احمد الصراف

مصير مصر الكالح

مصر أم كلثوم ومحمد عبده وجريدة الأهرام، ورمسيس ودار الأوبرا وطه حسين وحتشبسوت ودار الهلال. مصر محمد علي باشا ومصطفى كامل وأحمد شوقي وأهرام الجيزة ومحمد فريد وعبدالوهاب والنحات مختار. مصر هدى شعراوي وقاسم أمين ونهر النيل والمنفلوطي والأزهر ونجيب محفوظ وسيد درويش ونفرتيتي ولويس عوض. مصر التي في خاطري، مصر مجدي يعقوب وسلامة موسى والطهطاوي وسيد القمني ومكرم عبيد وتوفيق الحكيم وهوباتيا وخليل عبدالكريم. مصر طلعت حرب وفرج فودة ووادي الملوك وطريق الأكباش وعبدالوهاب المسيري وعلي عبدالرازق وعلي محمود طه ونصر حامد ابو زيد ومحمود العقاد وادوار أمبان وداليدا واستفان روستي وميشال شلهوب، مصر كل هؤلاء ومئات غيرهم من الشعراء والكتاب والموسيقيين والمبدعين في كل مجال ثقافي وأدبي وعلمي، مصر هذه وقعت اخيرا في مخالب الإخوان، التي لا فكاك منها بغير الدم، فقد انتظر هؤلاء الوصول للحكم ثلاثة وثمانين عاما، ولن يتركوا السلطة بسهولة، فمن ناقض نفسه في مقابلاته التلفزيونية قبل ترشحه، وبعد فوزه لا يرجى منه خير، وحكومات الصدف زائلة لا محالة!
ورد على لسان الرئيس المصري في مقابلة شهيرة أنه درس في جامعات أميركا، وعمل فيها مدرسا! كما عمل «لفترة طويلة» مستشارا لوكالة الفضاء الأميركية، (ناسا)، وأنه تعاون معها في تطبيقات عملية عدة! ومن يعرف الإنكليزية، وسبق أن استمع لمقابلات الرئيس مع قنوات غربية سيكتشف من دون عناء أن لغته الإنكليزية متواضعة جدا، وحتما لا تؤهله لأن يدرس في أي جامعة معروفة! عاد في مقابلة تالية ليقول انه لم تكن له علاقة أبدا مع وكالة الفضاء، ولم يكتب أو ينشر شيئا عن تلك العلاقة(!) ما فعله الإخوان في مصر فعلوه قبل ذلك في الكويت عندما قاموا بإفساد كل جمعية أو تجمع انضموا اليه، وأغرقوه بحملة الشهادات المزورة، لتتاح لهم فرصة التحكم فيها، وكونوا الثروات من خلال دعمهم بعضهم لبعض من دون رادع من ضمير أو خجل من انكشاف!
وفي مقابلة تعود لعام 2010 يقول محمد مرسي، عن إسرائيل: هؤلاء مصاصو الدماء مشعلو الحروب احفاد القردة والخنازير، الذين لا عهد لهم ولا ذمة، هؤلاء الذين لا يريدون عن دمائنا بديلا، لذلك يجب أن نقاومهم بكل الوسائل، وان نحاصرهم اينما وجدوا وألا يتعامل العرب والمسلمون معهم وألا يعطوا اي فرصة ليقفوا على أرض عربية، ويجب أن يطردوا من ديارنا ولا نتعامل معهم أو نشتري منهم أو نبيعهم، وأن يكون حصارنا لهم شاملا لكل النواحي والانشطة. (للمزيد يرجى الرجوع للرابط ادناه)، ولكن ما ان يتولى رئاسة الجمهورية حتى يرسل عاطف سالم سفيرا له لإسرائيل، محملا إياه رسالة حب واحترام وتقدير لرئيس الدولة، التي سبق أن سماها «صهيونية»!
http://www.youtube.com/watch?v=rZY0HZAR9vs&NR=1&feature=endscreen

أحمد الصراف

احمد الصراف

هل سنصحو متأخرين؟

يعاني المجتمع الكويتي، والمجتمعات الخليجية الأخرى طبعا، ظاهرة خطرة تتعلق بالإسراف في استخدام كل شيء، من الماء والدواء والأكل. فكل شيء فائض ويستخدم بابتذال كبير، ففي النادي الصحي الذي ارتاده، والذي يعتبر أعضاؤه من طبقة متعلمة، اجد أن تصرفات الكثيرين لا علاقة لها لا بالتعليم ولا بالخلق، ولا حتى بالرياضة، فمن لا يحتاج جسمه الضئيل لغير نصف منشفة يحمل معه للحمام ثلاثاً منها، غير عابئ بتكلفة جمعها وغسلها وكيها وإعادتها للاستعمال، هذا غير ما سيصرف عليها من ماء ومواد تنظيف كيميائية خطرة على البيئة! كما يصر عدد كبير من الأعضاء، ومن المواطنين بالذات، على إيقاف سياراتهم امام باب النادي الممنوع الوقوف أمامه، ولا يريدون بذل جهد بسيط والوقوف في الأماكن المخصصة، والغريب انهم أتوا لممارسة الرياضة وليس النوم، وهذا غيض من فيض. ولو تجولنا في أي حي لصدمتنا مناظر سلال القمامة، وهي تفيض بما فيها من مأكولات، والقطط تحوم حولها، ومنظرها لا يثير الحزن والألم فقط بل والشفقة على حالنا، ولا استثني احدا هنا! والغريب، بعد كل هذا الإسراف الذي يمارسه الكثيرون، في معيشتهم، وطريقة قيادة سياراتهم واستهلاكهم للوقود والكهرباء والماء، وهدر الوقت بالجلوس على المقاهي لأيام وليس لساعات، ثم يأتي البعض منهم ويطالب بإسقاط القروض الاستهلاكية عنهم وكأنهم اقترضوا من البنك لشراء دواء لأمهاتهم المرضى، وليس لاستبدال سياراتهم الكبيرة بأخرى أكبر، ومن موديل أكثر حداثة، أو لدفع فاتورة سفر للمتعة. غريب أن يطالب البعض بإسقاط فوائد قروضه وفاتورة هاتفه النقال تزيد على قسط قرض سيارته، أو ثمن ما يستهلكه من سجائر.
إن موافقة الحكومة على اي من حلول إسقاط القروض أو تقسيطها أو خصم فوائدها أو أي إجراء من هذا القبيل سيكون في حكم الكارثة الاجتماعية، فقد دفعنا جميعا الكثير نتيجة القرار المتعجل بزيادة رواتب موظفي الدولة، فقد التهمت زيادات الاسعار كل زيادات الرواتب، وتأثر أكثر من لا راتب لديه، وظهر تأثير تلك الزيادات العشوائية على أسعار المناقصات الجديدة التي تضاعفت نتيجة ارتفاع رواتب الموظفين والعمال، ولكن هذا ما لم تفكر به حكومتنا «الرشيدة» في حينه، بل كان كل همها إرضاء رغبة المنتمين لحزب «موظفي الحكومة» وخلاص. إن المسألة لا تكمن في ارتفاع راتب سائق منزل من 90 ديناراً إلى 130 ديناراً مثلا، بل ما أصبحت تتكلفه اليوم تعبئة عربة الجمعية مقارنة بعام مضى.
إن الحكومة ليست مطالبة فقط بإغلاق الباب تماما أمام اي مطالبة تتعلق بالقروض، بل عليها، إن كانت تريد الخير لشعبها، إعادة النظر بكل اسعار الدعم الحالية، من كهرباء ووقود ومواد أخرى، وحتى علف ماشية، ضمن خطة توجه فيها أموال الوفر من الدعم لرفع مستوى معيشة «الإنسان» في الكويت، وليس فقط دعم مواده!
* * *
• ملاحظة: ورد على تويتر النائب السابق، خالد السلطان: إذا فقد الإنسان حقه في التقاضي وتم تلفيق تهم له في بلاده فلا ملجأ له بعد الله في حفظ حقوقه إلا المنظمة الدولية! ولو كنت أمين عام المنظمة لقلت له بأنه، كسلفي، يرفض فكرتها من الأساس، ولا يعترف بميثاق حقوق الإنسان الصادر عنها، ولا بأغلبية قراراتها، فكيف يجوز لجوؤه اليها؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

لجنتان وبيت و8 جمعيات

بإمكاني الجزم بأن الكويت لم تستفد يوما من لجنتين على الأقل، من اصل ربما اكثر من مائة لجنة هنا وهناك، غالبيتها، إن لم يكن كلها، غير ذات فائدة. الأولى، وهي الأقدم، هي لجنة إعادة النظر في القوانين وأسلمتها، وهي كلمة مطاطة تحتمل عشرات التأويلات. فقد كلفت هذه المال العام ما يقارب المائة مليون دولار منذ تأسيسها، ولم يستفد منها أحد ولا جهة ولا طرف غير العاملين فيها، رواتب ومناصب ومكافآت. والحقيقة أنني عرفت سلوك اللجنة في السنة الأولى لتأسيسها عندما قامت بتوزيع هدايا ثمينة، تكلفت المجموعة الواحدة منها أكثر من 250 ديناراً، وزعت على كبار مسؤولي الدولة، وحتى موظفي بنوك لا علاقة لهم لا باللجنة ولا بعملها!
ومصدر عدم ثقتي بها أن اللجنة لم تكن بحاجة للترويج لعملها بتلك الطريقة الفجة، فهي ليست شركة مساهمة ولا تحتاج لرضا مدير بنك مثلا! وكان الأولى بها التركيز على عملها، ولكن بعض المسؤولين عنها عرفوا منذ اليوم الأول ربما أنها «ممشة زفر» فرضوا بذلك وبكل ما تبعه من مزايا ومكافآت! والحقيقة أنني أشعر بالأسف للبعض من مجلس إدارة هذه اللجنة، وهم في غالبيتهم من «كبار» المتعلمين ورجال الدين، أن يقبلوا على أنفسهم قبض رواتب من دون مقابل.
واللجنة الثانية هي الوسطية، بمراكزها الخاوية ولجانها الفرعية الأكثر خواء، فهي قد تأسست اصلا لهداية الشباب، ربما لطريق «الإخوان»، وابعادهم عن التطرف والعنف والغلو، ولكن لوحظ أن الأمور سارت بصورة معاكسة، فكلما زاد الصرف عليها وعلى لجانها الفرعية ودعاتها ومطبوعاتها زاد انحلال الشباب وتطرفهم وميلهم للعنف! فمتى يقص المشرفون عليها الحق من أنفسهم، بعد ان اتخموها بالمزايا والمكافآت، ويطلبوا حلها، لقلة فائدتها؟ ربما سننتظر طويلا هنا!
البيت: مدد بيت الكويت للأعمال الوطنية، الذي ربما لا علاقة له بالوطنية، ذراعه ليصل الى جمهورية إيران حيث ينوي «رئيس البيت»، ولا أعرف كيف يكون رئيسا لبيت غير مرخص ولا قانوني بأي شكل، والعتب على سمو رئيس الوزراء السابق، الشيخ ناصر الذي يقال انه أوقف تصفية البيت في حينه، ان البيت ينوي القيام بعملية توءمة مع متحف الدفاع المقدس في إيران! ولا اعرف حقيقة ما تعنيه مثل هذه الاتفاقيات التي وقع رئيس البيت حتى الآن على الكثير منها، او مردودها على الوطن، ومن الذي يغطي مصاريف مثل هذه الرحلات، والبيت غير مرخص كما يتردد.
وأخيرا نتمنى على الحكومة الجديدة النظر في إنهاء هذه الظواهر، فوجودها يعني ابقاء الأمور «سبهللي» من دون رادع ولا رقابة.
* * *
• ملاحظة: اصدرت جمعيات: الخريجين، المال العام، الثقافية النسائية، مركز حقوق الجاليات، حماية الطفل، تقويم الطفل، رابطة الاجتماعيين والمسرح العربي، بيانا حذرت فيه من خطورة الإساءة للدين المسيحي ومعتنقيه، من مواطنين ومقيمين! ولم يكن غريبا طبعا «تخلف» جمعيتي حقوق الإنسان، التي أضاع «أصحابنا» مجلس إدارتها، وجمعية مقومات حقوق الإنسان عن توقيع هذا البيان، ربما لأنهم يعيشون في كهف بعيد عنا!

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

احمد الصراف

التدين والإطار الإضافي

يسمى الإطار الإضافي للسيارة في الكويت بــ«سبير»، مشتقة من النطق نفسه في الإنكليزية. ويسمى بـ«إستبن» في مصر. وقد تطورت مواصفات الإطار الإضافي الحديث، بحيث أصبح أصغر حجما من بقية إطارات السيارة، لكي يأخذ حيزا أقل، لكنه لا يصلح للاستخدام لمسافة أو فترة طويلة، بل يتطلب استبداله بآخر أكثر «خيراً» منه! في لقاء تلفزيوني نادر عثر عليه أخيراً في أكوام «اليوتيوب» جرى مع القيادي في حركة الإخوان، السيد محمد مرسي، تاليا الرئيس المصري قبل عامين، ذكر فيه مرسي، بصفته الحركية، أن اليهود أحفاد قردة وخنازير، وأن مصر والسعودية وإيران يجب أن تتحد للقضاء على الدولة اليهودية، ويجب عدم التعامل معها، ولا بيعها شيئاً، في إشارة إلى النفط والغاز المصري، الذي كان ولا يزال يباع لها. وقال إنه يحث المصريين على تربية أولادهم وأحفادهم على كراهية «اليهود والصهاينة»! وفي مقابلة تلفزيونية أخرى بعدها ببضعة أشهر، يوم لم يكن يعلم، أو ربما يحلم، بأن يصبح رئيساً، وصف شعب إسرائيل بأنهم صهاينة، ومصاصو دماء، ومثيرو حروب وأحفاد قردة وخنازير! وما إن أعيد بث اللقاء أخيراً على «اليوتيوب»، حتى احتجّت الخارجية الأميركية لدى الحكومة المصرية على سابق مواقف الرئيس المعادية للسامية، وأن عليه توضيح موقفه من الأمر! ويبدو أن هناك أزمة في الأفق بين الدولتين، مرشحة لأن تتطور أكثر! لسنا هنا في معرض تأييد أو دحض آراء الرئيس في اليهود، فمن المفترض أنها انسجمت، في حينها، مع قناعاته «العقائدية» كعضو في حركة الإخوان المسلمين، ومن حقه الإيمان بما يشاء والدفاع عن آراء! ولكن، كما قال قيصر يوما، «روما تحت الشجرة ليست روما على كرسي الحكم»، فما إن تولى الرئيس مرسي مقاليد الحكم، حتى قام بتعيين سفير جديد لدى «دولة إسرائيل»، وحمّله رسالة ملأها بمشاعر المحبة والأخوة والود «للصديق العظيم»، الرئيس شيمون بيريس ولشعب إسرائيل! وهنا تظهر جليّة التناقضات، ليس فقط في مجمل مواقف الإخوان، فهم يعلمون جيدا بأن ما يتطلبه الحكم من مكيافيلية، وأحيانا وصولية ودبلوماسية أقرب للرياء منها لأي شيء آخر، من المفترض أنها لا تنسجم غالبا مع الآراء والموقف الدينية لأي رجل دين يتدخل، أو يدخل السياسة، ولكنها شهوة الحكم، والرغبة في التسلط على الآخرين، فمن الصعب، بل المستحيل، التوفيق، إسلاميا بالذات، بين الأمرين، في هذا العصر المعقّد! ومن هنا كانت معارضتنا منذ البداية لتورّط رجال دين في السياسة، فهو سيفشل حتما في أن يكون سياسيا ورجل دين «مسلماً» في الوقت ذاته! فالسيد الخميني، عندما كان رمزا للثورة الإيرانية قال إنه لن يحكم، ولكن مغريات السلطة دفعته، ليس فقط لتولي الحكم، بل والتخلص من كل من وقف معه، وحكم إيران، وفشل، من وجهة نظرنا، في جعلها مختلفة في تسلطها ودكتاتوريتها، عما كانت عليه في عهد الشاه. كما أجبر على اتخاذ قرارات لم تكن تنسجم أبدا مع «آرائه ومواقفه» الدينية، واضطر في نهاية الأمر لتجرّع السم، وفق قوله!
يقول الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم في آخر قصيدة له: «(…….)، من يوم ما مسك الحكم مقطوعة ميه ونور، قالوا في ايده الخير ولو منه، بده يغور، ممنوع عليه الكلام أصل الكلام مش ليه، والكلمة كلمة جماعة ومرشده ممليه، ومهما قال الغلط وراه جماعة تحميه، يا أغرب شعوب الأرض منكم خلاص مليت، بعتوا التاريخ والأرض علشان ازازة زيت، يا بايعين العرض بكرة تبيعوا البيت، بكره الغريب يتحكّم وهتبقوا خدم البيت، كنت كبير يا وطن لكن خلاص وطيت، دخلت نعشك يا وطن وبكفنك أتغطيت».

أحمد الصراف

احمد الصراف

حور عين ماجد عشقي

أقيمت في الرياض قبل سنة، مناظرة نشرت جريدة عكاظ تفاصيلها، أراد من خلالها مقدمها، رشيد البيضاني، أن تكون بين رأسين، الداعية محمد المنجد، مفتي تحريم كرة القدم وغيرها، والمحلل السياسي والباحث الاستراتيجي(!) أنور ماجد عشقي، الذي قال عن نفسه في ثنايا الأمسية، إن لديه علما شرعيا لا يملكه الكثير من طلبة العلم. وقد تمحورت المناظرة حول موضوع غاية في «الخطورة والأهمية»، حيث دارت حول «الحور العين، وهل يوطأن في الجنة أم لا؟»، أي هل تتم ممارسة الجنس معهن؟ وهنا قال الخبير والمحلل (رئيس مركز الشرق الأوسط الاستراتيجية والقانونية) الى أن الحور العين لسن للمتعة الحسية، وذلك لأن الدوافع الجنسية غير موجودة في الجنة، وآدم لم يغادرها إلا بعد انكشاف سوءته، والاستمتاع بالحور ليس جنسياً بل هو معنوي لا ندرك مداه بعقولنا الدنيوية. وأوضح عشقي بعدها في مقال كتبه في ملحق «الرسالة» أن سبب تناوله لذلك الموضوع هو أمران: أولهما استغلال الإرهابيين للشباب من المراهقين، والإيحاء لهم بأنهم إذا قاموا بعملية انتحارية وقتلوا ودمروا فإنهم يصبحون شهداء، وستستقبلهم الحور العين في الجنة. والأمر الثاني الذي دفعه لتناول هذا الموضوع: أن عدداً كبيراً من المثقفين يعتقدون بوجود الممارسة الجنسية في الجنة، حتى بلغ الشطط ببعضهم أن ألّف كتاباً وقال فيه إن «الولدان المخلدون» الذين وردوا في القرآن هم لأهل الجنة الذين يميلون بشهوتهم في الدنيا إلى اللواط! وهذا ما يشوّ.ه صورة الجنة في أذهان المسلمين، ويبعث على السخرية من قبل أعدائهم، مبديا استياءه ممن وصفهم بأصحاب الأغراض المنحرفة، ينتقون من القرآن ما يعجبهم، ويتثولون بما يخدم أهدافهم ويتلاقى مع أهوائهم ليصلوا الى غاياتهم! «ولا أدري ما الذي يفعله هنا ومن الذي أخبره بكل أسرار الجنة وما يحدث أو سيحدث فيها؟». المهم ان عشقي يستمر في كلامه ويقول إن الجنس ما هو إلا مجموعة من الخصائص الفسيولوجية والتشريعية والسلوكية، نشأ بسبب انقسام الناس إلى ذكور وإناث، وفي الجنة تنعدم الدواعي الجنسية، لهذا فإن الأعضاء التناسلية سوف تختفي عند الإنسان في الدار الآخرة. وإن الله لم يخرج آدم وحواء من الجنة الى الأرض بسبب المعصية التي ارتكباها، بل بسبب ظهور السوأتين بعد أكلهما من الشجرة، لأن الله -عز وجل- تاب عليهما بعد أن تليا كلمات علمهما الله إياها، فعفا عنهما، لكنهما بسبب ظهور سوأتيهما لم يعودا مؤهلين للبقاء في الجنة فأخرجهما منها «هكذا». وأشار عشقي للخطأ الذي وقع فيه الفنان ليوناردو دافنشي عندما رسم صورتي آدم وحواء وجعل لكل منهما سرة في بطنه، وفاته أنهما لم يولدا من رحم أنثى وبحبل سري، على الرغم من أنهما لم تكن لهما سوأتان عند بدء الخلق «وأيضا هكذا!».
نتوقف هنا احتراما لعقل القارئ، لنقول إن مشكلتنا لا تكمن فقط في جهلنا بالشرع، وما أكثرهم وأقل خطرهم، بل في من يدعون العلم والمعرفة أيضا، فمع قلتهم، فإن خطرهم كبير ومفجع.
***
• ملاحظة: سيكون بإمكان علماء اليابان في أبريل المقبل إجراء عمليات جراحية لشفاء مرضى القلب والسكر وغيرهم، بحقن مستخلصة من خلايا المريض الجذعية!

أحمد الصراف

احمد الصراف

شكراً على إلغاء الدعم!

يعتمد العقد الاجتماعي غير المكتوب بين شعوب بعض دول الخليج والأسر الحاكمة فيها، والتي تفتقد دساتير واضحة، على مسؤولية الأسر الحاكمة عن توفير الماء والكهرباء والتعليم والأمان وبقية الخدمات الأخرى مجانا تقريبا «للشعب»، مقابل ولاء الشعوب لهذه الأسر. ولكن لم يتساءل أحد علناً عما سيحدث عندما لا يكون بمقدور الأسر الوفاء بمسؤولياتها، أي عندما تصبح كلفة الدعم فوق طاقتها؟ كان هذا محور سؤال تقدّم به Bill Law مراسل الـ «بي.بي.سي» للباحث جيم كرين، من جامعة كيمبريدج، الذي لاحظ أن الحكومة الكويتية مثلا قامت عام 1966 بتخفيض تعرفة كيلووات الكهرباء من 27 فلسا إلى فلسين، وأبقتها لـ46 عاما على الحال نفسها، بالرغم من أن الكلفة الحقيقية تضاعفت منذ يومها كثيرا! كما يوجد في الكويت أكثر نظام غرابة في العالم خاص بدعم أسعار الوقود، حسب قول المحلل. وفي تقرير لوحدة الاستخبارات الاقتصادية فإن سكان دول مجلس التعاون، إضافة الى اليمن، سيصل عددهم خلال 8 سنوات لقرابة 53 مليونا، غالبيتهم من دون سن الـ25، ولهؤلاء توقعات وتطلعات كبيرة وستصارع حكوماتهم لتلبيتها، وسيصعب عليها ذلك، في ظل إصرارها على تقديم الخدمات بصورة شبه مجانية. كما أن سعر الوقود المحلي المنخفض لدرجة غريبة سيدفع هذه الحكومات لخفض ما تقوم بتصديره من نفط لتغطية حاجة السوق المحلي منه، وهذا يعني دخلا أقل وكلفة محلية أكثر، نتيجة زيادة الاستهلاك وزيادة الدعم، وهكذا ستستمر الأمور في حلقة جهنمية لا تنتهي، في ظل غياب تام لأي تصرّف رشيد. ويقول خبير اقتصادي من بنك «دوتشه» الألماني أن حكومات، أو أسر، الدول النفطية الحاكمة تصرف 80 دولارا من قيمة كل برميل نفط تبيعه لكي يكون بإمكانها الاحتفاظ بما يرتبه عليها العقد الاجتماعي من متطلبات. ويقول إن هذه الحكومات تواجه مشكلة صعبة، فهي غير قادرة على وقف الدعم، والتسبب في إثارة شعوبها، وليس أمامها مفر من فتح خزائنها والصرف لإخماد لهيب «الربيع العربي»، وإقرار زيادات رواتب خيالية، وفتح أبواب التوظيف للكل تقريبا، ففي سلطة عمان مثلا، قامت الحكومة بخلق 50 ألف وظيفة في القطاع العام، من دون أن تنشئ مشروعا حيويا واحدا، وتوظيف هؤلاء سيكلف قرابة ثلاثة مليارات دولار! ويقول الخبير إن هذه الإجراءات، وما يماثلها دليل آخر على أن هذه الدول تأكل من لحومها الحية، وأنها في مصيدة من صنع يدها! ولكن مع إيمان الكثيرين، حتى أقرب مستشاري بعض الحكام، بصحة مثل هذه التحاليل، إلا أن من الواضح أن لا أحد يود أن يتحرّك بصورة جدية. ولا أحد يود التفكير في الاقتداء بدبي التي توفر الخدمات بأجور عالية نسبيا، كما لا أحد يودّ التفكير في الطاقة البديلة، كالسولار.
نختم مقالنا بأننا لسنا فقط بحاجة لصرف النظر عن إسقاط أي قروض أو فوائدها، بل والتفكير جديا في وقف الدعم وترشيد الإنفاق، وخلق مجتمع أكثر إحساسا بالمسؤولية، فما يدفع من دعم غالبه غير مُجدٍ، سيكون له تأثير سلبي رهيب مستقبلا، فمن مثلا استفاد يوما، وعلى مدى أكثر من 30 عاما على الأقل، من دعم أعلاف الماشية، غير المتاجرين بها؟ وما فائدة تخصيص كل هذه الأراضي الزراعية والزرائب؟ وهل تساهم حقا في الأمن الغذائي؟ إن الكارثة قادمة، ونحن تعبنا من دق ناقوس الخطر، ولسنا ضد أحد ولا نكنّ كراهية لجهة، ولكننا بحاجة إلى مستوى معيشة أفضل، وليس لنقد أكثر في أيدينا، فكل وفوراتنا المالية ستستنفد خلال سنوات قليلة، إن استمرت طريقة الهدر الحالية!

***
• ملاحظة: بيّن محافظ البنك المركزي وجود أكثر من 340 ألف مقترض في الكويت، يعني أكثر من نصف السكان، في حال استبعاد غير البالغين، وهذا يعني أن غالبية المقترضين لم يكونوا بحاجة إلى الاقتراض، بل ربما البعض منهم هدفوا إلى سرقة المال العام!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

تركي وراء القضبان

ورد في وسائل الإعلام أن السلطات السعودية ألقت القبض، قبل شهر تقريبا، على المفكر والروائي السعودي تركي الحمد، ولم يتم نفي الخبر حتى الآن، مما قد يعني صحته! ويقال ان السبب تعلق بتغريدة للمبدع تركي، فهمت من بعض الملالوة بأن بها مساساً بالرموز الدينية! ولكن لتركي تاريخا طويلا في نقد مختلف الأوضاع، ويكفي أنه مفكّر حرّ صدرت عنه آراء نقدية متعددة، إن من خلال ما ألف وكتب من روايات ومقالات، أو ما صرّح به في مقابلات. وكان نقده دائماً ساخراً في غالبيته، منتقداً أوضاعنا السيئة بطريقة متحفظة ومؤدبة! وينقل عنه قوله بأنه بينما ينشغل العالم بالتحديات والمخاطر الكبرى المحدقة به، ينشغل «علماؤنا» بشرف المرأة، وكيفية منعها من ألا تخرج من بيتها إلا إلى قبرها. كما دعا تركي دوما الى تحرير الفكر من أغلاله. كما دعا إلى وقف استبداد طال لأكثر من الف عام، والانفتاح على المستقبل والانتماء إليه، كما حذر من نازية جديدة يسعى المتأسلمون لفرضها علينا.
مؤلم أن يبات تركي الكبير في سجنه البارد، بينما ينعم أعداؤه الصغار، من متخلفي الأمة، بدفء فرشهم الوثيرة، فخلاص هذه الأمة يكمن بتبديل المكانين، وبتشجيع ودعم أمثال تركي الحمد، الذي دعا دوما إلى تحرير الفكر من أغلاله العتيقة، وتوسيع دائرة الحرية، فلا تقدم بغير حرية، قولا ونشرا، وإن كان تركي يشكل خطرا على الأمة، فما هو إذن شكل الخطر الذي تمثله الحركات الدينية المتطرفة، وأصحاب الفكر الهدام؟
نضم صوتنا لصوت كثيرين مطالبين باطلاق سراح تركي الحمد، فمخجل أن يُعتقل كاتب ومفكر بوزنه لم يرتكب جرما سوى ممارسة حقه كإنسان حر في إبداء رأيه، ودفع العقول إلى أن تفكر، وربما هنا كان مقتله، فنحن بمجملنا لا نشجع الآخر على ممارسه حقه الطبيعي في التفكير، إن كان خارج خط تفكيرنا التقليدي، المتزمت عادة. والمؤسف أن قضية حجز حرية المفكر تركي لم تجد من «المثقفين» العرب ما تستحقه من اهتمام، والسبب طبعا معروف، ولكن لا يعلم هؤلاء أن دورهم قادم لا محالة ان استمر سكوتهم.
نطالب بإطلاق سراح تركي الحمد، ليس من أجل إنسان لم يرتكب ذنبا يستحق عليه البقاء في سجنه من دون تهمة واضحة، بل ومن أجل كرامتنا جميعا!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

صور العجاف

ارتحنا لسنوات من مقالات العجاف والتملق التي كانت تزخر بها الصحف العربية في مدح الكويت، ولكن مع تعقد الأمور الداخلية قليلا في الكويت أخيرا، خرج علينا الزميل جهاد الخازن قبل بضعة اشهر بمقال سال المدح المزيف منه أكثر من الحبر الذي كتب به، ثم أردفه بمقال آخر وصف فيه بعض المعترضين على ممارسات السلطة بـ «أولاد شوارع»!، وهذا وصف لم يكن يليق صدوره من كاتب في خبرته، ولكنه ربما دفعه المدح الزائف اللعين لذلك! ثم جاء آخر ربما من فئة الوعاظ، وهو سفير البوسنة السابق في الكويت، ياسين رواشدة، وكتب في القبس أن الكويت، المعروفة تقليدياً في العالم «كله» بحنكة قيادتها ورصانة دبلوماسيتها! وهذه مبالغة غير مستحبة ابدا، فأكثر من نصف العالم لم يسمع بالكويت اصلا، فكيف عرف بحنكة قيادتها ورصانة دبلوماسيتها؟!، وما الذي تعنيه الرصانة هنا أصلا؟! ونحن لا نشكك هنا في حنكة القيادة، ولكن نرفض هذه المبالغات التي لا يقبلها عاقل، فقيادة الكويت في غنى عن مثل هذا التزلف. واستطرد السفير السابق قائلا: إن الكويت مارست خلال هذا العام أنشطة إيجابية كبيرة، وحققت نجاحات رائعة (!) عزّز ذلك دورها المعروف في الحفاظ على وقار وحصافة سياستها الخارجية التي تتميز بابتعادها عن الضجيج والتبجح اللذين يمارسهما مراهقو السياسة من الطامحين للجلوس في مقاعد الصفوف الأولى على مسرح السياسة الدولية! ونحن إذ نتفق معه في ميل دبلوماسية الكويت للبعد عن الضجيج والتبجح، إلا أننا لا نعتقد أنها حققت «نجاحات رائعة» خلال 2012، ولا حتى فشلا غير رائع، بل كانت عادية مثلها مثل أي سنة اخرى. ويعود السيد رواشدة، الذي يسبق اسمه بحرف الدال ونتمنى أن يدلنا على الجامعة التي حصل على شهادته منها، للعلم فقط، ليكرر كلامه قائلا: وإذا كان لنا أن ننظر بسرعة، عبر الشهور الاثني عشر الماضية، عبر نافذة السياسة الخارجية للكويت (هكذا)، فإننا لا بد أن نشاهد النجاحات الدبلوماسية الكبيرة والإنجازات المهمة والحضور المميز (وهذا تكرار لسابق ما ذكره من تزلف) ودور كويتي نشط هادئ ( نشط وهادئ!)، وتصالحي في جميع مؤتمرات القمم الخليجية والعربية والآسيوية ينعكس بالأهمية والفعالية ذاتهما في جميع المؤتمرات الوزارية، سواء التي تسبق عادة تلك القمم أو تلك المستقلة عنها! ثم عاد وقال: دور الكويت كان، وما زال، فاعلاً ومؤثراً ومطلوباً في اللقاءات والمشاورات الخليجية والعربية والدولية، المتعددة الأطراف أو الثنائي منها (ولا أدري ماذا تركنا لأمين عام الأمم المتحدة؟) هذا الدور المتميز كان، وما زال، يحظى بإلهام وتوجيه من عميد الدبلوماسية العالمية، وهذا وصف اطلقه على صاحب السمو الأمير، علما بأن سموه أرفع من هذا اللقب.
ثم يعرج السيد رواشدة على علاقة الكويت بدول البلقان، ويقول إن بوابات الصداقة والتعاون، التي فتحت على مصاريعها للكويت خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في منطقة البلقان، تعتبر تعزيزاً للحضور الكويتي «العريق» في تلك المنطقة! وهذا أيضا كلام لا معنى له، فالأبواب فتحت على مصراعيها للكويت لما قدمته من مساعدات، وليس لحضورها «العريق»، فما علاقة العراقة بتمويل المشاريع، علما بأن علاقة الكويت بدول المنطقة لا تعود لسنوات طويلة جدا، كان فيها الشيك هو العامل الفعال!
لقد سئمنا من كل هذا المدح الزائف، فقيادتنا ليست بحاجة لهؤلاء، ومشاكلنا نحلها بيننا، وقد اثبتت التجارب أنه قد يكون ما دفعته الكويت لبعض الأقلام لم يعد عليها بالخير يوما، فمن قبض منا ليكتب عنا، سيقبض حتما من غيرنا ليكتب ضدنا.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

أن تكون مسلماً..

في أحيان كثيرة يتأخر نشر مقال لي لأيام عديدة بسبب زيادة ما أكتب عن احداث معينة على قدرة النشر اليومية، بحيث تفقد، بعضها، جزءا من رسالتها، ولكن عندما قرأت مقال الكاتب المصري علاء الأسواني في «المصري اليوم»، 8 يناير، بعنوان «أن تكون مسلما في بريطانيا» فرحت لعدم نشر مقالي المماثل لفكرة مقالته التي بدت أكثر طرافة وسخونة. يقول الأسواني: ان تكون مسلماً في بريطانيا معناه أن تدرك مبكرا أنك مختلف، عندما تخرج من الفصل في حصة الدين تطاردك نظرات زملائك الصغار، وعندما تذهب لتأخذ درس الدين في مكان آخر مع تلاميذ مسلمين مثلك تتابعك النظرات نفسها، بعد ذلك ستصاحب التلاميذ المسلمين وتحتمي بهم حتى لا يسخر أحد من دينك أو يسيء معاملتك! أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن كثيرين لا يحبون ديانتك ولا يعترفون بها، وبالتالي ما إن تنطق باسمك، الذي يدل على دينك، حتى تصفعك غالبا ردود فعل سلبية تتراوح بين الكراهية الصريحة والعداء. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك إضافي، هامشي، زائد على الحاجة، مشكوك في أمرك، نادرا ما ينتبه أحد إلى حقوقك وكرامتك. معناه أنك ستضطر إلى الدراسة والعمل في أعيادك الدينية لأن الدولة تعترف لك بعيد واحد فقط وتعتبره عطلة رسمية أما بقية أعيادك الدينية فهي بالنسبة للدولة أيام عادية غير مهمة! تذكر كم مرة ذهبت يوم العيد إلى محاضرة أو درس أو اجتماع عمل، وكم مرة فسدت بهجة العيد على أولادك لأن لديهم يوم العيد امتحانا ما. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تبذل كل مجهودك في الدراسة وأنت تعلم أنك غالبا لن تحصل على الدرجة النهائية حتى لو كانت من حقك. وأثناء الامتحانات الشفوية في الجامعة ما إن يقرأ الممتحن اسمك المسلم حتى يتغير لون وجهه ويعطيك درجة أقل من زملائك. حتى لو حصلت على أعلى الدرجات فسوف تتحايل إدارة الجامعة لتمنع تعيينك معيداً لأنك مسلم. الذين يمنعونك من حقك في التعيين غالبا متدينون يؤدون فرائض دينهم، لكنهم ببساطة يعتبرونك كافرا ولا يمكن أن تتمتع بحقوقهم نفسها. أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن تعد نفسك للهجرة في أي وقت، عليك أن تختار أسماء أولادك ودراستهم بحيث تلائم البلد الذي قد تضطر للهجرة إليه إذا تعرضت لاعتداء من المتطرفين. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك لن تصل أبدا إلى مناصب عليا في الدولة. فمهما بلغت كفاءتك لن تكون أبدا رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء أو قائدا للجيش أو مديرا للمخابرات، لماذا؟ لأنك مسلم، ورجال دين الأغلبية يعتقدون أن الله قد حرم تعيينك في المناصب العليا، كما أن الدولة في بريطانيا، بصراحة، لا تثق بك تماما. أنت في نظر الدولة مشروع خائن قد يتصل بالأعداء في أي لحظة لأن الأعداء لهم دينك نفسه. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تعاني بشدة من أجل بناء مسجد تمارس فيه دينك. سوف تمنعك الدولة والمتطرفون من بناء المساجد، فالدولة تضع قوانين مقيدة تجعل من بناء المساجد مهمة صعبة للغاية وتمنع حتى تجديدها وترميمها، ولو كان دورة مياه، إلا بعد أخذ موافقات عديدة. أضف إلى ذلك أن المتطرفين في بريطانيا يعتبرون بناء أي مسجد اعتداء صارخا على دينهم وكرامتهم، وإن فعلت فسيهجم عليك مئات منهم ليحرقوه ويعتدوا عليك وعلى أهلك وأولادك وهم يلعنونكم لأنكم كفار، كل هذا سيحدث لأنك تريد بناء مكان لعبادة الله، وسوف يتركهم رجال الشرطة يفعلون ما يريدون ثم يصلون متأخرين ليكتبوا محضرا بعد فرار الجناة!.. إلى آخر المقال الشيق والمؤلم في صراحته في الوقت نفسه! المهم أن الكاتب، يطلب منك في النهاية إعادة قراءة المقال! واستبدال كلمة بريطانيا بكلمة مصر، وكلمة مسلم بـ «قبطي»، ومسجد بــ «كنيسة»!

***
• ملاحظة: كان عيد ميلاد المسيح عليه السلام الأخير لدى أقباط مصر الأكثر مدعاة للحزن والقلق في تاريخهم الحديث.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

احمد الصراف

الوفاء للصلع

ورد في صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية أن باحثين في جامعة برادفورد وجدوا، من خلال تجارب إكلينيكية، أن قطرات العين «ليوميغان» التي رُكّبت لعلاج المياه الزرقاء، تحث على نمو الرموش. ويعتقد العلماء بأن لهذه القطرة، أيضاً، أثراً مشابهاً على شعر الرأس، إذ إنها قد تحث بصيلات الشعر على إنتاج فروة رأس أكثف من المعتاد. ويُجري الباحثون، حالياً، تجارب أولية لمعرفة إن كان مكوّن «البيماتوبروست» يمكن أن يعالج الصلع عند الرجال والنساء. وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة فالري راندول، إن مادة «البيماتوبروست» معروفة في حث الرموش على النمو وتستخدم في العيادات لهذه الغاية. وأضافت «أردنا رؤية إن كانت ستنتج التأثير نفسه على فروة الرأس، كون بصيلات الرموش والرأس مختلفة، ولكنها وجدت أن المادة المذكورة تحفّز، أيضاً، نمو شعر الرأس عند البشر، وبالتالي يمكن أن تشكل نهجاً جديداً لعلاج مشكلة فقدان الشعر».
وعلى الرغم من أنني من مشاهير الصلعان، في محيطي على الأقل، فإنني لا أعتبر نفسي معنياً كثيراً بهذا الخبر، ولا أعتبره سعيداً، فقد استقر حالي ورضيت نفسيتي بشكلي ووضعي بعد كل هذه السنين، والعودة إلى الشعر الكثيف لا تجذبني كثيراً، خصوصاً أنني أصبحت في منتصف العمر(!). كما أن وجود شعر على رأسي يعني أن عليّ استخدام الشامبو، الذي توقفت عن شرائه منذ أربعة عقود. كما يجب أن اشتري عدداً لا بأس به من أمشاط الشعر، أضع منها في السيارة والمكتب والبيت، وأن أعوّد نفسي على النظر إلى المرآة بتكرار أكثر، بعد أن أصبح النظر إليها لحلاقة الذقن فقط. وأن أتأكد بين الفينة والأخرى أن شعري غير منكوش ولا يحتاج إلى مردكوش لتقويته. كما سأصاب بالقلق إن تغيّر لونه، ومال إلى الأبيض أو حتى إلى الرمادي، فعليّ هنا شراء الصبغات المناسبة، التي لم أجربها من قبل في حياتي أصلاً، كما عليّ الاهتمام بالكريمات الخاصة بالشعر ومتابعة إعلانات القنوات التلفزيونية فيما يتعلق بالعناية به، وشراء التركيبة المناسبة التي تمنع تساقط القشرة من الفروة، وتمنع الحكة! كما عليّ، أيضاً، تغيير صوري في الهوية والجواز ودفتر قيادة المركبة وحتى تأشيرات الفيزا، التي أظهر فيها بصلعة ناصعة. كما سيتكلف الأمر وقتاً أطول عند الاستحمام، إضافة إلى استهلاك صابون وماء ومناشف أكثر، إلى غير ذلك من موجبات وأعذار، غالبيتها مختلق! لهذا نعلن من الآن مقاطعتنا لهذا المستحضر الجديد، الذي إن طبّقناه، فإنه سيعود بنا إلى مكان نسيناه منذ أكثر من أربعين عاماً، ألا وهو صالون الحلاقة بأدواته غير المعقّمة في غالب الأحيان، فآخر مرة دخلت فيها إلى صالون حلاقة كانت قبل أكثر من عشر سنوات، وهي المرة اليتيمة خلال أربعين عاماً، ولك أن تتخيّل ما كنت سأتكلفه طوال هذه السنين، لو كان لديّ شعر كثيف! أما فيما يتعلق بقدرة المستحضر الجديد على إطالة رموش العين، التي كانت دائماً طويلة، فمرحباً بها، فإطالتها لن تكلفنا شامبو أكثر أو كريماً ولا حتى مسكرة أو دهاناً ولا تحتاج إلى تمشيط وغسل وتشحيم مستمر. وكل عام وأنتم بخير.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com