احمد الصراف

كوب القهوة

التقى مجموعة من خريجي كلية جامعية، من الذين أبلوا بلاء حسنا في حياتهم العملية، التقوا في حفلهم السنوي، وقرروا في نهايته زيارة استاذهم المفضل، وخلال اللقاء الحميم تطرق النقاش الى شكوى غالبيتهم من الضغوط النفسية التي يتعرضون لها في العمل والحياة، وهنا قام البروفيسور وذهب الى المطبخ وعاد بعد فترة وهو يحمل صينية عليها ابريق قهوة ومجموعة من الاكواب المتعددة الاشكال والاحجام المصنوعة من البورسلان والبلاستيك والزجاج وحتى من الكريستال، وكان بعضها ذا لون واحد واخرى عليها نقوش جميلة وثالثة بمسكات مميزة، وكان واضحا ان بعضها غالي الثمن، وبعضها الآخر غير ذلك، وطلب منهم مساعدة انفسهم في سكب القهوة، وبعدما قاموا بذلك وعاد كل منهم الى مقعده الذي كان يشغله، واكواب القهوة في أيديهم، قال لهم البروفيسور العجوز والمحنك: كما تلاحظون فقد تخاطفت ايديكم الاكواب الغالية والجميلة وتركتم الاكواب الرخيصة، ومن المعتاد ان كل واحد منكم يريد الافضل والاحسن لنفسه، وهذا بالضبط هو مصدر الضغوط النفسية التي تتعرضون لها!.. واستطرد البروفيسور قائلا: لا حاجة لان اؤكد لكم ان الكوب لا يضيف شيئا لقيمة القهوة في داخله، فهو فقط كوب غالٍ او رخيص الثمن، لا يظهر حقيقة ما في داخله، فما كان كل واحد منكم بحاجة اليه هو مجرد رشفات من القهوة الساخنة، ولكنكم، وبوعي تام، قمتم باختيار الكوب الاجمل، ولم تكتفوا بذلك بل اخذتم بامعان النظر فيما بيد الآخرين للتيقن من ان احدا لم يختر كوبا اجمل من الكوب الذي تحمله!.. ولو تصورنا ان الحياة هي القهوة، وان الوظيفة والمنصب والثراء لا تعدو ان تكون الادوات التي تحتوي الحياة، اي الكوب في هذه الحالة، فان نوعية هذا الكوب بالتالي لا تحدد ولا تغير مستوى الحياة التي نعيشها!.. واحيانا، ونحن نركز على نوعية الكوب، ننسى الاستمتاع بالقهوة التي منحتنا اياها الطبيعة.. التي اعطتنا القهوة وليس الكوب، فأسعد الناس ليس الذين يمتلكون الاحسن.. بل الذين يصنعون الاحسن من كل ما يمتلكونه.
صباح الخير جميعا.. ونهار سعيد.. ونظرة اجمل للحياة.

• ملاحظة:
المقال مترجم بتصرف كبير من رسالة انترنت.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الرسيفر الإسلامي

انتشرت في بداية الثمانينات، مع انتشار «مبادئ» ثورة الخميني، حمى موضة «الاسلامي» بحيث أصبح كل شيء اسلامي مرغوباً ومطلوبا، وهكذا أصبح لدينا حجاب اسلامي، مع تراجع مكانة «الملفع»، كما ظهر المانتو، أو المعطف الاسلامي الطويل، والرداء الاسلامي والجوارب الاسلامية، غير الشفافة، والحذاء النسائي الاسلامي، من غير كعب!! ولم يتورع أحد المتاجرين بالدين عن نشر صورة لقطعة قماش بيضاء على شكل بنطلون قصير روج له على أنه «سروال اسلامي»!! وهكذا عرفت الأمة لأول مرة، وبعد 14 قرناً، السروال الاسلامي والبنك الاسلامي!!
نكتب ذلك بمناسبة البشرى السارة التي تضمنها اعلان جديد عن وصول رسيفر، أو مستقبل قنوات فضائية، اسلامي، وأن ميزة هذا الجهاز الفريد من نوعه أن بإمكان مقتنيه من الآباء المحافظين مراقبة ما يبث على القنوات الفضائية، وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن الشطارة في الموضوع أن المعلن ذكر في اعلانه أن ثمن جهاز التدين والمحافظة على الفطرة يبلغ مع التركيب 60 دينارا، لأنه لا يقبل برمجة أي قناة غير تلك المبرمجة مسبقاً، اضافة الى القنوات الاسلامية الجديدة التي تضاف أولا بأول بصورة تلقائية. كما أن بإمكان الجهاز حذف أي قناة تخل بالضوابط الشرعية، أو تحتوي على معازف، وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم الجهاز بإعادة برمجة أي قناة في حال تغير الترددات، وأيضاً وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم فوق هذا وذلك بالتذكير بالصلوات الخمس وبكل صلاة على حدة.
ولا يقبل الجهاز ظهور العنصر النسائي: وأيضاً.. المميزات الأكثر روعة، ربما لأن منظرهن يسبب نوعاً من الهيجان النفسي لدى بعض المرضى من شديدي التعصب الديني. ومن ذلك يمكن الاستنتاج أن الجهاز سيضمن لشاريه عدم التفكير في ما تحت السرة! ويعني أيضاً، لمن لا يعرفنا، أننا أمة مشغولة بالمتاجرة بالدين وبأن تفكيرنا لا يتجاوز منطقة جغرافية محددة من الجسم البشري!!
وللعلم فقط، فإن جهاز الرسيفر هذا عادي ويمكن برمجته بأي طريقة مطلوبة وثمنه في السوق من غير صفة «اسلامي» يقل بـ33% عن ثمنه وهو اسلامي، والخيار متروك لكم!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

المسيحي الشرقي

لو نظرنا الى الدور الحضاري والتنموي للأقليات المسيحية في الدول العربية، من دون استثناء، لنالنا العجب من عظم الدور مقارنة بقلة العدد، نسبيا!!
وعلى الرغم من ذلك، أو ربما بسبب ذلك، تجري منذ سنوات، وبصورة محمومة، حركة تهجير طوعية وقسرية متعمدة لمسيحيي منطقة الشرق الوسط، وبالذات في العراق ومصر ولبنان والأراضي المحتلة والسودان وحتى في إيران. ويمكن استثناء منطقة الخليج وشمال أفريقيا من حركة التهجير هذه لقلة عدد المسيحيين بين أبناء الأولى، وتسامح شعوب الثانية التاريخي مع الأقليات غير المسلمة.. حتى اليوم. ويمكن، وبكل سهولة، إقحام سوريا ضمن الدول المتسامحة تاريخيا مع غير المسلمين من شعبها.
تتضمن حركات التهجير هذه عمليات قتل متعمدة لزعماء الطوائف، وحرق دور عبادتهم وسلب محلاتهم، ودفعهم الى أضيق الطرق وتعكير صفو حياتهم، إضافة الى عشرات المضايقات الأخرى التي لا يمكن تعدادها والتي أصبحت روتينا يوميا في الكثير من المناطق، الأمر الذي دفع الكثيرين الى الهرب من أوطانهم، إن بصورة مؤقتة، أو دائمة غالبا، مولين وجوههم شطر الغرب ورحابة صدره وكبر قلوب أبنائه، وهذا بالضبط ما سعى المعتدون اليه وابتغوا تحقيقه، غير مدركين أن هذا «التطهير العرقي» لن يقف عند حد التخلص من أتباع ديانة محددة أو جماعة أو طائفة معينة، بل سيأتي الدور على أتباع الطوائف والأقليات الأخرى تباعا، ومن ثم محاولة احد الفريقين الكبيرين القضاء على الفريق الكبير الآخر. ولو تركنا العراق جانبا يلعق جروحه بألم لوجدنا أن أوضاع المسيحيين في أجزاء من لبنان وغزة ومصر ليست بأحسن، فأعدادهم في تناقص مستمر، وعلى الرغم من ذلك يدعي أحد التافهين في مقال حاقد أن المسيحية بصدد غزو الشرق واحتلاله وأن حركة التنصير تسير على قدم وساق، ولا أدري عن أي قدم أو ساق يتكلم.
إن تناقص أعداد المسيحيين في الدول العربية والإسلامية، بعد أن هجرها غالبية يهودها في أواخر أربعينات وخمسينات القرن الماضي، أمر يستحق الوقوف عنده ومحاولة منعه، فكلما قل عددهم بيننا زاد تعصبنا وقل قبولنا وفهمنا للآخر وتقديرنا لظروفه. وكل ما يقال عن مخاطر وجودهم بيننا لا يزيد على كونه تعصبا مقيتا لا يستند الى أي منطق، فوجودهم بيننا لمئات السنين لم يجعلنا أقل تعلقا بالعادات والتقاليد، أقول ذلك على الرغم من مقتي للكلمتين!! كما أن تسامحنا النسبي وتديننا في مرحلة ما لم يمنعا المد الأصولي الجاهل من النمو والانطلاق من منطقتنا.
ولا أدري متى نعي بأننا جزء من هذا العالم، ومثلما نطالب دول العالم الأخرى، والغربية بالذات، بضرورة احترام عقائد مواطنيهم المسلمين وتسهيل أدائهم شعائرهم الدينية وضمان سلامتهم، فإن علينا توفير الأمور ذاتها لغير المسلمين بيننا!! أقول ذلك وأنا على ثقة بأن الكثير من متخلفي ومتعصبي هذه الأمة المنكوبة يعتقدون بكل صدق بعكس ذلك، وأن من واجب العالم، ومن حقنا عليه، احترام أتباع ديانتنا، وأن الأمر ذاته لا ينطبق علينا، فنحن، قبل كل شيء، أصحاب الرسالة الصحيحة ونحن الذين على حق وهم، جميعا، على ضلال.

أحمد الصراف

احمد الصراف

منظمة كاش التبشيرية

قام سمو امير البلاد قبل ايام بافتتاح مركز ثقافي اسلامي في مدينة نيويورك. وستكون الانشطة الدينية وممارسة العبادة من صلب اعمال هذا المركز، والامر ذاته ينطبق على عشرات المراكز الاسلامية الاخرى المنتشرة في كبريات العواصم الاوروبية والاميركية. وجدير بالملاحظة ان سمو الامير قام بافتتاح المركز قبل بدء زيارته الرسمية للولايات المتحدة ومقابلة الرئيس اوباما، مما اعطى دلالة على عمق العلاقات بين البلدين، ومدى تسامح المجتمعات الغربية مع مثل هذه الانشطة. فهذه الدول واثقة من نفسها ومن عقائدها ولا تمانع من اقامة مثل هذه المراكز التي قد تستغل في التبشير بمعتقدات قد لا تتفق والسائد لديها. كما انها لا تتردد في توفير فرص العمل، حتى في اكبر مراكز القرار كالبيت الابيض والبنتاغون، للمهاجر المسلم، ولو كانت سيدة محجبة حديثة التجنيس. ولو نظر اي طرف محايد الى هذه المواقف «الغربية» الرائعة في مضامينها وقام بمقارنتها بما كتبه ويكتبه البعض من «مهووسينا الدينيين» في حق الدول الغربية والتخويف «كذبا» من انها تقوم بتنصير ابنائنا الدارسين في جامعاتها، لشعر بالخجل من وقاحة هؤلاء، وربما اصيب بالغثيان من سوء نوايانا تجاه الآخر.
وفي محاولة بعض النواب التكسب بدغدغة الهابط من مشاعر البعض، قام النائب مبارك الوعلان بتوجيه بضعة اسئلة لوزير الصحة عن انشطة جمعية رعاية الطفل في المستشفى «كاش»، والتي اطلق عليها صفة «منظمة»، ووصف اعمالها بالتبشيرية. وقال ان التقارير اظهرت ذلك، وانه لن يسكت عن هذه الاعمال «المخالفة والخطيرة»!!
لا شك ان النائب الوعلان واع تماما لحقيقة عمل هذه الجمعية غير الربحية، التي نجحت خلال عمرها القصير في العناية، ماديا ومعنويا، بآلاف الاطفال في مختلف مستشفيات الدولة، ومد يد الرحمة والحنان اليهم، وهي اليد التي يحاول النائب الوعلان الآن، باسئلته الاستفزازية والسيئة الغاية والمقصد، قطعها، لا لشيء الا لان سيدة كويتية من اصل اوروبي هي التي تقوم بالاشراف عليها من منطلق محبتها لفعل الخير لابناء وطنها، وهذا هو عمل الخير الحقيقي، وليس ذلك الخير الذي يعرفه الوعلان وجماعته. ولو افترضنا ان هذه الجمعية، التي مر عليها اكثر من 15 عاما وهي تبدع، تقوم بتبشير اطفال السنوات الخمس، بالدين المسيحي، حسب ادعاء النائب، فان البينة على من ادعى وعلى النائب بالتالي تقديم دليل مادي واحد على ان الجمعية، او المنظمة، كما يسميها، نجحت في اقناع طفل واحد، لا يتجاوز عمره خمس سنوات بتغيير دينه، او ان هناك شابا في العشرين من العمر مثلا سبق ان تلقى شحنة تبشيرية على يد هذه الجمعية، واصبح الآن مسيحيا خالصا، وان هذا ادى لان يصبح عدد مسلمي العالم مليارا و299 الفا و119 مسلما بعد ان كان مليارا و299 الفا و120 مسلما، ساعة كتابة هذا المقال!!
مؤسف ان البعض منا لا يكتفي بالتقاعس عن عمل اي خير، بل يسعى جاهدا لتخريب كل جميل في هذا الوطن ان لم يكن هذا الشيء خاضعا لفكره او غير منسجم مع نظرته الدينية الضيقة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الغزو والسائل والمجيب

بعد مرور شهر تقريبا على الغزو والاحتلال الصدامي الحقير، قام طاقم تلفزيون الكويت في الرياض، الذي كانت تخصص له ساعتا بث تقريبا من وقت القنوات الخليجية الرسمية الأخرى، وكوني مصرفيا سابقا، طُلب إجراء مقابلة معي تتعلق بوضع عملة الكويت الوطنية، وآثار الغزو والاحتلال عليها، وعن الطريقة المثلى التي يجب أن يتصرف إزاءها المواطن داخل الكويت وخارجها بالنسبة الى الدينار، سواء من ناحية الاحتفاظ به، أو استبداله بعملة أخرى. هذا ما فهمت أنه مطلوب مني التصريح أو التحدث به مع المخرج أو المنسق الذي اتصل بي لترتيب اللقاء.
وفي يوم الموعد حضر طاقم التصوير ومقدم البرنامج الى حرم السفارة الكويتية في منطقة السفارات التي كانت لجنة إعاشة المواطنين لاتزال تلتقي فيه أحيانا، قبل انتقالها الى ملعب «الملز» الشهير، وكان موعد المقابلة الرابعة بعد الظهر، وهو وقت مناسب، أو هكذا اعتقدنا في حينه، حيث تخلو السفارة من المراجعين والموظفين كافة، وتغلق المكاتب ويسود الهدوء المكان.
بعد نصف ساعة من القيام بإجراءات التصوير الفنية، وقبل المباشرة بإجراء اللقاء، اقترب مني مقدم البرامج، وكان وجها معروفا في حينه، وأسرّ لي ببضع كلمات كانت كافية لوضع ابتسامة «آسرة» على وجهي، وطمأنته، بهزات متتالية من رأسي، بأن الوضع «تحت السيطرة»، وما قاله كان غير متوقع، حيث اعترف بأنه لا يفقه شيئا في أمور المال والاقتصاد، وأن عليَّ مساعدته في ورطته، عن طريق صياغة الأسئلة المناسبة له ليسألني بها!
تركت موقع التصوير وأخذت أتجول في ردهات وممرات السفارة بحثا عن أوراق بيضاء لكي أدون عليها الأسئلة وأقدمها للمقدم الهمام، لكن أبواب المكاتب كانت جميعها مغلقة بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت سائدة حينها. كما لم يكن لدى الأمن أي أوراق أو حتى قصاصات بيضاء صغيرة، وهنا شعرت بأن هزات رأسي ومحاولتي طمأنة المقدم لم تكن صائبة. وفجأة تذكرت دفتر التلفونات الذي أحمله، حيث إن بعضا من أوراقه كانت تخلو من أي أسماء، وهكذا قمت بإزالة بضع وريقات منه التي تحمل الحروف Q و L و U ودونت عليها بضعة أسئلة وأعطيتها للمذيع إياه ليقوم بإجراء واحدة من أكثر المقابلات غرابة في حياتي، حيث كنت فيها السائل والمجيب في الوقت نفسه.

أحمد الصراف

احمد الصراف

لا لتعديل مناهج التعليم العام

«.. إن الذعر من فكرة تغيير ومراجعة المناهج هو انعكاس لعقلية لا علاقة لها بالعلم، ولا تفقه أساسيات العملية التعليمية، إلا إذا كانت «الاستراتيجية» هي المحافظة على الأمية والتخلف الثقافي والاجتماعي، الذي هو نتاج واضح للمناهج القائمة، خصوصاً في التعليم العام..»!
(إيمان البداح ـ جريدة الجريدة 26/7)
منذ ما بعد التحرير، ونحن نحذر، بمختلف الوسائل، من خطورة سيطرة القوى الدينية، بتواطؤ حكومي صامت، على المناهج الدراسية. ولو استعرضنا انتماءات غالبية الذين جثموا على صدر إدارة المناهج في وزارة التربية في العقود الثلاثة الماضية، لأصبنا بصدمة كبيرة بسبب سكوت مجالس الوزارة المتعاقبة ووزراء التربية وأعضاء مجالس الأمة عن «الجرائم» التي اقترفت بحق عقول شبابنا! وبسبب هذا السكوت «المريب» تمكنت أكثر قوى المجتمع تخلفا وترديا من إحداث انقلاب نوعي وكمي في مناهج التعليم، بحيث أصبحت المدارس مصنعا لإنتاج أو خلق الإرهابي أو المتعلم السطحي والخريج الساذج، إلا من تلاحق نفسه بطريقة أو بأخرى!!
وكمثال على الهدم والتخريب الهائل الخطورة الذي أصاب مناهج التعليم، دعونا نستعرض الأمثلة الواضحة التالية التي وردت في كتاب «التربية الإسلامية»، ولمن هم في السن والسنة السابقة لدخول الجامعة، حيث نجد السؤال التالي: ما هو العقل؟ العقل نعمة، وهو الفارق بين الإنسان والحيوان!! هكذا ورد الجواب في كتاب ديني لمن هم في سن الثامنة عشرة. فلا شيء عن مكونات العقل! ول.مَ سمي بالعقل؟ والفرق بينه وبين المخ مثلا! أما أنه الفارق الوحيد بين الإنسان والحيوان، فهذا أيضا مضحك، فكل الحيوانات تملك عقلا، ولكن عقول غالبيتها قاصرة عن التفكير والتحليل والنقد. كما أن النطق والضحك وغير ذلك الكثير، يفرق الإنسان عن الحيوان وليس العقل فقط، وهناك أمور لا مجال لذكرها.
وفي سؤال عن وظائف العقل، نجد أن وظيفته تعريف الإنسان بخالقه، إدراك صدق الأنبياء، وليوقن أنه راجع لربه(!!)، وليفهم عن طريقه التكاليف الشرعية(!!) وليكتشف النواميس(!!) وبه تمكن الأنبياء والمرسلون من محاججة المعاندين.
هكذا؟! هل هذه هي حقا وظائف العقل؟ وهل حقا يريد مَنْ وضع هذا الكتاب الخير لعقول أبنائنا؟ وإذا كانت هذه وظائف العقل في الإسلام، فما هي وظيفته لدى أتباع الديانات الأخرى؟ أهي في اكتشاف غير المكتشف واختراع غير المخترع من أجل رفاهيتنا؟!
وتبلغ تراجيديا التعليم الديني ذروتها عند الحديث عن الهواء والجلد، حيث يصفهما بأنهما شاهدين على وجود الله، (ولن نعلق هنا!!). أما تعريف الهواء في الإسلام (هكذا) فهو «جسم رقيق لا يرى!». ولا أدري أين ذهب التعريف العلمي الدقيق للهواء، الذي من المفترض أن ابن الثامنة عشرة يعرفه؟ ولماذا سمح لمجموعة من أنصاف المتعلمين بدمج المواد الدينية بالمواد العلمية بهذه الطريقة الساذجة الخالية من أي فائدة أو ذوق؟!
ولم يتردد مؤلفو المنهج من دس السم فيه بالهجوم على أرسطو وأفلاطون وسقراط وغيرهم من الفلاسفة، الذين أثروا الفكر العالمي بآرائهم ومؤلفاتهم ومواقفهم، ووصفوهم بالمنحرفين الذين يجب ألا نسمع لهم ولا نتبعهم، ومَنْ يقرأ لهم فقد ضل ضلالاً مبيناً، لأنهم منحرفون في السلوك والعقيدة!!
وهنا لا يسعنا إلا رفض إجراء أي تعديل على المناهج الدراسية، والاكتفاء بنسفها كليا، إن لم يكن إلغاؤها، فما أحوجنا للعلم، وما أقل حاجتنا للدروس الدينية التي تملأ علينا حياتنا في البيت والشارع والمسجد، ولكن مع من نتكلم هنا؟!
لذا، فمناهج التربية الإسلامية البالية يجب استبدالها بمناهج بناء الشخصية التي هي مناهج عالمية ومعتمدة حتى من الأمم المتحدة، ومنهج للتاريخ الاسلامي الايجابي، ونترك للأسرة حقها ودورها في تعليم ابنائها كيف يصلون.
ملاحظة: تجاوبا مع مقال الامس عن الاسانسير، او المصعد، فقد ارسل المهندس عبدالرحمن الشمري العنوانين التاليين لكل من يود معرفة المزيد عن شروط البناء ومواصفات المصاعد وطريقة تجنب مخاطر استخدامها.
الموقع الشخصي
http://www.kw-eng.net/
منتدى المهندس للبناء والديكور
http://www.kw-eng.net./vb/
كما لفت احد القراء انتباهي الى حقيقة ان اسانسور واليفيتور ولفت تعطي نفس معنى المصعد.

أحمد الصراف

احمد الصراف

أنا والمصاعد والمنازل

لا أدري من اختار ترجمة كلمة أسنسور الفرنسية، أو اليفيتور أو لفت الانكليزيتين الى «مصعد»، بالرغم من أن دوره لا يقتصر على الصعود فقط بل والنزول بالبشر والمواد. ولكنها لغتنا العربية التي نصر على وصفها بالجميلة، وكأن لغات العالم الأخرى «كخة»، أو «وع»!!
***
مع اشتداد الأزمة المالية، عالميا، واتجاه الكثيرين لتقليص المصروفات، ومنها ما يصرف على الصيانة، فان الواحد منا أصبح لا يضمن متى سيتعطل به، أو بمن يحب، مصعد عمارة خربة أو بيت عتيق، داخل أو خارج الكويت.
المعلومات التالية قد تفيد البعض الذين قد تشاء حظوظهم السيئة، وأنا أحدهم ولأكثر من مرة، التواجد داخل مصعد معطل، أو في سبيله للسقوط من عل!! وقتها، يجب تذكر التالي:
أولا: ما أن تشعر بأن المصعد يهبط بسرعة غير عادية قم بالضغط على جميع أزرار لوحة المفاتيح، فهذا يساعد غالبا في توقف المصعد عند طابق ما ويمنع سقوطه بك وبمن معك!!
ثانيا: تمسك بقوة بأي مسكات أو عوارض جانبية فهذا سيخفف من قوة الصدمة ويحفظ توازنك.
ثالثا: أسند رأسك وظهرك لأحد جوانب الأسانسير في خط مستقيم، وهذا سيساعد في حماية العمود الفقري.
رابعا: خفف من الضغط على الركبتين بطيهما قليلا.
خامسا: لا ترتبك سريعا ولا تقلق وتبدأ بالصراخ والضرب على جوانب وباب المصعد، فهذا سيربك ويفزع من معك، ولن يفيد عادة في الثواني الأولى، وغالبا ما يتم فتح باب الأسانسير المعطل في نهاية الأمر، فكثير من الأسانسيرات الحديثة مزودة بأنظمة أمان جيدة.
سادسا: من الأفضل تجنب استخدام الأسانسير، وخاصة اذا كان منظره لا يدعو للاطمئنان، واستخدام الدرج في الصعود، ولا ينصح به في النزول لتأثيره السلبي على صابونة الركبة.
وأخيرا نتمنى ألا يحتاج أي منكم لتذكر أي من هذه التعليمات، ولكن معرفتها على أي حال لن يضر ويفضل أن نخبر بها من نحب ونعرف.

أحمد الصراف

احمد الصراف

صالح النصر الله والكويتي الحقيقي

في جلسة أكثر من جميلة في منزل «ص.ر.»، عاشق الطرب الشرقي والغربي الكلاسيكي، صدح سالم العماري، صاحب الصوت النادر، بقصيدة للشاعر المرحوم صالح النصر الله التي يقول فيها:
يا كويت بالمرة علي لا تعتبين
لاني بمنك ولا نتي يا كويت مني
ماني ولدك اللي بالأول تخبرين
لانتي بأمي اللي عليه تحني
من يوم فضلت علينا البعيدين
صرتي عذاري بان منك التجني
عيالك طردتينا وحنا المودين
وخذتي عيال غيرنا بالتبني
ناس ارغدوا وأثروا وهم مستريحين ولي اشتقوا ما حصلوا إلا الهبني
يوم السفر والغوص وبيوتك الطين روحي اسألي الهيرات يا كويت عني
تعطيك عنا العلم وتخبرك زين
وتذكر لك أيام لنا قد مضني
بين السفر والغوص راحت لنا سنين
يشتان منها القلب ويهبلني
تقطع غبيب تدهر كالبراكين
عقل الذليل يكون فيها يجني
ونصارع أمواج البحر مستميتين
أبدا فلا نرتاح أو نرجهني
كله لعينك بس أبغيك ترضين
ندعي العمار الغالية يرخصني
يوم صفا جنبك وزرعك غدا زين والخضر هلا والعجاف ادبرني
حنا غدينا من جباك محرومين
واللاش بارضك دالهن ومتهمني
ما ينفعك يا كويت بالعسر واللين
إلا عيالك وخذي العلم مني
هم عزوتك وهما غناتك عن الدين وهما الذرى لين الليالي اظلمني
وللا الغريب لو جاد وياك الحين
عليه ما يبرح يدور التجني
يبدي البشاشة ويظهر العطف واللين ومن تحت ثوبه خنجر لك يسني
بس ينطرك تبغين تطيحين
حتى يغرسه وخذي العلم مني
****
وأثناء إلقاء الفنان العماري للقصيدة، التي سبق أن استمعت لها، أخذت أجول بنظري في وجوه الحضور، فوجدتهم من خلفيات ومشارب وأصول وثقافات ومذاهب وانتماءات عائلية وقبلية متباينة، ومع هذا كان الجميع تقريبا يهز رأسه موافقا أو معاتبا أو تبدو عليه علامات الحسرة والألم، ربما لشعور البعض أنه المعني بالأمر أكثر من غيره، والطرف الذي يتكلم الشاعر بلسانه، وأنه يمثل الأصل، والآخرون فروع، وأنه المغبون وغيره الرابح، وأن أهله هم الأولون، وغيرهم طارئون، من الذين نهبوا وأثروا من غير جهد ولا تعب! ولكن قلة ربما كانت تعرف أن هذه هي طبيعة الأمور، والكويت لا تختلف عن غيرها. فعندما يجف الضرع سيترك الجميع الأرض، وما عليها ولن يبقى إلا من لا حيلة له! فمن سبق وهجر مسقط رأسه ووطنه قبل خمسين أو مائة سنة، وأتى الى الكويت لم يفعل ذلك من منطلق الحب لها ولترابها، ولا هياما بما تخبئه هيراتها من دانات ثمينة، بل قدم إليها لسوء أحوال وطنه الأصلي وبحثا عن معيشة أفضل، وأحفاد أحفاد هؤلاء سيفعلون الشيء ذاته، طال الزمن أم قصر، إن تغيرت ظروف الحياة هنا! فالكويت ليست استثناء، ويكفي النظر إلى أصول شعوب استراليا والأميركتين ونيوزيلندا وعشرات المدن والمناطق الأخرى، لنعرف ما يعنيه ذلك، وأن الكويت للجميع ولا فضل لطرف على آخر، ولا لمن جاء قبل غيره، حتى ولو كان بقرن، فهكذا تبنى الأوطان ويتكون الولاء لها!
***
ملاحظة: يمكن عن طريق الرابط التالي الاستماع للقصيدة بصوت الشاعر
http://www.youtube.com/watch?v=5bu4RRHkqME 

أحمد الصراف

احمد الصراف

جمعياتنا وتمويل الإرهاب 2/2

ورد في نبأ لـ«رويترز» قبل أسابيع أن منظمة القاعدة الارهابية بدأت تشكو من قلة مواردها المالية، اما بسبب الركود الاقتصادي العالمي الذي أصاب دولا وشركات وأفرادا كثيرين كانوا من ممولي المنظمة، أو بسبب اشتداد الرقابة الدولية، والمحلية، على الأموال الداعمة للارهاب، والتي لا يمكن السيطرة عليها بشكل كامل. وقد قامت وزارة الشؤون في الكويت باتباع مجموعة من السياسات التي لو طبقت بشكل دقيق لسدت الكثير من الثقوب في نظام مراقبة الجمعيات المسماة بالخيرية، ومنها القرار الذي صدر اخيرا والمتعلق بتحديد المساجد التي يسمح فيها بجمع التبرعات خلال الفترة المقبلة. كما طلبت الوزارة من الجمعيات الخيرية الامتناع عن الجمع النقدي والتركيز على الاستقطاع المصرفي، وهذا سيمكن مراقبيها مستقبلا من معرفة ما يدخل في حسابات هذه الجمعيات وما يخرج منها، ولو أن الوزارة عاجزة حاليا عن القيام بهذا الدور الذي يتطلب نجاحه توفر خبرات محاسبية معينة، وقبل ذلك قرار سياسي!
كما وضعت «الشؤون» خطة عمل جمع التبرعات في رمضان المقبل، وسيتم التشديد أثناءها على ضرورة استخدام الرولات والايصالات التي تحمل أختام الوزارة (القبس 11/6) ونحن سنستبق الأحداث لنؤكد أن مخالفات عدة ستتركب، وستعجز الوزارة عن فعل شيء ازائها، وسيتكرر الأمر ذاته في أكثر من دولة خليجية!! والسبب كما ذكرنا في أول المقال يتعلق بجفاف مصادر تمويل الارهاب، الأمر الذي سيدفع خلاياها في الداخل لاتباع كل وسيلة ممكنة، اضافة الى صعوبة مقاومة المغريات والفوائد المؤكدة من التبرعات النقدية التي تشكل مصدرا عظيما لثراء القائمين عليها!!
وفي السياق نفسه، صرحت «الشؤون» (القبس 24/6) بأنها بدأت بتطبيق أولى مراحل مشروع توطين العمل الخيري في البلاد، وذلك بانشاء مركز لتأهيل المدمنين، أو «التائبين» (وهي تسمية غير مناسبة أبدا)، وذلك بتمويل من الأموال المكدسة لدى الجمعيات الخيرية!! ومجرد التفكير في انشاء مثل هذا المركز المهم، يعني أن البلاد كانت بأمس الحاجة لمثله منذ سنوات طويلة، ومع هذا كانت أموال الجمعيات تذهب للخارج لتصب في جيب فلان وعلتان أو لدعم أنشطة مشبوهة من دون حسيب او رقيب. هذا، اذا لم يسرقها محاسب حاذق أو يستولي عليها مجلس ادارة أكثر حذاقة!! وهنا نتمنى، ونحن على ثقة بأن هذا لن يتحقق، ابعاد الجمعيات المسماة بالخيرية عن مهمة ادارة هذه المراكز العلاجية المتخصصة، فكونها الممولة لها لا يعني أنها تمتلك الخبرة الطبية والفنية لادارتها!!
ومن المتوقع كذلك خلال الأيام القليلة المقبلة صدور قرار آخر بانشاء «صندوق توطين العمل الخيري». ومن قراءة مسودة المشروع (القبس 12/7) نرى أن أهم بنوده تكمن في الادارة، حيث ستقتصر على كبار موظفي وزارة الشؤون، ومناصب هؤلاء لا يمكن ضمان عدم سيطرة الاحزاب الدينية والجمعيات الخيرية عليها من خلال تعيين المنتمين لها فيها، ويحتاج الأمر بالتالي لمشاركة أطراف من المجتمع المدني، هذا اذا رأى المشروع النور أصلا!!.
ان جميع هذه القرارات والاجراءات فعالة وجيدة، متى ما توفرت النية الصادقة، وهذه بحد ذاتها لا تكفي ان لم تكن مدعومة بحزمة من العقوبات المشددة في حال التلاعب بأموال مثل هذه المؤسسات أو الأنشطة غير المحددة الهدف بشكل كامل، فما هو عمل خيري بالنسبة لي قد لا يكون كذلك مع الآخرين.

أحمد الصراف

احمد الصراف

جمعياتنا وتمويل الإرهاب (1 – 2)

بين كل فترة وأخرى تطالعنا الأخبار بتورط مواطن كويتي أو أكثر في عملية إرهابية ما! وكان آخرها خبر إلقاء السلطات اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي، القبض على شبكة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة مكونة من عشرة اشخاص ينتمون للسعودية وفلسطين واليمن وسوريا والكويت!!
وكان دور الكويتي تمويل عمليات الشبكة الإرهابية التي كانت تهدف لتهريب مطلوبين من مخيم عين الحلوة، وإيواء عناصر تابعة لتنظيم فتح الإسلام الأصولي، وإنشاء خلايا إرهابية لرصد قوات اليونيفيل والجيش اللبناني تمهيدا للقيام بعمليات عسكرية ضدها، ورصد مراكز صيرفة ومجوهرات بهدف السطو عليها!! ولو بررنا، على مضض شديد، دوافع جميع المشاركين في تلك الخلية لما وجدنا عذرا مبررا للكويتي، المنتمي لشعب صغير ومرفه الى حد كبير ولا يشكو من أي ضغوط سياسية أو حرمان، للمشاركة في تنظيم دموي شديد التطرف، لا يهدف الا لنشر القتل والفتنة والدمار وحرق ممتلكات الغير والعبث بالبيئة والتسبب في نشر الموت في كل مكان من دون سبب منطقي؟
نعود لموضوع المقال، ونتساءل عن الجهات الحقيقية التي مولت، ولاتزال تمول، عشرات العمليات الارهابية التي جرت طوال سنوات في عشرات الدول الغربية والعربية والإسلامية الأخرى؟ لا بد انها جهات لا تمتلك فقط الأموال الطائلة، بل ولا تخضع أعمالها وأموالها لأي رقابة فعالة، خاصة في الدول الخليجية. ولو أخذنا الكويت مثالا، فإننا نجد أن أيا من جمعياتها ومبراتها، التي لا نشك في سلامة أعمال قلة منها، لم تخضع قط لأي نوع من العقوبة والشطب والمحاسبة، على الرغم من تكرار مخالفاتها المرة تلو الأخرى. وقد ورد في صحيفة أوان 22/7 ان وزير الشؤون «ينظر» في مذكرة تقترح وقفا مؤقتا لثلاثة أشهر لرخص 4 مبرات «خيرية»، لقيامها بجمع تبرعات نقدية وعينية عبر احدى القنوات الفضائية من دون اذن مسبق، وتوجيه التبرعات ل‍‍ «جهات خارجية»، فضلا عن تنفيذ مشروعات متنوعة من دون موافقة الجهة الحكومية المعنية(!!). وهكذا نرى ان مخالفات بهذه الجسامة، وتتكرر في كل موسم ومناسبة، والوزير لايزال «ينظر» في وقف تصاريح هذه الجهات لثلاثة أشهر، يعني لا محاكمة ولا مساءلة ولا أين ذهبت تلك الأم‍وال ولا مَنْ جمعها أو أنفقها بالطريقة التي رآها مناسبة بعد ان «لهف» منها الخُمس، او 20 في المائة بصفته من القائمين عليها!!
ان سجلات ادارة مراقبة الجمعيات في وزارة الشؤون متخمة بمئات المخالفات، خاصة من الجمعيات التابعة للسلف والاخوان، وسكوت الوزارة ناجم عن عجزها عن القيام بأي عمل غير الشجب والتحذير والتهديد بالخطير. ومسؤولو هذه الجمعيات على ثقة بأن كل ذلك جعجعة فارغة من غير معنى، ولا تهدف الا لبث الاطمئنان الخادع في النفوس القلقة والشاكة في سلامة وصحة مواقف الوزير والحكومة من الجمعيات الخيرية!!

أحمد الصراف