشرب الحليب والانسان يدخن السيجارة او ان التيس سيتحول الى تراب وبعض البشر سيذهبون الى النار (!!!).
نترككم مع الرابط متمنين لكم حسن الاستماع.
وهناك رابط آخر يتعلق بحديث تلفزيوني للداعية المصري صفوت حجازي، عضو الاخوان المسلمين، الذي يدعو فيه الى مقاطعة سلسلة محلات شهيرة. المضحك في هذا الكليب، الذي انتشر في العالم اجمع، ان الداعية لا يعرف حتى طريقة نطق الاسم الصحيح للسلسلة التي يود اكراه الناس فيها والتحذير من خطورتها، ويستمر يكرر التسمية الخطأ المرة تلو الأخرى بشكل مضحك. والرابط هو:
http://www.youtube.com/watch?v=DO2NqMeOSuo@feature=related 

أحمد الصراف

احمد الصراف

تماثيل الكويت ووقفة الحصان

لأسباب بالية ربما لا تمت للفهم الصحيح للمعتقد بصلة، ترفض الحكومة في الكويت وضع تماثيل لبشر أو «لذوات الأرواح» في الساحات أو المباني العامة. وتسبب القرار في بقاء أعمال كبيرة وعظيمة لمشاهير النحاتين والفنانين التشكيليين الكويتيين وغيرهم ضمن أربعة جدران يعلوها الغبار بسبب هذه المعارضة الحكومية غير المفهومة.
ولو نظرنا لكل دول العالم الإسلامي، باستثناء بعض دول الخليج، لرأينا، ومنذ مئات السنين، أن مختلف أشكال التماثيل للمبدعين والقادة العسكريين والملوك والرؤساء تملأ ساحاتهم والأماكن العامة في وزاراتهم، ولم ينتج عن ذلك أي ضعف في العقيدة لدى شعوب تلك الدول أو لجوء أحد لعبادة تلك التماثيل أو التعامل معها بأكثر مما تعنيه من قيمة معنوية. وربما سيكون بإمكان أعضاء مجلس الأمة الجديد إجبار الحكومة على إعادة النظر في قرار المنع، الذي لم يصدر أصلا، والطلب منها العمل على وضع تماثيل لرجالات الكويت في الساحات العامة… ولكن مع من نتحدث؟
وفي السياق نفسه، قرأت عن رمزية التماثيل في المتاحف والساحات العامة في كل دول العالم وما تحمله من معان كانت خافية عليّ. فالتماثيل التي يكون موضوعها حصانا يمتطيه شخص ما هي عادة ما تخصص للملوك ورؤساء الدول أو للقادة العسكريين فقط، أما غيرهم فيكونون عادة في وضع الوقوف أو الجلوس. وطريقة وقوف الحصان تحدد الطريقة التي مات بها راكبه، ملكا كان أم قائدا عسكريا. فإن كان الحصان يقف على قوائمه الأربع فهذا يعني أن صاحبه قد مات بشكل طبيعي في فراشه وبين أهله. وإن كانت قائمتا الحصان الأماميتان مرتفعتين في الهواء فهذا يعني أن الممتطي، ملكا كان أم عسكريا، قد مات في ميدان المعركة. وإن كانت إحدى قوائمه مرفوعة فقط فهذا يعني أن الملك أو القائد قد مات في فراشه، متأثرا بجراح معركة عسكرية. 

أحمد الصراف