قضية ضحلة بقدر ضحالة من تبناها وكرسها، كأنها قضية الساعة في بلد لا يعرف ساسته "كوعهم من بوعهم" (مثل كويتي ينطبق على الخواء والضياع في تحديد أماكن الزلل) هي ما أقرته لجنة الظواهر السلبية، من منع التعري في الفنادق والأماكن العامة… إلخ.
بطبيعة الحال لم أكن اعرف أن التعري في الكويت يشكل "ظاهرة"، بمعنى أنه مسألة عامة ومتكررة كظاهرة المزايدات السياسية على الأحزاب الدينية شبه الرسمية أو التكسب السياسي من المشاعر الدينية المحافظة في دول الكويت، لكن لجنة الظواهر السلبية، وهي بحد ذاتها ظاهرة سلبية، ودمل بشع من دمامل كثيرة في وجه الدولة، اعتبرت التعري بالكويت ظاهرة مساوية، في الوضع المتخيل في تجاويف أدمغة مشايخ اللجنة، للشواطئ الأوروبية، متناسية في الوقت ذاته، مقولة وزير الداخلية الأسبق، الله يذكره بالخير، الشيخ جابر الخالد بأنكم "لو درتم شواطئ الكويت من شمالها إلى جنوبها ما لقيتم حريم يلبسون حتى وزرة".
ورغم الإحساس الطاغي الذي ينتابنا حين نتجول في شوارع الدولة ومشاهدة مناظر الأخوات المنقبات (وهذه مسألة تخضع لقناعتهن وحرياتهن) وهن يقدن سيارات الغرب المنحلّ أخلاقياً بأننا أقرب إلى قرى مناطق القبائل بين أفغانستان وباكستان، التي منعت فيها حركة "طالبان"، وهي منتج بترول دولاري بامتياز، الأهالي من ترك أطفالهم يتلقون جرعات التطعيم ضد شلل الأطفال عبر منظمة الصحة العالمية.
أعود إلى أهل لجنة "الظواهر السلبية" الذين يريدون اليوم أن يثبتوا أنهم لا يقلون شراسة وشجاعة في الدفاع عن القيم الإسلامية المحافظة، كما يدّعون، عن مواقف الكثير من النواب الإسلاميين السابقين في المجلس المبطل الأول، بينما في الواقع، كان لعدد من هؤلاء النواب المحافظين الذين قاطعوا مجالس الصوت الواحد، مواقف واضحة وجريئة في قضايا الفساد المالي والإداري وما تفرع منها من قضايا في الدولة ودفعوا ثمناً كبيراً مقابل هذا الدفاع، بينما جماعات "ملالي" اللجنة هم في الواقع لا في العير ولا في النفير في تلك المسائل، فما حاجتهم إلى تبنّي مثل تلك القضايا، ماداموا يخوضون في أماكنهم المحددة المفروضة في البحيرة الحكومية، وكان أولى أن يعرف أهل اللجنة أن قانون الجزاء الكويتي (لا النمساوي) يحرم ويعاقب التعري في الأماكن العامة تحت باب "الفعل الفاضح المخل بالحياء العام"، لكن ماذا نفعل بذلك الإنتاج النيابي وهذه البضاعة السلطوية؟!
كلمة أخيرة لبني "ليبرل" على طريقة خطاب الزميل عبدالرزاق الشايجي، وهم الذين "هيصوا" وهللوا لمرسوم مجلس الصوت الواحد متوهمين أن السلطة فتحت لهم أبواب الحريات الشخصية على مصاريعها، أقول لهم اقبضوا بعضاً من بركات الصوت الواحد… "اقبضوا من دبش"…