احمد الصراف

الوجود الليبرالي المخفي

لا شك ان القوى المسماة بالليبرالية ضعيفة ومشتتة، أو هكذا تريد لها الحكومة، فحتى التنظيم السياسي المسمى بــ«التحالف»، ولا أدري ممن يتحالف وضد من، لم يحصل حتى الآن على ترخيص مزاولة نشاطه السياسي، والذي لا يمكن أن يعمل بغيره بطريقة سليمة وواضحة، ولكن هذا يجب ألا يمنع الليبراليين، أو من تبقى منهم، ممن لم تجذبهم انتماءاتهم القبلية والعرقية او المذهبية باتجاهها، ليقوموا بما هو مطلوب منهم، افرادا وجماعات، من دعم للحريات العامة واحترام القانون، وهذا لا يتم فقط بالكلام بل بالفعل، والفعل إن لم يصاحبه دفع مالي يصبح غالبا غير مجد، ومن المؤسسات الليبرالية الحقيقية التي تحتاج الى دعم مستمر والتي ما انفكت ولا عجزت منذ أكثر من عشر سنوات عن زرع بذور الحرية والإبداع في نفوس شبابنا الطرية، مؤسسة «لوياك»، فهي البوابة الحقيقية والقليلة التي تنادي بالحرية والانفتاح، والعمل على إبعاد الشباب، من الجنسين، عن مهاوي التطرف ووديان الغلو.
ولكن ما نراه على أرض الواقع أمر مختلف، فهذه المؤسسة غير الربحية تعاني الكثير في الحصول على الدعم الشعبي والمؤسسي، بالرغم من دورها كصمام امن وأمان للوطن. فالظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتحرك الشبابي المستمر ضد الحكومة ما كان يمكن ان يكون بهذا الزخم لو كانت هناك العشرات من أمثال «لوياك»، أو لو كانت «لوياك» قد تلقت ما تستحقه من دعم منذ البداية، ولكن مشكلة «لوياك» ان فهم حقيقة دورها وضرورة وجودها يتطلبان وجود من يعرف ويفكر ويقرر! وهذه أمور نادرة في مجتمعنا وأكثر ندرة في حكوماتنا.
تقول «لوياك» في رسالتها، وإن بصورة غير مباشرة، وهي التي اختيرت ضمن 15 من افضل مؤسسات العناية بالشباب على مستوى العالم بملياراته السبعة، إن اي خطة تنمويه لا يمكن أن تنجح إن لم نهتم منذ اليوم الأول بالشباب، عماد مستقبل أي وطن، فالتخلف والعفن اللذان تراكما على مدى عقود من التجاهل لمتطلباتهم يحتاجان الى وقت طويل لازالتهما.
إن «لوياك» مهددة بالتوقف عن القيام بأنشطتها، بالرغم من أن ما تحتاجه لا يشكل شيئا، أكرر، لا يشكل شيئا، مقارنة بما يصرف على ألعاب نارية ومنصات واعلام وألوان لا يعرف أحد ما تعنيه، وليس لها أثر لا في وطنية الشعب ولا في اخلاصه لقيادته، بل هي في غالبها أعمال تنفيعية.
لقد آن أوان ان تعرف الدولة أن سحابة التخلف التي طال مكوثها فوق قلوب اهل الكويت لعقود حان أوان التخلص منها، و«لوياك» جزء من منظومة التقدم الذي نحلم بها وأداة حيوية في التخلص من تلك السحابة. وهنا نطالب الكرماء من هذا الشعب، وما أكثرهم، بالتقدم وتقديم المساعدة لــ«لوياك»، وضرورة زيارة موقعها على www.loyac.org
لمعرفة المزيد عن «لوياك»، وروائع إنجازاتها، وطريقة التبرع لهذه المؤسسة الخيرية الكبيرة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

البكاء على الأطلال

من المسؤول عن هذا الانحطاط الإداري والصحي والأمني الذي تتمرغ فيه البلاد؟ أليست الحكومة هي المسؤولة الأولى والأخيرة؟ ألا يوجد من هؤلاء الوزراء والوكلاء من يحترم نفسه ويستقيل عند وقوع خطأ في وزارته او إدارته، ام أن البعض يستقيل، فيطلب منه الاستمرار في عمله، ليرتكب أخطاء أكثر وأكبر؟
اسئلة كثيرة تخطر على بال الكثيرين، ولكن لا تجد من يجيب عنها ويهدئ روع الآباء والأمهات والمواطنين المحبين لهذه الأرض الطيبة.
وزير الصحة السابق ارتكب أخطاء مخيفة وأقال كفاءات، و«عفس» الوزارة عفاس، وترك منصبه ورحل، ولا ندري كيف تم اختياره في المقام الأول، وهو الذي لم يعرف عنه يوما اي إنجاز يذكر، والآن بدأت المحاكم بتعديل أخطاء ذلك الوزير وإصدار أحكام لمصلحة من أقالهم أو ربما أهانهم بتخفيض مراكزهم! ذهب الوزير وترك للمحاكم ان تنشغل بقراراته، وتنشغل بقية أجهزة الدولة بتعديل ما خرب، واعادة الاعتبار لمن أهين منهم ومن لم يهن!
كانت لي قبل فترة قصيرة تجربة مرة مع مستشفيات الكويت، التي اخترتها وزوجتي لعلاج ابننا، بالرغم من انه مغطى طبيا في الخارج، وكانت تجربة لن نكررها، وعلمتني سبب سفر المسؤولين لتلقي العلاج في الخارج عند إصابتهم بالانفلونزا، أو اي وعكة بسيطة. تجربتي كانت مرة وكتبت عنها مقالا، ولكن صديقا كريما طلب مني أن لا انشر المقال في حينه! ملخص الأمر أن في الكويت نسبة عالية جدا من مرضى السرطان، وهم في تزايد سنة بعد اخرى وبخاصة بين صغار السن، كما أن مرض السكر يفتك يوميا بأعداد متزايدة، وقد تكون الكويت الأولى أو الثانية في عدد المصابين به بين الأطفال حتى عمر 10 سنوات، وفيها نسب عالية من أمراض خطرة أخرى، ومستشفياتها متهالكة ويدير غالبيتها أطباء غير أكفاء والقذارة تأكل فيها وتسيبها واضح وكبير، وهناك هدر في كل إدارة تقريبا، وفي المواد والأدوية، والفساد ينخر في جوانبها، وكل ذلك يحتاج الى متابعة وعلاج، هذا غير حالة المستوصفات المزرية، إلا ما ندر، والتي تشكو من علل كثيرة، ولكن ما ان استلم الوزير السابق منصبه لم يجد ما يعالجه ويصلحه غير الفتك بالكفاءات، أو المختلف معه سياسيا، وترقية فلان وطرد فلتان وتنزيل درجة أطباء موهوبين من غير سبب، ثم ينتهي الأمر بأن يذهب لحال سبيله وكأن شيئا لم يكن، وليس هناك ضمان بأن لا يتكرر هذا العبث مرة اخرى! إن هذه الحالة ليست يتيمة فقد تكرر مثلها عشرات المرات ومع هذا لا أحد يود ان يسمع!
***
• ملاحظة: نبارك للدكتورة المبدعة الإنسانة فريدة الحبيب إعادة الاعتبار لها ككفاءة طبية وإدارية مميزة. وطبعا لا عقاب ولا من يحزنون لكل من اساء لها ولأمثالها من الكفاءات الوطنية!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

ودّي أصدّق

صدقت «الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان» نفسها، وأصدرت بياناً بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أكدت فيه أهمية حماية حقوقه في الكويت وفق رسالتها (!!) وطبعاً، هذا موقف مضحك من جمعية خاملة، تعرف جيداً أن ما ذكرته في بيانها يتنافى مع فكر وهدف جميع العاملين فيها، فقد ذكرت في البيان أنها تشعر بالقلق بشأن ملف حرية الرأي والتعبير في الكويت، لا سيما ما يتعلق بملاحقة المدونين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومراقبة وحجب بعض المواقع الإلكترونية، وإغلاق بعض الصحف! ويتزايد قلقها مع تحول العنف والقمع لمنهجية تسير عليها الحكومة في أثناء التعامل مع المسيرات والاعتصامات السلمية، المكفولة بكل المواثيق الدولية! وهل تعترف الجمعية بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان أصلاً؟ ما علينا، سنعتبر كلامها لا معنى له، فما هي حرية الرأي التي تتكلم عنها الجمعية، وهي التي تعاونت الحكومة مع مجاميع التعصب والتشدد الديني على تأسيسها نكاية بالمرحوم جاسم القطامي ومزايدة على «الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان»، التي كان يرأسها في حينه، والتي أضاعها أصحابنا بكل سذاجة، وكانت الجمعية الوحيدة في مجالها المعترف بها محلياً ودولياً؟
كما تستطرد جمعية «المقومات»، ويا لها من مقومات، في إبداء قلقها من مشكلة عديمي الجنسية، وتصفها بالإنسانية والأكثر نزفاً! وهذا جميل، ولكن جماله سرعان ما ينتهي عند استعراض أسماء وخلفيات القائمين على الجمعية، فهل كانوا سيفعلون شيئاً لو لم يكن صوت هؤلاء البدون «المذهبي» سيصب في نهاية الأمر في مصلحتهم؟ وهل كانوا حقيقة سيلقون العناية نفسها منهم لو كانوا من أتباع دين مختلف؟
كما تطرقت الجمعية في بيانها إلى حقوق العمال، والمقصود هنا العمال الآسيويين بالذات، وهذا نفاق ما بعده نفاق، فالجمعية تعلم جيداً أن من صلب حقوق العمالة الوافدة أن تمارس شعائرها بالطريقة المناسبة، كمقر أو دار للعبادة، ولم يعرف عن الجمعية أنها وقفت مثلاً مع هذا الحق، وقصة رفض طلب مسلمي البهرة بمسجد لا تزال طرية، فكيف بموقفهم من طلب كنيسة أو مقبرة لغير المسلمين؟
كما تطرق البيان، بشكل مضحك، إلى حقوق المرأة وضرورة مساواتها بالرجل(!) وكيف أنها ما زالت تواجه صعاباً في الحصول على جميع حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي لا تخالف الشريعة(!) ولم يتطرق البيان، طبعاً، إلى أهم حقوقها وهي السياسية، التي عن طريقها يمكنها أن تحصل على أي حق آخر.
إن ظروف تأسيس هذه الجمعية، التي لم يكن ولن يكون لها لزوم، مثال على التحالف غير «المطمئن»، بين السلطة والقوى المتخلفة، والذي نمني النفس من غير نفس، أنه قد انتهى، أو خمد على الأقل، فقد تأسست بمبادرة من النائب (السابق) فهد الخنة، ودعم قوي من الوزير (السابق) أحمد باقر، ووافقت الحكومة، في ليلة من غير قمر من عام 2005، على ترخيصها، عندما كان الحظر على التراخيص، ولا يزال، في قمته!
***
ملاحظة: الطريف في موقع الجمعية التي ادّعت، في بيانها، الدفاع عن حقوق المرأة أنها وضعت صور جميع أعضاء مجلس الإدارة من الذكور، ولكنها حجبت صور الأعضاء الإناث.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

مربى خوخ أو مربي أجيال

لا أعتقد أن دولة في العالم صرفت على التعليم بسخاء كما فعلت الكويت في تاريخها الحديث، وأتذكر جيدا أننا كنا كطلبة مدارس حكومية، قبل نصف قرن، سعداء جدا بما كانت تعطينا اياه المدرسة من مواد وحرية ونشاط مسرحي وتحرير صحف حائط، من دون قيود، بل انفتاح تام على الآخر، وهو ما يفتقده التلميذ أو الطالب الآن، ليس في مدارسنا فقط بل في كل مناحي حياتنا، بعد ان أدخل مستفيدون سوسة التطرف بيننا، فهؤلاء، وبينهم رجال دين، يعرفون جيدا أن في تقاربنا خراب بيوتهم، وافلاسهم في وحدتنا، وخرابهم في تكاتفنا، ورزقهم وارتفاع أهميتهم في تفرقنا وتشتتنا، وهذا ينطبق على اصحاب أي مذهب أو دين. ولكن بالرغم من كل ذلك الصرف الذي وصل لمليارات، الدنانير والدولارات، الا ان الأمر انتهى بنا اخيرا لأن نصبح في الدرك الأسفل في مخرجات التعليم عالميا، ففي تقرير اصدرته «تيمز وبيرلز»، (القبس 2012/12/12)، كان ترتيب الكويت 48 بين 50 دولة فقط، وهذه مرتبة شديدة التدني ومؤلمة وتفشل! ولكن لو عاد الأموات من وزراء تربية وتعليم سابقين للحياة ووضعناهم مع الأحياء من وزراء تربية، الذين نتمنى لهم عمرا اطول، لما رفض غالبيتهم العودة والعمل كوزراء تربية، من دون اعتبار لكل ما تسبب فيه غالبيتهم في ايصالنا لهذا الدرك الأسفل! وهذا ذكرني بفقرة وردت في أحد كتب الفلسطيني الراحل ناصر الدين النشاشيبي، أنه عندما زار ألمانيا لأول مرة، بعد الحرب العالمية الثانية بسنوات، تمنى لو كان النازي هتلر حيا ليستمع منه عن سبب وضعه العرب في الدرك الرابع عشر من شعوب الأرض، ومن بعدنا اليهود والسود! وهذه نظرة عنصرية عفا عليها الزمان طبعا، ولكنها جزء من تاريخ البشرية على اي حال. فما الذي يمكن ان يقوله اي مسؤول حالي في التربية من درجة وكيل وزارة أو أدنى من كبار مسؤولي المناهج؟ ألا يستحي هؤلاء من أن تصبح واحدة من «أمة اقرأ» في المرتبة الـ46 في القراءة بين 49 دولة، نصفها لا يجد ما يسد به رمقه؟ نحن لا نتكلم هنا عن الفيزياء ولا على بطولة القفز بالزانة ولا بمواد دروس الأحياء ولا بمسابقات رفع الأثقال، بل نتكلم عن ترتيبنا في القراءة، في القراءة يا ناس يا بشر! فكيف يحدث ذلك بعد صرف عشرات وربما مائة مليار دولار على التعليم؟ انه أمر مخجل بامتياز، ومؤلم حتى العظم، ولكن ليس باليد حيلة. كل ما نريده هو استقالة واحدة من مسؤول كبير على هذه النتيجة المخزية، هل صعب هذا؟ اذا، نريد اعتذارا واحدا من مسؤول متوسط، هل يستحيل هذا أيضا؟ اذا، نريد من واحد من هؤلاء أن يضع، بينه وبين نفسه، وجهه بين يديه ويتوارى عن نفسه خجلا من هذا العار، ويمتنع اليوم عن الذهاب الى ديوانيته المعتادة! ولكن لا شيء من هذا سيحدث فقد «تمسحت» جلودنا ووخز الابر اصبح لا ينفع معنا أو يؤثر فينا!
ملاحظة 1: أثار بعض حملة شهادة «الدكتوراه» المضروبة والصادرة من جامعات وهمية أو غير معترف بها، ضجة كبيرة قبل اشهر بسبب عدم اعتراف الوزارة بشهاداتهم، وفجأة «خف الرمي» وخفتت الضجة، فهل تم ارضاء هؤلاء، واصبح منهم مربو أجيال؟ أعتقد ذلك!
***
• ملاحظة: يقول المثل الصيني «تجاهلك للكذاب الجاهل سيجعله يتمادى اكثر في جهله وعدوانيته وسيؤدي ذلك في النهاية لتقطع مصارينه»!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

متى نحذو حذو دبي.. أمنياً؟

يوماً عن يوم، ومنذ أكثر من 60 عاماً، وتنظيم «الإخوان» في الكويت ودول الخليج الأخرى، يحكم قبضته على الكثير من مفاصل الدولة، استطاع خلالها جمع مليارات الدولارات وتحويلها ليوفر عيشاً آمناً وفاخراً لعشرات من «أمناء» صناديق «الإخوان»، ومديري ثرواتهم الطائلة في سويسرا وجزر الكيمان! وبالرغم من طول المدة، أو ربما بسببها، لم يستطع أي من أنظمة الخليج، طوال تلك المدة، وقف امتداد الجماعة والحد من نشاطهم، بل كانوا في أحيان كثيرة، خصوصاً في الكويت، مشاركين في الحكم، ولم يكن أي تشكيل وزاري يخلو منهم، وأصبحوا مستشارين كباراً جداً لمن هم أكبر منهم، وحدها الإمارات، ودبي بالذات، نجحت في شق عصا الطاعة على التنظيم والإشهار به وبأنشطة أعضائه علناً ومخططاتهم ومؤامراتهم، وبالتالي لم يكن خبر القبض على الخلية الأخيرة في الإمارات وإطاحتها خبراً مفاجئاً. وورد في صحيفة «الخليج» أن التحريات والمتابعة على مدى فترات تجاوزت السنوات لقيادات التنظيم وعناصره، أكدت قيامهم بإدارة تنظيم على أرض الدولة يتمتع بهيكلة تنظيمية ومنهجية عمل دقيقة، وكان أعضاؤه يعقدون اجتماعات سرية في مختلف مناطق الدولة في ما يطلق عليه تنظيمياً «المكاتب الإدارية». وتقول المصادر المطلَّعة إن المكاتب الإدارية كانت تقوم بدعوة بعض أبناء الجالية المصرية في الإمارات للانضمام إليهم، كما أنهم أسسوا شركات وواجهات تدعم التنظيم على أرض الدولة، وجمعوا أموالاً طائلة وحولوها إلى التنظيم الأم في مصر بطرق غير مشروعة، كما كشفت المتابعة تورّط قياداتهم وعناصرهم في عمليات جمع معلومات سرية حول أسرار الدفاع عن الدولة، وعن وجود علاقات وثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين المصري، وقيادات التنظيم السري في الإمارات، المنظورة قضيته في نيابة أمن الدولة، وكيف أن التنسيق بين الطرفين كان مستمراًَ مع لقاءات سرية، ونقل للرسائل والمعلومات بين تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وقيادة التنظيم السري. كما ورد في الخبر أن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين المصري في الإمارات قدَّم العديد من الدورات والمحاضرات لأعضاء التنظيم السري في الإمارات حول الانتخابات وطرق تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية. ومن المتوقع أن تكشف التحقيقات الجارية عن معلومات خطرة عن المؤامرات التي كانت تحاك ضد الأمن الوطني للإمارات، وأن تشمل قائمة المتهمين مئات العناصر المرتبطة بالشبكة الإخوانية، وأن بعض هذه العناصر قد أدرجت بالفعل في قائمة الممنوعين من السفر خارج الدولة تمهيداً لاستدعائهم للتحقيق. وورد في الخبر كذلك أن تنظيم الإمارات تلقى دعماً بما يقارب 4 ملايين دولار من دولة خليجية(!) لمساعدتهم في قلب الحكم الفدرالي، وتأسيس حكومة دينية بوسائل غير مشروعة عبر جناح عسكري ضمن المنظومة العالمية للإخوان المسلمين! ولو تساءلنا، بكل براءة: إذا ما صحت كل هذه المعلومات، فأين نحن من كل ما جرى ويجري في الإمارات؟ وهل نحن حقاً محصنون؟ ولماذا لا تتحرك أجهزة الدولة لوضع حد لامتداد «الإخوان» داخل مرافق الدولة ووزاراتها؟ وهل بإمكان الأجهزة الأمنية التحرك لوضع حد لأنشطتهم، في ظل وجود كل ذلك الكم من المستشارين، من عظام رقبة الإخوان المسلمين، لدى كبار المسؤولين؟

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

سؤال شلع قلبه

كتب الزميل علاء الأسواني في «المصري اليوم»، 2012/1/25، مقالاً بعنوان: «كيف تكذب وتحتفظ بوضوئك»، عن واقعة مسجَّلة بالفيديو لوزير إعلام نظام الإخوان في مصر، الذي سبق أن تحرَّش بمذيعة جميلة على الهواء، وهو على وضوء، وكيف أنه ذهب يوم الاستفتاء ليدلي بصوته، ولما كان الطابور طويلاً دخل الوزير إلى اللجنة من باب خلفي، بينما بقية الناخبين ينتظرون في الخارج لساعات، وقد يكون تصرّف الوزير مبرراً، لأن «عنده شغل»! ولكن أثناء خروجه سألته صحافية شجاعة عن سبب عدم دخوله من الباب الرئيسي، كبقية المواطنين، فأجاب، بلا تردد: أنا دخلت من الباب الرئيسي ولم أدخل من الباب الخلفي! وهكذا لم يصدق الوزير أمام الكاميرات والصحافيين بلا أدنى حرج. وقال الأسواني إن هذا الكذب من وزير في بلد «ديموقراطي» كان سيشكل فضيحة ربما تؤدي إلى الإطاحة به، ولكن في مصر، التي يحكمها الآن المرشد، سيظل الوزير الإخواني في منصبه ما دام المرشد راضياً عنه. الغريب أن الوزير متدين، وهو بالتأكيد يحرص على أداء الصلاة، وهو غالباً كان متوضئاً وهو يكذب. السؤال هنا: ألا ينقض الكذب الوضوء؟ ألا يعلم الوزير المتدين أن الكذب حرام، وأن الله لن يقبل صلاته، إذا كان كاذباً؟ وقال الأسواني إن هذا الكذب لا يختص به الوزير الكاذب فقط، وإنما كل قيادات الإخوان المسلمين، بمن فيهم الكبار. فهم يقولون ما لا يفعلون ويعدون ولا يوفون بوعودهم إطلاقاً، وهم مستعدون لعمل أي شيء من أجل الاحتفاظ بالسلطة. أكاذيب الإخوان بلا حصر وآخرها الاستفتاء الذي تم تزويره بوقاحة لتمرير دستور الإخوان. كل أنواع الانتهاكات حدثت في هذا الاستفتاء، بدءاً من منع الأقباط من التصويت إلى الورقة الدوارة إلى إرهاب الناخبين وشراء أصوات الفقراء إلى التصويت الجماعي وقطع الكهرباء عن اللجان، حتى يتسنى تزوير النتائج، كل ذلك فعله من يسمون أنفسهم الإخوان المسلمين، دون أن يفكروا لحظة أن الكذب والتضليل وتزوير إرادة الشعب تصرفات غير مقبولة وتتعارض مع الإسلام! إلى آخر المقال الشيّق.
وفي رسالة إنترنت ساخرة من صديق عراقي عنونها كالتالي: «سؤال شلع قلبي»، قال فيها إنه عندما تعرّضت مدينة كوبي اليابانية لزلزال كبير قبل سنوات، لوحظ أن رئيس البلدية كان دائم البكاء، أثناء قيامه بتقديم المساعدة للمتضررين والمصابين، وأنه كان يعمل بجد ليلاً ونهاراً طيلة فترة الكارثة ولم يعرف أحد سبب بكائه، وما إن انتهى في يوم من القيام بواجبه، والمشاركة في مراسم دفن زوجته، التي كانت بين الضحايا، حتى ذهب لشجرة وعلّق نفسه بها من رقبته، تاركاً وراءه رسالة تقول إنه انتحر لأنه فشل في توفير مياه الشرب لسكان مدينته! والسؤال الذي شلع قلب صاحبنا العراقي هو: هل سيدخل رئيس البلدية النار، ويدخل وزير الإعلام، الكاذب والمتحرّش ببنات الناس، الجنة لأنه من الإخوان؟
* * *
• ملاحظة: اختارت «الجمعية العربية لجراحة المخ» الدكتور يوسف العوضي رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في «ابن سينا»، رئيساً تنفيذياً للجنتها العليا. علماً بأن انتخابات هذه الجمعية المهنية تخضع لقواعد مهنية صارمة! ود. العوضي هو نفسه الذي عزله وزير الصحة السابق عن منصبه، قبل فترة قصيرة، لعدم الكفاءة، وكادت الكويت تخسره لولا إيمانه بأن حقه لن يضيع.

أحمد الصراف

احمد الصراف

حسن الصباح

من قرأ رواية سمرقند الرائعة لأمين معلوف، لربما سحره الجزء الذي تطرق فيه لدولة حسن الصباح أو الحشاشين! والحشاشون هم جماعة إسماعيلية نزارية، انشقوا عن الدولة الفاطمية. وقد أنشأ الصباح دولته في قلعة آلموت الحصينة في إقليم ديلم بفارس، والذي ربما رحل منه الشاعر مهيار الديلمي في القرن الخامس إلى بغداد، وهو صاحب القصيدة التي كانت تدرّس لنا في المتوسطة، ولا أستغرب إن توقفوا عن تدريسها الآن، والتي يقول فيها:
«لا تخَال.ي نَسَباً يَخف.ضن.ي ** أَنَا مَن يُرض.يكَ ع.ندَ النَّسَب.
قَومي استَوَلوا عَلى الدهر فتىً ** وَمَشُوا فَوق رؤوس. الحُقَب.
عَمَّمُوا بالشَّمس. هَامَاتَهُمُ ** وَبَنَوا أبياتَهُم بالشَّهَب.
وَأب.ي كسرَى عَلَى إ.يوَان.ه. ** أَينَ ف.ي النَّاس. أَبٌ مثلَ أب.ي
سُورةُ المُلك القُدَامَى وَعَلى ** شَرَف. الإ.سلام. ل.ي وَالأدَب.
قَد قبستُ المَجدَ م.ن خَير. أبٍ ** وقبستُ الدّ.ين م.ن خَير. نَب.ي
وَضَمَمْتُ الفخرَ م.ن أطراف.ه. ** سُؤدَد الفُرس وَد.ين العَرَب.».
استمر حكم حسن الصباح 35 عاما، لم يغادر فيها القلعة ابدا، واستمرت دولته في ذريته سنوات طويلة بعدها، قبل ان يقضي عليها المغول. وقد اشتهر مساعدوه بالحشاشين، لأن زعيمهم كان يوفر لهم معيشة خيالية في القلعة، ومن ثم يطلقهم للقيام بعمليات الاغتيال لأعداء الطائفة والدين! ولكن كلمة «حشاشين» دخلت القاموس الإنكليزي، وقواميس أوروبية أخرى على أساس (assassin) أي الذين يقومون بعمليات الاغتيال لأهداف سياسية، وليس لأنهم حشاشون! ويتهم الإسماعيليون خصومهم بتلفيق تهمة التحشيش عليهم!
ولو تركنا الحشاشين، ونظرنا إلى واقع الجماعات الدينية عندنا اليوم، لوجدنا غالبيتها تأتمر بأمر شخص محدد، يكون عادة مرشدا أعلى، أو مفتيا كبيرا، كما هي الحال في إيرانـ ولدى الإخوان المسلمين، وأتباع شيوخ السلف. وبعكس ما كان يحدث مع حشاشي حسن الصباح، وفي الجيوش، فإن ما يصدر اليوم عن المرشد الأعلى، أو العام، ينفذ باقتناع من قبل الاتباع الذين سلموا عقولهم للمرشد برضا تام، وآمنوا بأن ما يقوله هو الصواب، وهذا يعني إلغاء العقل والمنطق والتفكير، وبالتالي فإن دولة الإخوان لا تختلف عن دولة حسن الصباح، مع الفارق أن أتباع الإخوان، والمؤمنين بصحة كلام المرشد، بينهم متعلمون، فكيف فقد هؤلاء كل قدرة على التمييز والتفكير السليم؟ وكيف يمكن أن يعطي الملايين أصواتهم، في انتخابات «سابقة» لشخص مثل حازم ابو اسماعيل؟ وهو الذي وقع في أخطاء مهلكة ومضحكة، عندما كان شيخ دين يفتي في القنوات، ويرتدي المضحك من الملابس، وينتقل من الجبة واللباس الأزهري إلى البدلة وربطة العنق؟ وكيف قبل هؤلاء بإمكانية تسليم مصير دولة، وهو الذي لم يكن صادقا في تصريحاته ولا بيانات ترشيحه؟ هل اصاب الخدر العقل العربي المسلم، بحيث اصبح غير قادر على التفكير والتدبير؟ ولماذا اصر الناخب الكويتي على اختيار كل هذه النوعية السيئة من النواب المرة تلو الأخرى، على مدى نصف قرن من دون أن يشعر يوما بأن في الأمر خطأ ما؟
أين أنت يا حسن الصباح، لتفسر لنا ما يجري؟
* * *
• ملاحظة: سبق أن ذكرنا أن كريسماس Xmas تتكون في الإنكليزية من كلمتين X وهي اختصار قديم لاسم المسيح Christ وmas وتعني ميلاد، وانها كلمة هيروغلوفيه! وقد نبهنا الصديق فيصل الغيص، السفير السابق، إلى أن Xmas كانت في الأصل Xmass واختصرت إلى mas وأصلها يعني قداس، وتفهم الكلمتان مجازا على أنهما تعنيان «ميلاد المسيح».

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

مصباح المهري وظلام المسباح

استنكر النائب السابق وليد الطبطبائي، في رسالة «تويتر»، قيام مسلمين بشراء شجرة الميلاد وتعليق الزينة عليها، وكيف أنه لم ير أو يسمع بمسيحي ذبح اضاحي في عيد الأضحى وقسّمها على جيرانه! يبدو سؤال نائب «إن العلم مجرد خرجة» لأول وهلة وكأنه معقول، ولكن بالتدقيق قليلا نجد أنه بلا معنى، فهل يعني قوله ان من رأى أو سمع بمسيحي يذبح خروفا في عيد المسلمين ويقسم لحمه على الجيران يحق له بالتالي تعليق الزينة على شجرة الميلاد؟ وهذا إن صح، فإنه يعني أن المسألة ليست مسألة مبدأ، بل هم يعطوننا لحم خرفان ونحن نبارك لكم بالكريسماس ونشتري شجرة ميلاد؟ ولا أدري لماذا لا نبادر ونعطي، ولو مرة، لكي يعطوا هم بعدنا، علما بأنهم أعطوا العالم أجمع الكثير ولم نعط العالم غير الخراب والدمار والقتل. ولو علمنا أن هناك 50 دولة مسلمة يعيش عشرات ملايين المسيحيين فيها، فهل عرف الطبطبائي كل شيء عن كل واحد منهم، وان لا أحد منهم وزع يوما لحوم الاضاحي على جيرانه؟ أنا شخصيا اعرف مسيحيين يعيشون بيننا، وهم اصحاب مصالح ومطاعم، ويقومون منذ سنوات بتقديم لحوم ذبائح لفقراء ومحتاجين من المسلمين، ولم يطلبوا مقابل ذلك شيئا من أحدا، علما بأن احتفالنا سنويا بعيد الكريسماس لا علاقة له بايماننا أو تأثرنا بالغرب أو بعادات المسيحيين، بقدر إيماننا بمشاركة من يعيشون بيننا، من أحبة، أعيادهم، والتخفيف، ولو قليلا، من وطأة ما يتعرضون له من هجوم وشتم من بعض جهلائنا، في مثل هذا الوقت من كل عام! فقد قام السيد ناظم المسباح، (القبس 12/25)، بإصدار فتوى حرم فيها الاحتفال بعيد الكريسماس، وقال ان الاحتفال به محرم، وأنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وأن هذه امور تتضمن مفاسد عظيمة وآثارا سيئة! وحيث انني احتفل بهذا العيد منذ اربعين عاما، واعرف نفسي جيدا فبإمكاني القول ان تصرفي هذا لم يفسدني يوما، والسيد المسباح يعرف جيدا أين يوجد الفساد! أما السيد محمد المهري، الذي لا أستسيغ غالبا تصريحاته، ولا تربطني به مودة كبيرة، فقد كان أكثر تسامحا في تصريحه، حيث قال بجواز تهنئة الكتابيين، من مسيحيين وغيرهم (ويقصد اليهود) بأعيادهم، وان يتخذ منهم اصدقاء ومعارف! فأي الرجلين على حق؟
المهم اننا ننتهز هذه المناسبة ونتمنى للجميع سنة جديدة سعيدة وعاما خاليا من الكراهية والبغض.

***
• ملاحظة: سألني صديق عن معنى كريسماس، التي تكتب اختصارا بالإنكليزية Xmas، وهذه تعني ميلاد المسيح، فحرف الإكس هو اختصار لاسم المسيح بالإنكليزية Christ، وماس تعني ميلاد، ولو أنه لم يرد ذلك في أي قاموس أوروبي حديث، بما في ذلك اكسفورد. ويعتقد البعض أن كلمة «ماس» من أصل فرعوني (!).

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

الصحافي وحياة الليل

كنت، منذ نعومة أظفاري، وحتى بعد ان أصبحت صلبة وناعمة، أتمنى أن اكون صحافيا! فقد نشأت في أسرة تقرأ، وكانت مطبوعات «دار الهلال» و«آخر ساعة» و«المصور» تملأ البيت، ولكن الحياة أخذتني باتجاه آخر، مختلف تماما، حيث أصبحت، مرغما، مصرفيا ثم مقاولا وتاجرا وطالب مدرسة وجامعة في وقت واحد، ولفترة قاربت العقد، قبل أن أهاجر لأميركا وأتعب منها، وأعود لأهاجر لبريطانيا، واختار بعد سنوات بلغت الست، العودة طوعا وأسرتي الصغيرة للوطن، وتزامن ذلك، بعد اشهر قليلة، بدخول جحافل للكويت في الثاني من أغسطس 1990، ليندحر بعدها وتكون تلك بداية نهاية دكتاتور سافل وتافه لم تعرف المنطقة مثله منذ سنوات. مكثت في الكويت المحتلة فترة قبل أن أغادرها للسعودية واستقر في دبي ولتكون عودتي الثالثة للوطن منها، والتي كانت لفترة خيار هجرة ثالثا، ولكن ذلك ايضا لم ينفع. عودتي للوطن واستقراري دفعاني هذه المرة لأن افكر جديا في الكتابة، ومن وقتها لم اتوقف، ولكني لم اصبح يوما صحافيا بالمعنى المعروف، بل بقيت كاتب عمود، يتحول مرات كثيرة لكاتب صندوق، فشكل المقال كان يتحول من الطويل العمودي إلى المربع الصندوقي. وكنت سأقبل دعوة من القبس لو طلبت مني العمل بها بصورة يومية، ولكن هذا أيضا لم يحدث، ربما لاعتقادهم أن ثرائي النسبي وكبر سني سيدفعانني للرفض، ولم اعرض نفسي عليهم لا تلميحا ولا صراحة، ومرت الأيام وفجأة اكتشفت، عن طريق ملاحظة ليست بالذكية جدا، أن حياة الصحافي ليست بريقا وشهرة ومعرفة فقط، بل تعب وسهر ومشقة ليس لي طاقة بها. فعندما استلم الزميل العزيز وليد النصف رئاسة تحرير القبس، قمت بدعوته وعدد من كبار مساعديه للعشاء في بيتي، فاعتذروا جميعا، وهم يتهامسون، ربما من جهلي، فكيف يمكنهم جميعا ترك الصحيفة، وهنا قلبنا الدعوة للغداء، فقبلوها جميعا، وإن على مضض، وكانت تلك ربما أول وآخر دعوة جمعتهم، حيث اكتشفت أن الجميع تقريبا كان ينظر لساعته طوال الوقت وباله مشغول إما بالعودة للبيت لأخذ قسط من الراحة قبل الذهاب مساء للجريدة، أو الذهاب من عندي للجريدة لإنهاء ما كان يقوم به أو ما عليه القيام به من صف ومراجعة وترتيب واتصال وتدقيق خبر واختيار صورة! كما لاحظت اخيرا، وانا الذي أتواجد بمحض الصدفة، في عشرات حفلات العشاء، وخاصة غير الرسمية، بعد ان انقطعت عن قبول غالبية الرسمية منها، كالاستقبالات الدبلوماسية، لاحظت قلة، أو ربما ندرة، الوجوه الصحفية في مثل هذه الحفلات، وعرفت أن سبب ذلك يعود لطبيعة عمل الصحافي، والتي تتطلب من الكثيرين منهم البقاء في المطبخ الصحفي حتى ساعات متأخرة من اليوم بانتظار خبر أو تصريح، وما أكثر التصريحات والأخبار المهمة، وبالتالي نجد أن هؤلاء، عندما يخرجون من الجريدة اليومية، يصبحون في حالة من الإرهاق الجسدي والذهني التي لا يودون بعدها، سماع شيء أو قول غيره، بل وضع رؤوسهم على مخدة وان يقولوا وداعا لرويترز والفاكس والمكالمة الهاتفية والصورة التلفزيونية، ومرحبا بسلطان النوم.

***
• ملاحظة: ان خاطبكم المفترون والكذبة فقولوا.. سلاماً!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

كوارث مجتمعية وهندسية

أعتقد شخصيا أن نسبة عدد المهندسين الى عدد السكان، في أي دولة، مؤشر مهم جدا على مدى تقدم او تخلف تلك الدولة، والكويت كالعادة الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة. فقد تبين من احاديث المشاركين في المنتدى الهندسي الأول ان في الكويت 32 الف مهندس اعضاء في جمعية المهندسين، هذا عدا آلاف غيرهم من غير المنتسبين. وهذا الرقم كفيل بجعل الكويت جنة هندسية وتحفة معمارية، ولكن العكس هو الصحيح. والأسباب كثيرة، فعدد لا بأس به من هؤلاء يحملون شهادات مزورة، او على الأقل صادرة من جامعات غير معترف بها! وورد في المنتدى أن لجنة بوزارة التربية أجرت دراسة أثبتت وجود تلاعب في 6422 شهادة هندسية «مستوردة» من الخارج. كما أن وزارة التعليم العالي لا تتبع في مخرجاتها حاجات سوق العمل، ففي عام 2012 مثلا كان هناك 1100 طالب تقريبا يدرسون الهندسة، %3 منهم فقط في العمارة وهي الجانب الأكثر اهمية في الكويت. ونتيجة هذه اللخبطة والتسيب الاداري والمحسوبية والخش والدس الحكومي والديني سمحت الدولة قبل سنوات حتى للمهندس الميكانيكي بفتح مكتب هندسي، وتحمل مسؤولية التصميم والاشراف على مئات المباني المتخصصة والسكنية والخطرة، ووضع توقيعه عليها متحملا كامل المسؤولية، في مخالفة لأبسط القواعد المعمول بها في العالم، وقصة زميلنا الذي تفاخر يوما بوجود أكثر من 200 مهندس في مكتبه، وهو الميكانيكي، معروفة. ولو حاول أحد تفحص «حقيقة» شهادات من تولوا رئاسة جمعية المهندسين في السنوات القليلة الماضية لوجد العجب، فكيف قبلت الفئة الأكثر حرفية من «مهندسينا»، في هيئة مدنية بمثل هذه التقنية العالية، تسليم مقاليد جمعيتهم لمثل هؤلاء؟ ولكن مع من نتكلم نحن؟ ولو عبرنا المحيطات ونظرنا لجامعة هارفارد الاميركية لوجدنا أنها استطاعت على مدى سنوات الاحتفاظ بمكانتها كأفضل جامعات العالم، ولكن على الرغم من شهرتها ومكانتها العلمية المرموقة فانها لم تسلم من الفضائح، كما أنها كانت لفترة على علاقة بالمخابرات الاميركية المركزية، وربما لا تزال كذلك، حيث كان لها، ولبضع جامعات اميركية اخرى، دور في التعاون مع برامج حكومية سرية لقبول ابناء رؤساء وحكام بعض دول العالم، المتردي منها بالذات، للدراسة فيها رغم معدلاتهم الدراسية والاستيعابية المنخفضة، وبالتالي الدفع بهم لاجتياز الاختبارات النهائية بسهولة، ومساعدتهم في الحصول على أعلى الشهادات من دون جهد كبير. وتكمن فائدة هذه الطريقة أو الأسلوب في أن هؤلاء سيتولون يوما أعلى المناصب في دولهم وسيكون لهم تأثير ايجابي كبير في الجامعة التي قامت بتسهيل حصولهم على شهاداتها، خصوصا أنهم لن يعملوا في شركات اميركية ولا ادارات غربية وسيبقى «خمالهم» ضمن دولهم. وقد قام مسؤولو هذه الجامعة في نوفمبر الماضي بالتحقيق في مزاعم، تبين انها حقيقية، عن قيام 125 طالبا بالغش في اختبارات نهاية العام، وتم اتخاذ الاجراءات بحقهم!
ان انكشاف مثل هذه الحوادث ليس عذرا لنا لاستمرارنا في هذا الوضع المؤسف، ففي الغرب هناك شجاعة للاعتراف بالخطأ، كما أن لديهم الآلية لمعالجة أخطائهم، فهل لدينا حتى القدرة لأن نتكلم عنها؟

أحمد الصراف