كتبت مرات عدة، منتقدا قرار وزير النفط السابق، السيد محمد البصيري، ممثل الإخوان المسلمين في الحكومة حينها، الذي تبين لاحقا أن معرفته بالنفط، وبإدارة المال العام، لا تزيد على معرفتي بالماليزية، في ما يتعلق بزيادة رواتب ومزايا موظفي وعمال النفط لمستويات خيالية، دون تفرقة بين الوظائف الإدارية وبين الفنية، المتعبة، بحيث أصبح متوسط راتب خريج الجامعة لا يقل عن 12 ألف دولار! ولكن تبين لي مؤخرا أن قراره المؤذي والخطير برفع الرواتب لتلك المستويات الفلكية، وحذو جهات حكومية عدة حذوه، وما ذكره من تبرير «مضحك» من أن تلك الزيادات الهائلة لن تكلف خزانة الدولة العامة فلسا واحدا، كان قرارا ممهورا برضا رئيس الوزراء، وموافقة مجلسه الموقر، وبالتالي لا يلام الوزير بقدر ما تلام الحكومة التي تسببت ليس فقط في خسارة الدولة لمئات ملايين الدولارات، في صورة زيادات غير مبررة لجهات عدة، و«حرمان» بقية الموظفين منها، بل وأيضا ما نتج عن ذلك من تضخم هائل في الأسعار، ودخول الدولة برمتها في مرحلة تالية في صراع رواتب لن ينتهي على خير.
كان من الممكن أن تطال تلك الزيادات بقية موظفي الدولة، لتصبح حكومة الكويت الأكثر مبالغة في كرمها مع العاملين معها، لولا ذلك الانخفاض الكبير في دخل الدولة بعد انهيار اسعار النفط، لتكتشف الحكومة، او رئيسها ومستشاروه، مع استمرار انخفاض العائدات حجم الضرر الذي تسببوا به في حق الوطن والمواطنين.
للخروج من الورطة، اقترحت الحكومة فكرة «البديل الاستراتيجي» وهي نكتة اكثر سخافة من الخطأ نفسه، ولا أعرف ما علاقة الأمر بالاستراتيجية، التي ظلمت هنا، كما سبق أن ظلمت من قبل بخطط الحكومة التنموية الأخرى.
لقد كشفت مشكلة رواتب موظفي وعمال النفط، مدى ضعف الحكومة ككل، وأنها حقا عاجزة عن التصدي لمشاكل بمثل هذا الحجم والتعقيد، خصوصاً أن أخطاءها هي التي تتسبب بها أصلا! ولا ننسى في هذه العجالة أن القطاع النفطي، على الرغم من اهميته، كان شبه لعبة بيد الحكومة، فتارة تعين له وزيرا سلفيا ليقوم بما يفترض أن يقوم به من ينتمي إلى السلف من تعيينات، وتارة تعين وزيرا محسوبا على الإخوان ليقوم هذا بإقالة من قام سلفه بتعيينهم، وإحلال إخوان محلهم، وهكذا، لتستمر فوضى التعيين والإقالة والانتقام حتى اليوم، والأمثلة أمامنا كثيرة، وبالتالي لم تسع الحكومة، في السنوات العشرين الأخيرة على الأقل، في جعل هذا القطاع الحيوي، حيويا بحق، وخاليا من السرقات التي وردت في تقارير ديوان المحاسبة.
إن الطلب من الحكومة اليوم التحرك وعلاج مشكلة رواتب ومزايا عمال النفط، ورواتب القطاعات المماثلة أمر لا جدوى منه، فهذا أكبر من قدراتها، وبالتالي المطلوب حكومة جديدة بفكر جديد للتصدي لحل المشكلة.
التصنيف: احمد الصراف - كلام الناس
إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]
الطراقات المتتالية
الطراق أو الكف باللهجة المحلية يعني الصفعة من يد مفتوحة على الوجه.
***
من طبائع الأمور في عصرنا الحاضر اتجاه المجتمعات والشعوب نحو آفاق حرية وتآخ جديدة، شاءت قيادات تلك المجتمعات، الدينية أو السياسية، أم أبت! فالعالم في تقارب مستمر وعلى اتصال دائم، ولا يمكن وقف هذا التقدم ورفض قبول التعايش مع الآخر، وحتى الانصهار به، والانعزال عن العالم بأية حجج عقائدية أو سياسية، سواء تعلق الأمر بالخصوصية أو بغيرها. وبالتالي فإن كل محاولات قوى التخلف، الدينية بالذات، جر المجتمعات نحو تصوراتها الرجعية سوف تفشل، وقد رأينا كيف تتالت الكفوف، أو الطراقات مؤخرا على وجوه الكثير من تلك القيادات، من جنود وجنرالات! فالإنسان اليوم، وإنسان منطقتنا بالذات، يعيش في حالة شديدة من التخلف، ولديه كم هائل من المشاكل، وهو شبه عاجز تماما عن إيجاد اي حلول لها، وتصبح مشاكله أكثر قسوة في ظل حالة الحداثة التي يعيشها العالم، والاتساع المستمر في الهوة التي تفصلنا عن العالم الحديث. وكان لوسائل التواصل الدور الأكبر في اظهار تلك الهوة والفروق الهائلة بيننا وبين بقية دول العالم. وبالتالي لم يكن غريبا ابدا، أو مفاجئا، قيام السلطات السعودية مؤخرا بسحب كامل صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الصلاحيات نفسها التي سعت قوى السلف والإخوان المتخلفة، قبل سنوات قليلة، لمحاولة فرضها علينا في الكويت. متابعة قراءة الطراقات المتتالية
خالد حسيني (2 ــ 2)
عاش الخليجي ـــ ولا يزال ـــ في بحبوحة عيش لا يحلم بها %80 من البشر، هذه حقيقة واضحة؛ ومع هذا يسعى الكثيرون، أو يحلمون بتغيير هذا الواقع الى واقع يعتقدون أنه أفضل، من خلال تأسيس دولة الخلافة، أو الدولة الدينية!
في كتاب «ألف شمس ساطعة»، لخالد حسيني، يورد الفقرات التالية:
«في اليوم التالي اجتاحت الشاحنات كابول، حاملة رجالاً ملتحين مسلحين يعتمرون عمامات سوداء، ومن كل شاحنة ينطلق بيان من مكبرات الصوت، والرسالة نفسها تُتلى مرة بعد مرة من مآذن المساجد وفي الإذاعة، وفي المطبوعات التي أصبح المسلحون يرمونها في الشارع، مرددين أن الاسم الجديد للدولة هو إمارة أفغانستان الإسلامية، ويجب بالتالي على جميع المواطنين أداء الصلوات الخمس، ومن يُقبض عليه لا يصلي فسوف يضرب. ويجب على الرجال إطلاق لحاهم بطول قبضة اليد، ومن لا يلتزم يُضرب. وعلى الصبية لبس عمامات، كما أن الغناء ممنوع، والرقص ممنوع، ولعب الورق والشطرنج ممنوع، وحتى تطيير الطائرات الورقية (لعبة أفغانستان التاريخية الشعبية) محظور تماما. كما أن كتابة الكتب ومشاهدة الأفلام والرسم أمور يمنع القانون القيام بها. وإن وجدت السلطات عند احد «ببغاء» تقتل ويضرب صاحبها. كما أن السلطة ستقوم بقطع يد السارق. وإن تكررت السرقة تقطع رجله، من خلاف. كما أن غير المسلمين يجب الا يتعبدوا، ومن يخالف يضرب. ومن يمارس التبشير بدين آخر يقتل. متابعة قراءة خالد حسيني (2 ــ 2)
خالد حسيني (2-1)
يعتبر الروائي الأميركي الأفغاني خالد حسيني، واحدا من أفضل من كتب عن أفغانستان، على الرغم من تخصصه في الطب، حيث نالت رواياته الثلاث، شهرة كبيرة وترجمت إلى عشرات اللغات وتحول أولها لفيلم ناجح من إنتاج هوليوود.
ولد حسيني في كابول، أفغانستان عام 1965. وانتقل عام 1970 إلى إيران، حيث كان والده يعمل دبلوماسيا فيها. ثم انتقلت عائلته عام 1976 إلى باريس للعمل هناك. ولكن لم يعد بعدها لوطنه بسبب الغزو السوفيتي لوطنه، والحرب الأهلية التي تبعتها، فطلب والده اللجوء السياسي لأميركا، وحصل عليه، فانتقلا للعيش هناك منذ 1980 واستقرت الأسرة في سان خوسيه، كاليفورنيا، حيث تخرج حسيني في جامعتها، ونال الدكتوراه في الطب، قبل أن يتفرغ للكتابة، ويعين مؤخرا مبعوثا للنوايا الحسنة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وإدارة المؤسسة الخيرية التي تعنى بمساعدة أطفال أفغانستان. متابعة قراءة خالد حسيني (2-1)
يا مسلمينا.. عودوا إلى أوطانكم
يا مسلمي فرنسا وبلجيكا وبريطانيا والمانيا، ويا مسلمي بقية أوروبا وأميركا، لقد تعبنا منكم، فخذوا «عفشكم»، وارتحلوا عنا، وعودوا من حيث اتيتم. عودوا وخذوا معكم مدارسكم الدينية، فربما سئمتم علمانية مدارسنا، وانقلوا أفكاركم معكم، فأوطانكم أكثر حاجة لها. واقتلعوا ما زرعتم، إن زرعتم شيئا أصلا، فشمس بلادكم بحاجة لظلالها، واتركونا في حالنا.
ارحلوا عنا، فأجواؤنا غير ملائمة لكم، فطقسنا بارد وضبابنا كئيب. عودوا لشمس بلادكم الساطعة، وصحاريكم الشاسعة، وسهولكم الخضراء، ومراعيكم الدافئة، واتركونا مع أمطارنا الغزيرة وثلوجنا الكثيفة، وعواصف رياحنا المدمرة.
ارحلوا عنا، فأنتم تكرهون أشكال صلباننا، وتزعجكم دقات أجراس كنائسنا، وتغيظكم أردية رهباننا، وتثيركم طقوس صلواتنا. متابعة قراءة يا مسلمينا.. عودوا إلى أوطانكم
فلسطين والأخوان لوميير
لم يتجاوز طول أول شريط سينمائي التقط عام 1888 الثانيتين، ولكنه دخل التاريخ، وكان فتحا لفن سيصبح تاليا أكثر وسيلة إعلام إيرادا وشعبية وتأثيرا عرفها الإنسان. أما أول فيلم سينمائي حقيقي فقد قام بتصويره وإخراجه الأخوان الفرنسيان أوغوست ولوي لوميير Auguste & Louis Lumiere، وكان ذلك في عام 1895.
وكان بيتنا في خمسينات القرن الماضي، أول ما عرضت فيه الأفلام السينمائية في الحي، وكان في المساء مقصد كثير من الأهل والجيران، أثناء عرض الأفلام العربية بالذات. وأتذكر أن والدي كان يستأجر آلة العرض وبكرات الأفلام من محل كان يقع في الاتجاه المعاكس لشارع عبدالله السالم (الشارع الجديد سابقا)، أي باتجاه السيف، الفرضة. ولكنه قام تاليا بجلبها من محلات «أفلام الأحلام» لصاحبها الصديق يعقوب مال الله. متابعة قراءة فلسطين والأخوان لوميير
نفتخر.. أم نستهجن؟
يفتخر المسلمون، أو أغلبيتهم، بقدماء علمائهم. فهؤلاء هم القشّة التي تربطهم بحضارات الأمم، وتشعرهم بشيء من الفخر. كما تدرّس سير وأعمال هؤلاء العلماء المسلمين، كابن سينا والفارابي والكندي وابن هيثم وابن رشد، مروراً بابن المقفع والجاحظ، والمعري، وغيرهم كثير.. تدرّس في المعاهد والجامعات، شرقاً وغرباً. فليس هناك من ينكر فضلهم على البشرية في الطب والفلسفة والأدب، وغير ذلك من إبداعات إنسانية.
ولكن فئة أخرى، قد تقل عن الأولى عدداً، ولكن تفوقها مالاً ونفوذاً، ترى أن جميع هؤلاء العلماء تقريباً هم كفرة وزنادقة، ويستحقون في غالبيتهم ما انتهت إليه مصائرهم، وما لحق بآثارهم من دمار. وخير شاهد على ذلك ندرة المؤسسات الطبية أو العلمية التي تحمل أسماء هؤلاء الأفذاذ، وحتى تسميات الشوارع و«الزنقات» لم ينَلْهم شيءٌ منها، مقارنة بكمّ هائل من التسميات التي حظي بها «نكرات»، لا لشيء إلا لعدم رضا المتشدّدين عن سيرة هؤلاء العلماء. أما ما نراه في الكويت من إطلاق تسميات بعضهم على مستشفيات وشوارع، فقد حدث ذلك في الزمن الجميل، ولو كان بإمكان المتزمّتين، من «الإخوان المسلمين» وغيرهم إزالتها لما تأخّروا في ذلك. متابعة قراءة نفتخر.. أم نستهجن؟
الخوف من العلمانية
لِمَ كل هذا التخوّف من العلمانية، وكل هذا الكره لها، وهي التي حفظت كيانات دول كبرى من الانهيار، وساهمت في تقدم غيرها، وأعطت وستعطي البشرية جمعاء، أفضل وسيلة عيش مشتركة وآمنة، والتي تعمل بتلقائية ضد التعصب الديني والحروب الطائفية؟ الجواب في أن المستفيدين من التناحر الطائفي والاختلافات الدينية سيكونون أول الخاسرين.
ليس هناك امر أكثر سخفا، وأعمق ضررا من موضوع الاختلاف المذهبي، ولو أن عدد المستفيدين من وجود هذا الاختلاف لا يقل كثيرا عن عدد المتضررين منه.
الخلاف المذهبي سيبقى، طالما بقي الجهل بيننا، وببقاء الجهل تبقى امور أخرى كما هي، ولكن ليس بقسوة وعنف وعمق الخلاف المذهبي. متابعة قراءة الخوف من العلمانية
وعاظ السلاطين
لا شك في أن للسلطة الحاكمة، منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، الدور الأكبر في ترسيخ مكانة ومفهوم رجل الدين، أي دين كان.
كان الإسلام مختلفاً عن المسيحية واليهودية مثلا في خلوه من دور محدد وواضح للكهنوت، أو رجل الدين، ولكنه منح «العلماء» شيئاً من حق تفسير وتبرير كثير من الأمور، فجير هذا الحق للسلطة في عهود تالية، واستخدم غالبا لتبرير تصرفات الحكام، وخاصة المستبدين منهم. وبالرغم من كل ما قيل عن عدم وجود واسطة في الإسلام بين «العبد وربه»، فإن الواقع كان دائماً غير ذلك. فقد كان دور رجل الدين واضحا وبارزا ومؤثرا بشكل رهيب، وفي بعض المراحل، والمجتمعات والدول أصبح رجال الشريعة والفقه هم الحكام المباشرون. متابعة قراءة وعاظ السلاطين
يا بنات المكلا
وقع حادث سير لصديق يعيش في لندن. وعلى الرغم من بساطة الحادث، فإن الأمر كلفه تاليا الكثير. حضرت الشرطة وشكوا في انه كان تحت تأثير قدر من المسكرات، فأخبر بأن أمره سيحال الى محكمة المرور. في اليوم التالي اتصل صديقنا بمحام، فطلب منه هذا أن ينكر تناوله اي شيء، فقد يحكم عليه بغرامة، ويمنع من القيادة لسنوات. بعد سنتين من المرافعة والغياب والحضور والمكاتبات، طلب منه المحامي الاقرار بالخطأ، وهو الشيء نفسه الذي منعه من القيام به عندما وقع الحادث، فحكم بدفع غرامة مالية، وسحب ترخيص القيادة منه لسنة، واضطر فوق كل ذلك الى دفع 5 آلاف جنيه أتعاب محاماة، وكان بإمكانه تجنب الكثير، لو طلب الصلح منذ اليوم الأول. متابعة قراءة يا بنات المكلا