احمد الصراف

قصة فضلات الفضاء

من المعروف، طبقا لقانون الجاذبية الذي اكتشفه اسحاق نيوتن، أعظم علماء البشرية، أن الفواكه تسقط عن الأشجار، والأثقال تسقط من غير سند إلى الأرض بفعل عامل جاذبية كامن في مركز الأرض، وأن الفكاك من جاذبية الأرض ليس بالأمر السهل، ولهذا تجد جميع الأجسام المادية صعوبة وهي تحاول الابتعاد عن الأرض طيرانا أو حتى تسلقا لدرج عمارة. ولو طبقنا القانون ذاته على رواد الفضاء لوجدنا أن انعدام الجاذبية في المحطات والسفن الفضائية يجعل من الصعب عليهم تثبيت أجسامهم في وضع معين، وتصبح العملية أكثر إحراجا، أو إلحاحا، عند الرغبة في قضاء الحاجة!! ومن اجل ذلك قام علماء وكالة الفضاء الأميركيون بتصميم مراحيض خاصة لرواد الفضاء بحيث يمكنهم القيام بما عليهم القيام به بأقل قدر من العناء والتلوث؟ فالجاذبية الأرضية التي تساعد الفضلات في الخروج من الجسم استبدلت بأدوات خاصة وطرق أكثر تطورا.
لذا قام علماء حقيقيون، لا علماؤنا، بتزويد كراسي مراحيض السفن والمحطات الفضائية بأحزمة تثبت الرائد، أو زميلته، بكرسي الحمام لكي لا يرتفع في الجو بعيدا عنه وهو في منتصف قضاء حاجته. كما قاموا بتصميم طرق مختلفة للتخلص من الفضلات السائلة والصلبة، حيث يقوم الرجال بالتخلص من السوائل في أنابيب خاصة، والنساء في أدوات تشبه القمع، وتسري السوائل من خلالها بفعل ضغط هوائي محدد الدرجة ينقلها لحاويات خاصة. ولكن التخلص من المواد الصلبة أكثر صعوبة، لأن المواد على الأرض تسقط بفعل الجاذبية، أما في سفينة أو محطة فضاء فتخرج من الجسم وقد ترتفع فوق رأس الرائد وتتطاير من حوله وقد تعاود الدخول لجسمه عن طريق الفم مثلا، وهذا أمر مقزز، ولهذا تم تجهيز مراحيض السفن الفضائية بأنظمة شفط المواد الصلبة ونقلها مباشرة لخزان، حيث تجمد، وتعالج فورا، فيقتل كل ما بها من بكتيريا فتزول رائحتها غير المرغوب فيها. وعند تجمع كمية من هذه الفضلات توضع على ظهر سفينة فضاء صغيرة من غير ملاح وتطلق في الفضاء مع خاصية احتراق سريعة!!
ويقول أحد علماء «وكالة الفضاء الأميركية» اننا عندما نرى نجما مضيئا يحترق في السماء ويتلاشى وميضه خلال ثوانٍ فإنه غالبا ما يكون النور الصادر نتيجة حرق فضلات بشرية عائدة لعدد من رواد الفضاء!!
وأتذكر عندما كنا صغارا جهلة، وربما لا نزال، كان البعض منا يعتقد بأن تلك النجوم الخاطفة التي تمر بالسماء مثل البرق وتختفي في لحظات هي سيوف تمنع الشياطين والأبالسة والجن، ولا أعرف الفرق بينها، من دخول ملكوت السماء!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

غوص الوكيل ومساعده

لو قام رئيس مجلس الوزراء بالطلب من وزرائه حض وكلائهم على تقليل تصريحاتهم الصحفية، وخصوصا الفارغ منها وغير الدقيق، لما وجد كتّاب الأعمدة الكثير ليكتبوا عنه.
ففي تصريح لوكيل وزارة الأوقاف المساعد، الذي أعتقد أنه يتقاضى بدلا نقديا عن تصريحاته للصحف يساوي بدلات مشاركته في العديد من اللجان، ورد أن برنامج عمل «علماء المستقبل» يعتبر حضانة للعلوم الشرعية ويعمل وفق مقاييس الجودة العالمية (!!)، وحسب علمي فان هناك مقاييس جودة عالمية في الهندسة والبناء والادارة والدواء والغذاء وغيرها القليل، أما العلوم الشرعية فلا توجد جهة تضع مقاييسها، دع عنك العمل بموجبها! ومن الواضح أن وكيل الأوقاف المساعد إما أنه لا يعرف ما يتحدث عنه، أو أنه مدرك، ولكنه ربما يعتقد أنه يتحدث مع مجموعة من الخراف! فعلماء المستقبل هؤلاء لا يزيد متوسط أعمارهم على 16 عاما ودراستهم «الخربوطة» لا تتجاوز مدتها 3 سنوات، ولا يمكن لأي كان أن يقبل على نفسه تولي مراهق في التاسعة عشرة من عمره شؤون الافتاء، فقط لأن برنامج وكيل وزارة الأوقاف أراد له ولنا ذلك. وسبق أن كتب الزميل أحمد البغدادي (السياسة 22/7) في موضوع هؤلاء «العلماء» وسخر من المشروع، وقال ان هؤلاء الفقهاء الصغار لا يدرون بأي السبيلين يبدأون لو ذهبوا لقضاء الحاجة، فضلا عن كونهم فاقدي الأهلية ليكونوا فقهاء، فالدورة لا معنى لها لا من الناحية الشرعية ولا العقلية!
كما سبق تصريح الوكيل المساعد تصريح آخر لوكيل الوزارة نفسها، السيد عادل الفلاح (السياسة 27/5)، ذكر فيه أن وزراء أوقاف في الدول الاسلامية «أشادوا» بالتجربة الكويتية في مجال اللجنة العليا للوسطية والمركز العالمي للوسطية، وأن أهم مرتكزات الوسطية يكمن في علاج التطرف ومقارعة الفكر بالفكر ورد شبهات الارهابيين والبحث العلمي المنهجي والدراسة الميدانية و«الغوص» في جذور المشكلة(!)، ولا أدري كيف صرح الوكيل بذلك وهو على علم بأن اللجنة والمركز العالمي مؤسستان غير فعالتين أصلا ولا يعمل بهما أحد بعد أن «جفت ميزانياتهما» منذ أشهر بسبب استمرار الشفط الداخلي والخارجي لها، وأن الدول الاسلامية التي أشادت (ان صح خبر الاشادة) بالمركز واللجنة الوسطية لم تزد على 3 دول من أصل 50 دولة، وبالتحديد مصر وبروناي… وأفغانستان(!!!!)
كما يعلم الوكيل وجميع مسؤولي وزارة الأوقاف أن لا شيء، نكرر لا شيء، مما صرح به الوكيل عن انجازات المركز العالمي للوسطية، بعد ما يقارب السنوات الأربع، وصرف عشرات ملايين الدولارات، قد تحقق، غير الغوص في صناديق الوزارة للنهل من مواردها النقدية الكبيرة!
ويبدو أن السيد الوكيل نسي أو تناسى ما سبق أن أدلى به للسياسة قبل 45 يوما، عندما صرح للقبس (14/7) بأن سبب تأخير صرف رواتب موظفي مركز الوسطية لمدة ستة أشهر (نكرر ستة أشهر) هو حل مجلس الأمة وعدم اجتماع مجلس الخدمة المدنية، وأن الوزارة لن تألو جهدا في الاسراع بدفعها!
فكيف يستطيع موظفو المركز واللجنة الغوص في جذور المشكلة ومقارعة الفكر بالفكر وجيوبهم خاوية من أي راتب منذ نصف عام أو أكثر؟
نتمنى أن يفحمنا وكيل وزارة الأوقاف ومساعده، كعادتهما، بردّ يبرد قلوبنا في هذا القيظ اللبناني غير المعهود!

أحمد الصراف

احمد الصراف

القيم والدستور

اتصل بي طالب نقابي في كلية مهنية عالية الأهمية، وطلب مني مساعدة «جمعيته الطلابية» في الحصول على دعم مادي لحملتهم الانتخابية، وأنهم ينتمون الى تجمع مضاد للتجمعات التابعة لأحزاب السلف والإخوان، وإن قائمتهم غير طائفية ولا قبلية، ومساعدتنا ستسهم في احتفاظهم باستقلاليتهم.
رحبت بالفكرة وقمت بالاتصال بعدد ممن توسمت فيهم الخير من أصحاب الوكالات التجارية التي تتعلق أنشطتهم بنشاط طلبة تلك الكلية، وطلبت منهم الاتصال مباشرة بطلبة اللائحة الانتخابية في حال رغبتهم في المساهمة بأي دفعات نقدية أو إعلانات، ونويت شخصيا المساهمة في دعم حملتهم.
بتصفحي ل‍‍ «دستور القائمة» الطلابية وقع نظري على المادة الأولى منه والتي تقول: «القيم الإسلامية هي الدعامة الأساسية التي يقوم عليها بنيان قائمتنا، وهي ما نستند اليه كأساس متين وأرض صلبة ومصدر رئيسي لا يهتز لاتخاذ القرار»!.. أما المادة الثانية من الدستور فتقول: «الـتأكيد على التمسك بدستور الدولة والإلزام بصيانته» (ربما وقع هنا خطأ مطبعي!).
وقد قمت بمراجعة النظم الأساسية والقواعد واللوائح التنظيمية لخمس نقابات وجمعيات أسست في ستينات وسبعينات القرن الماضي، فلم أجد في أي منها ما يفيد أن القيم الإسلامية هي الدعامة الأساسية التي يقوم عليها بنيان أي تجمع أو نقابة! كما لم ينص في أي منها على الاستناد الى القيم الإسلامية كأساس متين واعتبارها «أرضا صلبة ومصدرا رئيسيا لا يهتز لاتخاذ القرار»(!)
نقول هذا ليس من منطق رفض لأي من هذه القيم الدينية، أيا كانت، بل لأن من المفترض أن هذا المجتمع آمن بها، عندما لم تكن توجد على الأرض سياسة ونقابة ومجلس أمة وانتخابات، ومارس تلك القيم بسلاسة ومن دون تعقيد، ومن دون اهتزازات أو أرضيات صلبة، أو رخوة وغير ذلك من تعبيرات لا معنى لها. وان قبول طلبة كلية مهنية عالية القيمة والأهمية ـ لمثل هذه الجمل غير محددة المعنى، أو التي يمكن أن تحتمل معاني متضادة، ومصدر خلاف كبير بين أطرافه ـ يعني أن المجتمع برمته قد تمت أدلجته دينيا بشكل أصبح فيها إقحام مثل هذه النصوص المبهمة أمرا عاديا، لا بل ومرحبا به بشكل كبير، كما أنه يدل على أن خطر «الدروشة» أصبح مسيطرا على أعز معاقل العقلانية والعلمانية، ككليات الهندسة والطب، وخلق بين طلبتها ـ ولأي جماعة أو طائفة أو تجمع انتموا ـ بؤرا دينية تتنافس فيها القوائم على مرتكزات دينية شديدة الإبهام، وسيؤدي الى تمسك كل طرف بها إلى فرضها على البقية، ولو قسرا.
وهذا بحد ذاته كافٍ لاستمرار الصراع بينها.. ربما إلى الأبد وتجذره أكثر وأكثر!

***
ملاحظة: أعلمنا الصديق والفلكي المعروف عادل السعدون، قبل أسبوعين، بالمعلومة التالية، التي لم يتسنّ لنا نشرها بسبب السفر، ورغبتنا في البعد عن القيل والقال وكتابة المقال:
«في ليلة 20/10/1940 عبرت سماء الكويت عدة طائرات إيطالية وألقت قنابلها على منشآت أرامكو في الظهران، وبعض القنابل على البحرين، وكانت الخسائر طفيفة، وتم إجلاء زوجات الأميركيين وأطفالهم وإعادتهم الى الولايات المتحدة»!
وهذا أبلغ توضيح على مقالينا عن سر مشروع «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»!

أحمد الصراف

احمد الصراف

هراوات الشاه وعصي الولي

بصرف النظر عن كل ما أشيع من نظريات عن الدوافع الحقيقية وراء انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة ضد نظام «الولي الفقيه»، فانه من المؤكد أن جيل ما بعد الثورة قد ضاق ذرعا بكل ما تمثله المؤسسة الدينية الحاكمة من ضغوط نفسية واجتماعية وحتى اقتصادية. كما أن الثورة «المباركة»، وبعد 30 عاما، فشلت في تحقيق أي من أهدافها، غير سيطرة الملالي على دفة الحكم! فالبطالة منتشرة والتضخم يأكل جزءا كبيرا من أموال أغلبية المواطنين، والفساد الإداري شمل كل إدارة وقطاع، وأصبح ثراء وطريقة عيش وفساد نسبة عالية من رجال الدين موضع تندر الجميع!
ولكن لماذا نجحت انتفاضة الشارع في عام 1979في وضع نهاية لواحد من أقوى أنظمة الحكم، الذي كان يفتخر بامتلاكه لرابع أكبر ترسانة حربية في العالم، خلال ساعات، ولم تلاق الانتفاضة الأخيرة، على الرغم من دمويتها وكبر حجم التأييد المحلي والعالمي لها، نفس النجاح؟.
أعتقد أن سبب ذلك يعود إلى عدة عوامل أهمها غياب القيادة الكارزمية في الانتفاضة الشعبية الثانية، فلا مجال لمقارنة شخصية آية الله الخميني بشخصية أي من المرشحين «الإصلاحيين» من ممثلي المعارضة. كما أن الشاه، عندما بدأ الخميني ثورته، كان يشرف على الموت. وكان ولي عهده صبيا صغيرا، ولم يكن أحد في عائلته الفاسدة، أو من بين بطانته الأكثر فسادا، من كان على استعداد للمخاطرة بحياته من أجل النظام، خاصة بعد أن أبدى الجيش الإيراني تململه وتردده في التعرض للمتظاهرين العزل في الشوارع بالدبابات الثقيلة. وبالتالي سقط النظام من تلقاء نفسه خلال ساعات لفقده لدعامته الأساسية المتمثلة في الشاه، ولقلة عدد المستفيدين من بقاء النظام، بعدما هربت الأغلبية المتنفذة إلى الخارج. ولكن في الانتفاضة الأخيرة تعددت الجهات التي يمكن أن تخسر الكثير من سقوط النظام. فهناك ما لا يقل عن 120 ألف رجل دين يتولون الإدارة المباشرة، أو الإشراف، على كل أجهزة الدولة الحيوية من جيش واقتصاد وطاقة نووية وطيران وزراعة، ولهؤلاء مصلحة كبيرة في بقاء النظام الحالي، ولن يترددوا لحظة في إراقة كثير من الدماء قبل تسليم الحكم لغيرهم، إن بقوا أحياء بعدها! كما تساند هؤلاء عدة تنظيمات عسكرية يزيد تعدادها على النصف مليون مؤدلج عالي التدريب تمتلك تنظيماتهم أسلحة برية وبحرية يفتقد الجيش الإيراني نفسه للبعض منها، ولهؤلاء مصلحة في بقاء النظام، وهم على استعداد لإفناء نصف الشعب الإيراني في سبيل بقاء الولي الفقيه والمذهب الصحيح، واستمرار بقائهم في السلطة بالتبعية. وفوق هذا وذلك فإن الهراوات التي انهالت على رؤوس المتظاهرين في الانتفاضة الأخيرة كانت هراوات «إلهية» مباركة بأدعية «الولي الفقيه» ومغموسة ببركة «المرشد الأعلى»، وهذا ما لم يتمتع به جند الشاه في عام 1979، ولهذا رأى العالم كم كان قائدو الدراجات النارية والشرطة والعسكر والقوات السرية بملابسها المدنية عنيفة حتى الموت مع المتظاهرين العزل، وحتى أولئك الذين تواجدوا في المكان الخطأ في اللحظة الخطأ.
المهم، بعد كل هذا، إن هيبة مركز الثقل في السياسة الإيرانية قد تأثرت واهتزت بشكل كبير، والانتفاضة لن تنتهي قبل الإطاحة بنظام ولاية الفقيه، وهذا لا يمكن أن يتم من دون تآكله من الداخل، وقد يستغرق هذا بعض الوقت، ولكنه قادم لا محالة.

أحمد الصراف
habibi. [email protected]

احمد الصراف

تي شيرت النصارى

أخرجتني مكالمة هاتفية من صديق، وأنا في غربتي التي اخترت لها أن تمتد تسعين يوما بعيدا عن القيل والقال وكتابة المقال، طلب مني قراءة ما كتبه بسام الشطي، المدرس في جامعة الكويت، في جريدة «عالم اليوم» (20 ــ7) التي حذر فيها من حركة التنصير القائمة على «قدم وساق» في منطقة الخليج، برعاية الفاتيكان والصليب الأحمر والقوى الغربية. وقد قررت مختارا كتابة هذا المقال، ليس ردا على ما كتب فقط، بل لبيان كم هي بسيطة أفكار وتطلعات القوى الدينية المهيمنة على الساحة والمتحكمة برقاب البشر ومصائرهم من خلال مئات المؤسسات والجمعيات والمناصب القيادية التي تخضع لسيطرتهم وتحكم أحزابهم السياسية، وللبيان لكم المبالغة والتشويه اللذين تتضمنهما عادة مثل هذه المقالات.
يقول الشطي ان العدد التقريبي للنصارى في دول مجلس التعاون فاق المليون ونصفاً، وأن أول كنيسة أقيمت في الكويت عام 1931، وتبعتها البحرين بأشهر، ثم سلطنة عُمان، وأن عدد من يحمل منهم الجنسيات الخليجية يبلغ 350 فردا، أما عدد الكنائس لدينا فيبلغ 35، وأن أغلب هؤلاء «النصارى» من العمالة المنزلية.
ويقول ان مجموعة من شبابنا لبسوا الـ«تي شيرت»، تأثرا بهؤلاء النصارى وبما يبث على القنوات التنصيرية والكتب والمجلات ومواقع الإنترنت، وأيضاً من خلال اللقاءات العلمية والمعاهد الثقافية. ويدعي الشطي أن الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج يُلزمون جميعا، في أغلب الجامعات، بالدخول الى الكنائس من خلال «دفاتر الحضور وتسجيله» بشكل اسبوعي (هكذا ورد حرفيا في مقاله)، وقال ان هذا أدى الى ترك بعضهم لصلاته وعقيدته وأصبح ملحداً وحصل على رعاية ولجوء سياسي!
وانتقد الشطي وجود سفارة للفاتيكان في كل دولة عربية، وأن تكون لهم الأولوية في الإشراف لدينا على السجناء وحقوق الإنسان وغير ذلك، والعمل تحت مظلة الصليب الأحمر (!!!)، وأن وراء عمل هذه المنظمة التنصير والعبث بالعقيدة، وأنها دخلت على الدول الفقيرة من ثلاثة أبواب «الفقر، الجهل، المرض»، في حين سعوا بكل ما يملكون للتشكيك بالعمل الإسلامي التطوعي وتحجيمه ووضع العراقيل امامه حتى لا يقوم بخدمة المسلمين في العالم. وتطرق الشطي الى حديث أدلى به القس الكويتي عمانويل غريب لإحدى الصحف وتهكم عليه بتسميته بـ«الأنبا نويل»، وقال ان على الحكومة مراقبة أمواله (ربما لدوره في تهجير المسيحيين من العراق أو قتل الشيعة وتشريد السنة فيه، أو كأن الجمعيات المسماة بالخيرية تخضع لأي رقابة على أموالها أصلا!!).
واستطرد الشطي في ترهاته التي لا يقبلها عقل ولا منطق قائلا ان الجهات المعنية بالتنصير في الخليج عملت على إنشاء مكاتب سمتها «تهيئة العمالة لدول الخليج»، لتسهيل دخول النصارى الى بلادنا ومنع المسلمين عنها، وهذا ما تفعله مكاتب الخدم (!!) ويقابل هذه التسهيلات التي تقدم للمسيحي تعقيد تام لدخول المسلمين الى دول الخليج(!!)
واستغرب الشطي إنشاء بعض سفارات الدول لمكاتب تهتم بزيارة سجناء هذه الدول، وتكلف محامين لهم ويتدخل سفراؤهم أحياناً «كشفاعة» لإخراجهم(!!!).
وتساءل عن المبالغ التي تدفع لتحسين صورة الكنيسة والقساوسة والرهبان، فيما برامجنا الإعلامية قل وندر ان تجد فيها شيئا عن المساجد والصلاة والذكر والحجاب.
ومن مظاهر التنصير «المخيفة» التي استشهد بها الشطي أن دولنا تعطل في رأس السنة وأعياد الكريسماس وتتبادل التهاني، واشتكى من أن الرياضة عندنا تستقطب المدربين النصارى واللاعبين كذلك، ثم يجنّسون بعد فترة (يا ترى كم عدد اللاعبين والمدربين المجنسين لدينا؟)، وختم الشطي «رائعته» بالقول ان النصارى يطالبون بحذف الآيات والأحاديث الصحيحة التي تتحدث صراحة عنهم لأن هذا يزيد من ثقافة الكراهية والعداوة بين أبناء الوطن الواحد، فهل تسمع لهم وزارة التربية؟
أولا: السيد الشطي، لمن لا يعلم، سلفي ملتح ومن المفترض أن يكون ملتزما جدا، وهذا يفرض عليه الدقة والصدق في القول والحرص على الكلام!
فأن يكون هناك 350 مسيحيا في كل دول الخليج، بعد مرور 80 عاما تقريبا على وجود أول كنيسة، كاف ليبين عدم صحة وجود حركة تنصير بالمعنى المفهوم، خاصة إذا علمنا أن غالبية هؤلاء هم أصلا من أبناء وأحفاد من قدم الى المنطقة قبل أجيال مع غيرهم، بعقائدهم، ولم يتنصروا أو يغيروا دينهم بيننا.
كما أن وجود 35 كنيسة فقط لأكثر من مليون ونصف مليون وافد يدل بوضوح على مدى تعصبنا وتخلفنا وقلة تسامحنا مع الآخر، بحيث خصصنا كنيسة لا تتسع لأكثر من 500 فرد لكل 40 ألف مسيحي!
أما القول ان طلبتنا يفرض عليهم دخول الكنائس في الغرب وتحفظ سجلات تبين حضورهم ويدفعون الى أن يلحدوا فكلام لا يحتاج الى دحض ولا نفي لتفاهته أصلا، وبعده عن الحقيقة والواقع، ومئات آلاف الطلاب الذين درسوا في أميركا والدول الغربية خير شاهد!!
يبدو أن من الأفضل التوقف هنا، لأن وقتنا ومساحة مقالنا لا تسمح بالاستطراد أكثر، وفهم الجميع كاف لمعرفة حقيقة مستوى خريجي كليات الشريعة في معاهدنا التعليمية!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

مسملو القرن 21

لأتباع الديانات السماوية دور كبير في إراقة دماء الغير وبعضهم بعضا، ولكن ما شاهده العالم في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، ومطلع القرن الحالي، من أحداث دموية التي كان للمسلمين نصيب فيها، أمر لا يمكن تصديقه، ويدل على ان الخلل العقلي الذي أصاب كثيرين منا، مسلمين وغير ذلك، يحتاج إلى التصدي له بعلاج طويل الأمد.
نكتب ذلك من واقعة تعرض سيدة مصرية مهاجرة للطعن بسكين حتى الموت في قاعة محكمة في إحدى المدن الألمانية على يد متعصب ألماني ذكر أنه سبق ان اعتدى عليها في حديقة عامة، مما دفعها إلى رفع شكوى بحقه، الأمر الذي اثاره فطعنها وزوجها في قاعة المحكمة، وكانت وقتها أما وحاملاً في شهرها الثالث! وهنا نرى أنها كانت ضحية تعصب أعمى، وهو أمر لا يمكن قبوله تحت أي ذريعة، ولكن هذا التعصب الأعمى يغض النظر عنه، ويمارس على نطاق واسع في كامل عالمنا الإسلامي، مع استثناءات قليلة هنا وهناك. فما شهدته كثير من المدن الأندونيسية من قتل وتشريد لسكان الجزر والمدن من غير المسلمين لايزال محفورا في الذاكرة. كما ان تداعيات تفجيرات بالي وفنادق جاكرتا التي أودت بحياة المئات من الأندونيسيين، مواطنين وأجانب، لاتزال حية في الأذهان. كما جرى ما يماثلها على يد مجموعة أبو سياف في أدغال الفلبين وقراها.
ولا ينسى العالم ما تعرضت له، ولاتزال تتعرض، دور عبادة ومساجد الشيعة والسنة في باكستان على أيدي بعضهم بعضا من قتل وتفجير شبه أسبوعي، والذي رسخ التفرقة بين الطرفين ربما إلى الأبد، كما جرت أحداث مماثلة وربما اكثر دموية بين طائفتي العراق الرئيسيتين ومن اتباع الطائفتين ضد مواطنيهم الآخرين من صابئة وكرد، وبالذات المسيحيين الذين لم يسلموا من شر الطرفين، قتلا وطردا وتشريدا وتهديدا وابتزازا.
أما في اليمن، فحدث ولا حرج، فحرب الحكومة والحوثيين ستنافس حرب داحس والغبراء شهرة وطولا، وجذور القاعدة التي نبتت هناك في البدء ستأخذ وقتا لكي تقطع، وتحرق!
كما نرى الفجور في الكراهية وسفك الدماء في حروب فريقي النزاع الفلسطيني – الفلسطيني، وما سقط في حروبهم من ضحايا يكاد يتجاوز عدد من مات على أيديهم من عدوهم، أو من قتل عدوهم منهم طوال 60 عاما!
ولا ننسى تفجيرات طابا وشرم الشيخ في مصر، وما يتعرض له الأقباط فيها من قتل ومضايقة وحرمان. أما أحداث أفغانستان وحكم طالبان الهمجي، الذي لايزال من بيننا من يحن ويتوق ويشتاق إلى حكمهم، فقد كانوا قمة في الوحشية والتعصب ضد الآخر، بشرا وحجرا وحضارة.
ويبدو ان الصومال سائر على خطى ابناء عمومته من الأفغان، ولا ننسى في هذه العجالة السودان وبطش مسلميه العرب بمسلميه من أهالي دارفور وضواحيها.
كما من العيب نسيان الجرائم الدينية التي اقترفت في الكويت والسعودية وقطر وبقية دول المجموعة العربية والإسلامية، والتي يبدو ان لا نهاية لها، لأننا لم نصل إلى مرحلة الإحساس بما تشكله كل هذه الاعتداءات من خطر علينا جميعا، ومع كل هذا كان لدى كثيرين منا الوقت والمال لصرفه على ندوة «علمية» أقيمت في اسطنبول لمناقشة رؤية الإسلام لقضايا البيئة، وتقديم خطة «إسلامية» لحل مشاكلها، وشارك في وضع الحلول 150 متخصصا، وعلى رأسهم عالم البيئة الشهير الإخونجي يوسف القرضاوي!
ولا تسلم لي لا على الباذنجان ولا على البامية.

أحمد الصراف

احمد الصراف

طائرة الخليج الفارسي المقاتلة (2)

تطرقت في مقال سابق (26/5) الى موضوع «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»، التي ورد ذكرها في تحقيق نشرته «القبس» قبلها بايام عن بعض الوثائق والمستندات التي كانت في حوزة المرحوم سليمان اللهيب، والتي قدمها ابنه السيد محمد اللهيب لـ«القبس»، ومنها ايصال تبرع لمشروع او صندوق «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة» ويحمل تاريخ عام 1941.
وطلبت في المقال مساعدة القراء في البحث عن حقيقة هذا المشروع. وقد وردتني رسالة من الاخ محمد يعلمني فيها ان تبرع والده ربما كان لمشروع بناء طائرة للحلفاء في الحرب العالمية الثانية. اما عائشة حفيدة المرحوم اللهيب، فقد لفتت نظري لكتاب على النت يتعلق بمشروع بريطاني مهم جرى خلال الحرب العالمية الثانية، وتعلق بتطوير طائرة حربية من نوع Spitfire يهدف الى القضاء على التفوق الجوي الالماني في بداية الحرب، وان المشروع نجح بشكل كبير وحقق لبريطانيا هدفها. وورد في الكتاب ان 6 من تلك الطائرات سميت باسماء دول المنطقة! ولكن المؤلف لم يتطرق لأي اسماء.
اما الباحث ظافر العجمي، فقد رد علينا بطريقة غير مباشرة من خلال مقال نشر على «الآن» الالكترونية، وارسل مسؤولها نسخة منه لنا، وورد فيه على لسان السيد العجمي ان اقرب ما يعرفه عن «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»، وسبق ان ورد ذكره في اطروحته لنيل الدكتوراه في موضوع «امن الخليج العربي»، يعود الى حقيقة ان الايطاليين كانوا اول من ادخل الطائرات في الحرب، وبالرغم من نجاحهم في الوصول لمياه الخليج،فان البريطانيين قللوا من خطرهم، وقد اخطأوا في ذلك، ففي صيف 1940 اراد الايطاليون اثبات دعواهم في السيادة الجوية، فقاموا باختيار هدف مهم وبعيد لكسب سمعة عالية، وهكذا قامت 4 طائرات في 8/12/1940 بقطع 4000 ميل لتنقض على مصفاة البحرين وتدكها، وقد ضيعت احداها طريقها واغارت على منشآت النفط الاميركية في الظهران. وادى الحادث الى دخول الولايات المتحدة عسكريا، ولاول مرة، في السعودية (!!) وقد اعتقد البعض في حينه ان الهجوم كان المانيا. وعليه، وحسب رواية ظافر العجمي جاءت حملة التبرعات في المنطقة لمشروع الطائرة الحربية.
اما القارئ الشاب والنشط احمد عاطف السالم، فقد ارسل لنا نص كتاب «الممر الفارسي» او Persian Corridor لمؤلفه T.H.Val Motter الصادر عام 1951، والذي سرد فيه مؤلفه قصة قيام الولايات المتحدة، عن طريق بريطانيا ومستعمراتها في الخليج الفارسي، في حينه، بتقديم المساعدة لروسيا في حربها مع جيوش «هتلر» بموجب نظام «الاعارة والتأجير» الشهير، وكيف تمكن البلدان من شحن آلاف الطائرات لروسيا، والتي تم تجميع بعض منها في منطقة او مطار الشعيبة الحربي قرب البصرة. ويقول احمد السالم ان روايته اقرب للصحة من رواية الباحث العجمي. وورد في الكتاب ان من اصل 14834 طائرة خصصت للتسليم لروسيا، وبعضها سلم لطياريها عن طريق آلاسكا، والبعض الآخر منها شحن بحرا لميناءي «ارش اينجل»، والجزء الثالث تم ايصاله اليها عن طريق الممر الفارسي، لكن اميركا وبريطانيا لم تتمكنا من تسليم الا 4874 طائرة فقط، وحتى هذه لم تستطع روسيا الاستفادة منها بطريقة فعالة بسبب ما واجهته من مشاكل فنية تتعلق بتجميع قطعها وقيادتها واختبارها.
ووردت في الكتاب تفاصيل كثيرة لا مجال لسردها.. ويبقى اللغز!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

أقوال ونصائح من هنا.. وهنا!

1 – تجنب برك السباحة، فقد اثبتت الدراسات أن واحدا من كل خمسة من مستخدمي البرك العامة لا يترددون في التبول فيها!
2 – وتذكّر أن أهم قطعة غيار، او جزء في سيارتك يتعلق مباشرة بسلامتك هو الإطار، فاحرص على أن إطارات سيارتك بحالة جيدة خلال فترة الصيف بالذات، واحرص دائما على شراء الإطار الأفضل!
3 – الغفوة القصيرة، بين الوقت والآخر، تحميك من الإصابة بالخرف عند الكبر، وخاصة اذا حدثت وقت قيادتك السيارة!
4 – الزواج علاقة بين طرفين: الأول دائما على حق والثاني زوج!
5 – لا تحزن، ففاقدو الموهبة كثيرون!
6 – نصيحة للمرأة أو للرجل: لا تتزوجوا ممن ترغبون في العيش معه، بل مع من لا يمكن العيش مع أحد غيره.. ومهما كان القرار، ففي نهايته ندم!
7 – ليس بإمكان أي منا شراء الحب، ولكنه حتما سيكلفنا كثيرا!
8 – الاصدقاء الحقيقيون هم الذين يطعنونك من الأمام!
9 – المغفرة تعني التنازل عن حقوقك في ان تكره من تسبب في إيذائك!
10 – النواب السيئون يتم اختيارهم دائما من قبل افضل المواطنين.. الذين امتنعوا عن ممارسة حقهم في التصويت!
11 – الكسل ليس أكثر من استراحة قصيرة قبل الشعور بالإرهاق ثانية!
12 – زوجتي وأنا ننتهي دائما بالاتفاق والتفاهم، أنا أعترف بخطئي وهي تتفق معي على ذلك!
13 – أولئك الذين لا يستطيعون الضحك من تصرفاتهم يتركون للآخرين أمر القيام بذلك!
14 – لغة الفرد الأساسية تسمى بلغة الأم، لأن الأب نادرا ما تتاح له الفرصة في الكلام!
15 – التوفير تصرف حكيم، وخاصة إذا قام به الآباء من أجل ابنائهم!
16 – الحكماء يتكلمون لأن لديهم ما يستحق الحديث عنه، أما غيرهم فيتكلمون لأن عليهم قول شيء ما!
17 – الاصدقاء الحقيقيون هم الذين تنتقل اسماؤهم من دفتر تلفون أو ذاكرة هاتف الى نقال آخر!

***
• ملاحظة: أجرى محققو مكتب التحقيقات الفدرالي ‍‍‍‍FBI عشرين تحقيقا رسميا مع الدكتاتور العراقي السابق صدام حسين، إضافة الى خمس مقابلات غير رسمية، بعد القبض عليه في ديسمبر 2003 وتم الافراج عن نصوص هذه التحقيقات بموجب قانون «حرية المعلومات» وأدرجت على الشبكة العنكبوتية تحت العنوان التالي: www.nsarchive.org وتضمنت المقابلات معلومات غاية في الأهمية نضعها هنا بتصرف «مؤرخينا» لعل شيئا ما يخرج من بين أيديهم بخلاف تحليلات معركة الصريف وتاريخ قوارب الصيد الشراعية.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

الهند لهم والحزن لنا

من الأمور المثيرة للشفقة أن الكثيرين منا يستسهلون السخرية من شعوب العالم الأخرى، والهنود، كمثال، وكأننا شعب مثالي كامل الدسم والأوصاف. ولو تمعنا، ولو للحظات، في ما حققه الشعب الهندي في العقدين الماضيين فقط، بالرغم من تعدد أعراقه واختلاف دياناته وتنوع وتشعب لغاته، سواء على المستوى الاقتصادي، السياسي، أو حتى الأخلاقي، لأصابنا إحباط وخجل كبيران لسخف آرائنا وتواضع ما قدمناه للبشرية مقارنة بهم، بالرغم من كل ادعاءاتنا التاريخية بالسؤدد والرفعة. ولسوء الحظ فإن هذا الاحباط لن تشعر به الغالبية منا، وسنبقى على جهلنا و«عمانا» لأننا، ببساطة شديدة، لا نقرأ، وبالتالي لا نعرف حقيقة موقعنا وموضعنا بين دول العالم الأخرى، أو لا ندرك مقاييس الحكم على تقدم أو تطور شعب مقارنة بآخر!!
في الانتخابات النيابية التي جرت في الهند أخيرا شارك 62% من جملة الناخبين البالغ عددهم 720 مليون في الإدلاء بأصواتهم.
وهي نسبة تزيد على نسبة أية دولة عربية ديموقراطية.. ان وجدت!! وبالرغم من كل السلبيات التي رافقت الانتخابات فانها جرت، بشهادة جميع المراقبين الأجانب، بهدوء، وتوجه فيها الناخبون لعشرات آلاف مراكز الاقتراع وصوتوا ضد الشقاق السياسي والطائفي والطبقي، وضد ألعاب القوى المتصارعة، مع عدم تناسي خلافاتهم، والفوارق بينهم.
تمتلك الهند الكثير الذي بإمكانها الفخر به، وربما يكون احدها اصرارها المستمر على اظهار الجانب الايجابي لديموقراطيتها، التي نفتقد لأبسط مكوناتها. ففي انتخابات عام 1977 مثلا صوت الهنود بأغلبية ساحقة ضد أنديرا غاندي، ابنة الشعب المدللة والبيت السياسي العريق، وأخرجوها من السلطة. ولا تعرف الهند، منذ استقلالها في منتصف القرن الماضي، أية أحكام أو انقلابات عسكرية وبقيت ديموقراطيتها قريبة من الكمال بمعنى الكلمة.
وقد كتبت «نيويورك تايمز» في احد اعدادها الاخيرة الفقرة التالية عن الهند «… هي موطن ظهور الهندوسية والبوذية والجانية والسيخية، وفيها ثاني اكبر تجمع اسلامي في العالم، كما عاشت فيها المسيحية منذ الفي عام، وتواجد فيها اليهود منذ ان هدم الرومان «هيكلهم الثاني»، وتقع فيها اقدم معابد اليهود في العالم، كما تستضيف الهند حكومة التيبت في المنفى، وفيها يقيم «الدالاي لاما» منذ ان طردته الصين من موطنه قبل اكثر من 30 سنة. والى الهند لجأ الزرادشتيون الفرس (المجوس) قبل اكثر من الف عام، هربا من بطش المسلمين بهم، ورحل اليها واستوطنها الارمن والسوريون وغيرهم منذ قرون عديدة وجعلوها وطنهم النهائي. والهند هي التي وصفتها ارفع المؤسسات المالية العالمية بكون اقتصادها الاسرع نموا، حيث ينجح سنويا في انتشال 40 مليون معدم الى ما فوق خط الفقر بكثير، وهذا يعني ان الهند ستنجح في 2025 في جعل عدد شريحة الطبقة المتوسطة فيها يقارب كامل سكان الولايات المتحدة الاميركية!! كما يمكن ملاحظة مدى حيوية الشعب الهندي من خلال ما تنتجه الهند من افلام وفنون متعددة اخرى واقتصاد مزدهر وصناعات عالية الدقة ومنتجات تشمل كل قطاع ومجال، كما انها مكتفية ذاتيا من الغذاء والدواء، ولم يتأثر اقتصادها الا قليلا بالازمة العالمية الاخيرة، وكان من المفترض ان يشكل هذا النجاح حافزا لشعوبنا وان نتوقف عن نقد الهند والهنود، خصوصا عندما نعرف مدى الفارق العلمي والخلقي والصناعي الذي يفصلنا عنهم، ولكن، لسوء حظ الكثيرين منا، كما سبق ان ذكرنا، فان هذا لا يمكن ان يحدث، لاننا ببساطة شعوب متغطرسة على الفاضي، فما اقل حيلتنا وضآلة اهميتنا.. وطول لساننا!!
أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

أميركا عومة.. مأكولة مذمومة

يعيش غالبية رجال الدين في منطقتنا، ولأي مذهب انتموا، في حالة من التناقض عندما يتعلق الأمر بصحتهم وبقائهم على قيد الحياة، أو حتى عند تعلق الأمر برفاهيتهم. ورأينا، المرة تلو الأخرى، كيف «حسد» الإمام الخميني فرقة كاملة من جنوده لقوا حتفهم في معركة مع الجيش العراقي، لأنهم سيحظون برؤية الرسل وآل البيت قبله! ولكن ما إن أصيب بالمرض حتى أمر باحضار أفضل أطباء الغرب «الكافر» والمتآمر ليقدم العلاج له!
وقد أجرى برنامج «60 دقيقة» الأميركي الشهير قبل سنوات خمس تقريباً مقابلة مع السيد ناصر الصانع، النائب وقتها عن حزب الإخوان المسلمين الكويتي، قال فيها عن أميركا ما لم يقله مالك في الخمرة، ونعت مجتمعاتها بالاباحية والفساد وبانتشار القتل والاجرام في شوارعها. ولكن لم تمض إلا أيام معدودة حتى كان الصانع على رأس الحضور في حفل اقامته السفارة الاميركية بمناسبة وطنية. ولم أتعجب من وجوده، لكونه سياسياً في حزب ديني. ويبدو ان هؤلاء يحق لهم شتم أي جهة كانت، وبالذات دول أوروبا وأميركا، ومن ثم اللجوء اليها والارتماء في أحضان «ملذاتها»، والغرق في بحورها، وارسال ابنائهم، من بعدهم، لتلقي التعليم في جامعاتها والعلاج في مستشفياتها، والتمتع بحرياتها، مع الحرص على تحريمها على الغير!
كما نقل قبل أيام قليلة رجل الدين والداعية السلفي عبدالرحمن عبدالخالق إلى أحد مستشفيات بلاد الغرب لتلقي العلاج فيها. ومن حسن حظه انهم سيقدمون العلاج له بــ«إنسانية» مطلقة لا علم لهم بما جرته فتاواه من ويلات وكوارث على الغرب وأهله، وعدد المرات التي كفر فيها السفر الى بلدانهم، والنهي عن تلقي التعليم عندهم لما يتضمنه كل ذلك من خطورة الاختلاط بهم وبنسائهم!كما تذكرت قصة رجل الدين المصري محمد متولي الشعراوي مع غرف العناية المركزة، الغربية الصنع، والتي كان «فضيلته» يحرم الاستعانة بأجهزتها لأنها تمثل نوعاً من التدخل البشري في مشيئة الله، وأن من الأفضل ترك المرضى لمصيرهم! ولكن ما ان أصيب الشيخ الشعراوي نفسه بــ«وعكة» صحية حتى نقل الى الغرب لتلقي العلاج، وبطائرة ملكية مجهزة لتكون غرفة عناية مركزة طائرة! وهناك في بريطانيا، أم الشرور والآثام، مكث الشيخ في غرفة عناية مركزية «أرضية» شهراً كاملاً من دون تأفف. وبعد عودته معافى مشافى، لم يعلن عن إلغاء فتواه التي تحرم الاستعانة بغرف العناية المركزة.
وللشيخ عايض القرني قصة مماثلة مع مستشفيات فرنسا التي استعان بها لعلاج «ركب» فضيلته. كما كانت ليوسف القرضاوي وجهات نظر ومواقف مماثلة من الغرب من مواقف القرني وعبدالخالق والشعراوي، وما يمثله من شر وكفر ونجاسة، ولكن ما ان أصيب القرضاوي بالمرض حتى أصبح يدق أبواب سفارات أميركا وبريطانيا مستجدياً فيزا علاج، ولكن الدولتين رفضتا طلبه بسبب دوره الخطير في التشجيع على القيام بالعمليات الإرهابية!
وفي ضوء الهجوم الذي يتحفنا به أحد الكتاب بين الفترة والأخرى على أميركا، وما يبديه من كراهية معلنة لها، على الرغم من تواجده فيها لفترات طويلة، فقد كتبت قارئة تشتكي من طريقة معاملة السفارة الأميركية السيئة للطلبة الكويتيين الراغبين في الدراسة هناك، حيث تتأخر فيزهم كثيراً، وتقول الأم انها تستغرب موقف السفارة من الطلبة في الوقت الذي ترحب فيه وتمنح الفيزا لمن يشتمها علناً!

أحمد الصراف
habibi [email protected]